تناولت الصحف الصادرة يوم الاثنين في 18-04-2016 في بيروت زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى لبنان، في وقت سلطت بعض الصحف الأضواء على كلام رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو حول الجولان المحتل.
السفير
هولاند يملأ الشغور بـ«زحمة» قصر الصنوبر!
جنبلاط يهاجم «الداخلية»: الشرطة القضائية مستهدفة
لم تحمل زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى لبنان أي مفاجآت.. خارج النص.
دلالاتها الرمزية طغت على مضمونها السياسي الذي كان خاليا من «الدسم»، في ظل تمنع أو عجز الضيف الفرنسي عن طرح أي أفكار عملية، يمكن أن تساهم في تحريك المياه الرئاسية الراكدة.. في باحة القصر المهجور.
هذه المرة، بدا هولاند وكأنه اقتبس شخصية «أبو ملحم»، مقدّما إياها في «نسخة فرنسية»، حيث جمع القيادات السياسية والدينية في قصر الصنوبر، ووزع النصائح والعواطف في كل الاتجاهات، وزار مخيما للنازحين السوريين متضامنا، بينما كان البعض من اللبنانيين منشغلا فقط بالتدقيق في «الشكل البروتوكولي» للزيارة، في ظل غياب رئيس الجمهورية!
.. ومع مغادرة هولاند، تعود الملفات التي تفوح منها رائحة الشبهات والارتكابات، لتفرض إيقاعها على الساحة الداخلية، من الإنترنت غير الشرعي، إلى الفساد في قوى الأمن الداخلي.. وما بينهما. وإذا كان الخلاف حول جهاز أمن الدولة سيتصدر اليوم نقاشات مجلس الوزراء، فإن الأرجح أن مؤسسة أمنية أخرى ستحجز مكانا لها على لائحة القضايا الخلافية، هي الشرطة القضائية التي يبدو أنها تحولت إلى ساحة لتصفية الحسابات السياسية، وتبادل الرسائل بين العديد من مراكز القوى في السلطة.
وتفيد المعطيات المتوافرة في هذا الشأن، بأن موقع قائد الشرطة القضائية بات مادة تجاذب بين النائب وليد جنبلاط، ووزير الداخلية نهاد المشنوق ومن يمثل، لقناعة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي بأن هناك محاولة لاستبدال القائد الحالي، العميد ناجي المصري، بشخصية أخرى تدين بالولاء لجهات سياسية معينة.
ويقول النائب جنبلاط لـ«السفير» إن أحد المستشارين الأساسيين لوزير الداخلية نهاد المشنوق، وهو عميد متقاعد في قوى الأمن الداخلي وتربطه صلة قرابة بشخصية سياسية وازنة، يقود منذ فترة حملة منظمة ضد الشرطة القضائية بقيادة العميد ناجي المصري.
ويضيف جنبلاط: على القاصي والداني أن يعلم أن الشرطة القضائية تقوم بواجباتها الأمنية، برغم حملة الضابط المذكور ومن يقف خلفه، وبرغم حرمان هذا الجهاز من الإمكانيات التي نطالب بها منذ مدة طويلة. ويلفت جنبلاط الانتباه إلى أنه وفي سياق الحصار المتعمد الذي تتعرض له الشرطة القضائية، لم يُلحق بها سوى 20 عنصرا من أصل 900 جرى تخريجهم مؤخرا في ختام إحدى الدورات العسكرية، علما أنها بحاجة ملحة إلى الدعم، بكل أنواعه.
ويشير جنبلاط إلى أن من مؤشرات التضييق أيضا على الشرطة القضائية عدم إحالة ملف شبكة الدعارة إليها، على الرغم من أن التحقيق في هذا الملف يندرج ضمن اختصاصها وفق القانون، موضحا أن أحد ضباط الاستقصاء في قوى الأمن هو الذي يتولى التحقيق خلافا للأصول. ويضع جنبلاط ما تتعرض له الشرطة القضائية في إطار معركة سياسية لاستبدال المسؤول الحالي عنها بضابط آخر، يكون كامل الولاء لقيادات معينة.
وبالنسبة إلى ملف الفساد في قوى الأمن الداخلي، يلاحظ جنبلاط أن التوقيفات بحق بعض الضباط توقفت عند مراتب ورتب معينة، كاشفا عن أن هناك ضباطا أوقفوا، ثم جرى الإفراج عنهم لاحقا بموجب سند كفالة، ما يدفع إلى طرح العديد من علامات الاستفهام والتعجب.
ويشدد جنبلاط على أهمية المضي في التحقيق حتى النهاية ومحاسبة جميع المرتكبين والفاسدين في قضية الاختلاسات في قوى الأمن، آملا في ألا يكون استهداف الشرطة القضائية مندرجا «ضمن إطار سياسة «توازن الملفات» أو مرتبطا برغبة البعض في وزارة الداخلية في «تصفية الحسابات» معي». وبينما يلفت جنبلاط الانتباه إلى أن الشرطة القضائية هي التي أوقفت توفيق ح. في قضية الإنترنت غير الشرعي، يكشف عن أن هناك من قامت قيامتهم بعد توقيف ح.، «ويقال إن مدعي عام التمييز من بينهم».
بري.. والضغوط
وفي سياق متصل، أكد الرئيس نبيه بري أمام زواه أمس أن المعركة ضد الفساد في ملفي الإنترنت وقوى الأمن الداخلي ستستمر حتى النهاية، ولن يكون هناك أي غطاء أو حماية لأحد، سواء كان مدنيا أم عسكريا. وأضاف بري بنبرة لا تخلو من التحدي: كل من يتعرض للضغوط، على مستوى القضاء أو غيره، ما عليه سوى أن يعلمني بذلك، ويترك الباقي عليّ.
زيارة هولاند
على صعيد آخر، اختتم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أمس، زيارته الرسمية إلى لبنان والتي استمرت يومين، التقى خلالها رئيسي مجلس النواب والوزراء، إضافة إلى عدد من الشخصيات السياسية والمرجعيات الدينية التي زارته في قصر الصنوبر. كما تفقد أحد مخيمات النازحين السوريين في البقاع.
وقال بري إن زيارة هولاند إلى لبنان كانت «واقعية»، ولم تتجاوز السقف الاستطلاعي الذي رسمه لها الفرنسيون من الأساس، موضحا أن هولاند لم يطرح أي أفكار محددة في ما خص الشأن الرئاسي، لكنه حفّز اللبنانيين على ضرورة انتخاب رئيس الجمهورية بأسرع وقت ممكن، إضافة إلى تأكيده وجوب مساعدة لبنان لتحمل أعباء النازحين السوريين.
واستغرب بري الملاحظات والانتقادات التي وجهها البعض حول طريقة استقباله الضيف الفرنسي، مؤكدا أنه طبّق الأصول البروتوكولية التي تليق برئيس دولة، لا أكثر ولا أقل. وأضاف مبتسما: ثم إن مسؤول البروتوكول في المجلس النيابي علي حمد هو من المحترفين في هذا المجال، وهناك في الخارج من يستعين بخبراته، وبالتالي فأنا أثق فيه. وتساءل بري: هل كان المطلوب أن نتعاطى مع الرئيس الفرنسي بروتوكوليا كما تم التعاطي مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لدى استقباله، خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان؟ وأكد بري أن البند الأول المطروح على جدول أعمال الجلسة المقبلة لهيئة الحوار الوطني هو تفعيل عمل مجلس النواب، وبالتالي عقد جلسة تشريعية.
أما جنبلاط، فأبلغ «السفير» أن هولاند ركز خلال لقاءاته على أهمية انتخاب رئيس الجمهورية، معتبرا أن زيارته في هذا التوقيت وفي ظل الشغور، مهمة جدا، أقله من الناحية الرمزية، وتابع: ليس أمرا بسيطا أن يزورنا رئيس فرنسا وسط هذه الظروف ليحثنا على انتخاب الرئيس، فيما نحن في واد آخر.
النهار
زيارة هولاند “واقعية” ولم تحمل مبادرة رئاسية
“تحرير” مخصَّصات أمن الدولة مدخلاً إلى الحل
لم تحجب “زيارة العمل” للبنان التي اختتمها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بعد ظهر أمس، منهياً يومين من اللقاءات والزيارات، المشاكل المتراكمة التي كان أبرزها محور لقاءاته ومنها ملف الشغور في رئاسة الجمهورية ومساعدة الجيش اللبناني ومده بالاسلحة لمواجهة قوى الارهاب والتطرف، الى مشكلة اللاجئين السوريين الذي يواجه البلد الصغير خطر توطينهم بعدما أقر المجتمع الدولي عودتهم الطوعية الى بلادهم. واذ أكد الرئيس هولاند ان لا توطين لهؤلاء في لبنان بل في بلد ثالث، لم يعلن عن اي مبادرة رئاسية جديدة بعد محاولات فرنسية سابقة لدى السعودية وايران باءت بالفشل، لكنه قال خلال لقائه الرئيس نبيه بري: “أريد ان أعود الى لبنان في أسرع وقت ممكن للقاء رئيس الجمهورية اللبنانية، ولكن ليس لدي اجابة لهذا الامر، الاجابة لديكم انتم البرلمانيون”.
واذا كانت الزيارة لم تحقق اختراقاً واضحاً على هذا الصعيد، أقله في ما ظهر من مواقف الذين التقوه خلال محطاته المتعددة، فان اهميتها تبرز شكلاً في ظل شبه الحصار السياسي والمالي الذي يطبق على لبنان، وخصوصاً من فرنسا التي ارتبط تاريخه بها بأوثق العلاقات. وقد احدثت الزيارة اختراقاً لا يمكن انكاره أقله من خلال تحول قصر الصنوبر الشهير الذي أعلنت منه دولة “لبنان الكبير” في القرن الماضي خلية نحل جمعت كل شرائح القوى السياسية باستثناء “حزب الله”، الى رؤساء الطوائف وممثلين للمجتمع المدني. وعلمت “النهار” أن الرئيس هولاند الذي عقد لقاءات جانبية مع بعض الزعماء في قصر الصنوبر كان مستمعاً معظم الوقت أكثر منه متكلماً.
وقد وصف الرئيس بري زيارة الرئيس الفرنسي بأنها كانت “الواقعية”. وقال أمام زواره أنها “لم تتجاوز السقف الذي رسمه الفرنسيون لها. ولم تطرح مبادرة في الاستحقاق الرئاسي. واكتفى هولاند بحض الأفرقاء اللبنانيين على انتخاب الرئيس والتأكيد على مساعدة لبنان في ملف اللاجئين السوريين”.
واستغرب صدور بعض الملاحظات التي أوردها البعض على طريقة استقباله هولاند. وأشار إلى أنه “تم تطبيق أصول البروتوكول المطلوبة من دون زيادة أو نقصان. وأول ما قلته له في خلوتي معه إني من أشد المتحمسين لاستقباله في الزيارة المقبلة في القصر الجمهوري في بعبدا”. وتساءل: “هل المطلوب أن يتم استقباله على طريقة استقبال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون في المطار”.
وكانت الانطباعات التي سجلتها أوساط وزارية ونيابية لـ”النهار” تضمنت تحفظاً في الشكل عن طريقة إستقبال رئيس مجلس النواب ضيفه بأن فرش له السجاد الاحمر على مدخل مبنى البرلمان وهذا أمر مختص فقط برئيس الجمهورية. كما أن هناك تحفظاً عن رئيس مجلس الوزراء تمام سلام الذي لم يشرك أعضاء الحكومة الـ 24 والذي يمثلون مجتمعين رئاسة الجمهورية في المحادثات مع هولاند.
أما في المضمون، فرأت الاوساط الوزارية أن الرئيس الفرنسي تعامل مع زيارته للبنان من باب رفع العتب إذ انه تفادى الاحراج بإن يأتي الى المنطقة ولا يعرّج على هذا البلد، علماً أن الانطباع العام هو أنه تعامل في ملف اللاجئين السوريين أكثر منه مع ملف الاستحقاق الرئاسي، وبدأ من دون مبادرة رامياً الكرة في ملعب اللبنانيين. وكان لافتاً ان أحد المرشحين الرئيسيين للرئاسة الا وهو العماد ميشال عون تجنّب لقاء هولاند مباشرة، في حين ان هذا الامر تحقق مع المرشح الاخر النائب سليمان فرنجية. ولاحظت انه حتى في موضوع اللاجئين السوريين لم يظهر هولاند عزما على ممارسة ضغوط على الجهات الدولية المانحة للمساعدات لكي تخصّ لبنان بحصة وازنة وأكتفى بوعد تقديم مساعدة متواضعة لا تلبي الحاجات الضخمة التي يرزح تحتها لبنان.
اليوم الطويل
ويستعيد لبنان اليوم حركته السياسية العادية بجلسة لانتخاب رئيس ظهراً، لن تكون الا كسابقاتها من حيث عدم اكتمال النصاب الذي يسببه فريق 8 آذار ما عدا كتلة “التنمية والتحرير”، رغم وجود مرشحين من هذا الفريق، ليستمر لبنان في دائرة المراوحة واهتراء مؤسسات الدولة.
وفي الرابعة بعد الظهر ينعقد مجلس الوزراء، وعلى جدول أعماله الكثيرمن البنود المالية ونقل المال من احتياط الموازنة الى قوى امنية مختلفة، الأمر الذي سيعارضه وزراء قبل ادراج الاموال المخصصة للمديرية العامة لأمن الدولة والموقوفة في وزارة المال منذ شهر أيلول.
وأبلغت مصادر وزارية “النهار” ان هناك مخرجاً لإزمة جهاز أمن الدولة سيجد طريقه الى جلسة مجلس الوزراء اليوم إذا صدقت النيات، وهو سيسهل العبور الى كل بنود جدول الأعمال بإعتبار أنه البند الاول على الجدول. وأوضحت أن المخرج يقضي كتسوية مرحلية بتمرير المخصصات المطلوبة للجهاز وتلبية باقي المطالب المقدمة الى الحكومة وتأليف لجنة مصغّرة مهمتها البحث في موضوع تنظيم قيادة الجهاز وهو أمر يحتاج الى وقت. وقد يفضي الحل الى الاتفاق على مشروع مرسوم يقرّه مجلس الوزراء وهو يحتاج الى توافق سياسي أو يفضي الى مشروع قانون يتطلب فتح مجلس النواب للتشريع. وأشارت الى إن إقرار مخصصات الجهاز اليوم يكتسب قوة إنطلاقا من ربطها بباقي مخصصات الأجهزة الامنية.
ويمكن ان يشكل هذا الباب مدخلاً الى التشريع الذي يصر عليه الرئيس بري والذي سيكون بنداً أول على طاولة الحوار الوطني بعد غد الاربعاء.
البناء
نتنياهو وضمّ الجولان إلى موسكو… وعباس يُلاقيه… وسورية تتمسَّك بالمقاومة
هولاند في بيروت تي تي تي تي… وفضيحة الإنترنت تطال رؤوساً كبيرة
فيما تتسم ملفات التفاوض والميدان في سورية بجمود نسبي ظاهر، من جنيف إلى حلب، تترسّخ الهدنة اليمنية بعمل اللجان المحلية بانتظار إقلاع التفاوض السياسي اليوم في الكويت، يبحث العراق عن مخارج وسطية من المأزق السياسي الذي بات واضحاً أن جرعة التغيير التي قابل بها قادة الأحزاب والكتل موجة الغضب الشعبي كانت دون مستوى القدرة على النجاح بإعادة تكوين المؤسسات في وضع يستدعي الإسراع، استعداداً لاستحقاقات الحرب مع داعش.
خطوة حكومة الاحتلال بعقد جلسة مخصصة في الجولان المحتل لإعلان تأكيد ضمّه للأراضي المحتلة شكلت حدثاً نوعياً خطف الأضواء، دون وجود مقدمات تبرر الخطوة، سوى شعور حكومة الاحتلال بالتهميش مع تبلور الخرائط والتسويات الإقليمية، بعد سقوط الرهان على جبهة النصرة ومشروع الحزام الأمني، والفشل في فرض خطوط حمراء على عمل المقاومة في جبهة الجولان، رغم العمليتين اللتين استهدفتا المقاومة مرة لاغتيال الشهيد جهاد مغنية ورفاقه ومرة لاغتيال الشهيد القيادي في المقاومة سمير القنطار.
اللافت في الخطوة عدم وجود مقدمات تتصل بملف الجولان من جهة، والعجز «الإسرائيلي» عن تحقيق إنجاز لتعديل توازن الردع الذي رفع سقف خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالإشارة إلى مكامن الضعف «الإسرائيلية» التي تجعل الدمار الذاتي مصيراً حتمياً لها في أي مواجهة مع المقاومة التي تمتلك بنك معلومات كاملاً عن مخزونات «إسرائيل» المتفجرة وأسلحتها الكيميائية والبيولوجية والنووية ومستودعات الوقود والغاز لديها. وفي ظل التداعيات التي ترتبت على العبث «الإسرائيلي» باتفاق فك الاشتباك المعمول به منذ العام 1974 سواء عبر غاراتها المتكررة على مواقع ومناطق سورية متعددة، أو لتمرير الدعم للجماعات المسلحة وصولاً لرهانها على مشروع الحزام الأمني عبر دعم وتبني جبهة النصرة، بحيث سقط الاتفاق ووصل الرئيس السوري لاعتبار الجبهة مفتوحة أمام المقاومة، لتجد «إسرائيل» أنها مهمّشة مع ربع الساعة الأخير الذي يقترب في الصراعات التي تعصف بالمنطقة منذ خمس سنوات، ما يجعل الخطوة «الإسرائيلية» أقرب للسعي لحجز مقعد تفاوضي يترجمه تزامن الإعلان مع زيارة مرتقبة لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى موسكو، مع تزامن آخر لافت هو وصول رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى موسكو أمس، على خلفية تنسيق «إسرائيلي» – سعودي، يفسر زيارة عباس وصلتها بزيارة نتنياهو، في شهر العسل «الإسرائيلي» – السعودي الذي توّجته اتفاقية جزيرتي تيران وصنافير بين مصر والسعودية وما يرتبط بها من مشروع جسر بري وأنابيب نفط تصل السعودية بحيفا لتجعلها أهم مرفأ للنفط والترانزيت على المتوسط.
الرد السوري جاء سريعاً، سواء عبر أهالي الجولان المحتل المتمسكين بهويتهم العربية السورية، أو عبر موقف الحكومة السورية بتأكيد التمسك بخيار المقاومة، فيما يتوقع أن تتالي تداعيات القرار «الإسرائيلي» بردود أفعال من المقاومة، والقوى الدولية والإقليمية.
لبنانياً، انتهت زيارة الرئيس الفرنسي إلى بيروت فرانسوا هولاند دون أن يلخصها حدث أو قرار أو موقف، فكانت باهتة، تعكس السعي الفرنسي لتثبيت مكانة ودور في لبنان، من بوابة الأموال الأوربية المرصودة لدول الجوار السوري التي تستضيف اللاجئين والتي تسعى إدارة هولاند للتلاعب بالحصة اللبنانية منها وتوظيفها سياسياً.
مع سفر هولاند عاد ملف الإنترنت غير الشرعي ليتصدر المشهد الداخلي، في ظل كلام لرئيس لجنة الإعلام والاتصالات النيابية النائب حسن فضل الله، ضمن برنامج الأسبوع في ساعة، على قناة الجديد، عن أن الفضائح تطال رؤوساً كبيرة. بينما تواصلت مداهمات الأجهزة الأمنية للشركات المتورطة وآخرها شركة توفيق حيسو الذي قرّرت النيابة العامة توقيفه، في ظل ما يقال عن علاقة خاصة تربطه بالمدير العام للاتصالات عبد المنعم يوسف ترتب عليها منحه امتيازات تسويق الـ «غوغل كاش»، وهو برنامج يدر أموالاً يفترض أن تكون حصراً بيد الوزارة، وفقاً لأحد الملفات التي يواجهها حيسو ويفترض أن المسؤولين في الوزارة سيسألون عن مبررات منحه هذه الامتيازات غير القانونية.
زيارة استعراضية في الوقت الضائع
لم يحمل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى لبنان أي تحوّل جديد، إذ خلت زيارته الاستعراضية على مدى يومين من أي مضمون سياسي، لا سيما أن كل الحراك الفرنسي في الآونة الأخيرة هدف إلى إظهار أن باريس حاضرة في الشرق الأوسط، فزيارة لبنان تأتي في إطار استعادة إرث ماضٍ، وزيارة القاهرة لحجز مكان في نظام يبحث عن نفسه، وزيارة عمان لكون الأردن الذي يقع على مقربة من الحدود السورية، يشكل غرفة عمليات عسكرية لتحريك المسلحين الإرهابيين.
وتشير مصادر مطلعة على أجواء الزيارة إلى ان «الطابع البروتوكولي الذي حظي به هولاند في ساحة النجمة والسراي وقصر الصنوبر كان بعيداً عن التأثير والفعالية وإن كانت لقاءات قصر الصنوبر نوع من إظهار التبعية واستثمار الذات»، لافتة إلى ان الزيارة محاولة فرنسية للحضور في لبنان في الوقت الضائع، خاصة أن لا دور لفرنسا في التسوية السورية البعيدة عن التأثير الأوروبي بشكل عام والفرنسي بشكل خاص. ورأت المصادر أن حراك هولاند هدف إلى إشعار المسيحيين في لبنان بالاهتمام الفرنسي وعدم الخوف من المستقبل من جهة، ومن جهة ثانية إظهار اهتمام فرنسا بالملفات الإنسانية من خلال زيارته مخيمات النازحين السوريين في البقاع الأوسط، والتغطية على الجرائم التي ارتكبتها سياسته والتي تسببت بنزوح الآلاف العائلات السورية هرباً من الإرهابيين.
وفيما حاول الرئيس الفرنسي طمأنة الرئيسين نبيه بري وتمام سلام بأن المساعدات الأوروبية للنازحين لا تهدف إلى توطين النازحين، لم يحمل هولاند أي فكرة رئاسية جديدة وإن كان الملف الرئاسي بحثه بشكل عمومي مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط وعقيلته ونجله تيمور ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية ووزير الخارجية جبران باسيل، رئيس حزب القوات سمير جعجع، والرئيس أمين الجميل ونجله سامي الجميل، والبطريرك الماروني بشارة الراعي، حيث تركّز النقاش على التعقيدات التي تقف عائقاً أمام انتخاب الرئيس.
بري يدعو هولاند لتحريك الهبة السعودية
وعملت» البناء» من مصادر عين التينة أن الرئيس بري طلب من هولاند التدخل لدى المملكة العربية السعودية لإعادة تحريك الهبة العسكرية للجيش، ومضاعفة المساعدات للبنان في ما يتعلق بملف النازحين لأن ما يُقدم ضئيل جداً»، وأشارت المصادر إلى ان الرئيس بري طلب من الرئيس الفرنسي مساعدة لبنان في الأمم الأمم المتحدة لترسيم الحدود البحرية للمنطقة الاقتصادية الخالصة في البحر المختلف عليها مع العدو «الإسرائيلي» الذي يزعم امتلاكه حقولاً من النفط والغاز في هذه المنطقة. وهذا ما يمنع لبنان استثمار النفط والغاز الموجودين في تلك المنطقة». ولفتت المصادر إلى ان الملف الرئاسي لم يستحوذ على مجمل اللقاء، رغم أن الرئيس الفرنسي حاول الاستفسار من الرئيس بري عن حق النواب بالتغيُّب عن جلسات انتخاب الرئيس من دون أي محاسبة، وأجابه الرئيس بري أن المقاطعة حق ديمقراطي ودستوري».
وأشارت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ«البناء» إلى ان هولاند تراجع عن دعم النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية بعد الاتصال الذي أجراه بفرنجية عقب دعم الرئيس سعد الحريري لترشيحه واعتبر دعسة فرنسية ناقصة يومذاك»، مشيرة إلى ان هولاند ابلغ كل من التقاهم أن لبنان لا يحتمل إلا رئيساً توافقياً مقبولاً من الجميع من دون استثناء».
