تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم السبت 6-1-2024 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
الاخبار:
السيد نصرالله: قرار الردّ على اغتيال العاروري اتُّخذ وتنفيذه عند أهل الميدان
«لأنّ السكوت عن اغتيال الشيخ صالح العاروري يعني أن كل لبنان والمدن والشخصيات ستُصبِح مكشوفة، وحجم المفاسد المترتّبة عن هذا الخرق هو أكبر من أي مخاطر تأتي من الرد»، حسم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن «الردّ آتٍ والقرار للميدان»، مؤكداً «أننا لن نستخدم عبارة في المكان والزمان المناسبيْن»، في إشارة إلى أن الرد لن يتأخر. وشدّد نصرالله، في الحفل التأبيني الذي أقامه حزب الله بمناسبة رحيل الحاج محمد ياغي (أبو سليم) في بعلبك، على أنه «عندما يكون الاستهداف في لبنان في الضاحية الجنوبية، لا نستطيع أن نسلّم بهذا الخرق الكبير والخطير». وخصّص نصرالله جزءاً كبيراً من كلمته لاستعراض نتائج العمليات التي تنفّذها المقاومة من الجبهة الجنوبية ضد مواقع العدو الصهيوني، مشيراً إلى «ظلم تتعرّض له هذه الجبهة على المستوى الإعلامي». وأوضح أنه «على امتداد أكثر من 100 كلم وما يزيد على 90 يوماً تمّ استهداف كلّ المواقع الحدودية المعادية وعدد كبير من المواقع الخلفية والمستعمرات
ونفّذت المقاومة ما يزيد على 670 عملية، وفي بعض الأيام بلغ عددها 23 عملية يومياً». وأكّد أن نتائج هذه المواجهة القائمة منذ 3 أشهر وهي «قتل وجرح عدد كبير من جنود العدو الذي مارس منذ بداية المعركة تكتماً إعلامياً كبيراً ولا يعترف بقتلاه وجرحاه»، مؤكداً أن الخبراء في كيان العدو «يقولون إن عدد القتلى الحقيقي هو ثلاثة أضعاف ما يعلنه جيش الاحتلال، وإن الإحصاء بحسب مصادر وزارة الصحة الإسرائيلية حتى الآن ما يزيد على 2000 إصابة في جبهة الشمال»، قائلاً: «لو كنتم تعرفون حجم الخسائر البشرية لدى العدو وآلياته لما سمحتم لأنفسكم بالسؤال عن جدوى القتال في الجبهة الشمالية»، مضيفاً: «نفهم أن تكتّم العدو عن خسائره في جبهتنا هو جزء من الحرب النفسية وحتى لا يُحرج أمام مجتمعه لأن ما يجري إذلال حقيقي للكيان».
ومن نتائج القتال التي تحدّث عنها السيد نصرالله على الجبهة الجنوبية «المهجّرون من المستعمرات الشمالية، حيث إننا طيلة الحروب كنا نحن من يتم تهجيرنا، وهذا التهجير سيشكل ضغطاً نفسياً وسياسياً وأمنياً على حكومة العدو إضافة إلى حالة القلق السائدة على جبهة الشمال». أما للذين سألوا عن جدوى فتح الجبهة الجنوبية، فـ«منذ أول يوم قلنا إن هدف هذه الجبهة الضغط على حكومة العدو واستنزافه من أجل وقف العدوان على غزة، والهدف الثاني تخفيف الضغط عن المقاومة في غزة في الوضع الميداني. هذان الهدفان هل يتحققان فعلاً من خلال الجبهة اللبنانية؟ نعم. عندما اضطر العدو أن يأتي بـ 100 ألف جندي نتيجة خشيته من تطورات الجبهة، واليوم هناك معلومات عن فرق وألوية بأكملها على حدودنا، هؤلاء تم حجبهم عن غزة».
نحن أمام فرصة حقيقية لتثبيت معادلة نمنع فيها العدو من اختراق سيادة بلدنا
واعتبر نصرالله أن «بعض اللبنانيين إما جهلة ولم يقرأوا تاريخ لبنان، وإما يتجاهلون، منذ 1948 إسرائيل تهاجم وتقتحم القرى وتعتدي على البيوت وترتكب المجازر، وهي أقامت أول حزام أمني داخل الأراضي اللبنانية».
أما للمستوطنين الذين يطالبون بالحسم مع حزب الله، فأكد أن «هذا خيار خاطئ لكم ولحكومتكم وأول من سيدفع ثمن هذا الخيار الخاطئ هو أنتم. إذا كنتم فعلاً تبحثون عن الحل، الحل هو أن يتوجه مستوطنو الشمال إلى حكومتهم بوقف العدوان على غزة».
وتطرّق السيد نصرالله إلى الكلام الدائر عن طروحات دبلوماسية ومفاوضات، قائلاً إن «الإسرائيلي يثبت معادلات الردع التي أسّست لها المقاومة منذ سنوات طويلة، وهذا يفتح للبنان فرصة أن يتمكن من تحرير بقية أرضه من منطقة الـb1 إلى بقية مزارع شبعا وكل شبر من أرضنا، ونحن أمام فرصة حقيقية لتثبيت معادلة نمنع فيها العدو من اختراق سيادة بلدنا وهي فرصة فتحتها هذه الجبهة من جديد»، مع التشديد على أن «أي كلام أو تفاوض أو حوار لن يكون أو يوصل إلى أي نتيجة إلا بعد وقف العدوان على غزة».
وعلى المستوى الإقليمي، اعتبر نصرالله أن «هناك فرصة تاريخية أمام الحكومة العراقية ومجلس النواب والشعب العراقي ليغادر الأميركيون هؤلاء المحتلون المجرمون القتلة الذين سفكوا دماء العراقيين والسوريين واللبنانيين، وهم الشركاء الكاملون في كل الجرائم التي تُرتكب اليوم في غزة وفلسطين ولبنان». ورأى أن «الموقف اليمني جعل الكثير من الشرائح تعيد النظر في موقفها الداخلي في موقفها من أنصار الله، وسقطت الأقنعة في حرب السنوات التي فُرضت على اليمنيين وكانت حرباً أميركية تنفذها أنظمة عربية. اليوم ثبت اليمن في المعادلات الإقليمية والدولية التي يقف أمامها العالم على رجل ونصف رجل وفضحت الإسرائيلي والأميركي».
وشهد يوم أمس استكمال التشييع لشهداء العدوان الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت. إذ شيّعت حركة «حماس» القائد القسّامي سمير فندي، في مخيم الرشيدية، جنوب صور، كما شيّعت مع الجماعة الإسلامية الشهيد محمد بشاشة، في صيدا.
وشيّع حزب الله الشهيدين «على طريق القدس» هادي علي رضا في بلدة تفاحتا الجنوبية، وعباس حسين ضاهر في بلدة كفررمان الجنوبية.
أفكار هوكشتين لـ«اليوم التالي لبنانياً»: معالجة الحدود البرية وتفعيل التسوية الرئاسية وعودة «توتال» للحفر في البلوكات 8 و9 و10
ابراهيم الأمين
من بين الأشياء الكثيرة التي يجيدها السيد حسن نصرالله، رميه الأحجار الثقيلة في المياه الراكدة. هو قال بشكل عفوي، إنه لا يريد التحدث في الوضع الداخلي اللبناني. حكماً، لم يكن يقصد اعتبار أن الوضع لا يستأهل النقاش. لكنه، كان يردّ على السائلين حول فوائد لبنان من عمليات المقاومة على الحدود، بأن فتح ملفاً تحت عنوان «بركات طوفان الأقصى على لبنان»، قائلاً بأن لبنان أمام فرصة جدية لتحرير ما تبقّى من أراضيه المحتلة. وذهب إلى التسمية المباشرة بالحديث عن نقطة الـB1 البحرية والغجر وصولاً إلى مزارع شبعا المحتلة. لكنه، كان حاسماً أيضاً في القول بأن البحث والتفاوض حول أي أمر رهن توقف الحرب على غزة.كلام السيد نصرالله مقرّر ومدروس، وهدفه الإضاءة على أمور لا يلتفت إليها الجمهور، ولا يهتم بها السياسيون أيضاً. حتى إن بعض الخارج الذي يدّعي الحرص على لبنان، يدرك أن تفاصيل هذا الملف، موجودة حصراً بيد الولايات المتحدة الأميركية، ليس فقط لأنها الطرف الأقدر على ممارسة الضغط على إسرائيل، بل لكون من يرغب بالوصول إلى نتائج، يعطي المهمة لمن بيده الأمر.
