الصحافة اليوم 27-9-2023 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم 27-9-2023

الصحافة اليوم

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاربعاء 27-9-2023 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.

البناء:

البناءالسوداني: لا حاجة للقوات الأميركية في العراق… ولا بديل عن سورية بنظامها ودولتها للاستقرار
بري ينهي مبادرته… ولودريان يدعو لخيار ثالث… والموفد القطري يطرح أسماء… ولا رئاسة
السفير الصيني في احتفال العيد الوطني: 150 دولة منها لبنان شركاء في خطة الحزام والطريق

كتب المحرّر السياسيّ

الخبر في المنطقة عراقي، مع الحوار الذي كشف خلاله رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني عن عزم حكومته على إنهاء مهمة قوات التحالف في العراق، حيث اعتبر السوداني أنه لم «يعد هناك ضرورة لوجود التحالف الدولي الذي تشكل لمواجهة تنظيم داعش»، مضيفاً: «أنه خلال هذا الشهر سوف تجتمع اللجنة المشتركة مع الجانب الأميركي، وسوف تؤكد على العلاقة الثنائية مع الولايات المتحدة للتعاون الأمني، ومنفتحون في كل المجالات». وذكر رئيس الوزراء أن «وجود سورية بنظامها السياسي وشعبها، أفضل من بديل مجهول قد يُدخل المنطقة في حرب ثانية مع داعش، وأي إرباك أمني في سورية سيطلق وحوش الإرهابيين ويهدد الأمن في العراق والمنطقة»، ولم تظهر بعد تداعيات وخلفيات هذه المواقف، وهل هي تعبير عن قراءة عراقية للمشهد الإقليمي، بعد القمة الصينية السورية ورؤية مخاطر استخدام العراق قاعدة لعبث أميركي في سورية، وما هو موقف إيران ودورها في هذا القرار، سواء كان قراراً لا يعبر عن تفاهم ضمني مع الأميركيين أم أنه ثمرة تفاهم مع الأميركيين، يقدّم لهم المخرج اللائق للانسحاب من العراق وسورية، باعتبار ان أصحاب العلاقة في تغطية، بينما لم تفصل مصادر عراقية بين القرار وتداعيات القمة الصينية السورية، وصلتها بخطة الحزام والطريق والتشبيك السوري العراقي من جهة، وبما يجري بين طهران وواشنطن من مفاوضات بوساطة عمانية بصورة خاصة، ليس الملف النووي محورها الوحيد.
في لبنان، كشف إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري عن نهاية مبادرته الحوارية، لأنه «تبين أنه ما بهمن الكنيسة القريبة. بكرا اذا اي طرف خارجي إشرلن بأصبعه وقلهن تعوا للحوار.. بيجوا متل الشاطرين»، ومعلوم أن طرفين خارجيين هما فرنسا والسعودية كانا قد أعلنا تبني مبادرة بري ودعمها ثم تراجعا، كما أن هناك طرفين محليين يوازنان مواقف الكتل المسيحية الرافضة وعلى رأسها القوات اللبنانية والكتائب، كانا قد أعلنا قبول المبادرة ثم تراجعا، هما بكركي والتيار الوطني الحر، وهذا الانقلاب يقف في خلفية سحب بري لمبادرته من التداول عملياً، كما يكشف أن جهة واحدة تملك مباشرة او غير مباشرة قدرة التأثير على الذين تراجعوا، هي واشنطن، التي تمثلها قطر وموفدها في الملف الرئاسي وليس فرنسا. وكان الموفد الفرنسي جان ايف لودريان قد اعلن أن على المسؤولين اللبنانيين البحث عن خيار ثالث، بينما الموفد القطري يقوم بتداول اسماء مرشحين رئاسيين مع الأطراف التي يلتقيها، والحصيلة وفقاً لمصدر نيابي، بسيطة وهي ان لا رئاسة.
في بيروت أقامت السفارة الصينية حفل استقبال في عيدها الوطني تحدّث خلاله السفير الصيني تشيان مينجيان، مشيراً الى تاريخ العلاقات اللبنانية الصينية وملفاتها المشتركة، لافتاً الى أن مبادرة الحزام والطريق منصة تعاون دولية مفتوحة وشاملة ومتبادلة المنفعة ومربحة لجميع الدول. وقد وقعت أكثر من مئة وخمسين دولة، من بينها لبنان، وأكثر من ثلاثين منظمة دولية على وثائق التعاون لمبادرة الحزام والطريق. مضيفاً، لقد استثمرت الصين في أكثر من 3000 مشروع، وارتفع حجم تجارتها مع الشركاء من تريليون دولار أميركي في عام 2013 إلى تريليوني دولار أميركي، مما شكّل نمط الانفتاح على العالم الخارجي بنطاق أكبر ومجال أوسع ومستوى أعمق. وأعلن السفير الصيني، أنه في الشهر المقبل، ستستضيف الصين الدورة الثالثة لمنتدى «الحزام والطريق» للتعاون الدولي. وترغب الصين في العمل مع لبنان والدول الأخرى على طول طريق الحرير من منطلق الالتزام بمفهوم التعاون المتمثل في التشاور والتشارك والتقاسم، وتمهيد طريق التعاون هذا الذي يعود بالمنفعة على العالم بشكل أوسع وأبعد».
وفيما يواصل الموفد القطري جولته السرية على المسؤولين، سجلت مواقف فرنسية لافتة للمبعوث الرئاسي جان إيف لودريان من الاستحقاق الرئاسي سبقت عودته إلى بيروت مطلع الشهر المقبل.
وقد نعى لودريان المبادرة الفرنسية «التقليدية» مع تأكيد عودته الى لبنان واستمراره بالمساعي مع استبدال مصطلح الحوار بلقاءات تشاورية وتعديل صيغة الطرح الفرنسي من تسوية سليمان فرنجية – تمام سلام إلى خيار المرشح الثالث.
ودعا لودريان المسؤولين اللبنانيين إلى إيجاد «خيار ثالث» لحلّ أزمة الرئاسة. ولفت في مقابلة مع وكالة «فرانس برس»: إلى أن «الدول الخمس التي تتابع الملف اللبناني «منزعجة للغاية، وتتساءل عن جدوى استمرار تمويل لبنان».
وأكد لودريان في مقابلة مع وكالة «فرانس برس» أنه لا يوجد اختلاف، ولا حتى فارق بسيط، بين الدول الخمس. وأولئك الذين أشاروا إلى العكس هم مروّجو الأوهام التي تهدف إلى الحفاظ على الارتباك لاعتبارات تكتيكية. فالخمسة يتحدثون مع بعضهم البعض طوال الوقت. ولا بد أن يعلم المسؤولون اللبنانيون أن اللقاء الأخير للخماسية اتسم بالغضب من إنكارهم وعدم قدرتهم على التغلب على تناقضاتهم. ويتساءل الخمسة إلى متى سيستمر تقديم المساعدة للبنان».
ولفت إلى أن «المواجهة بين كتلتي جلسة 14 حزيران الانتخابية، أي كتلة تؤيد جهاد أزعور وكتلة أخرى تؤيد سليمان فرنجية، لن تقدّم أي حل. والبقاء في هذا الصراع يؤدي إلى الفشل. لذلك، يجب على الجهات الفاعلة اللبنانية أن تبحث عن طريق ثالث». وقال «لا يزال هناك طريق طويل قبل الانتهاء منه، لذلك أنوي العودة مرة أخرى على الأقل».
ودعا لودريان «الجميع للحضور وعقد لقاءات، ورؤية نقاط الالتقاء، وبعد ذلك ستكون هناك حاجة إلى سلسلة من المشاورات. لم أعد أستخدم مصطلح الحوار لأنني أرى أنه مسموم في لبنان، نظراً لما يحمله هذا المصطلح من شحنة تاريخية مثيرة للانقسام. وبعد المشاورات، آمل أن يدعو رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى عقد جلسات برلمانية متتالية ومفتوحة، كما تعهّد بذلك علناً. كل هذا يجب أن يتم في الأسابيع المقبلة». وأضاف: «آمل أن يدرك المسؤولون أنه يجب علينا إيجاد مخرج، وإلا فسيتم نبذهم من قبل المجتمع الدولي. لن يرغب أحد في رؤيتهم بعد الآن، ولن يكون من المفيد طلب الدعم من هنا أو هناك».
ولاقت مواقف لودريان استغراب حزب الله وامتعاض حركة أمل وفق ما علمت «البناء»، وأشارت أجواء «الثنائي» لـ»البناء» الى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري سيتخذ الخطوة المقبلة وفق ما تقتضيه المصلحة الوطنية، وسينتظر عودة لودريان للإفصاح عما سيقرّره من الحوار والجلسات. وشددت الأجواء على أن مواقف لودريان لم تغير في موقف الثنائي بدعم ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية كخيار استراتيجي لا تنازل عنه، مع الانفتاح على كافة الخيارات ومناقشتها على طاولة الحوار، مشددة على أن لا أحد يستطيع إحراج الثنائي وليّ ذراعه ودفعه للتنازل والرضوخ في استحقاق أساسي ذات أبعاد استراتجية.
ولفتت المصادر الى أن الأسماء التي يتم التداول بها هي لملء الوقت الضائع وليست جدية وتهدف لقطع الطريق على فرنجية وللتشويش على الحوار بين التيار والحزب وفرملة أي نتيجة إيجابية تؤدي الى سير التيار بفرنجية.
وعلمت «البناء» أن النائب باسيل أبدى موافقته على دعم ترشيح المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء البيسري.
وأعلنت سفارة قطر عبر حسابها على منصة «إكس» أن سفيرها لدى لبنان سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، زار أمس (أمس الأول) «السيد محمد رعد، نائب في البرلمان اللبناني ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة. تم خلال الاجتماع، استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، وبحث الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة».
وأكدت مصادر واسعة الاطلاع لـ»البناء» أن «الموفد القطري التقى المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الحاج حسين الخليل ولم يلتقِ النائب رعد».
وإذ لم يتم تسريب أية معلومات عن اللقاء بين الموفد القطري وخليل. إلا أن مصادر «البناء» كشفت أن الحراك القطري هو جس نبض للأطراف السياسية للسير بالمرشح الثالث بعد عجز أي من الأطراف عن فرض مرشحه، وحاول الموفد القطري إقناع الثنائي حركة أمل وحزب الله بخيار المرشح الثالث، لكنه قوبل بالرفض وأبلغ الثنائي الموفد القطري تمسكه بترشيح فرنجية.
وفي سياق ذلك، تحدّث الرئيس بري في حديث لقناة «الجديد» عن «مجموعة أسماء يطرحها القطريّ وليست محصورة باسم معين»، لافتاً الى أنني «تعاونت مع الفرنسي وسهلت مهمته، واتعاون الآن مع القطري وأتمنى له النجاح ودائماً كنت أقول: منتشكركن على مساعدتكن لنحنا ننتخب مش لتسمولنا اللي بدنا ننتخبه». وأشار الرئيس بري، الى أنني «لم أكن يوماً الا متعاوناً مع أي مبادرة خارجية، واللي عنده بديل عن الحوار يتفضل عطيناهن فرصة العمر وما تجاوبوا، حدا يقللي اي رئيس جمهورية وصل بلا حوار».
وحول ما تردّد عن موعد انتخاب رئيس جمهورية في تشرين المقبل، قال بري: «انا لا اتحدث عن مواعيد ولم أتحدث ولكن أتمنى ان ننتخب اليوم قبل الغد»، مؤكداً أنني «لن ادعو الى أي جلسة الا اذا كانت ذات جدوى، واي جلسة ليست مسبوقة بحوار ما فيها جدوى».
واعتبر أن «كلام لودريان عن الخيار الثالث تلخص قيمة الحوار»، مشدداً على أن «مرشّحنا هو سليمان فرنجية وحتى الآن ما في plan B «، مضيفاً «انا عطيت حوار لمدة اقصاها سبعة ايام اذا لقينا بعد يومين ما في توافق منروح مباشرة على دورات مفتوحة». وأضاف «تبين أنه ما بهمن الكنيسة القريبة بكرا اذا اي طرف خارجي إشرلن بأصبعه وقلهن تعوا للحوار.. بيجوا متل الشاطرين».
في المقابل دعا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الرئيس بري الى «الدعوة إلى جلسة انتخاب مفتوحة بدورات متتالية، وأغلب الظنّ أنّه سيكون لنا رئيس للجمهورية في الدورة الثانية».
بدوره أشار مصدر نيابي مطلع في التيار لـ»البناء» إلى «أننا لن نشارك في الحوار الذي دعا اليه الرئيس بري وكنا قد طلبنا من بري أسئلة واستفسارات عن موضوع الحوار ورئاسته والخطوة التي تليه لتوفير ظروف نجاحه، ولم تأتنا الردود، ولذلك لا جدوى من المشاركة فيه». وجدّد رفض التيار «السير بسليمان فرنجية الذي أثبتت الوقائع أن حظوظه تراجعت الى حد كبير، لذلك على الثنائي الاقتناع والحوار على خيارات أخرى»، ولفت المصدر الى أن «التيار لم يطرح مرشحين بل دعم التقاطع على جهاد أزعور، ويؤيد زياد بارود إذا كان مرشحاً توافقياً، وسمّينا المرشحين الذين نرفضهم وهما سليمان فرنجية وقائد الجيش، ولتسهيل الانتخاب وضعنا مواصفات الرئيس وبرنامج عمله».
وكشف المصدر أن «الحوار بين الحزب والتيار يتقدم على الكثير من الملفات، لكن التباعد لا يزال سيد الموقف في الملف الرئاسي ولا نتائج عملية حتى الآن».
وجدد تكتل «لبنان القوي» في بيان، بعد اجتماعه الدوري برئاسة النائب جبران باسيل، «موقفه الداعم لإجراء لقاءات تشاورية لإنضاج الاستحقاق الرئاسي من خلال التفاهم على الأولويات الرئاسية للعهد المقبل ومواصفات واسم الرئيس المؤهل لهذه المهمة»، وأكد التكتل «ضرورة توفير الظروف التي تؤمن نجاح الحوار من دون رفض أو تعنّت، لأن مبدأ الحوار يقوم على مبدأ تبادل الأفكار».
كما أكد أن «الحوار يجب أن يكون محصوراً في مهلة زمنية محددة وأن يجري على مستوى رؤساء الأحزاب أصحاب القرار على أن تتم إدارته في شكل حيادي وموضوعي، ويلي ذلك عقد جلسة انتخابية مفتوحة بمحضر واحد، إما لانتخاب الاسم المتفق عليه وإما لحصول منافسة ديموقراطية بين المرشحين».
وفي مجال آخر، جدّد التكتل مطالبته «الجيش والقوى الأمنية بضبط الحدود وإنهاء مرحلة التساهل»، متهماً «الحكومة بالتخاذل وعدم اتخاذ الإجراءات لضبط النزوح غير الشرعي». وأعرب عن قلقه من «أن يكون لبنان أمام موجة من النازحين الوافدين لأهداف أمنية، بعد الذين وصلوا لأسباب اقتصادية أو قسرية».
وبعد زيارته ووفد من الوطني الحر مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، قال باسيل: «نؤكد مجدداً، أنَّ هذا البلد هو بلد شراكة، وتغيير الشراكة في أيِّ ظرف كان لا بد من توافق كل اللبنانيين مراعاة للشراكة المتوازنة، نحن الآن في مرحلة استحقاق لرئاسة الجمهورية، وهناك استحقاقات ثانية، وكل محاولة لتغييب أحد الأطراف اللبنانية فيها ضرب للدستور وللميثاق ولروحية العيش معاً». ورأى «أن ما يحصل هو عملياً تفويت فرصة، وتضييع وقت، ونحن بصدد إنجاز هذه الاستحقاقات الدستورية في وقتها».
وقال «إنَّ موضوع رئاسة الجمهورية ليس له حل إلا بالتفاهم والشراكة «المتوازنة» كما ذكرنا، والتفاهم بطبيعة الحال يتطلب حواراً، ونحن لم نكن يوماً إلا مع الحوار، لكن الحوار حتى يكون مجدياً ويوصل إلى نتيجة، أكدنا لسماحته أن الحوار له ظروفه كي لا نقول شروطه، حتى نحقق نجاحه، منها أن يعقد حول طاولة مستديرة، وأن يسمح بالتشاور الثنائي والثلاثي. وما يؤدي إلى انتخاب رئيس وفق خطوط عريضة، يتفق عليها اللبنانيون، إن من حيث الشخصية أو المواصفات والبرنامج الذي يتعهد بتنفيذه».
على صعيد آخر، اقتحمت مجموعة من المتظاهرين مؤسسة كهرباء لبنان في كورنيش النهر، «اعتراضاً على الفواتير المرتفعة، في ظل غياب الخدمة على نحو شبه دائم» وانتشرت عناصر القوى الأمنية وقوات مكافحة الشغب داخل المؤسسة.
الى ذلك، كشف السفير الصيني لدى لبنان تشيان مينجيان، خلال الاحتفال في الذكرى الرابعة والسبعين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية في فندق فينيسيا أن «الصين ترغب في العمل مع لبنان لتنفيذ التوافق الذي توصل إليه قائدا البلدين، ودعم الحفاظ على سيادة لبنان واستقلاله وسلامة أراضيه، ودعم لبنان في الحفاظ على سلام الوطن واستقراره؛ وتعزيز التنسيق والتعاون مع لبنان في المناسبات الدولية المتعددة الأطراف لحماية الإنصاف والعدالة الدوليين، ومواصلة أداء مهمة حفظ السلام بأمانة والمساهمة بالقوة الصينية في الحفاظ على السلام في لبنان ودول المنطقة؛ وتعزيز الالتقاء بين مبادرة «الحزام والطريق» وخطة التنمية في لبنان، والتحسين المستمر لمستوى التعاون المتبادل المنفعة بين الصين ولبنان، والعمل بشكل مشترك على تعزيز التنمية السريعة والطويلة الأجل للصداقة بين الصين ولبنان».
وأكد السفير الصيني أنه «لطالما كانت الصين بانية للسلام العالمي، ومساهمة في التنمية العالمية، ومدافعة عن النظام الدولي. وفي بداية هذا العام، نجحت الصين في تشجيع السعودية وإيران إلى إجراء حوار في بكين لتحقيق المصالحة، مما أطلق «موجة من المصالحة» بين دول المنطقة. وفي الشهر الماضي، استقبلت مجموعة البريكس ستَّ دول أعضاء جديدة، من بينها المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة وإيران، مما ضخ حيوية جديدة في المجموعة، ودفع تعزيز السلام والتنمية العالميين بشكل أقوى».
على صعيد آخر، ذكرت القناة 12 التابعة للاحتلال الإسرائيلي أنّه «قبل أيام رصد الجيش الإسرائيلي مظليًا يحلق فوق مواقع له على السياج الحدودي مع لبنان، قبل أن يختفي»، مشيرة إلى أن «يتمّ التحقق إذا كان العنصر تابعاً لحزب الله أم ربما إسرائيلياً حلق دون تنسيق».

