تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم السبت 03-12-2016 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها مستجدات تأليف الحكومة وتوزيع الحقائب، والمبادرة التي أطلقها الرئيس العماد ميشال عون لتقريب المسافات وتبريد الهواجس..
السفير
«الدولية للمعلومات»: هذه نتائج انتخابات 2017 وفق «الستين».. وتحالفاته
فرنجية لا يدخل «القصر» ببيان.. الحكومة معلّقة
وتحت هذا العنوان كتبت السفير تقول “إذا صدقت التوقعات المناخية، تنحسر العاصفة اليوم وتستر عورات أهل السلطة، وإذا صدقت التنبؤات السياسية، فإن بيان رئاسة الجمهورية، أمس، لم يكن كافياً لفتح أبواب القصر الجمهوري أمام زعيم «تيار المردة» سليمان فرنجية، خصوصاً أنه من بنات أفكار بعض من اعتقدوا أنه بالتذاكي أو بالتحايلات اللفظية يمكن حل أزمة تأليف حكومة وانطلاقة عهد جديد.
كان بمقدور «ضابط المراسم» في القصر أن يرفع السماعة ويطلب بنشعي ويوجّه الدعوة إلى فرنجية لشرب فنجان قهوة، خصوصاً أن الأخير كان قد أعلن في آخر مقابلة تلفزيونية أنه مستعدّ لتلبية دعوة رئيس الجمهورية «إذا استدعاني».
ولو حصل ذلك، كان ليشكّل عنصر إحراج لفرنجية نفسه الذي كان ملزماً بتلبية الدعوة وبأسرع وقت ممكن، خصوصاً أن بعض مَن التقوه مؤخراً فهموا أن لا هواجس لديه ولا مطالب عنده تستدعي خوض حوار مع رئيس ينتمي إلى «الخط»، وإذا كانت لديه هواجس، فيمكن أن تكون في مكان آخر.
ولو حصل ذلك أيضاً، فليس مستبعَداً على شخص مثل فرنجية أن يُحرج أمام مضيفه، بأن يتجاوب معه حتى لو تمنى عليه أن يتمثل في الحكومة بوزير دولة من دون حقيبة…
حتماً هناك من نصح رئيس الجمهورية بتوجيه مثل تلك الدعوة المباشرة إلى فرنجية، وفي المقابل، هناك من نصح ببيان غير اعتيادي كان عملياً «لزوم ما لا يلزم»، أبدى فيه عون «حرصه على هواجس الجميع وتصميمه على معالجتها»، وتوجه «بدعوة أبوية إلى أي مسؤول أو سياسي للاجتماع به في القصر الجمهوري، كي يودع هواجسه لدى فخامته»، كما جاء في نص البيان الصادر عن مكتب الإعلام في القصر الجمهوري.
في المضمون، هناك مَن يعلن أن أبواب القصر الجمهوري مفتوحة أمام الجميع ولعل السؤال هنا، هل كانت تلك الأبواب مقفلة في أي عهد من العهود أمام أي لبناني ومن أي طائفة أو منطقة أو قارة أتى؟
يأتي بيان «القصر» في محاولة لتحريك المياه الحكومية الراكدة، لكن يبدو أنه أعطى مفعولاً سلبياً، علماً أن الاتصالات لم تتوقف بين «بيت الوسط» وبعبدا، وبين نادر الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، كما ظلت قنوات الاتصال مفتوحة بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر».
وعلى عكس الانطباعات الإيجابية التي خرج بها زوار الحريري والقصر الجمهوري، في الساعات الأخيرة، عن قرب إعلان الحكومة الجديدة، فإن مصادر متابعة لمجريات التأليف الحكومي أبدت خشيتها من وجود «قطبة مخفية» أبعد من حقيبة «تيار المردة»، وسألت عما إذا كان هناك من يريد تضييع الوقت من أجل حشر المهل وجعل قانون «الستين» الانتخابي أمراً واقعاً، خصوصاً في ظل المناخ الدولي الذي يكرّره كل مسؤول غربي يزور بيروت بوجوب إجراء الانتخابات النيابية في موعدها.
بري: مستعدّ لتحمل الخسارة وفق «النسبية»
في هذا السياق، يلاحظ تفاهم «الثنائي الشيعي» على حركة تصاعدية للتحذير من مخاطر إجراء الانتخابات وفق «قانون الستين». وهو الأمر الذي مهّدت له «كتلة الوفاء للمقاومة»، في بيانها، أمس الأول، فيما كرّر زوار الرئيس نبيه بري تحذيره من تداعيات الفرز الذي سيحدثه «قانون الستين»، وقال إنه صار مطلوباً من الجميع الإقرار بحتمية الذهاب إلى قانون يرتكز إلى النسبية حتى لو على أساس اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة، وشدد على أن قانوناً كهذا سيؤدي إلى خسارة الجميع من حصصهم الحالية، لكن في المقابل، يمكن القول إن هذا التنازل من الجميع سيكون في مصلحة مستقبل لبنان وأجياله الجديدة.
وأعطى بري مثلاً على ذلك استعداده هو و «حزب الله» للتنازل عن المكاسب التي يوفرها لهما «قانون الستين»، وبالتالي، القبول بخسارة نسبة من المقاعد على اساس النسبية، لأن الهدف الأبعد هو حماية لبنان وتوطيد دعائم استقراره من خلال القانون الانتخابي الجديد.
المشنوق: بالحكومة ننجز قانوناً جديداً للانتخابات
وكما قال وزير الداخلية نهاد المشنوق، فإن الجميع يعرف «الفيل الكبير الجالس معنا في الغرفة، ولكننا نسعى جميعاً لتجاهله». لذلك، تتصرّف معظم القوى على اساس أن «قانون الستين» سيصبح قريباً أمراً واقعاً.
وأكد المشنوق في بيان أصدره، أمس، رداً على التأويلات المتعددة لموقفه الأخير أن مسؤولية الوزارة «تنحصر بإجراء الانتخابات بناء على القانون النافذ (الـ 60)، أما صلاحية إقرار قانون جديد، فهذه مسؤولية المجلس النيابي».
وفي مواجهة المهل الداهمة، قال المشنوق إنه «من الأفضل للجميع أن يعمل على تشكيل الحكومة العتيدة تأسيساً لاستقرار يساعد على إجراء الانتخابات في موعدها، وفق القانون الذي يقره المجلس النيابي».
دراسة «الدولية للمعلومات».. بالتفاصيل
في هذا السياق، أجرت «الدولية للمعلومات» دراسة مقارنة قاربت فيها النتائج المحتملة للانتخابات النيابية في ربيع العام 2017 وفق «قانون الستين» واستناداً الى نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة في العام 2009.
وقد وضعت «الدولية للمعلومات» كل الاحتمالات في الحسبان، خصوصاً احتمال تحالف «القوات» و «التيار الحر» معاً واحتمال أن ينضمّ إلى تحالفهما «الطاشناق» و «تيار المستقبل» و «الاشتراكي»، وفي المقابل، احتمال أن يخوض «الثنائي الشيعي» الانتخابات في الأقضية المشتركة بلوائح موحّدة وأن يكونا جزءاً من تحالف أوسع كما هو الحال في بعبدا أو في أقضية أخرى كزحلة.
واستناداً إلى النتائج المتوقعة يتبين أن التحالف بين كل من «تيار المستقبل» و «التيار الحر» و «القوات» و «الطاشناق» قد يفوز بـ 74 مقعداً، وإذا انضمّ إليه «الاشتراكي» ترتفع الحصيلة إلى 89 مقعداً، أي أكثر من ثلثي مجلس النواب (86 نائباً).
وإذا تحالف «حزب الله» و «أمل» و «التيار الحر»، تكون الحصيلة النهائية لهذا التحالف 48 نائباً في أحسن الأحوال.
ووفق فريق المحللين في «الدولية للمعلومات»، «لا يستطيع أحد وفق «الستين» أن يفوز بقوته وحده، وبالتالي الكل بحاجة الى الكل أو إلى جزء من الكل، أي أن «المتناقضين» في الساحة الواحدة نفسها، أو في الساحات المتناقضة، يريدون إبرام تفاهمات في العلن من جهة، بينما هم يسنّون السكاكين من جهة أخرى، وهذا يعني أن الكل ضعيف والكل بحاجة للآخر ولن يكون بمقدور فريق أو «ثنائي» أن يربح بمفرده، الا إذا كان البعض يريد استعادة المناخ الذي أسّس للحرب الأهلية في العام 1975، لكن هذه المرة وبدلاً من شعار «عزل الكتائب» يريد الذهاب إلى «عزل الشيعة» أو سلاح «حزب الله».
ووفق «الدولية للمعلومات»، فإن مَن يريد «الإصلاح» أو «التغيير» ولا يريد توجيه طعنة إليهما، «عليه ألا يخشى شعبه ولا يتردّد في خسارة مقاعد نيابية ووزارية في سبيل حفظ حقوق هذا الشعب والتي لن تتحقق من دون قانون انتخابي نسبي غير طائفي وعلى أساس الاقتراع في مكان السكن لا القيد»، على حد تعبير مدير مؤسسة «الدولية للمعلومات جواد عدرا .
النهار
عون ينفتح… وصيغة لتدوير الحقائب
وتناولت النهار الشأن الداخلي وكتبت تقول “شقت الاتصالات الكثيفة التي تعاقبت في الكواليس السياسية في اليومين الاخيرين الطريق امام ملامح دفع جدي نحو اخراج العملية المتعثرة لتأليف الحكومة من مأزقها بعدما هدد هذا المأزق باضاءة الاشارات الحمر لكل من العهد الجديد ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري والقوى المعنية بتذليل العقبات. وشكل البيان الذي صدر بعد ظهر امس عن المكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية متضمناً دعوة الجميع الى الاجتماع به في القصر الجمهوري مؤشراً واضحاً لتحرك الاتصالات والمساعي نحو ايجاد مخرج للمأزق، علماً انه بدا واضحاً ان المعني الاول بدعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى “ايداع الرئيس الهواجس ” هو رئيس “تيار المردة” النائب سليمان فرنجية. وأوضح البيان ان رئيس الجمهورية “يؤكد حرصه على هواجس الجميع وتصميمه على معالجتها وهو لذلك يتوجه بدعوة أبوية الى أي مسؤول او سياسي للاجتماع به كي يودع هواجسه لدى فخامته المؤتمن على الدستور وعلى تحقيق عدالة التمثيل في السلطات الدستورية كما على حسن عملها وفقا لاحكام جوهر الدستور ونصه ما دامت الغاية هي المصلحة الوطنية العليا”.
وأبلغت مصادر متابعة لموقف رئيس الجمهورية لـ”النهار” ان من شأن هذا البيان ان يفتح ثغرة في جدار الازمة الحكومية، وان يعبد جسور العلاقات مع كل الاطراف. وذكرت بان رئيس الجمهورية يزار ولا يزور ولذلك فهو في انتظار كل من يريد التواصل معه وابواب القصر الجمهوري مفتوحة امام الجميع من دون استثناء.
وأضافت ان رئيس الجمهورية حريص على ان تكون الحكومة جامعة وان تتمثل فيها كل القوى السياسية والا لما كان البحث مع رئيس الوزراء المكلٰف منذ اليوم الاول في حكومة وحدة وطنية.
واكدت ان الرئيس عون حريص على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها، خصوصاً طعن مرتين في التمديد، وهو التزم ان تكون وفق بموجب انتخابي حديث قائم على النسبية، من أجل تأمين حسن التمثيل.
وعن الكلام عن تمديد تقني للمجلس بحجة الإعداد لقانون انتخاب جديد، رأتالمصادر ان هذا الكلام سابق لأوانه، وعلى الحكومة الجديدة ان تضع مشروع قانون الانتخاب، وعندما يتم الاتفاق عليه، تقرّر الحكومة الخطوات اللوجيستية الكفيلة بتطبيقه، مع اضافة مادة الى القانون تؤكد التزام موعد للانتخابات على اساسه.
وفي السياق نفسه كشفت مصادر معنية بتأليف الحكومة لـ”النهار” ان البيان الذي صدر عن رئاسة الجمهورية جرى التمهيد له في الأروقة السياسية بين المعنيين وان مناخ عملية التأليف شهد في الساعات الأخيرة نشوء أجواء أكثر من ايجابية تقطعت معها رغبات كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء المكلف ورئيس مجلس النواب على الدفع نحو ايجاد مخرج على قاعدة تقدم كل طرف معني في اتجاه الآخر بخطوات شجاعة. وقالت المصادر إن الصيغة المطروحة حديثا تلحظ ما وصفته بتدوير التنازلات التي تعني تدوير بعض الحقائب مشيرة الى ان “القوات اللبنانية ” ابدت انفتاحا على هذا الطرح الذي في حال اعتماده سيتنازل اكثر من طرف للآخر بموجبه. ولفتت الى ان الجميع وصلوا الى طريق مسدود في ظل التخوف على انطلاقة العهد وعلى مهمة رئيس الوزراء المكلف، في حين بدأ توافد الزوار الاجانب على بيروت يشكل احراجا كبيرا للجميع. ولم تستبعد في حال المضي في المسار الايجابي الناشئ امكان انجاز التشكيلة الحكومية في غضون اسبوع أو عشرة أيام على الاكثر.
“المردة”
في غضون ذلك، قالت مصادر مطلعة على موقف “تيار المردة” لـ”النهار” إن ما صدر عن الرئيس عون “هو كلام عام موجّه الى كل اللبنانيين، كما انه موجّه الى كل من لديه هواجس فيما ليس لدى تيار المردة أية هواجس”. وأضافت: “في ما يعني التيار، وإذا ما وجّه الرئيس عون دعوة مباشرة الى النائب سليمان فرنجية الى لقاء في قصر بعبدا لمناقشة كل الامور، فهو سيلبيها إنطلاقاً من إحترامه لموقع رئاسة الجمهورية”.
“القوات اللبنانية”
اما مصادر “القوات اللبنانية”، فشددت عبر “النهار”على ضرورة تجاوز ما تبقى من عقد تحول دون تأليف الحكومة، وتالياً الذهاب إلى تأليف سريع يفسح في المجال للتركيز على إقرار قانون انتخاب يشكل رافعة وطنية للعهد الجديد.
وذكّرت المصادر باقتراح القانون المختلط الذي قدمه “القوات” و”المستقبل” و”الاشتراكي”، وتوقفت أمام الانسجام التام بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” من جهة، وحركة “أمل” و”حزب الله” من جهة أخرى، من حيث ضرورة إقرار قانون جديد للانتخاب، الأمر الذي يشكل قوة دفع كبيرة في هذا الاتجاه.
أضف أن قانون الانتخاب يشكل مساحة وطنية مشتركة بين معظم القوى السياسية، ما يتطلب الاستفادة من هذا المعطى والتأسيس عليه من خلال إقرار قانون جديد يؤدي إلى تعزيز هذه المساحة المشتركة وتطويرها في اتجاه جوانب أخرى تخدم مشروع الدولة في لبنان.
وأبرزت كون تأليف الحكومة معبراً إلزامياً لانطلاق الورشة الوطنية على كل المستويات وفي طليعتها قانون الانتخاب، ما يتطلب عدم استخدامه لتصفية الحسابات السياسية.
شتاينماير وجاويش أوغلو
الى ذلك، علم ان زيارة وزير الخارجية الالماني فرانك – فالتر شتاينماير لبيروت امس كانت استطلاعية ولتأكيد الدعم للبنان في تحمله عبء النازحين السوريين. وقال رئيس الجمهورية للوزير الالماني إن عدد النازحين تضاعف وقارب المليونين في المرحلة الاخيرة، مشدداً على ان الحل السياسي في سوريا يساعد على معالجة هذه الازمة.
وأعلن وزير خارجية ألمانيا ان بلاده تسعى الى الحصول على دعم ومساعدة من الدول الغربية في تحمل هذا العبء الذي توليه ألمانيا اهتماماً خاصاً. واشار الى ان الاتصالات مع الجانب الروسي تركز على وقف النار والعمل على حل سياسي في سوريا.
كذلك لم يغب ملف اللاجئين السوريين عن محادثات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مع المسؤولين الكبار، لكن زيارته تميزت بتصريحات نارية ضد الرئيس السوري بشار الاسد اذ قال من وزارة الخارجية ان “أحداً لا يستطيع انكار ان بشار الاسد مسؤول عن 600 الف ضحية… ونحن نؤمن أن شخصاً مسؤولاً عن قتل ابناء شعبه لا يمكن ان يبقى في السلطة”.
الأخبار
مبادرة رئاسية «أبوية» تجاه فرنجية
كما تناولت الأخبار الشأن المحلي وكتبت تقول “بعدما وصلت المفاوضات بشأن تأليف الحكومة إلى حائط مسدود، نجح حزب الله في إيجاد ثغرة في جدار العلاقة بين حليفيه، الرئيس ميشال عون والنائب سليمان فرنجية. وبرزت أمس دعوة «أبوية» وجهها رئيس الجمهورية إلى «كل سياسي لديه هواجس» للاجتماع به، فاتحاً المجال أما حل للخلاف مع رئيس تيار المردة.
لم تنتهِ الانتخابات الرئاسية التي جرت قبل 33 يوماً إلى صيغة «لا غالب ولا مغلوب» اللبنانية المعهودة. ثمة رابحون وخاسرون.
ورغم أن غالبية المنتمين إلى الفئة الأخيرة حوّلوا أنفسهم إلى شركاء للعهد الجديد، إلا أن المرشح الرئاسي النائب سليمان فرنجية، يظهر كما لو أنه الخاسر الأوحد من الانتخابات، خلافاً لما أعلنه فور صدور النتائج التي أوصلت الجنرال ميشال عون إلى قصر بعبدا. ظهر هذا الأمر جلياً في «فيتو» التيار الوطني الحر على تسلّم تيار المردة الحقيبة التي يُطالب بها، أو ما يُعادلها. أتى هذا التصرّف كتتويج لمرحلة الخلاف بين التيار الوطني الحر وتيار المردة، التي بدأت مع مبادرة الرئيس سعد الحريري لترشيح فرنجية إلى رئاسة الجمهورية. تحول الحليفان، في السنة الأخيرة، إلى خصمين لا تواصل بينهما. حتّى أنّ معلومات سرت عن رفض عون استقبال فرنجية، الذي قاطع بدوره الاستشارات النيابية والتهاني بمناسبة عيد الاستقلال، مُعلناً أنه مستعد لزيارة بعبدا إذا «استدعاه» رئيس الجمهورية. فنائب زغرتا الذي فاتت الفرصة التي كانت بمتناول يده، يرى أنه يستحق معاملة تختلف عن باقي القوى السياسية. القطيعة بين التيارين باتت تُثقل كاهل حلفائهما. لذلك، أطلق حزب الله مبادرة لمحاولة الجمع بينهما ووضع حدّ لخلافهما. وقد تسربت إلى مسامع «المردة» أجواء إيجابية من جانب التيار البرتقالي، لذلك يقارب التيار الأخضر هذا الموضوع بحذر شديد حتى لا تُفهم أي كلمة بطريقة سلبية. فمن مصلحة الجميع، باستثناء القوات اللبنانية، أن يُهدم الجدار العازل بين بعبدا وبنشعي.
في هذا الإطار، أتت مبادرة عون «الأبوية» أمس لتكسر الجمود السياسي في البلد نتيجة تعثُّر المساعي الهادفة إلى تشكيل الحكومة الجديدة، والتي أطلقها رداً على ما صدر «عن وسائل الإعلام المختلفة خلال الأيام الماضية». وقد أكد البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية حرص عون «على هواجس الجميع وتصميمه على معالجتها، وهو لذلك يتوجه بدعوة أبوية إلى أي مسؤول أو سياسي للاجتماع به في القصر الجمهوري كي يودع هواجسه لدى فخامته المؤتمن على الدستور وعلى تحقيق عدالة التمثيل في السلطات الدستورية، كما على حسن عملها وفقاً لأحكام جوهر الدستور ونصه ما دامت الغاية هي المصلحة الوطنية العليا». تصيب هذه المبادرة بالدرجة الأولى سليمان فرنجية. إلا أنّ رادارات تيار المردة لم تلتقطها. «هذه الدعوة لنا؟»، تسأل مصادر المردة التي تصفها بـ»المبادرة العامة. من الطبيعي أن يكون القصر مفتوحاً للجميع». ولكن إذا كان المقصود بها هو فرنجية، «ما بدها هلقد». كان بإمكان بعبدا أن «توجه دعوة لفرنجية وهو سيلبيها».
وبحسب مصادر في 8 آذار، فإن ما قام به عون يُعد خطوة كبيرة، لناحية الانطباع السائد بأنه كان قد قرر رفض استقبال فرنجية. وترى المصادر أن بيان بعبدا يكسر الجليد، والخطوة التالية باتت شكلية أكثر منها جوهرية، لجهة معرفة ما إذا كان فرنجية سيطلب موعداً لزيارة عون، أو أن رئيس الجمهورية «سيستدعي» النائب الزغرتاوي.
الخطوة الرئاسية باتجاه بنشعي لا تعني أن الطرق التي ستؤدي إلى تأليف الحكومة باتت سالكة. موضوع تمثيل المردة ليس العقبة الوحيدة التي تعرقل تأليف الحكومة، إذ ثمة عقدة أخرى لا تقل أهمية ولم يعمل أحد من الأطراف المفاوضين على حلّها جدياً، هي حقيبة الأشغال. الرئيس نبيه بري الذي أعلن سابقاً أنه لن يقبل التنازل عنها لأي فريق آخر، لم يتبلغ رسمياً إلى من ستؤول. والقوات اللبنانية ما زالت تتعامل على اعتبار أنّ هذه الحقيبة حُسمت من ضمن حصتها، ما دام الحريري الذي وعدها بها لم يُبلغها موقفاً مغايراً. لذلك، لا تتوانى مصادر في فريق 8 آذار عن القول إنّ «العقدة اليوم هي في القوات والأشغال». وبناءً على ذلك، تقول مصادر بارزة في تيار المستقبل إنه «لا جديد» في مفاوضات التأليف، وتوافقها على ذلك معظم الكتل النيابية، على الرغم من اعتبار مصادر المردة أن هناك «نيّة للتسهيل وإعلان الحكومة قريباً».
من جهة أخرى، قال المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيد، إن «تحييد لبنان عن الصراع أفرز قبول عون مرشحاً مدعوماً من الممانعة وجاء الحريري المدعوم من الفريق المضاد الممتد مع السعودية والعمق العربي». وأكد أنّ «انتخاب عون هو المحاولة الأخيرة لإعادة إحياء النظام، وبعد ذلك قد يتم إنتاج لبنان آخر غير الموجود اليوم».
اللواء
تبريد بين بعبدا وعين التينة.. والحكومة خلال أسبوع؟
«دعوة أبوية» من عون لفرنجية لزيارة بعبدا.. ودعم تركي وألماني للتوافق والإستقرار
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “لمست مصادر سياسية رفيعة أن تدفق الموفدين الاقليميين والدوليين إلى لبنان يُشير إلى الرهان الدولي على ثبات الاستقرار السياسي والأمني، وإمكان توسيع قاعدة هذا الاستقرار، وتحويله إلى منصة تفاهمات تتخطى المصالح الاقتصادية كالعلاقات البينية والنفط والاستثمارات إلى الخيارات الدبلوماسية والاستراتيجية الكبيرة، سواء في ما يتعلق بالنزوح السوري وطبيعة الأوضاع في المنطقة في ضوء عودة التوتر الى العلاقات الاميركية – الإيرانية، والمجريات الميدانية المتسارعة في حلب والموصل قبل اقل من شهرين من إدارة دونالد ترامب الرئيس الأميركي المنتخب والذي يمعن في استقطاب الصقور إلى الإدارة الجديدة، سواء في المال والاقتصاد او الدفاع والتسلح، وحتى وكالات الامن القومي الأميركي والاستخبارات المركزية (سي.أي.ايه).
ولا يخفى أن الاهتمام بالاستقرار اللبناني فتح الباب على أسئلة دبلوماسية كان أبرزها من السفيرة الأميركية اليزابيت ريتشارد التي حاولت معرفة العقد الحقيقية التي تعيق انطلاق الحكومة، وكيفية معالجة هذه العقد.
وإذا كان وزير الخارجية الالماني فرانك شتانماير كشف أن بلاده ماضية في دعم لبنان في مواجهة النزوح السوري والذي استقطب اعداداً إضافية بعد معركة حلب، وذلك عبر تقديم عشرة ملايين يورو من ضمن المساعدة المخصصة للبنان، فان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، والذي تُعنى بلاده بالعلاقات السياسية والتجارية مع لبنان، والاهتمام بالموقف اللبناني من إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، رحب بزيارة يقوم بها الرئيس ميشال عون إلى تركيا، واستعداد الرئيس رجب طيب أردوغان للقيام بزيارة مماثلة للبنان، فيما وصل وزير الخارجية الكندي استيفان ديون إلى بيروت في زيارة تستمر خمسة ايام، وتشمل زيارة مخيمات النازحين السوريين التي تقدّم لها مساعدات الحكومة الكندية.
وبطبيعة الحال، لم تغب الأزمة السورية عن حراك الموفدين الأجانب باتجاه لبنان، ولا سيما من قبل رئيس الدبلوماسية التركية، حيث أكّد له الرئيس عون ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا، والمساعدة على معالجة مأساة النازحين، كما لم تغب عملية تأليف الحكومة عن مداولات هؤلاء من خلال التأكيد بأن انتخاب الرئيس عون خطوة إيجابية على صعيد العملية السياسية اللبنانية، والأمل بأن تستمر هذه الخطوات الايجابية في الاتفاق على تأليف الحكومة اللبنانية العتيدة.
غير أن مصادر دبلوماسية أوضحت لـ«اللواء» أن زيارة هؤلاء الموفدين ليس لها علاقة بملف تشكيل الحكومة، حتى وأن استفسر هؤلاء عن المسار المتبع في كيفية تأليف الحكومة لحث المسؤولين اللبنانيين على الإسراع في ولادة الحكومة، من أجل تمتين علاقات لبنان الخارجية.
وفهم من هذه المصادر أن ارتياحاً كبيراً سجله الضيفان الالماني والتركي لعودة الحياة السياسية اللبنانية إلى مجاريها بعد عملية انتخاب الرئيس، ما يفتح المجال بشكل أوسع لتعزيز فرص التعاون بين لبنان وكل من المانيا وتركيا.
ولفتت إلى أن ملف النازحين السوريين حضر في قسم لا بأس به من النقاشات، وفهم أن رئيس الجمهورية اقتبس من خطاب القسم عن أهمية معالجة مسألة النزوح السوري، مركزاً على ضرورة إيجاد الحل السياسي للأزمة السورية.
ولفتت المصادر الدبلوماسية إلى أن زيارات مسؤولين كبار إلى لبنان تعكس اهتمام الدول بالوضع الجديد في أعقاب التسوية التي جرت، كاشفة عن إقبال المزيد من هؤلاء المسؤولين للحضور إلى بيروت في وقت قريب جداً، وأن زيارة وزير خارجية كندا تندرج في هذا السياق، حيث من المقرّر أن يعقد بعد غد الاثنين محادثات مع الرئيس عون، وتعقبها لقاءات مع المسؤولين اللبنانيين.
مبادرة عون
ومع التعافي الدبلوماسي والسياسي المتعلق بوضع لبنان الإقليمي والدولي، خرق البيان الذي كتبه الرئيس ميشال عون بخط يده، وفيه «دعوة ابوية» لأي مسؤول لبناني لديه هواجس مقلقة أن يأتي إلى قصر بعبدا ويودع هذه الهواجس للرئيس عون لكي يتعامل معها بروح الدستور والميثاق والمصلحة الوطنية.
ولم يتأخر جواب الرئيس نبيه برّي الذي عمم أن علاقته بالرئيس عون غير قابلة للوقيعة، وهو غير قابل للاستفزاز، ولن يدخل في اشتباك مع أحد، فديدنه في هذه المرحلة المراقبة وضبط النفس، بعدما أعلن ما لديه: «لا يجرني أحد إلى حيث لا أريد، ولن يتمكن احد من ان يوقع بيني وبين الرئيس عون».
في هذا الوقت، لم يصدر أي موقف بعد عن رئيس تيّار «المردة» النائب سليمان فرنجية، مع العلم ان بيان الرئيس عون أتى كبادرة حسن نية لإعادة وصل ما انقطع مع بنشعي أولاً، وترتيب علاقة هادئة وغير متشنجة مع عين التينة.
وتأتي هذه التطورات على خلفية الاتصالات الجارية بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» التي اشارت إليها وإلى أهدافها «اللواء» في عددها امس.
وتوقعت مصادر قيادية حزبية في اتصال مع «اللواء» ان تتحرك جبهة الاتصالات من جديد، مشيرة إلى ان حدوث خرق مسألة ممكنة بقدر ما تصفو النيّات ويخرج اللاعبون من سياسة النكايات أو «التمريك» السياسي، وعلى هذا الأساس يمكن توقع ولادة الحكومة الأسبوع المقبل.
وفيما قالت أوساط عين التينة ان لا جديد لديها بالنسبة لتأليف الحكومة، وانها لم تتلق حتى الآن أي عرض بخصوص ما يقال عن استبدال حقائب بأخرى، وصفت مصادر قصر بعبدا لـ«اللواء» البيان الذي صدر عن رئاسة الجمهورية أمس، بأنه مبادرة من الرئيس عون، باعتبارها محاولة لكسر الجمود في مساعي تأليف الحكومة، بهدف تسهيل مهمة الرئيس المكلف والتأكيد بالتالي على ثباته على المواقف التي اعلنها منذ انتخابه رئيساً للجمهورية، من دون تغيير، وانه مستعد لمعالجة هواجس الجميع من خلال كونه المؤتمن على الدستور، وعلى تحقيق عدالة التمثيل لهؤلاء.
ولفتت المصادر إلى ان البيان يعكس رغبة في إنهاء أزمة تأليف الحكومة، من خلال الإشارة إلى ان باب الرئيس عون مفتوح للجميع، وانه ليس مقفلاً في وجه أحد (وهي إشارة اعتبرتها مصادر مطلعة بأنها موجهة إلى زعيم تيّار «المردة» النائب سليمان فرنجية)، على أمل ان تجد مبادرته تجاوباً من قبل الأطراف المقصودة بالبيان، وهي تحديداً الرئيس برّي والنائب فرنجية.
ولم تشأ مصادر بعبدا التأكيد ما إذا كان سبق البيان اتصال هاتفي بين الرئيسين عون والحريري، لكنها أكدت ان كل الخطوات التي يقدم عليها الرئيس عون تتم بالتنسيق مع الرئيس الحريري.
ووفقاً لما اشارت إليه «اللواء» أمس، فقد تأكد ان لقاءً عقد ليل أمس الأوّل بين وزير الخارجية رئيس «التيار الوطني الحر» ومسؤول وحدة الارتباط في «حزب الله» الحاج وفيق صفا خصص للبحث في العلاقة بين التيار والحزب، وانه اعقب هذا اللقاء اتصال بين باسيل ومدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري، قالت على اثره مصادر مطلعة على أجواء التأليف ان موعد إعلان الحكومة ليس بعيداً، وانه في حال قبل تيّار «المردة» بحقيبة «التربية» أو بحقيبة «الصحة» التي عرضت عليه، إنه بالإمكان ان يتوجه الرئيس الحريري إلى قصر بعبدا ومعه التشكيلة النهائية بالحقائب والأسماء.
ويرتقب ان يزور بعبدا قبل ذلك رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في رسالة دعم للرئيس عون وتأييد خطه السياسي انطلاقا من خطاب القسم والوقوف الى جانبه تأكيدا على التمسك بالتحالف بين القوتين المسيحيتين.
وفي مجال آخر، وبعد اللغط الذي اثاره موقف وزير الداخلية نهاد المشنوق في مؤتمر «الإطار القانوني للإنتخابات البرلمانية» ولا سيما من قبل الرئيس بري، اكد مكتبه الاعلامي في بيان أن مسؤولية وزارة الداخلية تنحصر في إجراء الإنتخابات بناء على القانون النافذ. أما صلاحية إقرار قانون جديد فهذا من مسؤولية المجلس النيابي مع العلم أن هناك مشاريع قوانين عديدة للإنتخابات موجودة على جدول أعمال الهيئة العامة للمجلس تمت دراستها من قبل اللجان النيابية المختصة.
واكد ان «إذا كانت لدى القوى السياسية النية الجديّة والصادقة بإجراء الإنتخابات النيابية في موعدها وبناءً على قانون جديد، على المجلس النيابي إقرار القانون بسرعة قصوى لأن المهل الإنتخابية بدأت تداهمنا ونحن على بعد أسابيع قليلة من دعوة الهيئات الناخبة».
البناء
كيري ولافروف لإستئناف المساعي مع حسم حلب… وأردوغان لتعويض
المساعي الحكومية الجدية بدأت مع نهاية شهر استيعاب الخلاف الرئاسي
جمع الحكومة وقانون مختلط نسبي وأكثري يدمج المشروعين على النار
صحيفة البناء كتبت تقول “في المشهد الإقليمي نهاية الشهر الحلبي هي محور الحركة السياسية والدبلوماسية حيث يرفع الأتراك صوتهم العدائي لسورية لجمع قوى المعارضة المصابة بالنكبة الحلبية، ولمّ شملها في مفاوضات ستنطلق بسقوف منخفضة عنوانها ما قاله المبعوث الأممي صاحب وصفة هيئة الحكم الانتقالي سابقاً، عن سقف حكومة موحدة في ظلّ الرئيس السوري بشار الأسد، بعدما قالت حلب الكلمة الفصل وبقي زمن يستثمر لتحضير ما بعد حلب، بينما تستعدّ المدينة العريقة للاحتفال بنصرها.
لا مانع لدى موسكو وفقاً للمراقبين الروس بعد زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لتركيا، من تولي أنقرة دور عراب المعارضة وجمع شتاتها تمهيداً للاستسلام العسكري إذا بقي وقت لذلك، ومواكبته في السياسة نحو جنيف بالسقف الجديد عندما يقضي الله أمراً كان مفعولاً، وفقاً للمسارات التي يرسمها الجيش السوري في الميدان تباعاً.
الاستعدادات الروسية الأميركية لملاقاة اللحظات الفاصلة بدأت عبر إعادة التذكير بالتفاهم الروسي الأميركي والمعوقات التي منعت تطبيقه ووصفها الروس بلسان الوزير لافروف بالفشل في الفصل بين المعارضة وجبهة النصرة، واكتفى نظيره الأميركي جون كيري قبيل لقائهما في روما، بالحديث عن الوضع الإنساني الصعب في حلب والحاجة لتسريع المساعي السياسية، ووفقاً للمصادر المتابعة التي وصلتها بعض الأجواء عن التحضير للقاء الوزيرين أنه تمّ التفاهم على مواكبة حثيثة للوضع الميداني ومدى نضج ظروف الذهاب نحو جولة جديدة من المفاوضات السورية السورية، وضمن معادلات العودة لتفاهم جنيف بين موسكو واشنطن، بعدما طلب الوزيران من الخبراء العودة للبحث بالخيارات.
بالتوازي مع نضج الملف السوري ميدانياً رغم الإنكار السياسي المتواصل من رموز المعارضة الموزعة بين أنقرة والرياض، بقي الملف اليمني عالقاً بين حاجة سعودية للنزول عن شجرة التصعيد، والتمسك بحلفاء لا يبقى لها شيء بدونهم، وارتياحها لما فتحه التفاهم النفطي مع طهران وموسكو من أبواب مشرعة للتهدئة الإقليمية.
لبنانياً يواصل المشهد الحكومي تعقيداته، ومراوحته مكانه بدون تبلور مساع جدية نحو الحلحة، لكن مصادر واسعة الإطلاع قالت لـ«البناء» إنّ الشهر الأول من العهد والتكليف برئاسة الحكومة بعد سنيتن من المواجهات القاسية كان ضرورياً ليخرج كلّ فريق ما لديه، لتهدأ الأمواج ويبدأ البحث في رمالها عن المفيد الذي يبنى عليه، ولذلك يمكن القول إنّ العمل الجدي يبدأ اليوم لتشكيل الحكومة، ووضعت المصادر الاجتماع الذي ضمّ رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل ومسؤول التنسيق والارتباط في حزب الله وفيق صفا في خانة التمهيد لجولات عمل حكومية يشتغل عليها مكوك الاتصالات المتعدّد الرؤوس الذي يضمّ إلى باسيل وصفا المعاونين السياسيين للرئيسين نبيه بري وسعد الحريري وزير المالية علي حسن خليل ونادر الحريري، وهي جولات لم تبدأ ولم تتبلور تفاصيلها بعد، رغم محدودية العقد التي يجب الاشتغال على معالجتها لتبصر الحكومة النور، وفي طليعتها تمثيل تيار المرده بحقيبة وازنة.
وفقاً للمصادر ذاتها يبدو السير بالجمع بين الحكومة وقانون جديد للانتخابات يتقدّم على فرضية قانون الستين عبر بوابة القانون المختلط بين الأكثري والنسبي الذي تتقابل فيه نسختان، واحدة يتبناها رئيس المجلس النيابي وثانية تعرف بثلاثية تحالف القوات اللبنانية وتيار المستقبل والحزب التقدمي الإشتراكي، يستدعي الدمج بين الصيغتين ساعات عمل بين أطراف المكوك التواصلي الرباعي لبلورتها، ومواكبتها لحلحلة حكومية ليكون الحلّ المرتقب قبيل الأعياد.
لبنان نافذة لتركيا المحاصرة
على رغم شعار التهنئة لرئيس الجمهورية ميشال عون الذي حملته زيارة وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو الى لبنان، لكن منطق الحسابات والمصالح التركية على مستوى المنطقة يتجاوز العنوان الشكلي الى أهدافٍ ومرامٍ أخرى، فتركيا اليوم ليست نفسها طوال سنين الأزمة السورية لا سيما العام الأخير منها حيث وقف جيشها على الحدود الشمالية لسورية مهدّداً متوعّداً باحتلال مدينة حلب التي تعود اليوم الى حضن الدولة السورية وبإقامة المنطقة العازلة قبل الدخول الروسي العسكري على خط الحرب السورية الذي خلط الأوراق وبدّل المعطيات لصالح محور المقاومة الذي أحبط بصموده الرهانات وأسقط المشاريع فضلاً عن محاولة الإنقلاب الداخلي الذي كاد يطيح بنظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أما اليوم تعيش تركيا اهتزازاً في مجتمعها السياسي وأزمات مع الدول المجاورة وتهديدات اقتصادية وأمنية نتيجة سياساتها الداعمة للإرهاب وتتعرّض لضغوط روسية – إيرانية تحاصرها من كلّ حدبٍ وصوب للجم دورها السلبي في سورية دفعتها للتراجع عن دعواتها المتواصلة لإسقاط الرئيس بشار الأسد، فوجدت الساحة اللبنانية نافذة لإظهار أنها لا تزال موجودة في المعادلة السورية بقوة ولها حلفاء من العرب وفي لبنان عبر علاقات وصداقات مع تيارات وأحزاب وشخصيات سياسية واقتصادية.
تحاول أنقرة عبر علاقاتها السياسية مع أطراف محلية الى حجز موقع لها في العهد الجديد، غير أنّ التنافس التركي السعودي في المنطقة رغم عدائهما المشترك لسورية سيحول دون توسع هذا الدور، فالمملكة التي ترزح تحت وطأة أزماتها في المنطقة ستعمل على تقليص دور أنقرة.
تصويب أوغلو على دمشق
وأبدت مصادر مراقبة للحركة التركية في المنطقة استغرابها لتصويب الوزير التركي في مؤتمره الصحافي من وزارة الخارجية ضدّ الرئيس الأسد بشكلٍ قاسٍ ولافت»، مشيرة لـ«البناء» الى «محاولات تركيا لتحويل لبنان الى منصة للتهجم على سورية».
واعتبرت المصادر أنّ زيارة رأس الدبلوماسية التركية سياسية بامتياز ولا تحمل نوايا إيجابية لكن حجم الدور التركي في العهد الجديد يتوقف على السياسة الخارجية التي سيتبعها لبنان تجاه القضايا الاقليمية لا سيما الأزمة السورية».
ومن دون أن يظهر كأنه يردّ على نظيره التركي، قال باسيل ردا على سؤال: «إنّ الشعب السوري هو من يقرّر نظامه ومستقبله مصيره، وعلينا أن نحترم خياره لكن يجب أن نتأكد من وحدة الأراضي السورية وسلامتها وحريتها. كما أنه يجب ان يبقى النظام علمانياً يجمع مختلف الأديان لكي تتمكن بالتعبير عن رأيها».
وكان الوزير التركي قد بدأ زيارته من بعبدا حيث أبدى استعداد بلاده لمساعدة لبنان في المشاريع الانمائية، خصوصاً تلك التي تتعلق بالاهتمام بأوضاع النازحين، وشدد من عين التينة حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري على أهمية الحوار داخل البرلمان وعلى مستوى الشعب، كما عرض مع رئيس حكومة تصريف الأعمال تمام سلام الاوضاع العامة، ومع الرئيس المكلف سعد الحريري أموراً سياسية، وأشاد في مؤتمرٍ صحافي مشترك مع وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في قصر بسترس بالدور الذي يلعبه اللبنانيون في استقبال المزيد من المهاجرين واللاجئين الهاربين من الحرب والعنف في سورية، داعياً الى تشاطر هذا العبء في ظل نزوح أكثر من مليون شخص الى لبنان».
أما المسؤول الالماني الذي وصل الى بيروت أمس للتهنئة، وصف من قصر بعبدا العلاقات اللبنانية- الالمانية بالـ «ممتازة، لان البلدين يتقاسمان العديد من القيم نفسها ويعملان سوياً من أجل السلام في منطقة الشرق الاوسط من خلال اعتماد الحلول السياسية العادلة». ومن قصر بسترس حيث عُقد لقاء ثلاثي ضمّ الى شتاينماير باسيل وأوغلو، أعلن الوزير الالماني «مواصلة دعم بلاده للبنان بمساهمة قدرها 10 ملايين يورو لمواجهة أزمة النازحين».
وفي سياق ذلك، وصل مساء أمس رئيس الدبلوماسية الكندية ستيفان ديون الى بيروت على رأس وفد نيابي على أن يبدأ جولته على المسؤولين ومخيمات النزوح السوري الاثنين المقبل، ومن المتوقع أن يزور بيروت ايضاً وزير خارجية فرنسا جان مارك أيرولت.
الحكومة معلقة على حقيبة المرده
وفي ظلّ الحراك الدبلوماسي الكثيف باتجاه لبنان، لا جديد بانتظار نتيجة الاتصالات التي انطلقت مع عودة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الى بيروت يوم أمس لتذليل آخر عقد التشكيلة الحكومية المعلقة على نوعية الحقيبة التي سينالها تيار المرده. وأكدت مصادر قيادية في التيار الوطني الحر لـ«البناء» أنّ «الحكومة ستتشكل قريباً»، مشيرة الى حرص الرئيس عون على تمثيل كل الأطراف كما يستحقون بحجم تمثيلهم النيابي لا سيما أنه أكد على حكومة الوحدة الوطنية في خطاب القسم»، وأوضحت أن «العقدة موجودة بين الرئيسين بري والحريري ولا تزال عصية على الحل، فالرئيس بري لا يريد حلحلة الوضع إلا برضى الوزير سليمان فرنجية المصر على حقيبة من ثلاث هي الطاقة والاتصالات والاشغال ومن الصعب أن يحصل على أي منها».
وأشارت المصادر العونية الى أن «الحصة المسيحية ستقسم بالتساوي بين القوى المسيحية، ولن تنال القوات حصة أحد، إذا أن التيار سيحصل على 3 وزراء والقوات على 3 ورئيس الجمهورية وزير مسيحي واحد ويضاف إليه وزيرين واحد شيعي والآخر سني مقابل أن يأخذ الثنائي الشيعي وزيراً مسيحياً ورئيس الحكومة المكلف وزيراً مسيحياً وبذلك يصبح عدد الوزراء 9 ويبقى 3 وزراء مسيحيين يوزعون بين الوزير ميشال فرعون والقوى السياسية الأخرى».
ورداً على سؤال حول اللقاء بين باسيل والحاج وفيق صفا، أشارت المصادر الى أن «العلاقات بين حزب الله والتيار جيدة جداً ولن يستطيع أحد دق إسفين بيننا وبين حزب الله والعلاقة وجودية ونقدر وجود حزب الله وجهوده في إيصال الرئيس عون الى سدة رئاسة الجمهورية ونتفهم في الوقت نفسه حرصه على العلاقة مع الرئيس بري وعلى أن مصلحة المقاومة فوق كل اعتبار».
ووجه الرئيس عون أمس عبر بيان لمكتبه الاعلامي دعوة أبوية الى «أي مسؤول أو سياسي للاجتماع به في القصر الجمهوري كي يودع هواجسه لدى فخامته المؤتمن على الدستور وعلى تحقيق عدالة التمثيل في السلطات الدستورية، كما على حسن عملها وفقاً لأحكام جوهر الدستور ونصه طالما انّ الغاية هي المصلحة الوطنية العليا».
وأكدت مصادر «المرده» لـ«البناء» أنّ هذه الدعوة لا تكفي بل على رئيس الجمهورية أن يوجه دعوة شخصية للمرده الى بعبدا للحوار معنا، أما غير ذلك فنعتبر أننا غير معنيين بأيّ دعوة»، وكشفت أنّ «عرضاً تلقته المرده من الحريري يتضمّن إسناد التربية أو الصحة لها مقابل الوزارات الثلاثة التي تطالب بها، ما لاقى رفضاً قاطعاً من المرده»، وأوضحت المصادر أنّ «الوزير فرنجية منذ بداية التأليف طالب بواحدة من حقائب ثلاث وهي الاتصالات أو الطاقة أو الأشغال للمشاركة في الحكومة، وهذا حقنا ولن نشارك إذا لم ننل أيّ منها وإلا فليشكلوا حكومة من دوننا رغم أنهم لا يستطيعون لأنّ ذلك سيسبّب أزمة وطنية وميثاقية وسياسية»، وأشارت الى أنّ «فرنجية تنازل عدة مرات يوم كانت العلاقة جيدة مع الرئيس عون لكن بعد أن ساءت العلاقة اليوم فهو غير مستعدّ للتنازل».
وإذ استغربت المصادر محاولات التيار الوطني الحر لعرقلة إسناد حقيبة أساسية للمرده أكدت أنّ «الكرة في ملعب الرئيسين عون والحريري المعنين بتشكيل الحكومة، وشدّدت على الاتفاق مع الرئيس بري حول الأشغال وأنه عندما تحسم لصالح حركة أمل نحلّ الأمر في ما بيننا».
المصدر: صحف