عشرة ايام مرت على اعلان السعودية ودول اخرى القطيعة مع قطر دبلوماسياً وتجارياً وبشرياً، وكانت الاجراءات السريعة حينها بشكل يوحي بأمل لدى الرياض برضوخ قطري سريع، وهو ما لم يحصل ويبدو انه لن يحصل قريبا.. الشروط التي قدمتها السعودية لقطر لتنفذها لانهاء الازمة لم تتلقفها قطر ايجابا حتى الساعة، واستمرت على مواقفها، والوساطة الكويتية لم تفعل فعلها ودخلت في مراوحة، فيما تحرك التركي على خط الوساطة ايضا.
على الصعيد الاقتصادي فإن الخسائر الاقتصادية التي تتكبدها قطر جراء القطيعة بدأت تؤدي ايضا الى خسائر لدى الدول المقاطعة نفسها وشركاتها. وربما يشكل عدم الرضوخ السريع لقطر وبحثها عن بدائل تجارية وخسائر الدول المقاطعة والموقف التركي لناحية عرض المساعدة العسكرية، وتحول الازمة تدريجيا الى موضوع دولي، عامل ضغط لانهاء هذه الازمة.
في تقرير نشرته وكالة “بلومبيرغ” المتخصصة في الاقتصاد، فالحصار المفروض على قطر يحاصر الدول الخليجية المقاطعة من البحرين والسعودية إلى الإمارات. ويقول ان استثمارات هذه البلدان تواجه مشكلة في السوق القطرية، انطلاقاً من تعليمات دولها الآخذة في المقاطعة، بالرغم من عدم قيام قطر بأي إجراءات انتقامية في هذا المجال.
وقد توجهت قطر نحو أسواق بديلة، وبدأت الشركات العمانية تصدر المنتجات نحو الدوحة، مع افتتاح خطين ملاحيين تجاريين، في حين قال مسؤولون إيرانيون إن طهران أرسلت أربع طائرات شحن محملة بالأغذية إلى قطر وتخطط لتزويدها بمائة طن من الفواكه والخضر يومياً. كما تدفقت المنتجات من تركيا والكويت واليونان وأذربيجان والهند وغيرها إلى السوق القطرية، مع تأمين مخزونات تفيض عن حاجة السوق القطرية للسلع والبضائع.
مفاعيل الازمة يبدو انها ستستمر خليجيا ويعول في هذا الاطار على الوساطات لتقريب وجهات النظر ولكن دون ان يكون هناك افق متوقع للازمة التي قد تطول، في وقت تتحول القضية الى الاهتمام الدولي والاممي. وفي اطار التوقعات حول تداعيات الازمة قلل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، من خطر اندلاع حرب في منطقة الشرق الأوسط على خلفية التوترات الخليجية التي وصلت إلى حد قطع العلاقات مع قطر.
في وقت اعلن المتحدث باسم الامم المتحدة ستيفان دو جاريك الاربعاء ان الامين العام للمنظمة انطونيو غوتيريش يدعم الوساطة التي تقوم بها الكويت لحل الازمة بين قطر وعدد من جيرانها.
وفي إطار مساعي حل الأزمة ، تحركت تركيا نحو الدول الخليجية ، ويتوجه وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو الخميس إلى الكويت حيث يلتقي بالأمير صباح الأحمد الصباح قبل أن يلتقي الجمعة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز في الرياض. وكان أوغلو قد التقى الأربعاء بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وأكد أنه يجب أن يتم تجاوز الأزمة الحالية عبر الحوار والسلام.
اما اوروبيا فقد أعلن قصر الإليزيه مساء الأربعاء أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيلتقي في باريس في حزيران/يونيو الجاري مسؤولا إماراتيا للتباحث في الأزمة الخليجية الراهنة.
لكن اللافت انه بينما تستمر الازمة بأبعادها السياسية والاقتصادية دون ان تصل الى مستوى عسكري، وبعد ايام قليلة على مهاجمة الرئيس الاميركي ترامب لقطر وحديثه عن دعمها الارهاب، برز الى العلن توقيع قطر واميركا صفقة بيع طائرات اف 15 بقيمة 12 مليار دولار اضافة الى اعلان القيام بتدريبات عسكرية مشتركة قطرية اميركية قريبة، وهو ما يثير الاستغراب لناحية التناقض بين الموقف الاميركي الاخير وبين هذا التعاون العسكري مع قطر، واذا لم يكن ذلك مؤشرا الى بدء مرونة اميركية تنهي الازمة، فإن هذا التصرف لا يبدو مستغربا اذا اخذناه من ناحية الحرص الاميركي في الادارة الجديدة على صفقات الاسلحة والمصالح والحصول على الاموال.
المصدر: موقع المنار