تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاربعاء 18-10-2023 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
الاخبار:
المذبحة تلغي قمّة عمان… ومطالب أميركا قائمة: وصاية خارجية كاملة على غزّة لتجنّب الغزو البري
ابراهيم الأمين
ليس بمقدور أحد بدء حوار سياسي متجاوزاً المجزرة الوحشية التي ارتكبها العدو في المستشفى المعمداني في غزة أمس، لذلك كان قرار إلغاء قمة عمان التي كان يُفترض أن تجمع اليوم الرئيس الأميركي جو بايدن وملك الأردن عبدالله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بهدف احتواء الغضب الشعبي الذي تفجّر ليل أمس، وتجنّباً لموجة غضب يُتوقّع أن تكون أكبر اليوم في كل العواصم العربية وحتى الغربية. وفوق ذلك، يهدف القرار إلى إعفاء الرئيس الأميركي من اتخاذ موقف قد لا يناسب «جيشه الإسرائيلي» الذي يواصل جرائمه.
ومع علم الجميع أن جريمة بهذا الحجم لا يمكن أن تُحجب بمواقف وتصريحات أو تنديد رسمي فقط، فإن أحداً لا يمكنه التكهّن بما إذا كان الغرب، بقيادة أميركا، سيستخدم دماء مئات الأبرياء الذين سقطوا أمس لإنزال قادة العدو عن الشجرة. علماً أن العاملين في صناعة القرار الغربي كانوا، حتى قبل ساعات من المجزرة، يعدّون التصوّرات التي تهدف إلى تحقيق الأهداف الإسرائيلية المعلنة لهذه الحرب المجنونة. علماً أن لبنان شهد تجربة مشابهة لما يجري حتى الآن إلى حد التطابق، عندما حفلت الأيام العشرة الأولى من عدوان 2006 بعروض سياسية ودبلوماسية من العواصم نفسها، والقوى الحليفة لها في لبنان، تطلب استسلام المقاومة.
وفي آخر ما تمّ تداوله حيال برنامج عمل الرئيس الأميركي في المنطقة، تبيّن الآتي:
أولاً، أن يُترك له الإعلان عن «هدنة إنسانية» تؤمّن وقفاً لإطلاق النار لساعات معدودة، للسماح لـ«الأجانب» بمغادرة قطاع غزة عبر معبر رفح، مقابل دخول جزء من المساعدات الإغاثية، شرط أن تتولى الأمم المتحدة الإشراف على توزيع هذه المساعدات.
ثانياً، أن يصار إلى بلورة مقترحات ترد في سياق «صيغة حل سياسي»، تقوم على فكرة أميركية مفادها أنه في حال لم يرد الآخرون لإسرائيل مواصلة العملية العسكرية، فالمطلوب أن توافق الدول العربية المؤثّرة في الملف الفلسطيني، ولا سيما مصر والأردن والسلطة الفلسطينية، إلى جانب قطر والسعودية وتركيا، على اقتراح بفرض وصاية خارجية على القطاع، من ضمن خطة تستهدف نزع سلاح قوى المقاومة.
ثالثاً، أن تقبل هذه العواصم بمبدأ «الوصاية» من خلال قرار يقضي بإعادة مؤسسات السلطة الفلسطينية وقواتها إلى القطاع، وحل كل المؤسسات التي تديرها حماس وتسليمها للسلطة الفلسطينية التي ستتلقّى دعماً لتعزيز قواتها العسكرية في القطاع وإدارته عسكرياً وأمنياً وإدارياً.
المقترح الأميركي يتضمّن شروطاً غير قابلة للتحقّق على غرار عروض واشنطن في حرب تموز على لبنان
رابعاً، التثبت، من خلال آلية محددة، من أن لا يعود الوضع إلى ما كان عليه، والبحث في فكرة نشر قوات أجنبية على طول الحدود بين قطاع غزة والأراضي المحتلة، وتوسيع المنطقة العازلة بين القطاع وغلافه، ولو تطلّب الأمر تجريفاً لأحياء ومدن ومخيمات.
خامساً، وضع آلية تضمن نزع القوة الصاروخية للمقاومة وإزالة كل البنى التحتية التي تُعتبر سلاحاً خاصاً للمقاومة، بما في ذلك تدمير الأنفاق.
سادساً، تسليم كل الأسرى للسلطة الفلسطينية على أن تتولى إدارة عملية تبادل للأسرى مع قوات الاحتلال، بعد إطلاق سراح فوري لجميع المدنيين، ومن دون شروط.
سابعاً، أن تتولى دول عربية أي عملية لإعادة الإعمار والإشراف المباشر عليها وضمان عدم استفادة حماس وبقية قوى المقاومة من الأمر، وأن تفرض مصر واقعاً أمنياً جديداً يتيح لها الإشراف المباشر على كل ما يجري داخل القطاع، ما يعني إدارة القاهرة الوضع الأمني والسياسي في القطاع.
وفيما كان الموفدون الغربيون وحاملو الرسائل يردّدون عبارات مختلفة تدور حول الفكرة نفسها، واصلوا التهديد بأن إسرائيل أعدّت خطة عسكرية كبيرة لشن هجوم «يسحق حماس ومعها من يقف إلى جانبها في القطاع». وترافق ذلك مع رفع مستوى التهويل ضد لبنان وحزب الله، وصولاً إلى تسريب الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية معلومات إلى الصحافة بأن حكومة العدو ناقشت مقترحاً أمنياً – عسكرياً للقيام بعملية عسكرية استباقية ضخمة ضد حزب الله وأن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو رفضها.
بايدن الذي يصل اليوم، سيشارك في اجتماع الحكومة الإسرائيلية المصغّرة، ويجلس على طاولة واحدة مع إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، قبل أن ينضمّ إليهم رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الذي أعلن أنه سيقوم أيضاً بزيارة «تضامنية» لإسرائيل، وقد سبقهما أمس المستشار الألماني أولاف شولتس الذي ردّد لازمة التخاطب الغربي مع داعمي الفلسطينيين «اجلسوا جانباً، ودعونا نتكتّل لنسحق حماس».
في غضون ذلك، واصل قادة العدو الحديث عن العملية البرية. ونقلت وكالة «رويترز» عن أحد كبار المسؤولين «أن القضاء على حماس، قد يستغرق شهوراً أو حتى سنوات»، فيما توقّع مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، أن «تتدخّل» الولايات المتحدة إذا تصاعدت الحرب في غزة إلى حدّ دخول إيران وحزب الله إلى جانب حماس. علماً أن التدخّل الأميركي أصبح قائماً مع الإعلان عن وضع نحو ألفي جندي في حالة تأهّب دعماً لإسرائيل في حربها مع «حماس»، ما يزيد قدرة واشنطن على الاستجابة سريعاً للوضع الأمني المتطوّر. لكنّ الأخيرة أوضحت أنه «لم يُتّخذ أيّ قرار بشأن نشر قوات في الوقت الراهن»، فيما قال الناطق باسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي، إن الاستعداد لنشر الجنود «يتعلّق بإرسال إشارة ردع».
بين خيارَي «هيروشيما» و«الموصل»… «حكماء» إسرائيل لقادتها: فَلْنتعقّل!
