تناولت الصحف الصادرة في بيروت نهار الخميس في 12-1-2017 العديد من الملفات المحلية والإقليمية، وركزت على زيارة الرئيس ميشال عون إلى السعودية وقطر، وجاءت افتتاحياتها كالتالي.
النهار
إيجابيات الرياض والدوحة رهن الترجمة القضاء يضع يده على حماية الملاحة الجوية
يعود رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والوفد الوزاري المرافق له اليوم من زيارتيه الخارجيتين الاوليين للمملكة العربية السعودية وقطر بنتائج مبدئية ايجابية حقق عبرها نقلة نوعية في تبديل مناخ العلاقات اللبنانية مع دول الخليج عموماً، ولكن تبقى مفاصل تنفيذية في ترجمة هذه النتائج عالقة على استكمال الاتصالات عبر القنوات الديبلوماسية لترقب مدى الأثر الذي تركته الزيارتان. ولم يختلف مشهد الحفاوة بالرئيس اللبناني امس في الدوحة عما شهدته المحطة السعودية وخصوصاً من حيث طي صفحة الجفاء السابقة من خلال المحادثات التي اجراها الرئيس عون مع امير قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني والتي تتلخص نتائجها بالاتفاق على احياء اجتماعات اللجنة المشتركة العليا بين البلدين برئاسة رئيسي حكومتيهما، على ان تعقد اجتماعها المقبل في الدوحة، وابداء امير قطر استعداد بلاده للمساهمة في مشاريع التنمية في لبنان وتشجيع المستثمرين القطريين على ذلك. كما تمنى الرئيس عون على مضيفه ان تواصل قطر جهودها للمساعدة في جلاء مصير العسكريين اللبنانيين المخطوفين والمطرانين بولس يازجي ويوحنا ابرهيم والصحافي سمير كساب ووعد الامير بمواصلة الجهود في هذا الملف على دقته وحساسيته. وبدت لافتة اشارة أمير قطر الى ان “لبنان دخل مرحلة جديدة بعد الانتخابات الرئاسية وان خيار انتخاب الرئيس عون هو أفضل خيار لان الرئيس عون سيقود البلاد الى بر الأمان”.
وعلمت “النهار” ان الرئيس عون ادلى مساء بحديث الى محطة “الجزيرة ” القطرية ستبثه اليوم تناول فيه مجموعة من القضايا والملفات الاقليمية والداخلية ومن العناوين البارزة التي تطرق اليها قوله ان الهبة السعودية المجمدة للجيش اللبناني هي “أمر معقد ولم يحسم ” خلال زيارته للمملكة. كما أكد ان الانتخابات النيابية المقبلة لن تجرى الا بقانون انتخاب جديد وليس على أساس قانون الستين. واعتبر ان موضوع تدخل “حزب الله ” في سوريا لم يعد مطروحاً للنقاش في الوقت الحاضر وهو امر يفوق قدرة لبنان، ولم يستبعد طرح موضوع اللاجئين السوريين على أعلى المستويات مع النظام السوري بعد التوافق الداخلي.
وللمرة الاولى منذ تشكيل الحكومة رأس رئيس الوزراء سعد الحريري أمس الجلسة الاسبوعية لمجلس الوزراء في السرايا وحرص في مداخلته الافتتاحية على الاشادة بكلام الرئيس عون في الرياض والذي وصفه بانه “يعبر بأمانة وصدق عن جميع اللبنانيين وعن موقف الدولة اللبنانية تجاه الأشقاء العرب”. ورأى ان زيارة السعودية وقطر ” خطوة مهمة على طريق تعميق العلاقات وازلة الالتباسات وترميم ما ساد من تباينات خلال الفترة الماضية وكانت زيارة تاريخية وناجحة بكل معايير النجاح “.
أمن الطيران
ومع ان الجلسة اتسمت بطابع روتيني وارجئت قرارات تتعلق بملف النفط لغياب عدد من الوزراء، فان موضوعاً طارئاً فرض اولوياته على الحكومة وهو يتعلق بتنامي الخطر على الملاحة الجوية في محيط مطار رفيق الحريري الدولي جراء كثافة تحليق طيور النورس فوق مطمر “الكوستابرافا” الملاصق لمنطقة المطار. وكان رئيس “اللقاء الديموقراطي ” النائب وليد جنبلاط أثار هذا الخطر بتغريدة دعا فيها الى ابعاد مكب النفايات عن مطار بيروت ” أيا يكن الثمن لئلا تقع الكارثة، “لافتاً الى “اننا شارفنا الكارثة بالامس”، مشيرا بذلك الى حادث مواجهة طائرة كانت تحط في المطار رفاً من الطيور امكنها تجنبه. واجتمع الحريري بعد الجلسة بوزير الاشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس الذي أوضح ان رئيس الوزراء طلب من مجلس الانماء والاعمار القيام بكل ما يلزم لابعاد الطيور عن المطار. وأضاف الاجهزة الموضوعة في المكب والمطار لابعاد الطيور لا تكفي ولذا قرر الرئيس الحريري زيادة عدد الآلات أما نقل المطمر فيعود الى وزارة البيئة.
لكن تطوراً بارزاً طرأ على هذا الملف مساء وتمثل في اصدار قاضي الامور المستعجلة في جبل لبنان حسن حمدان قراراً باقفال مطمر “الكوستابرافا” ومنع ادخال النفايات اليه موقتا بسبب وجود طيور النورس. وتضمن القرار “الوقف الكلي لعملية نقل النفايات الى المركز الموقت للطمر الصحي في منطقة الغدير – مطمر الكوستابرافا – الى حين ورود جواب كل من وزارتي الصحة والزراعة والمديرية العامة للطيران المدني على ان ينظر حينئذ في جدوى تمديد الوقف. وابقاء الاعمال الجارية في المطمر قائمة تحت اشراف من ينتدبه وزير البيئة على قاعدة الاشراف الفني فقط بغرض تخفيف أي وجود لخطر الطيور في محيط مطار رفيق الحريري الدولي وداخل المطار من دون المساس بالزامية العقود المبرمة ما بين الادارة والمتعهد المعني بصدور المرسوم في بند وقف نقل النفايات “.
