لفت نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش إلى أنّ “العدو الصهيوني يُواصل اليوم عدوانه متجاهلًا قرار مجلس الأمن الدولي الأخير الذي دعا إلى وقف إطلاق النار في شهر رمضان المبارك وفي المقابل تُواصل المقاومة تصدّيها لهذا العدوان بكل عزم وإرادة؛ لإدراكها أن هذا العدو لا يفهم إلا بمنطق القوة والمقاومة”.
وخلال خطبة الجمعة التي ألقاها في مجمع السيدة زينب (ع) في الضاحية الجنوبية لبيروت، قال سماحته: “اليوم؛ وبالرغم من كل العدوانية والوحشية التي يمارسها في غزة ولبنان؛ هذا العدو في مأزق كبير جدًا على كل المستويات، فهو لم يستطع حتى الآن أن يحسم المعركة، ولا أن يُحقّق إنجازًا واضحًا فيها نتيجة ثبات وصلابة المقاومة، وهو يتخبّط على المستوى السياسي والعسكري نتيجة التعقيدات السياسية التي يُواجهها في الداخل والخارج. كما أنّه لا يستطيع الخروج من الحرب من دون تحقيق أهدافه المعلنة، لأنّ ذلك سيُشكّل له هزيمة كبيرة، إضافة الى أنّه لا يملك وضوحًا عن المستقبل، ولن يتمكّن من ترميم الخسائر التي مُني بها في هذه المعركة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر وحتى الآن”.
وتابع الشيخ دعموش: “أما في لبنان؛ فمهما حاول العدو التمادي في عدوانه وارتكاب المجازر لن يستطيع أن يصل إلى ما يريد، ولن يدفع المقاومة للتراجع عن مساندة غزة. وإذا كان العدو الصهيوني يعتقد أن بقتله خيرة مجاهدينا يُمكنه النيل من عزم وقوة المقاومة وموقفها فهو واهم”، مشددًا على: “أننا في حزب الله نقوى ونكبر بالشهداء، وشعارنا كان على الدوام وما يزال “القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة””.
وأكّد “أننا نقوى ونكبر بالشهداء لأنه شهادة المجاهدين تمنح القضية زخمًا جديدًا ودفعًا سريعًا وتطورًا كبيرًا، وتدفع المسيرة نحو الانتصار وتحقيق الإنجازات، وفي عقيدتنا ليس في دم الشهيد خسارة، الدم ربّيح دائمًا، لأن كل شهيد من شهدائنا يمكنه أن يصنع روح الإيثار والتضحية عند العشرات بل المئات بل الآلاف من الناس، ويؤجج فيهم روح المقاومة”، لافتًا الى أنّ: “شهادة المجاهدين تمنح القضية زخمًا جديدًا ودفعًا سريعًا وتطورًا كبيرًا، وتدفع المسيرة نحو الانتصار وتحقيق الإنجازات”.
وقال سماحته: “يجب أن يفهم العدو أنّ التمادي في العدوان على لبنان وارتكاب المجازر بحق المدنيين والمُسعفين لن يُخرجه من تحت ضربات المقاومة، ولن يُعيد المستوطنين إلى المستوطنات في الشمال، ولن يُعوّض عجزه وفشله في تحقيق أهدافه، فإسرائيل ستبقى أوهن من بيت العنكبوت، مهما علت واستكبرت وتمادت في وحشيتها وإجرامها”.
نص الخطبة
ليلة التاسع عشر من شهر رمضان هي احد احتمالات ليلة القدر، وهي ليلة جرح أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع)، حيث ضربه اللعين ابن ملجم على أُم رأسه بينما هو يصلي الفجر في مسجد الكوفة.
فقد شاء الله ان يُضرب علي (عليه السلام) في ليلة القدر، في محراب العبادة وخلال سجوده في الصلاة، شاء الله ان يستشهد أشرف خلق الله بعد رسول الله (ص)، في أشرف مكان وهو المسجد، وفي اشرف زمان وهو ليلة القدر، وفي أشرف وضعية وهو ساجد لله في الصلاة.