على الرغم من أن صرخات الانتقام والثأر هي الوحيدة التي يتردّد صداها في «المغارة الإسرائيلية» حالياً، إلا أن ثمّة قلّة قليلة بدأت تنشد «التريّث». ومن بين هذه الفئة، المؤرّخ والكاتب الصهيوني ومدير أرشيف «ياد فاشيم»، يعكوف لازوبيك، الذي لا ينكر أن «حماس قتلت بوحشية 1300 إسرائيلي، متمكّنةً، في غضون ساعات قليلة، من تشييد إجماع إسرائيلي، شمل اليمين واليسار، ومفاده أنه ينبغي القضاء على حماس أو كسْرها، أو إسقاط حُكمها». لكنّ جزءاً من هذا الإجماع، وفق لازوبيك، ينبع من «الرغبة الطبيعية بالانتقام»؛ أمّا الجزء الآخر، فمصدره «الاعتبارات العقلانية الباردة». وانطلاقاً من كلا الاعتبارَين، تسعى إسرائيل لتُثبِت «للفلسطينيين، وللعالم العربي، وللعالم برمّته، وحتى لنفسها أولاً وقبل كلّ شيء، أنه لا مبرّر للقتل الجماعي لليهود، كما أنه لا تساهل مع ذلك؛ حيث يُطبّق الإجماع من طريق قتال (لا هوادة فيه) من أجل هزيمة العدو». والسؤال الذي يطرحه في هذا الإطار: «لماذا هناك دولة لليهود إنْ لم يكن في مستطاعها منْع قتلهم جماعيّاً؟».
لازوبيك، الذي جرد حساب «العقلية» الإسرائيلية المندفعة بما يشبه «المونولوغ»، أضاف أنه في خضمّ الإجماع الوطني الساحق، «سأقف أنا الصغير (أي الذي ليس بيده القرار)، حيث أرغب بالانتقام أيضاً، حتى يرتعد أعداؤنا، ويخاف العالم كلّه من غضبنا»، ليستدرك، متسائلاً: «لكن هل يرى أحد طريقة لانهيار حماس من دون التضحية بحياة المئات أو الآلاف من مقاتلي الجيش الإسرائيلي؟ لقد خسر الجيش الأحمر 100 ألف جندي في احتلال برلين في الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية. وأسقط الأميركيون قنابل ذرية لأنهم افترضوا أن مليوناً من جنودهم سيُقتلون خلال احتلال المدن اليابانية… هل نريد حقاً أن يضحّي خيرة أبنائنا بأنفسهم وهم يقاتلون؟ ولم أذكر إنْ كان أحد يريد التضحية بالأسرى والمختطفين الذين لا يسأل عنهم أحد إطلاقاً».
أيضاً، تساءل لازوبيك: «هل ثمّة طريقة لإسقاط حكم حماس لا تمرّ بقتل الكثير من المدنيين الفلسطينيين؟ سيكون هذا فظيعاً، ولكنه ضروري. هذا ما نخبر به أنفسنا، وهو حتى ما نؤمن به. (على أيّ حال) اليوم، يقف العالم إلى جانبنا، وبعد أسبوع سيُظهر تردّده، وبعد شهر سيلعننا». ومع ذلك، «(يناجي نفسه، مخاطباً الإسرائيليين:) بعد مجزرة بئيري، وكفار عزة، وحفل الهذيان الصحراوي، من غير الضروري أن نفكّر. المهمّ أن يخافوا منّا»، ليستدرك مجدّداً: «حسناً، وإذا لم نتمكّن من كسْر حماس بوسائل عسكرية، خصوصاً أن حماس ليست منظّمة فحسب، فهي أيضاً فكرة، وعقيدة دينية متجذّرة، ومفهوم يقول إنه ينبغي قتال العدو بكلّ الطرق والوسائل». ويتابع: «يقولون إن حماس هي داعش، وهنا لا يوجد داعش. هذه مقارنة سطحية، فداعش لم يكن لديه سوى آلاف المقاتلين، بلا شعب، واستغرق الأمر سنوات حتى تمكّنت قوى التحالف من القضاء عليه». أمّا بالنسبة إلى مَن يقول إن «حماس نازية»، فهذه «مقارنة واهية أخرى». والسبب أن «هزيمة النازية تطلّبت ست سنوات من الحرب وعشرات الملايين من القتلى. والأهمّ من ذلك كله، أن النصر الحقيقي تحقَّق بعد الحرب، أي عندما ضخّت الولايات المتحدة المليارات في إطار خطّة مارشال لإعادة تأهيل الدولة المعادية، وشجّعت بكلّ قوّتها نمو ألمانيا ديموقراطية سليمة».
ويخلص إلى أنه «عندئذٍ (يتساءل الإسرائيليون، وهو من ضمنهم) هل نتنازل؟ ندع حماس تذبحنا ولا نردّ؟ ونخبر حزب الله والمنطقة بأنه في الإمكان تدميرنا؟ وهل نرسل أولادنا ليَقتلوا ويُقتلوا لأنه لم تكن لدينا فكرة أفضل من هذه؟ إنْ لم يكن لدينا حلّ، فهل نذهب نحو الحلّ الوحيد السيئ الذي يتبادر إلى أذهاننا؟». وهُنا، يدعو إلى أن «يجتمع العقلاء، والمهنيون، والقادة، ليصوغوا إستراتيجية مزدوجة: الأولى تهدف إلى كسْر حماس وإضعافها والإضرار بها بصورة قاسية. وفي المقابل، نعطي الجزرة للشعب الفلسطيني، على شاكلة مستقبل جيّد، بإمكانهم أن يحيوا فيه بكرامة في أرضهم من دون حصار ولا احتلال. بكلمات أخرى، نضع أمام الفلسطينيين خياراً حقيقياً (قابلاً للتحقُّق)».
وتقاطَع كلام مدير أرشيف «ياد فاشيم» (متحف تخليد ذكرى الهولوكوست، في القدس المحتلة)، والذي كان شغل منصب مدير «أرشيف الدولة» الإسرائيلي بين عامَي 2011 و2018، أيضاً مع دعوات كبار المسؤولين السابقين في أجهزة الاستخبارات والجيش، قادة الحكومة ووزراءها، إلى التريّث والعمل بمسؤولية و«على مهل»، ووضع خطط تتضمّن أهدافاً قابلة للتحقُّق.
مع ذلك، لا يزال القادة الإسرائيليون يكرّرون، بتبجّح، مع كلّ ظهور لهم، الحديث عن مجموعة من الأهداف غير الواقعية. لكن ماذا يعني القضاء على «حماس»؟ و«ما سنفعله سيتردّد صداه لأجيال»، وفق ما هدّد به نتنياهو؟ لعلّ تطبيق ذلك ممكن في حالتَين: الأولى مباشرة وخاطفة على طريقة «هيروشيما ونكازاكي»، ولكن حتى هذه، إنْ توفّرت الظروف لتحقيقها، فلن تنهي «حماس» ولا شعبيتها، كما لن تنهي «الخطر الوجودي» المتمثّل في الفلسطينيين. ففي نهاية المطاف، ستجد إسرائيل طفلاً فلسطينياً يجلس على مدرجات باب العمود في القدس يقارع جيشها بمجرد وجوده هناك. أمّا الطريقة الثانية، فهي الهجوم الهادئ المتدرّج، الذي يهدف إلى إنهاء «حماس» من طريق «تدعيشها»، ليس فقط على طريقة تحويل غزة إلى موصل ثانية، وإنّما جعل الحركة بلا بيئة حاضنة ولا شعب. وهذا الفصل يبدو «عمليّة جراحية» معقّدة جدّاً، تستهدف في الأساس استئصال الحركة، بقادتها وكوادرها، من دون المسّ بالمدنيين، وهو ما قد يحتاج إلى سنوات طويلة.
