لطالما وجدت المؤسسات التعليمية نفسها في سباق مع الزمن لمواكبة التطورات التكنولوجية وطريقة تقديم المعلومة للطلاب، سواء في المدارس أو الجامعات.
وفي هذا الصدد، استُخدمت برمجيات مخصصة للعمل، مثل برنامج PowerPoint، لغرض التعليم، باعتباره طريقة لتقديم المعلومات في قالب ذي صيغ صغيرة الحجم.
لكن برنامج PowerPoint ليس حلاً جيداً، خصوصاً في مجال التعليم؛ إذ يدفع المعلمين والطلاب لتقديم المعلومة من خلال قوالب ثابتة، ما يعني أن الكثير من السمات الفردية لخبرات المعلمين قد تضيع، بحسب موقع The Conversation.
وقد أظهرت الأبحاث أن البرامج الشبيهة لبرنامج PowerPoint تصيب الطريقة التعليمية بالعقم والتجانس دون الابتكار والإبداع.
ومؤخراً فقط، تم تطوير برامج خصيصاً للتعليم؛ لتغيير طريقة تعلّم الطلاب وفهمهم للأشياء. يستعرض تقرير The Conversation أبرزها في ما يلي:
تكنولوجيا الواقع الافتراضي والواقع المعزز
عدّل المعلمون سبل استخدام تكنولوجيا الواقع الافتراضي لسنوات عديدة، من أجل تحسين الطريقة التي يقدّمون بها المحتوى. وعادة ما يكون “الواقع الافتراضي” بيئة رقمية يقدمها الحاسوب ويستقبل عدة مستخدمين.
يتفاعل المستخدمون من خلالها بعضهم مع بعض، عن طريق صور رمزية او أفاتار لكل منهم. وتسمح هذه العوالم للمعلمين بأن “يصطحبوا” الطلاب إلى أماكن يستحيل الوصول إليها بشكل آخر، خصوصاً في مجالي الطب والرياضيات.
على سبيل المثال، تسمح بعض العوالم الرياضية والعلمية بتمثيل موضوعات مجردة، من المستحيل تمثيلها بشكل آخر في الحياة الواقعية.
كما تم توثيق استخدام العوالم الافتراضية بشكل جيد لمحاكاة العمليات الجراحية؛ إذ إنها تسمح بارتكاب الأخطاء دون العواقب الكارثية التي قد تحدث في العمليات الحقيقية.
وقد أُجريت إحدى هذه المحاولات التمهيدية المبتكرة، بشكل خاص، عن طريق إنشاء عالم افتراضي يُدعى الحياة الثانية Second Life.
يسمح البرنامج للمعلمين بالتصميم والإنشاء والتدريس في عالم افتراضي به 100 طالب جامعي؛ إذ استخدمت سلسلة من الأنشطة المشتركة لتقديم جوانب من اللغة والثقافة الصينية لطلاب أستراليين قبل أن يقضوا وقتاً في الصين خلال التبادل الطلابي.
عندما بُحثت تأثيرات هذا البرنامج، أظهرت البيانات تحسناً كبيراً في عدد من المجالات الأساسية؛ من بينها:
1- تقليل الخوف والإحراج، والذي يعيق بشكل أو بآخر تجربة التبادل.
2- السماح للطلاب بإعادة الدروس وتكرارها عدة مرات لتقوية الفهم الأساسي.
3- التشجيع على تواصل اجتماعي أفضل بين الطلاب، بدلاً من الرسائل الإلكترونية.
4- تحكم الطلاب في أشكالهم الكرتونية لا المعلم، ما يعني الاستكشاف والتفاعل بشكل مستقل. وعكس برنامج PowerPoint، الذي يجعل الجميع يرون المعلومة نفسها بالطريقة نفسها وفي الوقت نفسه، يسمح الواقع الافتراضي للطلاب بإنشاء فهمهم الخاص.
5- استُدل بهذه الدراسات على أن نقص الأدلة غير اللفظية، مثل لغة الجسد والإيماءات وتعبيرات الوجه، له تأثير سلبي على التواصل؛ إذ قال بعض الطلاب إنهم شعروا بأنهم مقيَّدون لأنهم لا يستطيعون استخدام أيديهم للإيماءات. مع ذلك، في العوالم الافتراضية الأكثر تطوراً تتحرك الأشكال الكرتونية وتستجيب بطرق أكثر واقعية.
داخل الفصل
قدم الباحثون أمثلة عن ملاءمة هذه التكنولوجيا للمعلمين؛ إذ أفادت الدراسات بأنها تحفز الطلاب وتحسّن التعاون وبناء المعرفة وزيادة التدريبات داخل الصف.
وبعدما كان الطلاب والمعلمون قادرين على الدخول للعالم الافتراضي فقط عبر الحاسوب الشخصي، بات بإمكانهم استخدام أجهزة مختلفة تُوضع على رأس المستخدم؛ للحصول على تجربة ثلاثية الأبعاد وأكثر واقعية.
كما أصدرت شركات مثل Oculus Rift وHTC Vive أجهزة منخفضة التكلفة نسبياً، تسمح للمعلمين بتصميم تفاعلات ثلاثية الأبعاد لطلابهم.
ورغم أن المهارات التقنية المرتبطة بهذا النوع من العمل تتجاوز قدرات الكثير من المعلمين، فمن المرجح أن التقدّم في طريقة برمجتها سيسهل الأمر عليهم في المستقبل القريب.
الواقع المعزز – Augmented Reality أو AR
عكس الواقع الافتراضي، الذي يحجب العالم الحقيقي ويكون فيه المستخدم غارقاً في تجربة رقمية بالكامل، يركب الواقع المعزز المعلومات الرقمية على كائنات العالم الحقيقي مستخدماً كاميرا الهاتف؛ مثل كاميرا التابلت أو الهاتف الذكي.
وفي بعض الاستخدامات التعليمية للواقع المعزز، تظهر الصور ثلاثية الأبعاد، أو الفيديوهات، أو المقاطع الصوتية، أو النصوص عن طريق صورة مطبوعة.
وبدأ استخدام هذا النوع من التعليم في المدارس الثانوية وليس فقط الجامعات. وأظهر أن هذه التكنولوجيا تزيد من التعليم الذاتي، رغم مواجهتها تحديات تربوية وتكنولوجية؛ مثل: أوقات الاستجابة البطيئة، والبرامج غير المتوافقة، والإعدادت البيئية المتضاربة.
المصدر: هافنغتون بوست