لا أحد يشك في الدعم السعودي لكثير من الجماعات المسلحة التي تحارب في سوريا تحت مسميات مختلفة أغلبها يدور في فلك الفكر الوهابي التكفيري، فمنذ بداية الازمة السورية فتحت خزائن الدعم بالمال والعتاد وتسهيل وصول المقاتلين من كل أنحاء العالم الى الاراضي السورية بهدف إسقاط النظام تحت مسميات “الثورة” التي سرعان ما انفضح زيفها ليدرك العالم بأكمله ان الحرب هي حرب عالمية برأس حربة يتالف من الجماعات التكفيرية ومنها “داعش وجبهة والنصرة”.
ونتيجة هذا الدعم السعودي الفكري والمالي اللامحدود وقعت حرب ضروس في سوريا بدأت تداعياتها تظهر سريعا على المستوى الانساني والاجتماعي، حيث بدأ المواطنون السوريون يتركون منازلهم ومناطقهم بسبب الحرب وبالاخص جرائم الجماعات الارهابية وتغيير انظمة العيش في المناطق التي يسيطرون عليها حيث بدأت الافكار والقوانين المستقاة من التعاليم الوهابية تسري في تلك المناطق ما حتم على الناس الهرب بسبب انقلاب الحياة الى جحيم، وحتى من فكّر بالحرية السياسية والثورة على الواقع القائم سرعان ما ندم وتراجع الى الوراء مقرا ان الواقع السوري في السابق رغم ما يمكن رصده من أخطاء أفضل بكثير من العيش في ظل حكم الاهاب الممول سعوديا.
الدعم السعودي.. للارهاب ام للنازحين؟
وكل ذلك جعل السوريين يفرون الى الدول المحيطة سواء لبنان والاردن والعراق وتركيا وصولا الى بدء رحلات الخطر الى اوروبا اما عبر البحر مع كل ما يواجهون من مخاطر الغرق والموت، وإما عبر تركيا سيرا على الاقدام مع كل ما قد يعيشونه من قهر وعذاب على طريق جلجلة الوصول الى حياة أفضل من تلك التي تنتظرهم في ظل الجماعات الاهابية مع ما فيها من حرق او قطع رؤوس…
من كل ذلك يمكن التساؤل هل قامت الدول الخليجية باستضافة بعض من هؤلاء النازحين؟ وهل قامت السعودية وهي حاملة اللواء لكل ما يجري في سوريا باستضافة اي من هؤلاء النازحين؟ ولماذا الحب السعودي للسوريين هو فقط في دفعهم للعيش في ظل الجماعات الارهابية او دفعهم لتخريب وطنهم وتدميره؟ لماذا لم نرَ من الحب السعودي سوى دفع المال للمقاتلين؟ لماذا لم نرَ من الحب السعودي فتح خط جوي باتجاه الرياض مثلا او غيرها من المدن السعودية لاستقبال النازحين السوريين من مختلف المناطق؟ أليست القيادات السعودية لا توفر فرصة إلا وتطالب باستمرار اشتعال النار في سوريا؟ وأين جامعة الدول العربية من كل ما جرى في ملف النازحين السوريين؟ ولماذا لا تطالب الدول الخليجية كالسعودية وقطر الى فتح الحدود لاستقبال اللاجئين؟
والواقع ان الدول العربية هي أحق بأن تتحمل مع الشعب السوري في أزمته انطلاقا من قاعدة “الاقربون اولى بالمعروف” وهذا ما فعله لبنان والعراق والاردن، وهذا ما فعلته أيضا الجارة تركيا رغم كل تورطها بالازمة السورية، ومع ذلك تحملت بعض تبعات الازمة كما انها استغلتها كي تزيد ابتزازها للاوروبيين والحصول على امتيازات اضافية، إلا ان السعودية ومعها قطر لم تعملا على تحمل اي تبعات بل انها اكتفت في اشعال النار السورية دون اي تكاليف اضافية، مع الاشارة ان لدى السعودية من الامكانات المالية والجغرافية ما يمكنها من لعب دور الحاضن لكل النازحين، فالمساحات الخالية في السعودية شاسعة جدا بحيث يمكنها اقامة مخيمات او مدن بأكملها نتيجة قدراتها المالية الخيالية.
ادعاءات سعودية تدحضها الوقائع..
وحول ذلك، أكدت مصادر سورية واخرى سعودية ان “دول الخليج لم تستقبل اللاجئين بما تعنيه كلمة لاجئ انما من يوجد في السعودية وغيرها من دول مجلس التعاون هو إما بالاساس يعمل هناك وإما انه ذهب الى هذه الدول تحت هذا المسمى”، واوضحت ان “العمل هو الهدف من استقبال السوريين في الخليج وليس بسبب وقوع الحرب التي تسببت بإشعالها وتأجيجها بعض الدول الخليجية وبالاخص السعودية وقطر”، وتابعت ان “هذه الدول تستفيد من وجود هؤلاء السوريين بسبب تشغيلهم والاستفادة مما يمتلكونه من خبرات او مهارات وإلا ما كانت استقبلتهم كما كثير من الاشخاص الذين يرغبون بالذهاب للعمل في هذه الدول لاسباب مالية”، واضافت ان “من لديه أولاد من السوريين في السعودية او قطر بالتأكيد سيسجلهم في المدراس ولا يستوي بعد ذلك القول ان المدارس السعودية فتحت لاستقبال اللاجئين”، وسألت “هل مع كل هذا الواقع يمكن اعتبار السوريين في السعودية وقطر هم لاجئون؟”.
وهنا لا بد من الاشارة الى ما نشرته بعض وسائل الاعلام السعودية المحسوبة على السلطة من ان “الممكلة استضافت منذ اندلاع النزاع في سوريا ما يزيد عن مليونين سوري”، وتابعت ان “المملكة استقبلت هذا العدد دون التعامل معهم كلاجئين أو وضعهم في معسكرات لجوء حفاظا على كرامتهم وسلامتهم ومنحتهم حرية الحركة التامة”، على حد تعبيرها، واضافت ان “أكثر من 100 ألف طالب سوري يحصلون على تعليم مجاني بالمملكة”.
يبقى ان الواقع يؤكد ان هناك من يسعى لافشال كل المحاولات لايجاد حل سياسي للازمة السورية، وما جرى السبت في مدينة حمص من استهداف مركزين أمنيين عبر تفجيرات ارهابية انتحارية تسببت بارتقاء عدد من الشهداء ووقوع جرحى، هو دليل واضح ان بعض الدول تستخدم ادواتها لاعادة خلط الاوراق ومحاولة فرض واقع جديد في ظل الضربات التي يوجهها الجيش السوري للارهاب في مختلف المناطق، فمن يسعى لحل الازمة واعانة السوريين الاجدر به وقف دعم الارهابيين ووقف تحريكهم على الارض لسفك الدماء السورية.
المصدر: موقع المنار