ومن أجل ما تَقدّم، طلبت تل أبيب من واشنطن مجموعة أسلحة تبدو متّسقةً والهدف المذكور، من مثل القنابل العنقودية «DPICMS»، فضلاً عن قنابل «جدام» التي تحوّل القنابل غير الموجّهة إلى قنابل «ذكية» أو موجّهة بدقّة، بالإضافة إلى صواريخ «هاليفير»، أو الشهيرة باسم صواريخ «النينجا». وطُوّرت هذه الصواريخ، وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز»، قبل نحو عقد من الزمن، بهدف «تقليل الخسائر المدنية والأضرار التي تلحق بالمباني»، إبّان الحروب والتدخلات الأميركية في أفغانستان وباكستان والعراق وسوريا والصومال واليمن. وظلّ «النينجا» سرّياً إلى حين استخدامه، قبل سنوات، في الدول الآنفة الذكر، بهدف القضاء على قادة وكوادر تنظيمات اعتبرتها الولايات المتحدة «إرهابية»، وذلك نظراً إلى مزاياه التي تقتل «من دون إحداث انفجار كبير، ولكونه يمزّق الهدف وكأنه جندي يقتل العدو بالسكاكين»، وفقاً لـصحيفة «وول ستريت جورنال». ففي جميع استخداماته، تمّ القضاء على الأهداف التي عادةً ما كانت تتنقّل بسيارات مدنية، حيث كان يخلّف فُتحة في السقف على شكل إشارة «إكس»، من دون أن يتسبّب بضرر كبير للمدنيين.
للوهلة الأولى، تبدو أهداف الصاروخ «نبيلة»، غير أنها في الحقيقة، «محاولة من “مكافحي التمرّد” لتقليل الإصابات الجانبية، والتخفيف من عداء المجتمع المحلي في المنطقة المحتلّة إزاء القوّة الاستعمارية»، كما يشرح المختصّ في دراسات الحرب، أحمد النمر، في مقالة حول الصاروخ نُشرت في موقع «باب الواد» الفلسطيني سابقاً، مضيفاً أن «تحييده (المجتمع المحلّي) عن الصراع، يكون عبر ممارسة العنف الناعم، إذ يهدف الأخير إلى تجفيف بحر الجماهير وعزل “المتمرِّد” عن قواعد الدعم الجماهيرية من خلال تحسين حياة المجتمع المتعاوِن والضغط على المجتمع الذي يصدر عنه أيّ فعلٍ متمرّد، بينما تتمّ ممارسة العنف المُطلق ضدّ العناصر المتمرِّدين المسلّحين فقط».
حتى اللحظة، لم تتورّع إسرائيل، والدول الغربية من خلفها، عن استهداف المدنيين والمستشفيات والصحافيين وكل ما تحتويه البيئة الحاضنة من مكوّنات، لا بل في غالب الأحيان جعلتهم أهدافاً عينية لحروبها. ومع ذلك، قد لا تجد إسرائيل، في نهاية المطاف، مناصاً من اللجوء إلى أدوات عسكرية مختلفة شبيهة بـ«النينجا» لتحقيق الهدف التكتيكي المتمثّل في فصل «حماس» عن بيئتها وصولاً إلى «محوها». لكن حتى هذا «المحو» يتطلّب زمناً طويلاً جداً، وجهوداً هائلة ومتنوّعة ليس واضحاً ما إذا كانت إسرائيل قادرة على بذلها؛ إذ وفقاً للرئيس الأسبق لجهاز «الموساد»، اللواء أفرايم هليفي، فإنه «من المؤسف أن كثيرين ممّن يتولّون المسؤولية الآن، لا يعرفون حماس جيداً، ولا يعرفون غزة، ولا يجيدون قراءة خريطة الشرق الأوسط»، فيما هو، كما أشار في حديث تلفزيوني، «أمضى ساعات طويلة من حياته في حوارات مع قادة حماس، وسنينَ طويلة في دراسة الحركة والبيئة التي تعمل فيها». وبناءً على ما تقدّم، نصح هليفي، القادة الإسرائيليين، بـ«ترك أسلوب التبجّح والتهديدات الفارغة والامتناع عن الاجتياح الكثيف والشرس».
واعتبر هليفي، الذي ابتعثه نتنياهو إلى عمّان عام 1997، للتفاوض في شأن محاولة «الموساد» اغتيال خالد مشعل بالسمّ، وتوصّل حينها إلى اتفاق بإبطال مفعول الأخير، وتالياً إلى صفقة أُطلق على إثرها سراح الشيخ الشهيد أحمد ياسين، أن «إسرائيل إزاء شيء جدّي، ينبغي التعامل معه بمهنية. علينا جعل الاجتياح يجري بتدرّج وبأعصاب باردة، واتّخاذ القرارات بتروٍّ شديد، بالتساوق مع وضع أهداف سياسية واقعية». ورأى أن «مَن يتحدّث عن سحق حماس، لا يعرف عمّن يتكلّم. حماس تنظيم كبير وقوي ولديه عزم وإصرار. قوامه نحو 150 ألف عنصر، بينهم عشرات الآلاف من المقاتلين المدرّبين بشكل مهني. وفي قيادته مجموعة لا بأس بها من الأفذاذ – الذين لا أحبهم وكلّي غضب عليهم -، ولكنني أعترف بأنهم ذوو قدرات عالية في القيادة وأذكياء وإستراتيجيون». واقترح على «مَن اعتاد الاستخفاف بهم»، الكفّ عن ذلك، لأنهم بحسبه «ليسوا تنظيماً سياسياً وعسكرياً فحسب، بل أيديولوجيا وقناعات. وإذا قضيت على قيادتهم وحتى على تنظيمهم كله – وهذا غير واقعي – فإنك لا تستطيع القضاء على فكرهم. وسيخرجون لك من تحت أرض ما، في وقت ما. لذلك يجب أن نضع أهدافنا بشكل واقعي وأقدامنا على الأرض».
إضافة إلى ذلك، رفض هليفي تصريحات القادة الإسرائيليين، من مثل نتنياهو وغانتس، وصولاً إلى الرئيس الأميركي، جو بايدن، ووزير خارجيته، أنتوني بلينكن، والتي شبّهوا فيها «حماس» بـ«داعش أو حتى بالنازية»، معتبراً أن «حماس ليست داعش، وقائل ذلك، لا يعرف لا مَن هي حماس ولا مَن هو داعش، بل يردّد كلاماً سطحيّاً وعاطفيّاً فحسب». وأضاف: «ثمّة أصحاب رأي يعانون من الإفلاس الفكري (أولئك الذين يدّعون أن حماس تريد تدمير إسرائيل)، فمن أين يستمدّون نظريتهم هذه؟ وعلى ماذا يستندون؟ حماس غير قادرة على تهديد وجود إسرائيل، ولا حتى حزب الله وإيران، اللذان يتمنّيان بدورهما تدمير إسرائيل، و(للمفارقة) لدينا مَن يساعدهما بمحاولة تدمير إسرائيل من الداخل». ولفت إلى أنه «على المستوى العسكري، ما حدث هو خطأ، وإخفاق كبير، ولكن بمقدورنا إصلاحه. وبالتأكيد يجب ضرب حماس، ولكن لا حاجة إلى وضع هدف غير واقعي من مثل القضاء عليها. يجب التفاوض معها والتوصّل إلى تفاهمات وفقاً لمصالحنا الوطنية».
جيش العدوّ بين حربَي استنزاف ورعب الحرب الشاملة
تبلورت لدى قيادة جيش العدو فرضية أن حزب الله يصعّد ضغوطه الميدانية كلما اقترب موعد العملية البرية ضد المقاومة في قطاع غزة. وسيؤدي ذلك، بحسب تقديرات الجيش، إلى نشوب أيام قتالية، بحسب ما أكّدت تقارير إعلامية إسرائيلية، لكن من دون أن يتطور إلى حرب شاملة لا يريدها أي من الأطراف في هذه المرحلة. ويبدو أن هذا التقدير تعزَّز أيضاً لدى جهات القرار على وقع ارتفاع وتيرة عمليات حزب الله ضد جنود الاحتلال على طول الحدود مع لبنان، رداً على اعتداءات العدو التي لا تزال مضبوطة بسقوف متعدّدة تجنباً لردّ مماثل يطاول العمق الإسرائيلي.
العامل الإضافي الذي عزَّز هذا المفهوم – التقدير، لدى قيادة جيش العدو، أن الحزب كان ولا يزال يؤكد على لسان مسؤوليه أن المقاومة لا يمكن أن تبقى مكتوفة الأيدي إزاء مساعي إسرائيل والولايات المتحدة للقضاء على المقاومة في قطاع غزة، إضافة إلى الرسائل المضادة التي وجّهها كبار المسؤولين والقادة في محور المقاومة محذّرة من مفاعيل استمرار ارتكاب الجرائم بحق الفلسطينيين في القطاع، مقابل تحذيرات المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين وتهديداتهم.
مع ذلك، فإن العامل الرئيس الذي تحوّل إلى المؤشر الأهم لدى قادة العدو، أن الحدود مع لبنان تزداد سخونة وتتطور في اتجاهات أكثر خطورة كلما اقترب موعد الاجتياح البري لقطاع غزة. ومن المؤشرات والحوافز، في آن، استمرار سقوط الشهداء والقتلى على طرفي الحدود، وهو عامل تسخين إضافي للوضع الميداني.
ويبدو أن التقدير الذي أصبح أكثر اكتمالاً لدى الجهات المختصّة في كيان العدو أن حزب الله نجح، حتى الآن، في بلورة مسار عملياتي، ضمن إطار تثبيت قواعد الاشتباك، يتقاطع مع النشاطات العملياتية الأخرى على الحدود مع لبنان رداً على اعتداءات العدو ومجازره في القطاع.
من الواضح أن المنظومة الأمنية الإسرائيلية تقارب الوضع الميداني الحالي على الحدود مع لبنان بمخاوف عميقة من أن يكون تأسيسياً وتمهيدياً لتطور أشدّ، على وقع العديد من المتغيّرات، خصوصاً أن كل الرسائل الدولية والأميركية، المباشرة وغير المباشرة، لم تنجح في انتزاع موقف من حزب الله يوضح فيه سقف عملياته وحدودها. ويؤشّر ذلك إلى أن الحزب تمكّن، عبر هذا الأداء الميداني والسياسي، من توسيع مساحة اللايقين لدى مؤسسات القرار في تل أبيب وواشنطن (وأيضاً لدى بعض أصدقائه)، ما يمنحه هامشاً أوسع في المناورة والحركة، وفي المبادرة والردّ.
في الخلاصة، يتضح أنه كلما مرّ الوقت يتعزز لدى جيش العدو التقدير بأن السيناريو الأكثر سخونة لا يزال أمامه على الحدود مع لبنان. لكن، في المقابل، يستبعد جيش العدو حتى الآن التدهور نحو حرب شاملة. وهو موقف يكشف عن مجموعة تقديرات وخيارات تتصل بطرفَي الصراع، من وجهة نظر المؤسسة العسكرية والاستخبارية.
جيش العدو لا يزال يعمل تحت سقف الضوابط بالامتناع عن استهداف العمق اللبناني
يكشف هذا الاستبعاد أن جيش العدو لا يزال، حتى الآن، يعمل تحت سقف الضوابط، بالامتناع عن خيار عملياتي يستهدف العمق اللبناني والذهاب إلى خيار عدواني واسع. وينسحب ذلك، أيضاً، على كل نشاط عدواني يُقدِّر العدو أنه قد يدفع حزب الله للرد بما يتجاوز سقوفاً، ويؤدي إلى مزيد من الارتقاء نحو الحرب الشاملة.
لكن ذلك، يكشف، أيضاً، أنه رغم الحشود الغربية في البحر وفي فلسطين المحتلة بعد استدعاء الاحتياط لجيش العدو ، لا يزال الأخير يقرّ بفعالية قوة ردع حزب الله في بعديْه الإستراتيجي والعملياتي، ما ينعكس انكباحاً في سقف اعتداءات العدو.
ويستند جيش العدو أيضاً في تقديره لاستبعاد الحرب الشاملة إلى أن حزب الله لا يرى أن هذا هو وقت المعركة الكبرى، إلى مجموعة عوامل أخرى أصبحت جزءاً من الخطاب السياسي والإعلامي التقليدي في إسرائيل، ويتم استحضارها مع كل محطة تنطوي على إمكانية التصعيد. تبدأ من تدهور الوضع المالي والاقتصادي في لبنان. ومن أن أي حرب شاملة ستجعل هذا الانهيار أكثر خطورة، وأن هذا العامل يحضر بقوة لدى حزب الله ويساهم في بلورة خياراته حفاظاً على لبنان.
بعيداً عن مناقشة كل من هذه العوامل، إلا أن المفهوم الذي ينبغي أن يحضر لدى استعراضها، أيضاً، أن هناك فرقاً بين الوقائع التي قد يكون الكثير منها صحيحاً، ومفاعيلها وتأثيرها على مؤسسات القرار، خصوصاً عندما تكون هناك قضايا واستحقاقات تفرض خيارات من موقع الضرورة، وقد ترتقي إلى اللَّاخيار. وضمن هذا الإطار، يلاحظ أن حزب الله نجح في كثير من المحطات في منع العدو من تحويل الكثير من هذه الوقائع إلى قيد على قراراته عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن لبنان وأمنه ومقاومته. وتجلّى ذلك في منع جيش العدو من استغلال صعوبات الوضع اللبناني وتعقيداته لتغيير قواعد الاشتباك وتوسيع هامش اعتداءاته كي يحوّلها إلى ساحات اعتداء عسكري. رغم حضور العوامل التي تمّت الإشارة إليها من نتائج خطيرة يمكن أن تترتب على أي مواجهة عسكرية على الوضعين المالي والاقتصادي…
إلى ما تقدّم، استجدّ عامل جديد بعد مفاجأة «طوفان الأقصى»، وهو تصدّع الثقة بتقديرات الاستخبارات والمفاهيم المزروعة في وعي مؤسسات القرار السياسي والأمني إزاء واقع المقاومة في فلسطين ولبنان. وهو عامل يجعل الاستناد إلى أي تقديرات في هذا الاتجاه، بضمانة محدودة، وبمنسوب أعلى من عدم الثقة، وهو معطى يبرز في تصريحات ومواقف كثير من الخبراء والمعلّقين. لذلك حشد جيش العدو أيضاً جزءاً هاماً من جيشه على الحدود الشمالية تحسباً لأي تطور ميداني مفاجئ رغم أولوية الحرب على المقاومة في قطاع غزة في هذه المرحلة.
هكذا تحوَّلت إمكانية تدخل حزب الله ومحور المقاومة في الحرب على المقاومة في قطاع غزة، إلى عامل محوري في تقديرات وخطط وخيارات الجيشين الأميركي والإسرائيلي. وضمن هذا الإطار، تحضر مروحة من السيناريوهات، من ضمنها وأخطرها، ماذا لو توغّل جيش العدو في عمق قطاع غزة، وتحوّل الأخير إلى مستنقع يستنزف جنوده وضباطه، وتزامن ذلك مع تصاعد العمليات على الحدود مع لبنان، ما يجعل جيش العدو بين معركتَي استنزاف… فهل لهذه المخاوف موقعها أيضاً في تأخير العملية البرية أو تقييدها… وهل تورّطت إسرائيل في السقف المرتفع الذي صاغته على وقع الصدمة التي تلقّتها؟ كل ذلك مرهون بقدرة المقاومة في غزة على الصمود وتبديد خيارات العدو ورهاناته، وهو المتوقّع منها.
واشنطن تلجم تل أبيب: المخرج السياسي يسبق الخطوة التالية
كان يُفترض بالجيش الإسرائيلي أن يُباشر تنفيذ خياراته البرية في قطاع غزة، ما إن ينهي استعداده ميدانياً. لكن فجأة، قرّر التريث، وسط حديث متزايد عن مخاطر هذا الخيار، سواء بنسخته الموسّعة أو المحدودة، وإلى الحدّ الذي دفع الناطق باسم الجيش إلى القول إن «الخطط قد لا تتوافق مع التوقّعات الواسعة النطاق بشأن هجوم برّي وشيك، إذ من الممكن أن يكون هناك شيء آخر». بالطبع، قد يكون في حديث الناطق وغيره من التسريبات نوعٌ من التضليل قبل مباشرة العملية، إلا أن المؤشرات الآتية من دولة الاحتلال حتى الأمس، دلّلت على مراوحة في المكان فحسب، بهدف البحث في الخيارات المتاحة وجدواها، والمخارج السياسية لها. ولعلّ حديث الناطق العسكري عن أن «هناك شيئاً آخر» أسهم في تعزيز تعقيد المشهد، لصعوبة تحديد هذا الشيء، بل واستحالة تطبيقه في حال كان غير موجود في الأصل حتى الآن.
ويأتي هذا بينما بات الخلاف بين الولايات المتحدة وإسرائيل واضحاً، ليس في ما يتعلق بالحرب نفسها وهدفها المتّفق عليه بين الجانبين، وهو «سحق» حركة «حماس» – إن استطاعتا إنجاز الهدف المذكور -، بل ربطاً بترتيبات اليوم الذي يلي الحرب، أي بالمخرج السياسي منها. فمنذ اليوم الأول لعملية «طوفان الأقصى»، بدا واضحاً أن إسرائيل تريد استعادة مستوى ردعها، وكيّ وعي أعدائها بشكل لا يفكّرون معه في إيذائها مرّة أخرى، وذلك عبر أعمال إجرامية من «خارج صندوق المعقول»، مع تطلّعها إلى مستويات مضاعفة من هذه الأعمال – وهو ما تجلّى مساء أمس في مجزرة مستشفى المعمداني -. أمّا في ما يتعلّق بتداعيات الفعل الإسرائيلي، فهو شأن عالمي، ولْيبحث فيه الآخرون!
هذا التفكير الإسرائيلي، والذي هو في الواقع وليد الصدمة، قوبِل بتفكير أميركي «عقلائي» نسبياً عنوانه: استعادة الردع لا يجب أن تكون على حساب ترتيبات اليوم التالي. وبالفعل، وجدت الولايات المتحدة أذناً منصتة في إسرائيل، وتحديداً من رأس الهرم السياسي فيها، أي رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، والوافدين الجدد من جنرالات وشخصيات وازنة أمنياً انضمّت حديثاً إلى الحكومة. لكنّ وزير الأمن، يوآف غالانت، وغيره من أصحاب «الرؤوس الحامية»، أبدوا التمسّك بهدف اقتلاع الفلسطينيين من القطاع، بهدف تثبيت معادلة ردع ممتدّ، لا تقتصر على القطاع فحسب، بل يُراد أن تشمل الساحات الأخرى. وإذا كانت إسرائيل انقادت سريعاً وراء إرادة الانتقام، في سلوك شبيه بذلك الفردي الذي ينبني على المصلحة الفردية المعروفة بـ«الماكرو»، فإن «الماكرو» تمثّل في نظرة أميركا التي كانت وما زالت أكثر شمولية، ومن وحي معياري كبير وأوسع.
بات الخلاف بين واشنطن وتل أبيب واضحاً ربطاً بترتيبات اليوم الذي يلي الحرب
أمّا الإشكاليات التي تطرحها الولايات المتحدة، والتي يُفترض أن تكون إسرائيل معنيّة بها أيضاً، فهي التالية: أيّ تداعيات يمكن توقّعها لمخطّط ترحيل الفلسطينيين وإنهاء وجودهم في قطاع غزة؟ وأيّ انعكاس إستراتيجي للمخطّط المذكور يُنتظَر على النظام المصري الذي يُعدّ ركيزة من ركائز الأمن الإسرائيلي، والأمن الإقليمي بما يرتبط بمصالح الولايات المتحدة؟ أيضاً، ماذا عن تهجير الفلسطينيين من شمال القطاع إلى جنوبه؟ ألن يعني ذلك انتقال التهديد مع احتمال تناميه لاحقاً، ليس في اتجاه إسرائيل فحسب، بل وأيضاً في اتجاه الجانب المصري أيضاً؟ بالنسبة إلى الأميركيين، فإن ما لا يمكن السماح به هو إنهاء إمكانية الحوكمة في قطاع غزة – سواء من قِبل «حماس» أو أيّ جهات أخرى -، أي منع قيام ترتيب سياسي وأمني في القطاع. كذلك، من بين الإشكاليات المطروحة أميركياً، الوضع على الجبهة الشمالية لإسرائيل، والتهديدات والتحذيرات التي صدرت من أكثر من جهة في المنطقة. في الواقع، بدت تل أبيب، في الأيام الأولى، مطمئنّة إلى أن واشنطن أخذت على عاتقها صدّ التهديدات الآتية من «حزب الله» والعراق واليمن وإيران، وأطلقت يدها في فعل ما تريد في قطاع غزة. إلا أن أميركا، التي أفرطت في تهديد قوى المقاومة في لبنان تحديداً، كان هدفها ولا يزال منع وقوع مواجهة إقليمية بسبب الحرب في غزة وفي سياقها، وبالتأكيد منع جرّها هي إلى قتال في الساحة الإقليمية.
على أيّ حال، يبدو واضحاً أن تجميد الخيارات البرية هدفه الاتفاق مسبقاً على المخرج السياسي، وفقاً للمحدّدات الأميركية، وليس فقط لمحدّدات إسرائيل الانتقامية. لا يعني ذلك أن الخيار البري بات منتفياً، بل أهدافه أضحت مختلفة، إذ سيكون مرتبطاً بترتيبات اليوم الذي يلي الحرب. ولعلّ ما تحدّث عنه الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، يأتي في سياق البحث عن هذا المخرج السياسي، ما يعني أن «الشيء الآخر» بات يساوي في أهميته وحضوره، للخيار البري، من دون إمكانية تحديد ماهيته من الآن، كونه لم يتبلور بعد، علماً أنه لن يكون بالضرورة مساوياً في حجمه وشموليته للعملية البرية الواسعة.
اللواء:
حصة لبنان في الزيارة الأميركية: سنواجه حزب الله إذا دخل الحرب
حداد وطني وإقفال للجامعات والمدارس.. ومحاولة اقتحام السفارة الأميركية ليلاً
فيما يشاهد العالم وضع الولايات المتحدة الأميركية يدها على ملف «أمن اسرائيل الوجودي» حرباً أو سلماً، يكاد لبنان، بعد فلسطين متروكاً للغزائرية المتوحشة لدى اسرائيل المدعومة من الغرب بالقصف بأعتى أنواع الأسلحة والإكتفاء فلسطينياً بتحرير الأسرى الأجانب، ولبنانياً بالضغط على لبنان وحكومته التي في مرحلة تصريف الاعمال منذ أكثر من سنة وبضعة اشهر، والتهويل بالدمار والخراب، إذا فتحت الجبهة الجنوبية على نطاق واسع.
وليلا تجمع حشد من المتظاهرين الغاضبين بالقرب من السفارة الأميركية في عوكر حاملين الأعلام الفلسطينية ومحاولين اقتحام مبنى السفارة . و قد جرى إطلاق الغاز المسيل للدموع على المحتجين من أجل تفريقهم.
ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرنوت» الاسرائيلية، فإن لوصول جو بايدن إلى المنطقة، هو جزء من استعراض للقوة يهدف إلى التوضيح لإيران وحزب الله أنه إذا أطلقوا صواريخ وقذائف على العمق الإسرائيلي، فإن الولايات المتحدة الأميركية ستشارك في اعتراضها..
وحسب الصحيفة، فإن بايدن يعتقد بأنه بمجرد وجوده في الشرق الأوسط، فهو إشارة لإيران بأنه لا ينبغي أن تبدأ حرباً شاملاً مع اسرائيل.. وإيران وحزب الله ولبنان ككل سيدفعون ثمناً باهظاً مماثلاً للثمن الذي تدفعه غزة».
وسط هذا المناخ الضاغط، تستمر الحياة «عادية» في البلد، باستثناء ما يجري على طول الحدود اللبنانية، الغسرائيلية من قصف وردّ على القصف وسقوط شهداء من المقاومة وقتل من جيش الإحتلال.
وافادت أوساط سياسية مطلعة لـ « اللواء» أن سلسلة تحركات سياسية بدأت تشق طريقها في سياق التحذير من تجنيب لبنان الدخول في الحرب ورأت أن النصائح الغربية التي اسديت إلى المسؤولين اللبنانيين تركزت على هذا المضمون.
وأوضحت أن هناك صعوبة في التكهن بمسار التطورات حتى أن أية اتصالات مع حزب الله لم تسجل
وقالت أن الضغوط انطلقت ولاسيما من قبل المعارضة التي رفعت الصوت في مجلس التواب ضمن سياق منع جر لبنان إلى الحرب مع إسرائيل وانعكاسات ذلك على الوضع في البلد ، وهذه الضغوط مرشحة للتفاعل.
وافادت ان الأنظار تتجه إلى الجلسة الحكومية التي يدعو اليها الرئيس نجيب ميقاتي مع العلم انه باشر اتصالات بشان الوضع، معتبرة أن الجلسة الأخيرة اظهرت انقسامات وتباينات وهناك هواجس من تكرارها.
وفي الوقت، الذي جددّ فيه مجلس النواب «مطبخه التشريعي» في جلسة لم يشعر بها أحد، وتجتمع حكومة تصريف الأعمال غداً للبحث في جدول أعمال لم يعد يقتصر على الضروريات، في وقت كان يسال فيه رئيس مجلس النواب رؤساء ومقرري اللجان بعد إعادة انتخابهم السؤال المشروع: ألم يحن الوقت لتلقف فرصة انتخاب رئيس للجمهورية.
بالمقابل، مرت سنوات أربع، من على ذكرى 17 ت1، حيث نزل الناس إلى الشوارع، واحتلت قضية غزة الاهتمام في الوقفة مساء في ساحة الشهداء، وإضاءة الشموع عن أرواح الشهداء، وشكل هؤلاء مجلس قيادة لـ «مجموعات 17 ت1» طالب نواب التغيير بالاستقالة فوراً أو طردهم من اي تجمع أو «إجتماع للثوار».
الجلسة
وحضرت اجواء الوضع الجنوبي المتوتر في جلسة مجلس النواب التي خصصت لانتخاب أعضاء هيئة مكتب المجلس ورؤساء اللجان النيابية، من خلال مطالبة عدد من نواب المعارضة لا سيما من حزب الكتائب بمناقشة تطورات الوضع في الجنوب، وإصدار توصيات بشأنها، الا ان الرئيس نبيه بري رفض واعلن جهوزيته لعقد جلسة خاصة بذلك ، كما اعلن الرئيس بري امام رؤساء اللجان أنه «امام ما يجري في المنطقة وتصاعد العدوان الاسرائيلي على فلسطين وغزة ولبنان، نحن أمام فرصة لانتخاب رئيس للجمهورية فهل نتلقفها؟».
فقد اعاد النواب انتخاب مطبخهم التشريعي، ففازت لجنة الأشغال ولجنة الخارجية بالتزكية. كما جدد مجلس النواب للجنة المال والموازنة برئاسة النائب ابراهيم كنعان بالتزكية من دون أي تغيير في أعضاء اللجنة. وجدد ايضا للجنة الاقتصاد والتجارة والصناعة برئاسة النائب فريد البستاني بالتزكية، مع تغيير في أعضاء اللجنة حيث استقال النائب ميشال الضاهر من العضوية، وتم انتخاب النائب وضاح الصادق كعضو في اللجنة. كذلك تم اختيار النائبة حليمة قعقور لِعضوية لجنة التربية، بعد انسحاب النائب غسان سكاف، فيما فاز النائب جميل عبود بعضوية لجنة الأشغال العامة والنقل، كما فاز النائب حيدر ناصر بعضوية لجنة الشؤون الخارجية، وأيضاً تم التجديد للنائب ميشال موسى والنائب هاغوب بقرادونيان كمفوضين للهيئة العامة.
والبارز ان انسحاب بعض نواب المعارضة من الجلسة بعد رفض الرئيس بري مناقشة توصية عن ما يجري، ولكن بعض نواب المعارضة انسحبوا وبقي نواب «القوات اللبنانية» الذين شاركوا بانتخابات لجنة الإدارة والعدل.
سياسياً، أعلن النائب السابق وليد جنبلاط، بعد لقاء الرئيس نجيب ميقاتي في دارته، يرافقه رئيس اللقاء الديمقراطي تيمور جنبلاط وعضو اللقاء النائب وائل أبو فاعو، أن ميقاتي يعمل على تجنب لبنان الحرب، ونحن نعمل على النفس ذاته، معرباً عن أمله في الإفراج عن رئيس للجمهورية، وانتخابات لجان من دول مقاطعة، وستبقى إلى جانب رئيس الحكومة.
وفي السياق، رفض نواب قوى المعارضة ، جرّ لبنان إلى حرب أو تحويله إلى ساحة صراع ومواجهة.
فيدان لاطلاق الرهائن
دبلوماسياً، كشف وزير الخارجية التركي حقان فيدال أن بلاده بدأت العمل لإطلاق جميع الرهائن الأجانب.
والتقى فيدان نظيره عبدالله بو حبيب، ثمزار السراي الكبير، والتقى الرئيس ميقاتي، مشيراً إلى سعي تركيا مع اسرائيل لوقف النار وادخال المساعدات، وفي ما خص لبنان العمل لعدم «تمدد الحرب إلى لبنان، ودول أخرى».
كهربائياً، استقبل الرئيس ميقاتي حاكم مصرف لبنان بالإنابة، سمير منصوري وجرى البحث في كتاب مؤسسة كهرباء لبنان إلى وزير المال بوجوب تسوية فواتير الكهرباء المستحقة على الإدارات والمؤسسات العامة، على أن يتم الدفع نقداً Fresh lebanes liras.
