حسين يوسف – إعلامي بحريني
لا سيادة ولا استقلال في الديكتاتورية البحرينية. خلاصة سياسية لجملة من الوقائع التي تؤكد مصادرة القرار الرسمي البحريني فيما يتصل ليس بتوجهها السياسي فحسب، وإنما بمجالها الحيوي الصغير على خارطة صراعات وأزمات المنطقة.
ففي مساحة لا تتعدى 765 كلم مربع، تتوزع ثلاث قواعد عسكرية استراتيجية بشكل ثابت لكل من الولايات المتحدة الأميركية وتضم قيادة الأسطول الأميركي الخامس، والقاعدة الأكبر للوجود البريطاني في الشرق الأوسط، وقاعدة ثابتة للسعودية تحت مسمى درع الجزيرة.
وقد كشفت معلومات حملها مصدر مطلع في المؤسسة العسكرية المصرية التي تعمدت تسريبها إلى جريدة الأهرام الرسمية، عن نية خليجية لتكوين قاعدة رابعة في البحرين، يحكمها الوجود المصري هذه المرة تحت مسمى “القاعدة العربية” في جزر حوار على بعد كيلومترات قليلة من السواحل القطرية. تسريبات موجهة في ظل تصاعد الأزمة السياسية الخليجية-الخليجية والقطيعة الرباعية تجاه قطر، تحمل في ثناياها مدخلاً لفهم الدور المأزوم الذي اختارت التبعية البحرينية الإنصياع له.
وتؤكد البيانات الرسمية البحرينية، أن هذا الوجود العسكري المتعدد الجنسيات يشكل عبئاً حيوياً واقتصادياً وثقافياً، إذ يتبرع نظام الجزيرة التي تعد من الأعلى دولياً في كثافتها السكانية بسواحل ومساحات شاسعة، وتسهيلات خاصة لجنود هذه القواعد، يحمل أكلافها على عاتق اقتصاد دولته الضعيف، ويحمله على شكل فواتير يطرق بها أبواب مختلف دول الخليج، بما فيها قطر نفسها، التي زارها على التوالي كل من رئيس وزراء البحرين، وولي عهدها، طالبين مساعدات بقيمة مليار دولار لتسهيل تمرير الموازنة التي تأخر إعلانها سبعة أشهر، قبل أن يباغت الإعلان السعودي والإماراتي الجميع بإعلان القطيعة مع الدوحة.
غير أن العبء الاقتصادي والثقافي ليس ببعيد عن العبء السياسي لسياسة التبعية البحرينية، إذ أعقب الانصياع لدخول قوات السعودية بمسمى درع الجزيرة، إلغاء مبادرة عمل عليها ولي عهد البحرين لحلحلة الأزمة السياسية في العام 2011 أعلن من خلالها بشكل رسمي عن سبعة بنود للإلتقاء مع المطالب السياسية للأغلبية السياسية المعارضة. دخول القوات السعودية بشكل مباشر في 14 مارس/آذار 2011 نقل القرار السياسي من المنامة إلى الرياض، التي تعد القبلة السياسية الأولى لرجال النظام في البحرين. ليترافق ذلك مع فشل سياسي في حل الأزمة المستمرة، والتي أدت لسجن 11 ألفاً من مواطني الجزيرة الصغيرة خلال السبعة أعوام الماضية.
“القاعدة العربية” المزعومة على الأراضي البحرينية، التي تعمدت القاهرة الإعلان عن تسريباتها، ليست الوجود العسكري الوحيد الذي يفاجئ إعلانه الساسة في المنامة فيثير صمتهم. فقد أكدت وسائل إعلام سودانية عزل الرئيس السوداني لمدير مكتبه “عثمان طه” قبل منتصف الشهر الماضي وذلك اثر معلومات كشفت سعيه لعقد اتفاقات خاصة مع الجانب السعودي والإماراتي. منها نقل قوات سودانية مشاركة في حرب التحالف السعودي في اليمن، إلى الحدود البحرينية القطرية للمساهمة في أي جهد عسكري محتمل ضد قطر. أعقب ذلك امتناع السودان عن تصدير أي موقف واضح من الأزمة الخليجية.
يزيد ضعف ملك حمد بن عيسى آل خليفة وطاقمه الحاكم من تبعية المنامة للقرار السعو-إماراتي. بحيث لم يعد قرار الوجود العسكري على الأراضي البحرينية يحتاج إلى إذن رسمي من المملكة التي تدعي وجود مؤسسة تشريعية ذات أهلية وحكومة ذات سيادة. تؤكد مصادر مطلعة في المعارضة البحرينية أن التبعية السياسية البحرينية لا توفر الملائة اللازمة في مواجهة الأزمة السياسية. ورغم إفساح المجال للبطش بالأغلبية السياسية والتغاضي الدولي عن انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان، تؤكد مصادر المعارضة أن الملك وطاقمه يستعيضون بالوجود العسكري عن غياب الشرعية الشعبية وتفادي الإصلاحات الدستورية وتحقيق المبدأ الدستوري بالسيادة للشعب مصدرأ للسلطات.
المصدر: موقع المنار