من نكد الدهر على الإنسان أن يرى نفسه مضطرّاً أدبيّاً وأخلاقياً للردّ على بعض الأقلام المأجورة دفاعاً عن أشرف الشرفاء وأعزّ الأعزّاء من أبناء هذه الأمّة الإسلامية العظيمة، خاصّة أنّ صاحب الكلام السيّئ الذي نردّ عليه تعرَّض لشخص الإمام الخميني المقدّس الذي فتح للإسلام فتحاً عظيماً في الربع الأخير من القرن العشرين وزلزل بانتصار ثورته مع شعبه كلّ العقائد والفلسفات التي كانت رائجة وتحكم حياة البشر وأثبت أنّ الدين محررٌ: للشعوب وليس أفيوناً لها يخدّرها ويميت حركتها ويعطل قوتها ويشتت قدرتها.
ومن المؤسف أيضاً أن يتعرّض الكاتب لذلك القائد الإلهيّ الملهم واتّهام ثورته بأنّها من صنع الدوائر الاستكباريّة وهو منها براء براءة الذئب من دم النبيّ يوسف (عليه السلام). ومن المضحك المبكي أن يدّعي الكاتب أنّ إيران الإسلام التي أقامت أوّل سفارة لفلسطين مكان سفارة الكيان الغاصب في طهران هي التي افتعلت الحرب ضد النظام الحاكم في العراق عندما كان صدّام حسين رئيساً له، بينما الوقائع والدلائل والإثباتات كلّها تقول وباعتراف الكثيرين من أهل السياسة والإعلام بأنّ العراق هي التي شنّت الحرب بحجّة أنّ إيران تريد تصدير ثورتها إلى كلّ العالمين العربي والإسلامي، بينما كانت إيران تمدّ يد الصداقة لإخوتها في الدين من الدول العربية خاصّة والإسلامية عامّة.
ثمّ لا يتوقّف الكاتب عن مجافاة الحقيقة ويدّعي بأنّ الإمام الخميني المقدّس يريد رفع العلم الإيراني فوق مكّة والمدينة لكي يؤلّب بهذا الكلام غير الصحيح إطلاقاً إخوتنا المسلمين من أبناء المذاهب الإسلامية ضد من وقف بوجه أمريكا وكلّ القوى الكبرى في العالم، وضدّ ذلك القائد المسدّد الذي ننزّه ساحته عن مثل ذلك الكلام عن كعبة صلاتنا ومسجد نبيّنا محمّد (ص)… وإذا كان الكاتب بهذا الكلام صادقاً فيما يدّعيه عن لسان الإمام الخميني فليأتِ بالنصّ الحرفيّ لهذا الكلام الذي لم يصدر عن الإمام (رض) ولا عن غيره من قادة الجمهورية الإسلامية بدءاً من الإمام الخامئني (دام ظلّه) إلى أصغر مسؤول في دولة إيران الإسلامية.
ويكفي إيران شرفاً وفخراً وعزّاً أنها مدّت لنا يد العون وساعدت حزب الله في لبنان بالمال والسلاح والتدريب والخبرة العسكرية والقتالية حتى نقف في مواجهة العدوّ الغاصب الذي احتلّ بلادنا وأذلّنا في مدننا وقرانا، ويوم ذاك قال لنا الإمام الخميني (قدّه): (اذهبوا وقاتلوا وأنتم المنتصرون) وهذا ما تحقق وهزمنا إسرائيل شرّ هزيمة بعد سلسلة النكسات التي انتكسها العرب بأجمعهم أمام الكيان الغاصب وأرادوا شرعنته وجعله بلداً من بلدان المنطقة لولا بيان الإمام الخميني المقدّس ضد قمّة فاس في المغرب أوائل الثمانينات.
ونحن في لبنان نفتخر بأنّ إيران الإسلام ساندتنا يوم تخلّى عنّا كلّ العرب الذين يدّعون أنّهم إخوتنا في الدين واللغة ولم نرَ منهم إلا الادعاءات الكاذبة والفارغة بل المحاربة ومساعدة العدوّ الصهيوني ضدّنا، ولكننا بعون الله وتوفيقه استطعنا أن نهزم هذا العدوّ وأن نذلّه ونمرغ أنفه في التراب عام ألفين يوم تحقق الانسحاب الإسرائيلي من اراضينا وعام ألفين وستة وهي الحرب التي دامت ثلاثة وثلاثين يوماً وكرّست الانتصار على هذا العدوّ الغاشم الذي هو أوهن من بيت العنكبوت كما عبّر بذلك الأمين على الدماء والجهاد حجّة الإسلام والمسلمين السيد حسن نصر الله قائد مسيرة المقاومة الإسلامية في لبنان.
وفي ختام هذا الردّ نقول للمدّعي والمفتري على الإمام الخميني وعلى حزب الله بأنه غير مقيّد بحركة إيران الإسلام، فنحن في حزب الله نملك قرارنا وخيارنا المستقلّ والجمهورية الإسلامية وقيادتها من قمّة الهرم المتمثّلة بالإمام الخامنئي (دام ظلّه) إلى كل المسؤولين الآخرين لا يفرضون علينا اتّخاذ أيّ قرار في أيّ شأن من الشؤون ، ولنا مطلق الحرية في فعل ما نريد ساعة نريد ومتى نريد.
فيا أيّها المدّعي احترم نفسك ولا تبع شرفك وقيمك لمن يدفع لك المال لأنه زائل ولا تأخذ معك إلا عملك، فانظر ماذا تحمل على ظهرك يوم القيامة لأنّك مسؤول عن كلّ كلمة تقولها، وهذه نصيحة لك ولأمثالك من الذين باعوا أنفسهم للوهابية الفاسدة المفسدة والضالة والمضلّلة للمسلمين.
ولا يفوتني أن أذكرك وأمثالك بأنّ الإمام الخميني هو صاحب فكرة (أسبوع الوحدة الإسلامية).. ردّاً على ادّعاءك بأنّ الإمام عمل على إيقاع الفتنة بين السنّة والشيعة وبأنّ الإمام الخميني هو مبتدع فكرة «يوم القدس» وغير ذلك كالوحدة والاتحاد بين كلّ الدول الإسلامية على اختلاف مذاهبهم واتجاهاتهم العقائدية والفقهية.
المصدر: موقع المنار