ولعل من أهمّ خصائص ليلة القدر هو اندماج هذه الليلة مع شخص الإمام عليّ(عليه السلام)؛ لان الليالي المحتملة لليلة القدر، اي ليلة التاسع عشر والحادي والعشرين وليلة الثالث والعشرين كلها اقترنت بشخص علي، فالليلة الاولى هي ليلة الجرح، والليلة الثانية هي ليلة الشهادة، والليلة الثالثة خيم عليها الحزن لفراق علي(ع)، فكأنّما شاء الله سبحانه وتعالى أن تُفتَح أبواب رحمته ومغفرته في هذه الليالي على مصراعيها، وأن يشفع الله للناس فيغمرهم برحمته وألطافه بما للإمام علي(ع) من مقام ومنزلة رفيعة عند الله سبحانه وتعالى ولأجل ذلك، أي لأن هذه الليلة امتزجت باسم الإمام علي(عليه السلام)، كانت ليلة القدر خيراً من ألف شهر، ولذالك يمكننا في كل ليلة من ليالي القدر أن نستشفع عند الله عزّ وجلّ بتلك الشخصيّة العظيمة، وان نتوجه اليه ونقول: يا وجيها عند الله اشفع لنا عند الله، وأن ندعو الله بأن يثبتنا ويصبرنا لنواجه كل تحديات الحياة وصعوباتها ومشاكلها، وأن يعيننا على حلها وتجاوزها ببركة علي(ع) وبما له من مقام عند الله سبحانه وتعالى.
ولعلّ الله عزّ وجلّ قد أراد بهذا الترابط بين ليلة القدر وعلي(ع) أن يتّخذ الناس هذه الشخصيّة العظيمة أسوة وقدوة لهم، وعنوانا لمسار حياتهم، وأن تكون سبباً في تقرّب الناس إلى الله والتزامهم بأحكام الله وأخلاق الاسلام، تماما كما كان علي (ع) في كل حياته، حيث كان يبتغي رضا الله سبحانه وتعالى في كل مواقفه وسلوكه السياسي والجهادي، ولم يكن يفتش عن مكاسب ومصالح خاصة، وهو الذي خاصم العديد من الاشخاص في سبيل الله وابتغاء مرضاة الله وليس لعداوة شخصية .
هذا الارتباط والاقتران والاندماج بين ليلة القدر وبين شخص علي(ع) هو من أهم خصائص هذه الليلة المباركة التي جعلها الله خيرا من الف شهر اي خيرا من ثمانين سنة.
ومن خصائص ليلة القدر ايضا (وهي الليلة التي يقدر الله فيها شؤون الناس واوضاعهم واحوالهم ومصيرهم) انها تمثل فرصة حقيقية وهبة إلهية، مَنَّ الله بها على الامة الاسلامية، للعودة إلى الله، والتوبة ،وتعميق الارتباط به سبحانه وتعالى، من خلال إحياء هذه الليالي والقيام بالأعمال العبادية المختصّة بها ، وقد ورد في الحديث عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): إنّ الله وهب لأمّتي ليلة القدر لم يعطها من كان قبلهم.
ولذلك لا بد للإنسان ان يستفيد من هذه الهبة الالهيه، وأن يسعى لاحياء هذه الليلة العظيمة بالعبادة والدعاء والاستغفار والعمل الصالح، وان يحرص على الخروج منها تائبا من ذنوبه كبيرها وصغيرها ، فان التوبة واتخاذ قرار حاسم بترك الذنوب، وتزكية النفس، وفتح صفحة جديدة مع الله، هو من افضل الأعمال في هذه الليلة، لان هذه الليلة هي من أكبر الفرص التي يمنحها الله لعباده لمحو السيئات وغفران الذنوب والحصول على الرحمة الإلهيّة.
انّ شؤون الإنسان ومصيره في سنته القادمة يتمّ تعيينه في ليلة القدر على أساس لياقته وجدارته؛ ولا يمكن ان يحصل الانسان على حقائق ليلة القدر، او أن يكون لائقا وجديرا بما يقدره الله له فيها من خير ورزق ومصير حسن، ان لم ينتهز هذه الفرصة فيقوم بالتوبة والتهجد والتضرع والتوسل وتزكية نفسه والدعاء والاستغفار والبكاء وطرق أبواب الرحمة والمغفرة الإلهية.
