تتراوح مشاعر عمال مصنع «ورلبول» للادوات الكهربائية في اميان في شمال فرنسا بين اللامبالاة والغضب والرضوخ مع اقتراب موعد الاستحقاق الرئاسي وسط قناعة بضرورة تعزيز الحمائية، بل حتى «مغادرة أوروبا»، من اجل حماية الوظائف.
وقالت كورين بيزيه البالغة 49 عاما امضت منها 17 لدى «ورلبول» بتأثر ان «السياسيين يتغاضون عن كل شيء منذ سنوات. كل الاعمال غادرت وانتشرت البطالة، هناك حالات انتحار وطلاق وغيرها…لكنهم لا يعبأون بنا إطلاقا».
تحت المطر الخفيف ظهرا، غادر فريق الصباح المصنع الذي يبعد ثلاث كيلومترات عن وسط مدينة إميان وكاثدرائيتها الغوطية.
بدت وجوه العمال متعبة، فيما سادت أجواء التجهم خصوصا منذ إعلان مجموعة «ورلبول» الامريكية العملاقة للأدوات الكهربائية في كانون الثاني/يناير عن اغلاق مصنعها في إميان حيث ينتج 290 موظفا أجهزة لتجفيف الغسيل، ونقل الانتاج الى لودز في بولندا. ويهدد ذلك وظائف 60 عاملا لدى احدى الشركات المتفرعة «بريما» ووظائف وسطاء. وهذا أخر المصانع التي تغلق في مدينة لم تعد تحصيها، وأبرزها مصنع عملاق الاطارات الأمريكي «غوديير» العام 2014، ما أدى إلى خسارة أكثر من 1100 وظيفة.
وسجلت إميان وجوارها نسبة بطالة بلغت 11.9 في المئة تفوق بنقطتين المعدل الوطني. وقالت بريجيت فوريه، رئيسة البلدية من التيار الوسطي للمدينة التي تعد حوالى 200 ألف نسمة ان «الحديث عن هجرة الصناعة من بلدنا يثير اصداء خاصة هنا» مشيرة الى شعور «بالمرارة». وقال كريستوف كولومبو البالغ 45 عاما بينها 27 لدى «ورلبول» «لم اعد ارغب حتى في التصويت» مضيفا «سواء اقترعت لليمين او لليسار، ما الفائدة؟.» ورد فريديريك كولون الموظف لدى «بريما» منذ 16 عاما «لم اعد اؤمن بشيء» مؤكدا انه سيمتنع كذلك عن التصويت.
ضرائب على الحدود
من النادر ان يبدي السياسيون استعدادا لمواجهة هذه الضغينة. لكن الصحافي الملتزم فرنسوا روفان، المرشح لانتخابات حزيران/يونيو التشريعية التي تلي الدورة الثانية من الاستحقاق الرئاسي في 7 ايار/مايو، وصل في شاحنته الملونة التي كانت تبث اناشيد تمجد تشي غيفارا.
ويدعو روفان المدعوم من زعيم اليسار المتشدد والمشكك بالوحدة الأوروبية، جان لوك ميلانشون، صاحب الوثائقي الناجح حول الشركات «ميرسي باترون» ورئيس تحرير مجلة (فقير) الاحتجاجية الى الحمائية. وقال اثناء توزيع مناشير «لا اريد ان يبقى هذا السلاح السياسي حصرا بين يدي (حزب اليمين المتطرف) الجبهة الوطنية وان يكون هذا الحزب الوحيد الذي يتجرأ على تلفظ عبارات ضرائب حدودية وحواجز جمركية وحصص استيراد».
وقام الممثل المحلي للجبهة الوطنية اريك ريشرموز بزيارة عدد من المصانع، حيث سعى الى جذب العمال باستخدام رسالة مصورة على هاتفة لزعيمة حزبه مارين لوبن تعد فيها «بفرض ضريبة 35 في المئة على منتجات المصانع التي غادرت المنطقة عند بيعها.
ويأمل حزب الجبهة الوطنية، الذي يتصدر نوايا التصويت في الدورة الاولى من الانتخابات الرئاسية في 23 نيسان/ابريل، استغلال الاجواء الناجمة عن تصويت البريطانيين على مغادرة الاتحاد الأوروبي والسياسة الحمائية التي يسعى اليها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وقال ريشرموز ان «الإنكليز يعدون اجراءات قريبة جدا مما تسعى اليه مارين لوبن»، فيما يعمل حزبه من اجل استفتاء على خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي.
يشعر العمال الفرنسيون الذين يواجهون منافسة من البولنديين والسلوفاكيين والرومانيين الذين يتقاضون رواتب اقل بكثير، بضعف حمايتهم ضمن الاتحاد الأوروبي.
واشار استطلاع للرأي مؤخرا في فرنسا الى ان 54 في المئة من المواطنين و64 في المئة من العمال المشاركين يصفون أوروبا بنعوت سلبية. وقال غيوم بونار (33 عاما) الذي يدير فريقا من العمال لدى «بريما» انه «طالما هناك فرق بين الأوروبيين، فلن تتحسن الاحوال مطلقا»، فيما اعتبر زميله محمد المكرتار المندوب النقابي ان الحل بسيط ويقضي «بالانفصال عن أوروبا».
اما بيزيه التي ما زالت مترردة حيال المشاركة في الاقترع، فاكدت اقتناعها بأمر واحد وهو التخلي عن اليورو «والعودة الى العملة الفرنسية» لاستعادة القدرة الشرائية.
المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية