كشفت الجزائر، العضو في منظمة «أوبك»، عن نموذجها الجديد للنمو الاقتصادي حتى 2030، والذي يركز على إصلاح النظام الضريبي لتحقيق مزيد من الإيرادات، وتقليص الاعتماد على صادرات الطاقة، في ظل هبوط أسعار النفط الخام التي عصفت باقتصاد البلاد على مدار عامين ونصف.
والنموذج الجديد، الذي نُشر على الموقع الإلكتروني لوزارة المالية الجزائرية ليل الإثنين/الثلاثاء هو جزء من تحركات طال انتظارها لتنويع اقتصاد البلاد، وخفض اعتماده على صادرات النفط والغاز، التي تشكل في الوقت الراهن نحو 95% من إيرادات الصادرات و60% من الميزانية الحكومية.
ومنذ أكثر من عامين ونصف العام، تعيش الجزائر أزمة اقتصادية جراء تراجع أسعار النفط التي فقدت نحو 60% من قيمتها منذ يونيو/حزيران 2014.
وتقول السلطات الجزائرية إن البلاد فقدت أكثر من نصف مداخليها من النقد الأجنبي، حيث هوت نزولا من 60 مليار دولار في 2014 إلى 27.5 مليار دولار نهاية 2016، وفق أرقام رسمية.
وفي نموذجها الجديد للنمو الاقتصادي، الذي جرى الإعلان عنه رسميا أمس بعد إقراره العام الماضي، خطَّت الحكومة الجزائرية 3 مراحل لبلوغ الأهداف: الأولى تمتد بين 206-2019 (مرحلة الإقلاع) وتركز على تطوير القيمة المضافة لمختلف القطاعات صعوداً نحو الأهداف التي تم وضعها لكل قطاع.
أما المرحلة الثانية فهي المرحلة الانتقالية في الفترة ما بين 2020-2025، وتتمكن البلاد خلالها من تجسيد إمكانية اللحاق بركب الاقتصاد العالمي. بينما تمتد المرحلة الثالثة من 2026 إلى 2030، ويتمكن الاقتصاد الجزائري في نهايتها من التدارك واستغلال الإمكانيات المتاحة، وستتجه مختلف القطاعات الاقتصادية نحو قيمتها التوازنية.
وختم النموذج الجديد بتقديم جملة من التوصيات أهمها: ضرورة تحفيز المؤسسات الجزائرية وإزالة العوائق الإدارية والبيروقراطية، وتحفيز القطاع الخاص على الاستثمار خارج قطاع المحروقات، وإصلاح المنظومة المصرفية وتطوير سوق الأوراق المالية (البورصة) وعمليات الاقتراض الداخلية (سندات الخزانة)، وضمان أمن وتنوع مصادر الطاقة.
ونصت الوثيقة في الشق المتعلق بالموازنة العامة للبلاد على ضرورة بلوغ أهدافها بحلول 2019، من خلال تحسين عائدات الجباية العادية حتى يتسنى للحكومة الاعتماد عليها لتغطية مجمل نفقات التسيير في البلاد.
ومن الأهداف المرجوة بحلول 2019، تقليص عجز الموازنة العامة للبلاد، وتعبئة موارد إضافية ضرورية في السوق المالية الداخلية.
وحدد النموذج جملة من الأهداف التي يتوجب بلوغها في آفاق 2030، من أجل ضمان تنوع وتحول الاقتصاد الجزائري، وتحرره من التبعية المفرطة للمحروقات.
أوضحت الوثيقة أنه في الفترة ما بين 2020 و2030، يجب المضي في مسار مستدام للناتج الداخلي الخام خارج المحروقات في حدود 6.5% سنويا، يضاف له زيادة في نصيب الفرد من الناتج الداخلي الخام الذي وجب مضاعفته بـ2.3 مرة.
وحدد النموذج وجوب انتقال نسبة إسهام الصناعة التحويلية في القيمة المضافة للناتج الداخلي الخام من 5 إلى 10% بحلول 2030، يرافقها تحديث للقطاع الزراعي لتحقيق الأمن الغذائي للبلاد والتوجه نحو التصدير.
وعرجت الوثيقة على ملف الطاقة، وأكدت على وجب تقليص نسبة نمو استهلاك البلاد السنوي من الطاقة إلى النصف من زيادة سنوية قدرها 6% حالياً إلى 3% بحلول 2030، تكون مصحوبة بتنويع الصادرات الجزائرية من اجل دعم النمو الاقتصادي المتسارع.
وتضمن النموذج الجديد للنمو، جملة من مقترحات الإصلاحات تتعلق أساساً بسياسة الموازنة العامة (كيفية تحديد سعر البرميل المعتمد في إعداد الموازنة وزيادة نسبة الجباية العادية).
أما الإصلاحات المقترحة للإطار المؤسساتي (مناخ الأعمال)، فقد تضمنت تسريع الإصلاحات المالية، وتحويل المخصصات المالية للاقتصاد المنتج، واعتماد مخطط استثمار متعدد السنوات، والإسراع في تشريع قانون عضوي لقوانين الموازنة العامة للبلاد.
وأخيرا نصت وثيقة الحكومة الجزائرية على ضرورة مباشرة إصلاحات جبائيه، وتخليصها من العوائق الإدارية، وتحسين عمليات تحصيل الضرائب على اختلافها، ومواصلة ترشيد الإنفاق العام.
المصدر: وكالة الاناضول