بحسب معلومات «الأخبار» فإن الحديث عن «اليوم التالي لبنانياً»، قد بدأ فعلياً، وخصوصاً عند الجانبين الأميركي والإسرائيلي. وهو حديث له صداه في لبنان. وإن كانت الجهات الرسمية اللبنانية ليست اليوم في موقع المفاوض الجدي. وهذا ما دفع الجانب الأميركي لأن يتجه مباشرة صوب الطرف الذي بيده الأمر لبنانياً. وعلى طريقة رجال الأعمال المحبّذة أميركياً، تسعى واشنطن إلى «عقد صفقة» مع حزب الله، من أجل توفير «الضمانات الواضحة التي تريدها إسرائيل لجهة الأمن في مناطقها الشمالية». والفظاظة الأميركية هنا مفيدة أحياناً. بمعنى أن الأميركيين لا يحتاجون إلى اللعب على الكلام عندما يعرضون إتمام صفقة. ولذلك، باشروا دراسة الثمن الذي على إسرائيل أن تدفعه للبنان، مقابل الحصول على الهدوء.
أميركياً، أوكل الرئيس جو بايدن الملف إلى مستشاره لشؤون الطاقة (ولبنان) عاموس هوكشتين. وهو هذه المرة يعمل وحدَه. لأن فريق السفارة في بيروت لا يقدر أن يفيده بشيء. السفيرة السابقة دوروثي شيا سافرت وخليفتها ليزا جونسون، تستعد للقدوم خلال عشرة أيام، وهي مشتاقة إلى هذا البلد الذي عاشت فيه أياماً جميلة، مهنياً وشخصياً أيضاً. وسوف يخرج الكثيرون غداً، دفاتر ذكرياتهم مع الشابة الشقيّة قبل أن ينال منها العمر. وليزا، تعرف الكثير عن لبنان وعن المقاومة، وسوف يكون لها دورها إلى جانب هوكشتين. لكن، إلى أن تنطلق العملية، فإن الرجل أدار وحدَه اتصالات عبر وسيط لبناني كان ينقل الرسائل بينه وبين حزب الله، الذي كان يستمع إلى الكلام المنقول ويجيب بعبارة واحدة: ليوقفوا الحرب على غزة وبعدها لكل حادث حديث!.
المقاومة غير قلقة على ملف السلاح وتحضّر ملفاتها لمنع تكرار تجربة الخطين 23 و29 في البرّ
لم يأخذ هوكشتين وقتاً طويلاً حتى يقتنع بأن لا مجال لأي خطوة ولو بالشكل، قبل توقّف العدوان على غزة. لكنه قرّر إنجاز مهمته على مرحلتين، الأولى نظرية، وتشتمل على فكرة الفرضية التي تقول: «في حال توقفت الحرب على غزة، وصار بالإمكان التحاور حول الوضع على الحدود مع لبنان، فما الذي يمكن القيام به». وهو لم يفعل ذلك مع اللبنانيين فقط، بل هو قال للإسرائيليين صراحة، إنه لا مجال لأي بحث قبل وقف الحرب. ونصحهم بألا يصدّقوا «خبريات الفرنسيين والموظفين الأمميين» لأن هؤلاء «لا يعرفون أي شيء، ويقدّمون أفكارهم على أنها مقترحات صادرة عن الطرف الآخر، ويبحثون عن دور بأي طريقة». وفي جولتين معلنتين من البحث بين هوكشتين والقيادات الإسرائيلية السياسية والأمنية والعسكرية خلص الرجل إلى تحديد أولويات تل أبيب:
أولاً: إنهم يعانون الأمرّين جراء ما يجري على الحدود مع لبنان، وإنهم تحت ضغط كبير جراء النزوح الكبير والكبير جداً، الطوعي منه أكثر من القسري الناجم عن عمليات حزب الله، وإن هناك مشكلات كبيرة تنشأ بفعل ما يحصل، ليس فقط على صعيد ما يطلبه المستوطنون، بل تتجاوز ذلك إلى الآثار الناجمة عن التعثر في النشاط الاقتصادي والسياحي والزراعي في هذه المنطقة.
ثانياً: إن إسرائيل تملك ملفات هائلة بالمعلومات حول ما تسميه الانتشار الكثيف لعناصر حزب الله على طول الحدود، وخصوصاً قوات الرضوان، قبل الحرب وبعدها، وإن اسرائيل تعتبر أن الأمن المثالي يتحقق من خلال إبعاد هؤلاء عن الحدود، وخلق واقع أمني في عمق الحدود اللبنانية يضمن عدم عودتهم.
ثالثاً: إن إسرائيل باتت تعرف أنه لا يمكن مطالبة لبنان بإجراءات من دون أن تبادر هي إلى خطوات تشير إلى التزامها بالقرار 1701، إضافة إلى خشية عادت لتظهر عند قيادة العدو، على منصات الغاز ومستقبل هذا القطاع الذي سيكون عرضة لتهديد حقيقي ما لم يتح للبنان الحصول على حقوقه في مياهه الإقليمية والاقتصادية.
التحرير الكامل والتسوية السياسية
بناءً عليه، جاءت زيارة هوكشتين الأخيرة لتل أبيب، وقد خرج منها بفكرة «معقولة» عن المدى الزمني الذي ستأخذه الحرب الإسرائيلية على غزة من جهة، كذلك عن مدى الاستعداد الإسرائيلي للتجاوب مع الطلبات اللبنانية من جهة ثانية. ويبدو أنه وصل إلى استنتاجات، جعلته «متفائلاً إلى حدود معينة» وفق ما رشح عن اتصالات جرت معه أمس. لكنّ الرجل يلحّ على ضرورة إنجاز التصور الذي يكون مادة لبحث مباشر وسريع ومركّز عند إعلان وقف الحرب مع غزة. وهو يسعى عملياً إلى «ترتيب مقترح قابل للعيش يكون طرحه متوفراً وسريعاً بعد توقف الحرب، بما يسمح بعدم استهلاك وقت طويل قبل الاتفاق عليه».
وفي المقترحات العملانية هناك نقاط أبرزها:
أولاً: معالجة نقاط النزاع على الحدود البرية، الـ13 الرسمية منها أو الـ17 التي هي قيد الإعداد من قبل المعنيين، سواء في الدولة أو المقاومة، علماً أن قيادة حزب الله، لا تريد أن يدخل لبنان في ملف الترسيم البري على خلفية خلافات مهنية، ما أوجب فتح النقاش مع خبراء وقانونيين وطبوغرافيين لوضع تصور متماسك وتفادي الثغرات التي رافقت الترسيم البحري والإشكال الذي ظهر على الخطوط ما بين الخطين 23 و29. ومن الواضح للجانبين الأميركي والإسرائيلي أن البحث يبدأ مع الإقرار بحق لبنان بالنقطة B1 عند رأس الناقورة.
ثانياً: إعداد التصور العملاني، لأجل انسحاب العدو من الجزء اللبناني من خراج بلدة الماري (الغجر) وتسليمها للدولة اللبنانية من دون الحاجة إلى أي ترتيبات مع أي جهة أخرى.
ثالثاً: الطلب إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة «الاستفادة» من الفقرة العاشرة للقرار 1701 التي تنص على أن يقوم الأمين العام للأمم المتحدة بوضع تصور لحل مشكلة مزارع شبعا، وسط رغبة إسرائيلية بأن تكون تحت وصاية القوات الدولية إلى مدى زمني مرهون بمستقبل الصراع مع سوريا. وطلب لبناني واضح، بإقرار العدو والعالم بلبنانية المزارع، ومن ثم تركها للدولة اللبنانية، التي تقرر هي كيفية إدارتها وكيفية معالجة أي نقاط خلاف مع سوريا.
الموفد الأميركي سمع «صراخاً» إسرائيلياً بشأن مستعمرات الشمال واستكشف المدى الزمني للحرب على غزة
رابعاً: بدء الاستماع الأميركي لفكرة بأن الاستقرار السياسي والاقتصادي في لبنان، شرط حيوي لقيام حكم قوي ومتماسك قادر على ممارسة دوره، بما يعفي من البحث عن ضمانات أي جهات خارجية، وأن لبنان يعرف أن المقاومة ليست في وارد البحث حول سلاحها لا الآن ولا بعد توقف الحرب على غزة، بل إن ما حصل، يعزز القناعة لديها ولدى قسم من اللبنانيين بأهمية هذا السلاح. وهذا كلام سمعه هوكشتين نفسه، ولذلك تجنّب هو طوال الوقت ترداد «الهذيان الإسرائيلي والأوروبي» حول ضرورة سحب قوات حزب الله من جنوب نهر الليطاني.
خامساً: إدراك هوكشتين، بأن لبنان بحاجة إلى عناصر تعزز الاستقرار فيه، وهذا أمر له علاقة بمعالجة ملفات عالقة، سياسياً (الملف الرئاسي والحكومي وخلافه)، وأخرى، اقتصادياً (الحصار المالي على لبنان وموضوع النفط والغاز). وعُلم في هذا الإطار، أن هوكشتين نفسه، أبلغ جهات لبنانية مسؤولة، بأن شركة «توتال» الفرنسية سوف تعود لتقوم بأعمال حفر وتنقيب من جديد في البلوك 9، بعد اختيار نقطة حفر جديدة، إضافة إلى العمل في البلوكين 8 و 10. وقد أقر هوكشتين ضمناً، بأن التوقف الذي حصل كان له سببه السياسي.
على أي حال، فإن كلام الأمين العام لحزب الله أمس، حسم الكثير من الجدل القائم في غرف مغلقة أو عبر الإعلام، عن أن الحزب قد يعرقل مساعيَ لتفاهمات حول الترسيم البري خوفاً على سلاحه، وقال لمن يعتريه الشك أو الظن، بأن «السلاح باق وله دوره الدفاعي، بمعزل عما يجري التوصل إليه لاحقاً، وبالتالي، فإن ليس لدى المقاومة أي قلق حول هذا الأمر».
رسائل نصر الله تقيِّد خيارات العدو
لم تتمكّن أجهزة العدو من تجاهل مواقف الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، الأربعاء الماضي، في الذكرى السنوية للشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس. رفع جيش العدو مستوى الجاهزية والاستعداد لمواجهة أي سيناريو، وعكست وسائل الإعلام في عناوينها الرئيسية عن «حال تأهب قصوى» و«جاهزية عالية»، إدراكاً بإمكانية أن تسلك التطورات مساراً مغايراً للتقدير لما كان سائداً قبل الشيخ صالح العاروري ورفاقه. وبما أنّ الإعلام الإسرائيلي جزء من المعركة، يُفهم من هذه العناوين أنّ العدو يوجّه رسالتين: الأولى إلى حزب الله باستعداده للذهاب إلى أقصى الحدود في الرد على أيّ ردّ للحزب، والثانية لطمأنة الجمهور الإسرائيلي الذي «انكوى» بغفلة أجهزته عن توقّع ضربة «طوفان الأقصى» الإستراتيجية التي لن تُحذف من الوجدان الإسرائيلي.أتى اغتيال العاروري ترجمةً لإستراتيجية العدو ضد الساحات والشخصيات التي تدعم المقاومة في غزة، وفي السياق نفسه الذي جاء ضمنه اغتيال القائد في حرس الثورة في سوريا سيد رضي موسوي. كما يتصل بالمرحلة الثالثة (بحسب تسمية جيش العدو) من الحرب التي ترتكز على الاغتيالات. وبهذا المفهوم، فإن ما جرى ليس حدثاً يتيماً، بل حلقة في سلسلة ستطبع هذه المرحلة بعدما اتّضح أنه ليس في الإمكان تدمير قدرات حماس واجتثاثها في قطاع غزة.
في البعد اللبناني، شكّل الاعتداء على الضاحية تجاوزاً للمعادلة التي فرضها حزب الله منذ عام 2006. ولا تنبع الخطورة من الاعتداء نفسه فقط، بل من إمكانية تكراره وتحوّله إلى مسار متواصل. وهنا أهمية رسائل نصر الله، خصوصاً أن تقديرات العدو تستند إلى أنّ حزب الله حريص على تجنّب الحرب، متجاهلاً أن هذا «الحرص» ليس مطلقاً أيّاً يكن ما يقدم عليه العدو، وأن حزب الله سيردّ كما حسم أمينه العام أمس، بما يعيد الكرة إلى تل أبيب وواشنطن معاً، ويضعهما أمام السيناريو الذي حدد نصر الله معالمه، الأربعاء، بأن «الحرب معنا ستكون مكلفةً جداً جداً جداً».
استند اغتيال العاروري ورفاقه إلى رهان على وضع الحزب أمام خيارين: الأول، عدم الرد تجنباً للتدحرج، ما سيفتح الباب أمام التشكيك في معادلات الردع ومحور المقاومة. والثاني، الرد بما يؤدي إلى تدحرج نحو مواجهة تفتح المنطقة على سيناريوهات كبرى تورّط الولايات المتحدة في خيار لا تريده حتى الآن. وفي الموازاة، حاول العدو تعزيز فرص عدم الدفع بحزب الله إلى الرد عبر حصر الهدف بحماس حصراً، وقرن ذلك بأداء سياسي وإعلامي لتأكيد أنّ حزب الله ليس هو المستهدف. لكن نصر الله أحبط هذه السردية بخطابيه هذا الأسبوع، وخصوصاً أمس، حاسماً بأن «الردّ آتٍ لا محالة».
شكّلت رسائل نصر الله إطاراً لتقديرات العدو لدى درس خياراته لمواصلة تجاوز المعادلات
هكذا أطاح حزب الله بهذا الرهان مؤسّساً لتقدير ومسار مختلفين. ولم يكن تأكيد نصر الله أنّ حزب الله ليس خائفاً من الحرب ولا يخشاها تكراراً لحقيقة معروفة، بل كان أمراً مطلوباً في ضوء المتغيّرات التي شهدتها الساحات الفلسطينية واللبنانية والإقليمية. فـ«طوفان الأقصى» أطاح بكثير من المعادلات التي كانت سائدة مع كيان العدو وفي المنطقة. وتحوّلت إسرائيل بموجبه إلى الهجوم بكامل قوتها للحدّ من تداعياته، ما أنتج لدى مؤسسات التقدير والقرار تصوّراً بأن القوى المعادية أصبحت مردوعةً بشكل أو بآخر.
في المقابل، أتت مواقف نصر الله، إلى جانب الأداء العملياتي للحزب على الحدود، لتؤكد أن المتغيرات التي يراهن العدو على أنها ستعيد خلط الحسابات والتقديرات، لم تنجح في تقييد إرادة الرد والدفاع والهجوم متى اقتضى ذلك. وفي السياق نفسه، استهدفت رسائل نصر الله مرحلة ما بعد الاعتداء في الضاحية، انطلاقاً من أنه كلما ارتفعت احتمالات التدحرج إلى حرب واسعة، كلما كانت أكثر تأثيراً في قرارات المؤسّستين السياسية والأمنية في كيان العدو، وكلما أسهمت في كبح اندفاعها في خيار مواصلة هذه السياسة العدوانية. إلى جانب ضرورة إيصال رسالة مباشرة إلى قيادة العدو حول ما سينتج عن رده التصعيدي على أيّ ردّ سيلي اعتداءه الأخير. وهكذا يتّضح أنّ المشهد الذي تشكّل في أعقاب الاعتداء يخالف كلياً تقديرات العدو وما كان يأمله ويسعى إليه.
ولعلّ أهم المواقف التي أعلنها نصر الله، تلك التي بدّدت محاولة العدو استغلال حرص حزب الله على تجنب الحرب انطلاقاً من مصالح وطنية لبنانية، بتأكيده أنه «إذا شُنّت الحرب على لبنان، فإن مُقتضى المصالح الوطنية اللبنانية أن نذهب بالحرب إلى الأخير من دون ضوابط»، في تعبير عن تماهي المصالح الوطنية مع خيار الحرب في مواجهة عدوان إسرائيلي واسع. وهو سيناريو ستكون له في هذه المرحلة تداعياته الخطيرة على مجمل المشهد الإقليمي.
وإذا ما كان لدى أحد توهّم في هذا الاتجاه أو ذاك، فقد بدَّده نصر الله، أمس، عندما بيّن مخاطر عدم الرد على مجمل الساحة اللبنانية كونه سيشجّع العدو على استباحتها. وهكذا يتضح أيضاً أنّ الهدف من الرد هو معاقبة العدو وإعادة تثبيت معادلة الردع التي كانت قائمة، والتي من المؤكد أنها ستصبح أكثر صلابة وستتلاشى معها كل الأوهام والرهانات التي راودت قادة العدو.
بنظرة إجمالية، شكّلت رسائل نصر الله الإطار الذي سيلقي بظلاله على تقديرات العدو لدى درس خياراته لمواصلة تجاوز المعادلات التي كانت حاكمةً على أدائه (الوضع على الحدود أصبح محكوماً بمعادلات مختلفة منذ الثامن من تشرين الأول)، وأيضاً في مواجهة أيّ ردّ مدروس وهادف سينفّذه حزب الله.
