تناولت الصحف الصادرة في بيروت نهار الاربعاء في 8-2-2017 العديد من الملفات، وجاءت افتتاحياتها على الشكل التالي.
النهار
“حزب الله” يرفض المختلط: إلى النسبية در
على رغم تفاؤل يصر عليه فريق رئيس الجمهورية و”القوات اللبنانية” من جهة، وتفاؤل بدأ يأفل من جهة “تيار المستقبل”، فمن غير الواضح المسار الذي سيسلكه مشروع قانون الانتخاب بعدما تراجع “حزب الله” عن قبوله بصيغة القانون المختلط، وأبلغ “المستقبل” ذلك في جلسة الحوار الاخيرة في عين التينة أول من أمس، حيث بدا التباين واضحاً بين الطرفين. وقال الحزب من يعنيهم الامر انه لن يقبل بغير إعتماد النسبية الكاملة في أي قانون جديد للانتخابات النيابية. وفي معلومات لـ”النهار” ان هذا الموقف غير قابل للنقاش وان الامين العام للحزب السيّد حسن نصر الله سيتطرق اليه الاحد المقبل خلال كلمة له في أسبوع عضو المجلس المركزي الشيخ حسين عبيد. وقد أكدت مصادر مستقبلية الأمر لـ “النهار”، من دون ايجاد تفسير للأسباب التي حملت الحزب على تبديل موقفه. وقالت ان الحزب أعاد تمسكه بالنسبية على مستوى لبنان دائرة انتخابية واحدة، وانه يقبل بالنسبية على مستوى المحافظات، وفي أسوأ الأحوال يمكن صيغة التأهيل على مستوى القضاء، والانتخاب النسبي على مستوى المحافظة ان يكون خياراً اذا تم التوافق عليه.
ويأتي موقف “حزب الله” بعد فشل الصيغة التي قدمها وزير الخارجية جبران باسيل والتي لم يكن الحزب مع حليفه الرئيس نبيه بري موافقاً عليها أصلاً وحاول تجميلها، الى أن أعلن رفضه لها وعاد ليكرر ضرورة إعتماد النسبية التي ضيعتها المشاريع الجانبية وأفرغتها من مضمونها، مع انفتاحه السابق على أخذ هواجس بعض القوى وفي مقدمها الحزب التقدمي الاشتراكي في الاعتبار.
وتؤكد المعلومات ان قيادة الحزب لن تترك الرئيس ميشال عون شبه وحيد في مواجهة القوى الاخرى المتمسكة علناً أو سراً بالقانون الاكثري، ولذا أقدمت على هذه الخطوة بعدما بدأت المهل القانونية تضيق مما سيحشر الافرقاء السياسيين. وبناء على هذه المعطيات، فإن “حزب الله” ومعه حركة “أمل” وأيضاً رئيس الجمهورية، سيتمسكون بالنسبية أكثر فأكثر مما يزيد التباعد مع القوى الاخرى الرافضة لها والتي يرى الحزب انها تناور لكسب الوقت ووضع الجميع أمام أمر لا يمكن الهرب ومنه وهو إما اجراء الانتخابات وفق قانون الستين وإما تمديد ولاية مجلس النواب مرة ثالثة.
وتساءل مصدر كتائبي مسؤول عبر “النهار” عن الاسباب التي تحول دون وضع مشاريع قوانين الانتخاب المرتكزة على الدائرة الفردية أو الصوت الواحد لكل ناخب على طاولة البحث والنقاش. وقال: لماذا حصر البحث بالصيغ المختلطة بين النسبية والمختلط؟
الحكومة والموازنة
واذا كانت جلسة استجواب الحكومة في غياب الرئيس بري الذي غادر المستشفى أمس، تحولت عن أهدافها، وانبرى وزراء لاستجواب النواب، ولم تناقش سوى 4 ملفات من 16 سؤالاً على جدول أعمالها، فان مجلس الوزراء يعقد جلسة الأسبوعية اليوم في قصر بعبدا، وسيطرح خلالها وزير المال علي حسن خليل مشروع موازنة أعدته الحكومة السابقة يتضمن سلسلة الرتب والرواتب التي تبلغ كلفتها 1200 مليار ليرة تضاف الى كلفة غلاء المعيشة التي تبلغ851 مليار ليرة، ورجحت مصادر ان تكون سبل تمويلها مدار أخذ ورد في ضوء ما تقترحه وزارة المال من اتخاذ إجراءات ضريبية جديدة.
وسيباشر المجلس عملية درس الموازنة الا انه طبعا لن ينتهي منها في غضون ساعات، ما يعني أن لا “ولادة” متوقعة لها اليوم. وقد اعلن وزير الاقتصاد رائد خوري ان “مشروع الموازنة سيطرح في جلسة مجلس الوزراء مع ومن دون سلسلة الرتب والرواتب التي يمكن ان ترحل مع الضرائب الى مرحلة لاحقة”. لكن مصادر وزارة المال أوضحت لـ “النهار” انه خلافاً لما يتم يروّج، لم تدرج أي ضريبة جديدة سوى تلك التي أقرت في جلسات مجلس النواب عند مناقشة السلسلة، وما أضيف من ضرائب على أرباح المصارف والشركات الكبرى والعمليات العقارية لغير ذوي الدخل المحدود.
لكن عدم اقرار السلسلة ستكون له تداعياته أيضاً، اذ لوح نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض بعودة المعلمين الى الشارع أواسط شهر آذار المقبل اذا تبخرت الوعود.
الاخبار
سلامة أجرى هندسة مالية سرية
جدول ديون الحريري لمصارف لبنان: 548 مليون دولار
كشفت مصادر مصرفية ان العمليات التي نفّذها مصرف لبنان مع المصارف تحت مسمى «الهندسة المالية» بدأت تباشيرها في عمليات خاصة نفّذها المصرف المركزي في عام 2015، وخصّ بها بنك «ميد»، او بنك البحر المتوسط، الذي يملكه الرئيس سعد الحريري، وذلك في اطار مساعي الاخير للخروج من ازمته المالية.
ابراهيم الأمين
تتقصّى المصارف عما إذا كان مصرف لبنان مستمراً في ما يسميه «الهندسة المالية». ويعود ذلك إلى أن مصارف عدّة أبدت احتجاجها على استثنائها من هذه «الهندسة» من المرحلة الماضية، التي يفترض أنها اقتصرت على عمليات بين حزيران وتشرين الأول الماضيين. لكن المفاجأة، التي كشفت عنها مصادر مصرفية مطلعة، هي أن برنامج «الهندسة المالية» بدأ فعلياً عام 2015، واقتصر في حينه على بنك البحر المتوسط التابع للرئيس سعد الحريري، قبل أن يتوسع إلى مصارف محددة في مرحلة لاحقة بدأت أواخر أيار الماضي.
وبحسب المصادر نفسها، فإن عمليات التحليل والتقويم لموازنات المصارف لعام 2015 كشفت لمعنيين في جمعية المصارف أن «البحر المتوسط» حظي بربح خاص قارب 185 مليون دولار. ليتبيّن بعد التدقيق، أن المصرف تلقّى «برنامج دعم خاص» من خلال عمليات مع المصرف المركزي، كانت على شكل العمليات نفسها التي طبقت في برنامج «الهندسة المالية».
وتلفت المصادر إلى أن هذه الخطوة بقيت «مكتومة القيد» لكونها جرت ضمن خطة دعم خاصة لمصرف الحريري، بعدما دخل مرحلة صعبة من تراجع العمليات المربحة وتعاظم الديون التي يمكن تصنيفها بالصعبة جداً أو الهالكة. كذلك شملت هذه العمليات مجموعة من الشركات التي تعمل من الباطن مع شركات الحريري المتعثرة في السعودية وغيرها، ما وفّر تغطية لجزء من مشكلة الحريري المالية.
وتوضح المصادر نفسها أن مصرفي «عوده» و»سوسيتيه جنرال» كانا أول من فاتح حاكم مصرف لبنان بأمر العمليات التي حظي بها البحر المتوسط، وعلى الأثر جرت العملية الأكبر التي أتاحت للمصرف المركزي معالجة نقص في العملات الصعبة، من ضمن خطة «شراء الوقت». وتجاوز حجم هذه العمليات التي جرت العام الماضي 14 مليار دولار، ووفرت ربحاً استثنائياً للمصارف ولكبار المودعين بنسبة تقارب 40 في المئة، أي ما قيمته 5.6 مليارات دولار، علماً بأن 84% من هذه الأرباح استأثرت بها 7 مصارف فقط.
وتلفت المصادر إلى أن المصارف غير المستفيدة شعرت بالأمر من خلال عمليات نقل ودائع منها إلى المصرفين الكبيرين، ما أثار مشكلات طُرحَت أمام حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، فكلّف الأخير موظفاً كبيراً التواصل مع المصارف الشاكية لفتح الباب أمام انضمامها إلى نادي المستفيدين، وهو ما ظهر جلياً في العمليات التي جرت في الأشهر الثلاثة الأخيرة. وأوضحت المصادر الفروقات في العمليات والأرباح بين «عوده» و»سوسيتيه جنرال» و»البحر المتوسط» وبين بقية المصارف. ففي المرحلة الأولى جرت العمليات الواسعة من الهندسة مع هذه المصارف التي قامت بعمليات مالية كبيرة مكنتها من جمع كمية كبيرة من الودائع للإفادة من «الهندسة»، وذلك عبر إعطاء أصحاب الودائع الكبيرة أرباحاً مباشرة، إضافة إلى الفائدة المفترضة. وتفاوتت العمولات بين هذه المصارف لتصل مع حالة «البحر المتوسط» إلى قرابة 32 في المئة تسدد فوراً على الوديعة، بما يذكر بنسب الفوائد على سندات الخزينة في النصف الأول من التسعينيات.
يشار هنا، إلى أن جمعية المصارف لم تكن موافقة على فتح الأبواب بصورة عشوائية، بل نبّهت في مراسلة رسمية مع المصرف المركزي من المخاطر المترتبة على القطاع. ففي محضر اللقاء الشهري بين مصرف لبنان والجمعية ولجنة الرقابة على المصارف، في 14 تشرين الثاني الماضي (تعميم رقم 370/2016)، ورد ما حرفيته أن «مجلس إدارة الجمعية اتخذ قراراً بالتمني على مصرف لبنان إقفال العمليات لاعتبارات سيولة العملات الأجنبية لدى المصارف وللحدّ من انعكاسها على معدلات الفوائد وخاصة بالعملات». وفي المحضر نفسه، ردّ حاكم مصرف لبنان بأن «العمليات حققت الأهداف التي كان يرمي إليها، وبالتالي لم يعد يرى فائدة إضافية لاستمرارها لفترة أطول…». إلا أن المصادر المصرفية تؤكد أن العمليات تواصلت بعد اللقاء المذكور ولم تتوقف حتى اليوم، وذلك بعد شكوى مصارف عدّة لم تحقق أرباحاً تتجاوز ستة ملايين دولار، بسبب عدم فتح أبواب المشاركة أمامها، في ما عُدّ تمييزاً فاضحاً من جانب مصرف لبنان، علماً بأن بعض المصرفيين أشاروا إلى أن سلامة وعد بعض المصارف الصغيرة بإتاحة المجال لها مطلع 2017، ولا سيما أن خمسة مصارف على الأقل أشارت إلى إمكان توفيرها نحو نصف مليار دولار. لكن المعلومات لا تشير إلى سماح سلامة لهذه المصارف بالقيام بأي عملية، وإن تردد أن هذه العمليات جرت أخيراً.
وتلفت المصادر المصرفية إلى أن الجميع لم يكن مرتاحاً إلى ما يجري تحت عنوان الهندسة المالية، والكل يقرّ بأن هدفها في حماية الاستقرار النقدي كلف الكثير، وهي كلفة تشمل حتماً المصرف المركزي ووزارة المالية، وتالياً المواطن اللبناني. لكنها أشارت إلى أن سلامة يعتمد منذ مدة سياسات تهدف إلى تنشيط قطاعات في الاقتصاد الوطني، بسبب غياب برامج العمل من قبل الدولة. وإذ أقرت المصادر بأن هذه ليست مهمة سلامة، لفتت إلى أن الأخير لا يزال يمثل بالنسبة إلى القطاع المصرفي، وإلى المعنيين بالأمر إقليمياً وعالمياً، عنصر استقرار.