لا موعد مع حزب الله
وفي سياق متصل، أشارت مصادر سياسية لـ«البناء» إلى «أن الزيارة لم تحدث أي اختراق ايجابي في الملف الرئاسي، فهولاند لم يلتقِ بوفد من حزب الله، وهذا الملف لن يجد طريقه إلى الحل من دون موافقة حزب الله ورئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون». وأكدت مصادر عليمة لـ«البناء «أن فكرة اللقاء بين الرئيس هولاند ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد لم تطرح من الطرفين لكي تلغى»، لافتة إلى أن أي موعد لم يحدّد، ولو بادر الرئيس هولاند إلى طلب اللقاء لكان لكل حادث حديث، مشددة على أن العلاقات جيدة مع السفير الفرنسي وهناك تواصل مستمر».
دعم شكلي للجيش
ولم يَغِب دعم فرنسا الشكلي للجيش اللبناني عن لقاءات هولاند، حيث قال: «تعلمون انه كان هناك اتفاق بين المملكة العربية السعودية وفرنسا من اجل مساعدة الجيش وقد تم تعليقه، لكن فرنسا ستستمر في المطالبة بأن يستعيد هذا الاتفاق فعاليته، وبالانتظار ستقدم مساعدات عسكرية للبنان».
وأكدت مصادر مطلعة لـ «البناء» ان هولاند لم يقدم فعلياً اي مساعدات عسكرية لها قيمة للجيش، فطائرات «الـ بوما» تحتاج إلى قطع غيار، والآليات العسكرية تحتاج إلى ذخيرة، والرئيس الفرنسي لم يقدم أو يتعهّد بتقديم شيء، على عكس الأميركيين والبريطانيين والكنديين الذين سارعوا بعد إلغاء السعودية الهبة العسكرية إلى تكثيف المساعدات العسكرية للجيش للتصدّي للخطر الإرهاب».
واشارت المصادر إلى «أن ما يهمّ فرنسا اليوم هو تثبيت الاستقرار في لبنان الذي يمنع تدفق النازحين إلى أوروبا»، مؤكدة «أن هولاند على غرار كل الموفدين الغربيين يعمل لكي لا يكون الشاطئ اللبناني منصة نزوح إلى أوروبا».
وشددت المصادر على «أن مبلغ 50 مليون أورو التي وضعها الرئيس الفرنسي في تصرف لبنان والمؤسسات الإنسانية فيه لتحسين شروط الاستقبال للنازحين على المستويات التعليمية والصحية في نهاية هذه السنة، والمئة مليون أورو في السنوات الـ3 المقبلة، لا تكفي أسبوعا واحداً، ولا تساوي شيئاً ولا تشكّل حلاً أمام عبء النازحين على كافة المستويات».
فرنسا حريصة على التوازنات!
وأشار وزير العمل سجعان قزي لـ«البناء» إلى أن «الصحافة الفرنسية هي أكثر من كشف أسباب وأبعاد زيارة هولاند إلى لبنان والمنطقة وهو موضوع النازحين السوريين. وهذا كافٍ لمعرفة أن الهدف المركزي للزيارة بأنه موضوع النازحين السوريين وليس لبنان كلبنان، لأن الرئيس الفرنسي يعرف جيداً بأن أفق انتخاب رئيس الجمهورية لا يزال موصداً».
وأكد قزي أن «هولاند لم يطرح خلال مباحثاته مع المسؤولين اللبنانيين موضوع توطين النازحين السوريين في لبنان، لأن فرنسا بالتأكيد حريصة على التوازنات الداخلية في لبنان، ولكن مجرد تنظيم الوجود السوري في لبنان لسنوات والحديث عن التمويل لسنوات عدة أيضاً تتحوّل الشكوك إلى يقين بأن ذلك سيؤدي إلى توطين قسم كبير منهم، وهذا يشكل خطراً كبيراً على الكيان اللبناني لجهة الاختلال الطائفي في لبنان، كما يشكل خطراً على وحدة سورية لجهة الفرز الطائفي لديها».
جلسة انتخاب الرئيس اليوم
إلى ذلك، ينطلق الاسبوع الطالع، بثلاث محطات تبدأ عند الثانية عشرة من ظهر اليوم بالجلسة الـ38 لانتخاب الرئيس، والتي ستكون كسابقاتها من حيث عدم اكتمال النصاب، رغم مشاركة الرئيس سعد الحريري الذي فشل في إقناع رئيس تيار المرده النائب سليمان فرنجية بنزوله وكتلته بالمشاركة في الجلسة. أما المحطة الثانية مع جلسة مجلس الوزراء عند الرابعة عصراً في السراي الحكومية برئاسة الرئيس تمام سلام لاستكمال البحث في جدول الاعمال الذي يتصدره ملف امن الدولة. أما المحطة الثالثة فستكون يوم الاربعاء مع جلسة الحوار الوطني في عين التينة والتي ستبحث في مآل القانون الانتخابي على ضوء التقرير الذي رفعته لجنة التواصل إلى الرئيس نبيه بري، وفي عمل مجلس النواب والعودة إلى التشريع.
اجتماع لهيئة مكتب المجلس ..
وفي السياق، أشارت مصادر عين التينة لـ«البناء» إلى ان الرئيس نبيه بري سيدعو هيئة مكتب المجلس لعقد اجتماع لوضع جدول أعمال الجلسة المقبلة بناء على ما ستخلص إليه جلسة الحوار، لتحديد موعد للجلسة العامة التي من المرجح أن تعقد في الاسبوع الاول من أيار». ولفتت المصادر إلى ان بري سيصرّ أمام المتحاورين على عقد جلسات تشريعية وليس جلسة واحدة من ضمن إطار تشريع الضرورة والأمور التي لا بد منها»، مشيرة إلى أن المساعدات المالية والهبات تحتاج إلى تشريع أو يخسرها لبنان».
وفي الشأن الحكومي، كشفت مصادر وزارية لـ«البناء» عن اتجاه لحل أزمة جهاز أمن الدولة في جلسة اليوم، بعد اتصالات جرت في اليومين الماضيين على خط عين التينة – المصيطبة على قاعدة إقرار المعاملات المالية التي يرسلها رئيس جهاز أمن الدولة اللواء جورج قرعة إلى وزارة المالية». وأشارت إلى أن العلاقة بين رئيس الجهاز ونائبه تحتاج إلى مزيد من البحث ولم يتم الاتفاق حول هذه النقطة وستؤجل إلى جلسات أخرى بانتظار إحالة أحدهما على التقاعد فيكون الحل بتعيين نائب رئيس جديد».
وفي السياق، استقبل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع رئيس التيار الوطني الحرّ وزير الخارجية جبران باسيل وأمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان في معراب، بحضور مدير مكتب جعجع إيلي براغيد ورئيس جهاز الإعلام والتواصل في القوات ملحم الرياشي، وتم البحث في ملف امن الدولة، وفي التنسيق للانتخابات البلدية، وفي قانون الانتخاب، حيث تمّ التوافق، بحسب مصادر المجتمعين على عدم المشاركة في أي جلسة تشريعية لا يكون قانون الانتخاب بنداً أول على جدول أعمالها.
الاخبار
الضيف الفرنسي الثقيل
ابراهيم الأمين
خبر كان ليتحول الى حدث لبناني ومشرقي وإقليمي، لو كان الضيف يوازي حجم بلاده التاريخي. لكن، مع هذا الرئيس لـ»هذه الفرنسا»، يتحول خبر زيارته الى مرتبة ثالثة ورابعة، بعد خلافات العائلات البيروتية على مخاتير المصيطبة. وليس لأحد أن يعطي أهمية لحدث، ما لم يكن الحدث نفسه له موقعه الفعلي. بلد أفقده أبناؤه أدواره الجدية في العالم، واختير لرئاسته شخص غير موثوق من أفراد عائلته وحاشيته، ويعاني حزبه الانفصام الأكبر في شخصيته السياسية وطنياً وخارجياً. عندما تكون المحصلة كهذه، كيف يمكن تخيّل نتائج استثنائية لزيارة الرئيس الفرنسي لبيروت.
فرنسا التي زارنا رئيسها، وضعت نفسها، منذ سنوات بعيدة، ضمن أدوات السياسة الأميركية في العالم. هي هكذا داخل أوروبا نفسها. وهي هكذا في كل أمكنة العالم. أما في منطقتنا، ولكي تكتمل صورة العجز والتبعية، أقرت حكومة فرنسا بقيادة المذكور، ومن سبقه، استراتيجية العمل تحت عباءة العقيدة الوهابية وممثلها الشرعي والوحيد المتمثل بآل سعود. وينتهي المشهد المغرق في سورياليته بأن يصل الى بيروت من دون أن يجد فيها أي حليف جدي: لا أبناء العالم الفرنكوفوني يهتمون، ولا الفرق الأخرى التي باتت في الجانب الآخر من العالم مثارة أصلاً.
وصل الأخ، والجميع يعرف، أنه يأتينا ليأمرنا وينصحنا باعتماد برامج توطين النازحين السوريين في لبنان. يعفي نفسه من مسؤولية تهجيرهم، ومن مسؤولية العمل على إعادة الاستقرار الى سوريا ليعودوا إليها مكرمين مرفوعي الرأس. يعفي نفسه من مسؤولية أخلاقية واجتماعية واقتصادية، ويطلب إلينا العمل، بما تيسر، لتوطين النازحين. يطلب، أولاً، تسميتهم لاجئين، وفي باله فلسطين جديدة. ويطلب البحث في تعديل القوانين والبرامج العامة لتتاح لكل نازح سوري الحقوق التي يتمتع بها المواطن اللبناني… ما عدا التصويت. وهو، هنا، لا يهتم للتصويت، لا لعدم رغبته في تعزيز المواطنية لدى هؤلاء، بل لكونه يعرف أن الديموقراطية اللبنانية، الموروثة من جمهوريات الاستعمار الفرنسي، تجعل التصويت حالة فولكلورية لا أكثر.
طبعاً، يحق لهولاند تجاهل الهواجس الكبرى. فكيف يشعر بها طالما أن المسؤولين عندنا لا يهتمون بها أصلاً. يطلبون منه التدخل لانتخاب رئيس. ويسألونه أن يتحدث مع إيران والسعودية عن تسوية لبنانية داخلية. كان ينقصه أن يتجاوز الحدود، قليلاً، ليسأل السوريين عن كيفية إدارة لبنان طالما أن عبد الحليم خدام لم يسعفه من منفاه الباريسي. يريد أن يعلمنا أصول الضيافة، فيما يتوجّه ــ شأنه شأن من سبقه كديفيد كاميرون وبان كي مون ــ الى مخيم للنازحين أُعدّ سلفاً لاستقبال كبار الزوار. يتصرف بوحشية بشعة، وكأنه يزور معرضاً يخرج منه بعيّنة من المعروضات. هكذا، يختار عائلة سورية، يحملها الى باريس، ليشرح لها أصول العلمانية هناك، على أن ينسى أفرادها تاريخهم الثقافي والاجتماعي والسياسي، ليتمكّنوا من العيش ضيوفاً في فرنسا.
لم يحاول هولاند، أصلاً، أن يقلّد أنجلينا جولي التي زارت المخيم نفسه. يأتي من يفترض أنه رئيس أقوى دول أوروبا، مثل «سفير نوايا حسنة»، علماً بأنه لا نوايا حسنة مع أمثاله. لو كانت لهولاند استقلالية ما، أو معرفة بأصول الحريات والديموقراطية وحقوق الإنسان، لكان بادر، قبل زيارته، الى إطلاق الرهينة لدى حكومته، جورج عبدالله، الذي يستمر أسيراً، كرمى لعيون السيد الأميركي وصِبيته من العرب والإسرائيليين.
لكن، كما يقول المثل الشعبي، «ما في نوى». هولاند ضيف ثقيل الدم والحضور. أما فرنسا التي يحنّ إليها لبنانيون، فصارت من الأرشيف!
اللواء
جلسة بلا رئيس اليوم.. ومجلس وزراء حامي الوطيس
أجندة فرنسية لسنوات لإغاثة النازحين.. والبرلمان العربي: حزب الله منظمة إرهابية
«صباح الخير، سيدي الرئيس».