البعض قد يقول أنا لا أستطيع ترك بعض الذنوب والمعاصي! فأنا إنسان مؤمن ملتزم وموالي لأهل البيت(ع) ولكن لدي بعض الذنوب ولا أستطيع تركها، مهما تبت عنها رجعت إليها، وكلما تبت وأقلعت عنها رجعت إليها مرة أخرى؟!.
نقول لمن يقول هذا: عليك ان تقوي إرادتك وعزمك، وان تكون حرا وليس اسيراً لشهواتك وأهوائك، أنت لديك إرادة، وشخصيتك انما هي بقوة إرادتك، فلا بد من ان تضغط على نفسك وتروضها وتدربها على الالتزام والتقوى، كما قال أمير المؤمنين(ع) : ”وإنما هي نفسي أروضها بالتقوى“.
لا بد للإنسان ان يكون لديه عزم وتصميم وندم وان يقصد عدم العودة الى الذنب، وان يمسك نفسه عن الوقوع في الحرام، وان يكون قويا في مواجهة الشهوات، والا فان التوبة التي يعود بعدها الانسان إلى الذنب ليست توبة صادقة.
يجب ان تكون التوبة توبة صادقة لا يعود بعدها الانسان إلى ذنب، وهذا ما يعبر عنه القران بالتوبة النصوح، حيث يقول تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا ﴾.
ما معنى التوبة النصوح المقبولة عند الله تعالى ؟
معناها حسب ما ورد في الروايات عن أهل البيت (عليهم السلام): التوبة التي لا يعود فيها التائب إلى الذنب الذي تاب عنه.
فعن أبي بصير قال: قال الامام الصادق في تفسير قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا ﴾ قال : هو الذنب (أي التوبة من الذنوب) الذي لا يعود فيه أبداً ، قلت وأيّنا لم يعد ؟ فقال : يا أبا محمد إن الله يحبُّ من عباده المفتتن التوّاب.
وبناءً على ذلك لو تاب وكان عازما على ترك الذنوب وقاصدا وصادقا في ذلك، ثم رجع الى المعصية نتيجة غفلة او وسوسة او ضعف ، فتقبل توبته مهما كثرة ذنوبه ، لانه كان قاصدا وصادقا في توبته وعدم عودته للذنب ولم يكن يضحك على الله ولكنه عاد ووقع في المعصية نتيجة غفلة وليس عن قصد مسبق، وأما من لم يتب ولم يكن من الاساس قاصدا عدم العودة الى الذنوب، ولم يكن جادا في توبته، وانما كان يستغفر الله لقلقة لسان من دون قصد ترك الذنوب او انه كان يستغفر وهو مستغرق في الذنوب لانه اعتاد على حمل السبحة والاستغفار مجرد عادة ولقلقة لسان، فهذا لم يتب أصلاً ولم يستغفر حقيقة وصدقا، وهو كمن يستهزىء بالله، ولذلك ورد عن جابر ، عن الامام الباقر (عليه السلام) قال : سمعته يقول : التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والمقيم على الذنب وهو مستغفر منه كالمستهزئ.
فالذي يستغفر من الذنب وهو مستغرق في ارتكابه يصبح استغفاره وتوبته كمن يضحك على الله ويستهزىء بالله .، والعياذ بالله.
اما من يستغفر ويتوب توبة نصوحة ويكون قاصدا وعازما على عدم العودة ثم يعود فان الله يقبل توبته واستغفاره فاذا عاد الى الذنب مرة اخرى فان الله يقبل منه توبته الاولى ويفتح له ابواب رحمته من جديد ليتوب من جديد مهما كثرت ذنوبه لان رحمة الله واسعة ومغفرته عظيمة، ومغفرته ورحمته اعظم واوسع من ذنوب العباد، فلا ينبغي للانسان ان ييأس من رحمة الله، وعليه ان يبادر دائما الى التوبة النصوح والصادقة.
