أيهما أصعب يا “بيبي” (اسم يطلق على رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو)، ليلة الطوفان في السابع من تشرين الأول/اكتوبر، أم ليلة المغازي في 22 كانون الثاني/يناير؟ سأجيب عنك، فأنت غارقٌ في دموعك الآن، يا لعظيم ألمك.
إنها ليلة المغازي يا بيبي. سأقول لك لماذا. بالرغم من أن يوم الطوفان حصد أرواح قرابة الألف واربعمئة اسرائيلي، إضافة إلى مئات الأسرى، إلا أن الأخير وبحسب مسؤولين أمنيين صهاينة حقق أهدافه استناداً إلى “عنصر المباغتة، إضافة إلى مجموعة إخفاقات أمنية وعسكرية ارتكبتها مخابرات “إسرائيل” وجيشها، منها الفشل في رصد ومراقبة قنوات الاتصال الرئيسية التي تستخدمها الفصائل الفلسطينية والمقاتلون الذين نفذوا الهجمات”. أما ليلة المغازي، فقد كانت بعد أشهر ثلاثة من الإبادة.
هنا يجب أن تسأل نفسك أنت ومن في مجلس الحرب، وربما تسألون أنفسكم كل لحظة: كيف حدث ويحدث ذلك؟ كيف حدث ويحدث ذلك رغم كل ما فعلنا ونفعل منذ أكثر من ثلاثة أشهر، رغم كل هذا الدمار والقتل والحصار ومحاولات بث الرعب في النفوس؟ رغم الدعم الدولي والعالمي غير المسبوق لكل هذا وأكثر، إذ لا خطوط حمراء تعيق مساركم، مصابكم جلل، لا بد من ذلك، لا بأس بقتل الجميع.
كيف حدث ويحدث ذلك؟ كيف تنطلق الصواريخ من الشمال ويخرج المقاتلون من باطن وظاهر الأرض، كل شبر من أرض القطاع، كيف لا زالوا يمتلكون عنصر المباغتة، وصفر المسافة؟
إنها ليلة المغازي يا بيبي. أنت الذي وبعد مئة يوم وأكثر على حربك الوجودية، لا زلت ترتدي قناع القوة والثقة وتخرج إلى مستوطنيك معلناً الاستمرار حتى النهاية.
خُيّل لك بعد السابع من تشرين الأول/اكتوبر بعد ضوء أخضر من نظيرك الأمريكي جو بايدن، أنك ستمحو الكارثة، كأنها لم تكن. وبهذا تلوّح بنصر مبين يكرّسك زعيماً عظيماً لكيان يعيش “تحطم نظرية أن “إسرائيل” تتفوق على كل أعدائها، وكذلك نظرية الردع التي ترتكز على التخويف من القوة الضاربة”. لكن ذلك لم يحدث، قالتها ليلة المغازي، وقلب وزير أمنك القومي ايتمار بن غفير “المنكسر والمحطم”.
لا مفرّ من مرارة الهزيمة يا بيبي. هل تعوّل على جولة ثانية من مئة يوم وأكثر؟ وبعدها أو أثناءها تأتي ليلة ليلاء كليلة المغازي وربما أكثر قتامة، ما الذي يمنع، إن لم يكونوا في ظاهر الأرض فإنهم في باطنها، يخرجون خفافاً، يمتلكون المفاجأة، وصفر المسافة.
اختار الوزير في مجلس حربك بيني غانتس الذي أقرّ بصعوبة الموقف سلوك طريق المواساة إلى “قلوب الاسرائيليين المحطمة”، قائلاً إنه “ثمنٌ باهظ لا بد من دفعه مقابل هذه الحرب”، لا بأس بذلك، لكن المنطق يقول إنه مقابل الأثمان الباهظة انجازات محققة تخفف من ثقلها، ألقها على مسامع مستوطنيك يا بيبي، تحديداً اولئك الذين يصرخون تحت مكان إقامتك في القدس، أين أبناءهم؟ وأين المقاومة التي ستسحق؟ خرج مقاتلوها بعد مئة يوم وأكثر، في المغازي، رافعين شارة النصر، وبتلك الأصابع فقئت عيناك.
المصدر: موقع المنار