يرد هذا الكلام في سياق النقاش المفتوح حول مصير سلامة بعد انتهاء ولايته في تموز المقبل، خصوصاً أن هناك مؤشرات كبيرة على معركة جدية لإطاحته، بعدما باشر هو وفريقه الصغير حملة ترهيب للجمهور وللخارج، على قاعدة ما قاله في برنامج «كلام الناس» قبل مدة، من أنه لا يضمن استقرار النقد في غيابه. وهي عبارة استفزت مسؤولين كباراً في الدولة، ولا سيما الرئيس ميشال عون، الذي ردّد في الآونة الآخيرة الكثير من الأسئلة والملاحظات حول السياسة النقدية. علماً أن رئيس الجمهورية لا يلقي بالمسؤولية على سلامة وحده، بل يحمل الحكومات السابقة المسؤولية الأساسية عن كيفية إدارة الدولة بشكل عام.
وبحسب مصادر سياسية، فإن قوى بارزة في الدولة باشرت التداول بأسماء مرشحين لخلافة سلامة، من بينهم مرشحون بارزون يعملون في لبنان والخارج ويملكون مهارات عالية في إدارة السياسة النقدية والمالية، ولهم علاقات واسعة في العالم. لكن المصادر تؤكد أن البحث الجدي ليس مطروحاً على جدول الأعمال حالياً، رغم أن سلامة يحشد من حوله قوى سياسية يتقدمها الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط ورئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، إضافة إلى غالبية القوى السياسية والاقتصادية التي تدور في فلك 14 آذار. ويجري الحديث عن حوار يجري عن بعد لإقناع الرئيس نبيه بري بالسير في التجديد لسلامة، ما يؤمن غالبية تقف في وجه الرئيس عون.
اللافت هو مباشرة الهيئات الاقتصادية وجمعية المصارف وتجمعات رجال الأعمال عملية الترويج لبقاء سلامة. ويمكن التوقف عند بيان الهيئات الاقتصادية الصادر في 26 كانون الثاني الماضي، الذي طالب «مع قرب انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان بالتنبّه إلى ما قد يولّده الشغور من إساءة إلى الوضع اللبناني المالي»، منوّهاً بما اعتبره «السياسة الحكيمة التي انتهجها مصرف لبنان، والتي أمّنت الاستقرار المالي والنقدي على مدى السنوات الطويلة الماضية، وذلك على الرغم من الظروف السياسية والأمنية التي مرّ بها لبنان على مدى السنوات الماضية». هذا التنبيه من «الشغور» ردده العديد من ممثلي الهيئات، كما لو أن البحث عن بديل لسلامة سيؤدي إلى «الشغور» حتماً!
وثيقة
في العام الماضي، عشية تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة، كانت الأوضاع المالية للرئيس سعد الحريري قد بلغت مستوى حرجاً جدّاً، ولا سيما مع تراجع أعمال مجموعته «سعودي أوجيه» ووقوعها تحت عبء ديون كبيرة، قدّرت حينها بنحو 15 مليار دولار، منها نحو 548 مليون دولار لدى مصارف في لبنان. هذه الديون أثارت قلقاً واسعاً في القطاع المصرفي اللبناني، إذ يعدّ الحريري واحداً من أكبر 10 مدينين في لبنان، يستأثرون بنحو 4 مليارات دولار من القروض، أي أكثر من 22% من مجمل الاموال الخاصة للقطاع برمته، وبالتالي يشكلون أحد أبرز مظاهر التركّز في القطاع.
حصلت «الأخبار» على وثيقة تكشف حجم ديون الحريري لدى المصارف اللبنانية؛ تتناول هذه الوثيقة وضعيته المدينة في النصف الاول من عام 2016. ويظهر فيها أن الحريري استحوذ على تسهيلات مصرفية من 9 مصارف محلية، بقيمة إجمالية تبلغ 658 مليوناً و740 ألف دولار، وبلغ الرصيد المستعمل منها نحو 548 مليوناً و325 ألف دولار. ويتضح من هذه الوثيقة أن المصارف المعنية اضطرت إلى إعادة جدولة استحقاقات عدّة نتيجة عجز مجموعة الحريري عن السداد.
تقول مصادر مطلعة إن بعض المصارف المعنية لجأت في النصف الثاني من العام الماضي الى تخفيض درجة تصنيف هذه الديون، الى درجة «للمتابعة والتسوية»، وهي درجة منخفضة تعني أن «العميل يعاني من نقاط ضعف قد تؤدي الى تراجع قدرته المستقبلية على التسديد». إلا أن ضغوطاً هائلة دفعت حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى الطلب من المصارف المعنية إعادة تصنيف ديون الحريري عند درجة «للمتابعة»، وهي درجة تعني أن «العميل لديه قدرة ملائمة على الإيفاء بالالتزامات، ولكن مع وجود شوائب».
في تلك المرحلة، كانت مجموعة سامبا المالية قد تقدّمت بدعوى قضائية في السعودية ضد مجموعة الحريري لاستعادة أموالها، وكذلك سعى البنك الأهلي التجاري لتحصيل ديونه… فازداد قلق المصرفيين اللبنانيين، ولا سيما مع اقتراب المزيد من الاستحقاقات (أحدها في شباط الجاري)، ولم يهدأ القلق إلا بعدما تم الاعلان عن قيام صبيح المصري، رئيس مجلس إدارة البنك العربي في الأردن، مع مجموعة من المستثمرين السعوديين والأردنيين، بشراء حصة شركة «أوجيه الشرق الأوسط» القابضة في البنك العربي البالغة 20%، مقابل 1.120 مليار دولار.
تقول المصادر إن الحريري نجح في تسديد بعض الديون المستحقة عليه لدى مصارف لبنانية، وبالتالي تراجعت درجة المخاطر فعلياً، إلا أن هذه المصادر تشير الى أن عملية السداد ترافقت مع عمليات ما سمّي الهندسة المالية التي نفّذها مصرف لبنان مع عدد من المصارف، ومنها بنك البحر الابيض المتوسط، اذ تشير المعلومات الى أن البنك الذي يملكه الحريري حصل على أرباح استثنائية من عمليات المصرف المركزي بلغت حتى تشرين الثاني الماضي نحو 431 مليار ليرة، منها نحو 264 ملياراً حصل عليها أشخاص وظّفوا ودائع بالدولار عبر هذا البنك مقابل عمولات بلغت 32% وسطياً.
