بنشوة عالية قرر جيش العدو الإسرائيلي الدخول الى لبنان في ما أسماه بـ “المعركة البرية”، والتي أعد لأجلها ألوية من المدرعات التي عمل على سحبها من ميدان غزة والضفة. ولا يخفى على أحد ماذا فعلت قذيفة “الياسين 105” التي كانت تلاحق دبابات وآليات العدو في كل شوارع وأزقة قطاع غزة.
بعد الدخول البري الى قطاع غزة المحاصر في حرب الابادة والتدمير الأضخم في تاريخنا المعاصر، والذي كان منهكا جدا لجيش العدو في مساراته ، ظن جيش العدو وقادته أن هذا التوغل يمكن فعله على جبهات أخرى وبإطباق سريع وحاسم، لاسيما بعد الضربة الإستباقية التي وجهها الى المقاومة من خلال مجزرة البايجر واللاسلكي، واغتيال القادة الشهداء والامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله (قده).. هذا التحليل الاستخباراتي والعسكري دفع نتنياهو على منح القادة العسكريين الإذن ببدء المعركة البرية للدخول الى لبنان عبر الجنوب.
محاور التقدم التي استخدمها جيش العدو
المحور الأول: منطقة عمليات الفرقة 146 لجيش الاحتلال الإسرائيلي، الممتدة من الناقورة غربًا وصولاً إلى مروحين شرقًا، حيث حاولت قوة مشاة إسرائيلية التسلل نحو الأحياء الجنوبية لقرى شيحين والجبين، إلى جانب محاولة قوة استطلاع التقدم نحو وادي حامول.
المحور الثاني: منطقة عمليات الفرقة 36 لجيش الاحتلال، الممتدة من راميا غربا وصولا إلى رميش شرقا (عيتا الشعب ضمنا)، وفيها يواصل حزب الله استهداف التجمعات الإسرائيلية في منطقة عيتا الشعب وعيترون.
المحور الثالث: منطقة عمليات الفرقة 91، الممتدة من بليدا جنوبا وصولا إلى حولا شمالا، ويسيطر فيها جيش الاحتلال بالنار على الأطراف الشرقية للقرى، دون أي تقدم جديد في هذا المحور، بعد أن تكبد فيه خسائر سابقة.
المحور الرابع: منطقة عمليات الفرقة 98، الممتدة من مركبا جنوبا وصولا إلى قرية الغجر اللبنانية المحتلة في الشمال الشرقي، حيث حاولت قوة مشاة التقدم نحو بلدة كفركلا.
المحور الخامس: منطقة عمليات الفرقة 210، الممتدة من قرية الغجر وحتى مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، وفيها استهدف مقاتلو حزب الله محاولات التقدم الإسرائيلية في كفرشوبا وشبعا.
فشل جيش العدو في كل محاولاته لفتح ثغرة للدخول منها إلى لبنان، وتحقيق صورةٍ لنصر، خصوصاً من جهة الخيام، بعد أن مني بخسائر كبيرة جدا ظهرت من خلال مروحياته التي تنقل جنوده وضباطه من أرض المعركة، ودباباته المحترقة واستهداف مسيّراته، ورغم تدمير كبير للقرى المحاذية للحدود للمساعدة في تحقيق التقدم، لكن رغم ذلك لم يستطع ميدانياً من تحقيق أهدافه .
بعد فشل العدو من التقدم عمل على تفخيخ أحياء في بعض القرى الحدودية التي استدرجه المقاومون اليها فقام بتصوير عمليات التفجير لمحاولة التأثير على بيئة المقاومة من خلال ما ينتهجه من تدمير لاظهار صورة السيطرة، لكن كل ذلك لم يمكنه من تحقيق اي من أهدافه.
بعدما أجهض رجال الله كل الهجمات الكبيرة التي شنها العدو في المحور الاول والثاني والثالث والرابع والخامس، وتعاملوا مع التسللات الصغيرة والتوغلات الكبيرة بنفس القدر من القوة والشراسة، وإحياءً لذكرى أربعين أمينها العام الشهيد سماحة السيد الشهيد حسن نصر الله، وبنداء “لبيك يا نصر الله” رفعت المقاومة وفق برنامجها وتيرة عملياتها في العمقين الاستراتيجي والتعبوي. وبدا من خلال حجم ونوع ودقة الاستهدافات والاسلحة الجديدة التي أدخلت في ترسانة المقاومة الاسلامية أنها بدأت تطبق مرحلة متقدمة من الإيلام وبعد تدرجها في الأيام الـ 20 الماضية بالتصعيد وصلت إلى حافة الإيلام الشامل للعدو على مدى مساحة 60% من مساحة فلسطين المحتلة.