هيئة مكتب المجلس
الى ذلك تعقد هيئة مكتب مجلس النواب اجتماعها الاول ضمن العقد الاستثنائي للمجلس اليوم برئاسة رئيس المجلس نبيه بري في عين التينة لبرمجة اقتراحات القوانين والمشاريع ضمن العقد ومنها مشاريع القوانين الانتخابية ومشروع الموازنة العامة. واوضح بري عشية الاجتماع ان المجلس مقبل على ورشة عمل ناشطة وكثيفة في التشريع والرقابة وانه عازم على عقد جلسات محاسبة كثيفة للوزارات عدا الجلسات التشريعية. وفي موضوع قانون الانتخاب نبه الى ان “الوقت بات يدهمنا والمطلوب انجاز قانون جديد في أسرع وقت “.
الاخبار
وفد أنقرة إلى الأستانة: طغيان «إخواني»
حصلت «الأخبار» على لائحة مقدّمة من تركيا إلى روسيا تحمل مقترحات بأسماء وفد المعارضة السورية إلى مفاوضات الأستانة. وطغت الأسماء والجهات ذات الجذور «الإخوانية» على اللائحة، مع استبعاد واضح للجهات المحسوبة حصراً على السعودية.
فراس الشوفي
يقترب موعد المفاوضات المقرّرة بين الحكومة السورية والمعارضة، في العاصمة الكازخية الأستانة برعاية روسية ــــ تركية، في ظلّ استمرار خروقات الجماعات المسلّحة لوقف إطلاق النار المعلن قبل نحو أسبوعين، بالرعاية الخارجية ذاتها. وأفضت اجتماعات الأيام الأخيرة في تركيا إلى خروج المقترح شبه الرسميّ للجهات والأسماء التي ستحضر إلى طاولة المفاوضات، مؤلّفاً من 44 اسماً، وتعطي دوراً كبيراً لمشاركة الجماعات المسلّحة.
وتُظهر لائحة الأسماء طغياناً واضحاً لدور الفصائل المحسوبة على تركيا في تحالف «درع الفرات»، التي تحمل في طياتها عصباً وجذوراً «إخوانية»، يصل حدّ التماهي مع «حزب العدالة والتنمية» التركي، مع غياب شبه تام للفصائل التي تُحسب صافيةً على السعودية، كفصائل «الجبهة الجنوبية» التي غُيبت في الأصل عن وقف إطلاق النار. مصادر سورية متابعة لملفّ المفاوضات في دمشق، ترى أن «حضور ممثّلين عن جيش الإسلام عبر مُمَثِّلَين (يامن تلجو ومحمد بيرقدار)، لا يعكس الحضور السّعودي بعد أن قبضت تركيا على الجماعات الإرهابية، مخرجةً السعودية وحتى قطر من القرار في الميدان، لذلك تحرص أنقرة على تمثيل الفصائل التي تتّخذ من تركيا رئة للدعم المادي والعسكري بمعزلٍ عن مصدره، فيما غيّبت الفصائل التي تستخدم الأردن منصّة لاستقبال الدعم الخليجي». وفيما غابت أسماء ممثلي «الجبهة الجنوبية»، حضر اسم أحمد أبازيد بصفة مستشار، لاختصار الجنوب بتمثيل «إخواني» عنوانه عائلة أبازيد ذات الجذور الأردنية في محافظة درعا، التي تدفع الروابط الإخوانية مع «حزب العدالة والتنمية» بغالبية فعالياتها إلى الجيب التركي، بعيداً عن القبضة السعودية.
وجرى تمثيل غالبية الفصائل التي تغزو الشمال السوري تحت عباءة الاستخبارات التركية، ضمن «درع الفرات»، ومن الأسماء المشاركة منذر أحمد سراس عن «فيلق الشام»، والعقيد المنشق أحمد عثمان عن «فرقة السلطان مراد»، والمقدّم المنشقّ فارس البيوش عن «جيش إدلب الحر»، وعبد الحليم منصور عن «صقور الشّام»، وهائل خليفة عن «فيلق الرحمن»، وحسام ياسين عن «الجبهة الشامية» وصطفى جميل برّو عن «تجمع فاستقم كما أُمرت»، والرائد المنشق جميل الصالح عن «جيش العزّة»، فضلاً عن تمثيل محمد السيد وتوفيق شهاب الدين لـ«نور الدين الزنكي»، التي تجاهد تركيا والوسائل الإعلامية المعادية للحكومة السورية محاولة على تلميع صورتها، منذ تسرّبت فضيحة ذبح العصابة للطفل الفلسطيني في مخيّم النيرب.