قصة التجسّس البريطاني على المقاومة في لبنان
الجيش يسحب ترخيصاً لضابط سابق يحاول التحرّك بصفة صحافي
ثلاثة أشهر مرّت على حرب الإبادة والتهجير في غزّة والضّفة الغربيّة، والموقف الرسمي البريطاني لا يزال مؤيّداً لاستمرار العدوان الإسرائيلي. ولم تعدل الموقف الرسمي كلّ التحركات المعارضة ولا عشرات آلاف الحناجر التي تهتف دفاعاً عن فلسطين في شوارع لندن، ولا بعض الهمسات «العاقلة» داخل أروقة وزارة الخارجية، إذ ظلت الدولة العميقة على موقفها بتغطية المذبحة الإسرائيلية بحقّ الفلسطينيين.وفيما يحاجّ بعض الساسة البريطانيين، بأن اختيار ديفيد كاميرون وزيراً للخارجية، يصبّ في سياق تعديل تدريجي للموقف البريطاني من العدوان، فإن مواقف كاميرون الأخيرة، تنسف أي تفاؤل بتحوّل ملموس. وقال لجريدة «كورييري ديلا سيرا» الإيطالية، إنه «لا يمكن أن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار وإحلال حل الدولتين، فهما غير متوافقين بشكل متبادل». هذا الموقف، جاء تعقيباً على مقاله المشترك مع وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في صحيفة «صنداي تايمز»، حيث أصرّا على رفض وقف إطلاق النار الفوري، وبدل ذلك منح إسرائيل الوقت للقضاء على حركة حماس والوصول إلى «وقف إطلاق نار مستدام».
إشارة سلبية أخرى، هي ما كشفت عن دور رئيس الحكومة السابق طوني بلير، صاحب السجلّ الأسود في قتل العراقيين، في تبنّي المشروع الإسرائيلي بتهجير أبناء قطاع غزة، ما دفع لندن إلى إصدار موقف توضيحي يعتبر غزّة أرضاً فلسطينية ويرفض الحديث عن تهجير السّكان. ويحصل كل ذلك في ظل استعداد بريطانيا للدخول في سباق الانتخابات البرلمانية هذه السنة، وسط تنافس حادّ بين المحافظين وحزب العمّال في الملفات الاقتصادية ومنافسة على التشدّد في ملفّ الهجرة واللجوء. وتبدو الأجندة البريطانية مثقلة بالهموم الخارجية، من الحرب في أوكرانيا والتطورات في البلقان، إلى التوتّرات في أميركا اللاتينية، والاهتمام المستمرّ بمنطقة المحيط الهادئ، مع سعي واضح إلى ترميم العلاقات مع الاتحاد الأوروبي. وربّما تكون هذه هي مهمة كاميرون، من غير اكتراثٍ حقيقي لما يحدث على الضفاف الشرقية للمتوسط.
مراقبة سلاح المقاومة
«الإهمال السلبي» الدبلوماسي والسياسي البريطاني للحرب على غزّة، يقابله تورّط عسكري وأمني، إذ تستمر وسائل الإعلام البريطانية، في كشف أدوار أمنية وعسكرية في دعم جيش الاحتلال الإسرائيلي في الحرب على غزّة، بعضها حقيقي وبعضها مبالغ به. كما تزداد المعلومات في لبنان، عن نشاط تقوم به المخابرات العسكرية البريطانية، أو ما يُعرف بالاستخبارات الدفاعية (ID)، للتجسس على المقاومتين اللبنانية والفلسطينية. صحيفة «ذا تايمز» كشفت مثلاً بداية الشهر الماضي، أن الطائرات البريطانية تجوب سماء العراق وسوريا بحثاً عن إمدادات الأسلحة لحزب الله ومجموعات مسلّحة أخرى، بهدف إحباط عمليات التسليح، مع دور واضح للاستخبارات الدفاعية البريطانية، التي تُعنى عادةً بمهام الاستعلام العسكري وتتبع لوزارة الدفاع.
وكذلك كشفت مصادر عسكرية لبنانية لـ«الأخبار»، عن أن المخابرات العسكرية البريطانية تحاول الاستفادة من البنية التحتية التي تم إنشاؤها على الحدود اللبنانية ـ السورية من الأبراج وأجهزة المراقبة، لجمع المعلومات عن أي عمليات تهريب للأسلحة عبر الحدود اللبنانية لصالح المقاومة. وقالت المصادر لـ«الأخبار» إن البريطانيين علّقوا صوراً للأسلحة السورية والإيرانية والروسية التي من المحتمل أن يتمّ نقلها على الحدود إلى لبنان داخل أبراج المراقبة، لكي يتمكّن الجنود اللبنانيون من تشخيصها وضبطها!
مخابرات بلباس صحافي
حادثة لافتة أخرى، تثير الريبة في الأوساط العسكرية والأمنية، حول دور عسكري بريطاني في لبنان يتعدّى ما يعلنه البريطانيون عن تدريب الجيش اللبناني أو الحاجة إلى وضع خطّة إخلاء للمواطنين البريطانيين في حال اندلاع حرب واسعة في البلاد أو المنطقة، إذ علمت «الأخبار» أن الجيش اللبناني أوقف منح تصريح دخول إلى الجنوب لأحد الضّباط البريطانيين السابقين، بعدما جرى الاشتباه بأن الأخير يحاول الدخول إلى الجنوب بهدف جمع المعلومات عن حزب الله والنشاط العسكري لحركة «حماس»، من ضمن فريق شبكة «سي. أن. أن.» الأميركية. وكان سبق للضابط «واين غ.»، أن عمل لسنوات ضمن الفريق العسكري البريطاني المكلّف بتدريب أفواج الحدود البرية الأربعة في الجيش اللبناني، وتزوّج بسيّدة لبنانية، قبل أن ينتقل إلى أوكرانيا ضمن فريق تابع لـ«سي. أن. أن.» حيث عمل بشكل لصيق إلى جانب القوات الأوكرانية. وبعد عملية 7 أكتوبر مباشرة، انتقل إلى لبنان ليلتحق بفريق «سي. أن. أن.» في بيروت. وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن واين حاول أيضاً الحصول على ترخيص عبر فريق عمل قناة «بي. بي. سي» في بيروت.
ولم تحسم الجهات العسكرية اللبنانية إن كان واين، يعمل لحساب المخابرات العسكرية البريطانية، أم لحساب شركة أمنية لديها نشاط واسع في فلسطين المحتلة وتعمل أيضاً بشكل لصيق بالتنسيق مع الاحتلال الإسرائيلي على تأمين الأمن لمجموعات من الصحافيين الغربيين، بعضهم يدخل إلى غزّة مع قوات الاحتلال.
تتخبّط لندن في مقاربتها من تغطيتها للعدوان إلى فضيحة بلير إلى دور كاميرون السلبي
«الأخبار» حاولت الاتصال بمكاتب «سي. أن. أن.» في بيروت، ومكتب أخبار القناة في لندن للحصول على أجوبة عن نشاط واين وسبب رفض الجيش اللبناني تجديد الترخيص له، من دون جدوى، بعدما تبيّن أن فريق عمل القناة لا يزال في عطلة العام الجديد.
من جهتها، رفضت مصادر رسمية عسكرية في الجيش اللبناني التوضيح أكثر حول أسباب عدم تجديد تصريح العمل للضابط البريطاني السابق، مشيرةً إلى أن «لدى الجيش أسبابه لرفض أو منح أي فرد أجنبي تصريحاً أمنياً للدخول إلى الجنوب، وليس مضطراً للتوضيح». ولفتت المصادر إلى أن «الدول عندما ترفض منح الأجانب تأشيرات السفر ترفض أيضاً توضيح الأسباب وتكتفي بإبلاغ قرارها إلى صاحب الشأن».
بدورها، لم تعلّق مصادر السفارة البريطانية في بيروت على استفسارات «الأخبار» حول قضيّة واين، ولا حول النشاط العسكري أو الأمني البريطاني في لبنان. إلّا أن مصادر مقرّبة من السفارة، أكّدت لـ«الأخبار» أن «بريطانيا تساعد الجيش اللبناني على الحد من عمليات تهريب الأسلحة على الحدود اللبنانية السورية وهي ساهمت وتساهم في بناء أفواج الحدود البرية والبنية التحتية. وهذه المهمة هي من صلب مهام دعم الجيش البريطاني للجيش اللبناني»، كما أكّدت أن «الأبراج والبنية التحتيّة على الحدود هي في عهدة الجيش اللبناني ولا سلطة للبريطانيين عليها».
خطّ تل أبيب – بيروت «شغّال»!
