عاصفة من المواقف أطلقها دونالد ترامب قبل وصوله الى البيت الأبيض، طرحت علامات استفهام حول طبيعة شخصيته وأهليته لشغل منصب رئيس الولايات المتحدة الامريكية. وبعد فوزه بالإنتخابات على حساب وزيرة الخارجيّة السابقة هيلاري كلينتون، ووصوله الى البيت الأبيض، لم يتوقف الرئيس الامريكي عن اطلاق تصريحات وصفت بالمتهورة في كل الاتجاهات، الى حد وصل للتباين بينه وبين إدارته.
المواقف المغايرة بين الرئيس وإدارته، انسحبت على ملفات عدة بينها سوريا وإيران وروسيا وحتى الكيان الصهيوني ، اضافة الى سوء تصرفه خلال الاتصال الهاتفي الاخير مع رئيس الوزراء الاسترالي مالكولم تورنبو حيث عمد ترامب الى قطعه بشكل حاد. وبالنسبة إلى ايران، فتهديد ترامب ومستشاره للأمن القومي مايكل فلين، بخيارات متعددة للتعامل مع التجربة الصاروخية الأخيرة للجمهورية الإسلامية، حاول المتحدث باسم البيت الابيض التخفيف من حدته، بالإشارة إلى أن كلام فلين، كان للتاكد من استيعات إيران التحذير على حد قوله.
لكن يبدو أن التراجع الاميركي سببه المواقف الإيرانية، التي أعلنها رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية بمجمع تشخيص مصلحة النظام علي اكبر ولايتي بأن من يهدد ايران، عليه أن يسأل أسلافه عن هزيمتهم في أفغانستان والعراق وسوريا. وقال ولايتي إنه هذه ليست المرة الاولى التي يهدد فيها شخص عديم الخبرة في اميركا الجمهورية الإسلامية في ايران، واضاف إن ترامب سيفهم بمرور الزمن بان اطلاق التصريحات الخاوية ضد ايران، ستودي فقط الي خفض مصداقيته امام الراي العام.
وزير الخارجية الألمانية زيجمار جابرييل، تدخل أيضاً لتوضيح مواقف الرئيس الأميركي، عبر التأكيد على أن واشنطن لا تريد إلغاء الاتفاق النووي الذي تم بين السداسية الدولية وايران، بعكس ما يروج له الرئيس الأميركي الجديد.
السقطات السياسية والدبلوماسية الغير محسوبة لترامب، واصلها عبر هجومه على ايران، متهما طهران بانها تلعب بالنار، وذلك حين اعتبرت تحذيراته بشأن تجربة لاطلاق صاروخ بالستي على انها استفزازية ولا أساس لها. وكتب ترامب في تغريدة على تويتر ان ايران تلعب بالنار وهي لا تقدر كم كان الرئيس اوباما لطيفا، مؤكدا انه لن يكون كذلك. وهذه المرة أوعز ترامب سريعا الى وزارة الخزانة الامريكية، التي فرضت عقوبات جديدة على ايران تشمل اثني عشر كيانا وثلاثة عشر فردا. وجاء في بيان الوزارة ان الافراد والكيانات التي ستطالها العقوبات موجودة في الامارات ولبنان والصين. وهذه المرة ايضا خرجت أصوات داخل الولايات المتحدة وخارجها من سياسيين واعلاميين للتصويب على خيارات الرئيس، واصفة اياه قلة خبرته السياسية التي باتت تترجم على ارض الواقع.
وكما في السياسة الخارجية كذلك في الداخلية، حيث ينادي الرئيس الامريكي بضرورة طرد كل من هو غير امريكي من البلاد، إضافة الى قراره بمنع غير الامريكيين من الدخول الى الاراضي الامريكية من سبعة دول مختلفة. ويعتبر كلامه العنصري تجاه اصحاب الاصول الافريقية والمكسيكية أكبر دلالة على شخصيته ونواياه لمستقبل أمريكا.
وبفعل كل هذه التقلبات والتصريحات والسياسات الخاطئة، اعلنت مؤسسة “جالوب” العالمية للبحوث الاحصائية ان الرئيس الامريكي الجديد يحطم الرقم القياسي كأسرع رئيس يواجه رفضا شعبيا بين آخر 6 رؤساء لأمريكا، حيث بدأ يواجه معارضة كبيرة بعد 8 ايام فقط من توليه السلطة. وأوضحت المؤسسة الاحصائية أنه بالنسبة للرؤساء الخمسة السابقين، فقد استغرق بيل كلينتون 573 يوما ليصل الى هذه النقطة من فقدان الشعبية، بينما استغرق رونالد ريغان 727 يوما، أما باراك اوباما فاستغرق 936 يوما، وقضى جورج بوش الابن 1205 يوما، وجورج بوش الاب فاستغرق 1336 يوما.
وتعليقا على ذلك قالت صحيفة “ديلي تليغراف” البريطانية، انه في الاحوال العادية فإن أي رئيس جديد يستغرق مئات الايام في منصبه حتى يبدأ شعبه في تكوين الانطباعات السلبية حول سياساته، ولكن معارضة ترامب وصلت الى 50% بغضون ايام.
إذا هي مؤشرات كبيرة وواضحة حول طبيعة السياسة التي ينتهجها دونالد ترامب، والتي بدأت نتائجها السلبية تطفو على السطح داخليا وخارجيا، وعلى عدّة مستويات منها الامني والسياسي والاقتصادي، وبالتالي فإن الرئيس الامريكي إذا ما استمر على هذا النهج، فمن شأن ذلك ان يؤدي لصراع كبير في الداخل الامريكي، كما انه خارجيا يمكن ان يؤدي الى حرب باردة مع دول الاتحاد الاوروبي، ودول امريكا الجنوبية، كما انها يمكن ان تصل الى حرب مسلحة مع دول أخرى، والايام وحدها كفيلة بكشف نوايا ترامب، وافكاره التي لا يشك أحد انها بعيدة كل البعد عن السياسة والدبلوماسية.
المصدر: موقع المنار + وكالات