الصحافة اليوم الخميس 27-7-2017: السيد نصرالله… نحن أمام انتصار عسكري كبير تحقق في 48 ساعة – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم الخميس 27-7-2017: السيد نصرالله… نحن أمام انتصار عسكري كبير تحقق في 48 ساعة

الصحف المحلية

ركزت افتتاحيات الصحف المحلية الصادرة في بيروت اليوم الخميس 27 تموز 2017 على خطاب النصر الذي القاه سماحة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والذي تحقق بتحرير جرود عرسال من الاحتلال التكفيري، مهدياً  الانتصار إلى جميع اللبنانيين بكافة طوائفهم ومذاهبهم والى كل شعوب المنطقة التي تعاني من الإرهاب التكفيري.

صحيفة الاخبار*  الاخبار

السيد نصرالله: التحرير ـ 2… للجميع

كما عقب تحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي عام 2000، وبعد انتصار تموز 2006، أطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمس، ليُهدي الانتصار الذي تحقق بتحرير جرود عرسال من الاحتلال التكفيري إلى الجميع: جميع اللبنانيين وكل شعوب المنطقة التي تعاني من الإرهاب التكفيري.

الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله يُلقي «خطاب النصر»، وفي الخلفية مقاومون يُحققون المزيد من الانتصارات على مقاتلي تنظيم «النصرة» الإرهابيين في جرود عرسال. في أيام قليلة، تحقق «انتصار عسكري وميداني كبير جداً. وهو تحقق فعلياً في اليومين الأولين من المعركة بأقل كلفة»، قال نصرالله أمس في كلمته المتلفزة لتوصيف معركة جرود عرسال والحديث عمّا بعدها.

سبب التقدم الميداني السريع أنّ خطّة الهجوم «كانت مُحكمة ومدروسة بناءً على كلّ التجارب التي خاضها قادتنا العسكريون والمجاهدون والخبرات التي يمتلكونها»، موضحاً أنّ «المقاومة كانت هي مهاجمة». على الرغم من أنّ «عامل المفاجأة كان مفقوداً في المعركة، حيث تحدثنا عن مفاوضات وإمكانية تسويات».

كلمة نصرالله تزامنت أيضاً مع زيارة الوفد اللبناني برئاسة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري لواشنطن، ولقائه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي اعتبر أنّ لبنان يُواجه داعش والقاعدة وحزب الله. الأمين العام قال باسماً إنّه لن يرد على تصريحات ترامب «تسهيلاً للوفد الحكومي ولعدم إحراجه. لا أريد أن أدخل في سجال أو نقاش عميق مع أحد. نحن لسنا في معركة «فش خلق»، بل في معركة مسؤولية تحصل فيها تضحيات ويصنع مصير بلد».

انطلقت معركة جرود عرسال، كما أكّد نصرالله، بهدف «إخراج المسلحين من المنطقة التي تُسيطر عليها جبهة النصرة، سواء في جرود فليطا أو جرود عرسال». أما التوقيت، فلا «علاقة له بأي تطورات إقليمية أو عربية. بدأنا نعدّ العدة للمعركة منذ الربيع، من خلال الاستطلاع والعمل. وكنا أمام خيارين للتوقيت: قبل شهر رمضان أو بعده. فاخترنا بعد شهر رمضان»، مؤكداً أنه «لا علاقة لإيران بالمعركة، ولا دمشق قررت، نحن تواصلنا مع القيادة السورية طلباً للتعاون معنا، رغم أن أوليتها هي القتال في مناطق أخرى».

وأضاف: «هذا حق واضح بيّنٌ لا ريب فيه في هذه المعركة، ومن يتردد بذلك فليذهب ويسأل قرى الهرمل والقاع والفاكهة ورأس بعلبك واللبوة وقرى بعلبك ومن خلفهم كل البقاع».

المساحة التي خيضت فيها المعركة تبلغ «ما يُقارب 100 كلم مربع، كانت تُسيطر عليها جبهة النصرة. وفيها جبال عالية ووديان سحيقة وجرداء. والقتال بهذه المعركة من أصعب أنواع القتال. المسلحون تحصنوا في المنطقة». ولكن حالياً، أصبح عناصر «النصرة» خارج جرود فليطة «وانحسروا في جرود عرسال ولم يبقوا إلا في مكان ضيق ومن 3 جهات».

تحدّث السيد نصرالله عن مجريات المعركة، مُعلناً أنّ «التقدم في الميدان في جرود عرسال مستمر، وطلبت من المجاهدين التقدم بشكل مدروس مع الاحتياط في استخدام بعض الأسلحة من أجل عدم حصول أي خطأ باتجاه النازحين والمدنيين». وفي ما يتعلق بما بقي من الجرود في رأس بعلبك والقاع التي يحتلها تنظيم داعش، فـ«نترك الحديث به إلى حينه». أما بعد انتهاء المعركة، فـ«سنقوم بتسليم كلّ الأرض والمواقع التي دخلنا إليها إلى الجيش اللبناني لكي يعود أهالي عرسال إلى أرضهم». وفي هذا الإطار، لفت نصرالله إلى أنّه «رغم ضراوة المعركة من القصف وغيره، بقيت بلدة عرسال في مأمن بفضل الجيش اللبناني، وكان هناك حرص على عدم ارتكاب أي خطأ. نحن حريصون على عرسال وأهلها». وأكد عدم السماح لأحد بالاقتراب من مخيمات النازحين أو التعرض لهم بأي سوء.

بعد خسارة الإرهابيين الميدانية وعلى صعيد العديد والعتاد، «المفاوضات بدأت جدياً، ومن يتولاها جهة رسمية تتصل بنا مباشرة وبمن بقي من مسؤولي جبهة النصرة». وقال نصرالله: «التمهل يُعطي مجالاً لاحتمال التفاوض لأننا نريد أن نأكل العنب لا قتل الناطور». وأشار إلى أنّ قادة «النصرة لم يسمعوا إلى كل النداءات التي أطلقناها من قبل وتصرفوا بعنجهية»، في حين أنّه «كان هناك تصرف عقلاني من قبل سرايا أهل الشام الذين سهّلنا لهم الانسحاب إلى مخيمات النازحين والبقاء إلى جانب عائلاتهم».

قسمٌ من «النصرة» حاول الفرار باتجاه المساحات التي يحتلها «داعش»، ولكن واجهتهم مشكلة أنّ هذا الأخير «يرفض استقبال جبهة النصرة لأنه يشترط عليهم مبايعة البغدادي». وقال نصرالله إنّ «مسلحي النصرة، فوتوا على أنفسهم فرصة قبول الوساطات». على هؤلاء «أن يعرفوا أنّ الوضع في الميدان لنا وهناك تقدم. ولكن هناك بعد عن الواقع والفرصة متاحة لكن الوقت ضيق».

السيد نصرالله: ما قام به الجيش
في محيط عرسال كان أساسياً
في صنع هذا الانتصار

وأكّد أن «خط العمليات مستمر في الليل والنهار وأمره إلى الميدان»، متمنياً «عدم وضع سقف زمني من قبل المُحبين ولسنا مستعجلين والوقت لنا وعلينا الحفاظ على دماء إخواننا ولا يجب التسرع».

لم يغب عن بال نصرالله التوجه بكلمته إلى الجيش اللبناني، «شريك وعمدة المعادلة الذهبية… يأتي الأول من آب ذكرى عيد الجيش وأتوجه لقيادته وجنوده وعوائله بالتحية والتبريك كما هو عيد للجيش العربي السوري، وأتوجه لقيادته وجنوده بالتبريك». دور الجيش في المعركة هو «تشكيل السد المنيع والحماية لأهالي المنطقة. ما قام به الجيش اللبناني في محيط عرسال وجرودها على خط التماس كان أساسياً في صنع هذا الانتصار». فبحسب نصرالله، تمكن الجيش «من تحييد عرسال عن أي إشكال، وإراحتها كان عاملاً أساسياً وحاسماً وقطع الطريق على كلّ من راهن على استخدامها في هذه المواجهة». ولفت إلى أنّ الجيش «استهدف أي تسلل من قبل المسلحين ولم تشعر النصرة بأنها في أمان من الخلف وأن المعركة فقط مع المقاومة».

في الختام، «بشّر» نصرالله اللبنانيين بأنهم «أمام انتصار كبير ومنجز وسوف يكتمل بتوفيق من الله إما بالميدان وإما بالتفاوض وستعود كلّ هذه الأرض إلى أهلها. نحن ماضون نحو تحقيق الهدف وإنجاز المهمة». حيّا نصرالله «أهمية ما حصل من إجماع حول هذه المعركة المُحقة»، مُهدياً النصر «إلى كل المسيحيين بكل طوائفهم ومذاهبهم وكل المسلمين بطوائفهم ومذاهبهم. نحن في معركة الإرهاب نقوم بواجبنا ولا نتوقع الشكر من أحد وإذا جُلدنا ببعض السياط نحسبها عند الله». وأعلن أنّ «الصفحة العسكرية لوجود النصرة سوف تطوى بشكل نهائي. وهذا النصر الذي تحقق يُهديه مجاهدونا وشهداؤنا وجرحانا إلى كل اللبنانيين وكل شعوب المنطقة التي تعاني من الإرهاب التكفيري».

وقبل الغوص في تفاصيل معركة عرسال، توجّه نصرالله «من موقع المقاومين والمقاومة»، بالتحية إلى «المقدسيين. إلى المرابطين في القدس. وإلى أهل الضفة، وكل الفلسطينيين الذين تدفقوا إلى المدينة القديمة دفاعاً عن الأقصى، وليفرضوا انتصاراً جديداً. وأن يفرضوا على العدو إزالة الإجراءات الجديدة التي تريد أن تفرض سيادة العدو، بحضورهم وصلواتهم وقبضاتهم وصدورهم وصنعوا هذا النصر، وهذه تجربة جديدة من تجارب المقاومة».

أما الشُكر، فإلى «السيد عبد الملك الحوثي، الذي أعلن بوضوح وقوفه مع اليمنيين إلى جانب لبنان في أي معركة مع العدو الإسرائيلي، وهذا تأكيد لمعادلة القوة التي تريد أمتنا أن تكرّسها».

السيد نصرالله إلى المقاومين: بكم خرَجْنا من الذل

كما دائماً، لا يفوت الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، تخصيص جزء من خطابه إلى صانعي النصر ميدانياً. إلى هؤلاء توجّه أمس، في كلمته المتلفزة، فـ«غصّ بدموعه» أكثر من مرة. «أوجه التحية إلى كلّ المضحين، إلى الشهداء والجرحى المجاهدين وعوائلهم، وأقول إنّ فيكم الحسين والعباس وزينب»، قال نصرالله، شادّاً عزيمتهم، بالقول: «إلى كل الشهداء والجرحى والمقاومين وعوائل الشهداء، أنتم ورثة أهل البيت… بكم أخرجَنا الله من ذلّ الاحتلال والهوان والضعف والخوف والهزيمة».

هل يخوض الجيش معركة القاع وراس بعلبك ضد داعش؟

العملية التي قد يشنها الجيش ضدّ «داعش»، لا بُدّ وأن يواكبها تنسيق بين حزب الله والجيش السوري

على وقع التقدم الكبير الذي تُسجله المقاومة في جرود عرسال، بدأت الأوساط السياسية والعسكرية تُخطط لفتح معركة تحرير الجزء الشمالي من جرود عرسال، وجرود القاع، وجرود رأس بعلبك. إلا أنّ القيادة قد تؤول هذه المرة إلى الجيش اللبناني لا إلى حزب الله

تطور كبير شهدته جرود عرسال، بعد أن تمكن رجال المقاومة من تحرير 90% من الأراضي التي يحتلها تنظيم النصرة الإرهابي، ودخول المعركة ربع الساعة الأخير قبل الحسم، ميدانياً أو عبر المفاوضات. بالتزامن مع ذلك، برز أمس تطور لافت على المستويين السياسي والعسكري، يتمثل بانطلاق النقاش الجدي حول إمكان أن يخوض الجيش اللبناني، لا حزب الله، معركة تحرير الجزء الشمالي من جرود عرسال وجرود رأس بعلبك والقاع، التي يحتلها تنظيم داعش.

وبحسب مصادر عسكرية وأمنية وسياسية، فإنّ الموضوع كان مدار بحث بين الرئيس ميشال عون وقائد الجيش جوزف عون. وتُشير المصادر إلى أنّ المعنيين في الجيش، بدأوا التحضير كما لو أنّ المعركة ستحصل حتماً. باشرت القيادة وضع خطط الهجوم، ودراسة الاحتياجات اللوجستية، فضلاً عن البدء باستقدام تعزيزات إلى المنطقة. وفي هذا الإطار، نُقل أحد أفواج التدخل من الشمال إلى منطقة رأس بعلبك والقاع، لتعزيز القوات الموجودة أصلاً، بانتظار قرار القيادة.

وتلفت المصادر إلى أنّ قرار شنّ المعركة لتحرير الجرود من «داعش» سيحظى بموافقة جميع القوى السياسية. ومن ناحية قانونية ودستورية، لا تحتاج خطوة كهذه إلى قرار من مجلس الوزراء. ومن الصعب أن «يتجرأ» فريق سياسي ما على معارضة معركة تحرير الجرود، ولا سيما بعد أن أطلق حزب الله عملية تحرير جرود عرسال من «النصرة»، فبات من كان يُعارض هذا الأمر مُحرجاً، أمام اللبنانيين وما يُسمّى «المجتمع الدولي».

المفاوضات بين
حزب الله و«النصرة»،
تجريها المديرية العامة للأمن العام

وبالتالي، باتت القوى المعارضة سابقاً لتحرير الجرود «أسيرة» ما يُقرّره الرئيس عون والعماد عون. ولا يقدر هؤلاء السياسيون على رفع ورقة حماية المدنيين، لكون المنطقة التي يحتلها «داعش» بعيدة عن مخيمات النازحين وعن بلدة عرسال والقرى المجاورة، وبذلك، تنتفي القدرة على «التنقير» على الجيش. ولفتت المصادر إلى ما قاله رئيس الحكومة سعد الحريري من واشنطن، أنّه كان يُفضل لو خاض الجيش اللبناني وليس حزب الله معركة تحرير جرود عرسال. واعتبرت أنّ كلام الحريري يندرج في إطار التحضير لعملية ينفذها الجيش. في السياق نفسه، أتى كلام الوزير جبران باسيل، الذي قال: «تذكروا كم طالبنا في الحكومة السابقة أن يقوم الجيش بتحرير الجرود الشرقية. أتى العهد واستلمت القيادة وحان الأوان الذي لا تبقى فيه أرض محتلّة».

وتجدر الإشارة إلى أن العملية التي من المفترض أن يشنها الجيش ضدّ «داعش»، لا بُدّ وأن يواكبها تنسيق بين حزب الله والجيش السوري، خاصة أنّ المساحة التي يُسيطر عليها «داعش» مقسومة بالتساوي بين الأراضي اللبنانية والسورية.

وعلى الرغم من أنّ كلّ الدلائل تشير إلى أنّ ساعة تحرير الجزء الشمالي من جرود عرسال، وجرود القاع ورأس بعلبك، قد دنت، إلا أنّ ذلك لا يلغي احتمال نجاح المفاوضات مع «داعش»، في انسحاب مقاتليه باتجاه محافظة دير الزور السورية.

وفي جرود عرسال، علمت «الأخبار» أنّ المفاوضات بين حزب الله من جهة، و«النصرة» من جهة أخرى، تجريها المديرية العامة للأمن العام عبر وسيط سبق للمديرية أن اعتمدت عليه للتواصل مع «النصرة» في عدد من القضايا السابقة.

وتتقدّم المفاوضات بشكل جدي، ولا سيما بعد التقدم الكبير الذي حصل في أيام المعركة الأربعة السابقة، واستُكمل أمس عبر تدمير المقاومة 3 آليات وقاعدة إطلاق صواريخ موجهة. وشنّ رجال المقاومة هجوماً أوقع عدداً من القتلى والجرحى في صفوف «النصرة». وأعلن الإعلام الحربي أنّه خلال تقدّم المقاومة «أصيب مسؤول عمليات النصرة في جرود عرسال عمار وردي».

ومن ناحية أخرى، نفت المقاومة الأخبار «التي تحدثت عن استهداف المدنيين في منطقة وادي حميد في جرود عرسال».

تحرير الجرود يقلق إسرائيل: حزب الله درع لبنان

علي حيدر

لم نعد نحتاج إلى كثير من تعليقات الخبراء والمعلقين الإسرائيليين لاستكشاف أصداء معركة تحرير الجرود ومفاعيلها في وعي صناع القرار السياسي والأمني في تل أبيب وحساباتهم. فالأداء الإسرائيلي والذاكرة ووسائل الإعلام العبرية والعربية زخرت، طوال السنوات الماضية، بمواقف مسؤولين إسرائيليين كثر، بمستوياتهم العسكرية والسياسية والاستخبارية، تناولت مختلف جوانب المواجهة بين حزب الله والجماعات الإرهابية والتكفيرية.

وهو ما شكل رؤية إسرائيلية متكاملة، يكفي الاستناد إليها لاستخراج معالم رهاناتهم وآمالهم، لدور هذه الجماعات في سياق الاستراتيجية الإسرائيلية لمواجهة حزب الله ومحور المقاومة. وفي الخلاصة، تحقق السيناريو الأكثر إقلاقاً لصانع القرار في تل أبيب: تبدّد الرهان على الدور الوظيفي لهذه الجماعات بسقوفه المتعددة، الاجتثاث والاستنزاف والإشغال، وتحوّل حزب الله إلى درع لبنان فعلياً، مع منسوب غير مسبوق من التأييد والالتفاف الشعبي.

بالنسبة لمن ذاكرتهم قصيرة، في البداية كان سقف رهاناتهم في تل أبيب مرتفعاً، وأبلغ من عبّر عنها، في حينه، وزير الأمن ايهود باراك ورئيس أركان الجيش بني غانتس وغيرهما. وتمحورت هذه الرهانات في السنوات الأولى من الأحداث السورية حول الآمال بالتخلص من حزب الله وإعادة إنتاج بيئة إقليمية تُطبق واشنطن بموجبها سيطرتها على سوريا ولبنان والمنطقة، وتوفر لتل أبيب حزاماً أمنياً إقليمياً يطلق يدها في المنطقة وبشكل أخص في مواجهة لبنان.

