يواصل كل من كيان العدو وبشكل أكبر حليفته الولايات المتحدة الأميركية بثّ أجواء من “التفاؤل الحذر” في ما يتعلق بجولة التفاوض الأخيرة في العاصمة القطرية الدوحة، حول اتفاق يؤدي إلى وقف لاطلاق النار في قطاع غزة. وقد انعكست هذه الأجواء في البيان الختامي الذي صدر بتوقيع الوسطاء عقب هذه الجولة، إذ لم يتحدث الأخير عن فشلها وفي الوقت عينه لم يعط أي معلومة حول أي تقدم واضح في أي من النقاط العالقة، مكتفياً بالقول إن جولة جديدة ستعقد الأسبوع المقبل في العاصمة المصرية القاهرة.
هذا “التفاؤل الحذر” له أسبابه الكثيرة والمتفاوتة، بحسب المطلعين على المسار التفاوضي، خصوصاً أن الطرف الآخر المتمثل بفصائل المقاومة في القطاع، تحديداً حركة حماس، فقد أكدت على أنها لم تتلق أي أجواء ايجابية أو مقترحات جدية من الجولة التي امتدت ليومين (15 و 16 آب/اغسطس). وفي هذا الاطار، عزا القيادي في الحركة أسامة حمدان بث العدو أوهام حول تقدم في المفاوضات إلى أن “هناك محاولة إسرائيلية أميركية لمنح الاحتلال وقت لتنفيذ مزيد من المجازر”، مؤكداً أن “لا إرادة حقيقية لدى الإدارة الأميركية لوقف إطلاق النار في غزة”.
وأوضح حمدان ذلك من خلال القول إن “”إسرائيل” ترفض الانسحاب من غزة وإجراء عملية تبادل عادلة”، وهي شروط أساسية لدى المقاومة لاتمام أي اتفاق، لافتاً إلى أن “الاقتراح الأميركي لا يتضمن انسحاباً من غزة أو وقفاً دائماً لإطلاق النار”، وفي هذا إشارة إلى ما يتم تدواله عن وضع نتنياهو شرطاً باستكمال الحرب بعد 42 يوماً على بدء تطبيق الاتفاق، والذي ذكره موقع “واللا” الاسرائيلي اليوم عن إصرار ما يُسمى الجهاز الأمني الإسرائيلي على “الاحتفاظ بإمكانية العودة لقتال حركة حماس وعدم وقف الحرب على غزة”، مشيراً إلى إصدار مجلس وزراء العدو تعليماته للجيش بزيادة حدة القتال في خان يونس ورفح “لتحسين موقف “إسرائيل” التفاوضي”.
وانطلاقاً من ذلك أكد حمدان أنه “يجب ضمان وقف إطلاق النار ضمن معايير واضحة”، موضحاً أنه “لا زلنا نتفاوض حتى اللحظة على المعايير ولا حديث بعد عن أسماء الأسرى”. وفي ذلك رفض من حماس لكل ما أشيع عن تقديم الولايات المتحدة مقترحات حول أسماء وأعداد الأسرى الذين سيفرج عنهم من الطرفين.
وعلى خلاف ما تشيعه واشنطن من أجواء ايجابية، يُقال إن احدى أهدافها كبح أي رد ايراني في المنطقة بالقول إن الأمور ذاهبة إلى التسوية وإلى رفع العدوان عن أهل غزة، خصوصاً أن واشنطن تكرر في الظاهر رفضها تدهور الأمور إلى حرب اقليمية واردة جداً في حال استمرار الصراع، في خلاف هذه الأجواء، فقد نقلت الإذاعة العامة الإسرائيلية (“كان – ريشيت بيت”) عن مصادر مطلعة على المفاوضات، صباح اليوم، أن الخلافات “لا تزال عميقة”، خاصة في القضايا الرئيسية مثل محور فيلادلفيا ومحور “نتساريم” وانسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة.
بالمقابل، وفي سياق الايجابية المريبة التي تشيعها بعض أوساط الكيان ايضاً، فقد زعم مسؤولون إسرائيليون أن “قضية محور فيلادلفيا قابلة للحل، طالما وجد لها حل بناءً على المقترح الأميركي”، الذي ينص على انسحاب قوات الاحتلال من المحور الحدودي بين مصر وقطاع غزة “بشكل تدريجي”، على أن تتم مناقشة نقاط الخلاف هذه في محاولة أخرى للتوصل إلى تفاهمات نهائية مع القاهرة. فيما أكد مسؤولون صهاينة أن “التقدم هو بيننا وبين الوسطاء. حماس حاليًا ليست في الصورة”، وهذا بمثابة ثغرة في المحادثات الجارية، إذ رأت حركة حماس أن الحديث الأميركي عن قرب التوصل إلى اتفاق هو “وهم”، موضحة أنه “لسنا أمام اتفاق أو مفاوضات حقيقية، بل أمام فرض إملاءات أميركية”.
فما هي هذه الاملاءات، التي زعم بيان صادر عن مكتب نتنياهو أن “هناك أمل في أن يسمح الضغط الكبير للولايات المتحدة والوسطاء على حماس، بأن تتراجع الأخيرة عن معارضتها”، قائلاً إن فيها “عناصر مقبولة لدى “إسرائيل””.
الاملاءات
بحسب “القناة 12” الاسرئيلية، فإن “المقترح حدد عدد الأسرى الذين سيتم إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى، وأسماء الأسرى وترتيب الإفراج عنهم”.
وفي التفاصيل، فإنه وفقًا للمقترح الأميركي المعدل عن ورقة بايدن التي وافقت عليها حماس وطالبت التفاوض على أساسها، فإنه “سيتم إطلاق سراح النساء والمجندات أولاً، مع إعطاء الأولوية للإفراج عن الأسرى الأحياء، كما أن المرحلة الأولى من الصفقة ستشمل الأسيرين الإسرائيليين في قطاع غزة منذ العام 2014، أبرا منغيستو وهشام السيد”.
ويتضمن المقترح كذلك “قائمة بالأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم مقابل كل أسير إسرائيلي، وذكرت القناة 12 أن قائمة الأسرى الذين ستشملهم الصفقة تضم 47 أسيرًا ممن أُفرج عنهم في “صفقة شاليط” وأعيد اعتقالهم. كما تم تفصيل الترتيبات الأمنية لتحركات قوات الاحتلال في مختلف مناطق قطاع غزة خلال 42 يومًا من وقف إطلاق النار”، والتي طالب نتنياهو بتعهد من واشنطن بعد مضيها بالموافقة على العودة إلى الحرب.
وذكرت القناة 12 أنه “على الرغم من أن المقترح الأميركي يلبي معظم المطالب الإسرائيلية، فإن هناك قضيتين لا تزالان عالقتين خارج الاتفاق وهما محور فيلادلفيا ومحور “نتساريم””.
ونقلت عن مصادر إسرائيلية مطلعة أنه “إذا لم تتنازل “إسرائيل” في هذه النقاط، فإن الوسيطين القطري والمصري قد يواجهان صعوبة في الضغط على حماس”، على حد تعبيرها.
وبحسب القناة 12، “من المقرر أن تتوجه بعثة إسرائيلية إلى القاهرة اليوم، حيث ستسعى مع الفرق الأميركية والمصرية إلى التوصل إلى تفاهمات حول الترتيبات الأمنية على طول محور فيلادلفيا وإعادة فتح معبر رفح”. وذكرت أن حماس أكدت للوسطاء أنها لن تقبل بأقل من انسحاب إسرائيلي كامل من المحور.
زيارة بلينكن
ويصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اليوم ، إلى منطقة الشرق الأوسط، حيث ستكون محطته الأولى الأراضي المحتلة.
وهذه هي الرحلة التاسعة لبلينكن إلى الشرق الأوسط، منذ بدء العدوان الوحشي على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/اكتوبر، والذي ادّى حتى اللحظة إلى استشهاد أكثر من أربعين ألفاً معظمهم من الأطفال.
المصدر: موقع المنار + مواقع إخبارية