أثبت الضربات اليمنية للسفن التابعة للعدو الاسرائيلي أنها أوجعت الكيان ومصالح حلفائه – أمريكا وبريطانيا.. وهو ما دفع بالولايات المتحدة الامريكية بشن عدوان على اليمن، وبحسب بيان البيت الابيض أن عشر دول شاركت في العدوان على اليمن وهي استراليا، وكندا، والدنمارك، وألمانيا، وهولندا، ونيوزيلندا، وكوريا الجنوبية، وبريطانيا والبحرين. في المقابل أعلنت حركة أنصار الله أن هذا العدوان لن يثينهم عن مساندة فلسطين.
تسعير المنطقة!
اذاً عمليات المقاومة اليمنية في البحر الأحمر مستمرة، حتى يُسمح بدخول الغذاء والدواء لأهالي غزة. وهو الموقف اليمني المُعلن لمساندة الشعب الفلسطيني منذ بداية العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة بعد عملية الطوفان في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وكانت السفن ذات الصلة بالعدو الاسرائيلي أو المتجهة نحوها تعرضت إلى هجمات من القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر منذ نهاية العام الماضي، ذلك رداً على الحرب في غزة. مما دفع شركات النقل الملاحي الى تقليص عملياتها التجارية في البحر الاحمر، وهذا كان له انعكاسات على الاسواق، تمثلت بارتفاع تكلفة الشحن وتأمين السلع والخدمات بالاضافة الى ارتفاع أسعار النفط، كما شهدت الجلسات الاخيرة لسوق الطاقة – حتى كتابة المقال – ارتفاعاً بنسبة 2 بالمئة عقب العدوان على اليمن ليسجل السعر 79.03 دولار لبرميل خام برنت وللخام الأميركي 73.58 دولار للبرميل، فهل هذه الارتفاعات فعلاً كما تصورها الصحف الاجنبية ومراقبو الاسواق أم أن هناك حالة من التسعير والاستثمار لما يحصل؟
يجيب في هذا السياق الخبير في الشؤون الاقتصادية والسياسية من لندن لموقع المنار الالكتروني الدكتور محمد حيدر أن هناك من يحاول تسعير المنطقه للاستفادة من نتائج هذا التصعيد خصوصاً شركات النفط العالميه وليس الموردين، بل شركات النفط التي تجد في هكذا أحوال فرصة سانحة لرفع أسعار النفط أو بالاحرى المشتقات النفطية التي تسيطر على انتاجها وتسويقها في العالم دون منافسة، ويشترك في هذا التسعير وسائل اعلامية دولية اصبحت معروفه مثل “بلومبيرغ” و”رويترز” التي تتناول موضوع ارتفاع أسعار النفط بشكل مفرط، علماً أن أسعار النفط مستقرة على مستويات مقبولة من قبل المصدرين للنفط، ولم تتجاوز الـ90 دولار منذ بدء الحرب بين روسيا واكرانيا، وعلى عكس تجار النفط وشركات النفط العالمية التي استفادت بشكل كبير من هكذا فرص وحققوا أرباحاً خيالية في العامين الماضيين بحجج واهيه وهي الحرب وسلاسل الامداد وغيرها. وفي السياق، صرحت أنصارالله أن موقفهم من قضية البحر الاحمر هي قضية دعم للشعب الفلسطيني الذي يقابله تضامن كل أوروبا مع شعب اوكرانيا ضد روسيا، على حد قولهم.
قرار مُسيس سيؤدي إلى إحتكاك عسكري إقتصادي!
