تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم السبت 28-10-2023 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
الاخبار:
حزام النار
مفاوضات الأسرى: «مدنيون» مقابل مرضى ونساء وأطفال | اختبار برّي للعدوّ… وليلة دموية في غزّة
وسّع جيش الاحتلال عدوانه على قطاع غزة ليل أمس وفجر اليوم. وأعلن الناطق باسم جيش العدو أن عملياته البرية تتوسّع داخل القطاع. لكنّ المعطيات الواردة من الميدان، تفيد بأن العدو يعمل على تحشيد إضافي لقواته قرب الحدود مع القطاع. وقد أعلنت فصائل المقاومة أنها تصدّت للتوغل المحدود، وأطلقت صواريخ مضادة للدروع ضد الآليات، ووردت أنباء عن مواجهات عنيفة مباشرة بين المقاومين وجنود العدو.
وعاشت غزة ليلة هي الأولى من نوعها منذ بدء الحرب، صبّت فيها الآلة العسكرية الوحشية حممها على القطاع مع موجة جنون تدميري، بالتزامن مع قطع الاتصالات الهاتفية والإنترنت لتشديد الحصار على القطاع، والارتقاء درجة في مشروع عزله تماماً عن الخارج، ولمنع أي تواصل بين السكان داخله. وقال مستشار رئيس حكومة العدو: «إن إسرائيل تبدأ الانتقام اعتباراً من الليلة». وأعلن جيش العدو أنه أبلغ وكالتَي «رويترز» و«فرانس برس» بأنه لا يستطيع ضمان سلامة مراسليهما في غزة.
وبحسب وسائل الإعلام العربية والعبرية، كانت الغارات التي تركّزت على شمال القطاع، الأعنف منذ بدء العدوان، إذ احتشدت أكثر من مئة طائرة حربية في سماء القطاع ونفّذت قصفاً متواصلاً بصواريخ ثقيلة، استمر ساعات طويلة، وأدّى إلى تدمير مربّعات سكنية بكاملها، وكل الأبنية القريبة من حدود القطاع الشمالية. وترافق القصف مع تسريبات لجيش الاحتلال عن تقدّم حشوده المدرّعة وقوات المشاة، فيما أعلنت كتائب القسّام أنها اشتبكت مع القوات المتقدّمة وأطلقت عدة صواريخ مضادة للدروع، موقعة إصابات في الآليات، وأن كمائن نُصبت للقوات التي حاولت التوغل مباشرة على الحدود. وأشارت إلى أن الاشتباكات مع قوات الاحتلال شملت أيضاً الحدود الشرقية للمنطقة الوسطى من القطاع. وأدى القصف الوحشي الإسرائيلي إلى انطلاق تظاهرات ليلية في عدد من المدن العربية، ولا سيما في تونس وعمان.
وبحسب مصادر في حركة «حماس» فإن العملية الإسرائيلية ليل أمس، تهدف إلى اختبار قدرة الجيش على التقدّم، ومحاولة استطلاع القوة الدفاعية للمقاومة. وأكّدت المصادر أن العملية ليست متصلة مباشرة بالمفاوضات الجارية بشأن الأسرى المدنيين لدى المقاومة. ورداً على إعلان مصادر إسرائيلية فشل المفاوضات، قالت المصادر إن الوسطاء القطريين والمصريين وغيرهم، فهموا بشكل واضح أن الحديث يدور فقط عن أسرى العدو المدنيين، وأن ملف العسكريين مؤجّل إلى ما بعد وقف العدوان. واتهمت المصادر قوات الاحتلال بعرقلة المفاوضات، لاعتقادها بأن الضغط العسكري سيدفع «حماس» إلى تقديم تنازلات. وأشارت إلى أن العدو يبدو وكأنه أخطأ في فهم مبادرة المقاومة بإطلاق مدنيين لأسباب إنسانية، ويعتقد أن بمقدوره إجبار المقاومة على إطلاق كل الأسرى.
وعلمت «الأخبار» أن النقاش بين فصائل المقاومة الرئيسية في القطاع حول ملف الأسرى المدنيين أُثير أساساً بسبب وجود هؤلاء في قبضة أكثر من جهة، ولأنه لم تعد ممكنة المبادرة من دون مقابل. وعُلم أن عدد 50 أسيراً مدنياً غير نهائي، وأن التدقيق متواصل لمعرفة مَن مِن هؤلاء لم يخدم في جيش الاحتلال أخيراً. كما أن المقابل الذي تريده المقاومة هو إطلاق نحو 700 من الأسرى الفلسطينيين الذين يعانون أوضاعاً صحية سيئة، إضافة إلى إطلاق الأسرى من النساء والأطفال.
أكثر من مئة طائرة حربية نفّذت قصفاً متواصلاً لساعات ودمّرت مربّعات سكنية بكاملها
وبحسب المعلومات، فإن المفاوضات تشمل هدنة إنسانية تقول واشنطن إنها وافقت عليها، وإنها تحاول إقناع إسرائيل بها، وتقضي بتوسيع الممر الإنساني بما يسمح بدخول كلّ الاحتياجات الطبية إلى القطاع، بما فيها الوقود، إضافة إلى كميات من المواد الإغاثية بما فيها ما تحتاج إليه المخابز. وبحسب المعلومات، فإن هناك توافقاً بين قوى المقاومة على هذه المطالب، وأن الوسطاء يعرفون أن المقاومة لم تعد في وارد القيام بمبادرات مجانية، خصوصاً في ظل توسع عمليات القصف والقتل والتدمير. وأفيد بأن عزل القطاع عن العالم من خلال قطع الاتصالات الهاتفية والإنترنت، لا يهدف فقط إلى منع نقل صورة ما يفعله العدو، بل إلى قطع التواصل بين أبناء القطاع أنفسهم، وهو ما أثّر مباشرة على الخدمات الصحية وفرق الدفاع المدني التي عجزت أمس عن الوصول إلى المواقع التي تعرّضت للقصف بسبب انقطاع الاتصالات الهاتفية.
وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري، محمد الخليفي، إن إمكانية إطلاق «جميع المدنيين» المحتجزين لدى حركة حماس «ممكن خلال أيام»، في حال «توقّف القتال». وأوضح في مقابلة مع «سكاي نيوز» البريطانية أن «المفاوضات صعبة»، مشيراً إلى أنه «متفائل بشأن تحقيق انفراجة في ملف المختطفين». وأضاف: «هدفنا إطلاق جميع الرهائن المدنيين. هذا ما نعمل عليه ونريد تحقيقه». لكنه شدّد على أن «الوسطاء يحتاجون إلى فترة من الهدوء للتحدث بشكل منطقي مع الجانبين والتوصل إلى مبادرات إيجابية».
وقال مسؤول غربي لشبكة «سي إن إن» الأميركية إنه تم إحراز «تقدم كبير» في المفاوضات الجارية لتحرير الرهائن. مضيفاً أنه «لا يزال هناك تفاؤل بشأن إمكانية إطلاق سراح المختطفين»، لكنه قال إن «الوقت يُداهم»، مشيراً إلى أن إسرائيل لن تؤجّل العملية البرية لفترة أطول. وكان جيش الاحتلال أعلن أمس أن عدد الذين تأكّد احتجازهم في غزة ارتفع إلى 229 بينهم العديد من الأجانب.
في هذا الوقت، وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأغلبية 120 دولة، على مشروع قرار عربي يدعو إلى وقف إطلاق نار إنساني فوري ودائم في القطاع. وقد هاجم مندوب العدو في الجمعية جلعاد إردان مؤيدي المشروع، قائلاً: «كيف لا تخجلون من دعم اقتراح لا يذكر حتى كلمة حماس، وكأنّ هذه الحرب بدأت من تلقاء نفسها؟»، مشيراً إلى أن «إسرائيل ستفعل كل ما هو ضروري لتدمير البنية التحتية الإرهابية لحماس وإعادة المختطفين إلى وطنهم».
أميركا تدخل بعضلاتها: استعراضٌ لا يردع المقاومة
الحسكة | نفّذت الولايات المتحدة الأميركية تهديداتها بالردّ على الهجمات التي تعرّضت لها قواعدها في سوريا والعراق، عبر قصف «منشأتَين في شرق سوريا»، على حدّ قولها. ووضع وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، ذلك الردّ، الذي وصفه بـ«الضربات الدقيقة»، في سياق «الدفاع عن النفس، والردّ على سلسلة الهجمات المستمرّة»، ضدّ أفراد أميركيين في العراق وسوريا، والتي عدّ معظمها «غير ناجحة». وأشار أوستن، في بيان، إلى أن «الرئيس جو بايدن أمر بشنّ الضربات للتأكيد أن الولايات المتحدة لن تتسامح مع مثل تلك الهجمات ضدّها، وستدافع عن نفسها ومصالحها». وإذ لفت إلى أن «الغارات أصابت مستودعاً للأسلحة ومخزناً للذخائر قرب البوكمال»، قال إنه تابع لـ«الحرس الثوري الإيراني» والقوات الموالية له، فقد ادّعى أن «هذه الغارات منفصلة عن الصراع في غزة، ولا تشكّل تغييراً في نهج واشنطن تجاه هذا الصراع»، في ما بدا محاولة لتنفيس أيّ ضغط على بلاده لوقف دعمها للكيان الصهيوني في هجومه الوحشي على قطاع غزة.
من جهتها، تؤكّد مصادر ميدانية في دير الزور، في حديث إلى «الأخبار»، أن «الاحتلال الأميركي نفّذ غارتَين في منطقة المزارع بين بلدة القورية ومدينة الميادين في ريف دير الزور الشرقي، مستهدفاً مواقع لقوات رديفة وحليفة للجيش السوري»، مبيّنةً أن «هذه هي المرّة الثانية هذا العام التي تتعرّض فيها تلك المنطقة للقصف، بعد استهدافها من طيران الاحتلال مطلع العام الحالي». ونفت المصادر «وجود أيّ مستودعات للأسلحة والذخائر في المواقع المستهدفة، التي هي نقاط تمركز للجنود لحماية المنطقة من هجمات خلايا داعش المدعومة أميركياً». وعلى المستوى الميداني، لم يتأخّر ردّ فصائل المقاومة، التي استهدفت مرّتَين متتاليتَين «قاعدة العمر»، أكبر القواعد الأميركية في سوريا، بستّة صواريخ، سقط معظمها داخل القاعدة، بعد أقلّ من ساعتين على تنفيذ العدوان على بادية الميادين. وقصفت المقاومة، منذ أكثر من أسبوع وحتى الآن، عشر مرّات، القواعد الأميركية غير الشرعية في سوريا، وهو ما كان كفيلاً باستنفار وزارة الدفاع الأميركية لتعزيز موقفها الدفاعي، ومنع وقوع عمليات استهداف إضافية، بخاصة مع وجود حديث إعلامي أميركي عن أن 24 جندياً على الأقلّ أصيبوا في الهجمات الأخيرة.
ولعلّ ما ضاعف قلق الأميركيين هذه المرّة، هو زخم الهجمات غير المتوقّع وغير المسبوق منذ بدء حَراك المقاومة في استهداف هذه القواعد في حزيران 2021، والنجاح في الوصول إلى أهداف دقيقة كما حدث في عمليات استهداف «التنف» و«العمر» و«خراب الجير»، والتي أدّت إلى أضرار بشرية ومادية. كما أن قِصر المدّة التي استُهدفت فيها ستّ قواعد (في غضون أسبوع) زاد من حالة الإرباك الأميركية، بخاصة في ظلّ بُعد هذه القواعد بعضها عن بعض، لمسافات تصل إلى أكثر من 250 كيلومتراً بين «العمر» و«خراب الجير» مثلاً، ونحو 800 كم بين «خراب الجير» و«التنف» و«الركبان». ومن هنا، تَبيّن للأميركيين أن لدى المقاومة قدرة عالية على استهداف وجودهم على طول الشريط الحدودي بين سوريا والعراق، من اليعربية في أقصى الريف الشرقي للحسكة، إلى التنف على مثلث الحدود مع العراق والأردن، بالإضافة إلى عمق الأراضي السورية في «العمر» و«كونيكو» و«الشدادي».
استمرار الحرب الهمجية على غزة، قد يدفع المقاومة إلى فتح جبهات أخرى واستهداف المصالح الأميركية بصورة أكبر في كامل المنطقة
كذلك، إن حقيقة أن الأدوات التي تستخدمها المقاومة في عملياتها، هي محلّية الصنع في الغالب، سواءً كانت الطائرات المسيّرة أو الصواريخ القصيرة المدى، ولّدت إحراجاً في صفوف القيادات العسكرية الأميركية، بعد فشل كلّ أنظمة الدفاع الجوي التي نُصبت منذ آذار الماضي وحتى الآن في القواعد الأميركية كافة في سوريا، في صدّ الهجمات ومنع تشكيل خطر على حياة الجنود. وكان قد عمد الأميركيون، بعد حادثة استهداف مطار خراب الجير في آذار الماضي، والتي أسفرت عن مقتل جندي وإصابة ستة آخرين، باعترافهم، إلى تعزيز قواعدهم بأنظمة دفاع جوية، عبر نشر منظومة صواريخ «هيمارس»، ونصب كاميرات مراقبة حرارية ومناطيد متخصّصة بالمراقبة، لتشكيل غلاف دفاعي كفيل بحماية القواعد من أيّ خطر، وفقاً لزعمهم. لكن خلافاً لهذه المزاعم، تمكّنت المقاومة من اختراق تلك التحصينات، والوصول مباشرة إلى القواعد، وتشكيل خطر على حياة الضباط والجنود الأميركيين، وهذا ما دفع واشنطن إلى الإعلان عن إرسال مزيد من المنظومات الدفاعية إلى سوريا، في محاولة للحدّ من الخطر الذي تشكّله المقاومة على القواعد هناك.
إزاء ذلك، تؤكّد مصادر ميدانية، لـ«الأخبار»، أنه «رُصدت تحرّكات غير اعتيادية لقوات الاحتلال الأميركي في غالبية القواعد في سوريا، بخاصة القواعد التي تعرّضت لهجوم مباشر في شرق البلاد»، مشيرةً إلى أن القوات الأميركية «بدأت تسيير قوافل أسلحة ومعدّات براً وجواً إلى القواعد الأميركية في سوريا، بهدف تعزيز الموقف الدفاعي لهذه القواعد، بعد التصعيد الواضح لفصائل المقاومة ضدّها». وتكشف المصادر أن «نحو 50 شاحنة دخلت في الثلاثة أيام الأخيرة إلى الأراضي السورية عبر معبر الوليد غير الشرعي، وهي تحمل معدّات وأسلحة وذخائر متنوّعة وُزّعت على قواعد الاحتلال في الحسكة ودير الزور»، مضيفةً أن «مطار خراب الجير شهد هبوط طائرات شحن أميركية لأربع مرّات في يومَين، وهي تحمل معدّات وأنظمة دفاع جوي وجنود، نُقلت بالمروحيات إلى عدّة قواعد ولا سيما العمر وكونيكو والشدادي». وتوضح المصادر أن «من بين المعدّات المستقدَمة صواريخ أفينجر المتخصّصة بالتصدّي لأهداف جوية منخفضة الارتفاع كالطائرات المسيّرة والمروحيات، بالإضافة إلى منظومة ثاد»، متابعةً أن «هذه المعدّات استُقدمت خصيصاً في محاولة لإسقاط الطائرات المسيّرة والصواريخ قصيرة المدى، وهي التقنية التي تستخدمها المقاومة في استهداف القواعد الأميركية»، مرجّحةً أن يكون «قد عُزّز حضور الجنود الأميركيين في سوريا بنحو 100 عنصر».
على أن هذه الحركة النشطة، وتنفيذ اعتداء على القوات الرديفة للجيش السوري، لم يستطيعا إيقاف عمليات المقاومة، التي استهدفت قاعدة «العمر»، وقبلها مطار «خراب الجير» وقاعدة «الشدادي» في ريفَي الحسكة الشمالي والجنوبي، وقاعدة «كونيكو» في ريف دير الزور الشمالي، برشقات صاروخية متعدّدة. وتبنّت «المقاومة الإسلامية في العراق» هذه الهجمات، مؤكدةً، في بيان رسمي، أنها «تمكّنت من إصابة الأهداف بشكل مباشر». ومن هنا، يبدو أن المقاومة بدأت الاعتماد على الصواريخ القصيرة والمتوسّطة المدى لاستهداف القواعد، مع توقّعات باستئناف استخدام الطائرات المسيّرة، لاختبار القدرات الدفاعية الجديدة للأميركيين، بعد التعزيزات الأخيرة التي استُقدمت إلى المنطقة. وفي هذا الإطار، ترجّح مصادر مطّلعة «استمرار عمليات الاستهداف للقواعد الأميركية في سوريا، رغم كلّ التعزيزات»، مؤكدةً أن «لدى المقاومة البدائل المناسبة لإيصال الرسائل بالنار إلى الأميركيين، ومفادها أن وجودهم في سوريا والعراق غير مرغوب فيه وعليهم الرحيل من المنطقة». وتجزم المصادر أن «رسالة التصعيد مستمرّة لتأكيد وحدة جبهات المقاومة، بغضّ النظر عن حجم ردّة فعل الاحتلال الأميركي على ذلك»، مقدّرةً أن «استمرار الحرب الهمجية على أهالي قطاع غزة، قد يدفع المقاومة إلى فتح جبهات أخرى واستهداف المصالح الأميركية بصورة أكبر في كامل المنطقة، للضغط لإيقاف حمام الدم المستمرّ في القطاع».
مخطّط التهجير يحتضر: بداية عودة إلى الشمال
غزة | تُنبئ تحرّكات اليومين الماضيين، بأن جيش الاحتلال انتقل إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الحرب، أو على الأقلّ التمهيد للعملية البرية، عبر عمليات إنزال بري وتوغّل محدودة جدّاً، على رغم أنه لم ينجح أصلاً في تحقيق أهداف المرحلة الأولى، والمتمثّلة في التهجير القسري والكلّي لسكّان مدينة غزة وشمال القطاع، إلى منطقة ما بعد وادي غزة، أي إلى المحافظات الوسطى والجنوبية، إذ بدأ الآلاف من المواطنين الذين نزحوا من الشمال في الأيام الأولى للحرب بناءً على إنذارات العدو بالإخلاء، بالعودة إلى منازلهم التي يقع أكثرها في المناطق التي تعرّضت للقصف الجوي المكثّف في الأيام التالية لعملية «طوفان الأقصى»، ليجدوا الأحياء التي كانوا يعيشون فيها، قد دُمّرت بالكامل.
واختار النازحون، هذه المرّة، أن يقيموا في مراكز إيواء قريبة من أماكن سكنهم الأصلية. في شارع الترنس الرئيس وسط مخيم جباليا في شمال شرق القطاع، يوحي الازدحام وكأنّ المخيم لم يتعرّض قبل أيام قليلة، لأكثر من خمس غارات أسفرت عن استشهاد ما يزيد على 100 مواطن، إذ ثمّة قناعة جماعية، هنا، بأن لا مكان آمناً في القطاع، وبالتالي فإن الأفضلية تُصبح لمصلحة العيش أو الموت تحت سقف المنزل، على التهجير إلى مكان آخر، ما دام القطاع بكامله معرّضاً للغارات الجوية التي لا ترحم. وبات هذا الخيار بالنسبة إلى هؤلاء العائدين، أكرم من العيش في ملجأ أو مركز إيواء بعيد سيختار الاحتلال أن يقتلك فيه في وقت لاحق. وبالقرب من مسجد الخلفاء في وسط مخيم جباليا الذي جالت فيه «الأخبار»، كان المئات من المواطنين يتنقّلون حاملين بطاريات يذهبون بها إلى منازل جيران لهم تتوفّر لديهم طاقة شمسية، وفتحوا منازلهم لتقديم خدمة شحن الهواتف وبدائل الكهرباء لجيرانهم، بينما كان آخرون يحملون أسطوانات الغاز المنزلي التي جازفوا بحياتهم في سبيل إخراجها من بيوتهم المدمّرة في المناطق الطرفية من شمال غزة أملاً في استخدامها في إعداد الأطعمة؛ ذلك أن الكهرباء والغاز المنزلي ظلّا شغل المواطنين الشاغل. وعلى باب «مدرسة شادية أبو غزالة» التي تحوّلت إلى مركز إيواء، وقف أبو محمد الكحلوت، الذي كان قد نزح وعائلته إلى مخيم النصيرات وسط مدينة غزة في اليوم العاشر من الحرب، وعاد أخيراً إلى منزله في منطقة السكة شرقي مخيم جباليا، ليجده والعشرات من منازل الحيّ المحيطة وقد سُوّيت بالأرض. ويقول أبو محمد لـ«الأخبار»: «خلال وجودنا في مخيم النصيرات، حيث أكرمنا الأهالي هناك وأحسنوا استضافتنا، ارتكب الاحتلال خمس مجازر في ليلة واحدة تسبّبت باستشهاد أكثر من 90 مواطناً»، مضيفاً: «قصفوا السوق ومحالَّ ومخبزاً ومركزاً تجارياً. طائرات الاحتلال توزّع الموت على الجميع. لذا وجدنا من الأكرم لنا أن نموت بين أهلنا، وفي أماكن قريبة من منازلنا».
الاحتلال يقفز عن مرحلة التهجير القسري لسكان مدينة غزة وشمال القطاع بعد فشلها
أما الشاب محمد المصري، فقد نزح إلى منزل لأقارب له في مدينة خانيونس. يقول محمد، لـ«الأخبار»، إن «الاحتلال قصف هناك منزلاً ملاصقاً للمنزل الذي كنت أقيم فيه، وأُصيب معظم أفراد عائلتي بجروح». ويضيف: «ألقت طائرات الاحتلال منشورات طالبت فيها حتى سكان جنوب القطاع بالنزوح إلى العراء في منطقة المواصي، على اعتبار أن تلك المنطقة ستكون آمنة»، متابعاً أن «من الغباء أن نواصل الاستجابة لنداءات التهجير التي لا تنتهي، بينما الطائرات لا تستثني أيّ منطقة في القطاع من قنابلها. ولذلك، اخترتُ العودة إلى شمال القطاع، إلى منطقتي. وليقضِ الله ما يشاء».
وكان الاحتلال قد مارس، منذ بداية الحرب، حرباً نفسية استهدفت سكان شمال القطاع ومدينة غزة، عبر الاتصال على هواتف المواطنين ومطالبتهم بإخلاء منازلهم. ثمّ صعّد تلك الحرب من خلال ارتكاب المجازر بقصف المنازل على رؤوس ساكنيها، والأسواق والمخابز ومراكز الإيواء، لإجبار الأهالي على ترك بيوتهم، تمهيداً لتدمير كلّ أحياء مدينة غزة وشمالها، كونها ستغدو مسرحاً لعملياته البرية المرتقبة. غير أن سياسة القصف الشاملة، والتي لم تستثنِ أيّ منطقة من القطاع، أفقدت جيش العدو مصداقيته، ما دفعه إلى القفز عن إصراره على التهجير الجماعي، والشروع في التوغّل البري المحدود.
وفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي، محمد أبو جياب، أن «طموح الاحتلال الذي استخدم من أجله سياسة الرعب والترهيب بالمجازر، اصطدم بعقلية الغزّيين المجبولة بالعناد»، مضيفاً، في حديث إلى «الأخبار»، أن «الاحتلال سيجد نفسه بعد كلّ مرحلة، مضطراً لتخفيض سقف طموحاته. كان يطمح إلى عملية عسكرية تقود إلى تغيير ديموغرافي قائم على ترحيل مليون ومئة ألف مواطن من مدينة غزة وشمال القطاع، واستخدامهما كمنطقة عازلة لحماية مستوطنات الغلاف. لكنّ الأهالي قالوا له: اقتلنا جميعاً ثم احتلّ الأرض». ويتابع: «لم يعُد أمامه الآن سوى استخدام السلاح النووي لتنفيذ إبادة جماعية ليحقّق ما يشاء… وسيحمل كلّ يوم من عمر هذه الحرب المزيد من التنازلات من قِبل العدو».
المقاومة تحافظ على الزخم الصاروخي
بعد 21 يوماً من القصف الجوّي المركّز على قطاع غزة، واصلت «كتائب القسام» استهداف مدن العمق الإسرائيلي، برشقات صاروخية كثيفة، ردّاً على المجازر المستمرّة بحق المدنيين، في ما ينبئ بأن المقاومة لا تزال متماسكةً ميدانياً، ومحتفظةً بقدراتها العسكرية. وأكدت «القسام» أنها قصفت مدن تل أبيب وعسقلان وأسدود ومستوطنة «رعيم» في «غلاف غزة»، فيما أعلنت «سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي»، قصف عسقلان بصاروخ «بدر 3»
وسُمع دويّ صافرات الإنذار في جميع أنحاء «غوش دان»، وفي «حولون» و«رمات غان» و«بات يام» و«ريشون لتسيون» و«موديعين»، و«نير عام»، و«لخيش»، و«نتيف هتارا» و«كرميا» و«ياد مردخاي»، ومناطق أخرى، بحسب وسائل إعلام عبرية. وأفادت «القناة 12» بسقوط صاروخين شرق «ريشون ليسيون»، حيث أصيب شخص بجروح متوسطة بشظية صاروخ سقط في منطقة زراعية، ونقل إلى مستشفى «شامير» لتلقّي العلاج، فيما حقّقت الدفعة الصاروخية التي طالت «سديروت»، مساءً، إصابة مباشرة، بحسب قناة «الجزيرة» القطرية.
اعتداءات وتنكيل ومنشوراتُ تهديد: سُعار مستوطني الضفة يشتدّ
رام الله | يطلّ مخطّط لتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية المحتلّة إلى الأردن، برأسه مرّة أخرى، هذه المرّة على وقع العدوان على قطاع غزة، والذي رافقه مخطّط لتهجير جديد للفلسطينيين هناك إلى سيناء في مصر، سرعان ما ثبتت استحالة تنفيذه. وبات واضحاً أن الضفة مقبلة على مواجهة كبيرة مع المستوطنين، في ظلّ ما يخطّط له هؤلاء من هجمات على الفلسطينيين عقب تسليح المئات منهم، وتشكيلهم عصابات مسلحة.
وتجمّع مئات المستوطنين، مساء أول من أمس، قرب بلدة دير إستيا شمال غرب سلفيت، واعتدوا على المواطنين، متوعّدين إيّاهم بـ«نكبة» جديدة على غرار نكبة عام 1948 من خلال منشورات ألصقوها على مركبات المزارعين الفلسطينيين قرب البلدة، وجاء فيها: «إن أردتم نكبة مماثلة لعام 1948، فوالله ستنزل على رؤوسكم الطامّة الكبرى قريباً. لديكم آخر فرصة للهروب إلى الأردن بشكل منظّم. وبعدها سنُجهز على كلّ عدوّ، وسنطردكم بقوّة من أرضنا المقدّسة الّتي كتبها الله لنا».
وتندرج تلك التهديدات ضمن المشهد التصعيدي العام في الضفة، المصحوب باتّساع الهجمات الإرهابية اليومية للمستوطنين وجيش الاحتلال على مختلف القرى والبلدات، والتي كان آخر فصولها اعتداء مجموعة من المستوطنين على مدرسة عرب الكعابنة قرب أريحا، حيث نُصبت دُمى ملطّخة بالدم لخلق حالة من الرعب لدى الأطفال. وقبل أيام، ألقى مستوطنون منشورات إرهابية أخرى قرب قرية قصرة، على كلّ منها صورة لمجموعة من المستوطنين الملثّمين وهم يحملون فؤوساً وصفيحة بنزين ومنشاراً، مع نصّ مطبوع باللغتين العبرية والعربية يقول: «إلى كلّ الجرذان في مجاري قرية قصرة، نحن في انتظاركم ولن نحزن عليكم. يوم الانتقام قادم».
وشهد العام الجاري ارتفاعاً في اعتداءات المستوطنين حتى قبل عملية «طوفان الأقصى». ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة، سُجّل أكثر من 100 حادثة كلّ شهر، وجرى طرد نحو 400 شخص من أراضيهم بين كانون الثاني وآب الماضيين. وأفادت «منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية» (بتسيلم)، بدورها، بأنها وثّقت، منذ عملية «طوفان الأقصى»، «جهداً منسّقاً ومنظّماً من قبل المستوطنين لاستغلال تركُّز الاهتمام الدولي والمحلي برمّته على غزة وجنوب لبنان، لزيادة الاعتداءات، حيث سُجّل خلال الأيام الستة الأولى من الحرب على غزة، ما لا يقلّ عن 46 حادثة منفصلة هدّد فيها المستوطنون، أو هاجموا، أو ألحقوا أضراراً بممتلكات الفلسطينيين في الضفة الغربية».
يوزّع بن غفير الآلاف من قطع السلاح على المستوطنين
وشرَع وزير «الأمن القومي»، إيتمار بن غفير، في العاشر من تشرين الأول الجاري، في توزيع الآلاف من قطع السلاح على المستوطنين في المستوطنات الشمالية والساحلية، وفي المناطق والمدن المختلطة. وفي 13 تشرين الأول، نشر بن غفير تدوينة له مع صور في عدد من المستوطنات في الضفة، قال فيها: «في إطار عملية شراء الأسلحة للسكان، شاركت اليوم في توزيع الأسلحة في منطقة وادي يزرعيل (شمال)». وأعلن أنه قام بشراء قرابة 4 آلاف قطعة سلاح، من أصل 20 ألف قطعة سيتمّ شراؤها خلال الأيام المقبلة، مضيفاً أنه قام بتوزيع 2000 قطعة على عشرات المستوطنين في المناطق الشمالية والساحلية، كما سيتمّ توزيع المزيد في المستوطنات الأخرى. وفي 10 تشرين الأول، نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن بن غفير قوله إن وزارته اشترت 10 آلاف بندقية، لتسليح المستوطنين في الضفة، وآخرين يعيشون في مدن مختلطة مع العرب، إضافة إلى تسليح فرق الحماية المدنية.
في خضمّ ذلك، عاشت مدن الضفة وبلداتها ليلة دامية جديدة (الخميس – الجمعة)، استشهد فيها 4 شبان، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال، أبرزها في مخيم جنين الذي شهد اقتحاماً واسعاً واشتباكات مسلحة بين المقاومين وجيش العدو، أسفرت عن استشهاد 3 مقاومين، هم: عبد الله أبو الهيجاء من بلدة اليامون، أيسر محمد العامر من مخيم جنين وجواد التركي، بينما استشهد الأسير المحرّر، قسام عبد الحافظ، خلال مواجهات اندلعت في مدينة قلقيلية. وأعلنت فصائل المقاومة في جنين تصدّيها لقوات الاحتلال وآلياتها بالرصاص والعبوات الناسفة في عدّة مواقع، بينها محيط «مستشفى ابن سينا» وحيّ الزهراء، في وقت استعان فيه جيش العدو بالطائرات المسيّرة التي اغتالت الشهيد جواد التركي في محيط المخيم، توازياً مع قيام جرافات الاحتلال بتخريب الشوارع هناك.
كذلك، شنّت قوات الاحتلال، فجر أمس، حملة اعتقالات واسعة طاولت 70 مواطناً على الأقل من الضفة، بينهم امرأتان وصحافي، لترتفع حصيلة الاعتقالات منذ السابع من تشرين الأول، إلى أكثر من 1530 حالة. أمّا مدينة القدس، فقد تحوّلت إلى ثكنة عسكرية لليوم الثالث على التوالي، فيما لم يتمكّن سوى 5 آلاف مصلّ من الوصول إلى المسجد الأقصى والصلاة فيه، بعدما كان يصل عددهم إلى 50 ألفاً، حيث منعت قوات الاحتلال المصلّين ممّن هم دون الـ 70 عاماً من الدخول إلى المسجد، واعتدت على من أدّوا الصلاة خارج البلدة القديمة، وقمعتهم وأطلقت صوبهم الرصاص المعدني المغلّف بالمطاط والغاز السام المسيّل للدموع، ولاحقتهم في شوارع وادي الجوز. جاء هذا في وقت شهدت فيه مناطق متفرّقة من الضفة، مساء أمس، مسيرات عدّة في مراكز المدن إسناداً لغزة وتنديداً بجرائم العدو، ترافقت مع اندلاع مواجهات عنيفة خلّفت عشرات الإصابات.
وكان الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد حذّر نتنياهو، قبل يومين فقط، من أن «تصاعد التوترات» في الضفة قد يؤدي إلى «تفاقم الأزمة»، فيما قال مسؤولون في البيت الأبيض إن بايدن أعرب، خلال محادثات أجراها مع نتنياهو، عن «قلقه بشأن ارتفاع عدد الفلسطينيين الذين قتلوا في الضفة الغربية وكذلك زيادة عنف المستوطنين»، معتبراً أنه «يتعيّن على إسرائيل التحرّك لتهدئة الوضع في الضفة ومنع هجمات المستوطنين ضدّ الفلسطينيين من أجل منع انفجار الوضع على الأرض».
«صفقة ثلاثية» لملء الشواغر في المراكز الأمنية
رغم أن لا صوتَ يعلو على صوت الميدان، وترقّب التطورات على الجبهة الجنوبية مع فلسطين المحتلة وما يُمكن أن ينتج عن التطورات في قطاع عزة من تداعيات على الساحة اللبنانية، يشكّل التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون أو تعيين قائد جديد مادة سجال في المشهد السياسي في بيروت، حيث تفرض الظروف عدم الاستسلام لشلّ عمل المؤسسة العسكرية ودخولها في ما يشبه الموت السريري. فمنذ أسبوع بدأ الحراك الجدّي لإيجاد حل للشواغر الأمنية ولا سيما في قيادة الجيش، عشية انتهاء ولاية عون الذي يُحال إلى التقاعد بداية العام الجديد.
واصطدم الحراك منذ يومين بالمراسلة العاجلة من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى وزيرَي الدفاع موريس سليم والعدل هنري خوري وقيادة الجيش، ما دفع بالوزير سليم إلى إبداء اعتراضه على المراسلة مؤكداً استعداده لتقديم الاقتراحات المتكاملة عندما يحين موعد طرحه. كلام وزير الدفاع له معنى واحد، وهو أن محاولات الوصول إلى اتفاق بشأن هذا الأمر لم تصل إلى خواتيمها المرجوّة، وأن الحراك الذي قاده رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل قبل أيام في اتجاه القوى السياسية واستبطن البحث في مصير قيادة المؤسسة العسكرية لم يسلك طريقَيْه السياسي والإداري. فإقرار التمديد في مجلس النواب باقتراح قانون يتعلّق برفع سن التقاعد مدة سنة واحدة للضباط من كلّ الرتب (عندها يبقى قائد الجيش الحالي في موقعه وكل العمداء وهذا يشمل جميع الأسلاك الأمنية بمن في ذلك المدير العام لقوى الأمن الداخلي ونائب مدير أمن الدولة) غير قابل للتطبيق بسبب مقاطعة الكتل المسيحية، إذ تؤكد مصادر مطّلعة أن «تسريب كتلة القوات اللبنانية أجواء عن أنها ستحضر جلسة تشريعية ببند واحد هو التمديد لقائد الجيش الحالي غير صحيح، فضلاً عن أن هناك توافقاً وتقاطعاً بين باسيل ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية على رفض التمديد لعون».
الاتفاق يصطدم بإصرار باسيل على مرسوم حكومي ممهور بتواقيع كل الوزراء
وعليه تكشف المصادر عن «صفقة ثلاثية» بدأ الهمس بها، تتضمّن تعيينات جديدة في ثلاثة مراكز هي: قيادة الجيش، المديرية العامة للأمن العام والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، وهو أمر لا يمانعه باسيل الذي يريد تسمية القائد الجديد، كما لا يمانعه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي يزكّي اسم رئيس شعبة المعلومات العميد خالد حمود ليحل مكان اللواء عماد عثمان. ويُحكى في هذا الإطار، أن الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، قد يطالب بتعيين رئيس للأركان يكون مقرّباً منه، بعدما كان أبدى استعداداً للقبول بقائد اللواء الحادي عشر العميد حسان عودة، الذي تربطه علاقة قوية بالعونيين. إلا أن تخريجة هذه الصفقة لم تُحدد بعد، خصوصاً أن كلاً من القوى السياسية تريدها أن تسلك طريقاً محدداً.
فرئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب نبيه بري يفضّلان التمهل، والمباشرة بملء الشغور تدريجياً بدءاً من رئيس الأركان في جلسة لمجلس الوزراء، لن يقاطعها حزب الله، بينما يجهد باسيل للتوسّع باتّجاه ملء الشغور في مجلس القيادة وفي المجلس العسكري، ولا يبدي ممانعة في أن تطاول التعيينات المواقع الأمنية الأخرى، شرطَ أن تقوم الحكومة بالتعيينات وفقَ الصيغة التي كانت سائدة في حكومة الرئيس تمام سلام بصدور المراسيم ممهورة بتوقيع جميع الوزراء، لتثبيت أن أي قرار لا يمكن أن يمر دون تواقيع كل الوزراء أي بحضور وزراء التيار. إلا أن أياً من الأحزاب السياسية «لا يبدو أنه مستعدّ للتجاوب مع مطلب باسيل، والقبول بمعادلات سياسية جديدة تحت ضغط الحرب».
اللواء:
لبنان في مهبّ المفاجآت مع تجاهل دولي للإعتداءات الإسرائيلية
لم تنتهِ الحرب بعد، ومع ذلك، فإن الجسم الحربي في اسرائيل، بالعاملين في الميدان او الموضوعين على لائحة الاحتياط، يعكف عن مناقشة مسائل بالغة الخطورة، لا تتعلق بالفشل الميداني، وخسارة حرب الاستخبارات التي كانت دولة الاحتلال تتباهى بها، بل بالتقنيات العسكرية والتدريبات، والقدرة على ادارة مواجهة بالغة التعقيد. كما تعكف قيادات المقاومة في لبنان وفلسطين على تدارس ما يحدث، لا سيما لجهة الاسلحة بالغة الدقة التي زودت بها الولايات المتحدة الاميركية اسرائيل، وتمكنت من تحقيق اهداف بين المقاومين على نحو غير مسبوق.
وفيما لم يعرف اذا كان لبنان على جدول زيارة مساعدة وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الادنى باربارا ليف الى الشرق الاوسط، فإن عمليات المقاومة على خط المواقع بين لبنان واسرائيل عادت الى الواجهة، بدءاً من القطاع الغربي الى القطاع الشرقي، من دون ان تتوقف صفارات الانذار على الجهة المقابلة، لا سيما في المنارة، وكذلك دوريات «اليونيفيل» على طول الحدود.
وبقي الاهتمام الدبلوماسي الغربي والاوروبي على وجه الخصوص في الواجهة.. فأجرى وزير خارجية بريطانيا جيمس كليفرلي اتصالا مع الرئيس نجيب ميقاتي، في اطار الدعوات لعدم تمكين اي طرف من جر لبنان الى الحرب، على نطاق واسع.
ولاحظت مصادر لبنانية معنية ان الحركة الدبلوماسية الدولية، سواء عبر وزراء الخارجية او السفراء في بيروت، لا تعير اهتماماً للاستفزازات الاسرائيلية بل تقتصير النصائح التحذيرية على لبنان فقط.
وفي حين ان لبنان، كجزء مما يجري في المنطقة، دخل في اسبوع المفاجآت مع اشتداد الضغط الاسرائيلي على غزة المدمرة، بهدف اخضاع «حماس»، قال نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم امام وفد ايران: «لا يعلم الاميركي والاسرائيلي ما تخبئه الايام اذا استمر العدوان».
وفي اطار بلورة عملية لخطة الطوارئ لمواجهة أية تطورات امنية، وفي اطار التنسيق مع منظمات الامم المتحدة، ترأس ميقاتي اجتماعا في السراي الكبير للجنة تنسيق خطة الطوارئ مع منظمات الامم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، وجرى التداول في الموارد المتوافرة وامكانية احتواء تداعيات اي عدوان ونزوح من الوجهة الانسانية.
نيابياً، دعا الرئيس نبيه بري اللجان المشتركة عند العاشرة والنصف من قبل ظهر الثلاثاء المقبل، لمناقشة الحكومة في خطة الطوارئ الوطنية لتعزيز الجهوزية لمواجهة تداعيات العدوان الاسرائيلي.
اهتزاز حركة باسيل
سياسياً، اهتزت حركة «الانفتاح العوني» على بعض القيادات الرسمية، بتأثير من الاشتباك الذي طرأ على جبهة ملء الفراغ المحتمل في القيادة العسكرية، في ضوء رغبة الرئيس نجيب ميقاتي الاسراع بهذه الخطوة، اقله خلال ت2 المقبل، وممانعة وزير الدفاع موريس سليم المقرَّب من التيار الوطني الحر من الاقدام على خطوة، تبقي قائد الجيش العماد جوزاف عون في قيادة المؤسسة العسكرية.
ولم تتأخر قيادة «القوات اللبنانية» على رفض مبادرة باسيل، التي اعلن عنها، ورفضت معراب استقباله، بحجة انه لم يطلب رسميا الموعد من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، بل من شخصيات ونواب في المعارضة.
وأوضحت مصادر في «القوات اللبنانية» لـ «اللواء» أن رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع اعتبر أن ما من مبادرة يحملها النائب جبران باسيل الذي يتحرك وفقا لمصالحه.
ولفتت إلى أن باسيل لم يطلب موعدا لزيارة معراب ولاحظت أنه لم يبتعد خطوة واحدة عن حزب الله.
إلى ذلك رأت أوساط مراقبة لـ «اللواء» أن باسيل لم يلتق احدا من افرقاء المعارضة وانه لم يقدم طرحا محددا وما قاله في مؤتمره الأخير هو مجموعة مواقف أطلقها في لقاءاته على أن تتظهر الأهداف الحقيقية وراء هذه اللقاءات قريبا .
وعلمت «اللواء» أن موضوع الاشكال بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الدفاع موريس سليم قد يشق طريقه نحو المعالجة بعدما كان الاتفاق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري على التروي في موضوع الشغور في قيادة الجيش.
جولة التغييريين على السفراء
وجال وفد يمثل مجموعات التغيير في المجلس النيابي، على سفراء المملكة العربية السعودية وليد بخاري، ودولة قطر الشيخ سعود بن عبد الرحمن بن فيصل آل ثاني وجمهورية مصر العربية ياسر علوي والمملكة الاردنية وليد الحديد ودولة فلسطين اشرف دبور، مطالباً بالضغط لوقف اطلاق النار، مشددا على ضرورة تدخل المجتمعين العربي والدولي لمنع توسيع دائرة العنف وإبعاد الحرب عن لبنان، والتشدد في تطبيق القرار 1701، ودعم الدولة اللبنانية لاستعادة قرار الحرب والسلم.
بالمقابل، كانت حركة لافتة لنائب رئيس لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية الايرانية في مجلس الشورى الايراني ابراهيم عزيزي مع وفد نيابي، اذ زار الرئيس بري واستقبله من حزب الله نائب الامين العام الشيخ نعيم قاسم.
وبيروت من ضمن عواصم ثلاث تشملهم زيارة عزيزي، وكانت المحطة الثانية بعد بغداد على ان يتوجه الى دمشق.
الجنوب في اليوم الـ21
وفي التطورات الميدانية، هاجمت المقاومة الاسلامية عصر امس بالصواريخ الموجهة مواقع رويسات العلم- السماقة وزبدين في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلة. كما هاجمت المقاومة بالاسلحة المناسبة موقع ابو دجاج بالاسلحة المناسبة، ودمرت قسماً من تجهيزاته الفنية والتقنية.
وكانت قوات الاحتلال، تدخلت بالقصف باتجاه فرق الدفاع المدني التي حاولت اطفاء الحرائق الفوسفورية.
وعلى الرغم من استمرار القصف الاسرائيلي، وطلعات الـ«MK» (طائرة استطلاع اسرائيلية) شيع حزب الله شهداءه في النبطية ولبايا وغيرها، في وقت شهدت منطقة ساحل الزهراني في قضاء صيدا اقبالاً من النازحين من المناطق الحدودية، وقد نزح اليها نحو 600 اسرة توزعت على 18 قرية ضمن قرى بلديات ساحل الزهراني.
تضامن في بيروت والمحافظات
وسارت في شوارع بيروت تظاهرة حاشدة دعماً للمقاومة في غزة، وتنديداً بالقصف الاسرائيلي التدميري، والذي يستهدف الاطفال والنساء والكنائس والجوامع والمستشفيات ودور التعليم ومؤسسات الأونروا.
وفي يوم الجمعة، امتدت الاعتصامات والتظاهرات والوقفات التضامنية مع غزة من بيروت الى طرابلس وصيدا الى تجمعات النقابية والتعليمية والطلابية، وصولاً الي الجبل والبقاع، وسائر المناطق اللبنانية.
البناء:
مفاوضات الدوحة لتبادل أسرى ووقود… ونيويورك: 120 نعم على هدنة إنسانية
مكتب نتنياهو يعلن بدء الهجوم البري: سترون غضبنا … والجيش: عملية جزئية
القسام: نتصدى لمحاولات توغل بري في عدة جبهات شمال غرب وشرق غزة
كتب المحرر السياسي
فيما كشفت مصادر دبلوماسية قطرية عن تقدم نوعي في المفاوضات الدائرة حول تبادل الأسرى بدفعة أولى مقابل دفعة أولى، بين كيان الاحتلال وقوات القسام ووصل دفعات من المساعدات الإنسانية إلى غزة، وخصوصاً إدخال الوقود اللازم لتشغيل مولدات كهرباء المستشفيات، أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة مشروع القرار العربي لهدنة إنسانية في غزة، الذي يدعو إلى «هدنة إنسانية فورية ودائمة ومستدامة تفضي إلى وقف الأعمال العدائية». ويطالب جميع الأطراف بالامتثال الفوري والكامل لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، وتمكين وتسهيل الوصول الإنساني للإمدادات والخدمات الأساسية إلى جميع المدنيين المحتاجين في قطاع غزة. ويرفض القرار بشدة «أية محاولات للترحيل القسري للسكان المدنيين الفلسطينيين». ويدعو إلى إلغاء الأمر الذي أصدرته «إسرائيل» للمدنيين الفلسطينيين وموظفي الأمم المتحدة، فضلاً عن العاملين في المجال الإنساني والطبي، بإخلاء جميع المناطق الواقعة إلى الشمال من وادي غزة والانتقال إلى جنوب القطاع.
ويدعو أيضاً إلى «الإفراج الفوري وغير المشروط» عن جميع المدنيين المحتجزين بشكل غير قانوني، ويطالب بسلامتهم ورفاههم ومعاملتهم بشكل إنساني امتثالاً للقانون الدولي. ويؤكد على الحاجة إلى إنشاء آلية على وجه السرعة لضمان حماية السكان المدنيين الفلسطينيين، وآلية أخرى للإخطار الإنساني لضمان حماية مرافق الأمم المتحدة وجميع المنشآت الإنسانية، ولضمان حركة قوافل المساعدات دون عوائق. وينطوي القرار على إدانة جميع أعمال العنف التي تستهدف المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين، بما في ذلك «جميع أعمال الإرهاب والهجمات العشوائية، فضلاً عن جميع أعمال الاستفزاز والتحريض والتدمير».
ورغم ما تضمّنه القرار من تلميحات ونصوص لإدانة حماس بصورة ضمنية تحت شعار إدانة أعمال العنف بحق المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين، فإن الدول الغربية التي تحدثت بلسانها كندا رفضت التعديلات التي أدخلت على المشروع لاسترضائها وكسب تأييدها، وأصرّت على توصيف حماس بالتنظيم الإرهابي وتأييد ما تسميه بحق الدفاع عن النفس لكيان الاحتلال، وصوّتت بالحصيلة ضد المشروع، لكن الغالبية الممثلة بـ 120 صوتاً كانت كافية لإقرار المشروع وصدور القرار.
في الميدان شنّ جيش الاحتلال هجمات برية على أطراف قطاع غزة الشمالية والشرقية، آملاً إحداث اختراق يفتح له باب الاجتياح الجزئي أو الكلي بعد إنهاك القطاع بالقصف الجوي والبري والبحري التدميري، وبلوغ الشهداء رقم الـ 7500 شهيد، وفيما أعلن المتحدث بلسان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عن بدء الهجوم البري لجيش الاحتلال، مضيفاً عن لسان نتنياهو، سترون غضبنا الليلة، قال الناطق بلسان جيش الاحتلال إن الحركة البرية على أطراف قطاع غزة ليست هي الهجوم البري الواسع، بل هي مجرد توسيع للعمليات البرية، بينما قالت قوات القسام إنها تصدّت لمحاولات توغل برية على عدة محاور شمال وشرق قطاع غزة، والمعارك كانت مستمرة حتى منتصف الليل دون أن يتمكّن جيش الاحتلال من تحقيق أي تقدّم.
وفيما تصاعدت وتيرة القصف الإسرائيلي على قطاع غزة وصف بالأعنف والأقسى منذ بدء العدوان كمرحلة تمهيدية للدخول البري، سادت حالة من الترقب والقلق في المشهد الداخلي اللبناني حيال ردة فعل محور المقاومة بحال واصل جيش الاحتلال التقدم البري والتدمير الجوي، وأشارت مصادر مطّلعة لـ»البناء» إلى أن «محور المقاومة رفع درجة الجهوزية والاستنفار وأن التواصل لا يزال قائماً بين المقاومة في فلسطين وقيادة محور المقاومة عبر غرفة العمليات المشتركة رغم القصف وقطع الاتصالات، وتجري مراقبة ومتابعة حدود الدخول الإسرائيلي والمجريات الميدانية وتدرس كافة الخيارات وسيتمّ اتخاذ الخطوات اللازمة في اللحظة المناسبة». وشدّدت المصادر على أن «محور المقاومة هو في قلب المعركة وجزء من إدارة الحرب الى جانب حركات المقاومة الفلسطينية، ويوسّع دخوله وفق مقتضيات المعركة الميدانية والمصلحة ولن يوفر وسيلة لدعم المقاومة والشعب في فلسطين وغزة تحديداً». ولفتت المصادر الى أن «المقاومة في فلسطين مستعدة وقادرة على الدفاع عن غزة وتكبيد العدو خسائر كبيرة لمنعه من الدخول الى القطاع».
ومساء أمس، كشف وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان، ردًا على سؤال حول حلفاء و»حزب الله»، أنّهم «يضعون إصبعهم على الزناد»، مشيرًا إلى أنّ أفعالهم ستكون «أكثر قوة وأعمق مما شهدتموه».
وفي إطار المعركة الديبلوماسية التي تقودها إيران لوقف الحرب على غزة، حطّ نائب رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية الإيرانية في مجلس الشورى في الجمهورية الإسلامية في ايران إبراهيم عزيزي في لبنان على رأس وفد برلماني وزار رئيس مجلس النواب نبيه بري ونائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم.
وفي عين التينة استقبل الرئيس بري عزيزي على رأس الوفد البرلماني بحضور السفير الإيراني لدى لبنان مجتبى اماني، وقال المسؤول الإيراني: «انطلاقاً من السعي الديبلوماسي والبرلماني الذي تقوم به الجمهورية الإسلامية الإيرانية في هذا المجال أتينا اليوم كوفد برلماني في زيارة إقليمية بدأت امس في العاصمة العراقية بغداد وتستمر اليوم في بيروت وسنتجه غداً الى العاصمة السورية دمشق».