البناء
موسكو تُدير المنجزات بهدوء بانتظار نهاية عاصفة ترامب الرملية
صفقة السبهان: مقايضة سَحْب التلويح بالفراغ بقبول قانون ميقاتي
قاسم لـ«البناء»: جاهزون للمواجهة مع «إسرائيل».. ولسنا ضمن المعادلة السورية
كتب المحرّر السياسي
يواصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب لهجته الخطابية العالية الوتيرة بكلّ اتجاه يومياً، ويوزع عنترياته يميناً ويساراً، بينما تتلمّس إدارته محاولة رسم مشروع ينسجم مع السقوف العالية التي رسمها بخطابه، وهي ترث أوضاعاً معقدة داخلية وخارجية لا تفيد فيها إلا السياسات الواقعية التي تنطلق من اعترافات ترامب الانتخابية، بلا جدوى سياسات الحروب التي دمّرت وخرّبت وجلبت القاعدة ولم تحقق الاستقرار لا في العراق ولا في ليبيا، ولا تعد إذا استمرت بتحقيقه في سورية وسواها، وما من بديل يناسب أميركا غير سياسات الانفتاح على خيارات التعاون والحوار مع القوى الصاعدة دولياً وإقليمياً.
بانتظار نهاية العاصفة الرملية الاستعراضية لترامب التي تعمي الكثير من الأبصار تمارس موسكو هدوءها، فتأمل خيراً مع ترامب ولا تعلّق على يومياته، بل تمضي في ترسيخ منجزات حققتها في المواجهات التي خاضتها خصوصاً في سورية، فتعطي المجال للتموضع الأردني بمثل ما أفسحت مثله من قبل للتموضع التركي لتوفير أرضية جاهزة للإقلاع بمشروع واقعي في مسار الحل السياسي بالتوازي مع مشروع جدّي للحرب على الإرهاب. وهو ما ينتظر انخراطاً مصرياً تأخّر في المساعي المزدوجة للحلّ السياسي والحرب على الإرهاب وإقراراً سعودياً مباشراً، وليس بالواسطة الأردنية، يبدو أنه لا يزال بحاجة للوقت.
لبنانياً، تبدو مساحات التفاؤل تتقدم لجهة مصير قانون الانتخابات النيابية، بعد أيام من الإحباط وصلت حد الحديث عن إنهاء عمل اللجنة الرباعية من دون بديل حواري يحل مكانها، ومصدر التفاؤل ما تسرّب عن صفقة رعاها الوزير السعودي ثامر السبهان، وأراد وزير الداخلية نهاد المشنوق ملاقاتها بنبرة عالية تتيح تحقيق نقاط سياسية بركوب موجة نتائجها. والصفقة التي تقول المعلومات أن السبهان عرضها على الفرقاء تقوم على تخلي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن التلويح بالفراغ، مقابل ضمان السير بقانون حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في حال الفشل في التوصل لقانون توافقي قبل تاريخ نهاية ولاية المجلس النيابي في العشرين من حزيران، باعتبار قانون ميقاتي صادر عن حكومة شاركت أغلبية القوى السياسية فيها، وكان تيار المستقبل الوحيد خارجها، ولكنه لم يعارض القانون وسقف ما يطرحه بعض التعديلات عليه، على أن يستمرّ الحوار نحو قانون جديد حتى العشرين من أيار قبل الحسم بالسير بقانون ميقاتي كبوليصة تأمين توفر السعودية التغطية اللازمة للسير فيها، عندما تصبح خياراً أخيراً لا بد منه لمنع وقوع الفراغ. وهو ما يعني بالنسبة لرئيس الجمهورية عملياً أنه لولا تلويحه بالفراغ لما تحقق ما كان هدفه الأصلي، وهو قانون جديد يعتمد النسبية.
في حوار خاص بـ«البناء» يُنشر غداً، أكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، أن النسبية الكاملة هي مشروع حزب الله المنفتح على الحوار حول أي مشروع آخر، لافتاً إلى دعوة لمناقشة مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي قبل أسبوعين، مستبعداً الفراغ والتمديد وقانون الستين نهائياً لصالح ولادة قانون جديد ومجلس نيابي جديد على أساسه، فالتوازنات تغيّرت، والمعادلات الجديدة ستفرض نفسها، لأن الخارج بات حضوره أقل بكثير وبلا مشروع واضح وموحّد، والداخل سيشتغل بحساباته الخاصة التي قد لا تجمع كتلاً كبرى كما كان الحال مع فريق بحجم الرابع عشر من آذار يوم كان متماسكاً، والحراك والحوار حول قانون الانتخاب يبدو طبيعياً من منطلق حسابات الأطراف كلها لتأثير المتغيرات عليها، وكلام رئيس الجمهورية عن الاستفتاء والفراغ للضغط على الجميع لبلوغ التفاهم على قانون جديد تتم الانتخابات على أساسه. ولم يستبعد قاسم في هذا السياق أن ينتقل الحوار إلى بعبدا لاحقاً في آلية واسعة برعاية رئيس الجمهورية.
على المستوى الدولي والإقليمي، أشار قاسم إلى ثقة حزب الله بقراءته وتحالفاته وحساباته، قائلاً انتهى زمن الرهانات على خلاف وتباين بين أطراف الحلف روسيا وإيران وسورية وحزب الله. وخفف قاسم من أبعاد الحديث التركي حول انسحاب حزب الله من سورية، فهو كلام سياسي لإرضاء فصائل المعارضة انتهى مفعوله هنا، وحزب الله ليس جزءاً من معادلة الحل السياسي في سورية، أما عن الحسابات «الإسرائيلية» في جبهة جنوب لبنان ودور الحزب في جبهة الجولان، فالحزب ليس معنياً بطمأنة «إسرائيل» ومخاوفها. وكلمته لها واحدة ودائمة، نحن جاهزون لدفع كلفة المواجهة فهل أنتم جاهزون؟
عون لجنبلاط: لا تزايد بإلغاء الطائفية
بين إصرار رئيس الجمهورية على أولوية إقرار قانون انتخاب جديد وبين إعلان وزير الداخلية نهاد المشنوق أمس، أنه سيدعو الهيئات الناخبة قبل نهاية المهلة الدستورية، ومع وصول اللجنة الرباعية التي تستأنف اجتماعاتها خلال اليومين المقبلين، الى طريق مسدود حتى الساعة، بقيت المواقف على حالها، رغم بصيص الأمل وموجات التفاؤل التي تتسرّب بين الحين والآخر بقرب ولادة قانون جديد، لكن الهوة حيال الملف الانتخابي بين بعبدا وبيت الوسط، آخذة في التوسّع بعد رسائل المشنوق المشفرة باتجاه بعبدا بالتزامن مع وجود الموفد السعودي ثامر السبهان في بيروت، وإن حاول رئيس الحكومة سعد الحريري الإيحاء بأن العلاقة جيدة مع رئيس الجمهورية.
