تناولت الصحف الصادرة في بيروت نهار الخميس في 16-2-2017 العديد من الملفات، وجاءت افتتاحياتها على الشكال التالي.
النهار
مشهد “تعنيفي” يثقل أزمة العجز الانتخابي
اذا كانت انطلاقة مجلس الوزراء في مناقشة مشروع الموازنة لسنة 2017 أمس قد أعادت بعض “المهابة ” المهدورة في مشهد تعنيفي ضد وسيلة اعلامية كاد يؤدي الى ما لا تحمد عقباه ليل الثلثاء الماضي فان ذلك لا يعني تجاهل الاشتباك الحاصل بين المساعي لاستدراك الازمات التي تفرخ تباعا في الطريق الشاقة لاعادة الانتظام الى مسيرة الدولة والتعقيدات التي يضفيها العجز السياسي عن ايجاد حل لمأزق قانون الانتخاب بات يشكل عنوانا عريضا لأزمة مفتوحة تحفز على توقع مزيد من المآزق.
بدا المشهد في اليومين الأخيرين كأنه ترجمة واقعية لكلام رئيس الوزراء سعد الحريري في خطاب الذكرى الـ12 لاغتيال الرئيس رفيق الحريري عن “المصالحة المستحيلة بين تطبيق اتفاق الطائف والوصول الى دولة مدنية حديثة لا تميز بين ابنائها “. واذ اورد الحريري هذه المعادلة من باب تشديده على رفضها وتأكيد مضيه في معاكستها، فان وقائع اليومين الاخيرين أوحت بمخاوف من تنامي التعقيدات في هذا المسار من خلال تجهم الاجواء السياسية المتصلة بالمساعي لايجاد ثغرة تنفذ منها ازمة قانون الانتخاب أولاً ومن ثم عبر تنامي ملامح الارباكات التي تحوط بترددات موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من سلاح المقاومة مع صدور موقف رسمي للامم المتحدة يذكر بالتزامات لبنان بموجب القرار 1701. وبينما كان يفترض ان تنصرف الحكومة الى هم اقرار موازنة تصاعدت ردود الفعل السلبية على بنودها الضريبية سلفاً، جاءت واقعة الاعتداء الذي تعرضت له محطة “الجديد” التلفزيونية على ايدي متظاهرين من حركة “أمل” ليل الثلثاء لتزيد المشهد قتامة مع كل الملابسات السلبية التي واكبت الممارسات العنفية التي اتبعها المتظاهرون وتأخر القوى الامنية في فك الحصار عن مبنى المحطة.
واذا كانت الحكومة وضعت قضية “الجديد ” بكل ملابساتها في عهدة القضاء للفلفة تداعياتها السياسية وخصوصاً بعدما اتخذت ملمحاً طائفياً تجاوز الاطار الاعلامي والسياسي، فان شروعها في در، مشروع الموازنة لم يحجب الصعوبات التي بدأت تواجهها انطلاقا من مواقف العدد الاكبر من الوزراء برفض فرض ضرائب جديدة على الطبقات الفقيرة والمتوسطة في حين يحتوي مشروع الموازنة على سلة ضريبية واسعة سبق مجلس النواب أن أقرها تباعاً. هذه المفارقة الى حتمية تضمين الموازنة سلسلة الرتب والرواتب العالقة منذ زمن طويل أدت الى تشعب النقاش في جلسة مجلس الوزراء وتبين بوضوح ان ثمة مسلكا اضطراريا قد تلجأ اليه الحكومة باعادة “ترشيق” الموازنة ان من خلال فصل السلسلة عن الموازنة واقرارها لاحقا بمراسيم منفصلة وان من خلال اعادة النظر في بنود متضخمة في قطاعات توظيفية مختلفة. وبدا ان ثمة حاجة الى تلافي مسلك خلافي جديد ربما نفذ الى الصف الحكومي من باب الموازنة، فقرر الرئيس الحريري تكثيف جلسات مجلس الوزراء الخاصة باقرار الموزانة بحيث تعقد الجمعة المقبل جلسة أخرى تليها ثلاث جلسات اضافية متعاقبة الاسبوع المقبل.
“خطوات النملة”
أما على صعيد مأزق قانون الانتخاب، فيبدو ان التطور الوحيد الذي برز في كواليس المشاورات السياسية في الايام الاخيرة يتصل بتجديد الدفع نحو صيغة مختلطة لم تتبلور اطرها التفصيلية تماماً بعد في انتظار استمزاج الآراء والمواقف الاولية منها. وعلمت “النهار” من مصادر في الحزب التقدمي الاشتراكي أن رئيس الحزب النائب وليد جنبلاط قدم أفكاراً إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري في موضوع قانون الانتخابات تشكل عودة، مع بعض “الرُتوش”، إلى مشروع القانون المختلط بين الأكثري والنسبي الذي سبق للتقدمي أن اتفق عليه مع “تيار المستقبل” وحزب “القوات اللبنانية”، على أن يكون قضاءا الشوف وعاليه دائرة واحدة.
وأوضحت المصادر نفسها أن القبول بشيء من النسبية في القانون يتضمن تطويراً للمشروع الثلاثي المشترك على قاعدة التمثيل الصحيح للجميع، وأيضاً على أساس القاعدة الأهم عند الحزب التقدمي، وهي المحافظة على العيش معاً في الجبل والمصالحة التاريخية بين أبنائه، مذكرة بإبداء جنبلاط كل الاستعداد للشركة لاحقاً في الانتخابات مع كل القوى الموجودة في الجبل.
ورأت المصادر أن الموضوع بعد هذا التطور بات في مكان آخر، وأن الحزب التقدمي الاشتراكي قدم أقصى ما يستطيع القبول به في مبادرة حسن النية هذه، وتالياً لم يعد ممكناً القول إنه يقف في صف معرقلي تحقيق الإرادة العامة المطالِبة بقانون جديد للانتخاب. وخلصت إلى أن المبادرة صارت بين يدي الرئيس بري الذي سيتولى الإخراج المناسب لطرحها وتسويقها. وبالفعل لمّح الرئيس بري أمس أمام النواب الى هذه الافكار، موضحاً ان جنبلاط قدم طرحاً خطياً عن نظام مختلط ينطلق من معيار واحد ويجعل الشوف وعاليه دائرة واحدة لكنه تكتم على التفاصيل. وتتحدث معلومات عن ان جنبلاط تقدم خطوة في ما يطرحه بطرح القانون الاكثري معدلاً في اتجاه النسبية بما يرضي الافرقاء الاخرين بحيث يمكن بعد الانتخابات النيابية المقبلة الذهاب الى اعداد مشروع قانون لمجلس نواب خارج القيد الطائفي والشروع في انشاء مجلس الشيوخ.
وتقول مصادر معنية بالمشاورات والاتصالات الجارية إن اجراء الانتخابات بات مرجحا بنسبة كبيرة في الخريف المقبل على رغم توقع توجيه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الدعوة الى الهيئات الناخبة الاسبوع المقبل، اذ ان المساعي للاتفاق على قانون جديد تخطو خطوات النملة ويصعب التراجع عنها، الى احتمالات أخرى باتت خارج الحسابات السياسية.
الاخبار
انطلاقة مؤجّلة للقاء أستانة… وميدان درعا يواصل اشتعاله
بعد تأجيل ليوم واحد لأسباب «فنية»، ينطلق اليوم اجتماع أستانة «التقني» الثاني لبحث وقف إطلاق النار، بحضور الدول الثلاث الضامنة والوفد الحكومي السوري، في مقابل وفد معارض «مصغّر». ومع اشتعال ميدان مدينة درعا بالتزامن مع اللقاء، يثير تأكيد موسكو على حضور الأردن مع ممثلين عن فصائل «الجبهة الجنوبية» تساؤلات حول الدور الذي قد تلعبه عمّان في الميدان وعلى طاولة المفاوضات.
مرح ماشي
لم يشهد يوم أمس، وفق المقرر، انعقاد الاجتماع الثاني ضمن سلسلة لقاءات أستانة لبحث اتفاق وقف إطلاق النار وتداعياته في الميدان، بعد تأجيل موعد انطلاق المحادثات إلى صباح اليوم، لدواع «فنّية»، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية الكازاخية.
التأجيل بدا خارج الجدول المقرر، خاصة أن الوفود التي ستشارك فيه حضرت إلى العاصمة الكازاخية، باستثناء تأخر وفد الفصائل المسلحة عن موعد وصوله، رغم إعلانه المشاركة بوفد «مصغر». وشهد أمس اجتماعات ثنائية بين الوفد الحكومي السوري وكل من الوفدين الروسي والإيراني، تم خلالها بحث «معطيات ومعلومات من أجل التحضير سوية، بشكل جيد لاجتماعات» اليوم، وفق ما أوضح رئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري، من أستانة.
ومع تأخر حضور الفصائل المعارضة المسلحة وغياب وفدها الموسع، بالتوازي مع ما حمله الأسبوع الماضي من تهديدات بعدم المشاركة في الاجتماع، بدا لافتاً استمرار الاشتباكات بين فصائل الجنوب والجيش السوري داخل مدينة درعا، في وقت كان ينتظر فيه ما ستفضي إليه مشاركة الأردن في لقاء أستانة، بعد طرحها إدخال الجنوب السوري تحت مظلة اتفاق وقف إطلاق النار.
وفي انتظار ما قد يرشح عن لقاءات اليوم من نتائج على مسار مراقبة وضمان وقف إطلاق النار تمهيداً لجولة جنيف المقبلة، رأى رئيس الوفد الحكومي السوري أن «من السابق لأوانه الحديث عن تفاؤل أو تشاؤم في ما يتعلق بما سينتج من هذا الاجتماع، ولكن ما يسترعي الانتباه هو أن الوفد التركي ووفد المجموعات المعارضة المسلحة لم يصلا بعد».
ومن جهته أشار رئيس الوفد الروسي ألكسندر لافرينتيف إلى أن هناك جزءاً من النقاط التي تحتاج إلى الاتفاق عليها لاتخاذ قرارات متزنة، معرباً عن أمل بلاده في «أن اتخاذ هذه القرارات سيسهم في تعزيز وقف العمليات القتالية، وهو الأمر الذي يعتبر أساساً للمضي قدماً في تسوية الأزمة». وأوضح أن وفداً من الجانب الأردني سيحضر اللقاء، كذلك سيكون هناك ممثلون عن فصائل «الجبهة الجنوبية».
ويبدو تلكّؤ الجانب المعارض في حضور أستانة مرتبطاً بمحاولات نقل ملف التفاوض من على طاولة أستانة إلى محادثات جنيف، التي تبعد أياماً قليلة فقط، لا سيما أن الفصائل المعارضة تتمتع بتمثيل وازن في وفد «الهيئة العليا» المعارضة، إذ أعلنت المعارضة المسلحة أن وفداً «مصغراً» سيمثلها في اجتماع أستانة، موضحة أن الوفد سيضم مجموعة من «الخبراء الفنيين».
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن يحيى العريضي، وهو أحد المتحدثين باسم وفد الفصائل المعارضة إلى أستانة، ما مفاده أن «الوفد المعارض سيحضر برئاسة محمد علوش… لمناقشة أمر واحد فقط، إذ تلقينا وعداً بأنه سيصار إلى تثبيت وقف إطلاق النار». وأضاف العريضي: «هذا ما نأمل إنجازه في حال توفر إرادة من قبل الضامنين وتحديداً روسيا». ومن المقرر أن يلتقي وفد المعارضة، وفق العريضي، ممثلين عن روسيا وتركيا والأمم المتحدة التي سبق أن أعلنت أنها سترسل «فريقاً تقنياً».
وأوضح رئيس الدائرة الإعلامية في «الائتلاف السوري» المعارض، أحمد رمضان، في تصريح إلى وكالة «فرانس برس»، أن الوفد سيضم إلى جانب علوش «خمسة أعضاء من ممثلي الفصائل» المسلحة، لافتاً إلى أن هدف المشاركة هو «نقل رسالة إلى الروس مفادها عدم وجود التزام» باتفاق وقف إطلاق النار، فضلاً عن «استمرار الانتهاكات». وشدد على أن الوفد سينقل أيضاً رسالة أخرى مفادها «رفض التطرق إلى أي ملف سياسي في أستانة، ونقل ذلك إلى جنيف تحت مرجعية الأمم المتحدة».
وبالتوازي، أشارت «الهيئة العليا» المعارضة، أمس، إلى أنها تريد إجراء «مفاوضات مباشرة» مع وفد الحكومة السورية، خلال جولة محادثات جنيف المرتقبة. وقال المتحدث باسم «الهيئة»، سالم المسلط، لوكالة «رويترز»، إن المعارضة ملتزمة بموقفها حول استثناء مشاركة الرئيس السوري بشار الأسد في أي دور مستقبلي، حتى في المرحلة الانتقالية، مضيفاً أن «الثمن الباهظ الذي دفعه الشعب السوري سيضيع لو بقي الأسد في السلطة».
أما في الميدان، فقد استمرت الاشتباكات العنيفة بعد ساعات على احتواء الجيش السوري للوضع الميداني في حي المنشية، جنوب مدينة درعا. وتركز تقدم الفصائل المسلحة، خلال اليومين الماضيين، على محور دوار المصري باتجاه كتلة النجار. وأكدت مصادر ميدانية سورية أن ازدياد عدد المفخخات أجبر عناصر الجيش على الانسحاب المؤقت نحو خطوط خلفية تسمح بوصول الدعم والمؤازرة، في ظل ضرورة تشكيل خط دفاعي لتثبيت تحصينات جديدة تمنع المسلحين من مدّ نفوذهم داخل الحي.
ولفتت المصادر إلى أن إجمالي سيطرة المسلحين لا تتناسب على الأرض مع الزخم الإعلامي لوسائل إعلام المعارضة، التي زعمت السيطرة على الحي بالكامل، منذ الساعات الأولى على بدء الهجوم. وأكدت أن إجمالي الكتل السكنية التي تقدم المسلحون عبرها، لا تتجاوز 20%.
وتزامن الخرق الجديد للمسلحين في المنشية مع استهدافهم لعدة مناطق سكنية داخل الحي بعدد من القذائف الصاروخية، إضافة إلى قصف حي السحاري المجاور شمالاً، وأحياء عدة واقعة تحت سيطرة الجيش في المدينة.
مصدر ميداني لفت إلى أن عمليات الجيش مستمرة داخل الحي، وسط مشاركة مهمة للطائرات الحربية خلال ساعات النهار، قبل أن تنكفئ في فترة ما بعد ظهر أمس بفعل عوامل الطقس. وذكر المصدر أن الجيش تمكن من تدمير عتاد ثقيل يعود إلى المسلحين، إضافة إلى قتل عشرات من المهاجمين منذ بدء هجومهم على الحي المشرف على خطوط إمداد المسلحين عبر الحدود الأردنية.
المصدر الميداني قلّل من أهمية الخرق، ورأى أن القوات السورية قادرة خلال ساعات الصباح على استئناف تحرك وحدات المشاة، بتغطية سلاح الجو والمدفعية، بهدف تثبيت نقاط ترمي إلى إعادة التمركز في المحور المشتعل، ورفض فكرة خسارة النقاط الجديدة بشكل نهائي، إذ إن ذلك يعني تصعيداً خطيراً على سياق عمليات الجيش العسكرية، على الجبهة الجنوبية لمدينة درعا. وذلك في ضوء الحديث عن مصالحات قابلة للإنجاز في ريف درعا الجنوبي، قد تؤدي إلى خسارة المسلحين مناطق مهمة قريبة من الحدود الأردنية.
البناء
اكتمال عقد أستانة والاستعداد لجنيف دون تفاؤل… والمعارضة ساحة فك وتركيب
ترامب ونتنياهو: لا دولة فلسطينية وتفاوض للتفاوض… وروحاني لحوار خليجي
وديعة جنبلاط لدى بري تنتظر موقف الحريري بعد إعلانه ربط النزاع مع عون
بين أستانة وواشنطن مساران متعاكسان يرتسمان، حيث تمهد أستانة لجنيف وحوار سوري سوري يتأسس على موازين عسكرية جديدة أنتجتها معارك حلب، وفتحت باب التموضع التركي والأردني، وتحت سقف سياسي يُنهي نظرية مرحلة انتقالية وهيئة حكم انتقالي، ويفتح الطريق لحكومة موحدة في ظل الدستور السوري وتحت عباءة الرئيس السوري، تمهيداً لدستور جديد وانتخابات جديدة، على قاعدة أولوية الحرب على الإرهاب، بحيث صار المسار المكوكي بين أستانة وجنيف الطريق لاستيلاد الجسم المعارض القادر على تحمّل أعباء التسوية، بين حروب إلغاء ومؤامرات استبعاد وتدخل المخابرات، حتى يستقر الوفد الفائز بقصب السباق إلى المقاعد الوزارية، حيث موسكو وطهران تمدّان جسور الهبوط الآمن لأنقرة وعمان للانخراط في مسار التموضع الجديد من دون آمال كبيرة بإنجاز التحوّلات بسرعة. بينما في واشنطن فقد رتّب الضعف الذي تعيشه أميركا و«إسرائيل» بعد حروب فاشلة عجزاً عن الحرب والسلام معاً، وصار الرئيس الأميركي دونالد ترامب كصديقه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، في حال الضعف الداخلي أمام التطرف وصورة القوة، والضعف الخارجي أمام مَن يملكون قدرة خوض الحروب وتحمل أكلافها، وبينهما وقت يمضي ينمو فيه الإرهاب ويتجذّر كخطر يدقّ الباب، ولا خيار لمواجهته بلا شجاعة صناعة التسويات مع خصوم الأمس وخصوصاً روسيا وإيران، بعدما سقطت خيارات الحروب معهم. لذلك لا يجد ثنائي ترامب ونتنياهو اليوم إلا لغة التصعيد الكلامي بدلاً من الحرب والتفاوض للتفاوض بدلاً من التسويات، وهذا ما تحمله التصريحات عن الموقف من الاستيطان كضرورة سكانية للجدار الأمني، وصرف النظر عن حل الدولتين وقيام دولة فلسطينية، لكن من دون الخروج من التفاوض ليصير التفاوض بلا قضية مجرد ميكانيكا لتمييع المواجهة.
الوضوح لدى معسكر موسكو وطهران يقابله التشوش والارتباك لدى محور واشنطن وتل أبيب، والوقوف في منتصف الطريق بالنسبة لحلفاء واشنطن في حربها على سورية بانتظار تبلّور خيارات التسوية بعد لقاء الرئيس الأميركي بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في الصيف المقبل، وحتى ذلك التاريخ تسير موسكو بثبات لبلورة نظام إقليمي جديد للشرق الأوسط نواته إيرانية تركية مصرية تتبلور بقوة على الساحتين السورية والليبية، وتمضي إيران لتطبيع علاقاتها خليجياً من بوابة الحوار الذي تتقدّم نحوه الكويت وعمان في ظل موافقة ضمنية وعدم ممانعة سعودية علنية.
لبنانياً، يبقى انتظار قانون الانتخاب الجديد الموعود، مع الوديعة التي وضعها النائب وليد جنبلاط لدى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بانتظار أن يحسم رئيس الحكومة سعد الحريري خياراته، بما يتصل بشروط التسوية التي ستحكم مرحلة ترؤسه الحكومة في عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، حيث ربط النزاع الذي أعلنه الحريري في خطاب زكّى اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري، ليس موجهاً عملياً لحزب الله بل لرئيس الجمهورية، والسؤال عن كيفية الجمع بين ربط النزاع حول الموقف من سلاح المقاومة ودورها في سورية والعلاقة بسورية، خصوصاً في مواجهة الإرهاب وأزمة النازحين، كما أعلنها رئيس الجمهورية، وبين تلبية استحقاقات بحجم قانون الانتخابات بحلول وسط مقبولة، بعدما لم يعد جنبلاط ذريعة مناسبة لتعطيل ولادة القانون الموعود.
لقاءات مكثفة في الأيام الفاصلة
تتكثّف اللقاءات الثنائيّة والرباعيّة في الأيام القليلة الفاصلة عن نهاية المهلة الدستورية لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، في محاولة للتوصل الى صيغة انتخابية توافقية، وفي حين لا زالت الصيغ المتداولة تدور في حلقة مفرغة، بات من المستبعَد خروج مشروع قانون الى النور قبل 21 شباط المقبل في ظل تمسك رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط بموقفه الرافض للنسبية وتضامن تيار المستقبل ورئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع، الذي أعلن المواجهة مع القانون النسبي وتمسّكه بالمختلط.
وإذ بدا التباعد واضحاً بين التيار الوطني الحر و«القوات» بشأن القانون، نفت مصادر في التيار لـ«البناء» وجود أي رؤية موحّدة بين الطرفين، ولفتت الى أن «لا تقدم إيجابي بين القوى السياسية على صعيد قانون الانتخاب يوحي بقرب التوصل الى اتفاق بشأنه»، وكرّرت المصادر تأكيد «أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لن يوقّع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، وبالتالي الأمور مفتوحة على الاحتمالات كافة».
واستبعدت المصادر أي مفاجأة بالإعلان عن اتفاق حول القانون العتيد قبل 21 المقبل، لافتة الى أنّ «رئيس الجمهورية سيواجه مَن يريد إعادة عقارب الساعة الى الوراء، وإذا أراد البعض الاستمرار بالتعاطي مع المسائل المطروحة بهذا المنطق، فإنّ الفراغ سيكون سيّد الموقف حتى الآن ولن تجرى الانتخابات في موعدها وكل فريق يتحمّل مسؤوليته، لكن العهد الجديد لن يخالف الدستور».
وتحدّثت المصادر عن «صراع جديد ظهر بعد التسوية الرئاسية محوره قانون الانتخاب تدخل فيه المصالح الانتخابية والسياسية والصراع على السلطة، وكأن لا شيء تغيّر ولا رئيس جديد ولا عهد ولد ولا دستور».
وأوضحت أنّ «جميع الطروحات التي تقدمت ليست واضحة ولم تنتج أي صيغة توافقية ولا يوجد تصوّر لدى أيّ مكوّن»، مضيفة أنّ «رئيس الجمهورية يرى بأنّ النسبية هي القانون الأفضل، لكن أيّ قانون يصل الى بعبدا يراعي المعايير التي يحدّدها الدستور سيوقعه عون ولن يقف حجرة عثرة أمام التوافق، لكن أن تُطرح مشاريع وقوانين وفق مصالح البعض فهذا أمر مرفوض». وإذ لفتت المصادر الى أنّ التمديد التقني للمجلس الحالي بات مؤكداً، أشارت الى أنه من المبكر الحديث عن السيناريو الذي سيسلكه الاستحقاق الدستوري.
وفي حين كرّرت كتلة المستقبل في اجتماعها أمس «تمسكها بضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها وفق قانون جديد قائم على وحدة المعايير، لا يُقصي أو يُقهر أيَّ طرف من الأطراف اللبنانية»، دعت كتلة الوفاء للمقاومة خلال اجتماعها الأسبوعي الى إقرار قانون انتخاب جديد يقوم على النسبية مع الدائرة الواحدة أو الدوائر الموسعّة، ولا ترى في ذلك أي انتقاص أو تهميش لأيّ مكوّن من المكوّنات اللبنانية، ومع ذلك فإنّ الكتلة منفتحة على كلّ نقاش جدي يدور حول أيّ صيغة معقولة ومتماسكة يمكن التوافق عليها.
وثمنّت الكتلة المواقف الوطنية الواضحة التي أدلى بها أخيراً رئيس الجمهورية، خصوصاً لجهة تأكيده ضرورة بقاء المقاومة وحاجة لبنان إليها ولجهة ثقته بحرصها على الاستقرار الداخلي وتشديده على دورها الإيجابي مع الجيش اللبناني في التصدّي للاعتداءات الإسرائيلية وتحرير بقية الأراضي اللبنانية المحتلة.
بري: النسبية تحفظ التنوّع
وبينما تحدّثت المعلومات عن أنّ مشروع القانون الذي أعدّته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي يُبحث بجدية في الاجتماعات اليومية التي تحصل بعيداً عن الإعلام، وأنّ النائب جنبلاط تقدّم خطوة باتجاه الموافقة على صيغ القانون المختلط، أكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري أنّ «حماية لبنان والحفاظ على التنوّع في التركيبة اللبنانية لا يكونان إلا بإقرار قانون جديد للانتخاب يعتمد النسبية، وعلينا جميعاً، من أجل تسييج لبنان، أن نتوافق على قانون الانتخاب».
وجدّد القول في لقاء الأربعاء إن «من واجب الحكومة مناقشة القانون في أقرب وقت، لأنّ هذا الموضوع هو من أولى مهماتها ومسؤولياتها». وقد شدّد بري على أنه ضنينٌ على تأمين العدالة في القانون الانتخابي الجديد من خلال صحة التمثيل للجميع، وهذا ما يوفره النظام النسبي الذي يحدّد الأحجام والأوزان السياسية ولا يلغي أحداً.
وجزم بري بأن لا تمديد لمجلس النواب تحت أي ظرف كان، وإذا حتّم علينا القانون الجديد تمديداً تقنياً للجهوزية الانتخابية، فإنّه لن يكون سوى لفترة قصيرة، وأكد أننا بتنا في الأيام الأخيرة الفاصلة عن وضوح الصورة الانتخابية، والتي ستتجنّب الوقوع في الفراغ وتعمل على إنجاز صيغة عادلة. وعلى صعيد آخر، رأى الرئيس بري أنه «مهما جرى من نقاش حول الموازنة لا بدّ من إقرارها من أجل مصلحة الدولة والاقتصاد اللبناني»، مشدّداً في الوقت نفسه على «وجوب إقرار سلسلة الرتب والرواتب في كلّ الأحوال بعد كلّ هذه الفترة من الانتظار».
جلسات ماراتونية للموازنة
وفي حين غاب قانون الانتخاب، طغى ملف الموازنة على جلسة مجلس الوزراء والتي ستتحوّل الى جلسات ماراتونية غداً الجمعة والاسبوع المقبل حتى إقرار مشروع الموازنة العامة للعام 2017. وشهد مجلس الوزراء الذي انعقد أمس، في السراي الحكومية برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري وجهات نظر ومقاربات عدّة حيال مشروع الموازنة وناقش الوزراء بالأرقام والوقائع وطلب رئيس الحكومة من الوزراء عدم التحدّث في الإعلام عن التوجّهات الحكومية حيال الموازنة.
وقالت مصادر وزارية لـ«البناء» إنّ «الاتجاه في مجلس الوزراء الى إقرار الموازنة بعد إشباعها درساً بناءً على الوقائع والأرقام المالية ولا خلاف في المجلس حول ذلك. والجميع أقرّ بضرورة إنجاز الموازنة رغم بعض التباينات في وجهات النظر». وأوضحت المصادر أنّ «هناك شبه موافقة في المجلس على السير بالضرائب، كما وردت بمشروع الموازنة التي أحالها وزير المال علي حسن خليل إلى مجلس الوزراء مع تغيّر بسيط في بعض الضرائب والإنفاق». وأضافت المصادر أنّ «هناك ضرورة لإقرار ضرائب جديدة لتحسين إيرادات خزينة الدولة مع ضبط الإنفاق قدر المستطاع، لكنها لن تصيب الفئات الشعبية الفقيرة ولا المتوسطة وكل الضرائب الملحوظة في الموازنة، لا سيما زيادة الضريبة على القيمة المضافة 1 في المئة، لا تشمل مشتقات المواد الأولية والأدوية وغيرها التي تطال ذوي الدخل المحدود بل الضرائب ستكون بمعظمها على الأرباح العقارية والمصرفية». ولفتت الى أنه «لا يمكن الاستمرار بسياسة الاستهلاك الموجودة في ظلّ عجز في الميزان التجاري 14 مليار ليرة». وتحدّثت المصادر عن أنّ «النمو الاقتصادي في لبنان لم يتعدَّ الـ 2 في المئة، بينما خدمة الدين العام بلغت 5 مليارات دولار وعجز 10 في المئة في الدخل القومي. وبالتالي هناك نمو سلبي 8 في المئة ما يفاقم الخطر على الاقتصاد اللبناني».
