إثر عرضها فيلم «حكاية حسن» يوم السبت الماضي، فاض الفزع السعودي عبر السوشال ميديا والصحف الحكومية، وخصوصاً أنّه أظهر الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله على أنّه «زعيم كاريزماتي، وصادق، ومقاوم، وذو شعبية طاغية»، ما أحبط مشروع قناة «العربية» التي أرادت من الشريط تحجيم صورته لدى مؤيديه وكارهيه على حد السواء.
إتهامات «الخيانة والانحياز للعدو» لاحقت «العربية» وتركي الدخيل الذي كُلّف بإدارة القناة الملكية في نهاية كانون الثاني (يناير) 2015 لتلميع صورة النظام السعودي الجديد، نظراً لقرابته العائلية وصداقته الشخصية مع ولي ولي العهد محمد بن سلمان.
تغريداته وكتاباته الشخصية المعادية لحزب الله، وآخرها ما نشره في صحيفة «عكاظ» في 11 شباط (فبراير) الحالي بعنوان «حزب الله المخدراتي»، لم تشفع لتركي الدخيل ولم تجنّبه الدعوات الإفتراضية لإقالته من جانب نخب ونشطاء استخدموا هاشتاغ #إقالة_تركي_الدخيل.
البعض وصف الحملة الإلكترونية المعارضة للدخيل بـ «الممنهجة»، وبأنّها «بداية النهاية لابعاده وتعيين بديل عنه (رئيس تحرير جريدة «الشرق الأوسط» سلمان الدوسري) يعيد القناة إلى مسارها الرئيسي كرأس حربة ضد المقاومة وجماهيرها».حتى كتابة هذه السطور، تؤكد مصادر مقرّبة من الدخيل أنّه ينفي إقالته أو استقالته، فيما كذّب الدوسري الأحاديث عن تعيينه بديلاً للدخيل في «العربية»، قائلاً عبر تويتر: «أنا رئيس تحرير «الشرق الأوسط» وما يجري تناقله غير صحيح».
في غضون ذلك، وصفت مصادر لـ «الأخبار» الوضع في أروقة القناة السعودية بأنّه «يسوده الغليان والارتباك»، مشددةً على أنّ القرار بإطاحة الدخيل لم يُتخذ حتى الآن، «لكنّه ليس مستحيلاً!».في ظل استمرار إعصار «حكاية حسن»، ظهرت نسخة سعودية من الفيلم صُنعت على عجل، من إنتاج وإخراج ناشط مجهول يُطلق على نفسه اسم «النيزك». أراد الناشط من خلال فيلمه القصير (11 د.) الرد على «تلميع» الشاشة السعودية لصورة الأمين العام لحزب الله و«إظهاره بشكل البطل».
بدأ المنتج المجهول عمله بقول نصرالله «الموت لآل سعود». أُخرجت الجملة التي وردت خلال حوار تلفزيوني من سياقها لتأكيد المقصد الهجومي ضد المملكة. بعدها، انتقل الفيلم إلى تعليق الزعيم اللبناني على إعدام الشيخ نمر باقر النمر، وتهديده بـ «الرد الزينبي»، إضافة إلى اجتزاء عبارة أخرى وإخراجها من سياقها: «إما أن تعيشوا في مملكتنا كالغنم، أو تذبحوا كالغنم». إستعرض الشريط أيضاً هجوم نصرالله على الحرب السعودية على اليمن، حيث قال «لا لآل سعود».
وفي صيغة القص والإلصاق التي بدأها فيلم «العربية» الأصلي عن «حسن»، استخدم المنتج السعودي أرشيف قناة «الإخبارية» الحكومية، وتحديداً مقطع أظهر مذيع القناة الحكومية عثمان الغامدي وهو يهاجم «مندوب الحرس الإيراني» (حسن نصر إيران)، كما يحب أن ينعته على الهواء مباشرة، منتقداً محاولة الأمين العام لحزب الله «استعطاف العالم مع العصابات الحوثية التي انهارت حصونها تحت نيران «عاصفة الحزم» السلمانية».
وفي محاولة منه لإثبات «الصناعة الإيرانية للحزب»، سلّط الفيلم الضوء على فكرة «قرب الحزب من المطلوب نوح زعيتر» عبر عرض مشاهد ممنتجة، أظهرت الأخير وجماعته مؤيدين للحزب ولتدخله العسكري في سوريا لمحاربة التكفيريين. وزعم الشريط أنّ تمويل حزب الله يأتي من «البقاع والهرمل وقم الإيرانية».
أجزاء الفيلم كافة التي حملت عناوين مثل «رجل المافيا» و«رجل إسرائيل»، حاولت نبش كل ما يمكنه تشويه سمعة الحزب وزعيمه. حتى إنّ العمل تضمّن مشاهد من مقابلة لنصرالله مع الدبلوماسي الأميركي إدوارد بيك، قبل حرب تموز بأشهر عدة، أبدى فيها «حسن» عدم نيته شن حرب على إسرائيل برغم إمكاناته الصاروخية الهائلة.هذا الكلام، استدعى سخرية منتج الفيلم ممن «يدّعي حمله لواء مقاومة العدو المحتل»، مستغلاً في هذا الصدد مقابلة للأمين العام السابق لحزب الله صبحي الطفيلي يتهم فيها الحزب بتحوّله إلى «حرس حدود للشمال الفلسطيني المحتل».
تجويع مضايا وتعذيب السجناء في حبس «رومية» اللبناني يتحمّل مسؤوليتهما حزب الله، وفق ملف الإتهامات السعودي. أما «ترويج» نصرالله للمعارضة السلمية في البحرين، فقد كذّبها الوثائقي المشغول بطريقة بدائية باستحضاره مشاهد قنابل المولوتوف التي «يرميها متظاهرون على سيارات الأمن البحريني».إنتهى الشريط باستعادة مقاطع من أحاديث لنصر الله يعلن فيها تأييد حزب الله للنظام السوري، منهياً دقائقه الأخيرة بحفلة شتائم لـ «المقاوم» على لسان معارضين للنظام «الممانع» في مدينة حمص السورية.
لم يمض وقت طويل قبل أن يوظّف هذا العمل في التحريض الطائفي والمذهبي. رجل الدين السعودي المتطرّف محمد العريفي نشر رابط الفيديو الخاص عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مسترجعا حربه مع مجموعة «أم. بي. سي» المستمرة منذ سنوات، محاولاً تمرير إستفتاء لآراء متابعيه: «بعد «حكاية حسن»، أسألك مرّة أخرى: يوجد #إعلاميون_يخدمون_أعداءنا، هل تعتقد أن هذه المعلومة صحيحة؟». خلال أيّام قليلة، بلغت نسبة الذين أجابوا بنعم 83 في المئة.