تطورات متسارعة تشهدها الحياة السياسيّة في فرنسا مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة الشهر المقبل. المرشحون للوصول الى الاليزيه يستخدمون كافة أسلحتهم من أجل التأثير على الرأي العام المربك أصلا نتيجة الاحداث التي شهدتها البلاد خلال الفترة الماضية، سواء على المستوى الامني “هجمات باريس ونيس…” أو على المستوى الاقتصادي “ارتفاع معدلات البطالة الى نسب غير مسبوقة…”.
مواقع ووكالات أنباء فرنسيّة نقلت استطلاعات رأي اجريت على الشارع الفرنسية، فقال 40% من الناخبين الفرنسيين أنهم يمكن أن يغيّروا رأيهم خلال الفترة المتبقية للانتخابات، فيما قال ثلثي الناخبين أنهم واثقون من ذهابهم للتصويت في الدورة الاولى، وانهم حسموا أمر مرشحيهم من الآن.
صحيفة “ليزيكو” الإقتصاديّة الفرنسيّة تحدثت بإسهاب عن الاجواء المرافقة للحملات الانتخابية للمرشحين، ملمحة الى أنها واحدة من أصعب المراحل التي تعيشها البلاد قبل أي انتخابات رئاسية، على اعتبار ان اي خيار يأخذه الشعب اليوم سيكون له تداعيات كبيرة في المستقبل في الداخل الفرنسي كما في الخارج. وفي هذا الاطار يظهر الارباك واضحا على الشارع بحسب استطلاعات الرأي حيث ان حسم المواقف بات صعبا، ونسبة الفرنسيين الذين يقفون في الوسط ويترقبون التطورات قبل الوصول لموعد الانتخابات يرتفع.
وتؤثر الفضائح المتتالية للمرشحين للرئاسة على الشارع الذي تراجع بشكل ملحوظ عن دعمه لمرشح اليمين فرانسوا فيون، وخاصة بعد توسع التحقيق معه وتوجيه تهم جديدة تتعلق بالتزوير بحسب ما كشفت صحيفة “لو موند”. أما مرشحة اليمين المتطرف “مارين لوبن” فإن مناظرة الاخيرة وتهجمها بشكل مباشر على المسلمين في فرنسا ودعوتها للانسحاب من الاتحاد الاوروبي، من شأنه بحسب بعض مراكز استطلاعات الرأي الفرنسية أن يؤثر عليها سلبا في الانتخابات المقبلة. وبين هذا وذاك لا تبدوا شعبية مرشحي اليسار “بونوا هاموند – يسار” و”جان لوك ميلنشون – يسار متشدد” كبيرة بالشكل الكافي لوصولهم الى الاليزيه، على اعتبار ان الاحداث التي شهدتها فرنسا خلال فترة فرانسوا اولاند على المستوى الامني والاقتصادي، اضافة الى السياسة الخارجية لفرنسا لا تشجع الناخب الفرنسي، وخاصة الشباب. كما ان المناظرة الأخيرة اظهرت عدم قدرة اليسار على توحيد صفوفه، وعجزه عن تقديم رؤية كاملة وواضحة لمرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية.
وانطلاقا من هذه الرؤية، فإن الناخب الفرنسي لا يجد من يقنعه ويلبي طموحاته، على اعتبار ان المشكلات باتت كبيرة والتحديات صعبة وجميع الخيارات المتاحة أمامه تحمل في طياتها مخاطر مباشرة او غير مباشرة. حتى أن من بعض الاشكاليات المطروحة اليوم على الساحة السياسية هي حول عجز أي رئيس مقبل عن التوصل الى أغلبية البرلمانية، ففي حال فوز اليمين سيكون هناك تموضعات جديدة داخل الاحزاب اليمينية، وكذلك الامر بالنسبة لأحزاب اليسار المشتتة أصلا.
فترة قصير لا بد أن تتكشف بعدها الصورة عن فرنسا جديدة برئاسة جديدة أيضا، سيكون امامها الكثير والكثير من التحديات داخليا وخارجيا.
المصدر: موقع المنار + وكالات