بعد دخول عملية “طوفان الأقصى” شهرها العاشر، أراد الإحتلال الهروب الى الإمام بعيد تحطم صورته عسكرياً وعجزه عن امتلاك الميدان في غزة ولبنان وكذلك في اليمن. أراد كسر قواعد الإشتباك وفصل ساحات المساندة عن بعضها البعض عبر شنّ سلسلة اغتيالات في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي قلب العاصمة الإيرانية الى جانب عدوانه على “الحديدة”.
واقع أراد من خلاله الإحتلال استرداد هيبته بعد تحطمها في “طوفان الأقصى” وما بعده، سيما بعد فرض المقاومة اللبنانية معادلات ردع جديدة من خلال تعرية المنظومة الأمنية للإحتلال وعودة مسيراتها المتطورة الى أماكنها سالمة غانمة.
الاعلامية زينب حاوي:
يمكن التوقف هنا عند ما نشره “الإعلام الحربي” قبل شهر تقريباً ، من شريط مصور من مدينة “حيفا” المحتلة، يظهر نقاطاً حساسة لدى كيان الإحتلال. شريط استطاع إدخال معادلة جديدة الى الميدان العسكري، وارباك الإحتلال، ونسف معادلة الردع التي قام عليها تاريخياً. تبع الشريط “هدهد2” ( مشاهد استطلاعية للجولان السوري)، و”هدهد 3″، الذي نشر أخيراً ويستطلع فيه قاعدة “رامات ديفيد”، التي تبعد نحو 50 كلم عن الحدود مع لبنان. هذه السلسلة التي أطلقتها المقاومة كجزء من معادلات الميدان وإظهار مدى إنكشاف العدو إستخباراتياً وأمنياً وعسكرياً، لا شك أنها نقلت المعركة الى مكان مختلف، وها هي اليوم بات يحسب لها الف حساب بعد توعد المقاومة بالرد على اغتيال القائد الجهادي الكبير فؤاد شكر. سنضيء اليوم على معادلة الردع وهل تغيرت بفعل الإغتيالات؟. الى جانب لعب الإعلام المساند للإحتلال دوراً في التبخيس من هذه الإنجازات والتقليل من شأنها سعياً لترميم صورة الإحتلال.
بداية سنتوقف عند مقالة لشبكة “الجزيرة” نشرت في 2 الحالي، بعنوان :”خبراء أميركيون: الإغتيالات لن تعيد لإسرائيل الردع الذي فقدته”. في المضمون استصراح لمجموعة شخصيات أميركية ولخبراء عسكريين، اكدوا بأن “طوفان الأقصى” شكل “الضربة في مقتل نظرية الردع الإسرائيلية” التي قامت على إفشال اي تفكير عربي بشن هجمات على الإحتلال والحاق الهزيمة به.
يطل المقال على التوتر الحاصل حالياً في الشرق الأوسط، والذي أظهر مرة جديدة فشل الإحتلال في نظرية الردع رغم الدعم العسكري والاستخباري والسياسي والمالي الأميركي الواسع، في ظل ترقب وقوع “هجمات من حزب الله قد تطال مدناً رئيسية داخل اسرائيل”، و”ترقب ايران بالرد على اغتيال اسماعيل هنية داخل أراضيها”. وأيضاً “توقف قدرتها على الشحن عبر البحر الأحمر الى ميناء “إيلات”. يؤكد الخبراء بأن الإغتيالات الأخيرة لن تعيد الردع لإسرائيل ولن تغير من خريطة توازن القوى.
