رأى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أن “ما نشهده من انعكاسات واحتدام في المواقف حول التوصل لقانون انتخاب عصري وعادل يؤمن صحة التمثيل، يشير إلى أن قانون الستين لم يمت كما يزعمون، وأن خطر إجراء الانتخابات النيابية على أساسه لا يزال قائماً، ما يعني أن كل هذه المناورات ليست في محلها، وقد لا تؤدي إلى ما يحقق المصلحة الوطنية في إعادة هيكلة الدولة وبناء مؤسساتها على ركائز تتحرر فيها إرادة اللبنانيين من الاسترهان والاستتباع”.
وفي السياق، حذر قبلان من “خطورة التسويف والمماطلة”، داعياً إلى “إنهاء المناقشات العقيمة في الصيغ الانتخابية، واعتماد قانون النسبية الذي يلغي المحادل، ويدفع بالقواعد الشعبية إلى شراكة وطنية حقيقية في انتاج الندوة البرلمانية، التي تحفظ لبنان، وتؤسس لقيام الدولة، فالخيارات باتت محسومة، فإما أن نكون وطنا ونبني دولة، وإما أن نستمر كما نحن، حيث لا دستور ولا قانون ولا قضاء ولا عدالة ولا محاسبة ولا إنماء، بل فوضى وفلتان وبطالة وفساد ونهب وهدر وصفقات ومحاصصات”.
وفي خطبة الجمعة التي القاها في مسجد الإمام الحسين (ع) في برج البراجنة، أضاف قبلان “لقد استبشرنا خيرا بإنهاء الفراغ واكتمال المؤسسات بانتخاب رئيس الجمهورية وتأليف الحكومة، وتفاءل اللبنانيون، ظناً منهم أن مرحلة جديدة قد بدأت، ولكن مع الأسف لم يتغير شيء، والجمر ما زال تحت الرماد، ولعبة المصالح لم ولن تتوقف، طالما أن النفس الطائفي متقدم بأشواط على الروح الوطنية”. كما ناشد الشيخ قبلان السياسيين “تدارك المخاطر التي قد يولدها عدم التوافق على قانون انتخابي يوحد اللبنانيين ولا يفرقهم، ويؤسس لقيام الدولة التي تحتضن الجميع، وتحصن لبنان من السقوط في متاهات التقسيم والتوطين”، داعياً الى “الالتفات جيدا إلى مسألة النزوح السوري والعمل على حلها، بالتنسيق مع الحكومة السورية، كونها باتت تشكل عبئا اجتماعيا واقتصاديا ضاغطا على اللبنانيين الذين لم يعد بمقدورهم تحمل المزيد من القهر والفقر والحرمان، لا سيما في منطقة بعلبك الهرمل وعكار”.
وأشار قبلان إلى أن “المواطن لم يلمس شيئا على الصعيدين الاجتماعي والمعيشي، بل هو على موعد مع سلة جديدة من الضرائب التي ستأخذ من جيبه لحساب الذين استباحوا المال العام، وأرهقوا الخزينة، وزادوا في مديونية الدولة، وراحوا اليوم يبحثون عن موارد لتغطية عجزها على حساب لقمة عيش الفقراء. هذا الواقع نرفضه، فاللبنانيون ملوا الانتظار، وعلى هذه الحكومة أن تتنبه لهذا الأمر وتعمد إلى إقرار موازنة واعدة تكون في مستوى طموحات الناس، وليس على حسابهم”. أما في الموضوع الإعلامي، فطالب المفتي قبلان “الحكومة، وخصوصاً وزارة الإعلام أن تتحمل مسؤولياتها في ضبط الإعلام ووقف هذه الفوضى التي تكاد باسم حرية الرأي والتعبير أن تتحول إلى مشاريع فتنوية، فلبنان له ميزة خاصة وتركيبته حساسة جداً، وعلى الذين يتعاطون الشأن الإعلامي أن يكونوا حذرين وحريصين على احترام هذه الحالة اللبنانية والمحافظة عليها”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام