في مدينة قسنطينة المعروفة بصناعاتها التقليديّة في شرق الجزائر، يشعر النَحّاسون بقلق إزاء مستقبل مهنتهم، خصوصاً في ظلّ تخلّي كثيرين عنها بحثاً عن أعمال أخرى تحتاج إلى مجهود أقلّ، وتأتي بعائد أفضل.
وكان شارع النحّاسين يعجّ بالعاملين والمتسوّقين في ما مضى، لكن العديد من المتاجر والورش أغلقت أبوابها مع تناقص أرباح تلك المهنة، وتطلّع الشبّان إلى أعمال أخرى توفّر لهم دخلاً أفضل.
ويقول نحّاس يُدعى عبد الحق (59 عاماً) «لا يوجد العديد من النحّاسين في هذا المجال لأنَّ الطلب عليها قليل. هم يفضّلون العمل في مكان آخر. في شركة مثلاً.. لأنَّهم لا يرَون أيّ مستقبل لهذه الصناعة.. لذا، نجد غالبية النَحّاسين كباراً في السنّ والقليل منهم فقط شبان».وتزداد معاناة هؤلاء في ظلّ تراجع السياحة وإغراق السوق بسلع نحاسيّة مستوردة من الصين أرخص ثمناً.
ويشير النحّاس محسن (30 عاماً) إلى أنَّه «ليس لديها رواج داخل الوطن ولا خارجه. وما نصنعه هنا يبقى هنا. فقليلاً ما يأتي هنا بعض السيّاح ويشترون بعض المنتجات، ولكن لا نبيع منها الكثير ولا نستطيع أن نقول إنَّ لهذه الصناعة مستقبلاً.
ولهذا، فإنَّ الشباب لا يعملون في هذه الحرفة، إلا مَن تعلّمها قديماً».والنحاس كسلعة ليس رخيصاً، ومن الصعب على النحّاسين في قسنطينة أن يجنوا أرباحاً من الساعات الطوال التي يخصّصونها لعملهم.
من جهته، يؤكّد النحّاس طاهر (60 عاماً)، أنَّ «هذه المهنة هي في طريقها إلى الزوال. فأبناؤنا لا يريدون تعلّمها لأنّها صعبة ولا تجلب الكثير من المال والنحاس غالٍ».
ويقول صاحب متجر لبيع النحاس يُدعى كمال (46 عاماً) «كان لدَيّ 12 عاملاً في المحل، ولكنّهم ذهبوا لأنَّ عملهم مُتعب جداً ولا يتقاضون مقابله الكثير من المال. فأنا أشتري الكيلوغرام الواحد من النحاس بألف دينار جزائري (9.1 دولارات). فكم يتوجّب عليّ أن أعطي النحاس؟ وبكم يمكنني بيع الصينية النحاسية مثلاً؟ ولذا نريد من الدولة أن تستورد النحاس كما كانت تفعل في وقت سابق لنخفض الأسعار».
وصناعة الأواني النحاسيّة ليست الوحيدة التي تواجه صعوبات في الاقتصاد الجزائري، خصوصاً بعدما اتّخذت البلاد خطوات للانفتاح الاقتصادي بسبب التراجع الحادّ في عائدات الطاقة.
المصدر: رويترز