اللواء:

صحيفة اللواءلودريان لحصار مالي على لبنان.. ولقاء سعودي – فرنسي في الرياض اليوم
المفتي دريان يرحِّب بالمبادرات الخارجية.. وباسيل لرئيس بالانتخاب

عشية ذكرى المولد النبوي الشريف الذي يصادف اليوم، حضر الاستحقاق الرئاسي الغائب، والمعلَّق على حبال المواقف المتباعدة، في رسالة المولد التي وجهها مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الى ان «السياسيين لا يقومون بمسؤولياتهم تجاه فراغ المؤسسات»، معتبراً ان الحراك الداخلي هو الاساس في انجاز الاستحقاق الرئاسي، والحراك الخارجي مساعد وداعم له، في وقت كان فيه رئيس التيار الوطني الحر يعلن بعد لقاء المفتي في دار الفتوى ان موضوع رئاسة الجمهورية ليس له حلّ إلاّ بالتفاهم والشراكة «المتوازنة»، مشيراً الى اننا اذا لم نستطع التفاهم «فلنذهب للانتخاب في مجلس النواب، وليربح من يربح».

ويأتي موقف باسيل على خلفية تعطيل مبادرة الرئيس نبيه بري التي اطلقها في ذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر، وفي وقت يمضي فيه الموفد القطري جاسم آل ثاني (ابو فهد) في لقاءاته البعيدة عن الاضواء، وإعلان سفارة قطر في بيروت، ان سفيرها لدى الجمهورية اللبنانية الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني زار امس الاول رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، في المجلس النيابي، كما زار النائب السابق وليد جنبلاط في كليمنصو.
على ان الاخطر، خروج الموفد الخاص للرئيس ايمانويل ماكرون وزير الخارجية الاسبق جان ايف لودريان عن صمته، واعلان انهاء الصيغة التي اشتغل عليها لمدة ثلاثة اشهر، هي عمر وساطته الجديدة لانهاء الشغور الرئاسي.

فقبيل عودته المنتظرة، دعا لودريان الاطراف اللبنانية الى ايجاد «خيار ثالث لحل ازمة الرئاسة فيما لا يمتلك اي فريق اكثرية برلمانية تخوله ايصال مرشحه».

وهذا الاعلان بحدّ ذاته، يعني حسب الاوساط المراقبة، «اقراراً رسمياً فرنسياً بسقوط مبادرته وافساح المجال امام محاولات اخرى من دول اللجنة الخماسية او من اللجنة مجتمعة»، كاشفاً ان «الدول الخمس المعنية بملف لبنان تتساءل عن جدوى مواصلة دعمها المالي»، موضحاً: «ان المؤشرات الحيوية للدولة اللبنانية تشي بأنها في دائرة الخطر الشديد»، منبهاً الى أن «صبر الدول الخمس بدأ ينفد، وهي تتساءل عن جدوى استمرار لبنان، في وقت يتمادى المسؤولون في عدم تحمل المسؤولية، وغالباً ما سيسمع اللبنانيون هذه الانذارات ليطبقوا نقيضها».

ومع تساقط المبادرات تباعاً، في الداخل والخارج، يتعمق المأزق الرئاسي:

1- فالرئيس نبيه بري ضاق ذرعاً بالمواقف المسيحية الروحية والحزبية والنيابية الرافضة لمبادرته، وقرر ايقافها، من دون ان يتخلى عن دوره في اتمام الاستحقاق الرئاسي.
وقال: اني لم أكن يوما الا متعاوناً مع اي مبادرة خارجية، وقال: تعاونت مع الفرنسي وسهلت مهمته والآن اتعاون مع القطري واتمنى له النجاح. وكنت دائما اشكرهم على مساعدتهم ولكن ليس ليسموا لنا الرئيس الذي ننتخبه.

وعن المسعى القطري نفى بري ان يكون محصورا بإسم واحد بل هناك مجموعة اسماء يطرحها. وعن كلام لودريان امس حول الخيار الثالث قال: هذه قيمة الحوار ومن لديه بديل عن الحوار فليتفضل. اعطيناهم فرصة العمر ولم يتجاوبوا فليقلولوا لي اي رئيس جمهورية وصل من دون حوار؟.

