لم تكن عاشوراء هذا العام كغيرها من الأعوام، فصلٌ جديد يروي حكاية الفداء، عبر شبّان كانوا حاضرين خدّاما في مجالس ومواكب الحسين (ع) ، مخلصين لها، ولكن حين استعرت الحرب، لبّوا الجبهات ، وبذلوا كلّ ما يملكون فداءً للأرض والعرض والعقيدة.
هذه العقيدة التي استقوها عبر الإنتساب إلى معسكر التّمهيد الذي افتتحه سيّد الشّهداء ليصنعوا النصر ويعلنوا انتصار الدم على السيف.
كانوا خداما، ومجاهدين .. بذلوا كلّ ما يملكون لإحياء شعائر أهل البيت. الشهيد محمد عطية نموذجاً .. شهيدٌ على طريق القدس ، ترك خلفه كل متاع الدنيا لينشد الآخرة بأعماله فكان مؤسسا وممولّا لإنشاء موكب ومضيف الإمام الرضا (ع) في الصّرفند.
“جادَ محمد بمال زواجه .. ببساط المنزل ليفرش موكب الإمام الرضا (ع) “.. تقول أخته، مضيفةً أن محمد كان يأتي من الجبهة على الرغم من ملاحقة طائرات الإستطلاع تحركاته “ليطمئن” على الموكب ثمّ يعود ، حيث ذكرت زينب أنّ محمد كان من المطلوبين من قبل العدوّ بسبب عمله في القاعدة الجوية للمقاومة الإسلامية .
موكب الإمام الرضا أخذ تعريفا وضعه الشهيد محمد عطية لإحياء مناسبات أهل البيت وأطلق عليه شعار “موكب قائم حتى ظهور القائم”.. يقول الشيخ علي خليفة عميد فوج الإمام الرضا (ع) في الصرفند، مضيفا أنّ عطية هو المؤسس والمموّل (من ماله الخاص) للموكب والهيئة ، وأنه لم يجد أي عائق فكان يقول دائما ” منضيّف شو ما كان .. قهوة وشاي ” .
وأردف العميد ” كلّ شيئ للإمام الحسين (ع) ما عليك إلّا أن تبسط دارك “.
“بس كان محمد كنّا فقرا ، من بعد محمّد غنينا ” .. بهذه الكلمات عبّر أحد أصدقاء الشهيد .. محمد بشروش، الذي رافق الشهيد معظم أوقاته في الموكب، يقول بأن كل شيء خطط له محمد “لم نشعر به إلّا بعد شهادته، بتحسو تارك أثر غريب” ، مؤكداً أن الموكب والمضيف سيستمر وينمو على ظل يدي محمد.
هذه كانت بعضٌ من عطايا محمد .. الذي رثاه أصدقاؤه قائلين “.. فكنت أنت لنا عطيّة السماء”..
المصدر: المنار