في انتهاك متكرر لبروتوكولات الطيران في لبنان، سجّل موقع IntelSky الذي يرصد حركة الطيران، هبوط طائرة بريطانية من طراز إيرباص (A400M Atlas، مسجلة باسم ZM416 وتحمل علامة النداء RRR4986)، في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، أمس، قادمة مباشرة من تل أبيب. ويعدّ هبوط الطائرة خرقاً للسيادة اللبنانية ولسياسة لبنان برفض استقبال الطائرات التي تأتي من كيان العدو مباشرة من دون الهبوط في دولة ثالثة. ومنذ 7 تشرين الأول الماضي، تُسجّل حركة نشطة ومشبوهة للطائرات العسكريّة الأجنبيّة التي تقوم برحلات بين مطار بيروت وقاعدة حامات الجوية التابعة للجيش اللبناني، وبين قواعد عسكرية في المنطقة، من بينها مطار تل أبيب، ما يثير أسئلة حول الأهداف من وراء هذه الرحلات وطبيعة حمولاتها، فيما يطبق الصمت على الجهات الرسمية والأمنية اللبنانية، باستثناء بيان يتيم للجيش في العاشر من تشرين الثاني الماضي، أشار إلى أن «جزءاً من هذه الحركة روتيني لنقل المساعدات العسكرية إلى الجيش»، فيما لم تُعرف ماهيّة الجزء الثاني.
اللواء:
جردة حساب ميدانية لحزب الله.. وتل أبيب تتحدث عن ساعة الصفر!
بري على خط إبعاد تسونامي النفايات.. وتعيينات المجلس العسكري رهن اتفاق سليم وعون
انقضى الاسبوع الاول من الشهر الاول في السنة الجديدة على الحرب التي باتت بحكم المفتوحة في الجنوب، عطفاً على حرب غزة التي اعلنتها تل ابيب في 7 ت1 الماضي، والتي حوّلت القطاع الى دمار وخراب، ولم يبقَ فيه الا صمود اهله، وقدرة مقاومته على مطاردة جنود الاحتلال وضباطه في طول قطاع غزة وعرضه من شماله الى جنوبه.
ومع هذه الحرب في عناوينها الكبرى، الآخذة في التبلور، تتراجع الاهتمامات بالملفات المحلية، باستثناء ما هو داهم منها، كملف النفايات، او استحقاقات المتقاعدين والموظفين، وسوى ذلك من الخلافات المالية بين الحكومة ولجنة المال النيابية، مع تسجيل تطور ايجابي، تربوياً، باعلان المدارس الكاثوليكية العودة الى التدريس مع انتهاء العطلة المدرسية الاثنين المقبل.
وفي ما يشبه جردة حسابات حول العمليات المستمرة منذ ثلاثة اشهر، وعلى امتداد جبهة واكثر من 100 كلم، كشف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن خسائر الاحتلال، والنتائج التي تحققت لجهة جعل تحرير الارض الجنوبية من المحتلة، ممكنا من النقطة «OMEB» حتى الغجر ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
وقال: لبنان امام فرصة تاريخية للتحرير وتثبيت معادلة تمنع الاحتلال من اختراق سيادته.
وحول القرار 1701 أوضح الامين العام لحزب الله، ان اي كلام او تفاوض على هذا الصعيد لن يتم الا بعد وقف العدوان على غزة، فالكلمة الآن للميدان وبعدها لكل حادث حديث..
واكد السيد نصر الله انه لا يمكن السكوت عن اغتيال القيادي صالح العاروري في قلب الضاحية لان «هذا يعني ان لبنان سيصبح مكشوفا، وان الرد آتٍ» حتما وقطعا، ولن يكون بلا رد او عقاب.
ومن امكانية تحرير ما تبقى من ارض محتلة في الجنوب اعتبر نصر الله ان من بركات التضامن مع غزة، ان هناك فرصة تاريخية لتغادر قوى التحالف الدولي العراق.. مشيرا الى انه من باب المندب اصبح اليمن جزءاً من المعادلة الدولية..
وفي الوضع الميداني على الحدود قال نصرالله « على امتداد أكثر من 100 كلم وما يزيد عن 90 يومًا تمّ استهداف كلّ المواقع الحدودية المعادية وعدد كبير من المواقع الخلفية والمستعمرات ردًا على الاعتداءات على المدنيين.
تابع: حزب الله نفّذ ما يزيد على 670 عمليةً في خلال 3 أشهر وتم إستهداف 48 موقعاً حدودياً أكثر من مرة. اردف: في كيان العدو الخبراء يقولون إن عدد القتلى الحقيقي هو ثلاثة أضعاف ما يعلنه الجيش وهو مجبور على التكتّم لكي لا يذهب الى حرب يعرف أنها صعبة جداً.
اضاف: من سأل عن الفائدة لفتح الجبهة الجنوبية أقول أن هدف هذه الجبهة امران الاول الضغط على حكومة العدو من أجل وقف العدوان على غزة كما حصل في باقي الجبهات منها العراق واليمن والهدف الثاني تخفيف الضغط عن المقاومة في غزة ميدانياً، كاشفا الى انه عندما «اضطر العدو الى سحب الفرق في الأعياد جاء بفرق من غزة وليس من الجبهة الشمالية».
وقرأت مصادر سياسية في الاطلالة التلفزيونية الثانية للامين العام لحزب الله للسيد حسن نصرالله خلال ثلاثة أيام فقط، مطالعة دفاعية لتفرد الحزب باشعال الحدود اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل، تحت عناوين التضامن مع غزّة واشغال قسم كبير من قوات الاحتلال الاسرائيلي عن المشاركة بالحرب ضد الشعب الفلسطيني، وتهجير سكان المستوطنات الإسرائيليين الى خارج المنطقة، مفندا حجم الخسائر التي تسبب بها تدخل الحزب العسكري بالأرقام والوقائع التي يخفي معظمها العدو الاسرائيلي حسب قوله، وفي المقابل تجاهل نصر الله وجود الدولة اللبنانية بالكامل، او اراء معظم الشعب اللبناني الرافض لهذه العملية الخطيرة وتداعياتها المأساوية التي تسببت بها، لجهة الخسائر الكبيرة بأرواح المقاومين الذين استشهدوا جراء الاشتباكات الدائرة مع قوات الاحتلال الاسرائيلي، او الخسائر بصفوف المدنيين وتهجير قسم كبير منهم من مساكنهم واراضهيم والضرر التي تسببت بها القنابل الفسفورية بالبساتين والإحراج والممتلكات، والدورة الاقتصادية والمالية بالبلاد عموما.
ووصفت المصادر كلام الامين العام لحزب الله حاول، ان الرد على جريمة اغتيال القيادي في حركة حماس صالح العاروري ورفيقيه لن تمر وستكون بالميدان، بالعبارة المطاطة التي تخرج عن السياق التقليدي لدول محور الممانعة، بالرد في المكان والزمان المناسبين، وتحمل في طياتها اكثر من تفسير، وان كانت بمجملها تصب في خانة استيعاب تداعيات الجريمة وتهدئة مشاعر متهورة واستيعاب منتقدي الاختراق الامني الاسرائيلي للمربع الامني للحزب، باعتبار ان امكانيات الرد الفوري محدودة او غير ممكنة حاليا.
واعتبرت المصادر ان خلاصة قول نصرالله ان مايحصل يشكل فرصة تاريخية لتحرير كل شبر من الاراضي اللبنانية المحتلة ووقف التدخلات والتهديدات الإسرائيلية ضد لبنان، بأنه يفتح باب المفاوضات السلمية مع إسرائيل بعد بلوغ الوضع الحائط المسدود بالاشتباكات الدائرة مع قوات الاحتلال الاسرائيلي، ويشكل محاولة لاستيعاب نقمة الرافضين للمواجهة العسكرية مع إسرائيل والتخفيف من حدة التهديدات الإسرائيلية بانزلاق الوضع نحو حرب شاملة ،في حين يعلم القاصي والداني ان لبنان تبلغ خلال الزيارة الاخيرة للمستشار الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين، مقترحات إسرائيلية لحل مشكلة النقاط المختلف عليها لترسيم الحدود، باستثناء النقطة b1 على رأس الناقورة التي ماتزال تعترض التوصل إلى اتفاق شامل للترسيم.
وإزاء المواقف المعلنة ارجأ اموس هوكشتاين زيارته الى بيروت.
جدول بوريل
والوضع برمته، سياسياً وجنوبياً، وعلى مستوى المنطقة، سيكون على جدول محادثات بعثة الاتحاد الاوروبي الى لبنان برئاسة جوزيب بوريل، والمقررة بين 5ك2 و7ك2 (امس الجمعة الى الاحد).
واعلنت البعثة ان بوريل سيلتقي «رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب وقائد الجيش العماد جوزاف عون. وسيجتمع أيضاً مع قائد قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) اللواء أرولدو لاثارو». وأوضحت أن الزيارة «ستشكل مناسبة لمناقشة جميع جوانب الوضع في غزة وحولها، بما في ذلك تأثيره على المنطقة، ولاسيما الوضع على الحدود الجنوبية، فضلاً عن أهمية تجنب التصعيد الإقليمي واستمرار تدفق المساعدات الإنسانية إلى المدنيين، والتي رفعها الاتحاد الأوروبي أربع مرات لتصل إلى 100 مليون يورو».