اضاف: مرشّحنا هو سليمان فرنجية وحتى الآن «ما في خطة ب» لدينا.

وردا على سؤال حول دعوة سميرجعجع له للذهاب مباشرة الى جلسات انتخاب متتالية، قال: انا لن ادعو الى اي جلسة الا اذا كانت ذات جدوى. وجلسة غير مسبوقة بالحوار لا جدوى منها. مبادرتي مبنية على مدة اقصاها سبعة ايام، اذا وجدنا بعد يومين ان لا توافق نذهب مباشرة الى دورات مفتوحة. لكن تبين ان الكنيسة القريبة لا تهمهم. لكن اذا اشار لهم طرف خارجي بإصبعه لحضور الحوار يأتون «متل الشاطرين».

وقال انه لم ولا يحدد مواعيد لإنتخاب الرئيس في تشرين المقبل. لكن اتمنى ان نتخب اليوم قبل الغد.

2- والمبادرة الفرنسية لفظت انفاسها عبر لودريان نفسه الذي لوَّح بعقوبات مالية واليوم يعقد في الرياض اجتماع بين المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا والموفد الرئاسي لودريان، ويشارك فيه سفير المملكة في لبنان وليد بخاري، والموضوع الابرز تطورات الجهود في ما خص الملف الرئاسي في لبنان، في ضوء التعثر الحاصل.

3- اوحى النائب باسيل بأن حواره مع حزب الله، بات خارج التعويل عليه، لذا عاد الى خطته السابقة، بعدما بدا له ان إبعاد سليمان فرنجية وجوزاف عون عن الرئاسة، يحقق له مكسباً سياسياً، وبالتالي فهو على تقاطعه مع فريق 14 آذار حول الوزير السابق جهاد ازعور، او غيره، وذلك عبر الانتخاب اذا تعذر التوافق.

‎وقالت أوساط سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن خيار السير بالمبادرة القطرية متروك للأفرقاء السياسيين الذين لا يزالون يتدارسون خطواتهم المقبلة في حين أن كل فريق يرصد موقف الفريق الآخر، مؤكدة أن الأسماء التي تردد أنها رشحت من قبل قطر هي في الأساس أسماء تم التداول بها في عز الحراك الحاصل في الاستحقاق الرئاسي انما بدت الملاحظات هي نفسها لجهة إمكانية قيام توافق داخلي وخارجي عليها دون اغفال تأمين غالبية الثلثين.

‎وأكدت هذه الأوساط أنه مع تجميد مبادرة الرئيس بري الحوارية فإن ما من مساع محلية جديدة والمسألة متروكة للحركة الفكرية فضلا عما يمكن أن يأتي به الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودربان إلى بيروت في الشهر المقبل بعد الحديث عن انتقال المسعى الرئاسي إلى قطر، لافتة إلى أن التعويل قائم على ما يحمله الشهر الجديد والسرعة في الاتصالات التي تتعلق بالرئاسة.

ووصفت متابعة حركة السفير القطري بأنها بمثابة «مفرزة سباقة» لزيارة وزير الدولة في وزارة الخارجية محمد الخليفي، وقالت لـ «اللواء»: ان اهم ما في حركة الموفد المقيم في بيروت جاسم بن فهد آل ثاني انها مقيدة بالتكتم، لكن من السابق لأوانه الحكم على نتائجها فهي ما زالت في بداياتها.

وقالت مصادر مسؤولة في «القوات اللبنانية» لـ «اللواء»: ان الحركة القطرية لا تخرج عن سياق الحركة الفرنسية الداعية بشكل واضح للذهاب الى خيار ثالث. وخلاصة الجولة الفرنسية هي ذاتها خلاصة الجولة القطرية الحالية، بأن هناك فريقاً في لبنان منفتح على خيار ثالث وهناك فريق آخر ما زال متمسكا بمرشحه. لذلك لازلنا في المربع نفسه اي في استمرار الشغور الرئاسي.

اضافت: لذلك كل هدف الحراك القطري هو كسر ستاتيكو الشغور الرئاسي من خلال الخيار الثالث. لكن هذا الامر غير متوافر في ظل تمسك الثنائي الشيعي بمرشحه حتى الآن.

باسيل عند دريان

وفي الحراك السياسي، زار رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل على رأس وفد من «التيار الحر» مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان في دار الفتوى.

وقال باسيل بعد اللقاء: من اجل المحافظة على اتفاق الطائف يجب تطبيقه ومن واجبنا ان نقوم بإصلاحات في بلدنا لجذب الدول المستثمرة. وطلبنا من المفتي إلغاء النظرة غير الجيدة تجاه اللامركزية لأنها تساهم بالإنماء المناطقي.

اضاف باسيل: صوّرونا في العام 2012 أننا عنصريون عندما تحدثنا عن مخاطر النزوح السوري في لبنان ولكن اليوم كلنا نعرف الوضع، ونحن حريصون على حياة المواطن اللبناني، والحل لا يحتاج سوى جهد بسيط من الأجهزة الأمنية.

وقال: أنا لا أقول أن المبادرة الفرنسية انتهت أو لم تنتهِ في الموضوع الرئاسي. بالرئاسة لا أقول أن هناك مبادرة بدأت أو مبادرة إنتهت.

واعتبر باسيل انه «من اجل المحافظة على اتفاق الطائف يجب تطبيقه، ومن واجبنا ان نقوم بإصلاحات في بلدنا لجذب الدول المستثمرة».

وختم باسيل مشددا على أن «الرئيس الذي لا يحظى بدعم حقيقي لن ينجح».

وترأس باسيل اجتماعا لتكتل لبنان القوي صدر بعده بيان، جدّد فيه «موقفه الداعم لاجراء لقاءات تشاورية لإنضاج الاستحقاق الرئاسي من خلال التفاهم على الأولويات الرئاسية للعهد المقبل ومواصفات واسم الرئيس المؤهّل لهذه المهمة. واكّد التكتل على ضرورة توفير الظروف التي تؤمّن نجاح الحوار من دون رفضٍ او تعنّت لأن مبدأ الحوار يقوم على مبدأ تبادل الأفكار، كما اكّد التكتل ان الحوار يجب ان يكون محصوراً بمهلة زمنية محدّدة وان يجري على مستوى رؤساء الأحزاب اصحاب القرار، على ان تجري ادارته بشكل حيادي وموضوعي، ويلي ذلك عقد جلسة انتخابية مفتوحة بمحضر واحد إمّا لانتخاب الاسم المتّفق عليه او حصول منافسة ديمقراطية بين المرشحين».

ورحب المفتي دريان في رسالة الموفد النبوي الشريف «بالمبادرات الخارجية من الدول الشقيقة والصديقة، لحل الأزمة اللبنانية، وهي عامل خير وحلحلة للعقد والعقبات. والإصرار والعزيمة لإنجاح أي مبادرة، هو هدف أصحاب المبادرات، بمساعيهم الطيبة، لن تذهب هدرا بإذن الله، مهما واجهتهم عراقيل بعض السياسيين، الذين يسعون إلى تحقيق مكاسب شخصية على حساب الشعب والوطن.

وتابع: والحراك الداخلي هو الأساس في إنجاز الاستحقاق الرئاسي، والحراك الخارجي هو عامل مساعد وداعم، وهذا يعني أن على القوى السياسية والكتل النيابية أن تتحمل مسؤولياتها التاريخية أمام الله والوطن والناس، وينبغي على اللبنانيين التقاط الفرص التي تقدم لهم، فالفرصة لا تعوض إذا لم نحسن التعامل معها، على أساس مصلحة الوطن الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة، والاستحقاق الرئاسي سيحصل، مهما اشتدت العواصف، كي نضع حدا لآلام اللبنانيين، وكي يعود الدور الفاعل إلى الدولة ومؤسساتها، فإنه لا تغيير في النظام اللبناني، وسيبقى اتفاق الطائف الضامن للشراكة الإسلامية – المسيحية، والعيش المشترك، ولا مكان للطروحات التي تمزق الوطن وتفرق اللبنانيين في وطنهم لبنان، بلد الوحدة والتنوع».