وتشارك «حركة أحرار الشام» ذات الجذور والارتباط الإخواني، بشكل فعّال، عبر طرح ستّة ممثلين عنها، هم أبو جابر الشيخ وأبو يحيى الحموي وأبو عزام الأنصاري ومنير السّيال وأبو عمار تفتناز ولبيب نحّاس، بالإضافة إلى رئيس «الائتلاف» المعارض السابق معاذ الخطيب والرئيس الحالي أنس العبدة وعبد المنعم زين الدين كـ«منسّق بين الفصائل»، ذوي الخلفية الإخوانية. ويربط أكثر من مصدر سوري أمني وسياسي، بين الدور الذي يعطى لـ«أحرار الشام» في منطقة وادي بردى، والمحاولات التركية لتعويم الحركة، كمفاوض «مدني» لحجز مكان لها في المستقبل السوري. كذلك تستفيد الحركة، من تعامل إيران معها كقوّة موجودة بالأمر الواقع، خصوصاً في ما يتعلّق بالمفاوضات حول الفوعة وكفريا والزبداني، ومن الروابط التي تحتفظ بها الجمهورية الإسلامية مع بعض الحركات ذات الأبعاد الإخوانية كحركة حماس و«حزب الحريّة والعدالة» في مصر، علماً بأن هناك شبه ابتعاد إيراني عن مفاوضات الأستانة.
وتقول المصادر إن «الضجيج حول مسألة اندماج الفصائل، ولا سيّما السّجال داخل أحرار الشام حول الاندماج مع جبهة فتح الشام (جبهة النصرة) لا تعكس حقيقةً، الاختلاف الفقهي أو العقائدي بين التنظيمين، التي تكاد تكون روحاً واحدة»، مذكّرة بكلام أبو محمد الجولاني في مقابلته الأخيرة مع قناة «الجزيرة»، عن أن مقاتلي «أحرار الشام» هم بقيادة «الجبهة»، حتى ولو قرّرت الحركة قتال «النصرة» أو فكّ الالتصاق عنها. وبحسب المصادر المعنيّة في المفاوضات، فإنّ «أحرار الشام الإخوانية تهدف من خلف هذا السجال إلى إيهام صنّاع القرار في الغرب بوجود اختلاف عن (النصرة)، من دون أن يكون ذلك واقعاً فقهيّاً أو فكريّاً، بعد أن غيّر إخوان سوريا استراتيجيتهم منذ ثمانينيات القرن الماضي وانتقلوا من التنظيم العلني إلى العمل السرّي وتحوّلوا إلى عصب السلفية الجهادية في العالم». وتذكّر المصادر بما قاله الرئيس السوري بشّار الأسد في مقابلته مع صحيفة «الوطن» المحلية في تعليق حول حماس، مؤكّداً أن سوريا دعمتها «ليس لأنها إخوان، بل لأنها مقاومة، لكن ثبت في المحصّلة أن الإخونجي في أي مكان يضع نفسه فيه، يبقى من الداخل إخونجي إرهابي منافق».
ولم تعطِ موسكو بعد ملاحظاتها حول المسوّدة المطروحة، علماً بأنها ستضيف إلى الوفد المعارض ممثّلين عن «منصّة موسكو» التي يعدّ من أبرز وجوهها رئيس حزب «الإرادة الشعبية» قدري جميل. كذلك لم تتبلّغ دمشق بلائحة الأسماء التي هندستها تركيا بشكل رسمي، حتى الآن. وفيما لا يُخفى على الدبلوماسية السورية المحاولات التركية لإضفاء الجوّ الإخواني على وفد المعارضة، تقول مصادر دبلوماسية لـ«الأخبار» إن «الحكومة السورية عبّرت مراراً عن أنها لا تضيع الوقت بالتفاوض مع أشخاص إنّما مع الواقع على الأرض، ولذلك لا مانع لديها من التفاوض مع أيٍّ كان من السوريين لوقف الحرب، والوصول إلى الحلّ الذي يضمن وحدة سوريا وسيادتها، على أن يكون هذا التفاوض سورياً ـــ سورياً، وأن يكون من دون شروط، ولأجل هذا الهدف سنذهب إلى الأستانة». وأكّد الأسد في حديث مع عدد من وسائل الإعلام الفرنسية في العاصمة السورية قبل أيام مستبقاً الخطوة التركية، إلى أن «دمشق ما زالت تطرح تساؤلات عمّن سيكون هناك من الطرف الآخر (في المفاوضات)»، مؤكّداً استعداد بلاده للمشاركة في جولة المباحثات، والتفاوض «من دون حدود» باستثناء «القضايا الدستورية» التي «يقررها الشعب».
وتُلقي معارك مدينة الباب، مخاوف من المطامع الكامنة خلف الانخراط التركي في السّعي لحلّ سياسي، والطموح بحصّة ميدانية وسياسية في الحلّ السوري، عبر منح الجماعات الإخوانية منفذاً إلى الدولة السورية مستقبلاً، كما يروّج رئيس المكتب السياسي في «أحرار الشام» لبيب النّحاس. ففيما تضع تركيا نصب أعينها الخطر الكردي، مع قناعة بصعوبة العودة إلى الوراء في ما حقّقه الأكراد بالدعم والحماية الأميركية حتى الآن من سيطرة في الشمال السوري، تعمل أنقرة على ابتزاز الأميركيين لوقف الدعم الكردي، موحيةً بنيّة الالتحاق في ركب التحالف الاستراتيجي مع روسيا، ولا سيّما بعد التلميحات الأخيرة حول قاعدة «أنجرليك». في وقت تحرص فيه موسكو على بدء المفاوضات ونجاح مؤتمر الأستانة، و«توريط» الرئيس رجب طيب أردوغان أكثر في التحالف معها، طمعاً في انتزاع الحليف العسكري الأبرز لواشنطن، في حلف «الناتو». ومع أن «حرب التفكيك» التي أسهمت بها تركيا، متوهمة أنها ستبقى خارج حدودها، وباتت تشكّل الآن خطراً كبيراً على الداخل التركي مع تصاعد الأعمال الإرهابية لتنظيم «داعش» ونشاط حزب العمال الكرستاني، تحاول أنقرة تثبيت سيطرة جغرافية في الشمال باستخدام «درع الفرات»، فارضةً كانتوناً إخوانياً بديلاً من سيطرة «داعش». ولعلّ الكلام الذي أطلقه زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي في خطابه الأخير، ووصفه «الإخوان» بـ«إخوان الشياطين» تزامناً مع دعوته أنصاره إلى مهاجمة الداخل التركي، يشير إلى توجّسه من نيّة تركيا، تظهير الإخوان المسلمين بديلاً من تنظيمه، ليس في سوريا وحدها، بل على امتداد المنطقة.
البناء
أوباما لحرب الوداع مع ترامب… ووزير الخارجية الجديد للتعاون مع روسيا
موسكو تساند الجيش السوري رغم الهدنة… وتمهّد لدور في ليبيا مع حفتر
عون يختتم بقضية العسكريين في قطر… وقانصو لزيارته دمشق وطهران
الحرب المثلثة التي تدور على جبهات الرئيس الأميركي المنتهية ولايته باراك أوباما والرئيس المنتخب دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مستمرة بجديد يحرص أوباما على ضخه في شرايينها كل يوم، حتى اليوم الأخير من ولايته، مقابل سخرية روسية وإصرار ترامب على مواصلة نهجه الذي رسمه في حملته الانتخابية بالتعاون مع روسيا في الحرب على الإرهاب، كما كانت مداخلة وزير الخارجية الجديد ريك ريتيلسون في شهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس، ورفضه للاستفزاز بالدعوة لوصف الدور الروسي في سورية بجرائم حرب.
موسكو تنتظر تسلّم ترامب وفريقه مسؤولياتهم والتعرف عن قرب على السياسات التي سيعتمدونها، لتحدّد وجهة التعاون وعناوين الخلاف بطريقة علمية وواقعية، بعيداً عن الآمال الزائفة والمخاوف غير المشروعة، بينما تولي اهتمامها لجبهات القتال بوجه الإرهاب في حرب مثلثة من سورية إلى العراق وصولاً إلى ليبيا، فقد حسمت موسكو الرهانات على حقيقة تصرّفها بعد إعلان الهدنة في سورية برعاية روسية تركية، بالإعلان عن وقوفها وراء الجيش السوري في أي مواجهة يخوضها مع المسلحين رغم الهدنة، وبالتأكيد على الانتهاء من التحضيرات لحوار أستانة، بانتظار التفاهم الروسي التركي الإيراني على توجيه الدعوات للمشاركين من رعاة ومتحاورين، حيث المشاكل الكبرى في ضفة الدول الراعية للحرب، وفي ضفة المعارضة تنتظر الثلاثي الروسي التركي الإيراني.
تتابع موسكو مع حلفائها ما يجري في العراق بينما تتوجّه لتفعيل وتطوير دورها في ليبيا، كما تظهر التحركات والاتصالات الروسية بالجنرال خليفة حفتر، وصولاً لزيارة أسطولها لميناء طبرق وتنظيم جولة تفقدية لحفتر على متن حاملة الطائرات الأميرال كوزنتسوف، والإعلان عن نيات التعاون والتنسيق وتزويد الجيش الليبي بما يحتاجه في هذه الحرب على الإرهاب.
تنشغل أميركا بهمومها لأشهر بينما تكون روسيا قد راكمت الإنجازات، ويبدو الشرق الأوسط بقوة الإنجاز في سورية بعد حرب حلب، هذا العام كساحة عمل روسية، تتراجع خلالها أدوار الدول الإقليمية التي تنتظر الموقف الأميركي وتبلوره، بينما لبنان يستثمر اندفاعته التوافقية وموقعه الإيجابي وسط المتغيرات، بقوة شراكة حزب الله في الإنجاز السوري لتطبيع علاقاته الخليجية بدون التكتم على اعتبار مشاركة الحزب في سورية مسألة غير مطروحة للتفاوض، بلغة ناعمة لا تستفز، كما قال رئيس الجمهورية في إطلالاته الإعلامية مع زيارته للسعودية، عن ارتباط هذه المشاركة بمشاركات أخرى وبمعادلات دولية وإقليمية.
الوفد الرئاسي الذي أنهى زيارته إلى السعودية توجّه إلى قطر وقضية العسكريين المفقودين أولى القضايا. وقد ظهرت إعلامياً في تعليقات أمير قطر وإعلانه الاستعداد للمساعدة بينما زيارات الرئيس اللاحقة كانت موضوع سؤال في السعودية وخصوصاً إلى سورية وإيران وكان الجواب الرئاسي، أنّ العلاقات طبيعية والزيارات واردة، وبالنسبة لسورية، خصوصاً بضوء ضغط قضية النازحين السوريين والحاجة للتنسيق حولها بينما قال رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانصو إنّ زيارة الرئيس لكلّ من دمشق وطهران قائمة وقريبة.
مكاشفة عون للسعوديين
قبل أن ينتقل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والوفد الوزاري والإداري المرافق من الرياض الى الدوحة، أطلق عون جملة من الموقف والرسائل الموجّهة الى قيادة المملكة العربية السعودية وشعبها عبر منبر قناة «العربية»، كانت أشبه بمكاشفة علنية وإعلان نيات اللبنانيين الحسنة تجاه شعب المملكة وقيادتها وإزالة الشوائب والهواجس وإغلاق مرحلة التوتر والقطيعة التي عاشتها العلاقة بين البلدين على الصعد كافة خلال السنوات الماضية. في المقابل مهّدت الساحة الداخلية ووضعت الأسس والبوصلة لإحياء العلاقات وإعادتها الى سابق عهدها، فقد أكد عون بأنّ لبنان لم يقم بأيّ عمل يُضرّ بمصلحة عربية، خاصة المملكة العربية السعودية، مشيراً إلى أنّ السعودية هي أول دولة توجّه إليه الدعوة لزيارتها بعد انتخابه رئيساً. وطمأن العماد عون الى أنّ الدولة اللبنانية ليست مع أيّ سلاح يُستخدم في الداخل، مشيراً إلى أنّ وجود السلاح كان مرتبطاً بظروف دقيقة. كما أوضح أنه لا يوجد دور للمقاومة في الداخل اللبناني، لأنّ هذا الدور أصبح جزءاً من أزمة الشرق الأوسط التي يدخل فيها الأميركيون والروس والإيرانيون.