ونقل زوار الرئيس ميشال عون عنه لـ»البناء» تفاؤله بـ«قرب توصّل المكوّنات السياسية الى توافق بشأن قانون الانتخاب، وأنه يريد قانون انتخاب لا يقصي أحداً ولديه مرونة وقدرة على تمثيل أوسع للشرائح السياسية والشعبية ويحقق الاستقرار الوطني ويضمن حقوق الجميع»، وأوضحوا أن «رئيس الجمهورية بين الفراغ والتمديد للمجلس الحالي يختار الفراغ، لكن لا يعني أننا سندخل في الفراغ النيابي أو أن الرئيس يفضل الفراغ، بل هو يحثّ الأطراف على إنجاز قانون بعد ثماني سنوات على وجود المجلس الحالي وأن ذلك بات ضرورة ملحة وملزمة للأطراف كافة».
كما نقل الزوار عن عون استبعاده الوصول الى الفراغ النيابي و»أننا لن نبقى حتى حزيران المقبل من دون قانون جديد، وتأكيده بأننا سنصل الى قانون وإن طال أمد ذلك أشهراً عدة، لكن الاتجاه هو الى التوافق والوصول الى تسوية وأنه سيوقّع أي قانون يتوصّل إليه الأطراف، وإن كان أحد صيغ القانون المختلط مناصفة بين النسبية والأكثري»، ولفت الزوار الى أن «عون لن يوقّع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة ولو أن وزير الداخلية ملزم بالقيام بواجباته، وأن عدم توقيع المرسوم يعني سقوط قانون الستين. وفي هذه الحالة أمام المجلس النيابي أشهر عدة حتى حزيران كي يقرّ قانوناً جديداً»، وشدّدوا على أن «المجلس لا يحق له التمديد تقنياً إلا في حال إنجاز قانون جديد».
ودعا العماد عون إلى العمل «من أجل إرساء أسس ثقافة تساهم في الخروج من الأطر الطائفية الضيقة إلى رحاب المواطنة التي تجمع على القيم»، مؤكداً أنه سيعمل من موقعه على «الدفع في اتجاه تخفيف وطأة الطائفية وتداعياتها، من دون التقليل من غنى لبنان الذي هو في تنوّعه وتعدديته ما جعله بلداً نموذجياً».
وردّ عون على النائب وليد جنبلاط من دون أن يسمّيه قائلاً بأن «لجوء البعض إلى المزايدة في الحديث عن ضرورة إلغاء الطائفية لا يؤدي عملياً إلى إلغائها»، وداعياً إلى «احترام الكفاءات داخل كل طائفة وألا يكون الولاء السياسي وحده هو المعيار الأبرز لدى اختيار ممثلي كل طائفة في المسؤولية العامة».
«المستقبل»: لا للنسبية
وفي حين حسم تيار المستقبل موقفه بعد «الانتفاضة» الجنبلاطية بالوقوف الى جانب المختارة في مواجهة قوانين النسبية، أكدت أوساط نيابية في المستقبل لـ«البناء» أن «الحريري لن يقبل بأي قانون لا يرتضيه جنبلاط، أو يقصد منه حصار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وتحجيم موقعه ومكانته السياسية والوطنية».
ورجّحت الأوساط التوصل الى قانون توافقي، متحدثة عن محاولات حثيثة على صعيد اللجنة الرباعية والاجتماعات الثنائية في هذا الاتجاه، لكنها أكدت أن ملامح قانون الانتخاب الجديد لم تتبلور بعد إلا أن إرادة أكثرية القوى السياسية موجودة لإقرار قانون جديد»، وأوضحت أن «تيار المستقبل ينطلق في مقاربته للقانون من ثلاث ركائز، الأولى أنه لن يقبل بقانون الستين ويؤيد إنجاز قانون جديد وانتخابات في موعدها، ثانياً إن أي قانون يستهدف به طرف أو أكثر، وتحديداً جنبلاط لن نقبل به، وثالثاً أن القانون يتم بالتوافق مع جميع الأطراف وأن لا تكون نتائجه معروفة سلفاً».
ولفتت الأوساط نفسها الى أن «المستقبل يرفض النسبية رفضاً قاطعاً في ظل السلاح، وبالتالي هذا موقف نهائي، وبالتالي قانون الرئيس نجيب ميقاتي مرفوض، ونحن مستعدون للانطلاق من قانون المختلط الثلاثي للبحث في تقسيمات الدوائر والتوزيع النيابي للوصول الى قانون توافقي، لكن لن نقبل بفرض القانون».
وعن انتقال المستقبل إلى ضفة المواجهة مع بعبدا في قانون الانتخاب، اعتبرت الأوساط أن رئيس الجمهورية لجميع اللبنانيين وليس مع فريق ضد آخر ولفريقه السياسي الحق في المطالبة بأي قانون، كما غيره من الأطراف، لكن لا يجوز أن ينحاز الرئيس الى جهة معينة. ونفت أن يكون كلام المشنوق قد «حمل رسائل سعودية الى العهد، بل الزيارة استكمال لزيارة عون الى المملكة في سياق تعزيز وتوثيق العلاقات اللبنانية الخليجية لإعادتها الى سابق عهدها».
وأكدت أننا «في نهاية المطاف سنصل الى قانون تسوية يرضي الجميع ولن يتحوّل الأمر الى عنصر مواجهة، ولن نقبل بالفراغ وإذا لم نتفق على قانون ووصلنا الى موعد الانتخابات فالمجلس النيابي يقرّر حينها». وشددت كتلة المستقبل على «أهمية إجراء الانتخابات النيابية في موعدها من دون أي تأخير استناداً الى قانون جديد يتيح التوافق بين مختلف الأطراف استناداً الى الدستور واتفاق الطائف».