أزمة النزوح

على صعيد أزمة النزوح السوري، استقبل قائد الجيش العماد جوزاف عون في مكتبه في اليرزة المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا، وتناول البحث الأوضاع العامة في البلاد. كما استقبل المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، وتناول البحث موضوع النزوح السوري وتداعياته.

‎وأحبطت وحدة أخرى من الجيش في منطقة حارة السماقة – جرود الهرمل محاولة تهريب 90 سوريًّا إلى لبنان بطريقة غير شرعية، وأوقفت المواطن (ح. ن.) المسؤول عن عملية التهريب. وبوشر التحقيق مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص.

ميدانياً، وعشية اعتزام مؤسسة كهرباء لبنان اصدار دفعة جديدة من الفواتير، اقتحمت مجموعة من المتظاهرين مؤسسة كهرباء لبنان في كورنيش النهر (شمال بيروت)، اعتراضاً على الفواتير المرتفعة،في ظل غياب الخدمة على نحو شبه دائم، فيما انتشرت عناصر القوى الامنية وقوات مكافحة الشغب داخل المؤسسة.

وطالب المحامي واصف الحركة الذي كان في عداد الوفد الذي قابل المدير العام للمؤسسة كمال الحايك «باعادة النظر بالفواتير المرتفعة جداً، في هذه الظروف، مشدداً على ضرورة تخفيضها».

الاخبار:

جريدة الاخبارالثائر وسيّدة القصر

ابراهيم الأمين

ليس تفصيلاً أن يحتفظ سمير جعجع بصورة القائد المحبوب لدى جيل من شباب رافقوه في حروبه الكثيرة. قبل ذلك، كان جعجع، بالنسبة إلى هؤلاء، يشبه غالبية المنضوين في أكبر حزب مسيحي في لبنان. وهو حظي بمودّة كثيرين، حتى في «عزّ» بأس بشير الجميل. كانت قوة جعجع، بالنسبة إليهم، أنه يمثّل الانتفاضة الاجتماعية على الواقع القيادي للمسيحيين.

انخراطه في حزب الكتائب، لم يسقط من رأسه طموحه بتغيير يلبّي تطلّعات قاعدة موالية، أتت بغالبيتها من بيوت المسيحيين الفقراء في مناطق الأطراف. وعندما تصدّى لدور قيادي في منطقة الشمال، لم يكن واحداً ممن يرسلهم المركز لتسلّم القيادة في المحافظات. بل كان واحداً من أبناء الأرض نفسها.

في كل مرة تستعاد فيها حكاية بناء نفوذه في القوات اللبنانية، يظهر جلياً أن القوات مثّلت، بالنسبة إليه، منصّة الانقلاب الحقيقي على حزب العائلة. وقد نجح، بمساعدة كثيرين، في تحويلها من ذراع عسكرية لحزب الكتائب، إلى وعاء سياسي وتنظيمي للمجموعة العسكرية التي كانت تمثّل، اجتماعياً، قاعدة الانتفاضة على العائلة، ولو أنها احتفظت بما تراه صالحاً في العلاقة مع الله والوطن.

قوة جعجع بالنسبة إلى الغالبية التي انضوت في الجهاز العسكري، أنه يشبه الشباب الآتين من عائلات متوسطة وفقيرة. ويحلو لمريديه، دائماً، أن يرووا عن الشاب الذي وُلد في عين الرمانة، الضاحية التي يعيش فيها فقراء ينتمون سياسياً إلى حزب العائلات الغنية في الأشرفية، وعن الآتي من عائلة متوسّطة الحال، إذ كان والده معاوناً في الفرقة الموسيقية في الجيش اللبناني، واهتمّت والدته بأمور المنزل وحفظ التزام أولادها، كمعظم العائلات المارونية، بالطقوس الدينية، من الصلاة صباحاً ومساءً إلى حضور العائلة مجتمعة قداس يوم الأحد. تابع دروسه في مدارس عادية، قبل أن يحصل من «لجنة جبران خليل جبران» على منحة لدراسة الطب في الجامعة الأميركية في بيروت، إلى أن انغمس في الحرب الأهلية، حاملاً مبضعاً مغايراً لمبضع الجرّاحين، مسؤولاً عسكرياً في بشري أولاً، ثم عن منطقة الشمال.

أمضى عشر سنوات في حروب دموية متنقّلة، حملته إلى مناطق كثيرة في لبنان، قبل أن تعيده مهزوماً، إلى رحلة طويلة من العزلة، بدأها في منزل كان أقرب إلى مركز عسكري في غدراس، ثم في زنزانة تحت الأرض، قبل أن يعود إلى الضوء مختفياً في ثكنة على هيئة منزل في معراب.

لكن لجعجع قصته الشخصية التي أثّرت في بناء المؤسسة الحزبية على ذوقه السياسي والاجتماعي والتنظيمي. وهي ترتبط بتغييرات كبيرة طرأت على حياته. لم يكن السجن الطويل هو الحاكم الأساسي فيها، بل سعيه الدؤوب نحو رفع مستوى من يمثّل إلى طبقة أعلى اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، مع رغبة دائمة، بانتزاع احترام – لا خوف – الآخرين، ومنحه شرعية في النظام السياسي كبقية أمراء الحرب والمال في لبنان… وقبل هذه أو تلك، لم يكن جعجع يحسن إدارة الانقلاب الأهم في حياته، حيث كان ينظر بعين الريبة إلى إدارة الكنيسة في لبنان، باعتبارها أداة في أيدي العائلات التي تأكل حقوق الفقراء، ولم ينجح، سوى في جذب بعض رجال الدين الذين باركوا بطشه في سنوات الحرب.

لكنّ نقطة التحول التي لا يبدو أنها تروق لغالبية شباب القوات وشاباتها، هي المتعلّقة بما بات عليه منذ تزوّج ستريدا طوق. عندما كان رفاقه يساعدون على ترتيب علاقته بها، كان الآخرون يسألون عن سر إعجاب «الثائر» بابنة الإقطاع التي وُلدت في برج عاجي ولم تنزع عنها يوماً ثوب سيدة القصر، فيما صار على القائد المقاتل التدرّب على ترتيب ربطة عنقه معظم الوقت.

اللحظة الشخصية لسمير جعجع لا تمثّل انتقاصاً من قناعاته، ولا تمثّل كذلك إدانة لزوجته الآتية من بيئة اجتماعية مختلفة. لكنّها لحظة لا تتطابق مع البناء الذي أراده جعجع لمؤسسة ترث حزب العائلة، وتقدر على مواجهة العائلات وأحزابها في شمال وجبل لبنان أيضاً. ولم ينتبه جعجع، أو لم يكن يريد أن ينتبه، أنه عندما كان يحظى بترحيب حارّ لدى مشايخ آل الضاهر والشويري، إنما كان يحظى بإعجاب من وجدوا فيه سلاحاً ناجعاً في مواجهة عائلات زغرتا وقواها، من آل فرنجية ومعوض، إلى غيرهم من الخصوم الذين يريدون السيطرة على كل شيء. حتى عائلة طوق التي ناسبته، كانت لها حجتها المشابهة، والكل يذكر ستريدا وهي تروي، بحرارة، سرّ إعجاب والدها بـ«الحكيم» الذي «دعوس الزغرتاوية».

حتى اليوم، يمكن لفقراء بشري أن يروا سيدة القصر تنظر من خلف زجاج غرفتها العالية، تراقب «القبضاي» الذي يحتل الشارع عند حافة الحديقة. لم يكن جعجع يحتاج إلى دعوة لدخول القصر، لكن، كان عليه إدراك أن الدعوة لا تخصّه وحده، بل تخصّ كل ما يمثّل وكل ما يطمح إليه… وعندما حطّت الحرب أوزارها، اختفى الصبية من الحي، وبقيت سيدة القصر تعيد تنظيم الحديقة وسورها. وفي الصالة الواسعة، جلس الثائر على كرسي كاد يضيق به كلّ الوقت، وفي كل مرة كان يشتاق إلى صحبه، كان هناك من يدعوه إلى التأقلم مع العصر الجديد، حيث حلّت النعمة على كثيرين ممن باتوا بالنسبة إليه أو إلى سيدة القصر، واجهات ضرورية في العمل العام. أما عندما يعود الحديث إلى المؤسسة – القلعة، فإن من يتقدّم الصفوف، هو من يمكنه تحمّل كلفة الدم والعرق والدموع. ومع وقائع صلبة كهذه، لا يمكن التعامل مع البناء الحزبي على أنه امتداد منطقي لما يُفترض أن جعجع انطلق منه، بعدما بدا أنه ارتضى لنفسه أن يصطفّ إلى جانب من سبقوه على كراسي النظام، منتظراً القدر، علّه يحمله، إلى حيث يؤمن بأنّ له حقاً في أن يكون!

خطّط لاغتيال جنبلاط وتفجير معملَي الجية والزهراني وفنادق في جونية: السجن 160 عاماً لأمير «داعش» في عين الحلوة

أصدرت المحكمة العسكرية حكماً بالسجن 160 عاماً على أمير «داعش» في مخيم عين الحلوة عماد ياسين، بعدما أقرّ بالتخطيط لتنفيذ عشرات العمليات الإرهابية، من بينها تفجير معملَي الجية والزهراني واغتيال النائب السابق وليد جنبلاط واستهداف سوق النبطية وفنادق في جونية ومبنى قناة «الجديد»

ست سنوات مضت على اعتقال مخابرات الجيش اللبناني عماد ياسين، أمير تنظيم «داعش» في مخيّم عين الحلوة وقائد الجناح العسكري لـ«جند الشام»، في عمليّة نوعيّة نُفّذت في حيّ الطوارئ في المخيم. فجر أمس، أصدرت المحكمة العسكريّة حكمها على ياسين، المعروف بـ«عماد عقل»، في الملفّات الـ 11 التي يُلاحق بها، بعدما أصرّ رئيسها العميد خليل جابر على إنهاء استجوابه، واتّصاله بنقابة المحامين، طالباً حضور وكيلة الدفاع عن الموقوف بعد تغيّبها عن عدد من الجلسات.

انعقدت الجلسة مساء أول من أمس واستمرت ساعات طويلة، قبل أن تُصدر «العسكرية» أحكامها في ساعة متأخرة من الليل، وقضت بسجن ياسين لمدّة تزيد على 160 عاماً، تتضمن 3 عقوبات بالأشغال الشاقة المؤبدّة لإدانته بتنفيذ عمليّات إرهابية في صيدا عام 2004 والانتماء إلى صفوف «عصبة الأنصار» وإلى «عصابة مسلّحة بقصد ارتكاب الجنايات على الناس والأموال والنيل من سلطة الدّولة»، إضافة إلى 4 عقوبات بالأشغال الشاقة لمدّة 15 عاماً بجرم الانتماء إلى أكثر من تنظيم إرهابي مسلّح. وقرّرت المحكمة كفّ التعقبات عن ياسين بجرم الانتماء إلى عصابة مسلّحة، لسبق الملاحقة في المجلس العدلي، وتبرئته من ملف الانتماء إلى جمعيّة بقصد الاعتداء ومحاولة قتل عناصر من قوى الأمن الدّاخلي.

ابن الـ 54 عاماً حضر إلى الجلسة بلحية كثيفة غزاها الشيْب وشاربين محفوفين، مرتدياً عباءة. وهو لم ينكر معظم الاتهامات التي وُجّهت إليه، بعدما أقرّ علناً بانتمائه إلى المجموعات الإرهابيّة. وبدا بأجوبته «الهازئة» كأنه غير آبهٍ بما ستصدره المحكمة، إذ توجّه إلى جابر بالقول: «اللي بدكن يّاه اكتبوه»!

من «الشعبية» إلى «داعش»

بعدما انتمى منذ بداية حياته إلى «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» قادت الصدفة ياسين إلى حضور دروس دينية في مكتب الشيخ هشام الشريدي نهاية الثمانينيات، حيث بدأت علاقاته مع المُتشدّدين وفي مقدّمهم ، أحمد السعدي (أبو محجن) وشقيقه هيثم، وإبراهيم حوراني وماهر حمد وطه الشريدي وعبد الرحمن الخطيب وأحمد الخطيب. كانت الدروس الدينية تتمحور في معظمها حول إنشاء تنظيم إسلامي مسلّح يهدف إلى إقامة دولة إسلاميّة وتكفير بقيّة الملل والطوائف والمجموعات بما في ذلك الدولة اللبنانيّة. وبالفعل أُنشئ التنظيم تحت اسم «عصبة الأنصار» لتبدأ مرحلة التدريبات العسكريّة لأفرادها على الأسلحة الخفيفة، قبل أن تتطوّر إلى تدريبات على المتفجّرات وتركيب الصواعق والفتائل، وإخضاعهم لدورة أمنيّة. وقد نفّذت هذه المجموعة أكثر من 20 عمليّة أمنية داخل المخيّم لتصفية عدد من مسؤولي التنظيمات الفلسطينية وأشخاص يتعاطون الكحول، إضافة إلى تحطيم محالّ تجاريّة تبيع «محرّمات» وإزالة تمثال للرسام الفلسطيني الشهيد ناجي العلي.

استطلاع لمنزلَي جنبلاط في كليمنصو والمختارة وخطط لاستهداف «الجديد» بسيارة مفخّخة

بعد مقتل الشريدي في 16 أيلول 1991 وتسلّم «أبو محجن» مسؤولية التنظيم، وقعت خلافات بينه وبين ياسين الذي قرّر التعاون مع أسامة الشهابي لتأسيس تنظيم «جند الشام» الذي عُيّن ياسين أميراً عسكرياً له. بعد تعرضه لمحاولة اغتيال وإصابته في رجله، غادر المخيّم، عام 2015، وتواصل عبر قريبه محمد منصور مع قياديين في تنظيم «داعش»، وأرسل أحد المقرّبين منه، زياد كعوش، إلى الرقة لمناقشة وضع المخيّم مع القياديين «أبو أيوب العراقي» و«أبو محمّد العدناني»، واتفق معهما على إقامة خليّة لـ«داعش» في عين الحلوة يكون ياسين أميرها، وتعيين أمراء للقواطع داخل المخيّم ومجلس شورى، على أن تتولى الخلية مراقبة تحرّكات الجيش اللبناني وبقية الأجهزة الأمنية وتحديد أماكن وجود مخازن أسلحة ووضع خطط لنصب كمائن للعناصر الأمنية اللبنانيّة والتخطيط لاستهداف البنى التحتية. وقد حاول ياسين، عبر محمد الكوتا، تأمين المتفجّرات واستطلاع موقعَين هما، محطّة النفط في الزهراني ومعمل الجية لتوليد الكهرباء، وانتظر موافقة قياديّي «داعش» على العمليّتَين وإرسال الأموال. كما عرض على التنظيم استهداف كازينو لبنان وأحد المطاعم وفنادق في جونية وسوق النبطية والوسط التجاري لبيروت «بهدف ضرب السياحة والاقتصاد اللبناني»، واغتيال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي في حينه وليد جنبلاط «لتغذية الفتنة في لبنان والدفع الى وقوع حرب أهلية، باعتبار جنبلاط من أذكى الشخصيات السياسية».

