انتشرت أنباء عديدة حول إجراء واشنطن تجارب محظورة على أسلحة بيولوجية بالقرب من الحدود الروسية، بحسب ما نشرته وسائل إعلام عالمية عديدة.
وكانت الخارجية الروسية قد نددت بشدة بتلك الاختبارات، وأكدت أن الغرب يسعى لحصار روسيا بمجموعة من المختبرات السرية، التي تجري دراسات على فيروسات خطيرة يمكن استخدامها عسكريا، فيما رفضت الخارجية الأمريكية التعليق على تلك الاختبارات المحرمة دوليا، وفقا لما نشره الخبير في شؤون وسط آسيا والقوقاز، هينري كامينس.
ونشر موقع “نيو إيسترن أوتلوك” شهادة للصحفي الأمريكي، جيفري سيلفرمان، المقيم في جورجيا، حول مختبر “لوغار” السري، الذي يعد أحد المختبرات البيولوجية السرية المقامة في جورجيا وأوكرانيا.
وتعد تلك المختبرات السرية خرقا واضحا وصارخا لمعاهدة حظر الأسلحة البيولوجية، ولكن حاولت واشنطن تبرير موقفها بأن تلك المختبرات معنية بالأساس بدراسة وسائل مواجهة الهجمات البيولوجية، ولا تعتزم من خلالها تصنيع واستخدام أسلحة بيولوجية.
وتحظر معاهدة حظر الأسلحة البيولوجية بصورة واضحة، وجود الأسلحة البيولوجية، أو إجراء اختبارات عليها أو استخدامها، أو اختبارها على البشر، ولا تعد تلك المختبرات السرية في جورجيا وأوكرانيا، هي الوحيدة التابعة للولايات المتحدة، حيث أشار التقرير إلى وجود مختبرات أخرى في كازاخستان وليبيا ورومانيا.
وفي محاولة وصفت للتمويه على أعمال تلك المختبرات السرية، زعمت وسائل الإعلام الجورجية، أن مختبر “لوغار” مثلا، ليس إلا مركزا طبيا، ولكن التقارير الصحفية المستقلة، أكدت أن المختبر يستخدم لاختبار وتصنيع الأسلحة البيولوجية، التي قد تشكل تهديدا مباشرا لروسيا.
ورغم إعلان الخارجية الأمريكية في تقريرها لعام 2017، التزامها بالاتفاقات والالتزامات المتعلقة بحظر ومنع انتشار الأسلحة البيولوجية، إلا أنها لم توقف أعمال مختبراتها السرية حتى الآن.
ولم ترد الخارجية الأمريكية على اتهامات نظيرتها الروسية بأن الولايات المتحدة تختبر عينات من “الجمرة الخبيثة” في مختبراتها في جورجيا وأوكرانيا، واكتفت بالقول إن أمريكا لا يمكنها الحديث أو الرد على تقارير تتعلق بأعمالها العسكرية.
ورغم المحاولات المستميتة من الولايات المتحدة وجورجيا وأوكرانيا، لإبقاء أعمال تلك المختبرات سريا، إلا أن وفاة عمال أجانب داخل مختبر “لوغار” كشفت طبيعة الاختبارات التي تجرى، ومدى خطورتها.
وبدأت تلك القضية تظهر للعلن بصورة أكبر، عندما قررت الولايات المتحدة، نشر منظومة الدفاع الجوي “ثاد” في شبه الجزيرة الكورية، والتي ترى روسيا أنها تهديدا قويا لأمنها القومي.
وأشارت موسكو إلى أن واشنطن تسعى بتلك الطريقة إلى “الإضرار بنظام الأمن الدولي”، خاصة وأنها بجانب نشر منظومة ثاد فإنها تطور أسلحة بيولوجية وسامة، وتخرق معاهدة الحظر، وتهدد الأمن القومي لروسيا بصورة كبيرة.
وقال سيلفرمان إن الأضرار التي حاقت بمختبرات جورجيا السرية، باتت صعب السيطرة عليها من قبل جورجيا أو الولايات المتحدة، ولم تقدم أيا من الدولتين أي دليل واضح على أن أعمالهما داخل تلك المختبرات ذات طابع سلمي.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه، ماذا يريد الأمريكيون من وراء تلك المختبرات، هل هي تسعى لاختبار وإنتاج أسلحة بيولوجية فتاكة، أم أنها مجرد وسائل دفاعية لأي هجوم بيولوجي؟
كما أن السؤال الآخر الذي يطرح نفسه، لماذا لم تقيم واشنطن تلك المختبرات السرية على أرضها، أم أنها تسعى لبعث رسالة تهديد ضمنية إلى روسيا مثلا بإقامة مختبرات بيولوجية بالقرب من أراضيها؟ أم أنها تسعى أن تبعد عن نفسها أي خطر يمكن أن يكون ناجما على تلك الاختبارات المحرمة دوليا.
وكشف التقرير عن أن وكالة الأسلحة الدفاعية الخاصة الأمريكية، تجري اختبارات سرية في مختبر ستيبنوغورسك في كازاخستان منذ أوائل التسعينات، كما أن أعمال مختبر تبليسي السرية ظهرت للعيان، بعدما تزايدت أعداد الضحايا من العمال الأجانب والمقاولين والمتعاونين معه، ما يجعل تلك المختبرات خطرا حقيقيا محدقا بالصحة العامة في الدول المقامة بها.
وتبقى تلك الأسئلة الأخيرة مفتوحة ولا توجد إجابة واضحة عليها، لأن الجانب الأمريكي يرفض الاعتراف بوجود تلك المختبرات القائمة فعليا، والتي تتزايد خطورتها بمرور الوقت.
ويختتم كامينس تقريره قائلا “تزعم التقارير الأمريكية أن تلك المختبرات تستهدف تحسين السلامة البيولوجية وتعزيز الأمن البيولوجي، ولكن هل تستحق تلك الأهداف المجازفة بكل تلك المخاطر؟ هل تستحق تلك الأهداف خرق المعاهدات الدولية؟ هل هذا هو العالم الذي ترغب الولايات المتحدة أن نعيش فيه والذي يحكمه قانون الغاب، حيث يمكن أن القبول أن الخطر يقع على أي شخص آخر، طالما هو بعيد عن أرضك؟”.
المصدر: سبوتنك