استاذ العلاقات الدولية والمحلل السياسي الدكتور وسام اسماعيل أكد لموقع المنار، بأن الهدف العسكري لهذه الحرب قد سقط وان المقاومة استطاعت ان تفرض نفسها وتفرض معادلاتها.
تحليل مسار عمليات المقاومة الاسلامية
♦ من حيث الأهداف
- تنوع الأهداف :تنوع في الأهداف المُستهدفة، يشمل مستوطنات، قواعد عسكرية، دبابات، تجمعات جنود، ثكنات، مواقع رصد، ومصانع عسكرية. هذا التنوع يُشير إلى قدرة على ضرب أهداف مختلفة الأهمية والطبيعة.
- التركيز على الجليل: يلاحظ التركيز على الجولان السوري المحتل وشمال فلسطين المحتلة، مما يشير إلى تركيز العمليات في هذه المنطقة.
- ضرب العمق الاستراتيجي: استهداف قواعد عسكرية بالقرب من مطار بن غوريون وتل أبيب وحيفا يُظهر امتلاك قدرة على ضرب العمق الاستراتيجي الصهيوني، وهو تطور نوعي يُشير إلى توسيع نطاق العمليات.
- استخدام المسيّرات: استخدام المسيّرات الانقضاضية، وخاصة في ضرب قواعد عسكرية بحرية وجوية، يُشير إلى تطور التكتيكات العسكرية وادخال أجيال جديدة من المسيرات واعتماد تكنولوجيا حديثة.
♦ من حيث التكتيكات
- عمليات مُنسقة: توقيت العمليات وتنوعها يُشير إلى تنسيق مُسبق وتخطيط مُحكم.
- استخدام الصواريخ النوعية: ذكر “الصواريخ النوعية” يُشير إلى استخدام صواريخ ذات دقة وتأثير أكبر.
- العمليات المركبة: استخدام الصواريخ والمسيّرات معًا في بعض العمليات (مثل استهداف “ستيلا ماريس”) يُشير إلى تكتيكات مُركبة تزيد من فاعلية الضربات.
♦ من حيث الرسائل
- “سلسلة عمليات خيبر”: تسمية العمليات باسم “خيبر” يحمل رمزية تاريخية ودينية، ويرمز إلى تاريخ الانكسار الاول لليهود أمام المسلمين ويرسل رسالة قوة وتصميم.
- استمرار الانضباط والدقة في العمليات: حيث يواصل المجاهدون ضرب الأهداف العسكرية للعدو من الشمال الى العمق، في إطار ضرب الجيش لانهاكه وضرب روح العقيدة القتالية لدى العدو، وفي الحرب مع الكيان الذي يعتمد في وجوده على قوة الجيش يعمل المقاومون على ضرب هذه القوة وتفتيتها وتشتيتها.
♦ من حيث الإستراتيجيا
- الإيلام متواصل: تتصاعد عمليات المقاومة واستهدافاتها وفق وتيرة متصاعدة في الجغرافيا والاهداف، حيث تضرب المقاومة عمق الكيان في تل أبيب وتنوع أهدافها بين تجمعات لجنود أو اماكن التحاق وصولا الى قواعد قيادة وسيطرة وإشغال، فضلاً عن وصول مسيراتها الى غرفة نوم رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو.
- الآتي الأصعب على الكيان: لا تزال المقاومة الاسلامية تمتلك الكثير في جعبتها من الاهداف التي تكسر جيش العدو وتلحق به الخسائر الكبيرة، ومسار العمليات الصاروخية والتدرج في الاعلان عن صواريخ جديدة لأول مرة يدل على قوة الادارة والسيطرة في تدرج الميدان وانتخاب الأهداف والتوقيت.
وفي ما يلي أبرز المصانع التي استهدفتها صواريخ المقاومة الاسلامية خلال معركة “أولي البأس”:
المصدر: موقع المنار