تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الثلاثاء 13-8-2024 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
الاخبار:
إسرائيل في انتظار الردّ: لا إجماع على الحرب
لا أفق واضحاً لـ«جولة الخميس» | غالانت يحرج نتنياهو: فلْتكن صفقة
لا تزال إسرائيل، ومعها الولايات المتحدة، وحلفاء في الغرب والشرق، يعيشون على وقع «بورصة» المؤشرات الدالّة على اقتراب وقوع ردّ إيران و«حزب الله» وحلفائهما، على الاغتيالين اللذين نفّذهما العدو في طهران وبيروت قبل نحو أسبوعين. وخلال اليومين الماضيين، ارتفعت المؤشرات حول هجمات وشيكة قد تتعرّض لها إسرائيل، ما أثار حالة من الهلع والتوتر داخل الكيان وفي الإقليم والعالم، رغم حشد الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا والمنطقة، للدفاع عن دولة الاحتلال التي وجدت نفسها في مرمى تهديدات قوى «محور المقاومة»، من إيران إلى لبنان، وهي الغارقة في حرب لا أفق لها في قطاع غزة، ولأهداف لم تتحقّق بعد، ولو جزئياً.ولم تمنع مخاطر اندلاع حرب واسعة في المنطقة على الكيان، أقطاب الحكومة الإسرائيلية من توجيه الاتهامات إلى بعضهم، وتقاذف تحميل المسؤوليات عن الفشل. ولكن أخطر ما في الأمر، هو أن الخلاف المحتدم حالياً، هو بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن يوآف غالانت، أي الرجلين اللذين يقودان الحرب بشكلها الحالي، وسيستمران في قيادتها في حال توسّعها. وتجلّى آخر فصول هذا الخلاف، في جلسة عقدها غالانت، أمس، مع «لجنة الخارجية والأمن» في «الكنيست»، حيث اعتبر أن «إسرائيل في مفترق طرق، فإما التسوية وصفقة تبادل، أو التصعيد»، مشيراً إلى أن موقفه هو والأجهزة الأمنية «هو الذهاب نحو تسوية وصفقة تبادل»، معتبراً أن «واجبنا هو تهيئة الظروف لإعادة المحتجزين من خلال ضغط عسكري وصفقة حتى لو كانت على أكثر من مرحلة». وقال غالانت لأعضاء اللجنة، إنه «فقط ما بين 20 و35 أسيراً إسرائيلياً في قطاع غزة، هم من الأحياء». وفي ما يتعلّق بالتهديدات من إيران و«حزب الله»، أشار غالانت إلى «أننا عزّزنا دفاعاتنا في الأيام الأخيرة عقب تهديدات إيران وحزب الله»، مضيفاً أنه كان قد أراد في 11 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي مهاجمة لبنان «لكن الكابينت لم يصدّق على الطلب، والآن لا أنصح بهذه المغامرة (…) فالظروف اليوم هي عكس ما كانت عليه في بداية الحرب». وعلّق ساخراً: «أسمعُ كل الأبطال يقرعون طبول النصر المطلق وهذا الهراء. رأيت الشجاعة عندما طُرح الموضوع للنقاش».
وعلى الفور، ردّ مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي على تصريحات غالانت، وقال إن «النصر الكامل يتطلّب شجاعة أيضاً»، معتبراً أنه «عندما يتبنّى غالانت الرواية المعادية لإسرائيل، فإنه يضرّ بفرص التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسرى». وأضاف المكتب: «أمام إسرائيل خيار واحد فقط: تحقيق نصر كامل، وهو ما يعني القضاء على قدرات حماس العسكرية والحكومية، وإطلاق سراح أسرانا، وهذا النصر سيتحقّق». وختم بالقول: «هذا هو التوجيه الواضح لرئيس الوزراء نتنياهو ومجلس الوزراء، وهو ملزم للجميع، بمن في ذلك غالانت». وعلّق المحلل السياسي في «القناة 12» الإسرائيلية، عميت سيجل، على ذلك باعتبار «العلاقة بين نتنياهو وغالانت خطراً على أمن إسرائيل، خاصة عشية التاسع من آب/ أغسطس (ذكرى خراب الهيكل) وترقّب ضربة خارجية». وأشار إلى أن «غالانت يرى أن نتنياهو يُضلّل الجمهور، ونتنياهو يرى أن غالانت جاسوس أميركي».
غالانت: لا أنصح بخوض مغامرة الحرب على لبنان
من جهة أخرى، تواصل الولايات المتحدة حشد القوة العسكرية والدبلوماسية للحؤول دون الردّ الإيراني وردّ «حزب الله»، أو تخفيف تأثيرهما إلى الحد الأدنى، بما يضمن عدم تضرّر إسرائيل بشكل حاد، ويجنّبها خوض حرب أوسع. وذكرت «فوكس نيوز» و«وول ستريت جورنال» الأميركيّتان أنه، بحسب التقديرات، فإن «الهجوم سيحدث في الأيام التالية». ونقل مراسل موقع «واللا»، باراك رافيد، عن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين كبار، قولهم إن «إيران اتّخذت خطوات تحضيرية مهمّة في مجال الصواريخ والطائرات بدون طيّار، مماثلة لتلك التي اتخذتها قبل الهجوم على إسرائيل في نيسان/ أبريل، لكن إسرائيل والولايات المتحدة لا تعرفان التوقيت الدقيق للهجوم»، في حين نقلت «أي بي سي» عن مسؤولين في الخارجية الأميركية، قولهم: «ما زلنا متفائلين بحذر بأن إيران ستحدّ من نطاق ردّها على إسرائيل»، مشيرين إلى توقّعهم المتزايد بأن تهاجم إيران إسرائيل «قبل يوم الخميس».
وفي السياق نفسه، قال المتحدث باسم «البيت الأبيض»، جون كيربي، إن «نظراءنا الإسرائيليين يعتقدون بأن إيران أو وكلاءها سيشنّون هجوماً في الأيام المقبلة»، لافتاً إلى «تعديلات على وضع قواتنا في المنطقة» بسبب ذلك. وقال كيربي: «نتشارك التوقعات والقلق ذاته مع نظرائنا الإسرائيليين بأن هجوم إيران قد يحدث هذا الأسبوع». وفي الوقت عينه، عبّر كيربي عن «تشبّث» واشنطن «بمحادثات الخميس في محاولة لسدّ الثغرات ضمن اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في غزة»، معتبراً أن «على قادة حماس أن يشاركوا في محادثات الخميس». وفي محاولة ممجوجة للضغط على طهران وحلفائها، في ربع الساعة الأخير، دعا الرئيس الأميركي، جو بايدن، وقادة فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا، إيران إلى «التراجع» عن تهديداتها بشن هجوم على إسرائيل. وقال القادة، في بيان مشترك بعدما تحدّثوا هاتفياً: «دعونا إيران إلى التراجع عن تهديداتها المتواصلة بشن هجوم عسكري على إسرائيل وبحثنا العواقب الخطيرة على الأمن الإقليمي في حال تنفيذ هجوم من هذا النوع». كما عبّر هؤلاء القادة عن التزامهم بـ«أمن إسرائيل» في وجه «تهديدات إيران وحلفائها الإرهابيين». ويأتي ذلك فيما من المتوقّع أن تصل إلى المنطقة، ابتداءً من اليوم، مجموعة من المسؤولين الأميركيين، الدبلوماسيين والعسكريين، للوقوف على التطورات المتسارعة، ومحاولة ردع «محور المقاومة»، أو تقليص تأثير ردوده على إسرائيل.
7 إجراءات أنجزها العدوّ ميدانياً لمواجهة ردود محور المقاومة؟ «هلوسة» إسرائيلية بـ 7 أكتوبر جديد
ابراهيم الأمين
«اللايقين» كان سمة عقد من التقييم للوضع على الحدود بين لبنان وكيان الاحتلال، والصفة التي رافقت كل حديث عن احتمال الانفجار. وبعيداً عن المؤشرات السياسية والميدانية الصلبة، فإن لعبة النوايا لا تساعد أحداً على تهدئة النفوس.بعد عملية «طوفان الأقصى»، في 7 تشرين الأول الماضي، صُدم العدو بما فعلته «حماس»، إذ جاءت العملية مخالفة لكل أنواع التقدير السياسي والأمني والعسكري. بعدها، وجدت إسرائيل نفسها أمام واقع جديد، وقرّرت أن تتصرف وفق المثل الشعبي «لا تنم بين القبور ولا ترَ أحلاماً موحشة»، وهو ما دفع إلى اقتراح أركان العسكر والأمن على الحكومة، بعد أربعة أيام على عملية «حماس»، شنّ هجوم على لبنان، بحجة استباق أي محاولة من حزب الله للقيام بعملية مشابهة لطوفان الأقصى. وحتى في تلك اللحظة، كان العدو أسير السمة نفسها: اللايقين!
أمس، سُرّبت مواقف لوزير الحرب يؤاف غالانت قال فيها، أمام نواب من لجنة الشؤون الخارجية والأمن، إنه هو من اقترح العملية ضد لبنان في 11 تشرين الأول الماضي، وإنه لا ينصح بها اليوم. وهو ما يعيدنا إلى تسريبات أوسع عن ذلك الاجتماع، عندما أمسك غادي آيزنكوت بيد رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في اجتماع الكابينت، وتوسّل إليه بأن يقول رأيه، وأن الحرب مع لبنان تمثل مغامرة كبيرة. ولاحقاً، تباهى رئيس الأركان السابق بأنه منع إسرائيل من ارتكاب خطأ استراتيجي بشنّ الحرب على لبنان، ومنع تحقق حلم قائد «حماس» يحيى السنوار بإشعال كل الجبهات دفعة واحدة.
العودة إلى وقائع تلك الأيام توضح سبب امتناع بنيامين نتنياهو عن السير في خيار الحرب ضد لبنان، كون الرجل كان، ولا يزال، يركّز على هدف آخر. صحيح أنه برّر موقفه بأن المعركة مع لبنان ستكون قاسية. لكنه قال أيضاً إنه لا يوجد مبرر ولا هدف مشروع للحرب. وفي المقابل، طلب من جميع المسؤولين في الكيان أن ينضموا إليه في معركة «محو العار الذي تمثّل في كارثة 7 أكتوبر»، وفي باله برنامج عمل آخر، لا يزال محل تطبيق منذ أكثر من عشرة أشهر، وهدفه الوحيد، تدفيع الفلسطينيين ثمن عملية طوفان الأقصى بإسقاط فكرة حقهم في تقرير المصير.
لكنّ نتنياهو الذي تذرّع بالحرب على غزة، لعدم مهاجمة حزب الله، عاد بعد عشرة أشهر من القتل من دون تحقيق السقف الأدنى من أهدافه، ليناقش مسألة الحرب مع لبنان. وهو يفعل ذلك الآن من زاوية أن الترابط بين أطراف محور المقاومة يشتد يوماً بعد آخر، وأن حلفاء «حماس» في الشمال باتوا يشكلون خطراً على المهمة المركزية. وأضاف إليها الضرر الناجم عن جبهة الإسناد اللبنانية، فقرّر المغامرة من خلال تنفيذ عملية اغتيال القائد الجهادي فؤاد شكر، قبل أن يبعث برسالة إلى رأس المحور، باغتيال القائد إسماعيل هنية في طهران.
اليوم، تواجه إسرائيل تهديدات يتعامل معها الكيان بجدية كبيرة، تدفع جمهور الكيان إلى مزيد من الانتظار المصحوب بتوتر وقلق. فكل رسائل الطمأنة من الجيش لمنع انتشار الذعر لم تؤدّ غرضها، لأن سكان الكيان يشاهدون الحشود العسكرية العالمية الآتية لحماية إسرائيل، ويخشون ما هو أبعد من رد إيران وحزب الله، بل يتلمّسون أطراف حرب واسعة يسعى إليها البعض في هذه المنطقة من العالم. مع الإشارة إلى أن جمهور الكيان مقتنع، كما قياداته العسكرية والأمنية، بأن أي ضربة من جانب إيران أو حزب الله لن تستهدف مدنيين أو منشآت مدنية.
ولأن الخشية موجودة أساساً عند جيش الاحتلال، أمكن خلال الأيام القليلة الماضية جمع معطيات حول بعض ما قام به جيش العدو:
أولاً: التعبئة العامة بدرجة تحاكي ما حصل عشية الهجوم على غزة، مع فارق أن الاستنفار يشمل كل أسلحة واختصاصات العدو، والشروع في عملية هي الأولى من نوعها في تاريخ الكيان، بإفراغ جميع الثكن والمواقع العسكرية الواقعة ضمن شعاع يمتد إلى شمال تل أبيب، من الجنود ومن بعض المعدات، بما فيها مقرات تابعة للأجهزة الأمنية وسلاح الاستخبارات ومراكز مدنية تخدم الجيش، مع التشديد على منع الجنود من التجمع في أي موقع عسكري معروف، واللجوء إلى عمليات تمويه أكبر في كل مناطق تواجد قوات العدو.
ثانياً: إعادة توزيع منصات القبة الحديدية ومنظومات الدفاع الجوي الأخرى، وفق خريطة جديدة، إذ نُقل قسم كبير منها لنصبه بالقرب من مواقع يعتبرها العدو استراتيجية أو ذات حيوية مركزية بالنسبة إلى الكيان. وهذا يعني، ببساطة، أن على جمهور العدو معرفة أن قيادته العسكرية تهتم بحماية بعض الأسلحة النوعية أكثر من اهتمامها بالتجمعات السكانية الواسعة، وهو ما يتناقض مع سردية الاحتلال عن أن المقاومة قد تستهدف تجمعات مدنية.
لجأ العدو إلى تدابير عسكرية وعمليات إخلاء هي الأولى في تاريخ الكيان وفعّل اتفاقات التعاون مع دول عربية وغربية لمواجهة الردود
ثالثاً: وضع برنامج عمل مختلف لسلاح الجو الإسرائيلي، مع إرسال عدد كبير من المُسيّرات الاستطلاعية والهجومية فوق المناطق اللبنانية على مدار الساعة، فيما تعمل مُسيّرات خاصة بالجيشين الأميركي والبريطاني في مواقع أخرى في المنطقة. وتغذي هذه المُسيّرات غرف القيادة بالمعلومات المُحدثة كل ساعة عن ما يوصف بـ«التحركات الخاصة» لقوات إيران أو حزب الله.
رابعاً: تذخير المقاتلات الحربية واستنفارها بصورة مفتوحة للتصدي لأي هجوم مفاجئ أو لعمل استباقي هدفه إحباط هجوم يجري تفعيله من قبل حزب الله، وإعادة التواصل مع «بلدان صديقة» لتفعيل تفاهمات سابقة، تتعلق باحتمال لجوء العدو إلى أراضي هذه الدول، أو مطاراتها العسكرية في حالة الحرب الكبرى، أو في حال تعرض مطارات العدو للضرب.
خامساً: إطلاق أكبر عملية استنفار في الضفة الغربية خشية حصول عمليات نوعية بالتزامن مع أي هجوم يشنه حزب الله أو إيران من الخارج، واستنفار في غلاف غزة أيضاً، خشية أن تكون المقاومة الفلسطينية تستعد بدورها للقيام بعمليات نوعية تزامناً مع الهجوم من الشمال، بما في ذلك، الطلب إلى سكان المستوطنات في الضفة اتخاذ الاحتياطات اللازمة خشية تعرضهم لهجمات منسّقة من جانب خلايا للمقاومة يتم تشغيلها من قبل حزب الله أو إيران.
سادساً: رفع مستوى التنسيق بين أجهزة العدو الأمنية والعسكرية وبين القواعد الأميركية والبريطانية والفرنسية والقوات الألمانية في كل المنطقة، خصوصاً في السعودية والأردن وسوريا والعراق وقبرص واليونان وجنوب أوروبا ومياه البحر المتوسط، وتبادل المعطيات ساعة بساعة، في سياق مناورة مفتوحة للتدرب على شكل التعاون في مواجهة الهجمات المنتظرة من إيران ولبنان والعراق واليمن.
سابعاً: الشروع في «تفعيل صامت» لخطة طوارئ داخلية هدفها الاستعداد لمواجهة أيام قتالية أو جولة غير محدودة من التراشق. وتستند هذه الخطة إلى فرضية أن يكون الرد غير مقتصر على ضربة واحدة أو يوم واحد، أو أن يكون هناك رد من إسرائيل، ما يقود إلى توسع المواجهة. وهذه الخطة ستنعكس في حال تحولها إلى أمر واقع بلبلة لا يمكن العدو التكهن بنتائجها على صعيد جمهوره.