وهذا ما اشار اليه الحديث الوارد فيمن يتوب ويرجع للذنب، بالمعنى الذي ذكرناه للتوبة، عن محمد بن مسلم ، عن الامام الباقر (عليه السلام) قال : يا محمد بن مسلم ذنوب المؤمن إذا تاب منها مغفورة له، فليعمل المؤمن لما يستأنف بعد التوبة والمغفرة ، أما والله إنها ليست إلا لأهل الايمان، قلت : فإن عاد بعد التوبة والاستغفار من الذنوب وعاد في التوبة ؟!
فقال : يا محمد بن مسلم، أترى العبد المؤمن يندم على ذنبه ويستغفر منه ويتوب ثم لا يقبل الله توبته ؟.
قلت : فإنه فعل ذلك مراراً ، يذنب ثم يتوب ويستغفر؟ ، فقال : كلما عاد المؤمن بالاستغفار والتوبة عاد الله عليه بالمغفرة، وإن الله غفور رحيم ، يقبل التوبة ويعفو عن السيئات ، فإياك أن تقنط المؤمنين من رحمة الله.
على الانسان من ابواب التوبة والمغفرة والرحمة والدعاء في هذه الليالي الشريفه وان يتوجه الى الله سبحانه وتعالى ليثبتنا ويصبرنا في مواجهة اتحديات الحياة وفي مواجهة الاعداء الذين يتربصون بنا ويعتدونا علينا وعلى بلدنا.
اليوم العدو الصهيوني يواصل عدوانه متجاهلا قرار مجلس الامن الدولي الاخير الذي دعى الى وقف اطلاق النار في شهر رمضان، وفي المقابل تواصل المقاومة تصديها لهذا العدوان بكل عزم واردة وقوة لانها تدرك ان هذا العدو لا يفهم الا بمنطق القوة والمقاومة .
واليوم بالرغم من كل العدوانية والوحشية التي يمارسها العدو في غزة ولبنان فان هذا العدو في مأزق كبير جدا على كل المستويات، فهو لم يستطع حتى الان ان يحسم المعركة، ولا ان يحقق انجازا واضحا فيها نتيجة ثبات وصلابة المقاومة ، وهو يتخبط على المستوى السياسي والعسكري نتيجة التعقيدات الميدانية والسياسية التي يواجهها في الداخل والخارج، كما انه لا يستطيع الخروج من الحرب من دون تحقيق اهدافه المعلنة، لان ذلك سيُشكل له هزيمة كبيرة، اضافة الى انه لا يملك وضوحا عن المستقبل، ولن يتمكن من ترميم الخسائر التي مني بها في هذه المعركة من 7 اكتوبر وحتى الان.
اما في لبنان فمهما حاول العدو التمادي في عدوانه وارتكاب المجازر لن يستطيع ان يصل الى ما يريد، ولن يدفع المقاومة للتراجع عن مساندة غزة .
وإذا كان العدو الصهيوني يعتقد أنه بقتل خيرة مجاهدينا يمكنه ان ينال من عزم وقوة وموقف المقاومة فهو واهم ، فنحن في حزب الله نقوى ونكبر بالشهداء، وشعارنا كان على الدوام ولا يزال (القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة).
نحن نقوى ونكبر بالشهداء لانه في عقيدتنا ليس في دم الشهيد خسارة، الدم ربّيح دائماً، لأن كل شهيد من شهدائنا يمكنه ان يصنع روح الإيثار والتضحية عند العشرات بل المئات بل الآلاف من الناس, ويؤجج فيهم روح المقاومة، شهادة الشهداء تمنح القضية زخماً جديداً, ودفعاً سريعاً, وتطوراً كبيراً, وتدفع المسيرة نحو الانتصار وتحقيق الإنجازات.
ويجب ان يفهم العدو ان التمادي في العدوان على لبنان وارتكاب مجازر بحق المدنيين والمسعفين لن يخرجه من تحت ضربات المقاومة، ولن يعيد المستوطنين إلى المستوطنات في الشمال، ولن يعوض عجزه وفشله في تحقيق اهدافه ، فإسرائيل ستبقى أوهن من بيت العنكبوت مهما علت واستكبرت وتمادت في وحشيتها واجرامها.