خطا علماء خطوة كبرى صوب تخليق أشكال معقدة من الحياة من لا شيء من خلال تركيب خمسة كرموسومات صناعية جديدة من فطر الخميرة وهو ما يمثل ثلث جينات هذا الكائن المجهري الدقيق أو مخططه الوراثي.
واستخدم الفريق الدولي أجهزة كمبيوتر لإيجاد نسخ معملية من التكوينات التي تشبه الخيوط التي تحمل الرمز الجيني داخل الخلايا.
وقد تقلق المساعي الرامية لتخليق الجينوم بعض من يرون أن علماء التكنولوجيا الحيوية يحاولون القيام “بمهمة الرب” لكن العلماء يعتبرون أن تلك التجارب امتداد منطقي للهندسة الوراثية المستخدمة بالفعل لصنع أدوية مثل الإنسولين والمحاصيل المعدلة وراثيا.
وسبق أن استغرق الفريق العلمي الدولي سبع سنوات لتخليق أول كرموسوم للخميرة في 2014. وإضافة خمسة كروموسومات أخرى يوضح تسارع تحقيق تقدم في علم الأحياء التخليقية بما يؤذن بعهد جديد من أشكال الحياة غير الطبيعية.
ويمكن توظيف سلالات جديدة من الخميرة التخليقية في إنتاج أدوية جديدة وكيماويات وأنواع من الوقود الحيوي. كما يمكن أن يكون هذا العمل أساسا لمشروع أكثر طموحا لتخليق جينوم بشري خلال السنوات العشر المقبلة.
وترتبط الخميرة ارتباطا وثيقا بالبشر على المستوى الجيني بدرجة تدعو إلى الدهشة إذ تتشارك مع الإنسان في 26 بالمئة من جيناته على الرغم من أن الجينوم البشري أضخم بنحو 250 مرة.
وفيما تمكنت فرق بحثية أخرى من تخليق كروموسومات البكتيريا والحمض النووي للفيروسات فإن مشروع جينوم الخميرة هو أول مشروع يتضمن إدخال كروموسومات تخليقية في كائن تحتوي خلاياه على نواة مثل خلايا الإنسان.
وفي بحثهم الذي نشروه في دورية (ساينس) قال العلماء، وهم فريق من الولايات المتحدة والصين وبريطانيا وفرنسا شاركوا في هذا البحث الحديث، إن الخميرة التي تحتوي مادة جينية تخليقية في حالة جيدة مثل الخميرة الطبيعية.
قال جيف بويك من مركز لانجون الطبي بجامعة نيويورك وأحد كبار الباحثين في المشروع إن تخليق جنيوم للخميرة يبشر بإمكانية تخليق مجموعة مختلفة من الجينومات المخلقة للوفاء باحتياجات لم يتم الوفاء بها بعد في مجال الأدوية وفي الصناعة، تشير (النتيجة) إلى أن بإمكاننا الاستمرار في أن نكون حتى أكثر جرأة في تصميماتنا المستقبلية وأن ندخل المزيد من التعديلات الجذرية وأن نستكشف حقا إلى أي مدى يمكننا استخدام الجينوم لنجعل الخميرة تفعل ما نريد وتنتج المزيد من المنتجات المفيدة.”
وقال توم إليس من (إمبريال كوليدج) في لندن “إنها نقطة تحول في أكبر مشروع في العالم لعلم الأحياء التخليقية.”
ويتألف الجينوم من الحمض النووي (دي.إن.إيه) وهو سلسلة من أربع مواد كيماوية. وتوصل العلماء إلى طريقة للتلاعب بثنائيات تلك المواد الكيماوية لإعادة كتابة الشفرة الجينية.
ويتألف جينوم الخميرة الطبيعية من 12 مليون ثنائية لكن النسخة التخليقية أصغر بنسبة نحو ثمانية بالمئة بعد أن حذف العلماء بعض ما اعتبروه حمضا نوويا لا علاقة له بالشفرة الجينية وغير مرغوب فيه.
وتقنيات تخليق الحمض النووي تتحسن باستمرار وتنخفض كلفتها أيضا مما دفع الباحثين للقول إن ذلك سيسمح بأن يكون تخليق جينومات بأكملها أمرا روتينيا في المستقبل.
المصدر: سكاي نيوز