مع تبدّد هذه الآمال، تراجعت سقوف الرهانات الإسرائيلية إلى مستويات تطمح من خلالها إلى أن تشكل قيداً على هامش الرد والمناورة في مواجهة أي عدوان إسرائيلي، وصولاً إلى محاولة استنزافه وإشغاله وحرف تركيز قدراته نحو جبهات متعددة.

مع تهاوي سلسلة «السقوف – الرهانات»، بفعل هزيمة المخطط الأميركي ــ بالأصالة، والتكفيريين ــ كأداة (كانوا يراهنون على نجاح مشروعهم بما يتجاوز كونهم أداة) في الساحة السورية، وبعد تشتيت انتشارهم، تراجع الدور الوظيفي لهذه الجماعات بما يتناسب مع الانتشار الجغرافي لكلّ منها.

مع ذلك، بات هذا الدور الوظيفي أكثر ظهوراً من أيّ عنوان وهوية أخرى كانوا يتوهمونه. وأكثر من عبَّر بشكل صريح ومباشر عن موقع هذا الدور في سياق الاستراتيجية الإسرائيلية، كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي حذَّر من الأمم المتحدة، وفي مناسبات أخرى أيضاً، من هزيمة داعش وترك إيران (وحلفائها)، واصفاً هذا السيناريو بأنه انتصار في المعركة وخسارة للحرب. ثم كرر موقفاً مشابهاً قبل يومين عند زيارته الجولان برفقة كبار القادة العسكريين، محذراً من أن «داعش في تراجع كبير، وإيران تحاول أن تملأ هذا الفراغ». وأيضاً رئيس الاستخبارات اللواء هرتسي هليفي الذي حذر، في مؤتمر هرتسيليا السنة الماضية، من خطورة مفاعيل القضاء على داعش، وتأثير ذلك على معادلة الصراع مع إسرائيل لصالح حزب الله وحلفائه.

في الجنوب بات دور «الحزام الأمني» لإسرائيل هو العنوان الرئيسي الفعلي الذي يحكم أداء هذه الجماعات، إلى حين تبلور القرار الإقليمي والدولي بالاستغناء عنها بعد استنفاد دورها.

في الشرق السوري حاولوا ــ وما زالوا ــ لعب دور العازل الذي يسعى للفصل بين ساحات محور المقاومة، من لبنان وسوريا إلى عمقها العراقي والإيراني.

وفي ساحات أخرى، ما زالت الحاجة إليهم لمواصلة عملية استنزاف الدولة السورية، وكجزء من أوراق الضغط والمساومة على طاولة المفاوضات. وفي هذا الكثير من التفاصيل.

أما في الجرود اللبنانية، فقد بات الدور الوظيفي المركزي لهذه الجماعات موجّهاً بشكل رئيسي باتجاه لبنان، خاصة بعدما فقدت التواصل مع عمقها السوري، وبات تأثيرها على الساحة السورية أكثر ضعفاً ومحدودية من أي وقت مضى.

انطلاقاً من القوالب نفسها التي تحكم المقاربة الإسرائيلية لمجمل دور هذه الجماعات على الساحة السورية، كان وما زال الرهان الإسرائيلي على أن تكون هذه الجماعات مصدر تهديد الجبهة الداخلية والخلفية لحزب الله (بحسب تعبير غانتس)، ومحاولة إشغاله وفرض قيود على هامشه في المبادرة والرد في مواجهة التوثب الإسرائيلي ضد لبنان. إضافة إلى كونها ورقة يمكن للعديد من الجهات الإقليمية والدولية، وحتى بعض المحلية، توظيفها في الساحة اللبنانية كما حصل في أكثر من بلد عربي.

ينبغي التذكير، أنه ليس جديداً الرهان الإسرائيلي على الجبهة الخلفية لحزب الله، وتحديداً منذ خروج الجيش السوري من لبنان وتشكيل سلطة معادية للمقاومة في لبنان سعت لنزع سلاح المقاومة. وهو ما كشفه بشكل صريح ومباشر رئيس الاستخبارات العسكرية في حينه، ورئيس معهد أبحاث الأمن القومي الحالي، اللواء عاموس يادلين خلال مؤتمر المعهد عام 2016، («الأخبار» ــ العدد ٢٩٥٧ ــ ١٠ آب ٢٠١٦ ــ إسرائيل: أردنا ردع حزب الله فردعنا).

الآن، وفي ذروة الانتصارات السريعة التي حققها ويحققها حزب الله في معركة تحرير الأراضي اللبنانية ـــ الجرود ـــ من سيطرة تنظيم «القاعدة – جبهة النصرة»، على أن يتبعها لاحقاً تنظيم «داعش»، من المسلّم به، وبالاستناد إلى مجمل رؤية المؤسستين السياسية والأمنية الإسرائيلية، أن منسوب القلق في تل أبيب بلغ مستويات متقدمة في ضوء النتائج والتداعيات التالية:

القضاء على سيطرة هذه الجماعات في الجرود يعني سقوط الرهان عليها كمصدر تهديد عسكري للجبهة الداخلية في لبنان. وكعامل إشغال واستنزاف وتقييد لهامش حزب الله في مواجهة أي عدوان إسرائيلي.

سلب الجهات المعادية للمقاومة في لبنان والمنطقة، إحدى أهم أوراقها على الساحة اللبنانية، والتي كشفت التجارب السابقة أنها تؤدي دوراً وظيفياً أمنياً وسياسياً في سياق الصراع مع المقاومة وخيارها في لبنان. والنتيجة التي ستترتب على فقدان هذه الورقة، هو إضعاف مكانة هذه الجهات، والرهان عليها، في سياق الاستراتيجية الإسرائيلية في مواجهة حزب الله.

القلق الأكثر حضوراً في وعي وحسابات المؤسسة الإسرائيلية، هو تحقق السيناريو الذي استشرفته الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، «امان»، قبل أكثر من سنة، على لسان رئيس الساحة الشمالية، ومن ضمنها لبنان، عندما لفت إلى أن حزب الله «تحول فعلاً إلى درع لبنان». (الأخبار – العدد ٢٨٧٠ – ٢٣ نيسان ٢٠١٦)، وهو ما يعني تصدع المخطط الإسرائيلي بأن يبدو حزب الله في الوجدان العام اللبناني كما لو أنه مشكلة، وليس عامل قوة، إلى جانب الجيش اللبناني، يحمي لبنان من الأخطار الإسرائيلية والإرهابية. ومن المؤكد أن المعطى الذي عزَّز القلق في تل أبيب، وأجهزتها المهنية والسياسية، هو التأييد والالتفاف الشعبي الواسع حول عملية تحرير الأراضي اللبنانية.

على المستوى العسكري، المؤكد أن الجهات المهنية ذات الصلة، واكبت وستواكب تطور كفاءات وقدرات حزب الله الهجومية في مناطق جبلية معقدة، وعبر تشكيلات قتالية لم يسبق أن واجهتها إسرائيل في مواجهة الحزب. ومع أن كبار القادة والخبراء الإسرائيليين سبق أن أقروا بتطور حزب الله على هذا الصعيد، إلا أن معركة تحرير جرود عرسال شكلت ترجمة عملية لهذا المفهوم الذي بات أكثر حضوراً لدى جيش العدو على مستوى الخطط وفرضيات العمل.

مع ذلك، يبقى السؤال حول الخطة الأميركية – الإسرائيلية المضادة التي سيعمل عليها الطرفان بعد فشل هذه الجماعات في تحقيق المؤمل منها، وهو ما يستدعي المزيد من المتابعة والرصد لمعالمها وأدوات تظهيرها.

إسرائيل صامتة… هُزمت مع هزيمة «القاعدة» في الجرود

على غير عادة متبعة، لم ترد من إسرائيل تعليقات عن المعركة التي يخوضها حزب الله لتحرير جرود عرسال من تنظيم القاعدة.

التغطية الخبرية للأحداث جاءت مقلصة جداً، فيما لوحظ ــ للمفارقة ــ غياب مطلق لجهة الخبر والتعليق، عن قنوات التلفزة العبرية. «شبه الصمت» هذا يأتي رغم أهمية المعركة وأهمية نتائجها وتداعياتها من ناحية استراتيجية لا تقتصر وحسب على الساحة اللبنانية، بل على مجمل المواجهة القائمة بين إسرائيل والمحور المعادي لها.

إلى الآن، هذه هي مقاربة إسرائيل لمعركة جرود عرسال، التي يخوضها عدوّها الذي حدّدت أنه التهديد الاستراتيجي الأول لها. مقاربة تستأهل التأمل، ولا يبعد أن تكون منطلقاتها مرتبطة بخيبة أمل إسرائيل، جرّاء نجاحه في إنهاء إحدى أهم الركائز الإسرائيلية التي كانت تأمل من خلالها إشغاله عنها: جبهة النصرة، وجود تنظيم القاعدة، الذي يتشارك معها العداء لحزب الله، وتحديداً في الأرض اللبنانية، كان يحمل أملاً لإسرائيل في إمكاناته الكامنة في «إزعاجه» في حدّ أدنى، وإرباكه وبيئته وساحته وتهديدها.