وانقسم الوزراء بين مؤيّد لفصل سلسلة الرتب والرواتب عن مشروع الموازنة، نظراً للخلاف حول تمويلها لا سيما زيادة الرسوم والضرائب، وذلك بعدما تكلّم رئيس الحكومة عن أفضلية فصلها عن موازنة 2017، لأنّ وزارة المال بصدد إعداد موازنة 2018 بعد نحو شهرين أو ثلاثة، ويمكن أن نضمّ السلسلة الى هذه الموازنة او نصدرها بقانون منفصل اذا جرى التوصل الى تفاهم حول السلسلة قبل اقرار موازنة 2018.
أما في ما خصّ قطع حساب الموازنات السابقة منذ العام 2005 حتى الآن بما فيها مبلغ الـ11 ملياراً، تم فصل الموازنة عن عملية قطع الحساب الذي تمّ تأجيل بتّها ثلاثة أشهر. وشدّد الرئيس الحريري على أنه من الأهمية بمكان إقرار موازنة عام 2017 بعد 12 سنة من دون موازنة، مشدداً على تحسين موضوع الجباية. وفي موازاة ذلك، حذّرت جمعية المصارف «من المخاطر التي قد تنجم عن مشروع موازنة العام 2017 والضرائب الجديدة المقترحة فيه، والتي تناول بعضها القطاع المصرفي بصورة انتقائية»، وكشفت أنها «سترفع مذكّرة في هذا الخصوص إلى السلطات المختصّة، وتجري اتصالات مكثّفة مع المسؤولين المعنيّين لمعالجة الموقف».
وتمّ الاتفاق في نهاية الجلسة على عقد جلسة أخرى غداً الجمعة وثلاث جلسات الأسبوع المقبل. وحضر موضوع التظاهر أمام مبنى قناة «الجديد» أمس وأمس الأول، في بداية الجلسة، وأكد وزير الإعلام ملحم رياشي، أن ما تعرّضت له المحطة يتطلب تدابير قضائية لحماية الإعلام والإعلاميين والحرية الإعلامية، فردّ الوزيران علي حسن خليل وغازي زعيتر معتبرين أنّ الكلّ مع حرية الإعلام ولا أحد ينوي المسّ بها، لكن شرط أن تلتزم وسائل الإعلام نصوص القانون. وتحدّث وزير العدل سليم جريصاتي مؤكداً أنّ القضاء تحرك أصلاً من أجل ملاحقة المعتدين على المحطة.
اللواء
الموازنة تشق طريقها بين ألغام الأرقام.. وقانون الإنتخاب يُطبَخ في الكواليس
الحريري يدعو للإنتخابات ويدافع عن التسوية.. وحزب الله مع «صيغة مقبولة»
سلّمت الطبقة السياسية بأنه من غير الممكن اجراء الانتخابات النيابية في موعدها ما دامت النية معقودة على إنتاج قانون جديد للانتخابات، آخذة صورته في التشكل، فهو غير اقصائي أو تهميشي لأي طائفة من الطوائف اللبنانية، وهو ليس قانون الستين او على شاكلته، وهو فيه شيء من النسبية لكنه ليس نسبياً، وفيه شيء من النظام الأكثري لكنه ليس أكثرية، أي في منزلة بين منزلين الأكثري والنسبي.
ومع هذه النتيجة، أعطت حكومة استعادة الثقة الأولوية لانجاز موازنة العام 2017 التي حضرت للمرة الثانية على طاولة مجلس الوزراء التي انعقدت في السراي الكبير أمس، على مدى ثلاث ساعات، على أن يعقد المجلس جلسة غداً ورابعة الاثنين، وربما تمتد الجلسات الى الأربعاء والجمعة.
وهذا يعني أن قراراً سياسياً اتخذ بإنجاز الموازنة قبل نهاية الشهر، لإحالتها إلى مجلس النواب الذي يستعد لمناقشتها واقرارها في وقت لا يتجاوز الأسبوع الأوّل من آذار. وتوقف مصدر وزاري عند عقد الجلسات في السراي الكبير وبرئاسة الرئيس سعد الحريري، بحيث تأخذ المناقشات مداها، نظراً لحجم الصعوبات التي تواجهها الموازنة، والتي تتمثل بقطع الحساب ومصير الـ11 مليار دولار، فضلاً عن سلّة الضرائب التي تواجه برفض عدد من الوزراء أن تتناول 1 في المائة على القيمة المضافة، أو الضرائب على الفئات ذات الدخل المحدود والمتوسط، ومعارضة الهيئات الاقتصادية فرض ضرائب على بعض الصادرات التي تعتبر من الكماليات أو حتى على الفوائد المصرفية.
وإذا كان وزير المال علي حسن خليل يحرص على الدفاع عن الارقام التي قدمها، وعن بعض الضرائب التي قال أن مجلس النواب اقرها في جلسات تشريعية، فإن مشكلة تمويل سلسلة الرتب والرواتب تواجه هي الأخرى انقساماً وزارياً، بين المتمسك بأن تكون جزءاً من الموازنة على أن يربط تمويلها بوقف الهدر وليس بفرض الضرائب، وبين مطالب بفصل الموازنة عن السلسلة. وفي ظل هذا التجاذب، تنفذ رابطة التعليم الثانوي ورابطة التعليم المهني اضراباً في إطار الضغط على الحكومة لإقرار السلسلة بأي ثمن، دعت التعبئة التربوية في «حزب الله» إلى أوسع مشاركة فيه.
وبالعودة إلى مناقشات الجلسة، أمس، فان مصادر وزارية قالت لـ«اللواء» أن المناقشات تناولت بعض الإصلاحات الممكنة في الإدارة، فضلاً عن تحسين الجباية في المياه والكهرباء والضرائب المتوجبة، بما فيها عمل الجمارك. وقالت هذه المصادر أن الدخول في الأرقام سيكون بدءاً من جلسة الغد، إضافة إلى جدول أعمال من 46 بنداً يتعلق بنقل اعتمادات وقبول هبات وسفر. وقد وزّع على الوزراء في ختام الجلسة، مع مشروع الموازنة.
