التقت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، في برلين، وذلك للتشاور بشأن الإجراءات الواجب اتباعها لدعم اليونان في مواجهة خطر الإفلاس.
يأتي ذلك بعد حدوث تقارب بين الجهات المانحة بشأن النزاع المتعلق بكيفية التغلب على أزمة الديون الخاصة باليونان.
ويعتقد أن المقابلة، التي تمت عصر أمس في ديوان المستشارية في العاصمة الألمانية، تناولت أيضا إشراك صندوق النقد الدولي في حزمة المساعدات الثالثة المقررة لليونان، التي تواجه خطر الإفلاس منذ سبع سنوات.
وقال الدائنون الأوروبيون لليونان يوم الاثنين الماضي إنه يتوجب عليها القيام بإصلاحات شاملة لسوق العمل ونظام التقاعد، وعقد اتفاقيات تفاوض جماعي للحصول على الدفعة الجديدة من قروض الإنقاذ المتفق عليها. وقال يورين ديسلبلويم، وزير المالية الهولندي ورئيس مجموعة اليورو، ان هناك «تحولا من التركيز على التقشف إلى التركيز على الإصلاحات الهيكلية». ويمثل هذا التغيير مطلبا للحكومة اليسارية لليونان إلى جانب صندوق النقد الدولي، الذي تسعى دول اليورو إلى إقناعه بالمشاركة في دفعات الإنقاذ المالي الجديدة لليونان.
يذكر أن اليونان حصلت على 3 قروض إنقاذ منذ عام 2010. وتبلغ قيمة قرض الإنقاذ الأخير الذي سبق الاتفاق عليه في تموز/يوليو 2015 حوالي 86 مليار يورو.
وقد حصلت أثينا على دفعات من هذا القرض بلغت قيمتها 31.7 مليار يورو، وفي المقابل تطبق حكومة اليونان زيادة في الضرائب وخفض في الأجور ومخصصات التقاعد والخدمات العامة، وهي الإجراءات التي يرى صندوق النقد الدولي أنها تجاوزت الحدود المقبولة. ومن المنتظر استئناف عملية مراجعة التقدم الذي حققته اليونان على صعيد الإصلاحات المطلوبة الأسبوع المقبل.
وتريد منطقة اليورو من اليونان تطبيق إصلاحات جوهرية لسوق العمل اليونانية والنظام الضريبي. ولم يتم الاتفاق على هذه المقترحات بشكل نهائي مع الحكومة اليونانية، التي ستحتاج بعد ذلك إلى موافقة البرلمان عليها. وتحتاج اليونان إلى صرف هذه الشريحة، خلال الشهور المقبلة، من جانب آلية الاستقرار الأوروبية لكي تسدد أثينا التزاماتها المالية خلال الصيف المقبل.
ويرجح الخبراء أن يتم إشراك الصندوق وفقا للحل الوسطي الذي تم توصل إليه يوم الاثنين .
وتصر الحكومة والبرلمان في ألمانيا، وكذلك عدة دول أخرى داخل منطقة اليورو، على هذه المشاركة من جانب الصندوق. وقال رئيس الكتلة فولكر كاودر، في تصريح لمجلة (فوكوس) الألمانية نشرته قبل عدة أيام، ان على الحكومة اليونانية ألا تنخدع «فنحن نصر على هذه التعهدات، وعلى صندوق النقد الدولي أن يشارك في هذه المساعدات، وإلا لن نستطيع الموافقة على مزيد من المساعدات».
ويتحفظ الصندوق حتى الآن بشأن المساهمة في حزمة مساعدات مالية ثالثة لليونان، وهناك خلاف بينه وبين الدول الأوروبية المانحة بشأن إعفاء اليونان من مزيد من ديونها.
ولكن الاتفاقيات الأوروبية لا تسمح بإعفاء اليونان من ديون، لأنه من غير المسموح لدولة داخل منطقة العملة الأوروبية الموحدة ضمان دولة أخرى.
ولا تسمح قواعد صندوق النقد الدولي بتقديم مساعدات لبلد متأزم ماليا، إلا إذا كان قادرا على سداد ديونه خلال أجل معلوم، من خلال ترشيد الإنفاق وبدون تلقي مساعدات، وبدون أن يؤدي تسديدها إلى تراجع النمو الاقتصادي. ولكن اليونان تأخرت مرة أخرى فيما يتعلق بالإصلاحات المفروضة عليها من قبل الجهات المانحة. وتأجلت مراجعة برنامج الإصلاح منذ أسابيع وهو ما جمد الموافقة على المزيد من القروض لليونان. وستضطر اليونان لتسديد المزيد من المليارات للمانحين الصيف المقبل. كما يرجَح أن يكون لقاء ميركل ولاغارد قد تناول أيضا السياسة الاقتصادية للرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب. يشار إلى أن الولايات المتحدة هي أكبر المساهمين في ميزانية الصندوق الذي يتخذ من واشنطن مقرا له.
ويدعم الصندوق النمو الاقتصادي المستديم من خلال التعاون والأسواق الحرة، في حين أن ترامب يراهن حتى الآن على الانعزال عن الأسواق العالمية.
من جانبه قال ديسلبلويم بعد اجتماع وزراء مجموعة اليورو «طموحي هو ضم صندوق النقد» إلى عملية الإنقاذ الأخيرة. وقال وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله في الوقت الذي عقد فيه وزراء مالية منطقة اليورو اجتماعهم إن صندوق النقد الدولي «سيكون جزءا» من الدفعة المقبلة من أموال الإنقاذ لليونان. وأضاف أن «فكرة وجود حزمة إنقاذ بدون صندوق النقد مجرد فكرة نظرية في هذه اللحظة»، في إشارة إلى اتفاق بين المانحين الدوليين المختلفين حتى الآن حول منح اليونان مساعدات جديدة.
يأتي ذلك فيما يجري وزراء منطقة اليورو محادثات لإنهاء حالة الجمود بشأن شروط صرف الشريحة الجديدة من حزمة قروض الإنقاذ الثالثة لليونان، والتي تم التوصل إليها عام 2015 والبالغة قيمتها 86 مليار يورو. في المقابل يستبعد وزراء اليورو اتخاذ أي إجراءات لتخفيف عبء الديون عن اليونان.
المصدر: د ب أ