حزب الله: نناقش بعقلية منفتحة
ووفق معنيين ومطلعين على ملف قانون الانتخاب، فإن حزب الله لا زال حتى الساعة، رغم كل اللقاءات متمسكاً بالنسبية الكاملة ويحاول إقناع القوى الأخرى خلال الاجتماعات الرباعية والثنائية التي تحصل للسير بالنسبية الكاملة التي تريح الجميع وتحفّظ حقوقهم»، ويشدّد المطلعون على الملف لـ»البناء» رداً على المشكّكين بقرار الحزب التزام النسبية بأنه منذ عامين ونصف العام ومنذ أن طرح ملف القانون على بساط البحث، لم يطرح الحزب أي قانون غير النسبية الكاملة، رغم أن كل القوى الأخرى تقدّمت بصيغ مختلفة، وبالتالي هذا يدلّ على احترام الحزب للإرادة الشعبية وصحة التمثيل، ويرفض المطلعون وضع مهل زمنية ودستورية للاتفاق على قانون جديد ورسم سناريوات خطيرة، ويؤكدون أن النقاش مستمر ومفتوح حتى الوصول الى الهدف المنشود، ويوضحون أن «اللقاء الرباعي لم يهمّش أو يختصر أحداً لانه ليس هيئة رسمية ولا تستطيع اتخاذ القرار بل لجنة تشاورية، وحزب الله دعي كغيره من القوى الموجودة ويناقش بعقلية منفتحة جميع الصيغ في محاولة للوصول الى إحداها لتكون مقبولة من الجميع، لكن أي صيغة توافق عليها اللجنة بحاجة الى نقاش في المجلس النيابي والى التصويت».
ولا يتخوف حزب الله من الفراغ النيابي، كما لن يستبق الامور، فهناك متسع من الوقت أمام القوى السياسية ولا بد من الاتفاق على صيغة انتخابية والأبواب ليست مغلقة، لكن ما يؤكده المعنيون بأن ملف القانون شأن داخلي بحت ولن يتدخل به الخارج على الإطلاق. ويكتفي الزائرون والموفودون الخارجيون بتأكيد توافق القوى وإجراء الانتخابات في موعدها. وبالتالي «المطبخ لبناني وحجم الضغوط والتأثيرات الخارجية منعدمة على الأقل لدى حزب الله».
الموازنة أمام مجلس الوزراء اليوم
ورغم أن ملف الموازنة سيطغى على نقاشات مجلس الوزراء في جلسته العادية اليوم في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية، غير أن «قانون الانتخاب سيفرض نفسه من خارج جدول الأعمال، لا سيما موضوع دعوة الهيئات الناخبة الذي سيطرحه وزير الداخلية مجدداً على المجلس في حين سيجدد عون رفضه التوقيع قبل إنجاز القانون الجديد». وسيركز مجلس الوزراء على بحث مشروع الموازنة، وسيعرض وزير المال علي حسن خليل خطوطها العريضة على الوزراء الذين سيناقشون بالارقام، وسط ترجيحات وزارية بأن إقرار المشروع سيتطلب أكثر من جلسة. وكان خليل قد أحال مشروع موازنة 2017 إلى مجلس الوزراء في الشهر الماضي.
.. وجلسة مساءلة
وبعد غياب طويل، عاد المجلس النيابي الى ممارسة دوره الرقابي وفي مساءلة السلطة التنفيذية. وسلك المجلس الخطوة الاولى في العهد الجديد باعتماده جلسات الأسئلة السريعة. وترأس الجلسة التي عقدت أمس، نائب رئيس المجلس النائب فريد مكاري لغياب رئيس المجلس نبيه بري بسبب إجرائه عملية جراحية ناجحة قبل أن يعود الى نشاطه ومزاولة عمله.
وناقشت الجلسة 5 أسئلة واردة الى الهيئة العامة للمجلس بالتسلسل على جدول الاعمال، أبرزها: فضيحة الانترنت غير الشرعي التي أثارها النائب علي عمار، وسأل، كيف أن هذه الجريمة موصوفة ومسرحها معروف والمجرومون معروفون بالاسم، والأدلة موجودة والقضاء برموزه الثلاثة: المدعي العام المالي والتمييزي والمحكمة. في هذا الجو فضيحة بهذا الحجم ولا نرى أحداً من المتهمين في السجن ويتلهون بالدفوع الشكلية»، ولم يقتنع بالأجوبة وطالب بتحويل سؤاله الى «استجواب».
وطالب النائب حسن فضل الله وضع «آليات مكافحة الفساد وضبط الهدر في البيان الوزاري للحكومة». وطرح النائب روبير غانم سؤالاً يتعلّق بـ»تشكيل لجنة تحقيق برلمانية في موضوع النفايات». وأكد الحريري، أكثر من مرة في الجلسة، «تصميم الحكومة على محاسبة المرتكبين مهما علا شأنهم، وسيدفع هؤلاء الثمن ومَن شهّر بهم من دون وجه حق سنعتذر منهم». وأكد أن حكومته «ستلتزم الخطة التي وضعتها حكومة الرئيس تمام سلام لمعالجة مشكلة النفايات، وفي ما يخص الكوستابرافا والنورس، الحكومة قامت بإجراءات كثيرة، ونحن سنكمل معالجة موضوع النورس والأجهزة التي تصدر أصواتاً، ونحن بالنسبة الينا الخطة التي اقرتها حكومة سلام سنستكملها بتفاصيلها، ولن نسمح بعودة النفايات الى الشوارع».