خلال الأيام القليلة الماضية، قال مراقبون أجانب يعملون في منطقتنا إنهم يلاحظون «عسكرة غير مسبوقة في شرق المتوسط»، ما يعطي الانطباع بأن المنطقة مقبلة على مواجهة كبيرة جداً، وهو احتمال قائم إذا لم يعمد الغرب بقيادة الولايات المتحدة إلى لجم إسرائيل وإقناعها بأن عليها تقبل ثمن جرائمها في لبنان وإيران، علماً أن الأميركيين ينشطون بقوة لتحقيق اختراق في المفاوضات، ويأملون أن تتجاوب معهم «حماس» أولاً، ويطلبون من مصر وقطر إقناعها بتقديم تنازلات إضافية، لمساعدتهم على إقناع نتنياهو وحكومته بصفقة تحقق وقفاً لإطلاق النار، ولو لمرحلة أولى تمتد لستة أسابيع. كما عاد الأميركيون إلى الحديث عن «وديعتي بايدن»، سواء الشفهية التي نُقلت إلى «حماس» وتتمثل في استعداد الرئيس الأميركي جو بايدن للتصريح بالتزامه بالعمل لعدم العودة إلى الحرب، أو تلك الخطية التي يقول قادة العدو إنهم انتزعوها من بايدن نفسه، والتي تسمح لهم بالعودة إلى الحرب متى وجدوا أن الصفقة لا تسير وفق الاتفاق… في هذه الأثناء، يتسلى الجميع بمحاولة فك أحجية الرد من جانب إيران وحزب الله، علماً أن هناك ماكينات إعلامية متوثّبة للتعامل مع الحدث، بين حدَّي اتهام إيران والمحور بتصعيد الحرب، أو التقليل من أهمية الرد واعتبار إسرائيل الطرف المنتصر!.
وحدهم أهالي غزة، لا يعرفون أين ينامون، وهل سيطلع الصباح عليهم أحياء، قبل أن يلجأوا إلى تمرين العدّ علّهم لا ينقصون، وسط حفلة جنون دموية، تجعل من الصعب على أحد في العالم أن يتحدث عن مستقبل مع هذا الكيان ومع هذا النوع من البشر!
لا تستقبلوا الوسيط الإسرائيلي
الموفد الأميركي عائد إلى لبنان مهدّداً بالحرب الكبرى: لا تستقبلوا عرّاب الخداع هوكشتين
وفق قاعدة أن «ضرورات الأنظمة لا تعطّل خيارات الأمة»، كان منطقياً أن يسود القلق الأوساط الداعمة للمقاومة من موافقة أركان الحكم في لبنان على استقبال الموفد الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتين غداً في بيروت. القلق الممزوج بالغضب لا يعود فقط إلى أن الرجل كان شريكاً في عملية سياسية رافقت العملية الأمنية والعسكرية التي أدّت إلى اغتيال القائد فؤاد شكر قبل أكثر من عشرة أيام، بل إلى أن جميع المؤشرات لا تعكس وجود أي جديد نوعي في سلوك الإدارة الأميركية حيال جرائم العدو المستمرة في فلسطين ولبنان والمنطقة.وبحسب ما سرّبت مصادر رسمية لبنانية، فإن هوكشتين الذي وصل أمس إلى تل أبيب، سيسعى من جديد إلى ضخ مزيد من رسائل الترغيب والترهيب في لبنان، وهو لا يحمل حلاً باعتبار أن العدو لا يظهر أي رغبة فعلية في وقف الحرب على قطاع غزة. وهذا ما يثبت قرار المقاومة في لبنان باستمرار عمل جبهة الإسناد من جهة، ولا يعدّل أساساً في قرارها الرد على اغتيال شكر. وبالتالي، فإن استقبال الضابط الإسرائيلي الذي لا يخشى اتهامه بالعمل لمصلحة العدو، يشكّل طعنة في غير مكانها. وربما يُفترض بأهل الحكم تكليف موظف باللقاء معه، ولو أن المؤشرات والسوابق لا تقول بذلك، فكيف وبعض المسؤولين اللبنانيين يتبجّحون بأنهم «على صداقة مع هوكشتين الذي يعرف ملفاتنا جيداً».
ورغم إصرار جهات رسمية على أن هوكشتين لم يتعهد بشيء في اتصالاته الأخيرة عشية اغتيال شكر، إلا أن تبادل الرسائل الذي تم عبر أكثر من جهة، لا يدع مجالاً للشك، عند المقاومة وغيرها، بأن هوكشتين شارك في عملية تضليل من خلال نقل رسائل «تطمينية» بأن بيروت والضاحية ستكونان خارج دائرة الاستهداف بعد حادثة مجدل شمس، رغم أن المقاومة التي لا تركن أساساً لأي كلام أميركي لم تأخذ بهذه التطمينات، وصار واضحاً لديها الظروف التفصيلية التي رافقت نجاح العدو في الوصول إلى مكان وجود شكر وتنفيذ عملية الاغتيال.
ولم يكُن مرّ وقت على إعلان وزارة الدفاع الأميركية إرسال غواصة إلى الشرق الأوسط، وتسريع وصول مجموعة حاملة طائرات هجومية إلى المنطقة، حتى جاء التحرك العاجل لهوكشتين الذي وصل إلى تل أبيب مساء أمس، على وقع تقديرات الجانبين الأميركي والإسرائيلي بأن رد محور المقاومة سيحصل في الساعات الـ 24 المقبلة. وتأتي هذه الزيارة في وقت حرج ودقيق جداً، بعدما كان هوكشتين «علّق» مهمته منذ آخر زيارة له للبنان قبل حوالي شهرين، اقتناعاً منه بأن لا مجال لأي اتفاق مع لبنان قبل وقف الحرب على غزة. وفيما ذكرت القناة الـ 12 الإسرائيلية أن هوكشتين أتى لاستئناف جهوده لتسوية الأزمة بين لبنان وإسرائيل، قالت مصادر مطّلعة في بيروت إنه «سيزور بيروت غداً» للقاء كل من الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب، علماً أن «الملف تخطى مهمته وأصبحت الأمور في مكان آخر». وأضافت المصادر أن «هوكشتين يحمل مبادرة جديدة للتهدئة وفي جعبته أفكار لمنع الانفجار الكبير، لكنّ أحداً لا يعلم مضمونها حتى الآن».
شارك في عملية تضليل بأن بيروت والضاحية ستكونان خارج دائرة الاستهداف بعد حادثة مجدل شمس
وفي الإطار، توقفت المصادر عند مسألتين أساسيتين تحوطان بالرد المتوقّع على اغتيال القائد إسماعيل هنية في طهران والقائد فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية وهما: الأولى، أن الزيارة تأتي عشية 15 الجاري، وهو الموعد المحدد لاستئناف مفاوضات الهدنة التي يعتقد الجانب الأميركي أن بإمكانها أن تكون الطعم الذي يؤخر الرد أو تجعل منه رمزياً.
والثانية، تزامن الزيارة مع حملة التهديد والتهويل التي تمارسها الولايات المتحدة على المحور من خلال استقدام سلاحها وطائراتها لدعم الكيان، والعمل على حشد تحالف يضم دولاً عربية لرد الردّ أو التخفيف من الخسائر التي سيتعرض لها الكيان.
ويمكن القول، بحسب المصادر نفسها، إن الإدارة الأميركية بعدما لمست إصرار المحور على تنفيذ الرد وعدم النقاش في أي نقطة قبل ذلك، فعّلت «دبلوماسيتها» في ربع الساعة الأخير لاحتواء النار التي قد تحرق المنطقة بأكملها. ورجّحت أن يكرر المبعوث الأميركي رسائله التي سبق أن حملها، وتضمنت تهديداً وتحذيراً بأن إسرائيل ستدمّر لبنان في حال اندلاع الحرب وأن ليس في مصلحة لبنان الذهاب إليها. كما سيذكّر بالوضع الاقتصادي المهترئ وعدم قدرة لبنان على تحمل أعباء الحرب!
وفيما ذكرت قناة «كان» العبرية أن حزب الله نقل رسالة عبر مسؤولين أجانب بأنه مصمّم على الرد على اغتيال شكر، ولكنه غير معنيّ بتصعيد يؤدي إلى حرب شاملة، أشار المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إلى «أننا نراقب التطورات في الشرق الأوسط بالتركيز على حزب الله وإيران، ونأخذ كل التهديدات بجدّية، ومستعدّون بشكل كبير سواء من حيث الهجوم أو الدفاع»، فيما حذّر رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو من أن «هناك خطراً حقيقياً من تصعيد الصراع بين إسرائيل وحزب الله» وأن «على الكنديين مغادرة لبنان ما دام ذلك ممكناً لأن أوتاوا قد لا تتمكن من إجلاء الجميع إذا ساء الوضع» حسب وكالة «رويترز».
ما بعد بعد «الخروج» من التيار
لو جُمعت سير «المناضلين» ومذكّرات «أصحاب الأحقية» في جناح واحد، لكان هو الأكبر دون منازع في أي معرض للكتب. فمن خرجوا أو أُخرجوا من الحزبين القومي والشيوعي، مثلاً، أكثر بكثير ممن بقوا فيهما. لكن، بقي الحزبان وتشتّت الخارجون.
في حزب الكتائب، فشلت كل البدائل، حتى تلك التي قادها سامي أمين بيار الجميل بنفسه، من «القاعدة الكتائبية» إلى «نحو الحرية» فـ«لبناننا»، ما اضطره للعودة إلى بيت الطاعة في الصيفي. والأكثر سيان في حزب الوطنيين الأحرار، وكذلك في القوات اللبنانية التي لا يوجد في كتلتها النيابية الحالية سوى نائب واحد من الرعيل الأول وثلاثة فقط من الرعيل الثاني.
ولم يكتب الاستمرار، حتى كنوادٍ سياسية مقفلة للمتقاعدين، لكل من «قدامى الجبهة اللبنانية» و«الاتحاد من أجل لبنان» و«النمور» و«أصدقاء داني». في حركة أمل، سبق للرئيس نبيه بري أن فعل عام 2003 مع محمود أبو حمدان أمراً شبيهاً لما فعله رئيس التيار الوطني الحر أخيراً، مع فارق أن أبو حمدان كان خارجاً لتوه من انتخابات حزبية داخلية حصد بموجبها فوزاً كاملاً في البقاع (الغربي والأوسط والشرقي) فيما انكفأ خصوم باسيل داخلياً بالكامل منذ أكثر من ثماني سنوات. واللافت أن كل الخارجين من هذه الأحزاب وغيرها غالباً ما يشعرون بالغضب نفسه ويكررون العبارات نفسها، لكنهم يواصلون الدوران نفسه في الحلقات نفسها
لا حاجة للمطوّلات: باستثناء نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، لا هم كانوا «يطيقونه» ولا هو «يطيقهم. لم يسعَ إلى استيعابهم ولا سعوا إلى استيعابه. لا يثق بهم ولا يثقون به. هو: رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. وهم: مجموعة ممن كانوا «رفاق الصف» قبل أكثر من عشرين عاماً، وقبل أن يقرر مؤسس التيار العماد ميشال عون أن يقدّمه عليهم، ويفعل كل ما يلزم لتكريسه صاحب القرار. وإذا كانت ضرورات المراحل السابقة وظروفها اقتضت منه المحاولة ومنهم المسايرة، إلا أنهم، منذ أكثر من عامين، أصبحوا أكثر وضوحاً في تبرّمهم ليس فقط من العلاقة مع باسيل، وإنما من الاجتماعات الأسبوعية للمجلس السياسي والهيئة السياسية وتكتل لبنان القوي، ومن المعارك التي يخوضها التيار، ومن الشعارات والاحتفالات والسهرات والندوات.
لأسباب كثيرة لم يعودوا يشعرون بأن الملعب ملعبهم، وأن المعارك معاركهم، وأن التيار – برئيسه ونواب الرئيس واللجان والمنسّقين والقرارات – تيارهم. ورغم تقدّم باسيل على ثلاثة مستويات في المواجهة الأخيرة، هي النظام الذي يحظى بغطاء الرئيس ميشال عون، والمخطط الذي أتقن إعداده مع عون أيضاً من دون إهمال أي تفصيل مهما كان صغيراً، والتوقيت الذي يُعتبر عاملاً أساسياً في أي معركة، لم يسعَ الثلاثي (تُقرأ رباعي) إلى تدوير الزوايا أو ربح الوقت أو الهروب للأمام أكثر كما يحصل منذ أكثر من عقدين. بدا وكأنّ الطرفين يريدان أن يرتاحا، أحدهما من الآخر.
هذا في الماضي البعيد – القريب، فيما يمكن إيجاز الحاضر بالتسريبات والتسريبات المضادة، «فشة الخلق» و«فشة الخلق» المضادة، التهديد والوعيد المضاد… وهذه كلها نفسها تتكرر قبل كل استقالة من التيار وبعدها.
أما الأهم من الماضي والحاضر فهو المستقبل: يخرجون من التيار قلباً وقالباً، معنوياً وعملياً، رسمياً وشعبياً كما فعل زياد عبس حين أدار ظهره بالكامل للتيار وخاض غمار تجربة متواضعة جديدة، أو يغرقون في حالة «لا معلّق ولا مطلّق» التي تصيب معظم الحزبيين الذين تتوقف حياتهم لحظة خروجهم من الحزب فيما تستمر حياة الأحزاب من دونهم، فينتقلون من حالة العمل السياسي بكل ما يتطلبه من تجدد يوميّ وديناميكية وبراغماتية إلى حالة الإنكار والنوستالجيا وعدم الواقعية. وإذا كان ما سبق قد مثّل مقتلاً لتجارب كثيرة رغم نقاوة المعنيين وعنفوانهم وحقهم، فإنه يمثل تحدياً أساسياً بالنسبة إلى «الدفعة الجديدة»: كسائر الأحزاب، ستستمر حياة حزب التيار الوطني الحر السياسية معهم أو من دونهم، وإن بدفع أقل أحياناً. لكن، ماذا عن حياتهم السياسية؛ تتوقف هنا أم تتواصل بأشكال جديدة؟ الأساس السياسي لا يتعلق بالحدث في لحظته الآنية، إنما بالنتيجة النهائية بعد سنوات.
ومن هنا يبدأ النقاش الجديّ مع أحد النواب الذي يمكن وصفه بالحجرِ الأساسِ للحركة الاعتراضية، إذ يقول إن باسيل «يشرّع أبواب التيار أمام عاصفة افتراضية هوجاء يتطاير بنتيجتها الغسيل الوسخ في كل الاتجاهات. عملياً، هو لا مع الغرب مخلّص ولا مع الشرق، وفوق ذلك فتح معركة داخلية». لكنه – يتابع عن باسيل – «يحجز لنفسه في هذه اللحظة الداخلية – الخارجية الدقيقة حزباً له وحده، لا شريك له فيه أو مزاحم محتمل أو حتى شخص مزعج، بمعزل عن حجمه ودوره». وهو «تقصّد أن لا يكون لائقاً معنا بعدما حسم أمره قبل بضعة أشهر».
رسائل حاسمة وواضحة من حزب الله بعدم تدخله في شؤون التيار الداخلية وتمسكه بالبعد الأخلاقي قبل السياسي للعلاقة مع الرئيس عون
لكن، ماذا عن مصيرهم هم: محاولة أخرى لجمع العونيين من دون عون؟ تيار سياسي أو حزب أو حركة أو جمعية أو تعاونية أو لقاء أو كتلة نيابية أو مجموعة واتساب… أو لا شيء من هذا كله؟ كتّاب مذكّرات قيمة كما فعل آلاف الخارجين من أحزابهم قبلهم، أو تطوير مشروع سياسي كما لم يفعل أحد من قبلهم؟ أو الاثنان معاً؟ البكاء على الأطلال أو الاستمرار؟ يجدون لأنفسهم مبرر وجود، وطنياً – سياسياً – إنمائياً – اقتصادياً – اجتماعياً أم «باسيل، باسيل، باسيل» صبحاً وظهراً ومساء؟ لا أجوبة بعد لدى المعنيين الذين يحاولون السيطرة على انفعالاتهم أو ضبطها، محاولين الانتقال في هذه المرحلة من ردات الفعل إلى الفعل. وهو ما يفترض أن يفتح باب النقاش في ثلاث نقاط أساسية:
أولاً، المستقبل النيابي. من المسؤول الإعلامي السابق في التيار الوطني الحر الياس الزغبي إلى نائب رئيس الحكومة السابق عصام أبو جمرا، مروراً بصهري الرئيس عون السابقين سامي نادر وشامل روكز، وابن شقيقه نعيم عون وصديقه رمزي كنج، لعل المرشح السابق إلى الانتخابات النيابية في دائرة بيروت الأولى زياد عبس (أذكى من مر بتاريخ التيار) كان الوحيد الذي نجح في تجاوز «الدور الإعلامي» الذي يريده خصوم التيار من هؤلاء/ لحجز مكان سياسي متقدّم لنفسه في مطبخ «17 تشرين» وعلى لوائحها. وإذا كان عبس قد تقاسم الأصوات مع مرشحته النائب سينيتا زرازير ليحصل هو على 514 صوتاً وهي على 486 صوتاً، فإن أكثر الخارجين من البيئة العونية (لم يكن حزبياً) رمزيةً هو العميد شامل روكز الذي حمله العونيون على الأكتاف من نهر الكلب إلى نهر الموت بعد معركة نهر البارد، لكنه لم يحصل في انتخابات 2022 سوى على 623 صوتاً تفضيلياً في كسروان (رغم القدرات الكبيرة التي وضعها النائب فريد الخازن في تصرف اللائحة)، إضافة إلى 178 صوتاً للعوني السابق الآخر على اللائحة توفيق سلوم. في بعبدا، حصل نعيم عون على 566 صوتاً تفضيلياً، وزميله رمزي كنج على 228. وفي المتن حصلت الكاتبةُ العدلُ العونية السابقة رندا عبود على 198 صوتاً تفضيلياً. ونال جورج بدوي بطرس 23 صوتاً في بشري.