الوضع الميداني
وتطور الوضع الميداني على الارض فدارت اشتباكات بعد استهداف مواقع للجيش الإسرائيلي، الذي ردّ باستهداف مواقع لحزب الله بين القطاعين الغربي والشرقي مما أدى إلى سقوط 5 شهداء لحزب الله، وضابط كبير لجيش الإسرائيلي وعدد من الجنود بين قتلى وجرحى.
واستهدفت المقاومة الإسلامية بالقصف أجهزة التجسس والتصوير والجمع الحربي في موقع جل الدير في القطاع الأوسط، وقصف اسرائيل بلدة مارون الراس.
وليلاً، أطلق الجيش الاسرائيلي صاروخين على خراج بلدة رامية، كما شنّ أكثر من غارة جوية.
وتفاعل قصف المستشفى المعمداني في غزة الذي تديره كنائس غربية، وسقوط 500 شهيداً من الأطفال والنساء والرجال والمسنين لبنانياً، فأدان الرئيس بري الجريمة، ودعا حزب الله إلى تجمع تضامني كبير في باحة الشورى في حارة حريك اليوم.
وأصدر الرئيس ميقاتي مذكرة أعلن فيها الحداد الوطني على شهداء مستشفى المعمداني في غزة.
وأعلن وزير التربية والتعليم العالي عباس حلبي إقفال المدارس والثانويات والمهنيات الرسمية والخاصة، يوم غد الأربعاء تضامناً مع غزة الصمود، واستنكاراً للمجازر الصهيونية.
البناء:
مجزرة بايدن في المستشفى المعمداني: 500 شهيد لبدء تنفيذ مخطط التهجير
هنية يدعو… والشارع العربي يتحرّك… واليوم مؤتمر وزراء الخارجية الإسلامي
الخامنئي: لا يمكن إيقاف محور المقاومة إذا استمرّ القتل… وتصاعد في جبهة لبنان
كتب المحرّر السياسيّ
بعد طول انتظار لانطلاق الحملة البرية لجيش الاحتلال مع دخول اليوم الثاني عشر للحرب، نفذ طيران الاحتلال غارات منظمة على المستشفى المعمداني في شمال وسط غزة مستهدفاً تدمير وحرق المستشفى على رؤوس من فيه، لقتل أكبر عدد من النازحين الذين لجأوا إلى المستشفى بالآلاف، إضافة لمرضى المستشفى وطاقمه الطبي والإداري، والعملية المدروسة كفاتحة للانتقال إلى تنفيذ مخطط التهجير عشية استقبال قادة الكيان للرئيس الأميركي جو بايدن، تصحّ تسميتها مجزرة بايدن، الذي منح الضوء الأخضر لقادة الكيان بفعل ما يرونه مناسباً للفوز بالمعركة، وهو يعلم أن لا شيء يستطيعونه إلا القتل المفتوح للآلاف حتى يتحقق التهجير، وقد تهرّبوا من العملية البرية لعشرة أيام.
أراد بايدن المجزرة عشية قدومه لجسّ نبض عناصر التعطيل للمشروع المتفق عليه مع قادة الكيان، ومدى قدرتها على التحرّك، فمن جهة الموقف العربي والإسلامي الرافض لمشروع التهجير والمذبحة المفتوحة بحق غزة، خصوصاً مصر والأردن والسعودية، حيث أمن البلدين على المحك، ومعهما السعودية التي يرتبط استقرارها عضوياً باستقرار مصر والأردن. واليوم ينعقد اجتماع وزراء خارجية الدول الإسلامية في جدة، وتظهر حدود وسقوف الموقف، وما إذا كانت الأنظمة الحاكمة لا تزال تملك بعض الشجاعة اللازمة لتضرب بيدها على الطاولة وبيدها أوراق قوة كثيرة، فأوروبا تعتاش على نفط الخليج، وأميركا تخشى مزيداً من الانزياحات العربية والإسلامية نحو المحور الروسي الصيني، ويكفي إقفال قناة السويس ووقف بيع النفط حتى يتغير وجه العالم.
رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية توجّه الى المؤتمر، لكنه دعا الشارع العربي والإسلامي الى التحرك الفوري، وكانت التظاهرات العفوية قد خرجت فور انتشار خبر المجزرة، فحوصرت السفارة الإسرائيلية في عمان، وغصّت شوارع عواصم عربية وإسلامية بالمتظاهرين، بينما في رام الله تصدّت الشرطة الفلسطينية للمتظاهرين، فيما قرّر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الحداد على شهداء المجزرة.
على مستوى محور المقاومة، كان كلام الإمام السيد علي الخامنئي قبل المجزرة واضحاً بأن أحداً لا يستطيع إيقاف محور المقاومة عن التحرك بما يتناسب مع العدوان إذا استمرّ القتل في غزة، بينما كان الوضع على جبهة جنوب لبنان يسجل تصاعداً ملحوظاً يكشف قرار المقاومة بتوسيع نطاق التحرك تمهيداً لما هو أكبر.
ارتكبت «إسرائيل» مجزرة صادمة بالتجرؤ على استهداف ساحة المستشفى الأهلي المعمداني في غزّة والذي كان ملجأ للنازحين من قصف العدو الإسرائيلي العنيف على القطاع، ما أدى الى سقوط أكثر من 800 شهيد ومئات الجرحى، وفيما أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، انسحابه من القمة الرباعيّة المقررة اليوم، مع الرئيس الأميركي جو بايدن والملك الأردني عبدالله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، توصلت الإدارات المحليّة لما ترتبه «اسرائيل» من مجازر بحق الشعب الفلسطيني.
وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري «إسرائيل» تصفع الإنسانية على وجهها بجريمة إبادة لا تُصدَّق، مئات الشهداء وعداد القتل الإسرائيلي لا يتوقف، فهل يصحو ضمير العالم لكبح جماح آلة الإبادة الإسرائيلية، التي صدّقوني لا تستهدف الشعب الفلسطيني إنما تستهدف البشرية والإنسانية على حد سواء.
وقال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي: مئات الشهداء في مستشفى المعمداني في غزة بفعل الإجرام الإسرائيلي والضمير العالمي الساكت عن الظلم والحق. فإلى متى؟
ودعت وزارة الخارجية والمغتربين الى التدخل الفوري للمجتمع الدولي لوقف المجازر الإسرائيلية وإطلاق النار، بغية إدخال المساعدات الإنسانية والطبية الى قطاع غزة، ومعالجة الجرحى والمصابين.
وحمّل رئيس الحزب السوري القومي الإجتماعي أسعد حردان مسؤولية المجزرة التي ارتكبتها «إسرائيل» باستهدافها المستشفى المعمداني، وقتل وإصابة المئات من الأطفال والنساء والرجال، للقوى الدولية التي تقدّم جرعات الدعم وكلّ أشكال المؤازرة للكيان الصهيوني الذي يستثمر في هذا الدعم لرفع منسوب غطرسته العدوانية ومجازره الوحشية.
ودعا حردان إلى طوفان شعبي في كلّ الساحات على امتداد أمتنا والعالم العربيّ وفي العالم أجمع، تنديداً بمجازر العدو «الإسرائيلي»، وإلى ممارسة كلّ أشكال الضغط لوقف حرب الإبادة ضدّ أبناء شعبنا في فلسطين، ومحاكمة قادة العدو الصهيوني وعصاباتهم ورعاتهم وداعميهم على ارتكابهم جرائم حرب ضدّ الإنسانيّة.
