أثبت الوفد الوطني سعيه الحثيث عمليا في التوصل إلى حل سياسي للبلد.. وها هو اليوم في الكويت لإجراء المشاورات التي تم تحديدها برعاية الأمم المتحدة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: إلى أين ستتجه هذه المباحثات؟ وما مدى نجاحها؟ وهل ستجري وفق ما يجب للوصول لحل سياسي في اليمن، أم أنها ستجري على غرار جنيف1 وجنيف2 وتنتهي بالفشل.
الشعب اليمني أصبح عنده وعي كامل من التجارب السابقة، وإذا ما تم إفشال حوار الكويت فهو لن يقف مكتوف الأيدي، ولن يثق في أي حوار في المستقبل على الاطلاق، لأنه يعرف جيدا أن الأولوية للميدان، وأن قوى العدوان كما سعت وأفشلت الحوار في اليمن ثم في جنيف1 وجنيف2، هي نفسها القوى التي تتحكم بالطرف الآخر المفاوض، وهي التي تتطرح رؤاها، وهي التي تحدد الوقت الذي ترى أنه مناسب لإنجاح حوار ما أو إفشاله، وعلى رأس هذه القوى النظام السعودي.
الوفد الوطني اليمني أثبت جديته بذهابه إلى الكويت، وأثبت حسن النية إلى أقصى درجاتها، وقطع جميع الحجج والذرائع الواهية التي يتذرع بها الأعداء أننا لا نريد إلا الحرب واستمرارها ونريد أن يستمر الوضع كما هو عليه، الوفد الوطني الآن ذهب للحوار من منطلق القوة لا الضعف، ومن منطلق الحل السياسي الممكن، ومنطلق أنه لا يزال هناك أفقا ولو كان ضيقا بفعل العدوان، غير أنه ممكن، الوفد الوطني الآن يصل الكويت وهو مدرك ما عليه القيام به، يحمل هم الشعب وتطلعاته، ويعي أن التفريط بدماء الشهداء من المستحيلات التي لم ولن تحصل، ويدرك جيدا أن الشعب اليمني يبحث عن دولة ذات سيادة واستقلال، ويريد العيش بحرية وكرامة.
قوى العدوان هي الأخرى أصبحت مدركة أنها وعلى مدى أكثر من عام لم تحقق إلا الفشل، ولا شيء غير الفشل، وأن أي مساع من هنا أو هناك لإفشال مباحثات الكويت لا تصب إلا إلى مزيد من الفشل، وفي اعتقادي أنها تدرك أن جولة الحوار الثالثة هذه إن فشلت فإنه قد لا تتوفر جولة أخرى على المدى القريب، وتدرك أنها كما هي الآن أضيق في أفقها، وأفشل في إنجازها، وأعجز في تحقيقها لأهدافها، هي في أي جولة حوار قادمة أضيق وأفشل وأعجز، هذا إذا كانت هناك جولة حوار قادمة.
وبات اليمنيون من جهة وقوى العدوان من جهة أخرى يرون جولة الحوار هذه فرصة قد لا تتعوض، اليمنيون ينطلقون فيها على مختلف الصعد من منطلق المسؤولية، وعلى قوى العدوان أن تعي خطورة عواقب أي محاولات أو مساع لإفشالها، لأن إفشالها لن يحقق لها إلى خيبة أمل، وفشل كبير إلى جانب الفشل، وقد يترك اليمنيون حينها المجال للميدان ليتباحث ويقوم بحل المشكلة، بدءا بتوسيع دائرة ورقعة الحرب التي تخشاها مملكة الفشل في الحدود، وانتهاءً بتضييق الخناق على عملائها ومرتزقتها في المناطق التي لا زالوا يسيطرون عليها بشكل أو بآخر، وحينها يصدق في مملكة الفشل المثل الشعبي المعروف: على نفسها جنت براقش.
والشعب اليمني منتصر في حال نجاح المباحثات في الكويت أو فشلها، لأنه منتصر في الميدان، ويعرف ما عليه أن يفعله، وقائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي لن يتوانى لحظة واحدة في البدء بتنفيذ الخيارات الاستراتيجية التي فعلا بدأت بخطوات تمهيدية في جيزان ونجران وعسير، وهدد النظام السعودي بأن هناك ملفات قد تفتح إن تعقدت الأمور أكثر من اللازم، ومن ضمن هذه الملفات ملف الحدود الذي يخشاه النظام السعودي، والذي يقضي بإرجاع الأراضي اليمنية المنهوبة بشكل أو بآخر.
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه
* صحافي يمني