ومن البدائل التي طرحت، وفقاً لأحد الوزراء، تحسين جباية الكهرباء وتخفيض فاتورة المولدات، بالإضافة إلى تخفيض خدمة الدين العام بتخفيض نسبة الفوائد على سندات الخزينة والمصارف. ومن النقاط التي اثيرت في الجلسة ما طرحه وزير الشؤون الاجتماعية بيار أبي عاصي من أن 45 في المائة من الضرائب ضائعة، متوقفاً عند ضرورة تخفيض فاتورة الاتصالات وتقديم التسهيلات للاستثمار في لبنان، في حين ان وزير الصناعة حسين الحاج حسن رفض فرض أي ضريبة، ودعا إلى إحداث توازن بين الواردات والصادرات، إذ لا يعقل أن تنخفض صادرات لبنان من 4 مليارات دولار إلى 3 مليارات وترتفع نسبة الاستيراد الى ما مجموعه 19 مليار دولار.
وخلال الجلسة طلب وزير الإعلام ملحم رياشي الكلام فأثار قضية ما حصل ليل الثلاثاء – الأربعاء امام تلفزيون «الجديد»، وطالب رئيس الحكومة بالتدخل لحماية حرية الإعلام مشدداً على أن حرية التعبير والتظاهر يتيحها الدستور لكن دون العنف أو التعرّض للأملاك العامة.
وجرى نقاش حول التجمع الاحتجاجي الذي تحوّل إلى هرج ومرج وإطلاق أسهم نارية وتكسير زجاج، فقال وزير العدل سليم جريصاني ان القضاء تدخل وهو بصدد اجراء اللازم في مسألتين: الأولى تتعلق بالتعرض للرموز الدينية والسياسية والتحقق من مدى حصول ذلك والوصف الجرمي لما حصل، والثانية تتعلق بالتحقق مما إذا كان جرى التعرّض للاملاك العامة أو استخدام العنف من قبل أشخاص معينين للادعاء عليهم وملاحقتهم.
وفي السياق تحدث كل من الوزير علي حسن خليل والوزير غازي زعيتر، فتساءلا: لماذا لا يلزم القضاء محطة «الجديد» بعدم التعرّض لرموز دينية وسياسية، لا سيما شخصية الإمام موسى الصدر الذي هو رمز وطني كبير. (راجع ص 2)
قانون الانتخاب
وفي الشأن الانتخابي، علمت «اللواء» أن اتصالاً حصل قبل جلسة مجلس الوزراء في السراي بين الوزير جبران باسيل ومدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري، وجرى التفاهم على تحريك الاتصالات والعودة إلى الاجتماعات لإيجاد صيغة تتعلق بقانون الانتخاب، وبالتزامن مع الانهماك الحكومي لإنجاز الموازنة. ونقل نواب شاركوا في «لقاء الأربعاء» مع الرئيس نبيه برّي الذي استعاد عافيته من الجراحة التي أجراها، ان الاتصالات في شأن قانون الانتخابات نشطت منذ يومين على أكثر من مستوى بهدف الوصول الى قانون جديد وأشاروا الى ان كل الخيارات مفتوحة، وان الجميع يبدي حرصه على الوصول الى صيغة انتخابية جديدة، وان الاجتماعات باتت على المستوى الثنائي وبعيداً من الأضواء.
وحول الافكار التي وضعها في تصرف رئيس المجلس رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، أكد النواب انها تنطلق من القانون المختلط وتركز على التقسيمات الادارية للمحافظات والمناطق وخصوصاً في قضائي الشوف وعاليه. وإذا كانت كتلة «المستقبل» النيابية أعادت تكرار تأكيدها على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها، وفقاً لقانون جديد قائم على وحدة المعايير لا يقصي ولا يقهر أي طرف، فإن كتلة الوفاء للمقاومة أعلنت «انفتاحها على كل نقاش جدي يدور حول أي صيغة معقولة ومتماسكة يمكن التوافق عليها». فيما كان الرئيس الحريري يدعو كوادر تيّار «المستقبل» للاستعداد لاجراء الانتخابات النيابية، مؤكداً ان قانوناً جديداً للانتخاب ستجري على أساسه وسيتم التوصّل إليه.
الذكرى 12 لاستشهاد رفيق الحريري
وأحتل الملف الانتخابي حيزاً من خطاب الرئيس الحريري في الذكرى 12 لاستشهاد والده الرئيس رفيق الحريري الذي أقيم الاحتفال في «البيال» بعد ظهر الثلاثاء، بمشاركة ممثلين لكل من رئيس الجمهورية والمجلس النيابي هما وزير العدل سليم جريصاتي والنائب ميشال موسى وقيادات 14 آذار لا سيما الرئيس أمين الجميل والدكتور سمير جعجع ورئيسي الحكومة السابقين تمام سلام وفؤاد السنيورة، وممثلي وسفراء الدول العربية والأجنبية ورجال دين مسلمين ومسيحيين.
وبعد استعادة لثوابت الرئيس الشهيد، أكّد الرئيس الحريري على أهمية التسوية التي اقدم عليها في ما خص انتخاب الرئيس ميشال عون، والتي أنهت الفراغ وحمت الطائف ومنعت الليرة من الانهيار، رافضاً أي دعوة للصدام وتكسير البلد، معتبراً ان كتاب الرئيس الشهيد هو سنده وعمره وقصة حياته، و«نحن أم الصبي بمعنى حماية الحياة المشتركة للبنانيين، ولسنا أم الصبي بمعنى التنازل عن الحقوق الوطنية». وانطلاقاً من ان التضحية مسؤولية وشجاعة، أكّد الرئيس الحريري «تقدمنا للحوار حول القضايا الوطنية ونبدي حرصاً لا تراجع فيه للتوصل إلى قانون جديد للانتخابات يُعيد إنتاج الحياة الوطنية ولا يقهر أو يعزل أي مكون، وعلى رأسهم حلفاؤنا في السراي والقضاء»، مؤكداً على «الكوتا النسائية» في قانون الانتخاب.