إلى الآن، يبرز في وسائل الإعلام العبرية غياب لافت لمعركة تحرير جرود عرسال. غياب كامل عن التلفزة العبرية، وشبه غياب أيضاً عن الصحافة المكتوبة، مع صمت لافت جداً لمعلّقي الشؤون العسكرية والسياسية الذين يتلقّفون أيّ خبر ومعلومة، بل شبه معلومة، وأيضاً تغريدة منفردة، للتعليق والتوسع في التعليق. اقتصرت المقاربة الخبرية، المقلصة، على المواقع الإخبارية على الانترنت، بلا تعليقات، لكنها جاءت مجتزأة ومنتقاة بعناية، تستأهل الإشارة إليها.

تكتّل معظم
اللبنانيين حول
حزب الله يعدّ انكساراً
لاستراتيجية إسرائيل

لعل منشأ المقاربة الإسرائيلية هو الخشية من الإضرار بالصورة النمطية التي تسعى إسرائيل إلى إلباسها لحزب الله، بوصفه جهة إرهابية، لا يختلف عمّا هو عليه تنظيم القاعدة أو تنظيم داعش. من هنا، تبرز في التغطية الخبرية تقارير عمدت، على قلتها، إلى تجهيل الجهة التي يحاربها حزب الله في جرود عرسال، مشيرة إلى أنهم «مسلّحون سنّة» ينتشرون على الحدود الشرقية مع سوريا. وتركّز التقارير الخبرية، وإن جاءت مقلصة، على «خسائر حزب الله» وتعداد شهدائه مع تحديثات متتابعة من هذه الجهة تحديداً.

مع ذلك، برزت في الإعلام المكتوب، ومن بينه صحيفة «يديعوت أحرونوت»، تقارير تناولت إطلاق حزب الله صاروخاً متوسط المدى على مواقع «النصرة» في الجرود في اليوم الثاني للمعركة، رافقه شرح وتعليق لافتان. خلفية إبراز الصاروخ، قد تكون مفهومة. وقد يكون فرض نفسه على الإعلام الإسرائيلي، ربطاً بمكانة الترسانة الصاروخية لحزب الله، في الوعي الجمعي للاسرائيليين، بوصفه أحد أعمدة تهديد حزب الله وقدراته المتعاظمة.

مع ذلك، معركة جرود عرسال ونتائجها ستفرض نفسها ــ وإن لاحقاً ــ على المعلقين الإسرائيليين، تماماً كما حدث مع معركة استعادة الجيش السوري وحزب الله مدينة حلب.

في حينه، عمد الإعلام العبري ومعلّقوه إلى الصمت الابتدائي. وبعد انتهاء المعركة وإعلان انتصار أعداء إسرائيل فيها، كرّت سبحة التعليقات بوفرة، محذرة من التداعيات السلبية الاستراتيجية لاستعادة حلب، والتهديدات الكبرى التي تؤسس لها، على مستوى الجغرافيا السورية.

قد يكون ردّ فعل إسرائيل على معركة جرود عرسال، لجهة تظهير التعليقات، مشابهاً لردّ فعلها تجاه استعادة حلب: التعليقات تأتي بعد أيام من إعلان الانتصار. وهو انتصار (مع تداعياته) سيفرض نفسه على الاسرائيلي، خاصة أنه ظهّر من جديد قدرات حزب الله القتالية، وعزيمته، وجدارة مقاتليه واستعدادهم، وكذلك قدرته على إدارة معركة في مناطق مفتوحة جردية، بعد أن عاينت إسرائيل قدراته في القتال السوري، في المناطق المدينية.

يضاف ذلك إلى معاينة إسرائيل بأسف وأسى كبيرين ضياع استراتيجية تظهير حزب الله أنه يعمل خلافاً لهويته اللبنانية، التي سعت وشركاءها في الهدف، في لبنان وخارج لبنان، وبشكل حثيث، لإدخالها في الوعي الجمعي للبنانيين، بلا طائل. وهذه إحدى نتائج المعركة وتداعياتها السلبية على إسرائيل. لن يكون خافياً على تل أبيب تكتّل معظم اللبنانيين حول حزب الله، وتأييدهم العارم للمعركة وأهدافها، والاشادة التي قد لا تكون مسبوقة لعامة اللبنانيين، والتي اضطرت معها حتى قيادات جهات لبنانية على خصومة مع المقاومة إلى الإنسياق وراء التأييد، والاضطرار إلى مجاراته. هذه بذاتها تعدّ انكساراً لاستراتيجية إسرائيل في التحريض على حزب الله.

صحيفة اللواء*  اللواء

الحريري: العلاقة مع حزب الله صعبة جداً في السياسات الإقليمية

السيد نصر الله: المفاوضات لإخراج ما تبقى من النُصرة وسنسلّم المنطقة للجيش

وصف وزير الخارجية الأميركي ريكس تيليرسون لقاء الرئيس دونالد ترامب والرئيس سعد الحريري بأنه «ودي جداً جداً».

وكشف الوزير الأميركي، في موقف له بعد استقبال الرئيس الحريري يرافقه وزير الخارجية جبران باسيل ومدير مكتبه نادر الحريري والقائم بأعمال السفارة في واشنطن كارلا جزار، والمستشارة آمال مدللي، ان البحث في اللقاء في المكتب البيضاوي اثيرت فيه قضايا يمكن البناء عليها، وستتابع من قبل الوزارة والأجهزة الأميركية المختصة.

وقال تيليرسون ان النقاش تناول الوضع في سوريا ومسائل تتعلق بالأمن في المنطقة.

الحريري
ورأى الرئيس الحريري في حوار مع مشاركين في محاضرة ألقاها في معهد كارينغي ان الإدارة الأميركية تتفهم جيداً الوضع في لبنان، مشيراً إلى تخفيض في موازنة المساعدات الأميركية العسكرية، لكن بالمقابل أقرّت الإدارة الأميركية 140 مليون دولار إضافية للاجئين.

ورداً على سؤال، أجاب رئيس مجلس الوزراء: العلاقة بيننا وبين حزب الله صعبة جداً حيال السياسات الإقليمية، لكن توافقنا على الا نتخاصم حول الاقتصاد والحكم والتشريع.

وقال: هنا في الولايات المتحدة تفهم بأن لبنان يُشكّل معجزة إزاء ما تمكنا من تحقيقه والجميع يريد استقرار لبنان، وليس عدم استقراره.

وأعلن الرئيس الحريري انه سيزور الكونغرس اليوم لاجراء محادثات تتعلق بموضوع العقوبات على «حزب الله»، مبدياً خشيته من ان تكون هذه العقوبات واسعة على القطاع المصرفي في لبنان، خاصة وأن هناك ما يكفي من عقوبات، وقال: «نحن بحاجة لأن نشرح للكونغرس أهمية هذا الأمر، واعتقد ان عدم وجود عقوبات محددة أمر مؤذ جداً للقطاع المصرفي، وللاقتصاد ليس فقط للبنان بل للمنطقة كلها».

وبالنسبة لمعركة جرود عرسال، أوضح الحريري انه كان يفضل ان يقوم الجيش اللبناني بما يقوم به حزب الله في عرسال.

اما مدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري الذي يرافقه في هذه الزيارة، فلاحظ في حديث إلى المؤسسة اللبنانية للارسال، ان الموقف الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب من «حزب الله» يمثل موقف الإدارة الأميركية، وليس الحكومة اللبنانية، مضيفاً بأن هذا الموقف ليس جديداً، وهو موقف مكرر لخطاب ترامب في قمّة الرياض، ونحن ملتزمون بالبيان الوزاري لحكومة استعادة الثقة، وما زلنا مستمرين في السياق ذاته منذ انتخاب الرئيس عون.

وعن الارتدادات السياسية لمعركة جرود عرسال، قال نادر الحريري: «موقفنا واضح وهو ان الجيش اللبناني هو المناط به حفظ الأمن، وموقفنا أيضاً معروف من مشاركة «حزب الله» في الحرب السورية، وهذا لا يمنع من ان تكمل الحكومة بقية اعمالها».

الى ذلك، كشفت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن الرئيس عون سيتراس وفد لبنان إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وقالت إن هناك اقتراحين جرى التداول بهما الأول أن يترأس الرئيس عون الوفد فيما أشار الأقتراح الثاني الى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، لكن تقرر السير بالاقتراح الأول. وعلمت اللواء أن رئيس الجمهورية لا يذهب بدلا من الحريري كما يسرب، قائلة إن الوفد لم يكن قد تشكل. وأشارت إلى أن الرئيس عون سيلقي كلمة لبنان في الأمم المتحدة، على أن يتم تشكيل الوفد الرسمي إلى المنظمة الدولية بعد عودة الحريري من زيارته إلى واشنطن.

السيد نصر الله

وفي السياق أيضاً، لوحظ ان الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله، لم يشأ في اطلالته التلفزيونية مساء أمس، الرد على تصريحات الرئيس ترامب «تسهيلاً لعمل الوفد اللبناني الذي يزور واشنطن حالياً، ولعدم احراجه»، حسبما قال، لكنه أشار إلى انه سيعلق على هذه التصريحات في مناسبات أخرى ستأتي، وعندما يعود الوفد، في إشارة إلى الاحتفال الذي سيقيمه الحزب في 14 آب بذكرى الانتصار في حرب تموز 2006.

كذلك رفض السيّد نصر الله الدخول في نقاش عقيم أو سجال مع أحد، لافتاً إلى انه سيعرض القضايا بشكل إيجابي وهادئ، ومن دون ان «يفش خلق أحد»، موضحاً ان حديثه عن معركة جرود عرسال سيكون من «باب التوصيف والتعليق والتوضيح ورسم المسار، وإلى أين نحن ماضون وإلى أين سنصل وما هي الخيارات الفعلية، وماذا بعد».

وأكّد السيد نصر الله على أن ما تحقق خلال المعركة في جرود عرسال وفليطة هو «انتصار عسكري وميداني كبير جداً»، وهو «تحقق فعلياً في اليومين الأوّلين من المعركة بأقل كلفة، وأهدى هذا الانتصار إلى كل اللبنانيين مسلمين ومسيحيين، وإلى كل شعوب المنطقة التي تعاني من الارهاب، مثلما فعل في انتصار عام 2000 وانتصار العام 2006»، وقال: «نحن في معركة الإرهاب نقوم بواجبنا، ولا نتوقع شكراً من أحد، وإذا جلدنا ببعض السياط نحسبها عند الله».

ولفت إلى انه كان للجيش اللبناني دور في تشكيل السد المنيع والحماية لأهالي المنطقة في محيط عرسال وجرودها وعلى خط الأساس، كان أساسياً في صنع هذا الإنجاز، مؤكداً ان الحزب جاهز عندما تنتهي المعركة، لتسليم كل الأرض التي حررها من مسلحي جبهة «النصرة» إلى الجيش، آملاً من قياد الجيش أن تتحمل هذه المسؤولية، كي يتسنى لأهالي عرسال العودة الى أراضيهم واشغالهم، وعدم اقتراب أحد من مخيمات النازحين، وأن لا يتعرضوا لأي سوء تحت أي عنوان، مشيراً إلى ان مسلحي جبهة «النصرة» باتوا خارج جرود فليطة وانحسروا في جرود عرسال ولم يبقوا الا في مكان ضيق محاصرين من ثلاث جهات، الجيش والحزب وتنظيم «داعش».

وكشف ان العمل جار حالياً على خطين: ميدانياً، يستمر التقدم بشكل مدروس مع الاحتياط في استخدام بعض الأسلحة من أجل عدم حصول أي خطأ باتجاه النازحين والمدنيين، والثاني هو خط المفاوضات، وهي بدأت جدياً وتتولاها جهة رسمية لم يكشف عنها، لكنه قال ان هذه الجهة تتصل بنا مباشرة وتتصل بمن تبقى من مسؤولي «النصرة»، وفي نهاية المطاف هناك أمور يجب أن تقبلها الدولة اللبنانية وكذلك الدولة السورية، الا انه لم يعط تفاصيل، مكتفياً بأن هناك جدية في هذه المفاوضات وهناك نوع من التقدم وإن كان هناك شيء من البعد عن الواقع، مؤكداً ان الوقت ضيّق، و«النصرة» لا تستطيع أن تفرض الشروط، بعدما أضاعت الفرصة يوم الجمعة الماضي، يوم رفضت الاستسلام ووقف القتال مثلما فعلت «سرايا الشام» الذين سهلنا لهم الانسحاب إلى مخيمات النازحين والبقاء إلى جانب عائلاتهم.

وفي تقدير مصادر عسكرية ان معركة القاع ورأس بعلبك ستكون منوطة بالجيش اللبناني، الذي أرسل أمس تعزيزات من وحدات النخبة وفوج التدخل الأول الذي انتقل من الشمال، وتوقعت أن تكون في وقت قريب جداً، عبارة عن أيام قليلة.

صحيفة الجمهورية _لبنان*  الجمهورية

مفاوضات «الفرصة الأخيرة» في الجرود والجيش متأهِّب أمام «داعش»

الانتظار هو السِمة العامة للمشهد الداخلي؛ في الميدان الأمني ترَقُّب لنتائج العملية العسكرية المتسارعة ضدّ المجموعات الإرهابية التابعة لـ«جبهة النصرة» في جرود عرسال، ولوضعِ الجبهة المحتمل اشتعالها قريباً ضد إرهابيي «داعش» في جرود رأس بعلبك.

وأمّا السياسة فأعطتها جبهة عرسال إجازةً قسرية حتى إشعار آخر، لم تمنع من تأثّرِها بارتدادات محادثات رئيس الحكومة سعد الحريري مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الأوّل ومع وزير الخارجية الأميركي ريكس تيليرسون أمس، والكلام الأميركي العالي النبرة ضدّ «حزب الله»، والتلويح جدّياً بسلّة العقوبات على بعض الأطراف اللبنانية.

وفي الجانب الآخر للمشهد، ضجيج مفتعل حول مناقصة بواخر الكهرباء، يتأتّى من استمرار الضغوط من قبَل جهات سياسية نافذة على إدارة المناقصات لفتحِ العروض، وكذلك من محاولات التفافية على تقرير الإدارة الذي تَنشر «الجمهورية» اليوم خلاصةً عمّا تضمّنه (ص 10ـ 11)، وكذلك محاولة تجهيز شركة ثانية على عجَل لتمرير هذه المناقصة، بذريعة أنّ البواخر صارت حاجةً ملِحّة لا بدّ منها لإنقاذ الوضع الكهربائي المتردّي.

ميدانياً، أكّدت مصادر «حزب الله» لـ«الجمهورية» أنّ العمليات العسكرية في جرود عرسال صارت في المربّع الأخير، ما يعني أنّها اقتربت جداً من نهايتها، ولا سيّما أنّ عناصر الحزب تابعوا تقدّمهم وأحكموا السيطرة على كلّ التلال في تلك المنطقة وصولاً إلى مشارف نقطة الملاهي ووادي حميد الذي أصبح مطوّقاً بالكامل».

وأشارت المصادر إلى «أنّ عمليات قصف كثيفة لمواقع الإرهابيين، جرت على فترات متقطعة نهار أمس، وبدا التضعضُع واضحاً في صفوف تلك المجموعات التي باتت على وشكِ الانهيار التام، خصوصاً أن لا مخرج لها من المنطقة الأخيرة التي تلوذ فيها».

يأتي ذلك في وقتٍ استمرّ الجيش في إجراءاته الأمنية المشدّدة في تلك المنطقة، في ظلّ معلومات رسمية عن تعزيزات أرسَلها الجيش الى بلدتَي رأس بعلبك والقاع ومحيطهما، متوازيةً مع دوريات مؤللة وراجلة، وتثبيت نقاط عسكرية جديدة تحسّباً لأيّ محاولة تسَلل أو فرار للمسلحين باتّجاه البلدتين.

وأكّد مصدر مطّلع على مجريات العملية العسكرية لـ«الجمهورية» أنه تمّ رصدُ أمير «جبهة النصرة» في القلمون أبو مالك التلي عند معبر الزمراني الواقع عند مثلّث حدود مناطق سيطرة «داعش»، «حزب الله» والجيش السوري، حيث أفيدَ أنّه وصَل الى هذه المنطقة، ويرجّح ان يبقى عند هذا المثلث إلى حين انتهاء المفاوضات وتحديد وجهة مساره، فإمّا يغادر إلى إدلب عبر الحدود السورية، وإمّا يلتحق بمنطقة تواجُد «داعش»، على أن يبايع التنظيم علناً بحسبِ ما طلب أمير «داعش» في الجرود «أبو السوس»، أو يعود عبر الطريق المفتوح من المعبر باتّجاه وادي حميد- منطقة مدينة الملاهي إلى حين إتمام المفاوضات النهائية، أو في حال تقرّر السير في المعركة حتى النهاية، علماً أنّه تمّ الحصول على صوَر للتلّي بشكله الجديد عند المعبر المذكور.

السيد نصرالله

وفي هذه الأجواء، أطلّ الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله، مستعرضاً معركة الجرود ونتائجَها، وقال: «إنّنا أمام انتصار عسكري وميداني كبير جداً، تَحقّق خلال 48 ساعة» مشيراً إلى أنّ ما قام به الجيش اللبناني ضمن مسؤولياته كان أساسياً جدّاً في صناعة هذا الإنجاز، حيث استطاع الجيش أن يمنعَ تسَلّل المسلحين كما تمكّنَ من تأمين الحماية الكاملة لبلدة عرسال ولمخيّمات النازحين».

ولفتَ نصرالله الى أنّ «قرار بدءِ معركة تحرير جرود عرسال اتّخِذ في لبنان وليس في أيّ مكان آخر، وأنّ التوقيت ليس له علاقة بأيّ شيء خارجي».

وقال إنّ هدف المعركة هو إخراج المسلحين من المنطقة التي يسيطرون عليها في جرود عرسال، ودعا «مَن يُشكّك في عملية الجرود» إلى «أن يذهب الى المناطق التي سقط فيها شهداء، والتي كان يُحَضّر لاستهدافها بعمليات انتحارية جديدة ويسألهم لماذا يجب أن نخرج لتحقيق هدفنا»؟

وقال نصرالله: «إلى المسلمين والمسيحيين نهدي الانتصار، هذا الانتصار الكبير الذي سيُستكمل، بقيَت خطوات أخيرة والمسارُ مسار اكتمال، إمّا بالميدان إمّا بالتفاوض، وستعود كلّ هذه الارض الى أهلِها. وسيأمن الناس جميعاً مِن الهرمل الى بعلبك وبريتال والنبي شيت وزحلة، الى كلّ الارض اللبنانية، وستُطوى الصفحة العسكرية النهائية لجبهة النصرة في لبنان».

