عادت المواجهات والاشتباكات الواسعة بين فصائل المقاومة الفلسطينية وقوات العدو الاسرائيلي في شمال غزة. قد يبدو هذا خبراً عادياً في القطاع الذي يشنّ عليه العدو الاسرائيلي حرب إبادة جماعية منذ 7 تشرين الأول/اكتوبر، لكن الواقع يقول إنه ليس كذلك خصوصاً لجهة دلالاته.
منذ مساء أول أمس، وسّع العدو من عملياته البرية في مناطق شمال وادي غزة.
العملية بدأت بحملة جوية طاولت المناطق الشرقية من مخيم جباليا، قبل أن تبدأ وسائط المدفعية دكّ مناطق واسعة من المخيم وأحياء الطوق المحيطة به بالمئات من القذائف.
وفي ساعات ليل السبت – الأحد، نقلاً عن “صحيفة الأخبار” اللبنانية تقدّمت الدبابات وناقلات الجند من السياج الفاصل شرق جباليا، في اتجاه أحياء زمو والسلام في محيط منطقة القرم شرقي المخيم، ومنه توغّلت إلى الأطراف الشرقية، قبل أن تتمركز في حي الصالحين ومنطقة صالة مزايا على بعد قرابة 900 متر هوائي من مركز المخيم.
وجاءت العملية البرية التي مهّد لها العدو طوال يوم كامل، عبر مطالبة كلّ سكان مدينة ومخيم جباليا وعشرات الأحياء المحيطة به، شرقاً وغرباً وشمالاً، بالإخلاء إلى مناطق شمال غرب القطاع، بزعم القضاء على كتائب القسام (الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس) وسرايا القدس (الجناح العكسري لحركة الجهاد الإسلامي)، اللتين، وحسبما أقرّ جيش الاحتلال، “أعادتا بناء نفسيهما هناك”.
هنا بيت القصيد، بالعودة إلى الحديث عن دلالات عودة المواجهات بهذه الكثافة إلى الشمال. وهنا السؤال برسم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي ينتهج مسار المنتصر في المعركة، فارضاً شروطه في التفاوض، متعنتاً، معترضاً على كل شرط تفرضه المقاومة، لا بل وهو الماضي في عملية رفح بحجة القضاء على “حماس”، هي نفسها التي تقاتله الآن وبكل بطولة في جباليا، والتي قال لرأيه العام إنه قضى على معظم قدراتها في الشمال.
الجيش ينتقد الحكومة في ظل الفشل بحسم الحرب
وفي السياق، تحدثت تقارير اعلام العدو عن “توتر بين الحكومة والجيش في “إسرائيل” في ظل الفشل في حسم الحرب، وخاصة بعد عودة قوات حركة حماس إلى مناطق في قطاع غزة بعد أن كان الجيش قد اجتاحها وسيطر عليها”.
ويدل على هذا التوتر بين الحكومة والجيش، ما نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن مسؤول سياسي إسرائيلي حول “اليوم التالي” من الحرب، إذ تساءل “ماذا عن اليوم التالي، فيما لا تزال حماس قوة عسكرية منظمة، بإمكانها تهديد أي بديل مستقبلي؟”.
من جهتها، نقلت القناة 13، تحذيرات وجهها رئيس أركان الجيش هرتسي هليفي، إلى نتنياهو، من تداعيات “عدم اتخاذ قرارات إستراتيجية، وغياب عملية سياسية في غزة بالتوازي مع الهجوم العسكري على القطاع، لتشكيل هيئة حكم بديلة لحركة حماس”، حسب زعمه.
وأقرّ الجيش أنه يدفع “أثمانا باهظة” بالعودة إلى مناطق، مثل مخيم جباليا وحي الزيتون، بعد أن كان قد اجتاحها وانسحب منها.
وبحسب مصادر إعلامية، فإنه “إلى جانب كل الزخم النوعي الذي حقّقته المقاومة في اليوم الأول من التوغل، والذي أجبر قوات الاحتلال على التراجع من محيط حي الصالحين إلى مناطق شرق الخط الشرقي، فقد دحض المشهد الميداني في مخيم جباليا رواية جيش الاحتلال عن تحويل مناطق شمال وادي غزة إلى مناطق رخوة انتزعت منها إرادة القتال، ودُمر فيها البناء الهيكلي لكتائب المقاومة”.
يُذكر ايضاً أن العدو، كان قد روّج طوال الأشهر الماضية، أن جيشه استطاع تدمير البنية التحتية لـ”كتائب القسام”، بعد تمكّنه من اغتيال قائد لواء الشمال أحمد الغندور، نهاية العام الماضي. كما أشاع قادة العدو أن التوغل في شمال القطاع، سيشبه دخول أي بلدة من مدن وبلدات الضفة الغربية المحتلة، وقدّم العملية البرية في مخيم جباليا على أنها “النموذج الناجح للعمل الميداني، الذي لا بد من استنساخ تجربته في محاور القتال كافة”.
وجاء التعليق الأبرز والذي عكس الواقع الميداني للعدو إلى حد كبير على لسان رئيس الأركان السابق، دان حالوتس، إذ قال إن “الجنود يتساقطون سدى في حرب غزة والشمال، لأنه لا يوجد أي هدف من هذه العملية، حتى لو دمّرنا غزة عن بكرة أبيها فلن نحصل على صورة النصر”، مضيفاً أن “الصورة الوحيدة التي ستحفر في تاريخنا هي الخسارة في السابع من أكتوبر، كما يجب أن نعمل على إطلاق سراح 132 أسيراً مهما كان الثمن باهظاً كما تطلب حماس منا”.
المصدر: مواقع إخبارية