تشير موازنة قطر إلى أن الدوحة بإمكانها الدفاع عن عملتها لسنوات في مواجهة عقوبات اقتصادية فرضتها عليها دول خليجية أخرى، ومن ثم فإن من المستبعد أن يقع ربط الريال بالدولار ضحية للأزمة الدبلوماسية بالمنطقة.
وينذر القرار الذي اتخذته السعودية والإمارات والبحرين ومصر بقطع العلاقات الدبلوماسية وسبل النقل مع الدوحة هذا الأسبوع ،بأثر سلبي على الميزان التجاري لقطر، وسحب ودائع من بنوكها، ودفع الاستثمار الأجنبي إلى الخروج من البلاد.
وفي انعكاس لهذا التهديد، هبط الريال أمس الجمعة في سوق التعاملات الآجلة في الخارج إلى أدني مستوياته مقابل الدولار منذ ديسمبر/كانون الأول 2015، حين أثار انخفاض أسعار النفط والغاز مخاوف بشأن جميع الاقتصادات الخليجية. لكن أكبر بلد مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم يتمتع بثراء شديد، يمكنه من تبديد أثر تهديد نزوح رأس المال عبر تسييل جزء فقط من احتياطياته المالية.
وطالما أن الدوحة تستطيع الاستمرار في تصدير الغاز، فمن المستبعد أن ينخفض ميزان معاملاتها الجارية كثيرا في المنطقة السالبة. ويعني ذلك أن من المرجح أن يكون المستوى المربوط عنده الريال مقابل الدولار في السوق الفورية، والبالغ 3.64 ريال للدولار، آمنا في المستقبل المنظور. وسيكون أي قرار بتغيير الربط بالضرورة سياسيا وليس اقتصاديا. وتنطوي الأسعار الآجلة عند مستوياتها المتدنية التي سجلتها أمس على خفض لقيمة الريال بأقل من اثنين في المئة خلال 12 شهرا مقبلة. ويمتنع الكثير من خبراء الاقتصاد لدى مؤسسات مالية في الخليج عن مناقشة الموقف في قطر علنا بسبب التوترات السياسية، لكنهم يقولون على نحو غير علني أنهم يتوقعون أن تدافع قطر عن عملتها بنجاح.
وكتب كريس تيرنر، رئيس الاستراتيجيةالعالمية لدي «آي.إن.جي» الأوروبية «نحن لا نتطلع إلى إلغاء ربط العملة القطرية»، لكنه وصف الضغط على الريال بأنه غير مسبوق، وقال إن تجارب دول أخرى في السنوات الخمس وعشرين الماضية تشير إلى أنه إذا تم إلغاء ربط العملة فإن الريال قد يهبط بما لا يقل عن 20 في المئة. بعد أن خفضت تصنيفها الإئتماني لقطر إلى «إيهإيه ناقص» هذا الأسبوع، قدرت وكالة «ستاندرد آند بورز» الأصول الخارجية السائلة للحكومة عند 170 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، أو نحو 295 مليار دولار، استنادا إلى تقدير صندوق النقد الدولي للناتج المحلي الإجمالي القطري.
وقد يأخذ نزوح رأس المال صورا عدة، إذ بدأ المستثمرون الأجانب بالفعل في بيع أسهم قطرية. وقد يعني الخروج الكامل للمستثمرين الأجانب نزوح تدفقات تصل إلى نحو عشرة في المئة من سوق الأسهم، أو ما يعادل نحو 15 مليار دولار.
وبلغت قيمة الالتزامات الأجنبية على البنوك القطرية 451 مليار ريال (124 مليار دولار) في مارس/آذار، ومعظمها على هيئة قروض وودائع من بنوك أجنبية. وأقل من نصف تلك القيمة من بنوك في دول خليجية أخرى.
وبدأت بعض بنوك السعودية والإمارات والبحرين بالفعل خفض انكشافها على قطر، وقد يخفضون هذا الانكشاف أكثر إذا استمرت الأزمة الدبلوماسية وتلقوا أوامر بهذا من حكوماتهم. وقد تسعى الرياض أيضا إلى إجبار البنوك الأجنبية على الاختيار ما بين السوق السعودية والقطرية.
وإذا خفضت البنوك الأجنبية ثلثي انكشافها على قطر في الأشهر المقبلة، فإن هذا ربما يعني نزوح أكثر من 80 مليار دولار إلى خارج البلاد.
أيضا هناك ميزان المعاملات الجارية. فقبل الأزمة توقع صندوق النقد الدولي أن يساهم ارتفاع أسعار النفط والغاز في تحقق قطر فائضا قدره 1.2 مليار دولار هذا العام، يرتفع تدريجيا إلى 4.7 مليار دولار في 2020، مقارنة مع عجز بقيمة 3.5 مليار دولار في العام الماضي.
ووفق حسابات «ستاندرد آند بورز» فإن عشرة في المئة من صادرات قطر، التي يقدرها صندوق النقد عند 70 مليار دولار هذا العام، تذهب إلى دول حظرت التجارة مع الدوحة، ومن المرجح أن تزيد تكلفة الواردات بسبب إغلاق الحدود البرية مع السعودية.
المصدر: رويترز