أضاف نصرالله: «أستطيع أن أقول، بدأت مفاوضات جدّية، وتتولّاها جهة رسمية لبنانية تتّصل بنا وبمسؤولي «النصرة» في عرسال وتقود مفاوضات ونقاشات. وقيادة «النصرة» في عرسال يجب ان تعرف أنّ الوضع الميداني لا يضعُها في موقع فرضِ الشروط، الفرصة متاحة الآن والوقت ضيّق».

وأشار نصرالله الى أنّ الحزب «لا يريد لعرسال وأهلِها إلّا الخير والأمن والسلامة والكرامة»، مؤكّداً «أنّنا لن نسمح لأحد بأن يقترب من مخيّمات النازحين، لكنّنا نخشى من دخول أحد على الخط واستهداف النازحين وتحويل الموضوع في وجهِ المقاومة والجيش»، لافتاً الانتباه الى أنّنا «عندما تنتهي المعركة نحن جاهزون إذا طلبَت قيادة الجيش أن تستلمَ كلَّ المواقع وكلّ الأرض».

وتجنّبَ الردّ على تصريحات ترامب وتصريحات الإدارة الأميركية في ما يتعلق بـ«حزب الله»، وذلك «تسهيلاً للوفد الحكومي ولعدمِ إحراجه»، كما قال.

رأس بعلبك والقاع

في هذا الوقت، تتّجه الأنظار إلى جرود رأس بعلبك والقاع إثرَ التعزيزات التي يقوم بها الجيش اللبناني في مراكزه هناك، حيث استقدَم دفعةً من فوج المجوقل وآليات ثقيلة.

وأكّد مصدر عسكري لـ«الجمهورية» أنّ «الجيش جاهز لمعركة تحرير جرود رأس بعلبك والقاع، وهو قد بدأ الحشدَ وأنهى وضعَ خططِه، أمّا تحديد موعد انطلاق الحرب فهو رهنٌ بالميدان».

ولفتَ المصدر إلى أنّ «كلّ الألوية القتالية تحضّرَت جيّداً للمواجهة، وأُعلِن الاستنفار العام والتعبئة الشاملة، إذ إضافةً إلى القوّات البرّية الخاصة، سيَدخل الطيران بقوّة في المعركة، وسيكون الغطاء الناريّ الجوّي إضافةً إلى غطاء المدفعية أساسياً في تحرير أراضي رأس بعلبك والقاع المحتلة».

وشدَّد المصدر على أنّ «الجيش يملك الضوءَ الأخضر للقيام بالعملية، ويضع استراتيجيةً خاصة تتناسب مع طبيعة رأس بعلبك والقاع، فهو ينتشر على تلال رأس بعلبك وعلى حدود القاع، والحسمُ العسكري سيكون سريعاً، ولن يدخلَ في حرب استنزاف». (التفاصيل ص 6)

مطر

وأكّد رئيس بلدية القاع بشير مطر لـ«الجمهورية» أنّ «أهالي القاع يعيشون حياةً طبيعية ويساندون الجيش في أيّ معركة، وفي كلّ الأحوال فإنّ الانتحاريين لا يخيفونهم ، إلّا أنّهم اتّخذوا الاحتياطات اللازمة». ورأى مطر في «ضخامة الحضور العسكري في القاع أكبرَ من مجرّد تسَلّل انتحاريين إلى البلدة، فالسبب الحقيقي هو التحضير لعملية عسكرية كبيرة».

رحمة

مِن جهته، أكّد راعي أبرشية دير الأحمر- بعلبك المارونية المطران حنّا رحمة لـ»الجمهورية» أنّ «كلّ البقاع ولبنان يقف خلف الجيش في معركة تحرير جرود رأس بعلبك والقاع من «داعش».

وشدَّد رحمة على أنّ «الجيش هو صاحب السيادة ويملك حقّ تحرير الأرض، وكلّ لبناني يسانده»، لافتاً في الوقت نفسه إلى «وجود بلدات هدَّدها الإرهاب في البقاع، فمِن الطبيعي أن تقف وتدافعَ عن نفسها وتقدّم شهداءَ وتقاتل هؤلاء الإرهابيين».

وأكّد أنّ «جميع اللبنانيين في صفّ واحد في مواجهة الإرهاب، وقد سبقَ لهم أن قدّموا تضحيات غالية سابقاً، ونعود بالذاكرة إلى عام 1975 عندما وقفَ المسيحيون في مواجهة «دواعش» ذاك الزمان، وأفشَلوا مخطّط جعلِ لبنان وطناً بديلاً، وأسقطوا شعار طريق القدس تمرّ بجونية، ودفَعوا عشرات آلاف الشهداء لكي يبقى الكيان اللبناني».

وشدّد على أنّ «كلّ شهيد يَسقط، من أيّ دينٍ وإلى أيّ منطقة انتمى، دفاعاً عن أرضه، هو شهيد كلّ لبنان، لذلك يجب أن نكون متّحِدين ونُصلّي لكي يُنجز الجيش مهمّته ويحرّر ما تبَقّى من أراضٍ محتلّة».

الحريري وتيلرسون

من جهة ثانية، التقى الحريري الموجود في واشنطن وزير الخارجية الاميركية ريكس تيلرسون، وعَقد معه محادثات وصَفتها أوساطه بالإيجابية. وبعد الاجتماع قال تليرسون: ناقشنا الوضعَ في سوريا ومسائلَ تتعلق بالأمن في المنطقة، وأنا أعرف أنّه كان للرئيس الحريري لقاءٌ ودّي جدّاً مع الرئيس ترامب وسنستمرّ في متابعة القضايا التي أثيرَت للبناء عليها.

مصادر الوفد اللبناني قلّلت من أهمّية مفاعيل كلام ترامب في الداخل اللبناني، خصوصاً أنّ الرئيس الحريري أبلغ الرئيس الأميركي أنّ هناك اتفاقاً سياسياً داخل الحكومة اللبنانية بألّا ينعكس أيّ ملف خِلافي على الاستقرار في لبنان، وهو الأمر نفسُه الذي أبلغَه الحريري إلى المسؤولين الأميركيين الآخرين الذين التقاهم، ووجَد تفهّماً من الرئيس الأميركي ومن المسؤولين المذكورين.

وكشفَت المصادر أنّ الوفد اللبناني كان على عِلم بفحوى المواقف التي سيُطلقها ترامب، واعتبَرها مواقفَ خاصّة به، لا علاقة للجانب اللبناني بها، خصوصاً وأنّ هدف الزيارة، يتركّز بشكل أساسي على المساعدات الاقتصادية، وملفّ النازحين ودعم تسليح الجيش والقوى الأمنية.

في جانب آخر، عُلِم من أوساط ديبلوماسية لبنانية أنّ رئيس الجمهورية، يدرس احتمالَ ترؤسِه شخصياً للوفد اللبناني إلى نيويورك في أيلول، بعدما كان مقرّراً أن يترأسَه الحريري، مشيرةً إلى أنّ رئيس الحكومة تبلّغَ بذلك خلال وجوده في واشنطن.

صحيفة البناء*  البناء

قادة المعارضة السورية يمهّدون للتأقلم مع بقاء الرئيس السوري بحديث الصلاحيات

السيد نصرالله يعلن النصر في الجرود فاتحاً باب التفاوض… جاهزون لتسليم الجيش

لن نردّ على ترامب بوجود وفد حكومي في واشنطن… وتقدير للاحتضان الشعبي

كتب المحرّر السياسي

في خطاب شبّهه المراقبون بخطاب التحرير في بنت جبيل كشف الأمين العام لحزب الله السيد نصرالله كيف أثبتت المقاومة أنّ خرافة الإرهاب أوهن من بيت العنكبوت، مضيئاً على حجم الإبهار في الانتصار العسكري للمقاومين، وفيما تضمّن خطابه مجموعة من الرسائل السياسية المشابهة لتلك التي أطلقها في خطاب بنت جبيل الشهير عام 2000، استعار من خطاباته في حرب تمّوز 2006 لفتة عاطفية وجدانية نحو المقاومين وأسرهم كادت ترافقها دمعته وفضحتها حشرجة صوته بوداع خاشع لشهداء كانوا حتى الأمس حوله.

توقف نصرالله أمام الشراكة مع الجيش السوري مشيراً لامتزاج دماء الشهداء والقتال كتف إلى كتف، بينما كان الجيش السوري يقترب من بوابات مدينة دير الزور التي قال الأميركيون إنها ستشهد المعركة الفاصلة مع تنظيم داعش، معترفين بالدور المحوري فيها للجيش السوري، بينما كان رموز الائتلاف المعارض يبدأون الاستدارة للتأقلم مع المتغيّرات، وفي مقدّمتها أنّ الرئيس السوري صار من ثوابت المعادلات المقبلة في المنطقة، وأنه رمز سورية ونصرها على الإرهاب بعيون السوريين والعالم، وهذا ما ستقوله أيّ انتخابات حرة لن يستطيع المعارضون التهرّب من كأسها المرة. وقد جاء التمهيد على لسان الرئيس السابق لمجلس اسطنبول عبد الباسط سيدا أحد رموز الائتلاف بالحديث عن الحاجة لحلّ مبدع توافقي يقوم على التسليم بالتعايش مع بقاء الرئيس السوري والدخول بمناقشة الصلاحيات.

