خطت منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» خطوتين للأمام وخطوة للخلف. وقد أبدى أعضاء المنظمة التزاما باهرا بخفض الإنتاج الشهر الماضي يكاد يتفق مع الحصص المتفق عليها.
ومن المنتظر أن تؤدي روح الفريق الرائعة تلك في نهاية الأمر إلى تقليص الفجوة بين العرض والطلب. لكن ثمة مشكلة. فتقليل النفط من الشرق الأوسط بدأ يخلق بالفعل الظروف المواتية في الولايات المتحدة لظهور وفرة جديدة في المعروض قبل التخلص بالكامل من الزيادة الحالية.
وربما يتطلب استمرار التحسن في أسعار النفط المزيد من الالتزام من جانب المنظمة من أجل كبح سوق النفط. وأظهر أحدث تقرير من المنظمة عن سوق النفط والذي نشر أمس الأول تضامن أعضائها.
فقد خفضت الإنتاج بنحو 900 ألف برميل في يناير/كانون الثاني عن الشهر السابق، ليصل إلى ما يزيد قليلا عن 32 مليون برميل يوميا. وتعادل هذه التخفيضات التزاما بنسبة 93 في المئة من جانب أعضاء «أوبك» الأحد عشرالذين وقعوا على اتفاق خفض الإنتاج في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وهذا التناغم بين أعضائها المعتادين على الخلافات أمر غير عادي. ففي العادة يبلغ معدل الالتزام 67 في المئة وفقا لتقديرات بنك «إتش.إس.بي.سي».
ولاتزال أغلب الظروف التي دفعت «أوبك» للتحرك قائمة. وطبقا لأرقام المنظمة فإن مخزونات القوى الاقتصادية المتقدمة الخمسة والثلاثين في العالم – الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية – مازالت تحافظ على ارتفاعها، حيث تكفي مخزونات الخام التجارية لتغطية الطلب شهرين على الأقل. ومن الممكن أن يدفع الفشل في التخلص من هذه الزيادة في النفط الخام الأسعار للانخفاض، وهي التي لم تكد تتحرك حتى الآن في 2017. ويمكن للسعودية القوة الرئيسية في المنظمة أن تتعايش دون تخفيضات في الميزانية مع سعر للنفط حول مستوى 55 دولارا للبرميل.
لكن الرياض لن تتمكن من التخفيف من إجراءات التقشف غير الشعبية ما لم تتمكن من تهيئة الساحة لأسعار أعلى. وعلى الأرجح فإن ذلك يتطلب تمديد العمل باتفاق «أوبك» الحالي. ويتمثل الخطر في أن الأسعار الأعلى وانخفاض سعر نفط دول المنظمة المنقول في الناقلات سيشجعان المنتجين الأمريكيين على نزع سدادات الآبار لإعادة ضخ النفط.
وثمة بوادر على أن هذا يحدث بالفعل الآن. فقد توقف انخفاض أعداد منصات الحفر العاملة في الولايات المتحدة في مايو/أيار الماضي. ومن المتوقع أن تشجع إدارة الرئيس دونالد ترامب الجديدة عمليات الحفر ومد خطوط الأنابيب على المستوى المحلي. وسيسفر ذلك في نهاية الأمر عن زيادة إمدادات النفط الخام. وفي ضوء ذلك ستمدد «أوبك» على الأرجح العمل باتفاقها للحد من الإنتاج وتأمل أن يرفع الأسعار بما يكفي دون أن يؤدي إلى طفرة أخرى في المعروض في مناطق أخرى.
المصدر: رويترز