هذا الكلام سمعه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند من أطفال مخيّم الدلهمية قرب زحلة في وادي البقاع، على بعد كيلومترات قليلة من سوريا، حيث نزح هؤلاء ليقيموا في مخيّمات عشوائية، شاهد الزائر الفرنسي نموذجاً منها، واصطحب معه عائلة نازحة الى بلاده ليصبح عدد النازحين الذين استقبلتهم فرنسا واحداً بعد الألف حيث استقبلت بلاده ألف نازح سوري عام 2015.
وفي المخيّم المذكور تقيم مائة عائلة، حيث ما يساوي 600 شخص معظمهم من النساء والأطفال، مع شيوخ مسنين وأطفال تحوّلوا إلى يد عاملة، بدءاً من عمر دون العاشرة، وجلّ ما يطلبه هؤلاء هو «العودة إلى منازلهم في أسرع وقت وليس الذهاب إلى أوروبا».
وفي ما خصّ لبنان الذي أمضى فيه الرئيس هولاند 48 ساعة، وغادره من مطار رياق العسكري، بعد أن كان وصله بعد ظهر السبت من مطار رفيق الحريري وتوجه إلى وسط بيروت حيث التقى الرئيس نبيه برّي في مجلس النواب بعد استقبال رسمي فرش فيه السجاد الأحمر، وعلى بعد أمتار من هناك انتقل إلى السراي الكبير حيث اجتمع إلى الرئيس تمام سلام، بعد أن تفقّد برفقة برّي وسط العاصمة الذي أعاد بناءه الرئيس الشهيد رفيق الحريري، متفقداً الجامع العمري الكبير وكنيسة مار جرجس للروم الأرثوذكس، وأشاد بما وصفه «التضامن الاستثنائي مع اللاجئين السوريين».
أما في لغة الأرقام، فطمأن الرئيس هولاند اللبنانيين إلى مساعدات فرنسية على مدى ثلاث سنوات للنازحين بما مجموعه مائة مليون يورو، على أن تكون هناك مساعدة بمقدار 50 مليون يورو إعتباراً من هذا العام.
وفي عداد الأرقام أيضاً، أعلن الرئيس هولاند أن بلاده ستقدّم 20 مليون يورو في إطار برنامج تجهيز وتسليح الجيش اللبناني.
أما بالنسبة للمسيحيين، حيث التقى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في قصر الصنوبر وبحث معه وضع مسيحيّي الشرق الأوسط، في ضوء توسّع خطر الجماعات المسلحة في سوريا والعراق، فقد تساءل هولاند: «هل يخاطرون بحياتهم للبقاء أم أن عليهم الرحيل؟»، مستدركاً «إذا رحلوا فسيختل توازن الشرق الأوسط بكامله». وفي السياسة والرئاسة، كانت اللقاءات مع رؤساء الطوائف والكتل والأحزاب إشارة فرنسية جديدة على «اهتمام فرنسا كدولة عظمى صديقة لا مصالح لها، ويطالبها اللبنانيون بالتدخّل»، وفقاً لمصدر مقرّب من هولاند (أ.ف.ب).
لم يلتق هولاند «حزب الله»، ولم يعرف ما إذا كان التقى النائب ميشال عون أم اقتصر اللقاء مع رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل، إذ لا إشارة رسمية على حصول اللقاء، إلا أن مصدراً مقرّباً من الرابية أكد أن عون شارك في عشاء السفارة الفرنسية في قصر الصنوبر وعلى الهامش صافح المرشح الرئاسي النائب سليمان فرنجية الذي كان التقى هولاند مثل سائر القيادات السياسية (راجع ص3).
إذاً، انتهت زيارة هولاند اللبنانية بالتأكيد على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، حيث تعهّد خلال زيارته الثانية بأن تبذل بلاده مساعٍ حميدة مع كل من المملكة العربية السعودية وإيران، بعد أن حققت غايتها في ما خصّ النازحين السوريين، ليستقر في مصر مع 30 رجل أعمال لتوقيع عقود تجارية بين البلدين، ثم الأردن لتفقّد قاعدة الأمير حسن، حيث من هناك تنطلق الطائرات الفرنسية في غاراتها على مواقع «داعش» في سوريا والعراق، من ضمن التحالف الدولي.
ولاحظ عضو تكتل «الاصلاح والتغيير» النائب سليم سلهب أن هولاند لم يخض في أية تفاصيل، ولا رؤية لديه، لافتاً إلى تراجع الدور الفرنسي على حساب الدورين الروسي والأميركي في المنطقة. ورغم ان جلسة الانتخابات التي ستعقد اليوم لن تختلف عن سابقاتها، فأن الرئيس الفرنسي كان حازماً بما طلبه من المسؤولين اللبنانيين بحثهم على ضرورة انتخاب رئيس في اسرع وقت ممكن، حسب ما اكدت مصادر سياسية التقت هولاند لـ«اللواء»، وهي كشفت ان الرئيس الفرنسي كان ضاغطا على كل من التقاهم لضرورة انجاز هذا الاستحقاق الذي كان بندا أساسيا في محادثاته اللبنانية.
وأشارت المصادر الى ان رغم ما كان أشيع عن ان الزيارة لن تتم فهي تمت وبنجاح تام فاق كل التوقعات، وهي تؤكد مرة جديدة أن لبنان ليس منسيا دوليا ولا يزال لاعباً أقليمياً أساسياً وأن هناك اهتماماً خاصاً به اوروبياً.
وأعتبرت المصادر بان هذه الزيارة تعني إطلاق المبادرات بأتجاه لبنان من جديد ان كان على صعيد المنطقة أو المجتمع الدولي، ولفتت المصادر ان ما أعلنه هولاند في تصريحاته أمام الاعلام هو ما أكد عليه خلال اللقاءات، حيث اعتبر ان لا يمكن ان يتكل لبنان على الخارج من أجل انتخاب رئيس، وشدد على ان باستطاعة القيادات اللبنانية الاتفاق فيما بينها للخروج من هذا المأزق والتوصل الى انهاء الشغور الرئاسي الذي يشكل قلقآً لفرنسا وللمجتمع الدولي.