في الرسائل السياسية لخطاب نصرالله كان الأبرز نقطتين، الأولى مراعاته لما يقوم به الوفد الحكومي في واشنطن سواء مع مساعٍ لبنانية لتخفيض سقوف العقوبات على لبنان التي تتخذ من عنوان العقوبات على حزب الله ذريعة أو مع كلام خلافي هادئ قاله من واشنطن رئيس الحكومة سعد الحريري عن أنه كان يتمنّى لو أن الجيش اللبناني هو مَن قام بمهمة طرد الإرهابيين من جرود عرسال، لكنه يتصرّف بخلفية الحرص على التوافق الوطني والحفاظ على الاستقرار الداخلي تحت سقف الخلاف، بصورة أوضحت عدم تبنّيه الخطاب الأميركي وخطاب كتلته النيابية اللذين تكرّسا للتهجّم على حزب الله والتطاول على حربه في جرود عرسال ووصفها بالحرب الإيرانية بأيدٍ لبنانية، وقد كان لافتاً أن يتعمّد نصرالله الإشارة إلى أنه سيؤجّل ردّه على الرئيس الأميركي وتهجّمه على حزب الله وتهديده إلى ما بعد نهاية الزيارة الحكومية لواشنطن.

الرسالة الثانية كانت الحرص على تأكيد ما هو أبعد من الحرص على العلاقة مع الجيش اللبناني وتقدير تضحياته وشراكته في المواجهة مع الإرهاب، وصولاً للردّ المباشر على كلّ تشكيك في خلفية حزب الله في خوض معركة الجرود، عبر الإعلان مسبقاً عن نية الحزب تسليم كلّ الأراضي التي حرّرتها المقاومة من سيطرة الإرهاب للجيش اللبناني عندما يكون جاهزاً لطلب ذلك كي تعود الأرزاق لأهلها وأصحابها.

تجاهل نصرالله الذين تطاولوا على المقاومة وقادوا وخاضوا حملات التشكيك، والتفت صوب الاحتضان الشعبي والتغيّر في المناخين السياسي والإعلامي إيجاباً لصالح حالة شبه إجماع على دعم ما يقوم به المقاومون لحساب بلدهم وحمايته ويبذلون التضحيات لأجله.

السيد نصرالله : انتصار كبير خلال 48 ساعة

مرة جديدة، أثبت خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بأننا أمام قيادة تاريخية غير مسبوقة في زماننا المعاصر، بهدوئها وتواضعها أمام نشوة النصر وعدم إغراقها في انفعالات وسجالات وردود أفعال جانبية مع بعض الجهات في الداخل أو في الخارج. كما أثبتت أنها تقود جمعاً كبيراً من المقاومين المميّزين في امتلاك المناقبية العسكرية والأخلاقية والإنسانية ويتمتعون بالكفاءة القتالية العالية المستوى، لجهة التعامل مع الوقائع والظروف الحاكمة للمعركة ومقتضياتها وخبرتهم في تجاوز العقد والعقبات. وقد ظهر ذلك جلياً بتحطيمهم المصاعب ووصولهم الى قمم الجبال والتلال وهزيمة العدو بوقت قياسي.

وأعلن السيد نصرالله تحقيق الانتصار على تنظيم جبهة النصرة في جرود عرسال وفليطة منذ الـ48 ساعة الأولى، كاشفاً أنه طلب شخصياً من القيادة الميدانية للمقاومة استكمال التقدم على الأرض ببطء، ومنح ما تبقى من المسلحين الذين باتوا محاصرين في منطقة ضيقة جداً في الجرود، الفرصة الأخيرة للتفاوض وإنهاء القتال، مشيراً الى أن الفرصة مازالت متاحة، لكن الوقت ضيق.

وقال السيد نصرالله: ما تحقق خلال المعركة في جرود عرسال وفليطة هو «انتصار عسكري وميداني كبير جداً، وهو تحقق فعلياً في اليومين الأولين من المعركة بأقل كلفة»، وأضاف: «نحن أمام انتصار كبير ومنجز وسوف يكتمل إما بالميدان وإما بالتفاوض، وستعود كل هذه الأرض إلى أهلها»، مؤكداً أننا «ماضون نحو تحقيق الهدف وإنجاز المهمة. وهناك طريقان الميدان أو المفاوضات للتسوية. ونحن نحاول المراعاة بينهما للوصول إلى النتيجة المطلوبة».

وأعطى سيد المقاومة نموذجاً متقدماً في شرح جوهر ما يقوم به مقاومو حزب الله لمواجهة التكفيريين على امتداد الجغرافيا المتصلة في لبنان وسورية والعراق وأثبت أنه يمتلك سرّ الأهلية الذي يعطيه شرف أن يكون المنتصر الأول على المشروع التكفيري العابر.

فرصة أخرى وأخيرة للمسلحين

وبكثيرٍ من الاستشراف والدقة المتناهية في الحسابات، أعاد سيد المقاومة فتح كوة لإنهاء المعركة استسلاماً أم من خلال تسوية يجري العمل على إنجازها وإنجاحها بعد أن ضاقت الخيارات أمام مسلّحي الجبهة الى عنق الزجاجة. ويكون بذلك قد وفّر محاولة أخرى لإمكانية اجتثاث الإرهاب إما بالنار وإما بالتفاوض، مع ترسيم دقيق لكل مَن شارك داخل الحزب وعلى مستوى الجيش اللبناني لتحقيق الإنجاز. وفي إنصاف نادر في الحروب، وضع السيد نصرالله تنظيم سرايا أهل الشام في المكان الذي يجب أن يكون فيه وهذا يُبنى عليه لاحقاً في سياق مصالحات سورية داخلية وعلى صعيد عودة النازحين إلى سورية.

وتوجّه السيد نصرالله الى قيادة النصرة في إدلب وفي الجرود، قائلاً: «على قادة جبهة النصرة أن يعرفوا أن الوضع في الميدان لنا، وهناك تقدّم، ولكن هناك بُعد عن الواقع، والفرصة متاحة، لكن الوقت ضيق»، وأكد أن «خط العمليات مستمر في الليل والنهار وأمره إلى الميدان».

عرسال والمخيّمات في مأمن

وخصّ قائد المقاومين عرسال وأهلها ومخيمات النزوح السوري في المدينة ومحيطها بموقف مترفّع يعبّر عن أخلاقية وإنسانية كبيرة في إدارة الحروب ويشرح حقيقة الوضع داخلها، فأخرس كل الأبواق التي حاولت النيل من سمعة المقاومة وصورتها، إذ لفت الى أنه «رغم ضراوة المعركة من القصف وغيره بقيت بلدة عرسال في مأمن بفضل الجيش اللبناني، وكان هناك حرص على عدم ارتكاب أي خطأ». وأضاف «نحن لا نسمح لأحد بالاقتراب من مخيمات النازحين أو التعرّض لهم بأي سوء»، وتابع «نحن حريصون على عرسال وأهلها وحمايتهم».

جاهزون لتسليم المواقع للجيش

ووضع الجيش في إطار دقة دوره في السابق والحاضر والمستقبل، وكشف جهة التفاوض مع النصرة بأنها جهة رسمية لبنانية. ومرة أخرى أهدى قائد الانتصارات، النصر الى اللبنانيين كافة. وأعلن جهوزية المقاومة لتسليم الأرض والمواقع المحررة في جرود عرسال للجيش اللبناني حين تطلب قيادته ذلك، وأمل أن تتحمل القيادة هذه المسؤولية».

ولم يكشف السيد نصرالله أوراقه وتوجهات المقاومة في المرحلة المقبلة من المعركة والتي ستكون مع تنظيم «داعش»، بل أرجأ الحديث فيه إلى حينه، كي لا يلتقط التنظيم أي إشارة ميدانية أو تفاوضية يستفيد منها، بل تركه في حيرة من أمره وأمام الخيارات كافة كجزءٍ من الحرب النفسية التي يتبعها حزب الله قبل الحرب العسكرية.

وبحنكةٍ ودراية وذكاء، تجاهل السيد نصرالله مواقف بعض القوى السياسية من المعركة وتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتهجمة على حزب الله وغياب ردّ الوفد اللبناني عليه، لعدم إحراج الوفد من جهة وكي لا يعكّر صفو فرحة النصر وتجنب تشويه شبه الإجماع الرسمي المؤيد للمعركة والتضامن والالتفاف الشعبي الواسع حول المقاومة والجيش، ومن جهة ثانية قال: «نحن لسنا في معركة «فش خلق» بل في معركة مسؤولية تحصل فيها تضحيات ويُصنع مصير بلد».

ومن موقع القائد المنتصر ومن منطق الوفاء والتقدير لتضحيات شهداء المقاومة والمقاومين وعائلاتهم التي أسست للانتصارات كلها التي تحققت وتتحقق اليوم، خصّ هؤلاء بتحية خاصة في ختام الخطاب.

وفور انتهاء كلمة السيد نصرالله، عمّت الاحتفالات في مختلف المدن والبلدات اللبنانية احتفاءً واحتفالاً بالنصر الذي تحقق، رافعة أعلام حزب الله وصور السيد نصرالله وسط ارتياح شعبي عارم في المناطق المحاذية للجرود المحرّرة.