وقالت: «سيعيد الممثل الأعلى التأكيد على ضرورة دفع الجهود الدبلوماسية مع المسؤولين الإقليميين بغية تهيئة الظروف للتوصل إلى سلام عادل ودائم بين إسرائيل وفلسطين وفي المنطقة».
المجلس العسكري تفاهم بين سليم وعون
سياسياً، أوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن الاتصالات التي تنطلق بهدف بت تعيينات المجلس العسكري ورئيس الأركان في الجيش اللبناني داخل الحكومة ليس مضمونا أنها ستتمكن من النجاح في حسم الملف لاسيما أن هذه التعيينات وفق ما هو متعارف عليه في القانون تحتاج إلى تفاهم بين وزير الدفاع وقائد الجيش، فضلا عن أن إشكالية حسم مجلس الوزراء الذي يصرف الأعمال تعيينات أمنية أو غيرها. ورأت هذه المصادر أنه بغض النظر عن تصنيفها بين الأهمية أو الأكثر اهمية فإن بعض الأفرقاء لاسيما الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يوفد نوابه من أجل التواصل مع المعنيين وتحريك الملف انطلاقا من ضرورته، مشيرة إلى أن خطوة التمديد لقائد الجيش والتي جنبت خضة في المؤسسة العسكرية يراهن عليها أن تنسحب في توافق غالبية الأفرقاء على التعيين.
وأعلنت أنه لا بد من التأكد من موقف التيار الوطني الحر الذي سبق ونقل عنه عدم ممانعته في التعيين إنما قبل التمديد لقائد الجيش.
تعديلات الموازنة في بكركي
والوضع المالي، حضر بين البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ورئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان، فضلا عن التعثر في انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وقال كنعان بعد اللقاء: «هناك كارثة كانت محالة الى مجلس النواب، باجماع كل اللبنانيين، وكنا أمام خيارين، اما تركها تنفجر فينا، أو نحاول تعطيلها، لجهة تعديلها. وهو ما حصل من خلال تعديلات بنيوية وجوهرية، ليست مثالية بالطبع، ولن تكون بديلاً عن الرؤية الاقتصادية الغائبة في مشروع الحكومة، ولكنها على الأقل، عدّلت الزيادات والغرامات والضرائب والرسوم التي كانت ستضرب المواطن مباشرة في هذا الوضع الاقتصادي السيىء».
بري على خط احتواء ازمة بيئية
بيئياً، دخل الرئيس نبيه بري، بطلب من اللقاء الديمقراطي على خط السعي لدى اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية لارجاء العمل او العودة عن قرار الاتحاد بـ «وقف العمل بقرار مجلس الوزراء بجمع النفايات الصلبة المنزلية من اقضية عاليه والشوف وبعبدا وقسم من بيروت، لتعذر البدائل لدى البلديات للاسباب المالية المعروفة..
ويتابع الموضوع اليوم في اجتماع يعقد في مكتب وزير البيئة لوضع خطة مرحلية وثابتة طويلة، الامد، حسب تعبير النائب اكرم شهيب بعدلقاء عين التينة..
وكشف شهيب ان بري لبى التمني حتى لا يغرق البلد في النفايات في ظرف بالغ الصعوبة.
إتفاق الهيئات والعمال
توصلت الهيئات الاقتصادية الى اتفاق خلال لقاء جمع الامين العام للهيئات الاقتصادية محمد شقير والاتحاد العمالي العام برئاسة بشارة الاسمر مساء أمس، في ما خص الأجور وبدل النقل، قضى الاتفاق:- رفع بدل النقل من 250 ألف ليرة الى 450 الف ليرة كل يوم عمل أسوة بالقطاع العام.-
البحث في موضوع الأجور في فترة لاحقة.وأوضح البيان ان «البحث في موضوع الأجور في فترة لاحقة يأتي على خلفية التداعيات الإقتصادية السلبية والخسائر التي تكبدتها المؤسسات نتيجة حرب غزة والأحداث في جنوب لبنان وعدم قدرتها على تحمل اي أعباء إضافية، مشيراً الى أن هذا الموضوع سيتم مناقشته في وقت لاحق بعد استتباب الأوضاع وعودة النشاط الإقتصادي الى وضعه الطبيعي السابق لحرب غزة.وأعلن الطرفان استمرار التواصل والتشاور لمواكبة الأوضاع وإتخاذ المواقف المناسبة لتدعيم الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية. واتفق الطرفان على وضع وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم في جو الاتفاق ليأخذ الموضوع مساره القانوني».
الوضع الميداني
ميدانياً، لم يتوقف العدوان الاسرائيلي على القرى والبلدات اللبنانية حيث واصل استهداف المنازل بشكل تصعيدي ادى الى تدمير الكثير من المنازل والاضرار الاخرى، وردت المقاومة باستهداف مواقعه كافة وتحقيق اصابات مباشرة، كما شيعت شهداءها الذين سقطوا بفعل العدوان في اليومين الماضيين.
واستهدف القصف المدفعي الإسرائيلي المعادي صباح امسبلدة عيترون وأطراف بلدة يارون.
كماشنت الطائرات الحربية الاسرائيلية المعادية غارتين بين بلدتي شيحين ومجدل زون.
بدورها، واصلت المقاومة استهداف جنود الاحتلال، في موقع المرج عند الحدود الجنوبية.
واعلنت المقاومة الاسلامية مساء استهداف بركة ريشا بصواريخ بركان، وحققت اصابات مباشرة.
واعتبر وزير الدفاع غالانت خلال زيارة الجهة الجنوبية ان اسرائيل تعطل الحل السياسي على العسكريين ولكن ساعة الصفر باتت تقترب.
البناء:
القوات الأميركية في العراق على الطاولة: الحكومة تبدأ جدولة الانسحاب
السيد نصرالله: الرد ضرورة حتمية لحماية لبنان وإعادة العمل بقواعد الردع
بركات وطنية لنصرة غزة على لبنان والعراق واليمن: إلى تحرير مزارع شبعا
كتب المحرر السياسي
دخلت التداعيات الإقليمية لحرب غزة على المشهد وتصدّرت، بعد الانتقال الأميركي الإسرائيلي الى مرحلة جديدة من الحرب عنوانها الاغتيالات والتفجيرات، من إيران الى العراق الى لبنان، وصار الرد على الاستهداف يستدعي، كما قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ردّ الاعتبار لقواعد الردع، لأن الصمت يعني ترك الساحة مكشوفة أمام الاستهداف، مؤكداً أن الرد على اغتيال الشيخ صالح العاروري حتمي وأن الأمر أصبح بيد الميدان وأن القرار اتخذ وذهب للتنفيذ، على قاعدة أن كلفة الردّ مهما كانت درجة المخاطرة تبقى أقل من كلفة السكوت عن هذا الانتهاك الخطير.
في المشهد الإقليميّ بين التطورات في المشهد العراقي وكلام السيد نصرالله يبدو واضحاً أن مصير القوات الأميركية في العراق قد صار فوق الطاولة، وأن الحكومة العراقية كما قال رئيسها محمد شياع السوداني دخلت في إجراءات جدولة الانسحاب الأميركي، فيما المقاومة العراقية تواصل عملياتها وتصعّد وتيرتها على قاعدة أن زمن الاحتلال انتهى منذ اغتيال القائدين قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس على أرض العراق وقد حان موعد التنفيذ.
في كلمة السيد نصرالله مفاتيح كثيرة لرؤية قوى محور المقاومة لمشهد المنطقة في ضوء معادلات طوفان الأقصى وما بعده، وصفها السيد نصرالله ببركات نصرة غزة، شارحاً فعالية ما قدّمته المقاومة على جبهة لبنان، لكن مستخلصاً أن المقاومة كانت تتحرك على الجبهة وفي تفكيرها منع الاحتلال من الاستفراد بغزة ثم الاستدارة نحو لبنان، ولذلك من بركات نصرة غزة سوف تنشأ فرصة تاريخية نادرة لتحرير كل الأراضي اللبنانية المحتلة من نقطة رأس الناقورة إلى مرتفعات مزارع شبعا، ومثلها بركات لليمن بحجز مقعد له بين الدول الإقليمية الفاعلة، ودور في أمن الملاحة في البحر الأحمر، ومثلها للعراق بإنهاء الاحتلال الأميركي، الذي ستنال بركاته سورية بإنهاء الاحتلال في شرق سورية وفتح مسار تعافيها.
وأكد السيد نصر الله، أن المعركة التي تخوضها المقاومة على الحدود الجنوبية وعملياتها التي تستهدف جيش العدو الصهيوني على امتداد الحدود مع فلسطين المحتلة تثبّت معادلات الردع مع العدو الصهيوني.