وفي مجال سياسي ودستوري، لم يخل من توجيه رسائل معينة، أكّد الرئيس الحريري ان أي مرجعية لا يمكن ان تعلو على مرجعية الدولة «لا مرجعية الأحزاب ولا مرجعية الطوائف ولا مرجعيات الاستقواء بالخارج، كائناً من كان هذا الخارج شقيقاً أو حليفاً أو صديقاً، فقرار لبنان في يد الدولة اللبنانية، ولا هو بيد أفراد أو زعامات ولا بيد محاور إقليمية أو دولية. (راجع ص 3)
عودة عون
وفيما ينتظر ان يطل الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله مجدداً اليوم في ذكرى استشهاد قادة الحزب، للحديث عن الشأن السوري، الحدث الإسرائيلي، والتعليق على الموقف الأميركي الجديد والذي لم يعد متمسكاً بحل الدولتين، رغم ان الحزب لا يعترف بهذا الحل ويصر على استعادة الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة من قبل إسرائيل. أوضحت مصادر في الوفد المرافق لرئيس الجمهورية ميشال عون إلى مصر والأردن لـ«اللواء» أن الرئيس عون عاد مرتاحاً من هاتين الزيارتين اللتين ستتظهر نتائجهما في وقت قريب، معلنة ان العناوين نفسها طرحت في كل من الزيارتين.
وفي ما خص الشق السياسي، كان توافق بين الرئيس عون والملك الأردني عبدالله بن الحسين على قيام تنسيق لتعزيز التضامن العربي في القمة العربية التي يستضيفها الأردن في أواخر شهر آذار المقبل. أما بالنسبة إلى ملف الإرهاب، فكان تفاهم على التنسيق بين الأجهزة الأردنية واللبنانية لتبادل المعلومات وقيام تدريبات واسعة بينهما. وإذا كان الجانبان ركزا على معالجة الأزمة السورية وفق حل سياسي ضمن المبادرات المتصلة بهذا الشأن، علم ان ملف النازحين السوريين استغرق وقتاً من النقاش في المحادثات اللبنانية – الأردنية، حيث كان عرض مشترك لتجربة البلدين في استضافة عدد كبير من هؤلاء النازحين. وأشارت مصادر الوفد الى أن الجانب الأردني توقف عند اتفاقه مع الاتحاد الأوروبي على آلية جديدة للعمل وضرورة استفادة لبنان منها، وساد تفاهم حول تقديم شروحات أكثر لتعميم التجربة الأوروبية في لبنان.
وأفادت أن هناك اتفاقاً على احياء اللجنة الأردنية – اللبنانية المشتركة وعقد أوّل اجتماع لها بأسرع وقت ممكن وتحضير الملفات الخاصة لها بهدف تقوية فعاليتها. كذلك برز تأكيد على تصريف الإنتاج الزراعي واستخدام خط العقبة بفعل الصعوبات الموجودة في الطريق البرية، فضلاً عن قيام مشاريع صناعية واستثمارية مشتركة. اما بالنسبة إلى زيارته إلى مصر، فكان توافق على ترفيع اللجنة المصرية – اللبنانية المشتركة وتبادل معلومات بين الأجهزة الأمنية في كل البلدين، تحضيراً للعمل على زيادة الاستثمار بعد الخلل الذي أصاب الميزان التجاري، لافتة إلى أن العمل ينصب على قيام عدالة في هذا الإطار، وعلم ان اللجنة المشتركة تنعقد في شهر آذار المقبل.
إلى ذلك، ذكرت مصادر مطلعة بأن الموقف الذي أطلقه الرئيس عون في ما خص المقاومة هو نفسه منذ زمن ولن يتبدل وهو واضح لجهة دور المقاومة في مواجهتها مع إسرائيل وهو موقف ثابت تجاه العدو الإسرائيلي، لأن الجيش اللبناني لا يمكنه خوض حرب متكافئة مع إسرائيل بفعل النقص في التجهيزات الصاروخية وفي الطيران وشبكات مضادة للطيران. كما انه عندما يشترك الشعب مع جيشه في المواجهة تكون النتيجة أضمن في حروب كهذه. وهناك حق للمواطن في المساعدة في تحرير أرضه، مؤكدة ان هناك فصلاً بين دور المقاومة في مواجهة اسرائيل ودورها وسلاحها في الداخل، وهنا الرئيس عون لا يقبل ولا يرضى، وهو موضوع ثابت لديه، ففي الداخل الأمن هو للدولة ولأجهزتها، وهو موضوع واضح لا لبس فيه.
لوبان في بيروت
إلى ذلك، أكّد مصدر حكومي لوكالة «فرانس برس» ما كانت كشفته «اللواء» من ان مرشحة حزب الجبهة الوطنية للرئاسة الفرنسية مارين لوبان ستزور بيروت يومي الأحد والاثنين المقبلين، على ان تلتقي الرئيسين عون والحريري. وقالت مصادر ان زعيمة اليمين الفرنسي المتطرّف تسعى من خلال زيارتها للبنان، والتي ارجئت من يومي الجمعة والسبت الماضيين، إلى توجيه رسالة دعم إلى مسيحيي الشرق، وفق مصدر في حزب «الجبهة الوطنية». وكان المرشح إلى انتخابات الرئاسة في فرنسا وزير الاقتصاد السابق ايمانويل ماكرون زار بيروت في 24 كانون الثاني الماضي والتقى كلاً من عون والحريري، ودعا ماكرون من بيروت إلى «سياسة متوازنة» حيال النظام والفصائل المعارضة في سوريا، في تباين عن السياسة المؤيدة للمعارضة السورية.
المصدر: صحف