وقائع اليوم الخامس

وفي تطوّرات الميدان، واصلت المقاومة التقدّم في الجرود وإطباق الحصار على المسلحين المحاصرين في مساحة جغرافية ضيّقة في وادي حميد، كما كثفت المدفعية قصف مواقع وتحرّكات مسلحي النصرة في الجرود، وأفاد الإعلام الحربي أن «وحدات الحزب استهدفت بالقصف المدفعي نقاط انتشار إرهابيي «جبهة النصرة» عند خط تماس التلال التي سيطروا عليها أمس بجرد عرسال»، نافياً الأخبارِ التي تتحدث عن استهداف حزب الله المدنيين في منطقة وادي حميد بجرد عرسال.

وعثر المقاومون على مغارة تحوي عدداً من المواد لصناعة المتفجرات والادوية والمواد الغذائية اثناء تمشيط المناطق التي تقدموا فيها مؤخراً بجرد عرسال.

وفي موازاة ذلك، شنّ الطيران الحربي السوري غارات متتالية على مواقع الإرهابيين في جرود عرسال، كما استهدفت مدفعية الجيش اللبناني مواقع للمسلحين في جرود السلسلة الشرقية، بعد رصد تحركات مشبوهة.

وفي مؤشر الى اقتراب ساعة الحسم العسكري مع تنظيم داعش، بدأ الجيش استعداداته لطرد التنظيم من جرود القاع ورأس بعلبك على امتداد الجرود وعزز ألويته ووحداته هناك بقوات المجوقل بانتظار إشارة انطلاق المعركة.

عمليات انتقامية ضد الجيش؟

ووسط التوسّع الميداني للمقاومة، أشارت مصادر أمنية رفيعة الى «مجموعة من الأشخاص الذين يشكلون خلايا نائمة داخل بلدة عرسال اللبنانية وخارجها، تتحضّر لضرب الجيش انتقاماً للعملية الحاصلة في الجرود والتي أدّت لهزيمة كبيرة للمسلحين». وتكشف مصادر خاصة لـ«البناء»، أن المدعو «خ.ح.» من بلدة عرسال، وهو أحد عناصر «جبهة فتح الشام» أي «النصرة» تربطه علاقة بـ«أبو مالك التلي»، يسعى لتنفيذ عمل عدائي ضد الجيش داخل عرسال بالتعاون مع السوري «أ.ز.» الموجود داخل عرسال أيضاً». ويضيف المصدر أن «خ.ح.» والملقب أبو القعقاع يتجوّل داخل البلدة مرتدياً حزاماً ناسفاً خوفاً من رصده وملاحقته من الأجهزة الأمنية. كما ويؤكد المصدر نفسه أن مخطط أبو القعقاع يقضي بنصب كمائن لدوريات الجيش في المنطقة، بعد تكثيفه ومَن معه عمليات الرصد لمواقع الجيش وتحركاته، ولم يتبقّ سوى أخذ الموافقة للتنفيذ».

وكان لافتاً ما كشفته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية نقلاً عن مسؤولين، تحذيرهم من فورة الخلايا النائمة ردًا على ما حصل في عرسال، معربين عن قلقهم من نيات إسرائيل العدوانية التي تتهم الحكومة اللبنانية بأنّها تغّض النظر عن الحزب.

مناورة «التلي» ومراوغته

على مسار المفاوضات، أشارت مصادر «البناء»، الى أن «زعيم النصرة في القلمون أبو مالك التلي طلب «تنظيم قافلة تخصه وجماعته من مسلحين ومدنيين، يتولى حزب الله ضمان أمنها حتى حدود مناطق المسلحين في محافظة إدلب». وبحسب المصادر، فإن التلي «لا يوحي أنه مفاوض جيد»، ولا حتى أنه «يقدّر بدقة ما آلت إليه الأمور وإلى متى ستنتهي». ونقل متابعون أن المفاوضات مع جبهة النصرة تدور حول «تحرير 3 أسرى للمقاومة مقابل انسحاب أبو مالك التلي الى ادلب». وسط المراوغة والقبول «استهدفت جبهة النصرة سيارتين لسرايا أهل الشام في وادي حميد وسقط مَن بداخلها قتيلاً وجرحى».

مصادر رفيعة كشفت لـ«البناء»، أن أمير «النصرة، لا يزال موجوداً في جرود عرسال ومعه نحو 25 عنصراً من عناصره، لكنهم متوارون عن الأنظار ومتخفّين من دون اتصالات مع ما تبقى من النصرة». ويلفت المصدر أن النصرة تجزأت إلى مجموعات صغيرة بقيادة أشخاص يملكون زمام المبادرة على أفراد، حيث برز حالياً الإرهابي كرم أمون، وهو كان تابعاً لفصيل من فصائل «النصرة».

ونقلت مصادر متابعة «أن ما يحول حسم العمل العسكري ضد ما تبقى من النصرة هو «رفع وتيرة التفاوض بين حزب الله والنصرة على إطلاق سراح أسرى للحزب والعسكريين مقابل خروج التلي ومن يريد إلى إدلب». والعقدة العالقة في عملية التفاوض عند التلي «الذي يتخوّف من قتله هناك من قبل جماعته أو من قبل داعش».

الصمت المريب للوفد الحكومي!

وفي سياق آخر، أبدت مصادر سياسية استغرابها للصمت المريب للوفد اللبناني الذي يزور واشنطن، إزاء التصريحات المستفزة للرئيس الاميركي حيال حزب الله غداة لقائه رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي كان الأجدر به توضيح موقف الحكومة اللبنانية انطلاقاً من اتفاق الطائف وخطاب القَسَم والبيانات الوزارية للحكومة الحالية والحكومات المتعاقبة التي تقرّ جميعها بالمقاومة ودورها في التحرير والدفاع عن لبنان، كما وتعتبر حزب الله جزءاً أساسياً في التركيبة الحكومية والنيابية وأنه يقوم بدوره الوطني في مواجهة العدوين «الإسرائيلي» والإرهابي بالتعاون مع الجيش اللبناني، لا سيما في مواجهة الإرهاب الذي يشكل خطراً على العالم برمّته وليس على لبنان فقط، كما على رئيس حكومة لبنان أن «يوضح لترامب وللمسؤولين في ادارته أن سلاح الحزب مسألة لبنانية تعالج بالحوار اللبناني ضمن استراتيجية دفاعية وليست مسألة أميركية». كما استهجنت المصادر تصريح الحريري من واشنطن، أمس الذي أشار الى «أنه كان يفضل أن يقوم الجيش اللبناني بمعركة جرود عرسال». حيث قال: «لا أوافق على سياسية حزب الله، لكننا قررنا جميعنا أن نحافظ على استقرارنا الداخلي. مهمتي كرئيس حكومة المحافظة على استقرار لبنان».

وتساءلت المصادر: «مَن الذي منع الحريري من توفير الغطاء السياسي والحكومي للجيش للقيام بمعركة تحرير الجرود بدلاً من حزب الله؟».

وإذ لم يعلق وزير الخارجية جبران باسيل على كلام ترامب، غرّد في وقت لاحق قائلاً: «تذكّروا كم طالبنا في الحكومة السابقة أن يقوم الجيش بتحرير الجرود الشرقية… أتى العهد واستلمت القيادة وحان الأوان الذي لا تبقى فيه ارض محتلة».

عون: نتائج إيجابية للعملية

وشدد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على «دور الجيش والقوى الامنية اللبنانية في محاربة الإرهاب على الحدود ومطاردة الخلايا النائمة»، لافتاً الى ان «العمليات الاستباقية حققت نتائج ايجابية في عملية حفظ الاستقرار والامن في البلاد».

وأشار الى أن «لبنان يوفر كل الدعم المناسب للنازحين السوريين ويميز بوضوح بين الإرهابيين والمسلحين الذين تلاحقهم الاجهزة الامنية المعنية، والمدنيين الموجودين في مختلف المناطق اللبنانية والذين يلقون رعاية المؤسسات الرسمية والاهلية والدولية». ولفت الرئيس عون الى أن «القوى المسلحة لا يمكن أن تتساهل مع المسلحين الذين يعتدون على القوى الأمنية وينفذون عمليات انتحارية بالمدنيين والعسكريين ويوقعون في صفوفهم شهداء وجرحى ومعوقين».

بري: تحرير الأرض عمل دستوري مقدس

ونقل النواب عن رئيس مجلس النواب نبيه بري قوله في لقاء الأربعاء أمس: «في مقدمة الدستور، وهي أهم شيء فيه، ورد أن لبنان وطن نهائي، وهو لا يكون وطنا نهائياً ما دام هناك جزء أو شبر منه محتلاً، أكان شرقاً ام جنوباً ام شمالاً، أم، أم… من هنا فإن تحرير الارض عمل دستوري ومقدّس ولا خلاف على هذا الموضوع».

وأضاف: «إن الجماعات الإرهابية تحتل جزءاً من أرضنا في الجرود الشرقية، وواجبنا تحرير هذه الارض. ومما لا شك فيه ايضاً ان عرسال هذه البلدة العزيزة تستأهل هذا العمل».

وأكد بري «أهمية وحدة الموقف اللبناني في مواجهة التحديات والأخطار المحدقة بلبنان»، مشدداً على «ضرورة التصدّي للإرهاب أكان في الجرود أم في الداخل».

المصدر: صحف

البث المباشر