اللواء
الوقائع تدحض الحملة على مهمة السبهان في بيروت
الموازنة تتصدّر مناقشات مجلس الوزراء اليوم.. واتصالات عونية حول المختلط
هل تكفي جولة وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان في وسط بيروت، وفي ساحة النجمة وشارع المعرض للرد على الحملة غير البريئة التي استهدفت زيارة الموفد الملكي السعودي، وأدرجتها في سياق لا يتفق مع ما سمعه منه رئيسا الجمهورية ومجلس الوزراء، والشخصيات التي التقاها في الزيارة الثانية له إلى بيروت، والتي ادرجت تحت عنوان: تعزيز ودفع العلاقات اللبنانية – السعودية إلى الأمام، في ضوء المحادثات التي أجراها الرئيس ميشال عون مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في الرياض مطلع الشهر الماضي؟
الأوساط المتابعة لمهمة الوزير السعودي أكدت لـ«اللواء» أن ما كشفه سواء خلال لقاءاته، أو ما أبلغه للمسؤولين الذين التقاهم لم يدرج البتة في سياق مغاير لما كشف عنه وأعاد التأكيد عليه من وسط العاصمة، حيث كانت الجلسة النيابية منعقدة لمساءلة الحكومة، وحيث شاءت الصدف ان يلتقي هناك الرئيس سعد الحريري الذي كان برفقة وزير التربية مروان حمادة، وجرت «دردشة» على الواقف تطرقت الى مشاهدات الزائر السعودي، والتي تعكس اهتمام بلاده بالأمن واستتبابه في لبنان.
وأشارت هذه الأوساط إلى أن تجوال الوزير السبهان في وسط العاصمة يحمل في حدّ ذاته رسالة إلى المواطنين السعوديين والخليجيين من ان لا شيء يمنع من عودتهم إلى لبنان، الامر الذي من شأنه ان يوفّر لهذا البلد، الذي يراهن على عودة العرب إليه لانعاش اقتصاده بدءاً من الصيف المقبل، موسماً سياحياً منتظراً في ظل الاوضاع المضطربة في تركيا.
وسخرت هذه الأوساط من الايحاءات التي تقف وراءها بعض الجهات الإقليمية والمحلية من أن السبهان جاء إلى بيروت لتحضير الساحة اللبنانية للمواجهة، انطلاقاً من أن مرحلة التهدئة بين طهران وواشنطن انتهت.
ودحضت الأوساط نفسها ما جرى تسريبه من ان السبهان اتى لإقناع المسؤولين اللبنانيين بقانون الستين، وقالت لـ«اللواء»: «ان المملكة العربية السعودية غير معنية بأي شيء تفصيلي داخلي لبناني، وأن مثل هذا الأمر لا يتفق مع السياسة التقليدية للمملكة تجاه لبنان وغيره من الدول الشقيقة والصديقة، وجل ما يعنيها هو اجراء الانتخابات النيابية، تماماً كما دعمت اجراء الانتخابات الرئاسية، على اعتبار ان مثل هذه الخطوة من شأنه ان يعزز الاستقرار في هذا البلد».
اما الكلام عن اعداد الساحة للمواجهة الجديدة، فالوقائع تكذب مثل هذه المزاعم، فكيف يمكن أن تدعو المملكة رعاياها وخطوطها الجوية لاستئناف الرحلات إلى بيروت، في وقت قد تؤدي فيه المواجهة الى زعزعة الاستقرار؟
وأكدت هذه الأوساط أن رفع الحظر المفروض على الرعايا السعوديين لزيارة لبنان يُؤكّد أن المملكة شديدة الحرص على استقرار هذا البلد، فضلاً عن ان الإسراع برفع مستوى التمثيل الدبلوماسي مع بيروت إلى رتبة سفير، تبلغ المسؤولون اسمه، والذي سيرافق وصوله طاقم دبلوماسي جديد خلال أسابيع قليلة، يعني أن المملكة حريصة على إعادة العلاقات مع لبنان إلى اطارها السياسي والأخوي، وذلك لتدعيم الشرعية وتعزيز مناخات التقارب بين اللبنانيين.
وفي السياق، أكّد دبلوماسي عربي لـ«اللواء» آثر عدم الكشف عن هويته، ان الزيارة المرتقبة لوزير الدفاع يعقوب الصرّاف إلى الرياض ولقائه مع نظيره السعودي ولي ولي العهد الأمير محمّد بن سلمان في إطار إعادة وضع هبة الـ4 مليارات دولار للجيش اللبناني والقوى الأمنية والعسكرية، تدل بما لا يدع مجالاً للشك بأن المملكة على موقفها الثابت بدعم الشرعية اللبنانية في مواجهة الإرهاب، سواء في الداخل أو على الحدود.
مجلس الوزراء
وتحظى جلسة مجلس الوزراء المقررة ظهر اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا باهتمام حكومي ونيابي، من زاوية أن الموازنة العامة لعام 2017 ستحضر على جدول الأعمال كبند أوّل، بعد غياب لسنوات في إطار الانتظام العام لعمل المؤسسات.
وتوقع وزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون أن تتركز المناقشات على كيفية تمويل العجز في الميزانية، إضافة إلى موضوع تمويل سلسلة الرتب والرواتب للعاملين في القطاع العام من مدنيين وعسكريين. ولم تستبعد وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية عناية عز الدين ان يعقد مجلس الوزراء سلسلة جلسات في الأسابيع المقبلة لإنجاز قانون الموازنة قبل رفعه إلى مجلس النواب لمناقشته واقراره.
وفيما كشف الوزير فرعون لـ«اللواء» انه سيطلب من مجلس الوزراء طرح موضوع قانون الانتخابات، انطلاقاً من الدعوات النيابية التي ظهرت في جلسة المساءلة النيابية، باعتبار ان ذلك امراً ضرورياً من أجل الوصول إلى إقرار قانون عصري للانتخابات يلبي طموحات جميع اللبنانيين.
شددت الوزيرة عز الدين بدورها رداً على سؤال لـ«اللواء» على أهمية الوصول إلى قانون انتخابات عادل وممثلاً أكثر لجميع اللبنانيين، مشيرة إلى ان من المعروف ان المواضيع السياسية الكبيرة والهامة تبحث من قبل السياسيين خارج أروقة مجلس الوزراء، وتحال من ثم إلى المجلس لاقرارها.
في السياق، علمت «اللواء» ان عضو تكتل «التغيير والاصلاح» النائب آلان عون يجري بعيداً من الأضواء اتصالات مع أعضاء اللجنة الرباعية المكلفة بالبحث عن قانون الانتخاب، حول صيغة يجري التداول حولها انطلاقاً من صيغة القانون المختلط بانتظار عودة الوزير جبران باسيل إلى بيروت. وأوضحت مصادر سياسية مطلعة ان لا مشكلة لدى رئيس الجمهورية في أي صيغة لقانون الانتخاب، شرط ان يتوافر حولها التوافق.