لا يهدف استعراض الأرقام هنا إلى التقليل من شأن هؤلاء، إنما القول إن خطاب الخارجين من الأحزاب يسلّي غير الحزبيين ومناصري الأحزاب المناوئة ولا يُترجم أصواتاً انتخابية، مع التأكيد أيضاً أن الحزبيين يلتزمون بقرارات أحزابهم، أما غير الحزبيين فأولوياتهم الانتخابية لا علاقة لها بالديمقراطية داخل الأحزاب والنظام الداخلي وغيرها من العناوين التي يركز عليها هؤلاء. ومنعاً للالتباس: مجدداً، لا يتعلق هذا بالعونيين فقط: لا تكاد توجد تجربة انتخابية مشجّعة واحدة يمكن التوقف عندها، إلا ظاهرة مسعود الأشقر الذي تجاوز «أمجاد الماضي»، ولم يأت يوماً على ذكر قيادتي القوات والكتائب حين أدار ظهره للتنظيمين، موطّداً علاقاته الاجتماعية في المقابل بمناصريهما ومحافظاً على كل ما يمكن من علاقات، بعكس معظم الظواهر الأخرى – العونية وغير العونية – التي سرعان ما تنتقل من مشكلها مع القيادة الحزبية إلى مشكل مع المحازبين.
وعليه، قد لا تكون رمزية ابن أخت الجنرال (النائب آلان عون) أكبر من رمزية ابن أخيه (نعيم عون)، لكن لا شك أن نفوذ آلان الانتخابي بعد تمثيله النيابي لبعبدا منذ عام 2009 أكبر من نفوذ نعيم، ولا شك في أن الموجة الجديدة من «المهاجرين» من التيار لها حضورها النيابي الفاعل، لكن التجارب الانتخابية السلبية السابقة للخارجين من أحزابهم لا تدفع إلى التفاؤل، ويفترض أن تحثّهم على وضع خطة عمل جدية تتعلم من التجارب السابقة.
يكفي في هذا السياق التذكير أن روكز، مثلاً، كان يفترض بينه وبينه نفسه ما يفترضونه هم اليوم، ويقول ما يقولونه، لجهة أن التيار لم يعطه في انتخابات 2018 أي صوت تفضيلي، وأن الأصوات الـ7300 التي حصل عليها هي أصواته هو، ليتبين عام 2022 أن حجمه 623 صوتاً تفضيلياً، وليس كما كان يتخيّل.
ثانياً، التموضع السياسي. خاض زياد عبس ونعيم عون ورمزي كنج الانتخابات النيابية الأخيرة جنباً إلى جنب النائبة بولا يعقوبيان في الأشرفية، وخليل الحلو (الصيدلي المتقاعد الذي يصول ويجول بين قناتي العربية والحدث محرّضاً على المقاومة بوصفه خبيراً عسكرياً) في بعبدا، من دون أن يتضح حتى اليوم ما إذا كانت تحالفاتهم الانتخابية تعكس تموضعهم السياسي الحقيقي. أما اليوم فعلاقة الثلاثي (تُقرأ رباعي) جيدة مع غالبية الأفرقاء، من الضاحية إلى واشنطن وما بينهما. لكن التواصل السياسي شيء، والالتزام السياسي شيء آخر، إذ كانوا قادرين حتى الأمس القريب على تحميل رئيس التيار المسؤولية عن الخيارات السياسية التي كانوا يتهمونه بالتفرد بها وعدم مشاورتهم، أما اليوم فالقرار قرارهم وسيكونون مضطرين إلى التموضع الصريح الذي تجنبوه في السنوات الثماني الماضية على الأقل. وعلى أساس هذا القرار، ستعيد غالبية الأفرقاء تصنيفها لهم. مع العلم أن التفكير بنقطة وسطية غير عقلاني، لأن الرأي العام وحرب المحاور لا يفسحان أي مجال للرمادية أو حمل العصا من وسطها. وإذا كان المشهد العام يوحي بأن مصلحة هؤلاء وعلاقاتهم وخطابهم تنبئ بتموضع سياسي في ظل بكركي أقرب إلى المرشح إلى رئاسة الجمهورية نعمة افرام، لا يقطع مع حزب الله ولكن لا يتناغم معه أو يتحالف أو يتبع له، فإن تخيّل النائب ابرايهم كنعان، مثلاً، ينتقل من «عند باسيل» إلى «عند افرام»، أمر غير منطقي أبداً. كذلك قد تكون لأبي رميا مصلحة انتخابية بالتحالف مع افرام، لكن ليست للأخير في المقابل مصلحة انتخابية في مثل هذا التحالف. إذ يمكنه في أيّ انتخابات مقبلة أن يستفيد من تضعضع التيار ليحصل لنفسه على مقعد في كسروان وآخر في جبيل.
والأمر نفسه بالنسبة إلى الكتائب ونائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب في المتن: حصل المرشح الأرثوذكسي سمير صليبا على 3219 صوتاً تفضيلياً بقوته الذاتية في تجربته الانتخابية الأولى، مقابل 4050 صوتاً لبو صعب، وهو ما يفرض على رئيس حزب الكتائب سامي الجميل تعزيز الدعم لصليبا وتشجيعه على الإنفاق أكثر ليفوز هو والكتائب بالمقعد الثالث بدل أن يتحالف مع بو صعب ليفوز الكتائب بمقعدين فقط وبو صعب بمقعد. أما مع حزب الله، فلا بدّ من القول في ظل ما تتناقله بعض المواقع، أن التحالف الانتخابي بين الحزب والنائب آلان عون في بعبدا غير وارد اليوم، لأنه يعني أن الأمور وصلت بين الحزب والرئيس ميشال عون (لا باسيل) إلى ما بعد بعد اللاعودة، علماً أن الحزب أوصل قبل أسابيع رسائل حاسمة وواضحة بعدم تدخله من قريب أو بعيد في شؤون التيار الداخلية، وتمسكه بالبعد الأخلاقي قبل السياسي للعلاقة مع الرئيس عون. ومن يدقّق في نتائج بعبدا يرى أن الحديث عن المقعد في ظل الظروف الحالية وتوازناتها هو مضيعة حقيقية للوقت، لأن استمرار الخلاف بين التيار والحزب من جهة وقدرة الفريق الآخر على توحيد لائحتي ميشال حلو (13201 صوت) وخليل الحلو (5010 أصوات) في لائحة واحدة من جهة ثانية، يعني أن سيناريو جزين 2022 سيتكرر في بعبدا عام 2026.
ثالثاً، الديناميكية الفكرية والجسدية. لا شك أن المآخذ السلبية على ماكينة التيار الوطني الحر الحزبية والتنظيمية والسياسية والانتخابية والإعلامية والخدماتية محقّة بغالبيتها. لكن الوجود ضمن حزب لديه ماكينة رغم بؤسها شيء، وتحمل هذه المسؤولية كاملة شيء آخر، حتى ولو كانت للنواب مكاتبهم وتجربتهم. وتنبغي الاشارة هنا إلى أن خماسي كنعان – أبي رميا – عون – عون -عبس كان لديه نفوذه الكبير في التيار وخارجه حتى عام 2015، وكان هؤلاء ديناميكيين وقريبين من الأرض بمختلف مكوناتها، لكنهم انكفأوا بعد ذلك، وانشغلوا بالسياسة في أشكالها الأخرى. وهو ما يفترض أن يضعه هؤلاء اليوم على الطاولة ليسألوا أنفسهم إن كانت لديهم النية والقدرة والوقت والرغبة بالتنقل من بيت إلى آخر وملاحقة شؤون المناصرين وقضاياهم والرد على الهواتف وغيرها من عدة العمل التي يحترمها البعض منهم ويهملها بالكامل بعض آخر. ومع ذلك، لا يفترض التسليم بالأحكام المسبقة السلبية: لا بد من انتظار الشهور المقبلة للتأكد مما إذا كان باسيل العائق أمام استقطابهم للرأي العام وتوسيع حيثيتهم ومضاعفة أصواتهم التفضيلية أم هو مجرد عذر لتبرير الكسل أو الملل أو غيرهما.