وفي ما يخصّ الوضع الداخلي اللبناني، أشار عون إلى أنّ «هناك بنوداً في اتفاق الطائف لم تنفذ وأنّ تنفيذ هذه البنود بالكامل، وعلى رأسها القانون الانتخابي ضروري لضمان قواعد العيش المشترك والتمثيل الصحيح لمختلف شرائح الشعب اللبناني».
وبينما تترقّب الساحة الداخلية النتائج السياسية والاقتصادية لزيارة عون الخليجية والتي توّجت أمس الأول بلقائه مع الملك سلمان بن عبد العزيز وأمس مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، فإنّ البوادر الإيجابية لمحاولة الجانب اللبناني تطبيع وإصلاح العلاقة مع المملكة قد بدأت بالظهور تدريجياً من قرار القيادة السعودية رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية بين البلدين من قائم بالأعمال الى سفير وما سيترتب عليه من تجديد للعلاقات التجارية والاقتصادية والعسكرية والأمنية وتطويرها عبر زيارات وتنسيق بين الوزراء اللبنانيين ونظرائهم السعوديين، أما الوعود بالإفراج عن هبات المليارات فتبقى مرهونة بالتنفيذ.
وقالت مصادر وزارية لـ«البناء» إنّ «زيارة عون كانت ناجحة بالمعايير كلها في الشكل والمضمون، وكلّ الكلام عن عدم جدواها غير منطقي، ويهدف الى التقليل من قيمتها»، وشدّدت على أنّ «النتائج الاقتصادية المرتقبة ستظهر في وقتٍ قريب وسنرى السياح والمستثمرين الخليجيين في لبنان والدعم للجيش والمؤسسات الأمنية وتطوير العلاقات التجارية ما يصبّ في خانة تنشيط الاقتصاد وتنمية القطاعات الإنتاجية، لا سيما السياحة.
وكان عون قد توجّه الى قطر والتقى أميرها الشيخ تميم الذي خاطب الرئيس عون بالقول: «خيار انتخابكم أفضل خيار، لأنكم ستقودون البلاد الى برّ الأمان»، ووعد بمواصلة الجهود في ملف العسكريين المخطوفين لدى «داعش» والمطرانين بولس اليازجي ويوحنا إبراهيم والصحافي سمير كساب». وأكد عون «أن الوضع في لبنان خطا خطوات مهمة نحو التقدم وتجاوز مرحلة الخطر بعد اتفاق جميع اللبنانيين على البحث في المسائل الأساسية بروح من الحوار والإيجابية».
.. وجلسة منتجة للحكومة
جولة عون الخليجية ونتائجها المرتقبة على لبنان، حضرت على طاولة مجلس الوزراء الذي انعقد أمس برئاسة الرئيس سعد الحريري في السراي الحكومي، بغياب الوزراء: مروان حمادة، علي حسن خليل، نهاد المشنوق، جبران باسيل، يعقوب الصراف، ملحم رياشي، رائد خوري وبيار رفول. وأكد الحريري أنّ «زيارة السعودية وقطر خطوة مهمة على طريق تعميق العلاقات وإزالة الالتباسات وترميم ما ساد من تباينات خلال الفترة الماضية. وفخامة الرئيس أمين على هذه المسؤولية وسنكون الى جانبه في كل ما يخدم مصلحة لبنان ودوره المميّز بين أشقائه».
وإذ سادت الجلسة أجواء إيجابية وهادئة، كما وصفتها مصادر وزارية لـ«البناء»، أقرّت الحكومة معظم بنود جدول الأعمال باستثناء بعض المواضيع التي تحتاج الى توقيع وزير المالية كملف النفط، ما دفع الحريري لإرجائها حتى عودة الوزراء من السفر، وقرّر مجلس الوزراء وضع رؤية جديدة لمناقشة موضوع النازحين السوريين وتعديل اللجنة التي لها علاقة بالموضوع». ولم يُثِرْ وزراء الحزب الاشتراكي موضوع آلية اتخاذ القرار في مجلس الوزراء لا سيما بند التعيينات بعد تعيين بديل عن مدير عام وزارة الاتصالات عبد المنعم يوسف من خارج جدول الأعمال». ولم يُطرح ملف المعاينة الميكانيكية بينما اللجنة التي شكلها المجلس برئاسة الحريري لم تنته من دراسة الملف، لكنّ مصدراً حكومياً مطلعاً أكد أن الاتجاه لإعادة النظر بمناقصة الميكانيك، وأن الملف لن يمر في المجلس، كما لفت الى أن الحكومة ستقر مراسيم الشق المالي من ملف النفط بعد عودة وزير المالية مع النظر في بعض الملاحظات والشوائب».
وقال وزير العمل محمد كبارة لـ«البناء» إنّ «الجلسة كانت إيجابية ومنتجة كما الجلسات السابقة وهي امتداد للتوافق السياسي الطاغي في البلد وجو التفاهم المسيطر على جلسات الحكومة. وأظهرت كل الأطراف في الجلسة نية للعمل والإنتاج وأنجزنا كل بنود جدول الأعمال وأبدى بعض الوزراء ملاحظاتهم على بعض الأمور». وأشار الى أن «مجلس الوزراء شكل لجنة لبدء معالجة ملف النازحين، الذي يحتاج الى دراسة وتصور جديد وإيجاد الحلول عن طريق الدولة ضمن خطة شاملة لا سيما أنّ النازحين السوريين يرتّبون أعباءً كبيرة على مرافق الدولة وبنيتها التحتية وخزينتها من الصحة الى التعليم والكهرباء والمياه والسكن وشتى الصعد. وقرّر المجلس أن يدار كلّ الملف ضمن لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة، وليس كما كان يتم الأمر حيث كانت كل هيئة أو وزارة تصرف كما تشاء بشكلٍ منفرد، كما ستضع اللجنة تصوراً وخطة حكومية لمعالجة الأزمة وتعرضها على مجلس الوزراء».
وعن الحلّ المتوقع في ظل حديث رئيس الجمهورية عن وجود مناطق آمنة في سورية تجب إعادة النازحين إليها في أقرب وقت، أشار كبارة الى أنه لم يتم الدخول في تفاصيل الحل، ولم تحدد الوسيلة أو الطريقة، والملف بحاجة الى دراسة ونقاش وأرقام ومساعدة الأجهزة الأمنية».
وعن تنسيق الحكومة اللبنانية مع السلطات السورية لمعالجة أزمة النازحين وموقف رئيس الحكومة ووزراء المستقبل، أجاب كبارة: لم يتم الحديث في هذا الأمر الذي يقرره مجلس الوزراء بينما قالت مصادر وزارية أخرى لـ«البناء» إن الحل الذي تعمل عليه اللجنة سيكون مؤقتاً ريثما تجد الحكومة حلاً نهائياً سيرتكز على إعادة النازحين الى بلادهم والحؤول دون إبقائهم في لبنان وحينها بالتأكيد سيتم التواصل مع الحكومة السورية عبر أقنية متعددة أو حتى على مستوى بعض الوزراء»، موضحة أن اللجنة ستجري دراسة جدية لكل ما حصل منذ العام 2011 حتى الآن، محذرة من أن العجز في الميزان التجاري وصل الى 14 مليار دولار، جراء زيادة مصاريف الدولة على النازحين السوريين، وهذا يرتب ثقلاً كبيراً على المؤسسات اللبنانية التي عليها مضاعفة كل الخدمات لتكفي حاجات النازحين السوريين».
ووفق ما علمت «البناء» فإنّ الحكومة ستطلب من الدول المانحة التعامل مع الدولة اللبنانية من دولة الى دولة، كما يتم التعامل مع الأردن واليونان وإيطاليا وغيرها، وليس مع وزارات أو هيئات وستطلب وقف التعامل مع الـ»يو أن دي بي»، حيث طلبت أوروبا من لبنان تشغيل السوريين كشرط لتقديم المزيد من المساعدات المالية، بينما هم في الأصل يعملون في كل القطاعات لا سيما في قطاع البناء والزراعة».
وعقب «تغريدة» النائب وليد جنبلاط التي قال فيها: «أياً كان الثمن إبعاد مكب النفايات عن مطار بيروت كي لا تقع الكارثة، بالأمس شارفناها على لحظة»، أكد وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس بعد خلوة جمعته بالرئيس الحريري على هامش الجلسة أن «رئيس الحكومة اتخذ قراراً بزيادة عدد الآلات التي تصدر أصواتاً من أجل منع الطيور من الوصول الى مدرج مطار بيروت»، مشيراً الى «العمل من أجل إيجاد حلّ لهذه المشكلة لما لها من تأثير على حركة الملاحة».
بري: السيوف على «الستين» والقلوب معه
وفي حين تعقد هيئة مكتب مجلس النواب اليوم اجتماعاً في عين التينة برئاسة الرئيس نبيه بري للبحث في جدول أعمال الجلسة التشريعية المرتقبة، أكد الرئيس بري في لقاء الأربعاء النيابي أن «المجلس مقبل على ورشة عمل ناشطة ومكثفة في التشريع والرقابة وسنعقد جلسات محاسبة مكثفة للوزارات وجلسات تشريعية»، معلناً أنه «سيدعو الى جلسة تشريعية في غضون 10 أيام»، ومعتبراً «أن الوقت بدأ يداهم والمطلوب إنجاز قانون جديد للانتخابات سريعاً»، مكرراً القول «نخشى من الذين سيوفهم على قانون «الستين» وقلوبهم معه».
اللواء
حصيلة قمتي الرياض والدوحة: رهان على قدرة لبنان ردع التدخلات
عون يرفض أي دور للسلاح في الداخل.. وأزمة نفايات تتجدّد بعد إغلاق الكوستا برافا
فيما شكلت زيارتا الرئيس ميشال عون برفقة الوفد الوزاري الثماني، إلى كل من الرياض والدوحة، محاولة جدية لبنانية، لترميم العلاقات أو إعادة إحيائها مع المحيط العربي من البوابتين السعودية والخليجية، كانت المخاوف تتجدد من عجز الطبقة السياسية عن إنتاج قانون جديد للانتخابات، مما يعني أن ابغض الحلال اجراؤها على اساس قانون الستين، كما انها تتجدد من بروز أزمة نفايات جديدة، تسببت بها نفايات مطمر «الكوستابرافا» الذي يصب به نهر الغدير، ما نجم عن ذلك من تكاثر طيور «النورس» في المكان، وبالتالي إعاقة حركة الطيران المدني في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، الامر الذي حضر بقوة في مجلس الوزراء، وكان موضع متابعة بين الرئيس سعد الحريري ووزير الاشغال العامة يوسف فنيانوس، حيث تم في الاجتماع الذي عقد بينهما بعد انتهاء مجلس الوزراء اتخاذ إجراءات سريعة وكفيلة بمعالجة خطر هذه الطيور على سلامة الملاحة الجوية، ووضع مصب نهر الغدير، لينتهي اليوم الطويل بقرار لقاضي الأمور المستعجلة حسن حمدان بايقاف إلقاء النفايات في مكب «الكوستابرافا» ريثما ترفع الوزارات المعنية تقاريرها على هذا الصعيد.
زيارة قطر
رئاسياً، وفيما استمرت المفاعيل الإيجابية لاستقبال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للرئيس عون والوفد المرافق له، انتقل رئيس الجمهورية من الرياض إلى الدوحة، المحطة الثانية في أولى جولاته العربية بعد انتخابه رئيساً للجمهورية. ونقلت وكالة الأنباء القطرية (قنا) أن أمير الدولة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني استقبل في الديوان الاميري الرئيس عون وعقد معه جلسة مباحثات رسمية قبل ظهر أمس، حضرها نائب الأمير الشيخ عبدالله بن حمد آل ثاني ورئيس مجلس الوزراء الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، ووزير الداخلية وعدد من الوزراء، وعن الجانب اللبناني الوفد الوزاري المرافق للرئيس عون.
وأوضحت الوكالة أن المباحثات تطرقت إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية، ومنها تطورات الأحداث في الشرق الأوسط والعلاقات الثنائية بين البلدين وسبل دعمها وتطويرها في كل المجالات. واتفق على تفعيل اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، على أن تقصد برئاسة رئيسي الحكومة في كل منهما. كما اتفق أيضاً على تشجيع التعاون الاقتصادي والاستثماري بما يعود بالنفع على الجانبين.
وسبق جلسة المحادثات استقبال رسمي للرئيس عون، حيث لاقاه الأمير تميم واستعرضا معاً حرس الشرف. وبعد الجلسة الموسعة، عقدت خلوة دامت نصف ساعة بين الرئيس عون والشيخ تميم استكملت خلالها النقاط التي اثيرت في الجلسة الرسمية. وقالت مصادر الوفد اللبناني أن الأمير تميم رحب بالرئيس عون، معرباً عن ارتياح دولة قطر لانتخابه واصفاً انه كان «الخيار الافضل»، وكاشفاً أن بلاده تتطلع إلى تنمية العلاقات بين البلدين.
وأشارت هذه المصادر إلى أن الرئيس عون طلب من الأمير تميم أن تمضي بلاده في استخدام صداقاتها وتأثيراتها للمساهمة في تحرير الجنود اللبنانيين التسعة الذين يحتجزهم تنظيم «داعش»، إضافة إلى المطرانين بولس اليازجي ويوحنا ابراهيم والصحافي سمير كساب. وعلى الرغم من حراجة الوضع ودقته، وعد الأمير تميم ببذل ما تستطيعه بلاده في سبيل ذلك، كما وجه الرئيس عون دعوة لأمير قطر لزيارة لبنان ووعد بتلبيتها.
وفي معلومات «اللواء» من مصادر دبلوماسية عربية، أن كلا الزيارتين ساهمتا في طي صفحة الالتباسات الماضية، وأن دول الخليج، وفي مقدمها السعودية وقطر حريصة على دعم لبنان المعافى، وعلى إعادة تحريك المساعدات والتبادل التجاري وحركة سفر المواطنين بين البلدين، في إطار تأكيد الالتزام اللبناني بالانتماء إلى محيطه العربي، والعربي لاحتضان لبنان والتجاوب مع متطلباته. وتوقعت هذه المصادر أن يتفعل عمل «البنك الإسلامي للتنمية» سواء في تقديم قروض أو مساعدات طويلة الأجل، لإنهاض مشاريع تقترحها الحكومة اللبنانية. وفي ما خص الهبات لدعم الاقتصاد والمؤسسات الأمنية والعسكرية، فإنها ستوضع على السكة المناسبة.
وأشارت هذه المصادر إلى أن استقبال الملك سلمان واختيار الرئيس عون أن تكون الرياض أول زيارة له بعد انتخابه، يعبّر عن سعي جدي لتطبيع العلاقات الثنائية التي شابها الكثير من اللغط والتوتر والفتور في الأعوام الثلاثة الماضية. ولا تخفي هذه المصادر أن «فترة الاختبار هذه بقدر ما تشكّل نظرة إلى الأمام، تشكّل امتحاناً للبنان وقيادته الجديدة في الدفاع عن مصالحه، مما يعني تجاوزاً سياسياً لتحافات مع محور إيران في المنطقة».
وإذ نصحت مصادر سياسية لبنانية بعدم رفع سقف التوقعات، دعت إلى رصد النتائج في ضوء فتور ملحوظ في تعامل اعلام «حزب الله» مع الزيارة الرسمية للرئيس عون، لا سيما إلى الرياض، على الرغم من الاجتماعات البعيدة عن الأضواء التي عقدها الوزير جبران باسيل مع قياديين في الحزب للتعاطي مع الزيارة بعيداً عن التشويش. وفي هذا الإطار، قال الرئيس عون أن لبنان «لم يقم بأي عمل يضر بالمصلحة العربية، خاصة مصالح المملكة العربية السعودية، وان الدولة اللبنانية ليست مع أي سلاح يستخدم في الداخل، مشيراً إلى أن وجود السلاح في الأصل كان مرتبطاً بظروف دقيقة.
كما أوضح، وفقاً لما نقلت عنه محطة «العربية»، انه لا يوجد دور للمقاومة في الداخل اللبناني، وهذا الدور أصبح جزءاً من ازمة الشرق الاوسط التي يدخل فيها الأميركيون والروس والايرانيون.
