من الثقافات المتأصلة فينا والمعايير الأساسية في كل مجتمع على اختلافه، هي أهمية شرب الحليب لما له من فوائد كبيرة على صحة عظامنا وأسناننا ونحن في مرحلة النمو.
هذا صحيح، فالأطفال بحاجة ماسة للحليب لتتمكن أجسادهم من التطور والنمو بطريقة سليمة، لكن ماذا عن البالغين؟ هل فكَّرت يومًا ما الفوائد التي تجنيها من شربك للحليب وقد اشتدت عظامك وصلبت ولم تعد في مرحلة نمو؟
يبدو أن الفوائد المرجوَّة للحليب تتحقق للأطفال والرُضَّع فقط! إذ تبيَّن أن شرب البالغين للحليب لن يُكسبهم فوائد كثيرة، بل على العكس تمامًا، قد يؤذيهم!
هل لشرب الحليب مخاطر على صحة البالغين ؟
هذا صحيح، فشرب الحليب يمد جسمك إلى جانب المعادن بالبكتيريا والعدوى والجراثيم التي لا تنجح أحيانًا عمليات البسترة في قتلها والتخلص منها.
وإن كنت ممن يُحبون شرب حليب الأبقار أو الماعز الطازج دون غليه، فعليك أن تحذر من التلوث بالصديد الذي قد يتكوَّن على ضرع البقر أو الماعز بسبب التهابات مختلفة، هذا الصديد والقيح ينتقل إلى جسمك عبر ما تشربه وقد يؤدي لأمراض مختلفة!
و وفق دراسات مُختلفة، تم تصنيف الحليب على أنه أحد أكثر المشروبات المُسببة للحساسية في العالم، نظرًا إلى ما يُعرف بحساسية اللاكتوز -عدم تحمل اللاكتوز- ومصدرها الأساسي الحليب! كما أن أجسادنا ليست بهذه الحاجة الماسة لشرب كوب حليب كل صباح ذلك لأننا تجاوزنا مرحلة النمو!
معظمنا يحرص على شرب حليب الأبقار للحصول على الكالسيوم وحماية عظامنا من هشاشة العظام في مراحل عمرية متقدمة، لكن هل تعلم أن هناك دراسات أوجدت علاقة طردية بين شربه والإصابة بهشاشة العظام وكسورها؟ وما يُمكن ملاحظته أن استهلاك منتجات الألبان منخفضٌ في بعض بلاد جنوب شرق آسيا وتُستبدل بمشروبات أخرى كالشاي الأخضر، لكن الدراسات تُشير أن شعوب هذه البلاد الأقل إصابةً بهشاشة العظام!
في الواقع، فإن للحليب تأثيرات سلبية على المستوى الخليوي وارتبط بالكثير من المشاكل منها سرطان البروستاتا لدى الرجال والمبيض لدى النساء، ومرض السكري ومرض التصلب المتعدد.
وفي هذا المجال، أشارت دراسات عديدة منذ السبعينيات إلى الارتباط بين اللبن والإصابة بالسرطان. وأوضحت إحداها أن تناول الحليب يوميًا يؤدي إلى ارتفاع احتمالية الإصابة بالسرطان إلى أكثر من الضعفين.
كما أشار صندوق أبحاث السرطان العالمي والمعهد الأمريكي لدراسات السرطان عام 1997، إلى أن منتجات الألبان ينبغي أن تصنف ضمن عوامل الخطر في الإصابة بسرطان البروستاتا!
وفي عام 2000، أشارت دراسة، امتدت إلى 11 عامًا في جامعة هارفارد، إلى أن تناول منتجات الألبان أكثر من وجبتين يوميًا كان له تأثير في زيادة احتمالية الإصابة بسرطان البروستاتا بنسبة 34%، مقارنة بمن يتناول نصف وجبة منها يوميًا!
ويبدو أن العلاقة بين شرب الحليب والإصابة بالسرطان لدى الرجال تكمن في منتجات الألبان التي تُحفِّز إفراز عامل النمو الشبيه بالأنسولين (IGF-I) في الدم، والذي بدوره يؤدي إلى تحفيز نمو الخلايا السرطانية. حيث تشير الدراسات إلى الارتباط بين زيادة إفرازه وبين سرطان البروستاتا، أو سرطان الثدي، الذي يصيب النساء عادة، ويمكن أن يصيب الرجال أيضًا.
تجدر الإشارة إلى أن المخاطر المذكورة آنفًا متعلقة بالحليب الذي يستهلكه الكبار والذي يصل تناوله في بعض الدول إلى نسبة 40% من النظام الغذائي. أما عن حليب الأم، فهو أفضل وجبة يحصل عليها الطفل في أول عامين من حياته لأنه شامل لكافة العناصر الغذائية. كما يُستثنى من ذلك المرأة الحامل التي تحتاج تناول وشرب منتجات الألبان لصحتها وصحة جنينها.
كما أن الدراسات التي أثبتت خطر شرب الكبار للحليب قصدت بذلك الإكثار من شربه وليس شرب كوب واحد في اليوم، نفس الأمر أيضًا لخطر الإصابة بالسرطان مهما كان نوعه وشرب الحليب، فالخطر يزيد عند الإكثار من شربه بمعدل أكثر من ثلاثة أكواب في اليوم.
المصدر: مواقع