وشدّدت مصادر مقربة من حزب الله لـ «البناء» على أن استمرار المجازر الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني سيؤدي الى نهاية المطاف إلى الرد على «إسرائيل» من جبهات مختلفة خاصة أن ما حصل امس لا يمكن أن يبقى دون رد صاعق، معتبرة أن من شأن ما ترتكبه «إسرائيل» من دون تحرك المجتمع الدولي وإيقاف هذا العدو عن همجيه أن يدفع المحور إلى التدخل في الحرب وعدم الوقوف على الحياد.
وكانت الجبهة الجنوبية شهدت أمس، سخونة منذ ساعات الصباح الأولى. تصاعدت وتيرتها بعد الظهر، فاستهدف حزب الله خيمة لقوات العدو الإسرائيلية في داخلها جنود في مستوطنة راميم مقابل بلدة مركبا في القطاع الشرقي للجنوب اللبناني رداً على الاعتداءات الاسرائيلية. ما أعقبه قصف إسرائيلي على خراج بلدتي رميش ويارون. وأشار جيش العدو الإسرائيلي إلى صاروخ مضاد للدبابات أطلق على أحد مواقعه على الحدود اللبنانية. وقامت المدفعية الاسرائيلية باعتداءات داخل الأراضي اللبنانية. وأفاد إعلام العدو عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الجيش الإسرائيلي بعد قصف المقاومة دبابة إسرائيلية بصاروخ موجّه، تلاه صاروخ ثان مضاد للدروع، ضد هدف لجيش الاحتلال. ولاحقاً، سمع دوي اطلاق نار ورشقات وقصف في محيط عيتا الشعب وراميا، وطال القصف مارون الراس. ثم استهدفت المقاومة بصاروخ مضاد للدروع هدفاً في مستوطنة يفتاح. كما استهدف حزب الله أجهزة التجسس والتصوير والجمع الحربي في موقع جل الدير في القطاع الأوسط. ولاحقاً تبنى الحزب عملية قصف آلية للجيش الإسرائيلي، معلناً استهداف موقع زرعيت والصدح وجل الدير والمالكي وبركة ريشا بالأسلحة المباشرة.
في السياق، أعلن الصليب الأحمر اللبناني ان ٤ فرق توجهت إلى منطقة علما الشعب لنقل جثث ٤ شهداء جراء القصف الإسرائيلي، وتردّد أنها تعود للمتسللين.
واشارت مصادر مطلعة لـ «البناء» الى ان حزب الله من خلال توسيعه نطاق عملياته في الجنوب ضد العدو الإسرائيلي تقصد إبلاغ حكومة بنيامين نتنياهو أنه على أتمّ الجهوزية والاستعداد للمواجهة على طول الحدود الجنوبية وليس فقط في القطاع الغربي.
في مقابل هذا التصعيد، استهل وزير الخارجية التركي هاكان فيدان جولته على المسؤولين اللبنانيين للدفع نحو التهدئة. فزار نظيره عبدالله بوحبيب في الخارجية. وأكّد بوحبيب أنّ الاعتداءات الإسرائيلية على حدود لبنان الجنوبية خرق للقرار 1701. واعتبر، إثر لقائه هاكان أنّها تؤدي إلى توتر الجبهة بشكل يصعب احتواؤه. وأعلن فيدان من جهته أن تركيا تعمل لعدم تمدد الحرب إلى لبنان والبلدان الأخرى وأنّها تتضامن مع الموقف المِصري بشأن ما يجري في غزة. وطالب المجتمع الدولي بأخذ خطوة لتأسيس دولة فلسطينية عاصمتها القدس على حدود 1967. وأشار إلى أنّ وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلاميّ يجتمعون، غدًا (اليوم) في جدة.
لاحقاً، استقبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فيدان في السرايا. وأكد «أن الاولوية الراهنة يجب أن تكون وقف الحرب الاسرائيلية الدائرة في غزة والاعتداءات الاسرائيلية على جنوب لبنان». أما وزير خارجية تركيا فأشار «الى التواصل مع الاسرائيليين لحضهم على وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الى قطاع غزة والعمل على إيجاد حل نهائي للصراع انطلاقاً من حل الدولتين».
ومن السراي، أكد النائب السابق وليد جنبلاط اننا نعمل بشكل متواضع على النفس ذاته مع رئيس الحكومة ولكن لا شك أن جهود الأخير جبارة، على أمل أن تثمر وأن ترمم ايضاً الجبهة الداخلية، لان بعض الناس في الجبهة الداخلية وكأنهم في واد ثانٍ. كنا نأمل مثلاً أن يفرج هذا الظرف عن رئيس للجمهورية، وانتخابات لجان دون مقاطعة…الخ. يبدو ان بعض الناس في عالم آخر.
وتابع الوزير عبدالله بوحبيب لقاءاته الديبلوماسية التي كان بدأها يوم أمس، بهدف التشاور ومنع التصعيد في المنطقة، والتقى مع عدد من سفراء الدول المشاركة في قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل). وقال بوحبيب إن «البحث خلال اللقاء تناول الوضع في جنوب لبنان وغزة»، طالباً من جميع السفراء «المساعدة لتهدئة الاوضاع على الحدود الجنوبية وأن تتوقف اسرائيل عن القصف، خصوصا أن الرد من لبنان هو على مزارع شبعا اللبنانية المحتلة». وسيتابع الوزير بوحبيب لقاءاته الديبلوماسية بعد الظهر. وكان ميقاتي اجتمع مع بو حبيب في السراي صباحاً.
وكانت عقدت جلسة لمجلس النواب خصصت لانتخاب أعضاء هيئة مكتب المجلس ورؤساء اللجان النيابية، لم تغب عنها المستجدات الأمنية. فقد سجلت مطالبة عدد من نواب المعارضة بمناقشة تطورات الوضع في الجنوب، وإصدار توصيات بشأنها، الا ان الرئيس نبيه بري رفض وأعلن جهوزيته لعقد جلسة خاصة بذلك. ولاحقا وأثناء لقائه رؤساء اللجان النيابية والمقررين، سأل بري «أمام ما يجري في المنطقة وتصاعد العدوان الاسرائيلي على فلسطين وغزة ولبنان، نحن أمام فرصة لانتخاب رئيس للجمهورية فهل نتلقفها؟».
يعقد مجلس الوزراء، بهيئة تصريف الأعمال، جلسة في الرابعة من بعد ظهر يوم غد الخميس في السراي الكبير، للبحث، إضافة الى البنود الواردة على جدول الاعمال، في عرض وزارة الاشغال العامة والنقل للتقرير الشامل حول وضعية وطبيعة وآلية ومعوقات سير العمل في مطار رفيق الحريري الدولي – بيروت، وخلاصة الإجراءات والتدابير المطلوبة لمعالجة الثغرات وتأمين حسن انتظام سير العمل والسلامة العامة في المطار. كما والبحث في عرض رئيس مجلس الوزراء لموضوع تشغيل مطاري القليعات ورياق.
على الصعيد الاقتصادي والمالي، وفي وقت استقبل ميقاتي حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، ابلغت مؤسسة «كهرباء لبنان» وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل في كتاب رسمي بتاريخ 09/10/2023، تذكيراً بوجوب تسوية كافة فواتير الكهرباء المستحقة على الإدارات العامة والمؤسسات العامة بما في ذلك مصالح المياه وغيرها، على أن يتم دفع هذه الفواتير نقدًا (Fresh Lebanese Liras)، في حساب مؤسسة كهرباء لبنان لدى مصرف لبنان، تجنّباً لانقطاع التيار الكهربائي عنها، وذلك بدءاً من يوم الثلاثاء الواقع فيه 24/10/2023 وفقاً للأنظمة المرعية الإجراء.
المصدر: صحف