ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، اعتبر فيها “أننا في الدائرة الصعبة، والمراوحة مستمرة طالما أن عملية الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية لا تزال رهينة الحسابات الدولية والإقليمية، وخاضعة لغايات سلطوية شخصية، وسنبقى في هذا السياق ما دامت الصراعات السياسية والنزاعات الطائفية والمذهبية قائمة، ومتحكمة بالموقف الوطني الذي وحده ينقذ لبنان. من هنا نحن نحذر الجميع من أنه قد يأتي اليوم الذي لا نستطيع أن نقدم فيه شيئا لبلدنا سوى الحسرة والندم، ولهذا ندعوهم إلى الاعتبار مما يجري، واتخاذ كل الإجراءات التي توقف الفساد في الدولة ومفاصلها، وتحول دون الانزلاقات الكبرى التي قد توصلنا إلى الدمار الشامل. كما نقول لكل التيارات السياسية أنه لم يعد مقبولا التلاعب بمصير البلد والاستخفاف بالمصلحة الوطنية العليا التي تحصن لبنان وتحفظ حقوق الجميع، فوجع الناس أصبح كبيرا، وضرورة الالتفات إلى معايشهم وظروفهم الحياتية باتت أكثر من واجب وطني وأخلاقي وإنساني وديني، فمنطق القانون يعني إشباع الناس وحفظ كرامتهم وحفظ الوطن، في حين أن الفوضى والتعطيل والفساد سيسقط الدولة بما فيها”.
أضاف:إن “ظروف المنطقة معقدة، والحلول مغيبة، والدول الكبرى لا تريد إلا مصالحها، ولو بالمزيد من النار والدمار. لذا، نحذر من لعبة التعطيل والتقسيم والتوطين، وانتظار الحلول الإقليمية، أو الرهان على ما يجري في سوريا والمنطقة. كما نسجل رفضنا الشديد والمطلق لأي تسوية على حساب اللبنانيين، ولأي مشروع يراد منه النيل من لبنان وثلاثيته الذهبية التي أصبحت ضرورة وطنية، وضامنا أساسا في وجه كل مؤامرات الصهينة والتكفير”.
وشدد على أن “المطلوب وبإلحاح الخروج من أزمة تغييب الدولة، والتطلع إلى مستقبل لبنان واللبنانيين بمسؤولية، وتجرد عن كل الحسابات. فالخناق يضيق والضغوطات الدولية والإقليمية إلى تزايد، والمحاصرات لهذا البلد آتية من كل حدب وصوب، وقد لا تقف عند حدود التضييقات والعقوبات المالية والتلويحات التوطينية التي تفبركها قوى الشر والهيمنة والتواطؤ، كل ذلك، فقط لأنه بلد المقاومة والرفض لكل أنواع الانصياع والاستتباع والرضوخ”.
ووجه خطابه للسياسيين بالقول:”لذا ودرءا لكل هذه الأخطار، ومواجهة لكل هذا التحدي، عليكم باستعجال الحلول أيها السياسيون، وملاقاة مبادرة الرئيس بري بكل إيجابية وتعقل، لأن لعبة الوقت باتت قصيرة جدا، ومصير البلد على المحك، ونحن جميعا أمام المنعطف الصعب، لذا علينا أن نقرأ الواقع بحكمة وموضوعية، ونبادر إلى تسهيل عملية الانطلاق نحو إعادة بناء الدولة وتكوين سلطاتها ومؤسساتها وفق خارطة طريق سياسية نتوافق عليها جميعا ونقدم تنازلات وتضحيات من أجل ألا يضيع لبنان، خصوصا في ظل هذه الظروف التي تمر بها المنطقة، والتي تكاد تكون أكثر تناغما وتشابها مع فترة سايكس – بيكو، حيث نعيش الآن ذكراها المشؤومة، مع خوفنا الشديد من أن تكون المنطقة بأسرها قد أدرجت على خارطة التقسيم مرة أخرى، لأن ما يجري من ليبيا إلى اليمن إلى العراق إلى سوريا إلى لبنان إلى الحديث عن توطين هنا وهناك له مؤشرات خطيرة على مستقبل المنطقة، وعلى كيفية تقسيمها وتوزيعها مناطق نفوذ، ورعاية مصالح على حساب المنطقة وشعوبها”.
وجدد المفتي قبلان “مطالبة الجميع بضرورة تعديل وتطوير الخطاب الوطني، والارتقاء بمفاهيمهم إلى المستوى الذي يجمعنا، ويدخلنا جميعا في الإطار البنائي لدولتنا ولمؤسساتنا، ولتعزيز الحوار المنتج والمجدي في ما بين اللبنانيين، بعيدا عن منطق الأحقاد والتشنج، والتطلع معا إلى كيفية الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والأمني والاقتصادي، والسعي دائما إلى تحفيز عوامل النهوض والتنمية، لأن قيام الدولة وتثبيت دعائمها وفق الثوابت الوطنية من شأنه أن يقطع الطريق في وجه كل المخططات والمشاريع التقسيمية والتوطينية”
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام