أكد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان “أن مفهومنا للسلطة يعني منع الاستئثار أولا، وحق الشعب ثانيا، وتأمين حاجيات الناس، وبخاصة كبار السن، كضمانات من خلال معاشات تقاعدية كفيلة بكرامة هؤلاء الناس، وهذا يمكن تأمينه بأقل الموارد، ولا يحتاج إلى أكثر من تلزيم قطعة بحرية لصالح صندوق، وظيفته تأمين معاشات تقاعدية لهذا الصنف من الفقراء العجز”، لافتاً الى أن “الأمر خاضع للعبة المصالح، ولمزاجية من يحاول وضع اليد على الأملاك البحرية والنهرية، وغيرها من المرافق التي تقدَّر مداخيلها بعشرات المليارات، لأن مفهوم السلطة يعني الربح والإثراء على حساب الناس”.
وفي خطبة الجمعة التي القاها في مسجد الإمام الحسين (ع) في برج البراجنة، قال قبلان “كنا وما زلنا في دوامة الصيغ الانتخابية، وسنبقى طالما أن التوجهات غير سليمة، وفكرة الانطلاق نحو الوطن والمواطنة غير ناضجة، وتعترضها العراقيل المصلحية والغايات الطائفية، وهذا يعني أن العبور إلى دولة الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي متعثر في ظل واقع طبع بشهوة السلطة، وبذهنية الهيمنة والاستئثار”.
وتوجه الشيخ قبلان للسياسيين بالقول “ما هكذا تورد الإبل، ولا بمثل هذه العقليات يتم التعاطي بمصير وطن ومستقبل شعب سئم ألاعيبكم وسياساتكم ولجانكم ودراساتكم وحواراتكم وقوانين انتخاباتكم وتفاهماتكم وتوافقاتكم التي غالبا ما تأتي على حساب أمن الناس المعيشي والاجتماعي. وما نشهده من ضوائق ومعاناة وضغوطات يتعرض لها اللبنانيون، ومن فوضى وفلتان وتسيب في الإدارات والمؤسسات وفساد مستشر وإفساد وصفقات في كل الاتجاهات، يؤشر إلى أننا أمام منزلقات خطرة، إذا لم يجر تداركها ومواجهتها بما يضمن تصحيح المسار، وفكفكة العقد المصطنعة ووقف العناد والتعنت، وتسليم الجميع بضرورة الخروج من مستنقع الصيغ الانتخابية المفصلة على مقاسات هذا وذاك، والذهاب إلى صيغة انتخابية تكون على مقاس الوطن، لأن التمديد مرفوض، والفراغ يؤدي إلى ضربة قاضية تضع لبنان واللبنانيين في مهب الانهيار”.
وطالب قبلان “بقانون انتخابي يعيد السلطة إلى الشعب، وهذا لا يكون إلا باعتماد النسبية ولبنان دائرة واحدة أو دوائر كبرى، لا عن طريق قانون طائفي ودوائر بحجم المصالح السياسية، وبالتالي لا نقبل بأي صيغ انتخابية طائفية تقسم البلاد، وتلغي الشراكة الوطنية، وتسحق أي طموح بوطن الإنسان، بعيدا عن القيد الطائفي والمذهبي”.
هذا وحذر قبلان “من لعبة الوقت والرهان على إدخال البلاد في الفراغ الذي يعني خسارة مرة للبنان، فوضع لبنان والمنطقة لا يتحمل أي مغامرة من هذا النوع”، داعياً “الحكومة والمجلس النيابي إلى تحمل المسؤولية الوطنية، وعقد جلسات مفتوحة، فأوضاع البلد إلى تفاقم أكبر وانقسام أعمق، والناس لم يعد بمقدورهم التحمل، وبالخصوص ما بات يشكله النزوح السوري من حالات اجتماعية واقتصادية وأمنية ضاغطة على حياة اللبنانيين وسبل عيشهم، الأمر الذي أصبح بحاجة إلى جهود مكثفة، وقرارات حاسمة، وإجراءات حازمة تتخذها الحكومة اللبنانية بالتعاون والتنسيق مع الحكومة السورية لإيجاد السبل التي تضمن عودة النازحين السوريين بصورة منظمة وآمنة، بعيدا عن الرهانات الخاطئة والحسابات التي ليست في محلها، كون هذه القضية تشكل أولوية الأولويات لما لها من انعكاسات سلبية على لبنان الوطن والدولة”.
كما نبّه قبلان “إلى خطورة الوضع”، قائلاً “نحذر من مغبة التحولات التي قد تحدث في المنطقة، لاسيما بعد العدوان الأميركي السافر على سوريا، الذي يوجب على الأفرقاء السياسيين الانتقال بأسرع وقت ممكن إلى عملية سياسية تعيد هيكلة الدولة على النحو الذي يجدد الحياة السياسية، ويسمح بانطلاقة اقتصادية تضع حدا لما نشهده من بطالة وهجرة وجرائم ترتكب بدافع الحاجة والحرمان وغياب الدولة التي كانت ولا تزال وستبقى مطلب وغاية الجميع”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام