صالح بعد صالح …. هي أيقونة العشق التي تُتلى حيناً بعد حين ، هي مقالة من اختار العروج نحو السماء في معراج الخلود ، تلك المعادلة التي كانوا فيها باذلين للمهج والنفوس في سبيل الحق وعلى الطريق نحو الفردوس أولاء الذين عقدوا مع الله تجارة لن تبور وكانوا من الناس الذين شروا أنفسهم ابتغاء مرضاة الله يرجون رحمة الله فكانوا مصداق قول الله عز من قائل ؛ مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ رِجَالٞ صَدَقُواْ مَا عَٰهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيۡهِۖ فَمِنۡهُم مَّن قَضَىٰ نَحۡبَهُۥ وَمِنۡهُم مَّن يَنتَظِرُۖ وَمَا بَدَّلُواْ تَبۡدِيلٗا ) الأحزاب 23 .
سبعون سعيداً أو يزيدون هي طلائع تحرير الأقصى ، هم نتاج الطوفان والمسارعين من بين رفاق السلاح مُذ فار التنور لمّا جاء الأمر وطاف الطوفان برز فتية آمنوا بربهم إلى مضاجعهم وشعارهم أوَلسنا على الحق ؟ بلى ، إذن لا نبالي أوقعنا على الموت أم وقع الموت علينا . فلبسوا القلوب على الدروع ومضوا على الحق يسقون أرض الجنوب من عبق شقائق النعمان ، يسطرون مجداً لله هو وللعلياء وللوطن .
شهداء حزب الله على طريق القدس قدموا مخرجات في الميدان و الإنسان كانت من أغلى نتائج هذه المعركة ، ناهيك عما قدموه ميدانياً واستراتيجياً وكم الخسائر والهزائم النوعية واللوجستية والبشرية في صفوف الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي اللبنانية المحتلة عند الحدود الجنوبية مع فلسطين بل و حتى في الداخل الفلسطيني ؛ هم أحيوا في داخل كل شريف بل كل إنسان يحمل صفة الوطنية والعروبة قضية عمرها من 1948 النكبة حتى 1956 العدوان الثلاثي إلى نكسة 1967 حتى أكتوبر 1973 إلى اجتياح 1982 ومن ثم بطولات المقاومين الشرفاء ، المؤمنون الذي يأبى تحرير القدس شرفاً إلا أن يتحرر على ايديهم .
فأبناء تحرير عام 2000 وأبناء النصر الإلهي في 2006 هم ذاتهم اليوم من وقف إلى جانب المظلوم وكتب للعالم أجمع أرجوزة عظيمة الدلالة مفادها أن زيتون هذه الأرض جبل بدماء وعرق آبائنا وأجدادنا ومَجَلَ أكفهم تعديل عوده وقطاف موسمه وعصر زيته ، وأن هذه الأرض عصية على كل غاشم وما دام فينا قطرة دم لم نسمح ولن نسمح لكم في امتداد عفن وجودكم وآفة كيانكم المستحدث لجذورنا وجذور وجودنا المتصل بالله عز وجل .
ولعل وقع هذا البيان سيثير حفيظة من تآلف الخنوع ولم يجد بأساً في تكرار الخضوع ، فلم يحركه أنين الثكالى وآهات الطفالى ودموع الأيامى عن غشاوة العزة بالإثم وتحييد الضمير الإنساني و تغييب الإنتماء العربي بل و وأد تعليم الدين الإسلامي داخله . هؤلاء الذين قضّوا مضاجع الاحتلال و مواقعهم من رأس الناقورة حتى مزارع كفرشوبا و فند دعواه بأنه جيش لا يقهر طيلة حدود الشمال بل في عقر مستوطناته في الجليل وغيره من كريات شمونة وزرعيت حتى راموت ونفتالي .
وإن كان دور المقاومة عسكرياً وفي الميدان منذ 8 تشرين الأول قد شتت الإسرائيليين وقيادته وحكومته إلا أن أبرز ما قدمه عياناً ناهيك عن كل ما تقدم ، أنه لم يترك القدس وحيدة كما تركها كثيرون ، لم يخرج عن تعاليم الله والإسلام ، ونصرة المظلومين ، وقتال أعداء الدين ، والدفاع أمام قتل وإبادة المسلمين من الأطفال والنساء والمسنين ، بل وبعد 17 عاماً من العزة والكرامة و معادلة (حيفا وبعد حيفا) ومن (أنظروا إليها تحترق) ومن (تحرير آخر أسير لبناني في السجون الإسرائيلية) في آفاق الناس بعد ما عفى التاريخ بما حمله من أثقال طيلة سبعة عشر عاماً منذ انتصار تموز 2006 حتى اليوم ليعرفوا أن المقاومة ورجالها ما زالوا على عهد البدايات و عهد 1982 وعلى نفس العزيمة والغاية ، بل وما زالوا حتى اليوم جيلاً بعد جيل يقدمون الغالي والنفوس صوناً للأرض والعرض والكرامة دماءًا تبذل لله ولكرامة الإنسان ، ويسقون الأرض من دمائهم لتثمر ولو بعد حين شهداء وشهداء
.
فطالما هناك محتل وعدو وطالما إسرائيل موجودة ، فالهدف واضح ودقيق ومحدد ؛ وهو إزالة إسرائيل من الوجود ، والعدة دائماً صالح به صالح .
المصدر: صحف