وعما إذا كان الرئيس عون يريد السير بمشروع قانون حكومة الرئيس نجيب ميقاتي دون سواه، اشارت المصادر نفسه إلى ان هناك نقاشاً دائراً حول هذا المشروع، وأن الرئيس عون يؤيد الصيغة التي تحقق التمثيل الشعبي الحقيقي. ولفتت إلى ان هذا المشروع لم يُسترد لا من قبل حكومة الرئيس تمام سلام ولا من قبل الحكومة الحالية، وهو قفز إلى واجهة الطروحات بعد استبعاد صيغة «المختلط» ويخضع حالياً للبحث بإعتبار انه قابل للأخذ والرد.
ولم يشأ الوزير السابق مروان شربل عرض أي تفاصيل عن التصور الذي قدمه للرئيس عون، وقال ان خلاص البلد يكمن في التوافق على إحدى الصيغتين: مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي أو التصور الذي رفعه مؤخراً، واصفاً اياه بالوطني وبأنه يرضي الجميع، مشيراً إلى ان المشروع يقوم على النظام الأكثري مع إعادة النظر في الدوائر الانتخابية وعدد النواب في عدد من الدوائر. اما كتلة المستقبل النيابية التي اجتمعت أمس برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، فجددت التأكيد على أهمية اجراء الانتخابات النيابية في موعدها دون أي تأخير، استناداً إلى قانون جديد يتيح التوافق بين مختلف الأطراف استناداً إلى الدستور واتفاق الطائف. وشددت الكتلة على أهمية ان تبذل الحكومة كل جهد ممكن لإنجاز مشروع الموازنة وتحويلها إلى مجلس النواب بغية العودة إلى الانتظام والانضباط المالي، تأميناً للاستقرار المالي والنقدي.
ومن جهته، أوضح الوزير السابق الدكتور إدمون رزق ردّاً على سؤال من «اللواء» حول ما نُشِرَ عن عزم رئيس الجمهورية الامتناع عن توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، عشيّة انتهاء المهل في 21 شباط الحالي، أنّ هناك قواعد أساسية بأن المهل القانونية والدستورية لا يمكن أنْ تكون موضع استنساب أو جدل بالمطلق، ولكن عند وجود خلافات سياسية أو مبدئية حول موضوع معين ممكن اللجوء إلى التعبير عن موقف، ولكن مع تقديم البدائل.
جلسة المساءلة
اما جلسة المساءلة النيابية للحكومة، والتي أعادت الحيوية إلى الدور الرقابي لمجلس النواب، بعد غياب قسري، الا انها لم تغير من الوضع الراهن شيئاً، فلا الوزراء المختصين اجترحوا الحلول للمشكلات التي أثارها النواب من خلال اسئلتهم، ولا النواب اقتنعوا بأجوبة الوزراء، الا ان كل ذلك حصل تحت مظلة التوافق السياسي الذي يظلل الساحة المحلية منذ ملء الشغور الرئاسي، مع تسجيل خرق محدود بقي من دون آذار جانبية تمثل بتلويح النائب نقولا فتوش بطرح الثقة بوزير الداخلية نهاد المشنوق، لو انه استطاع إلى ذلك سبيلاً، وذلك على خلفية مقاربة الوزير المشنوق لمسألة معمل عين دارة والتي لم ترق لفتوش.
وطرحت في الجلسة التي ترأسها نائب رئيس المجلس فريد مكاري، بسبب خضوع الرئيس نبيه برّي لعملية جراحية، وخرج أمس من المستشفى بصحة جيدة، أربعة أسئلة فقط من أصل 16 تناولت النفايات والاتصالات ومكافحة الفساد ووثائق الاتصال، لكنها عادت ان تتحوّل إلى جلسة مناقشة عامة، حيث خرج النواب عن النص الدستوري لطرح مسائل خارج الموضوع، وتتصل تحديداً بقانون الانتخاب.
ولوحظ ان الرئيس الحريري كان ملماً بكل القضايا التي طرحت، ورد على كل سؤال بواقعية، وجاء ردّ الوزراء استكمالاً لما كان يدلي به رئيس الحكومة الذي أطلق بعض المواقف في سياق الرد ومنها على سبيل المثال: ان الانقسام السياسي بات وراءنا ولا عودة إليه، وأن الحكومة لن تسمح بعودة النفايات إلى الشارع، وإعلانه أيضاً بمحاسبة الفاسدين والعمل على وضع حدّ للهدر الموجود في خزينة الدولة. وانتهت الجلسة من دون ان يعلن أي نائب تحويل سؤاله إلى استجواب باستثناء عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي عمار الذي أعلن ان من حقه ذلك، الا انه لم يستعمل هذا الحق، غير انه كان له موقف لافت حين توجه للرئيس الحريري قائلاً له: «كن مطمئناً نحن واياك في مركب واحد في معركة استعادة الثقة».
مخطط إرهابي وسط بيروت
أمنياً، تكشّفت أمس ملابسات المخطط الارهابي الذي كان يستهدف وسط بيروت، والذي كشف النقاب عنه مساء الأحد المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيّد، من دون ان يعطي تفاصيل.
وفي المعلومات ان المديرية العامة للأمن العام احبطت هذا المخطط قبل حوالى شهر، في عملية نوعية استباقية، شبيهة باحباط المخطط الذي كان يستهدف تفجير مقهى «الكوستا» في الحمراء قبل نحو أسبوعين، وذلك من خلال مراقبة المسؤول عن مراقبة الكاميرات في شركة «سوليدير» ويدعى أ.ص. من صيدا، بعدما تلقى امراً من شقيقه المنضوي في صفوف تنظيم «داعش» في الرقة لمراقبة المواكب الأمنية التي تدخل وتخرج من وسط بيروت.
وبعدما تأكد الأمن العام من حقيقة الاتصالات بين ص. وشقيقه الموجود في الرقة من خلال الدخول إلى «تيلغرام» الخاص به، اوقف هذا المواطن، الذي اعترف بتلقيه امراً بمراقبة حركة النواب ومنازل المسؤولين الذين يقطنون في المنطقة، وكذلك مراقبة أحد المجمعات التجارية في العاصمة. وتضيف المعلومات ان القضية باتت في عهدة القضاء العسكري، الذي بدأ التحقيقات فيها قبل نحو عشرة أيام.
المصدر: صحف