وتابع: «الوفد البرلماني الموجود حالياً في بيروت أمضى اليومين الماضيين في العاصمة العراقية بغداد وكانت له هناك سلسلة من اللقاءات السياسية التي أجريناها مع المسؤولين العراقيين المحترمين، حيث قدمنا لهم الرسائل الموجهة لهم من قبل المراجع السياسية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية وكان انطباعنا ايجابياً للغاية، وشعرنا ولمسنا ان الشعب العراقي والحكومة العراقية مثل كل الدول والشعوب الاسلامية والعربية الأبية لديها الاستعداد الكامل للتضامن مع المقاومين في غزة ومن أجل التصدي للإرهاب الإسرائيلي الذي يمارس هناك». وأضاف: «وكانت هناك رسائل تطرح علينا أنه اذا استمرت هذه العمليات الارهابية الاجرامية الاسرائيلية بحق الآمنين في غزة ما الذي سيحصل يا ترى؟ وكان جوابنا الواضح والقاطع في هذا المجال انه امام الاستمرار في هذا الاجرام الاسرائيلي وهذا الارهاب الصهيوني فلا بد لكل الشعوب العربية والاسلامية لا بل لكل الشعوب الحرة والابية في هذه المنطقة أن تهب هبة رجل واحد من اجل الصمود والتصدي والوقوف الى جانب الشعب الفسطيني ومن أجل التصدي أمام هذا الإرهاب الإسرائيلي».
وخلال استقباله الوفد الإيراني، قال نائب الأمين العام لـ»حزب الله»: «كشف طوفان الأقصى المؤيدين لفلسطين من المؤيدين للاحتلال الإسرائيلي وعدوانه. وقد أثبت ميدان المواجهة في غزة نبل الأداء المقاوم ووحشية «إسرائيل» وأميركا ومحورها».
ولفت الى أن «طوفان الأقصى خسارة كبيرة محقَّقة للعدو الإسرائيلي وأصبحت من ثوابت التاريخ، ولا يمكن أن ينتصر هذا العدو بالمجازر ضد المدنيين، وهو أجبن وأضعف من أن ينتصر في الميدان في مواجهة أبطال فلسطين المقاومين المجاهدين». وقال: «صورة الميدان تردد إسرائيلي، وخوف من المعركة البرية، في المقابل ثبات المقاومين واستمرار الصواريخ على الكيان ومواجهة للمواقع المقابلة لجنوب لبنان، كل ذلك بثقة واعتقاد بالنصر. لا يعلم الأميركي والإسرائيلي ما تخبئه الأيام إذا استمر العدوان».
في المقابل، تزور مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، باربارا ليف المنطقة، وحطت في قطر حيث تشارك وفق معلومات «البناء» بالمفاوضات التي تقودها قطر بين حركة حماس وكيان الاحتلال حول تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الى غزة عبر معبر رفح.
ومن المتوقع أن تزور الديبلوماسية الأميركية مصر والأردن ولبنان، حيث تجتمع الى كبار المسؤولين لحثهم على تنفيذ القرار 1701 وضبط الوضع جنوباً.
وعلمت «البناء» أن الضغوط الدبلوماسية تشتدّ على لبنان كل يوم لدفع الحكومة اللبنانية الى ثني حزب الله عن توسيع الحرب على «إسرائيل»، وتسعى الدبلوماسية الأميركية الى إقناع الحكومة لإصدار موقف رسمي من الحكومة بالطلب من كل المنظمات المسلحة الفلسطينية واللبنانية بمغادرة جنوب الليطاني أي منطقة الـ 1701 وتكليف قوات اليونفيل والجيش اللبناني ضبط الأمن على كامل الخط الأزرق. إلا أن رئيس الحكومة والمسؤولين المعنيين لم يتجاوبوا مع هذه الضغوط باعتبار أن القوات الدولية والجيش اللبناني يقومون بواجبهم في الجنوب والعدو الإسرائيلي هو الذي يوسع القصف، والحل وما يجري على الحدود من اشتباكات هو أمر واقع ونتيجة للحرب الاسرائيلية على قطاع غزة. وتوقعت أوساط دبلوماسية لـ»البناء» أن تحمل باربرا ليف في جعبتها رسائل تهديد جديدة للبنان وتكراراً للرسائل التي حملتها السفيرة الأميركية في بيروت ووزيرة الخارجية الفرنسية والمسؤولين الألمان والبريطانيين.
وفي سياق ذلك، تلقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي تم خلاله البحث في التطورات الراهنة في غزة وجنوب لبنان. وجدّد رئيس الحكومة مطالبة المجتمع الدولي بالضغط على «اسرائيل» لوقف عدوانها والتوصّل الى وقف لإطلاق النار في غزة.
وحذّر وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بوحبيب، من أنّه إذا لم يتوقف إطلاق النار في قطاع غزة، فالحرب لن تتوقف وستصبح إقليمية.
على الصعيد الميداني، واصلت المقاومة في لبنان عمليتها النوعية ضد جيش الاحتلال، وهاجمت أمس موقع الصدح الصهيوني بالصواريخ الموجّهة والأسلحة المناسبة ودمّروا أجزاء كبيرة من منشآته وتجهيزاته وأوقعوا إصابات مؤكدة بين أفراد حاميته. كما هاجمت موقع «مسكاف عام» بالصواريخ الموجّهة والأسلحة المناسبة ودمّروا قسماً من تجهيزاته الفنية، وأيضاً موقع الرادار في مزارع شبعا، كما استهدفت موقع «ابو دجاج» بالأسلحة المناسبة ودمّروا قسماً من تجهيزاته الفنية والتقنية. وهاجمت بالصواريخ الموجهة مواقع رويسات العلم، السماقة وزبدين في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلة.
ونشر الإعلام الحربي فيديو يجيب على سؤال لماذا استهدفت المقاومة الإسلامية وسائط الجمع الحربي في مواقع العدو الإسرائيلي عند الحافة الأمامية على طول الحدود اللبنانية الفلسطينية؟!
وأطلقت صواريخ مساء أمس باتجاه الجولان. وطلبت الجبهة الداخلية في جيش الاحتلال من سكان المنارة عند الحدود مع لبنان التزام الملاجئ بسبب حدث أمني.
واستمر العدوان الاسرائيلي على القرى الحدودية، ولم يوفر الجيش اللبناني حيث تعرّض موكب عسكري للجيش اللبناني لإطلاق رصاص مصدره العدو الإسرائيلي في أطراف بلدة عيترون من دون تسجيل إصابات. وسقطت قذائف ضمن رقعة تدخل عناصر الدفاع المدني والجيش اللبناني أثناء إخماد حريق حرج في اللبونة/علما الشعب – صور، ما اضطرهم الى الانسحاب فوراً إلى مكان آمن لحين توقف القصف. كما سقطت ثلاث قذائف مدفعية بين أطراف بلدتي علما الشعب والضهيرة. وتعرّضت أيضاً معاد في محيط اللبونة قرب بلدة الناقورة للقصف الاسرائيلي. فيما انفجر صاروخ اعتراض باتريوت أطلق من داخل «إسرائيل» في أجواء بلدتي العديسة ورب ثلاثين. في المقابل، تعرّض موقع «مسكاف عام» مقابل العديسة للاستهداف، من الجانب اللبناني فأطلق الجيش الإسرائيلي رشقات رشاشة على أطراف العديسة، وسجّلت رشقات رشاشة إسرائيلية بإتجاه منطقة «كروم الشراقي» شرقي ميس الجبل. ومساء أمس ألقى جيش الاحتلال قنابل مضيئة في أجواء الحدود عند كروم الشراقي في ميس الجبل.
المصدر: صحف