شكل تاريخ 11 أيلول ٢٠٠١ علامة فارقة في التاريخ الحديث، ففي أعقاب الهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحدة سارع “جنرال واشنطن” إلى تقسيم العالم بين محوري الخير والشر، وحرك قوات العالم الحر نحو العراق وأفغانستان لنشر قيم الديمقراطية وحقوق الانسان، الا أنه بعد أكثر من عشرين عاما على الحرب التي أعلنها لم ينجح “جنرال واشنطن” سوى باضافة انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان والقانون الدولي الى سجله، وتقليده وسام “غوانتنامو” على صدره وزرع بذور الارهاب في منطقة الشرق الأوسط من العراق ألى سوريا وأفغانستان وباكستان وغيرها من دول المنطقة.
غير أن ١١ أيلول “جنرال واشنطن”، لم يتحرك فقط في العام ٢٠٠١، ففي ١١ أيلول ١٩٧٣ قاد الجنرال “أوغستو بينوشيه” والملقب ب “جنرال واشنطن” إنقلابا عسكريا في تشيلي ضد حكومة “سلفادور أليندي” المنتخبة من الشعب والقبض على الحكم حيث ارسى احد أبشع أنواع الدكتاتوريات في العالم مخلفا سجلا حافلا من القتلى والمفقودين والاخفاء القسري والانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، وحكم بالحديد والنار وتبنى سياسة الاقتصاد الحر وخصخصة موارد الدولة الأساسية واستمر في الحكم حتى مطلع تسعينيات القرن الماضي وما زالت تتكشف فظائعه حتى اليوم، والملفت أنه أفلت من المحاكمة حتى موته في العام ٢٠٠٦.
بعد عودة اليسار إلى الحكم في تشيلي مع الرئيس” غابرييل بوريك” والتحولات التي يشهدها النظام العالمي، لم يكن مستغربا موقف تشيلي بالانضمام إلى الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد اسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بجرم الابادة الجماعية في قطاع غزة لما حفره “جنرال واشنطن” من أثر في وعي الشعب التشيلي، هذا الامر سينعكس حكما على العلاقات الأميركية التشيلية لاسيما مع انتهاج سياسات اقتصادية تتجه بعيدا عن الاقتصاد الحر وتقليص دور الشركات الأجنبية لا سيما في مجال التعدين وخاصة النحاس والليثيوم وما تلعبه هذه المعادن من دور في تعزيز الطاقة النظيفة وصناعة السيارات الكهربائية مع دخول الصين الحديقة الخلفية لأميركا من بوابة ميناء بيرو ومجموعة البريكس اضافة الى ما تشهده دول أميركا اللاتينية من توترات وصعود لليسار حيث ستحل الأحداث في الأرجنتين والمكسيك وفنزويلا وبوليفيا وغيرها من دول أميركا اللاتينية ضيفا ثقيلا على الرئيس القادم للولايات المتحدة.
* متخصص في العلاقات الدولية
المصدر: بريد الموقع