أخيراً، مجمل ما سبق لا علاقة له بالعونيين فقط، إنما بكل الخارجين من أحزابهم: في الرأي العام، ثمة نسبة كبيرة جداً غير محزّبة ولا تعنيها الأحزاب وقد عبّرت مراراً وتكراراً في السنوات القليلة الماضية عن أن مستقبل البلد هو يعنيها لا الأحزاب، ما يفترض بالخارجين من أحزابهم أن تكون لديهم المعرفة والقدرة على مخاطبة هؤلاء لبناء قاعدتهم الخاصة لا الانشغال عنهم بمزاحمة الأحزاب على فتات الفتات أو محاولة مخاطبتهم بالأدوات السياسية التقليدية. وهو ما يعيد النص إلى بدايته: أمس واليوم مهمان، لكنّ غداً أهم؛ مراوحة أو خروج من التيار نحو آفاق واسعة جديدة؟ كتّاب مذكّرات كما فعل آلاف الخارجين من أحزابهم قبلهم أو تطوير مشروع سياسي كما لم يفعل أحد من قبلهم؟ البكاء على الأطلال أو الاستمرارية؟ يجدون لأنفسهم مبرر وجود، وطنياً – سياسياً – إنمائياً – اقتصادياً – اجتماعياً أو «باسيل، باسيل، باسيل» صبحاً وظهراً ومساء؟
اللواء:
هوكشتاين إلى تل أبيب وبيروت لتسوية الأزمة الحدودية
خطط الإيواء أمام مجلس الوزراء غداً.. وتجدُّد السجال الرئاسي بين برّي و«القوات»
انشغلت الدوائر اللبنانية، سواءٌ في المقاومة أو البيئات السياسية الرسمية وخلافها بتفجير الخلاف بين رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع فيها يوآف غالانت، على خلفية النظرة الى مصير الحرب، والمسؤول عن تعطيل صفقة التبادل والهدنة المتوقفة في غزة، على وقع تصعيد اسرائيلي وردّ مماثل من حزب الله الذي امطر فجر امس المستعمرات الشمالية بما لا يقل عن 30 صاروخاً رداً على القصف الذي استهدف معروب (قضاء صور) وادى الى سقوط جرحى من ابناء البلدة.
ولم يكن الوضع مختلفاً لدى الجانب الاسرائيلي، فنقلت «القناة 12» الاسرائيلية عن مصادر امنية، عدم وضوح ردّ حزب الله، وعما اذا كان سيسبق الرد الايراني ام لا.
ووصف وزير الدفاع الحرب على لبنان بالمغامرة، كاشفاً عن اقتراحه في 11 ت1 الماضي خلال اجتماع الكابينت الحربي شن هجوم على لبنان، قوبل بالرفض، اما الآن فهو يرفض شن حرب واسعة بدءاً من الجنوب.
في غمرة حالة الترقب المتعب والمملّ، اعلن في اسرائيل (القناة 12) ان الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين سيصل تل ابيب لاستئناف جهوده لتسوية الازمة بين لبنان واسرائيل.
وحسب معلومات على صلة بالجهات الرسمية، فإن هوكشتاين سيزور لبنان خلال الايام المقبلة.
وحسب مصدر مطلع فإنه في ضوء ما سيحصل في مفاوضات الخميس بين الوسطاء واسرائيل، بانتظار اعلان «حماس» موافقتها على ارسال ممثل لها الى المفاوضات، فإن آلية عمل هوكشتاين ستكون على سكة معالجة الشق المتعلق بجبهة الحرب بين حزب الله واسرائيل.
وفي اطار الاتصالات لدرء الخطر استقبل الرئيس ميقاتي سفير فرنسا لدى لبنان هيرفيه ماغرو مساء امس في دارته، وتم البحث في الوضع في لبنان والمنطقة والجهود الرامية الى وقف العنف والتوترات.
وحثّ رئيس الوزراء الكندي مواطنيه على مغادرة لبنان، ويؤكد أن خطر التصعيد حقيقي.
لا تطمينات بإحتواء التصعيد
وفيما ما زال شبح الحرب يخيم على لبنان والمنطقة، اكد مصدر وزاري مطلع عن قرب لـ «اللواء» ان الحكومة التي تتابع منذ اشهر تطورات المواجهات القائمة، وان رئيسها نجيب ميقاتي الذي ما زال يتابع اتصالاته مع الدول المعنية بوضع المنطقة من اجل وقف الحرب، لم يتلقيا اي تطمينات من الدول التي تقوم بمساعي التهدئة بنيّة الكيان الاسرائيلي وقف التصعيد أو مواصلته الاعتداءات والاغتيالات ضد المدنيين. ويكفي ان بيانات قيادات ومسؤولي اسرائيل تدل على رغبتها بعدم وقف الحرب في غزة ولا بوقف التصعيد ضد لبنان.
واوضح المصدر الوزاري ان كل ما يتلقاه لبنان هو ان ما تقوم هذه الدول مجرد «دعوة جميع الاطراف الى وقف التصعيد والعودة الى المفاوضات»، لكن من دون تحقيق اي نتيجة تذكر.
واشار رداً على سؤال الى ان الحكومة تقوم بما عليها عبر لجنة الطوارىء الوزارية بالتحضير لإستيعاب أي حدث طارىء او عدوان اسرائيلي، وتعمل على توفير المقومات الضرورية للمواطنين، على صعيد الغذاء والدواء والخدمات الاساسية واستنفار القطاع الصحي.
وفي السياق، أكد الرئيس ميقاتي استمرار الوزارات والادارات اللبنانية كافة، بالتعاون مع المنظمات الدولية المعنية وهيئات المجتمع المدني، في اتخاذ كل الاجراءات والخطوات المطلوبة في اطار خطة الطوارئ الحكومية، لمواجهة الظروف الصعبة التي نمر بها وكل الاحتمالات التي قد تحصل.
وشدد في الوقت ذاته على أن الاتصالات الديبلوماسية ناشطة في أكثر من اتجاه لوقف التهديدات الاسرائيلية ضد لبنان، وعلى خط آخر للتوصل الى وقف لاطلاق النار في غزة.
وقال: إن ورقة الحكومة اللبنانية التي تظهر القواعد الهادفة إلى تحقيق الاستقرار على المدى الطويل في جنوب لبنان والتي اعلناها الاسبوع الفائت، تحدد الاسس الواضحة للحل وابرزها خفض التصعيد لتجنب دوامة العنف المدمرة وأن يقوم المجتمع الدولي بدور حاسم وفوري في تهدئة التوترات وكبح العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان.
واوضح رئيس الحكومة «ان الرسالة الابلغ التي يشدد عليها في كل لقاءاته واتصالاته الديبلوماسية هي تطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 1701 لكونه حجر الزاوية لضمان الإستقرار والأمن في جنوب لبنان».
إجراءات المحافظات
وكان قد عُقد امس اجتماع وزاري في السرايا الحكومية برئاسة ميقاتي، ضم وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، منسّق لجنة الطوارىء وزير البيئة ناصر ياسين، الامين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء الركن محمد المصطفى، ومحافظي المناطق، وبعد الاجتماع قال الوزير ياسين: هدف هذا الاجتماع التأكد من جهوزية خلايا الأزمة والطوارئ الموجودة على مستوى المحافظات وتعزيزها في حال وجود نقص أو حاجة لتعزيز هذه الخلايا، وكل ذلك في إطار التحضير والتعزيز في حال توسعت الاعتداءات إلى المناطق غير الجنوبية.
ودعا الرئيس ميقاتي مجلس الوزراء الى جلسة غداً الاربعاء لمناقشة جدول اعمال من 46 بندا، ابرز ما فيها: عرض وزيرالبيئة منسق لجنة الطوارىء الحكومية للإجراءات والتدابير المتعلقة بخطة الطوارىء الوطنية.
وعرض خطة ادارة ملف النازحين السوريين وتيويم الخطوات والاجراءات ذات الصلة اضافة الى تكليف وزير المهجرين متابعة موضوع اعادة النازحين في شقه المتعلق بالعودة الطوعية.اضافة الى بنود إجرائية وادارية ومالية وقبول هبات للوزارات.
ورأت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان مجلس الوزراء يبحث في التحضيرات المتصلة بلجنة الطوارىء في حال حدوث أي سيناريو سلبي في البلاد، وقالت إن المجتمعين يستعرضون الوقائع والمعطيات والأمكانات، دون إغفال التذكير بالاتصالات الديبلوماسية من أجل تجنيب لبنان الحرب.
ولفتت هذه المصادر إلى أن الرئيس ميقاتي سيطلع المجلس على اجواء هذه الاتصالات وسيؤكد أهمية التضامن والوحدة، معلنة أن موضوع فتح حساب مالي أو غير ذلك لزوم خطة الطوارىء قد يطرح خصوصا أن هناك أرقاما تقديرية حول التكلفة المطلوبة من أجل التحسب لها.