وكشفت المصادر الى ان هولاند شدد على ضرورة تفعيل عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية في ظل الشغور الرئاسي، وهو طرح عدة اسئلة عن عملهما في هذه الظروف. ولفتت المصادر الى انها فهمت من هولاند أن وزير الخارجية الفرنسية جان مارك ايرولت سيزور لبنان للتحضير لاجتماع مجموعة الدعم الدولي لمساعدة لبنان، مشيرة الى ان ذلك يعتبر اجتماعا بالغ إلاهمية في هذه الظروف مما يعني ان فرنسا والمجتمع الدولي على وعي تام بمعاناة لبنان الاقتصادية والاجتماعية من جراء النزوح السوري.
الجلسة 38 وأمن الدولة
واليوم، بعد أن انتهت زيارة هولاند يوم آخر في الأجندة اللبنانية، حيث تلتئم الجلسة 38 لانتخاب رئيس الجمهورية، وسط توقعات بأن لا تحمل مفاجآت، سواء على صعيد النصاب أو الحضور، بل ذهبت إلى حدّ القول بأن ينقص النصاب فلا يزيد عن الجلسات السابقة نظراً للمراوحة السياسية في هذا الملف، بانتظار شهر أيار، حيث في 25 منه يكتمل عقد سنتين على الشغور الرئاسي.
وبعد الظهر، تعقد جلسة عند الرابعة لمجلس الوزراء للبحث في موضوع أمن الدولة، على قاعدة فصل التمويل عن الصلاحيات. وأملت مصادر سياسية لـ«اللواء» ان تشهد الجلسة اليوم تفاهماً بين جميع الفرقاء وأن يتم الاتفاق على مخرج لملف جهاز أمن الدولة، لتسيير شؤون كافة الأجهزة الأمنية التي تعمل لبسط الأمن والاستقرار على الأراضي اللبنانية. وتمنّت المصادر ان تسود الحكمة التي يتمتع بها رئيس مجلس الوزراء تمام سلام في هذه الجلسة.
وفي اتصال مع «اللواء» حول الموضوع قال وزير السياحة ميشال فرعون الذي التقى سلام السبت «نحن لن نتسلى لمجرد طرح المزايدات، بل نريد حلاً لجهاز أمن الدولة المعرقَل عمله». وفي هذا الإطار، تحدثت مصادر عونية عن أن مخصصات الجهاز ستتأمن على أن يبحث موضوع الصلاحيات من ضمن قانون تنظيم هذا الجهاز في جلسات لاحقة.
وفي الجلسة عينها، سيثير «حزب الله» توصيف قمّة اسطنبول للمقاومة بالارهاب، وموقف لبنان من ذلك، إلى جانب قضية حجب «المنار» عن قمر «نايل سات»، وفقاً لما كشفته قناة «المنار» أمس. وإذا كان موضوع جهاز أمن الدولة من الممكن مقاربته باعتباره بنداً أوّل من دون سجالات إضافية، على أن يأخذ النقاش مداه، وفقا لما أكدته لـ«اللواء» مصادر وزارية مسيحية، فإن الملف السياسي المتعلق بقرارات قمّة منظمة التعاون الإسلامي في ما خص إدانة إيران وحزب الله ستحضر بقوة على الطاولة وربما تشهد نقاشات حادّة.
في هذا الوقت، كشفت المعلومات الواردة من الكويت، أن الإجراءات ضد اللبنانيين لم تصل إلى نهاياتها بعد، وأن دول مجلس التعاون في مرحلة تبادل المعلومات الأمنية واللوجستية ليصار على ضوئها اتخاذ ما يلزم من خطوات.
ووفقاً لمصادر كويتية، فانه يخشى أن يدفع اللبنانيون مرّة أخرى ثمن السياسات الخاطئة بعد تصعيد حزب الله ضد الدول الخليجية، وبخاصة السعودية (راجع الافتتاحية). وفي إطار الإجراءات العربية، أفادت وكالة الأنباء السعودية أن البرلمان العربي ادان التدخلات الإيرانية في شؤون الدول العربية، معتبراً «حزب الله» جماعة إرهابية.
وعلمت «اللواء» أن جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد اليوم ستكون بدلاً عن يوم الخميس المقبل بسبب سفر الرئيس سلام إلى نيويورك للمشاركة في الاحتفال الذي سيقام في 22 الشهر الحالي في مبنى الأمم المتحدة للتوقيع على اتفاقية باريس بشأن تغيّر المناخ التي اعتمدت في 12 كانون الأوّل الماضي بمشاركة قادة دوليين.
الحوار والانترنت غير الشرعي
اما غداً الثلاثاء، فستعقد لجنة الاتصالات النيابية جلسة لمتابعة النقاش في فضيحة الانترنت غير الشرعي، في حين تعقد الأربعاء جلسة للحوار الوطني في عين التينة، وهدد أمين سر تكتل الإصلاح والتغيير النائب إبراهيم كنعان بالانسحاب منها إذا لم تناقش موضوع قانون الانتخاب المطروح اساساً على النقاش، مثلما كان أعلن الرئيس نبيه برّي منذ فترة بعد أن تسلم تقرير لجنة التواصل النيابية، باعتبار ان هذا الموضوع سيكون مدخلاً لمعاودة عقد الجلسات التشريعية، تحت عنوان «تشريع الضرورة».
وأشار رئيس لجنة الاتصالات النائب حسن فضل الله إلى أن وزير الدفاع سمير مقبل سيقدم تقريراً يتضمن تحقيقات حول ملف الانترنت غير الشرعي، بالاضافة إلى وزارة الداخلية والمسؤولين عن المعابر كالمطار والمرفأ والجمارك، وبالتأكيد وزارة الاتصالات بالدرجة الأولى. ولفت إلى أن القضاء وجّه للضابطة العدلية استنابات من أجل اجراء التحقيقات، الأمر الذي سيساعد على فضح كل المتورطين.
على الصعيد البلدي، وبعدما أعلن الرئيس سعد الحريري تبني ترشيح المهندس جمال عيتاني لرئاسة بلدية بيروت تحوّلت الانتخابات البلدية والاختيارية إلى شغل اللبنانيين الشاغل، وأعلنت حركة «امل» على لسان وزير المال علي حسن خليل اننا «أصبحنا في مرحلة تنفيذية»، فيما باشر المرشح عيتاني نشاطه بالمشاركة في لقاء نسائي لتيار المستقبل في عين المريسة شارك فيه امين عام التيار أحمد الحريري.
المصدر: صحف