وبعد استطلاع منزلَي جنبلاط في كليمنصو والمختارة، وبسبب التحصينات فيهما، استعاض «عماد عقل» عن الفكرة وخطط لاستهداف مقر قناة «الجديد» بسيارة مفخّخة بسبب هجومها المتكرّر عليه، إلا أنّه اصطدم أيضاً بالإجراءات الأمنية حول القناة بعدما استطلع الكوتا المبنى. ووضع ياسين كلّ التفاصيل الآيلة الى استهداف هذه الأماكن بواسطة حقائب تحتوي على عبوات ناسفة يجري تفجيرها على مراحل، أو بواسطة شاحنات مفخّخة، إلا أنّه كان ينتظر تمويلها قبل أن تلقي مخابرات الجيش اللبناني القبض عليه بعدما دخل عناصرها متخفّين إلى حيّ الطوارئ في المخيم.

لا رئاسة في المدى المنظور: مرحلة مواجهة جديدة بأدوات مختلفة

بين إشاعة أجواء تسهيل حوارات داخلية لتسوية رئاسية، وعودة حزب الله إلى التشدد رئاسياً، لا يمكن النظر فقط إلى ما يحصل محلياً. الإطار الذي تفرضه السعودية في إقامة علاقة مع إسرائيل، يلجم أي تطور رئاسي

بين عودة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، وقبل الانطلاقة الرسمية العلنية لتحرك قطر في بيروت، بدا لخصوم حزب الله أن ثمة هامشاً يعطيه الحزب لنفسه في الملف الرئاسي. فمع فتح خطوط التواصل مع التيار الوطني الحر المتقاطع مع المعارضة حول ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، واللقاء العلني بين الحزب وقائد الجيش العماد جوزف عون، بدأ الكلام عن فتح باب التفاهمات – ولو الأولية – في ملف الرئاسة، حول الخيار الثالث، ولا سيما أن أجواء قطر بعد لقاء الدوحة كانت تتحدّث بجدية عن احتمال إحراز تقدم نتيجة علاقتها مع إيران وحزب الله. وتعزّز هذا الجو مع إقفال لودريان، في آخر زيارتين له إلى بيروت، باب المبادرة الفرنسية وترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ثم تكريس لقاء الدوحة إطاراً سياسياً مكمّلاً لمسار الدول الخمس، وباريس من ضمنها، لانتخاب رئيس من غير المرشحين الاثنين المعلنيْن.

وفي الساعات الأخيرة، أعاد الثنائي الشيعي، وحزب الله المقصود هنا تحديداً، عقارب الساعة إلى الوراء، فأقفل الباب أمام أي إشارات تفاهم حول الاسم الثالث، وأعاد تثبيت ما سبق إعلانه من التمسّك بفرنجية. فعاد الجميع بذلك إلى نقطة الانطلاق الأولى التي بدأت مع انتهاء عهد الرئيس ميشال عون.

ماذا تغيّر في الأيام الأخيرة حتى عاد الثنائي لينفي تراجعه عن دعم فرنجية؟

النقطة البديهية التي يحاول خصوم حزب الله القراءة فيها، تتعلق بمسار تطور العلاقات السعودية – الإسرائيلية. هذا «الانقلاب» المتوقّع، والذي سيترك إرباكات كبرى على المشهد الفلسطيني والعربي والإيراني، تعزّز مع تأكيدات علنية لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حول التقدم الحاصل، والمترافق مع خطوات بعيدة عن المشهد الإعلامي. في المسار الإيراني، لا يمكن التهاون مع هكذا تحوّل إستراتيجي، والتسليم بتسويات ظرفية في ساحات المنطقة، تحت مظلة تفاهم سعودي – إسرائيلي، وإن كان التواصل الإيراني – السعودي لا يزال قائماً. لذا كان متوقّعاً أن يعيد حزب الله لجم الجو المتصاعد حول تقدّمه خطوات نحو اسم ثالث، بما في ذلك اسم قائد الجيش العماد جوزف عون، إذ من المبكر الذهاب إلى هذا الشكل من التسويات، قبل جلاء مصير التفاهم المنتظر، وتبعاته على دول المنطقة.

لم يترك حزب الله كثيراً من الوقت كي يسحب من التداول أي ترويج لتنازله عن مرشحه، فأعاد تصويب الوضع كما فعل في المرحلة الأولى التي تلت إعلان الرئيس نبيه بري ترشيح فرنجية. وبعد ضمور هذا الترشيح تباعاً، تبيّن أن تبعات التفاهم السعودي – الإيراني لم تصل إلى لبنان، وأن ما كان انطلق في اليمن، لا يزال حيث هو، وأن خطوات التطبيع مع سوريا جُمّدت تحت وطأة حضور أميركي فاعل. لكن مع ذلك، ظلّت احتمالات التوصل إلى تقاطع بين المعارضة والثنائي قائمة، ومعلّقة على حبل تطور الأداء الفرنسي مع تعيين لودريان، ومن ثم الدخول القطري على الخط، للتوصل إلى مخرج للأزمة الرئاسية.

العلاقة السعودية – الإسرائيلية تعيد حزب الله إلى التشدّد

تضاعفت إشارات القلق من الوصول إلى حائط مسدود، بعد لقاء نيويورك الذي فشل في تحقيق أي خطوة متقدّمة، لا بل عكس التجاذب الفرنسي الداخلي حيال رؤية باريس لمخرج الأزمة. فما قاله لودريان أمس، هو استمرار لجو سعودي – قطري – أميركي، ونقاشات حفلت بها اللجنة الخماسية المتنقّلة بين باريس والدوحة ونيويورك، ومع ذلك ظل هناك اتجاه في الإدارة الفرنسية يحاول تقديم المبادرة الفرنسية بنسختها الأولى، ما أدى إلى تدخل واشنطن والرياض للجمها، وتبنّي الدور القطري. لكنّ التحرك القطري جاء مزيجاً من تكليف شبه رسمي من اللجنة الخماسية، ومن سعي إلى تثبيت حضور قطر إزاء الدور الفرنسي. لذلك لا يمكن لقطر أن تقدّم اسماً واحداً كإطار تفاوض وحيد ولو كان مرشحها معروفاً. فالرياض وواشنطن لم تتبنّيا بعد أي مرشح ولا حتى إقرار إجراء الانتخابات الرئاسية عملياً وليس شكلياً. لذا جاء التحرك القطري للدفع نحو تكريس تراجع حزب الله، تحديداً، والمعارضة عن مرشحيهما نحو اسم ثالث، وهو الأمر الذي لاقاه به لودريان أمس. لكنّه اصطدم بتشدد الحزب والتمسّك بمرشحه من دون أي التباس. هذا يعني، في الدرجة الأولى، إعلاناً مبكراً لفشل التحرك القطري، لأن الخيار الثالث مرفوض من الثنائي، قبل البحث في لائحة الأسماء، ولا سيما أن بعض الأسماء المتداولة غير جدّية بالمطلق، وقد طُرحت لمجرد تأكيد صيغة الخيار الثالث، قبل غربلة الأسماء. وفي الدرجة الثانية، يعني أن معارضي تسوية قائد الجيش مرشحاً ثالثاً، وبالتحديد التيار الوطني الحر ولو عُرضت أسماء أخرى للتداول، ارتاحوا لتشدد الثنائي، لأن عدم وصول قائد الجيش لا يعني أبداً وصول فرنجية. وبذلك، يُعطى هذا الفريق مزيداً من الوقت قبل وصول ترشيح عون إلى حائط مسدود، ولا سيما أن خشية التيار كانت كبيرة من تأثيرات الضغط القطري، بكل ما يحمل من سوابق، على الثنائي. وفي الدرجة الثالثة يعني أن التشدد الذي عاد إليه الثنائي يلاقي، بطريقة مختلفة، عدم اتخاذ واشنطن أي قرار في شأن لبنان. الأمر الذي يعيد تأكيد الثابتة الوحيدة، وهي أن لا رئاسة في المدى المنظور، وأن مرحلة مواجهة جديدة بدأت بأدوات مختلفة.