وخلال الحفل التأبيني الذي أقامه حزب الله بمناسبة رحيل فقيد الجهاد والمقاومة الحاج محمد ياغي (أبو سليم) في حسينية السيدة خولة (ع) في بعلبك، اعتبر السيد نصرالله أننا اليوم في لبنان أمام فرصة تاريخية للتحرير الكامل لكل شبر من أرضنا المحتلة، وأمام فرصة لتثبيت معادلة تمنع العدو من اختراق سيادة بلدنا وهذه الفرصة فتحتها الجبهة اللبنانية من جديد.
وأكد أن الميدان هو الذي سيردّ على العدوان الصهيونيّ الأخير على الضاحية الجنوبية لبيروت واغتيال الشهيد صالح العاروري ورفاقه، وأن هذا الردّ آتٍ حتمًا ولا نستطيع أن نسكت عن خرق بهذه الخطورة، لأن هذا يعني أن كل لبنان والمدن والشخصيّات ستصبح مكشوفة.
ولفت السيد نصر الله إلى أنه “في المرحلة الثانية هرب جنود العدو الى المستعمرات الخالية من السكان والى محيط المواقع خوفًا من فصائل المقاومة وهجومها على بعض المواقع”. وقال “نحن نحصل على معلومات جيّدة ودقيقة وصور وأفلام بخصوص تموضعات وتجمّعات العدو، وتمّ تدمير عدد كبير من الدبابات والآليات التابعة للعدو واليوم الضباط والجنود مختبئون”، لافتًا إلى أن “العدو حاول الاستعاضة عن خسائره الفنية بالمُسيّرات وطائراته الاستطلاعية، وأنه مارس تكتّمًا إعلاميًا شديدًا إزاء قتلاه وجرحاه”.
وأشار إلى أنهم في كيان العدو الخبراء يقولون إن عدد القتلى الحقيقيّ هو ثلاثة أضعاف ما يعلنه جيش الاحتلال، وأن الإحصاء بحسب مصادر وزارة الصحة الاسرائيلية حتى الآن ما يزيد عن 2000 إصابة في جبهة الشمال، وقال “لو كنتم تعرفون حجم الخسائر البشرية لدى العدو وآلياته لما سمحتم لأنفسكم عن جدوى القتال في الجبهة الشمالية”، وأضاف “نفهم أن تكتّم العدو عن خسائره في جبهتنا هو جزء من الحرب النفسيّة وحتى لا يُحرج أمام مجتمعه لأن ما يجري إذلال حقيقي للكيان”.
ولفت إلى أن من نتائج القتال على الجبهة الجنوبية المهجّرون من المستعمرات الشمالية، طيلة الحروب كنا نحن من يتمّ تهجيرنا، هذا التهجير سوف يشكل ضغطاً نفسياً وسياسياً وأمنياً على حكومة العدو إضافة إلى حالة القلق السائدة على جبهة الشمال.
وللذين سألوا عن الجدوى والفائدة من فتح الجبهة الشمالية، قال نصرالله: “منذ أول يوم قلنا إن هدف هذه الجبهة الضغط على حكومة العدو واستنزاف العدو من أجل وقف العدوان على غزة. والهدف الثاني تخفيف الضغط عن المقاومة في غزة في الوضع الميداني.. هذان الهدفان هل يتحققان فعلاً من خلال الجبهة اللبنانية؟ نعم.. عندما اضطر العدو نتيجة خشـيته من تطورات الجبهة من الذهاب إلى حرب شاملة، اضطر أن يأتي بـ 100 ألف جندي، اليوم معلومات عن فرق وألوية بأكملها على حدودنا، هؤلاء تم حجبهم عن غزة”.
وتساءل السيد نصر الله “نفس ما يجري في الجبهة الشمالية وهذا العدد من القتلى والجرحى وتدمير آلياته ومهجّريه ألا يشكل ضغطًا على حكومة العدو؟”. وقال “بعض اللبنانيين إما جهلة ولم يقرأوا تاريخ لبنان، وإما يتجاهلون، من 1948 “اسرائيل” تهاجم وتقتحم القرى وتعتدي على البيوت وترتكب المجازر، وهم أقاموا أول حزام أمني داخل الأراضي اللبنانية.. أقرؤوا التاريخ، يبدو حتى بالمدرسة لم يدرسوا، دائمًا كان أهل الجنوب هم الذين يُهجّرون، هذا له قيمة معنوية سياسية وأمنية عالية.. دائمًا كان الشريط الأمني لدينا، لكنه اليوم هو حزام أمنيّ داخل الكيان في الشمال بعمق 3 كلم وفي بعض المناطق بعمق 7 كلم”.
وأضاف “أقول للمستوطنين الذين يطالبون بالحسم مع حزب الله، هذا خيار خاطئ لكم ولحكومتكم وأول من سيدفع ثمن هذا الخيار الخاطئ هو أنتم.. إذا كنتم فعلاً تبحثون عن الحل، الحل هو أن يتوجه مستوطنو الشمال لحكومتهم بوقف العدوان على غزة، وأي خيار آخر لن يجلب لمستوطني الشمال إلا المزيد من التهجير والأثمان الباهظة”.
وعلّق السيد نصر الله على كلام لرئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو بشأن خيمة المقاومة الشهيرة عند الحدود، وقال لنتنياهو “حدّثني عن 48 موقعًا حدوديًا يدمّر، و11 موقعًا خلفيًا يدمّر و17 مستوطنة هوجمت وعن 50 نقطة حدودية، وعن جنودك المختبئين كالفئران، هل المقاومة التي تقوم بهذا الحجم من العمليات كل يوم هي مقاومة مردوعة؟ الخيمة باتت من الماضي اليوم هناك حرب حقيقيّة على الحدود”.
كما لفت السيد نصر الله إلى أن “من بركات قيام المقاومة الإسلامية في العراق بفتح جبهتها نصرة لغزة أن العراق اليوم أمام فرصة تاريخية للتخلص من الاحتلال الأميركي ومن هذا الكذب والزيف والتضليل الأميركي. وشدّد على أن اليمن اليوم يزداد عزًا في العالم العربي والإسلامي، وأن خروج الشعب اليمني في مظاهرات وجّه رسالة يجب أن تفهمها كل الإدارة الأميركية وكل من يهددون اليمن، بأنهم لا يواجهون حكومة ولا دولة ولا جيشاً اسمه أنصار الله، بل هم يواجهون عشرات الملايين من الشعب اليمني الذي كل تاريخه إلحاق الهزائم بالمحتلين”.
وبيّن أن “الأميركيين يُشَغّلون “داعش” في إيران ثم يقولون لا علاقة لنا بتفجير كرمان، صنيعتكم هي التي ارتكبته، مَن الذي يفعّل “داعش” اليوم في سورية؟ فتشوا عن القوات الأميركيّة؟ فرصة خروج القوات الأميركية من العراق اليوم سيتبعها خروج القوات الأميركية من شرق الفرات وهذه من البركات الوطنية للتضامن مع غزة”.
وأشارت مصادر مطّلعة على الوضعين السياسي والعسكري لـ”البناء” الى أن السيد نصرالله قدّم شرحاً تفصيلياً بالأرقام والمعطيات لأهمية جبهة الجنوب في الضغط على كيان الإحتلال وفي تخفيف الضغط عن المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني في غزة، ورد على كل المشككين بجدوى دور المقاومة من الجبهة الجنوبية، واستند إلى تصريحات مسؤولين في كيان العدو وإحصاءات من مؤسساته الصحية لعدد القتلى والجرحى والخسائر البشرية فضلاً عن المادية والاقتصادية والمعنوية”.
والأهم برأي المصادر أن السيد نصرالله شرح للجنوبيين كما للبنانيين “الأهمية الوطنية لإشعال جبهة الجنوب وتحصين معادلة الردع ضد أي عدوان استباقي إسرائيلي على لبنان لهروب حكومة الاحتلال من تداعيات الفشل في الحرب على غزة”. كما شدد السيد نصرالله على الردّ على استهداف الضاحية الجنوبية واغتيال الشيخ صالح العاروري، وقوله إن “الأمر متروك للميدان يعني أن القرار اتخذ في قيادة المقاومة بالرد ومستواه وهو مسألة وقت والقيادة العسكرية في الميدان تنتظر اختيار الهدف الذي يليق باغتيال القيادي في حركة حماس العاروري والعدوان على الضاحية. لذلك على العدو الإسرائيلي تحمل تبعات الانتظار وهو في حالة استنفار شامل، وكما عليه تحمل الرد المؤلم”.
