(الامريكيون يفكرون بتغييره وهو يراوغ بالاعتزال المشروط)
د حكم امهز …اعلامي وباحث في الشؤون الاقليمية والدولية
من يراقب وجه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو المتجهم والعبوس في غرفة عمليات عسكرية وهو يراقب تنفيذ المرحلة الاولى من عملية تبادل الاسرى، والى جانبه وزير حربه يوآف غالانت بوجهه المسود، يدرك تماما ان التبادل ليس من صنعه، بل حدث غصبا عنه.. والا لكانت الابتسامة بدت على وجهه كونه حقق انجازا..
إلا ان ما جرى، كان مأمورا به، من السيد الامريكي الذي يدير ايقاع المعركة عسكريا وسياسيا.. وقد رأينا ان خطاب ما بعد التبادل، لم يكن لنتنياهو”ام الصبي الاسرائيلي”، بل كان للرئيس الامريكي جو بايدن، الذي حدد مسار المرحلة المقبلة، قائلا، ان عملية التبادل تمت على ما يرام، وليست سوى البداية، وهناك فرصة حقيقة لتمديد الهدنة.
وسائل الاعلام الامريكية قالت ان نتنياهو لم يكن ليقبل بصفقة التبادل النهائية لو لم تضغط عليه بايدن..
هذه الصفقة تعني ان الاهداف التي وضعها نتنياهو لعدوانه التدميري على غزة سقطت، فهو لم يدمر القدرات العسكرية لحماس ولم يقض على قادتها ولم يسترجع الاسرى الاسرائيليين، بدون تبادل كما حدد في اهدافه. اي ان صفقة التبادل تعني هزيمة له تحت اي عنوان كان، ونقطة على السطر.
امريكا تضع نتنياهو جانبا
بكلام اخر، وضع الامريكي، نتنياهو جانبا، وتعهد ادارة المرحلة بنفسه، تمهيدا لتأمين خليفة له، بعد تهدئة الامور الناجمة عن مجازر وفظائع حكومة نتنياهو في غزة. فالولايات المتحدة تحمل نتنياهو مسؤولية فشل معركة غزة وتهشيم صورتها الانسانية والديمقراطية جراء المجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال، ما اظهر الوجه الحقيقي البشع للاسرائيلي الذي عمل على تلميعه على مدة خمسة وسبعين عاما، هو عمر احتلال فلسطين، وضج الراي العام الدولي بالتظاهرات المنددة الاضخم تاريخيا حتى في الولايات المتحدة.
سبب القبول باتفاق الهدنة
في الايام الاخيرة بدأ وضع جنود الاحتلال بالتقهقر ميدانيا تحت ضربات المقاومة، وبدأوا بالتراجع عن بعض المحاور وتغيير مسارات عن اخرى. وقال عضو المجلس الحربي الاسرائيلي بيني غانتس ان ‘العمليات العسكرية هي التي دفعت باتجاه الوصول إلى الاتفاق بشأن المحتجزين”. . ما يعني ان القبول باتفاق الهدنة جاء نتيجة الخشية من الوقوع في حرج الوضع الميداني، كذلك قال نتنياهو إن حكومته تواجه قرارا صعبا لكنه القرار الصحيح.
الامر الاخر هو انهيار شعبية نتنياهو حيث اكدت استطلاعات الرأي ان حزبه لن يحصل سوى على 18 مقعدا في الكنيست في حال اجريت الانتخابات الان. وان ازمة ثقة تفاقمت اكثر بينه وبين اركان حكمه، الذين يحملهم مسؤولية عملية طوفان الاقصى، ويرفض هو تحمل اي مسؤولية.
البيت الابيض يبحث عن خليفة نتنياهو
من جانب اخر سربت مصادر امريكية متابعة، ان ادارة البيت الابيض، ترى ان ايام بايدن باتت معدودة. واشار موقع مجلة (بوليتكو) نقلا عن اكثر من مصدر امريكي ان بايدن ابلغ هذا الامر لنتنياهو خلال لقائهما الاخير. و”أن التوقعات الداخلية هي أن نتنياهو قد يستمر لعدد من الأشهر، أو على الأقل بعد نهاية المرحلة الأولى من القتال في غزة ، وسيكون هناك يوم حساب داخل المجتمع الإسرائيلي بشأن ما حدث وفي النهاية ستنتهي المسؤولية على مكتب رئيس الوزراء وقد كُتب بيان نَعْي نتنياهو أكثر من مرة، ويبدو أن المسؤولين الأمريكيين باتوا يبحثون عن خليفة محتمل له”.
وبعد ان يسهب التقرير في الاسباب والحيثيات، ينقل عن مسؤولين امركيين “ان بايدن حثّ نتنياهو على التفكير بسيناريو يمكن أن يغادر فيه السلطة، ويحلّ محلّه آخر”
ومن الاسماء المقترحة لخلافة نتنياهو، بيني غانتس،’عضو حكومة الحرب الحالية’ ونفتالي بينيت ‘رئيس الوزراء السابق’ ويائير لبيد ‘زعيم المعارضة’ وقد يكون الاخير الافر حظا.
نتنياهو يفكر في الاعتزال السياسي
مع هذه المعطيات، ادرك نتنياهو، ان الامريكي راغب على الارجح بازاحته من المشهد. لذا بدأت اوساطه بتسريب معلومات عن انه يعتزم ‘اعتزال السياسة’ حتى اذا حصل المتوقع، يبرره، بانه هو من اتخذ القرار ولم يُفرض عليه.
لكن نتنياهو، اشترط للاعتزال، منحه ما وصفه بفرصة لتحقيق سلام اقليمي، بحسب ما نقلت صحيفة الشرق الاوسط،(24 الجاري) عن مقربين منه. والمدة التي يطالب بها لتحقيق الفرصة اشهر، يفكر خلالها بالتعاون مع الرئيس الامريكي جو بايدن لتنفيذها. بمعنى اخر، انه خلال هذه الاشهر، يكون قد رتب وضعه ‘المتوتر’ مع بايدن للبقاء في السلطة.
كذلك تشمل فكرة نتنياهو تسوية وضعه مع القضاء الاسرائيلي الذي يلاحقه بتهم فساد وسوء استغلال السلطة منذ سنوات.
انطلاقا مما ذكر من معطيات ومما لم يذكر، فان المقاومة تكون قد اعدمت بعملية طوفان الاقصى ، نتنياهو سياسيا وعسكريا.
المصدر: موقع المنار