السعودية «ترقّد» الفلسطينيين: فتح أبواب التطبيع على مصراعيها

غزة | فُتح باب التطبيع بين السعودية وإسرائيل على مصراعيه بعد أيام على حديث وليّ العهد، محمد بن سلمان، عن تقدّم مستمر في المحادثات حول ذلك. فما إن وصل السفير السعوديّ غير المقيم لدى السلطة الفلسطينية، نايف السديري، إلى الأراضي الفلسطينية لـ«طمأنة» الفلسطينيين حول موقف المملكة بشأن الحق الفلسطيني، وزيارة المسجد الأقصى، حتى تدفّقت الإعلانات عن زيارات وزراء إسرائيليين وقادة في الكنيست إلى المملكة، بدءاً بوصول وزير السياحة الإسرائيلي، حاييم كاتس إليها، أمس، في أول زيارة علنية إلى المملكة يقوم بها مسؤول على هذا المستوى، وتُعدّ تلك الزيارات في الاتجاهين، ترجمة سريعة لما كان قد أعلنه وليّ العهد السعودي عن تقدمٍ مستمرّ في محادثات التطبيع مع العدو، والتي تجري في إطار ثلاثيّ يشمل الولايات المتحدة، ويُفترض أن تنتج منه ترتيبات أمنية جديدة بين واشنطن والرياض.

في رام الله، التي تواجه فيها الرياض مهمةً كأداء محاولة إقناع الفلسطينيين، بالقبول بمجرّد وعود مقابل مباركة التطبيع السعوديّ، إذ لا يبدو واقعياً الرهان على أن تُقدّم هذه الحكومة الإسرائيلية «تنازلات» تصل إلى حدّ إقامة دولة فلسطينية. قبل الحديث عن حدود تلك الدولة، سعى السفير السعودي إلى «طمأنة» الفلسطينيين إلى موقف بلاده. واللافت في زيارة السفير، الذي وصل على رأس وفد رسميّ قادماً من الأردن عبر جسر الملك حسين (اللنبي) الذي يشرف عليه الاحتلال من الناحية المقابلة للأردن، والذي قدّم أوراق اعتماده في رام الله لدى الرئيس محمود عباس، أنها تُعَدّ الأولى من نوعها منذ تعيينه في آب الماضي سفيراً غير مقيم في الأراضي الفلسطينية، وقنصلاً عاماً في مدينة القدس المحتلة، وهي الزيارة الأولى أيضاً لوفد سعوديّ رسمي إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ توقيع اتفاقية «أوسلو» عام 1993. وتأتي الزيارة، أيضاً في ظل حديث إسرائيلي وأميركي عن تقدم في ملف التطبيع وزيادة فرص تجاوز عقبة القضية الفلسطينية في ظل «رضى» السلطة الفلسطينية عنه في مقابل دعم اقتصادي سعودي سخيّ.

وفي السياق، علمت «الأخبار» من مصادر في السلطة الفلسطينية، أن القنصل السعودي سيكون «متعدّد المهمات في المنطقة»، إذ إنّ مهمامته لن تقتصر على تلك المحدّدة لدى السلطة الفلسطينية، بل ستكون له علاقات مباشرة مع حكومة الاحتلال، عبر لقاءات غير معلنة مع المسؤولين الإسرائيليين، كخطوة أولى لبناء علاقات رسمية بين الطرفين، بالإضافة إلى تمرير الدعم السعودي المتوقع في المدّة المقبلة بعد تمرير التطبيع. ووفق مصادر محلية، فقد زار السفير السعودي مقرّ وزارة الخارجية الفلسطينية في رام الله ليسلّم وزير الخارجية والمغتربين، رياض المالكي، نسخة من أوراق اعتماده، ثم توجّه إلى مقرّ الرئاسة حيث قدّم أوراق اعتماده لدى عباس. وتبع هذه اللقاءات، وفق المصادر، لقاءُ للسفير مع أمين سرّ اللجنة التنفيذية لـ«منظمة التحرير»، حسين الشيخ، الذي كان قد أقنع «أبو مازن» بوجوب «الاستفادة» من التطبيع المذكور، وترأّس وفداً زار الرياض، في الخامس من الشهر الجاري، حيث التقى مسؤولين سعوديين لإبلاغهم أنّ «السلطة الفلسطينية، رغم تمسّكها بالمبادرة العربية للسلام، لن تقف في وجه الاتفاق، ولن تعارض الموقف السعودي في حال توافرت لها مقوّمات مالية كبيرة تمنع انهيارها». وبعد لقاء المالكي، قال السديري إن القضية الفلسطينية «ركن أساسي» في أي اتفاق تطبيع محتمل مع إسرائيل، مضيفاً أن «المبادرة العربية التي قدمتها المملكة في عام 2002 هي ركن أساسيّ لأي اتفاق قادم».

لا يبدو واقعياً الرهان على تقديم الإسرائيليين «تنازلات» تصل إلى حدّ إقامة دولة فلسطينية

لكنّ تل أبيب سبق أن رفضت تلك المبادرة مقابل العلاقات مع كل الدول العربية، فكيف ستقبل بها مقابل العلاقات مع دولة واحدة؟ وفي كل الحالات كان رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، قد أعلن قبل أسبوع فقط، معارضته التامة لإقامة دولة فلسطينية مقابل التطبيع مع المملكة. وفي الوقت الذي تكاثرت فيه الأحاديث في الإعلام العبري عن زيارة متوقعة للسفير السعودي إلى المسجد الأقصى، أفادت المصادر نفسها أن تنسيقاً جرى بين السعوديين مع دولة الاحتلال في هذا السياق للوصول إلى المسجد، في الزيارة التي يجريها لأداء الصلاة فيه، وذلك من جهة باب المغاربة في الجهة الغربية من المسجد، التي تسيطر عليها قوات الاحتلال، ومنها يقتحم المستوطنون باحات الأقصى، وكذلك تدخل الوفود الأجنبية التي تنسّق دخولها مع سلطات الاحتلال. إلا أن مصادر في الرئاسة الفلسطينية نفت أن يكون لديها أي علم بزيارة السفير السعودي للمسجد الأقصى، فيما قالت «الأوقاف الإسلامية» في القدس إنه لا علم لها بمثل هذه الزيارة وأن كل ما يُقال في هذا الشأن «لم نبلغ به حتى الآن»، علماً أن «الأوقاف» تستقبل الوفود الزائرة للمسجد الأقصى، في العادة، من جهة باب الأسباط.

وفي مؤشر إلى أن التطبيع يمضي بمعزل عن الحقوق الفلسطينية، بدأ وزير السياحة الإسرائيلي، حاييم كاتس، زيارة إلى السعودية، في أول زيارة علنية إلى المملكة يقوم بها مسؤول في هذا المستوى. وقالت وزارة السياحة التابعة للاحتلال إن «كاتس هو أول وزير إسرائيلي يترأس وفداً رسمياً إلى السعودية، مشيرة إلى أنه سيشارك في حدث لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة في الرياض. وأعلنت «القناة 12» العبرية أن وزير الاتصالات الإسرائيلي، شلومو كارعي، يزور السعودية الأسبوع المقبل. وكذلك سيزورها رئيس لجنة الاقتصاد في الكنيست، دافيد بيطان.

 

المصدر: صحف