كلفة الإيواء
وكشف وزير البيئة ورئيس لجنة الطوارئ الحكومية ناصر ياسين عن تجهيز 1399 مدرسة ومهنية لإيواء النازحين على غرار ما حصل في العام 2006.
وتحدث عن سيناريوهات ثلاثة: حرب شاملة ترفع الكلفة الى 100 مليون، ونزوح بحدود ربع مليون الحاجة الى 250 الف دولار، واذا استمر الوضع على حاله في مائة الف نازح من الجنوب تحتاج فقط الى 25 مليون دولار.
وفي اطار التحركات الدبلوماسية زار امس سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان وليد بخاري وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي في مكتبه.
وجرى التأكيد على اهمية تطبيق القرارات الدولية، ونوّه مولوي بوقوف المملكة العربية السعودية، الى جانب لبنان بصورة دائمة.
رئاسياً، انتقد الرئيس نبيه بري من يضيّع وقته مراهناً على اضعاف حزب الله وحركة امل بعد الحرب، معرباً عن استعداده للدعوة الى جلسة حوار او تشاور اذا كان المعنيون جاهزون للتجاوب، على قاعدة «حوار فرئاسة».
وجددت «القوات اللبنانية» رفضها لدعوة بري وقالت (الدائرة الاعلامية) ان الدستور لا ينص بأي شكل من الاشكال على حوار يسبق الانتخابات الرئاسية، واما الدستور يقول بوضوح ان الانتخابات تحصل على قاعدة جلسة مفتوحة بدورات متتالية حتى انتخاب رئيس للجمهورية، ولا وجود لما يسمى من قبيل العرف «حوار».
وقالت: إن الانتخابات مسؤولية مجلس النواب عن طريق الاقتراع حتى انتخاب رئيس للجمهورية، متهماً محور الممانعة بتعطيل انتخابات الرئاسة، داعياً الرئيس بري الى جلسة انتخاب رئاسية وان تترك اللعبة الديمقراطية الانتخابية تأخذ مجراها.
الى ذلك، عادت العلاقة الى التوتر بين وزير الدفاع موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزاف عون، على خلفية اقدام الاول على التمديد للعميد بيار صعب، والذي يحال الى التقاعد الشهر المقبل.
وتقدم احد الضباط بمراجعة امام مجلس شورى الدولة للطعن بقرار التمديد.
«ما بدنا الحرب»
والابرز لجهة رفض الحرب، ظهرت لوحات إعلانية تحمل شعارات، منها «بيكفّي – تعبنا»، انتشر أغلبها في المناطق المحسوبة على قوى وأحزاب المعارضة وبعض أحياء العاصمة بيروت، تعبيراً عن حالة اعتراض على «حرب المساندة» التي فتحها «حزب الله» في جنوب لبنان، المرشّحة أن تأخذ البلد إلى حربٍ واسعة في ظلّ ارتفاع وتيرة العمليات العسكرية بين إسرائيل و«حزب الله» واغتيال قادة كبار من الحزب.
اللافت في الأمر أن هذه الشعارات ما زالت «يتيمة الأب»، إذ لم تتبنَّها أي من قوى المعارضة، ولا حتى المنظمات المدنية والجمعيات الأهلية التي تنادي دوماً بتحييد لبنان عن صراعات وحروبٍ لا يقدر على تحمّل نتائجها وتبعاتها، لكن بغض النظر عمّن يقف خلفها، تعتبر المعارضة أن هذه الشعارات تمثل رأي معظم اللبنانيين.
الوضع الميداني
ميدانياً استهدف الجيش الاسرائيلي شيحين والجبين، كما هاجم بالمدفعية وادي حامول،رامية وعيتا الشعب، وليلاً اغار الطيران الحربي الاسرائيلي على بلدة كفركلا.
واستهدف حزب الله موقع حانيتا بقذائف المدفعية، كما استهدف موقع المالكية بالاسلحة الصاروخية كذلك استهدف موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا.
البناء:
أوستن وغالانت وكيربي: الاستعدادات الإيرانيّة تشير إلى التخطيط لهجوم كبير
غالانت يحمّل نتنياهو مسؤوليّة فشل المفاوضات… وحديث النصر المطلق هراء
هزة في حمص بقوة 5.4 درجات طالت لبنان وسورية والأردن وفلسطين والعراق
كتب المحرّر السياسيّ
وسط تقديرات تتراوح بين اليوم والثلاثاء المقبل تتوزّع المخاوف الأميركية والإسرائيلية من ضربة إيرانية قوية تستهدف كيان الاحتلال رداً على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران قبل أسبوعين، وبينما حذّر بيان أميركي ألماني فرنسي بريطاني إيطالي إيران وقوى المقاومة من مهاجمة “إسرائيل” معلناً الوقوف إلى جانبها بوجه أي عملية تستهدفها، تحدّث كل من وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن ووزير الحرب في كيان الاحتلال والمتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي عن ترتيبات لمواجهة خطر ردّ، تمّ وصفه بالهجوم الكبير وفقاً لما نقلته شبكات التلفزة الأميركية عن مشاورات أوستن وغالانت والتقديرات الاستخباريّة، وما أعلنه كيربي عن قيام أوستن بإعادة ترتيبات نشر القوات الأميركية وإضافة حاملة طائرات وغواصة نووية الى القوات المستعدة لمواجهة الهجوم الإيراني المرتقب، كما قال كيربي.
التحسب لخطورة رد حزب الله يتقدّم على خطورة الرد الإيرانيّ، كما يقول المعلقون في قنوات التلفزة العبرية، نظراّ لعدم قدرة القوات الأميركية المنتشرة في المنطقة على المساعدة في صدّ ضربات حزب الله بسبب القرب الجغرافي، وحيث القدرة الإسرائيلية على التعامل مع هذه الضربات أظهرت محدوديّتها، وسوف تكون أقل فعالية إذا استخدم حزب الله أسلحة أشد تطوراً وأرسل كمية أكبر من طائراته الانقضاضية الحديثة وصواريخه الدقيقة دفعة واحدة.
بالتوازي ظهر موقف لافت لوزير حرب الاحتلال يوآف غالانت، وضعه المراقبون في دائرة فشل الرهان على إضعاف الموقف التفاوضي لحماس بعد اغتيال زعيمها إسماعيل هنية، حيث شكل انتخاب يحيى السنوار رداً موفقاً من حماس على اغتيال هنية، وجاء الموقف التفاوضيّ القويّ ليضع الأمور بين خيارين، تلقي ضربات شديدة القسوة أو المسارعة لقبول حل تفاوضي يلبي شروط حماس. وهذا ما قرأته مصادر متابعة في مضمون كلام غالانت عن أن النصر المطلق الذي يتحدّث عنه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مجرد هراء، مضيفاً أن فرصاً سابقة للاتفاق تتحمّل حكومته مسؤولية إضاعتها وتعطيلها.
في شأن منفصل، شهدت منطقة بلاد الشام هزة أرضيّة شعر بها سكان سورية ولبنان والعراق وفلسطين والأردن، والهزّة مركزها حمص بقوة 5.4 درجات على مقياس ريختر.
تستمر الاتصالات المكثفة استعداداً للجولة الجديدة من المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى المقرّر عقدها الخميس المقبل في الدوحة، فيما استمرّت المواجهات العسكريّة بين حزب الله من جهة والعدو الإسرائيليّ من جهة أخرى، وأعلن الحزب قصف المقرّ المستحدث لقيادة الفرقة 146 في «غعتون» بصلياتٍ من صواريخ الكاتيوشا. ويأتي هجوم حزب الله، ردًّا على الغارة الإسرائيليّة على بلدة معروب في جنوب لبنان، الّتي أدّت في حصيلتها إلى جرح 12 شخصًا من بينهم 11 من الجنسيّة السّوريّة ومواطن لبنانيّ. بينهما حالتان حرجتان لطفلة (5 أشهر) وامرأة، وفق ما أعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة.
وأُصيب، 3 أشخاص بجروح في غارة إسرائيليّة على كفركلا، مع تجدّد القصف الإسرائيليّ تجاه مواقع وبلدات عديدة في جنوب لبنان بينها رامية وعيتا الشعب وشيحين.
وفي المقابل، أعلن حزب الله استهداف موقع “المطلة” وتدمير التجهيزات التجسسيّة فيه، بصاروخين مضادين للدروع.