منذ بداية العدوان الاسرائيلي بعد عملية الطوفان, والاقتصاد الصهيوني يُسجل أداءً هو الاسوء في تاريخ الكيان. فعامل الامن والاستقرار الذي يعتبر من أساس بنية الاقتصاد غير متوفر، ما يؤثر على كافة النشاطات في الاراضي المحتلة، وزاد الامر تعقيداً بالنسبة للعدو دخول البحر الاحمر في معادلات الحرب ما شكل تهديداً وقلقاً للكيان، وهو ما عبرت عنه مواقع اقتصادية تابعة للعدو الاسرائيلي كنا قد تحدثنا عنها في مقال سابق تحت عنوان “تزايد المخاوف في البحر الاحمر“، هذه المخاوف لا تقتصر على الكيان الاسرائيلي, فاليوم هناك دعوات لعدم تصعيد التوتر في البحر الاحمر لان ذلك يؤثر سلباً على التجارة العالمية، وأمام هذه الدعوات يقوم الاتحاد الاوروبي بنشر مدمرات وطائرات إنذار مبكر في البحر الاحمر، بالاضافة الى قرار مجلس الامن الذي يحمل الرقم 2722 بشأن ضربات المقاومة اليمنية – القرار الذي صاغته الولايات المتحدة الامريكية واليبان الذي اعتمده مجلس الامن بأغلبية 11 عضواً وإمتناع أربعة أعضاء عن التصويت.
ازدواجية وتناقض مجلس الامن وقرارته المُسيسة لن تسثني المقاومة عن الاستمرار بضرباتها هذا المجلس، الذي لم يستطع ادانة العدوان الاسرئيلي على غزة، اليوم من أجل مصالح الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها، أدان ما يقوم به اليمن في البحر الاحمر وطالب بوقف فوري لما يحصل من ضربات تعيق التجارة العالمية وتقوض الحريات الملاحية، وما أسماه السلم والامن الاقليميين.
وفي هذا السياق يقول الدكتور محمد حيدر إن هناك أكثر من 140 قرارا من الامم المتحده بشأن فلسطين وعشرات القرارات بشأن الجولان المحتل او مزارع شبعا في لبنان وغيرها من دول العالم، لكن لا احد يطبق هذه القرارات، ويُضرب بها عرض الحائط.
الى ذلك يضاف قرارات الامم المتحده العاجلة بإصدار قرارات ضد اليمن وانصارالله، لان البحر الاحمر جزء من سيادة اليمن والدول المجاورة. فتدويل هذه القضايا بهذا الشكل هو دعوة صريحه للاستيلاء على هذه الممرات الدولية من قبل من يمرر القرارات في الامم المتحدة، وهذا أمر بدأت كثير من دول العالم برفضه لان سيادة هذه المناطق تخضع للدول المتواجدة عليها. إن إزدواجية هذه الدول وإنصياعها للقانون الدولي التي وضعته هذه الدول لن يجعل من شعوب المنطقة مرتاحه لهذه التصرفات ويمكن ان يؤدي إلى صراع لفترة طويلة. وقد يكون هذا هو الهدف من سلوك هذه الدول بإحلال حالة من عدم الاستقرار في المنطقه لكي يكون مبرراً لتواجدها العسكري وتوسيع نفوذها في هذه الممرات الملاحية المهمة استراتيجياً. الامر سيكون له تداعيات على كل دول العالم فيما يخص عسكرة المنطقة او كإنعكاسات إقتصادية.
إحتكاك دولي على كل المستويات!
تحذيرات ودعوات دولية مختلفة لعدم التصعيد الذي قد يؤدي الى توقف الحركة التجارية العالمية. فالمجتمع الدولي الان في حالة من الصراع الذي يمكن ان يؤدي الى احتكاك على مستويات عده منها على المستوى الاقتصادي او يمكن ان يصل الي حد التصادم العسكري، حيث أصبح واضحاً أن هناك ثنائية قطبية بين الدول الكبرى ويمكن أن يدفع ثمنها صغار الدول أو الدول المتحالفة مع القطبين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بحسب الدكتور حيدر الذي أكد أنه على الغرب أن يعي ويدرك أن شعوب المنطقه بدأت تستيقظ وتعي أن لها حق في سيادة أراضيها دون تدخل من الغير وإلا من سيتدخل بأي حجة واهية عليه أن يستعد لتوسيع رقعة المواجهات ضد الكيان الصهيوني ومصالحه ومصالح من يقدم له العون والمساعدة.
المصدر: موقع المنار