وكانت جبهة الجنوب شهدت سلسلة عمليات نوعية للمقاومة في لبنان، حيث استهدفت موقع بركة ريشا بالقذائف المدفعية وحققت إصابات مباشرة. كما استهدفت المقاومة تموضعا لجنود العدو الإسرائيلي في محيط موقع الضهيرة بصواريخ بركان، وحققت إصابات مباشرة. كما أعاد مجاهدو المقاومة الإسلامية استهداف موقع بركة ريشا بصواريخ بركان وحققوا إصابات مباشرة.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، بأن “أضراراً جسيمة لحقت بموقع تابع للجيش الإسرائيلي عند الحدود مع لبنان بعد إصابته بصاروخ بركان”. ونقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مسؤولين في الجيش الإسرائيلي، قولهم “إننا نحارب في غزة ولبنان والضفة الغربية ومجلس الوزراء الإسرائيلي يحاربنا في الداخل”.
ويأتي ذلك بعد الخلاف الأخير حول تشكيل رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هليفي لجنة تحقيق بشأن إخفاقات 7 تشرين الأول ومواجهة عملية “طوفان الأقصى” والحرب على غزة.
ولفت المسؤولون إلى أنّ “وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت يعتقد أن رئيس الأركان هرتسي هليفي أخطأ حين شكل فريق التحقيق قبل أن يستشيره”، موضحين أنّ “وزير الدفاع سمع بقرار تشكيل لجنة التحقيق قبل دقائق من جلسة مجلس الوزراء”.
واعتبر وزير حرب جيش الاحتلال يوآف غالانت، في تصريح من الجبهة الشمالية، “أننا نفضل الحل السياسي على الحل العسكري لكننا نقترب من النقطة التي ستنعكس فيها الساعة الرملية”. وزعم أنّ “الجيش يقوم بعمل عسكري ممتاز ويوجه ضربات لحزب الله”، مشيرًا إلى “الالتزام” بإعادة “الشعور بالأمان لسكان الشمال عبر الوسائل كافة”.
ويتوقع خبراء عسكريون لـ”البناء” أن “يتصاعد التوتر وتشتدّ العمليات العسكرية على الجبهة الجنوبية في الأسابيع المقبلة وسيتصاعد أكثر فور حصول رد المقاومة على العدوان على الضاحية، وقد تتحول جبهة الجنوب الى ساحة حرب حقيقيّة بحال أقدم جيش الاحتلال على الرد على رد المقاومة، وبالتالي سنكون أمام جبهات وليس جبهة واحدة، لأن أي عدوان اسرائيلي كبير وشامل على الجنوب ولبنان لن يبقى محدوداً بل سيوسّع الى كل المنطقة وستدخل الى الحرب سورية وستتسع دائرة المواجهات في العراق وسيوسّع أنصار الله والجيش اليمني عملياتهم وينفجر البحر الأحمر وربما تمتدّ شرارة التفجير الى الخليج ومضيق باب المندب وتدخل إيران في الحرب”، لذلك “يسعى الأميركيون الذين يدركون مخاطر ونتائج الحرب الشاملة الكارثية في المنطقة وربما على العالم، الى احتواء التصعيد بإرسال موفدهم عاموس هوكشتاين الى المنطقة”، لكن السيد نصرالله وفق الخبراء قطع الطريق على أي اقتراحات وحلول يحملها الوسيط الأميركي للترسيم البري وضبط الحدود وفق المفهوم الأميركي – الإسرائيلي، وأعاد السيد نصرالله التأكيد بأن لا بحث للملف الحدوديّ قبل توقف العدوان على غزة.
ويشير الخبراء الى أن الحرب الأمنية قد تكون أخطر من الحرب العسكرية، ويحذرون من عودة التنظيمات الإرهابية الى الميدان لاستخدامها من الأميركيين والإسرائيليين في هذه الحرب الأمنية ضد محور المقاومة لتخفيف الضغط على كيان الاحتلال الذي يتخبط بأزماته، لذلك الخوف من تزايد عمليات الاغتيال والتفجيرات الارهابية أو الانتحارية في سورية والعراق وإيران وحتى لبنان.
الى ذلك أكّد رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، أن الاحتلال لم يحقق هدفه ولن يحققه، مشدّدًا على أنّه حتى هذه اللحظة تتعامل المقاومة في لبنان وما تقوم به من عمليات وفق المنهج والسياق المناسبَين.
وفي حديث لمجلة “روز اليوسف”، رأى الرئيس بري، أن الواقع بعد حرب غزة “يتوقف على عدة محددات لتقدير الموقف، فلكل طرف أهداف استراتيجية من هذه الحرب، سواء المقاومة أو الاحتلال”، لافتًا إلى أن المقاومة الفلسطينية لم تفقد إلّا 10 في المئة من قدراتها منذ اندلاع القتال ولديها قدرة على الصمود، أمّا الاحتلال فخسائره متعددة وكبرى سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا واستراتيجيًا. وأضاف أن الاقتصاد الإسرائيلي ينزف رغم كل ما يصل إليه من مساعدات، وهذا هو مأزق رئيس وزراء حكومة العدو بنيامين نتنياهو، بخلاف ما تفرضه عليه خلافاته الداخلية في الائتلاف الحكومي الهش، فضلًا عن ملاحقته قضائيًا، ومن هنا يسعى لمد أجل الحرب، وأيضاً قد يسعى لتوسيع رقعتها وتوريط أطراف أخرى.
وحول موقف الولايات المتحدة في هذه الحرب، قال الرئيس بري إن “أميركا حضرت في هذه الحرب كطرف وتجاوز الأمر مجرد الدعم السياسي والاقتصادي للاحتلال الإسرائيلى، بل كان الدعم عسكرياً وعملياتياً”.
وفي الشأن اللبناني، قال إن “لبنان حاليًا لديه تحديات حاضرة وأخرى مؤجلة، الحاضرة أولها إنهاء حالة الفراغ الرئاسي، ومن هنا كانت دعوتنا للحوار والاتجاه نحو انتخاب رئيس جديد للجمهورية، أمّا التحديات المؤجلة فهي تلك التي نبدأ بمواجهتها بعد انتخاب رئيس الجمهورية وفي مقدمها الأزمة الاقتصادية”.
وأضاف “في الفترة الحالية، هناك تعاون كبير مع حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي، ونسعى لتقريب كل وجهات النظر والالتفاف حول مصلحة لبنان”.
على الصعيد الدبلوماسي، أوعز وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب الى مندوب لبنان الدائم لدى الامم المتحدة، بناء لتوجيهات رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، بتقديم شكوى بتاريخ ٤ كانون الثاني ٢٠٢٤ امام مجلس الامن الدولي عقب اعتداء “إسرائيل” على منطقة سكنية في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت. وتضمّن نص الشكوى المرفوعة ان “هذا الاعتداء يمثل الفصل الأكثر خطورةً في مسلسل الاعتداءات حيث شكّل تصعيداً هو الأول من نوعه منذ العام 2006، كونه قد طال هذه المرة منطقةً سكنية شديدة الاكتظاظ في ضاحية العاصمة بيروت، وانتهاكاً إسرائيلياً سافراً لسيادة لبنان، وسلامة أراضيه، ومواطنيه، وحركة الطيران المدني، وهو أمرٌ يدعو للقلق لأنه قد يؤدي إلى توسّع رقعة الصراع وزعزعة الأمن والسلم الإقليميين”. وطلب لبنان مجدداً من مجلس الأمن الدولي “إدانة هذا الاعتداء، والضغط على إسرائيل لوقف التصعيد، وإلى اتخاذ كافة التدابير اللازمة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على أراضيه وشعبه، وذلك للحؤول دون تفاقم الصراع وإقحام المنطقة بأسرها في حرب شاملة ومدمّرة سيصعب احتواؤها”.
وأعلنت بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان في بيان، أن الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل يزور لبنان بين 5 كانون الثاني الحالي و7 منه. وأوضحت أنه سيلتقي “رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب وقائد الجيش العماد جوزاف عون. وسيجتمع أيضاً مع قائد قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) اللواء أرولدو لاثارو”. وأوضحت أن الزيارة “ستشكل مناسبة لمناقشة جميع جوانب الوضع في غزة وحولها، بما في ذلك تأثيره على المنطقة، ولا سيما الوضع على الحدود الجنوبية، فضلاً عن أهمية تجنب التصعيد الإقليمي واستمرار تدفق المساعدات الإنسانية إلى المدنيين، والتي رفعها الاتحاد الأوروبي أربع مرات لتصل إلى 100 مليون يورو”. وقالت: “سيعيد الممثل الأعلى التأكيد على ضرورة دفع الجهود الدبلوماسية مع المسؤولين الإقليميين بغية تهيئة الظروف للتوصل إلى سلام عادل ودائم بين إسرائيل وفلسطين وفي المنطقة. كما سيكون التعاون الثنائي والقضايا المحلية والإقليمية ذات الاهتمام جزءاً من المناقشات”.
المصدر: صحف