وأوردت التقارير أن 5 قذائف أطلقت نحو بلدة كفرشوبا ومثلها على بلدة رامية و4 قذائف استهدفت بلدة عيتا الشعب مصدرها دبابة ميركافا معادية متمركزة في أحد المواقع العسكرية الإسرائيليّة المقابلة. كما واستهدفت طائرة مسيّرة بلدة برج الملوك بالقرب من متنزه ميمارولا بصاروخ.
وقالت إذاعة العدو إن حزب الله نقل رسالة عبر مسؤولين أجانب أنه مصمّم على الرد على اغتيال فؤاد شكر، ولكنه غير معنيّ في الوقت نفسه بتصعيدٍ يؤدي إلى حرب شاملة.
ووفقًا للمراسل العسكريّ لموقع “والا” الإسرائيليّ، أفاد ضباط إسرائيليون في “قيادة المنطقة الشماليّة” من أن تهديد التسلل البريّ إلى مستوطنات الحدود الشمالية ما زال قائمًا. وقال: “أفاد هؤلاء الضباط بأن قوة الرضوان التابعة لحزب الله ما زالت قادرة على تنفيذ هجوم منظم على الحدود، بما في ذلك التسلل إلى أي مستوطنة أو موقع”. وأشار الضباط، إلى أن “حزب الله لم ينفذ ذلك حتى الآن لأنه اختار عدم القيام بذلك. ولكن من يظن أن حزب الله لا يتدرّب على اختراق مقاتليه إلى داخل “المنطقة الإسرائيليّة” فهو مخطئ ووهميّ”.
في سياقٍ متصل، أعلن البنتاغون أن وزير الدفاع الأميركي أمر بإرسال غواصة صاروخية إلى الشرق الأوسط وتسريع وصول مجموعة حاملة طائرات إلى المنطقة قبل هجوم إيراني متوقع ضد “إسرائيل”. وكانت الغواصة “يو إس إس جورجيا”، وهي غواصة تعمل بالطاقة النووية ومسلحة بصواريخ كروز، تعمل في البحر الأبيض المتوسط في الأيام الأخيرة، بعد أن أكملت للتوّ التدريب بالقرب من إيطاليا. وقال البنتاغون إن الوزير لويد أوستن أمر الغواصة بالدخول إلى مياه الشرق الأوسط. ووفق شبكة “سي أن أن” فإن “الإعلان عن حركة الغواصة هو رسالة واضحة لردع إيران ووكلائها، الذين تعتقد الولايات المتحدة و”إسرائيل” أنهم يستعدّون لهجوم محتمل واسع النطاق على “إسرائيل””. كما أمر أوستن مجموعة حاملة الطائرات “يو إس إس أبراهام لينكولن” بتسريع عبورها إلى الشرق الأوسط، وفق ما قال البنتاغون. وجاء إعلان أوستن، عقب مكالمة هاتفيّة مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت.
وإلى جانب زيارة مستشار البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك، ورئيس المخابرات وليم بيرنز، الى المنطقة من المحتمل أن يزور المنطقة أيضاً وزير الخارجية أنطوني بلينكن فيما يزور مبعوث الرئيس الأميركي آموس هوكشتاين “إسرائيل” لاستئناف جهوده لتسوية الأزمة بين لبنان و”إسرائيل” على أن يزور لبنان خلال الأيام القليلة المُقبلة في محاولة لاحتواء التوتر ومعاودة إحياء المفاوضات.
وشدّد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، على أن “خطر التصعيد في لبنان حقيقي”. وقال ترودو أمس الاثنين “نتخذ بعض الاستعدادات لنكون قادرين على تقديم الدعم في حال تدهور الأمور، لكن الوضع صعب للغاية لدرجة أننا قد لا نتمكن من إجلاء جميع الكنديين”.
وأكّدت شركتا “إير فرانس” و”ترانسافيا” لوكالة فرانس برس أمس الاثنين، تمديد تعليق رحلاتهما الجوية إلى بيروت حتى الأربعاء 14 آب ضمنًا، بسبب الوضع الجيوسياسي في لبنان.
وأكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي استمرار الوزارات والإدارات اللبنانية كافة، بالتعاون مع المنظمات الدولية المعنية وهيئات المجتمع المدني، في اتخاذ كل الإجراءات والخطوات المطلوبة في اطار خطة الطوارئ الحكومية، لمواجهة الظروف الصعبة التي نمرّ بها وكل الاحتمالات التي قد تحصل. وشدد في الوقت ذاته على أن الاتصالات الديبلوماسية ناشطة في أكثر من اتجاه لوقف التهديدات الإسرائيلية ضد لبنان، وعلى خط آخر للتوصل الى وقف لإطلاق النار في غزة.
وشدّد على “أن ورقة الحكومة اللبنانية التي تظهر القواعد الهادفة إلى تحقيق الاستقرار على المدى الطويل في جنوب لبنان والتي أعلناها الاسبوع الفائت، تحدد الأسس الواضحة للحل وأبرزها خفض التصعيد لتجنب دوامة العنف المدمّرة وأن يقوم المجتمع الدولي بدور حاسم وفوري في تهدئة التوترات وكبح العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان”.
وشدد رئيس الحكومة على ان “الرسالة الأبلغ التي يشدد عليها في كل لقاءاته واتصالاته الديبلوماسية هي تطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 1701 لكونه حجر الزاوية لضمان الاستقرار والأمن في جنوب لبنان”. وأكد “أن لبنان يتابع مع الدول المعنية ملف التمديد للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان “اليونيفيل” من دون أي تغيير”، لافتاً في الوقت ذاته “الى ان التعاون بين الجيش وقوات اليونيفيل أساسي في هذه المرحلة، وما يتمّ ترويجه عن خلافات وتباينات ليس صحيحاً، وأن كل ما يطرأ خلال تنفيذ المهمات المطلوبة يعالج فوراً”. كما شدّد على “ان لبنان متمسك بمهام اليونيفيل”.
وكان رئيس الحكومة رأس اجتماعاً موسّعاً في السراي، قال بعده الوزير ناصر ياسين: “في إطار الاجتماعات المستمرّة، عقد هذا الاجتماع والذي كان هدفه التأكد من جهوزية خلايا الأزمة والطوارئ الموجودة على مستوى المحافظات وتعزيزها في حال وجود نقص أو حاجة لتعزيز هذه الخلايا، وكل ذلك في إطار التحضير والتعزيز في حال توسّعت الاعتداءات إلى المناطق غير الجنوبية، خصوصاً أن هناك اعتداءات يومية في الجنوب وهناك أكثر من 100 ألف نازح من المناطق الحدودية في الجنوب، وهم حالياً موزعون بين محافظتي النبطية والجنوب»…
وزار سفير فرنسا لدى لبنان، هيرفي ماغرو، رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب وتمّ التباحث في مختلف قضايا الساعة، وخاصة المحادثات المرتقبة يوم الخميس المقبل بشأن هدنة غزة والتي من شأنها أن تنعكس على الساحة اللبنانية.
وشدّد بوحبيب على أهمية أن تقوم الدول الغربية، ومن بينها فرنسا، بخطوات ملموسة لدعم نجاح جهود الوسطاء بشأن إنجاز اتفاق من هذا النوع، والذي يشكل الخطوة الأولى لتخفيض التوتر الإقليمي. كما وأكد الوزير بأن الحلول الدبلوماسية المدعومة تشكل الحل الوحيد أمام الخيارات العسكرية التي ستؤدي إلى اتساع رقعة الحرب.
وبعد تداول بعض وسائل الإعلام معلومات حول وقف الدوريات المشتركة بين الجيش وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان – اليونيفيل أكدت قيادة الجيش أن الوحدات العسكرية تُواصل تنفيذ المهمات المشتركة مع اليونيفيل، والتعاون والتنسيق الوثيق معها، وذلك ضمن إطار القرار 1701، في ظل الظروف الاستثنائية والتطورات التي تشهدها البلاد ولا سيما الاعتداءات المستمرة من جانب العدو الإسرائيلي.
على صعيد آخر، يعقد مجلس الوزراء، جلسة في التاسعة والنصف من صباح غد الأربعاء، في السراي الكبير، للبحث في 46 بنداً على جدول الأعمال.
واستقبل وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي في مكتبه، سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد بخاري، وجرى عرض للأوضاع في لبنان والمنطقة لا سيما على الصعيدين السياسي والامني. وخلال اللقاء جرى البحث في التطورات الأخيرة في الجنوب وأهمية تطبيق القرارات الدولية. وأشارت السفارة السعودية الى ان “السفير بخاري، زار وزير الداخلية. وجرى خلال اللقاء استعراض علاقات التعاون بين البلدين الشقيقين في المجالات الأمنية، وسبل دعمها وتطويرها، بالإضافة إلى مناقشة عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك».
المصدر: صحف