مجلس الوزراء
في بيروت، وبانتظار عودة الرئيس عون والوفد المرافق اليوم، عقد مجلس الوزراء جلسته الأسبوعية الثانية بعد نيل الثقة في السراي الكبير برئاسة الرئيس الحريري، والتي غلب عليها الطابع السياسي، على خلفية الكلام الذي أعلنه رئيس الحكومة حول «الزيارة التاريخية والناجحة» للرئيس عون الى السعودية وقطر، واصفاً المحبة التي عبّر عنها خادم الحرمين الشريفين تجاه الرئيس عون وتجاه اللبنانيين عموماً بأنها «ليست غريبة عن المملكة وقيادتها والتي كانت النصير الأوّل لأمن لبنان واستقراره وسلامة العيش المشترك بين أبنائه، بعيداً عن التدخل الخارجي».
وطفت على المداولات الروح الإيجابية، على الرغم من «فورة الغضب» التي انتابت وزير الدولة لشؤون المرأة جان اوغاسبيان الذي لم يتمكن من انتزاع سلفة مالية لتسيير أمور وزارته الطموحة والمستحدثة لإعلاء شأن المرأة، وعلى الرغم ايضاً من ارجاء البت ببند تعديل كامل القسم الثاني من النظام المالي لهيئة إدارة البترول، بناء على طلب الوزير المعني سيزار ابي خليل، نظراً لوجود وزير المال ضمن الوفد المرافق للرئيس عون.
وفي ما خص البند الرابع المتعلق بطلب الوزير معين المرعبي تقديم ما يلزم لتحسين وضعية وزارته المتعلقة بملف النازحين السوريين، وبناء على طلب نائب رئيس الحكومة غسّان حاصباني، تحوّلت خلية الأزمة الى لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة تُعنى بهذا الملف، بعد تقرير البنك الدولي عن النفقات والاحتياجات، وانطلاقاً من ان البنية التحتية اللبنانية معدة لخدمة ثلاثة ملايين لبناني، فإذا بها اليوم مطلوب منها خدمة ستة ملايين شخص يقيمون على الأرض اللبنانية. وكشف مصدر وزاري لـ«اللواء» أن الجلسة المقبلة ستعقد في القصر الجمهوري، لبت المواضيع المرجأة، من دون استبعاد حصول تعيينات إدارية في بعض المراكز الشاغرة، ومن بينها محافظ جبل لبنان.
مطمر «الكوستابرافا»
ونفى وزير البيئة طارق الخطيب في تصريح لـ«اللواء» أن يكون مجلس الوزراء قد اتخذ في جلسته أمس اي قرار يتصل بوقف الطمر في «الكوستابرافا»، وقال ان قرار قاضي الأمور المستعجلة قضائي ولم يصر الى تبلغ مضمونه. وكانت مصادر وزارية قد أكدت أن المجلس لم يبحث أمس في موضوع مطمر الكوستابرافا إطلاقاً، وأن الاجتماع الثنائي بين الرئيس الحريري والوزير يوسف فنيانوس والذي تركز على موضوع تأثير الطيور على حركة الملاحة الجوية جرى في خلاله التوافق على زيادة المعدات بشأن «الذبذبات» التي يمكن ان تحول دون هذا التأثير. ولفتت المصادر إلى أن الموضوع اثير عرضياً، ولم يتناول المجلس بالتفصيل حول الاضرار الناجمة عن الطيور وخطرها على حركة الطيران.
وأكّد الوزير غازي زعيتر لـ«اللواء» انه كان قد حذر الحكومة السابقة من فتح مطمر بالقرب من المطار، وأن هذه المعدات التي اتفق سابقاً على استخدامها لن تكون لها فعالية في مسافة معينة بعد سور المطار، مشيراً إلى انها تعمل فقط ضمن محيط المطار وعند عملية اقلاع الطائرة، لافتاً إلى ان الخطورة تكمن في مصادفة الطائرة لطيور تحلق في السماء، مثلما حصل أمس الاول مع طائرة «الميدل ايست» أو مرورها في الأجواء القبرصية. ووصف الوزير زعيتر أجواء الجلسة بالهادئة وبأنها تتسم بالجدية. إلى ذلك، علم أن الرئيس الحريري طلب من الوزراء اعداد المشاريع الخاصة بالوزارات تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء.
قانون الانتخاب
نيابياً، نقل نواب لقاء الأربعاء عن الرئيس نبيه بري توجسه من ان تكون نيات بعض القوى السياسة استقرت على اعتماد قانون الستين في الانتخابات المقبلة، خلافاً لما يعلن. وكشف انه خلال اجتماع مكتب المجلس اليوم سيطرح عقد جلسات مراقبة ومحاسبة للحكومة في اطار تفعيل دور المجلس. ولم يستبعد مصدر نيابي تحديد موعد الجلسة التشريعية قبل نهاية هذا الشهر. وحضر الملف الانتخابي في اجتماع تنسيقي بين حزبي الكتائب والأحرار، حيث أكّد رئيس الكتائب النائب سامي الجميل أن التسوية السياسية السارية المفعول في البلاد تتضمن بقاء قانون الستين، خلافاً لما يعلن.
وفي إطار متصل، علمت «اللواء» أن الاتصالات مستمرة مع النائب وليد جنبلاط، في ما خص قانون الانتخاب الجديد الذي يحرص الرئيس الحريري على التوصّل إليه بتفاهم جميع المكونات لاجراء الانتخابات على اساسه، انسجاماً مع البيان الوزاري للحكومة.
المصدر: صحف