معادلة الردع:
من المفيد استرجاع مشهديات “الهدهد” وادخال المقاومة لعناصر جديدة في معادلات الردع مع الإحتلال.سنضيء على مفاعيل “الهدهد” عسكرياً، وماذا أحدث في كيان الإحتلال. سنستند الى مقالة “الجزيرة” ايضاً التي نشرت في 18 حزيران الماضي، تحت عنوان :”طوفان الأقصى وهدهد حزب الله ونظرية الردع الإسرائيلية”. تناول عقيدة الإحتلال الأمنية التي قامت على 3 عناصر :الردع والإنذار والحسم، وعلى رسائل المقاومة له والتي تمثلت بردع الإحتلال “الى حد بعيد”. المقال وصف العملية ب”التحول النوعي” في المواجهة، واستند الى ما قالته صحيفة “يديعوت أحرنوت” بأن “الغرض من النشر هو الردع والإيحاء بأنه إذا بدأت إسرائيل الحرب فإن حزب الله سوف يوقع ضرراً عسكرياً واقتصادياً بها إذا تجرأت على مهاجمة لبنان”. ربط المقال معركة “طوفان الأقصى”، بنظرية الردع التي اسقطت، والتي شكلت “ضربة مؤلمة” لهذه النظرية، والى “كافة كافة النظريات الأمنية التي سعت إسرائيل إلى صياغتها منذ إنشائها قبل أكثر من 70 عاماً”.
كيف حاول الإعلام العربي المساند للإحتلال تحييد الأنظار عن “الهدهد” وترميم صورة الإحتلال المهزومة؟
سنتوقف هنا، عند صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية، التي نشرت في في 24 تموز الماضي مقالاً بعنوان :”حزب الله يطلق “هدهد 3″..وخسائر لبنان من الحرب مليارا دولار”. نرى هنا، الربط العمدي ما بين السلاح النوعي للمقاومة وخسائر الحرب والتهويل بلغة الأرقام. بالقول بأن الخسائر البشرية والصحية والعمرانية والزراعية والبيئة باتت هائلة، وان التقديرات الأولية للمؤسسات تشير الى كلفة ملياري دولار، عدا الأضرار والخسائر الأخرى. قامت الصحيفة أيضاً وبشكل عمدي بتضمين تغريدات المتحدث باسم الإحتلال الإسرائيلي أفيخاي أذرعي لمحاولة تظهير رواية العدو والتبخيس من عملية المقاومة. إذ نقلت عنه قوله، بأن الشريط تم تصويره من “مسيرة تصويرية فقط وإن نشاط القاعدة الجوية لم يتعرض لأذى”، وكلامه عن استكمال الإحتلال تمريناً قتالياً على سيناريوات القتال في لبنان، واستدعاء للمرة الأولى قوات لواء “الناحال” الى الحدود مع لبنان ضمن سياق تهويلي ولمحاولة استرجاع نظرية الردع.
“هدهد 2” :
في بداية الشهر الماضي نشرت المقاومة اللبنانية شريط “هدهد 2” وتضمن مشاهد استطلاعية من الجولان السوري المحتل. وقتها أيضاً قام الإعلام المساند للإحتلال، بالتقليل من أهمية هذه العمليات. نعود قليلاً الى الوراء مع نشر “العربية” لمقاطع مصورة من هذه العملية، تحت عنوان هدهد” حزب الله يلتقط صورا من الجولان.. دون تنفيذ استهدافات”. محاولة التبخيس منها بالإدعاء بأن المقاومة قامت بالتصوير فقط دون تطال بصواريخها هذه الأماكن محاولة بذلك التقليل من أهمية العمل الإستطلاعي وقدراته الردعية>
محاولة التقليل من أهمية مفاعيل “الهدهد:
كلنا يعلم مدى ارساء طائرات المقاومة المسيرة الإستطلاعية لمعادلة الردع مع الإحتلال وتحطيما لمنظومته الأمنية “الدفاعية”. هذا الواقع حاول الإعلام العربي المساند للإحتلال التعمية عليه، عبر الإدعاء بأن هذه المسيرات قرّبت الحرب أكثر وصعّدت من تهديدات الإحتلال. سنستند هنا الى شبكة “سكاي نيوز” الإماراتية التي بثت قبل شهر تقريباً مع إطلاق المقاومة ل”هدهد 1″، شريطاً يدعي بأن المسيرة الإستطلاعية وما جاءت به صبت في مصلحة الإحتلال وأشعلت الحرب>
المصدر: موقع المنار