اضراب آلاف الاسرى الفلسطينيين عن الطعام في وقت واحد لليوم التاسع على التوالي ليس هو الاضراب الاول من نوعه. عشرات الاضرابات شهدتها مسيرة الاسر واكدت على تلك الشخصية الفلسطينية الفريدة في الإرادة وفي معاكسة ظروف الزمان والمكان وفي استمرار اشكال المقاومة والتحدي بصور متجددة.
وهذه المرة يشهد الاضراب زخما كبيرا ومشاركة واسعة تشي بما في شخصية الفسطيني من ارادة لا تموت، وبل تتجدد وتقوى مع السنوات ومع القهر، وتعبر عن سر في شخصية هذا المناضل الذي تخلى عنه معظم العالم ، ولكنه مستمر في النضال وفي حمل القضية الكبرى متحديا اقسى حالات الظلم والقمع، ويواصل رغم ذلك تأكيد فرادته في التحدي، سواء في السجون او في خارجها عبر الانتفاضات المتكررة، وهو اذا كسر العديد من القيود يستطيع ايلام العدو بقوة كما في حروب غزة.
والسؤال الكبير كيف لأسير يعاني الويلات والضعف والوهن والقمع ان يدخل في اضراب عن الطعام؟ لا شك ان الجواب فيه شكل من اشكال الارادة الفريدة التي تخيف السجان الصهيوني ولا يجد لها تفسيرا. وفي السنوات الاخيرة شهدنا على اضرابات فردية عن الطعام تحدى فيها اسرى فلسطنييون كل العذابات والوهن واصروا “حتى النفَس الاخير”، مظهرين انهم يمتلكون ما هو اهم من الطعام والشراب اي الكرامة والارادة، وانتصرت ارادتهم على جبروت الاحتلال، في حالة تحد نادرة في العالم.
بل ان هذا الاضراب اليوم يستمر وسط حالات اسر مزرية وحالات قمع متصاعدة ولكنه لا يتوقف ، ووسط محاولات تضييق كبيرة لوقفه منها وقف زيارات الاهل والمحامين ومنها اجراءات عقابية بحق الاسرى والقيادات الاسيرة ولكنه يتواصل.
وفي هذا الاطار ذكرت “فلسطين اليوم” أن إدارة مصلحة سجون الاحتلال تفرض إجراءات عقابية لمواجهة الأسرى المضربين، لا سيما قادة الإضراب، وذلك منذ يومهم الأول، ومن بين تلك الإجراءات: عمليات النقل المستمرّة للأسرى المضربين وعزلهم انفرادياً، وتحويل بعض الأقسام إلى عزل جماعية، بعد مصادرة ممتلكاتهم وملابسهم والإبقاء على الملابس التي يرتدونها فقط، وحرمانهم من مشاهدة التلفاز والاطّلاع على الأوضاع خارج جدران السّجن وتقليص مدة الفورة اليومية”.
لماذا يخوض الاسرى هذه الاضرابات؟ لا شك ان قرار الاضراب عن الطعام ليس سهلا على اسير يعاني الويلات والوضع اصحي المزري ولكن ما الذي يدفعه الى قرار من هذا النوع الا ان يكون تعبيرا عن مدى فظاعة ما وصل اليه ولمحاولة كسر القيد او تخفيف الاجراءات التعسفية. ومن ضمن الحالات التي يعاني الاسرى منها نذكر ما يلي:
– الاهمال الطبي المريع
– سياسة الاعتقال الإداري
-العزل الانفرادي لفترات طويلة
-الحرمان من ابسط الحقوق الانسانية
– التحكم التعسفي بالزيارات
في فلسطين المحتلة يتواصل ايضا الحراك الداعم لاضراب الاسرى، وشهدت غزة عدة مسيرات كما شهدت الضفة مواجهات مع الاحتلال ولا تزال الدعوات للحراك التضامني تتكرر، وفي الشتات يواصل الفلسطينيون تحركاتهم الداعمة كما حصل في لبنان بالاضافة الى تنظيم عدة احزاب لبنانية انشطة داعمة. لكن صدى هذا الحراك الفلسطيني للاسرى المظلومين لا بد ان يكون في العالم العربي على مستوى اشمل واكبر.
في اطار التفاعل مع قضية الاسرى تذكر فلسطين اليوم حالة الام الفلسطينية “لطيفة حميد” أم ناصر”، من مخيم الأمعري وسط مدينة رام الله، التي تواصل إضرابها عن الطعام تضامنا مع أبنائها الأربعة في سجون الاحتلال والمحكومين كلهم مؤبدات في سجن عسقلان ، وهي لا تزال منذ 33 عاما تعاني غياب اولادها في غياهب السجون. هي حالة – نموذج ايضا عن صبر وصلابة الامهات الفلسطينيات، وهي ليست اما لأربعة اسرى فقط بل لشهيد ايضا.
المصدر: موقع المنار