أراد الرئيس السوري بشار الأسد أن تكون زيارته للصين محطة مفصيلة في مسار “التوجه شرقاً”، والذي ربما ترى فيه بلاده الخيار الأمثل حالياً في ظل اصرار أميركي وغربي على اطباق الخناق على سوريا في كل اتجاه، إضافة إلى عدم ترجمة الانفتاح العربي على دمشق وعودة الأخيرة إلى جامعة الدول العربية فعلياً في ملفات أساسية كإعادة الاعمار والاستثمار والمشاريع الاقتصادية وغيرها، وذلك كاستمرار في الحؤول دون أي خرق للحصار.
“الحزام والطريق” منطق لتطوير العلاقات
وفي اليوم الخامس لزيارته الصين مع عقيلته ووفد رفيع المستوى، أكد الرئيس الأسد أن بلاده اليوم “أكثر تمسكاً بالتوجه شرقاً لأنه الضمانة السياسية والثقافية والاقتصادية بالنسبة لها”.
وقال الرئيس الأسد، خلال لقائه رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ في العاصمة الصينية بكين، “أهنئكم على التنظيم الرائع لافتتاح بطولة الألعاب الآسيوية منذ يومين، وأود التوجه بالشكر لكم على الاهتمام بكل تفاصيل هذه الزيارة لتكون زيارة ناجحة، ويسعدني أن ألتقي بكم اليوم بعد لقاء ناجح جداً بيني وبين الرئيس شي جين بينغ في خانجو”، مضيفاً “تحدثنا خلاله بالعناوين العامة والعريضة، وكان من أهم نتائج هذا الاجتماع هو الإعلان الإستراتيجي للعلاقة بين بلدينا”.
وتابع الرئيس الأسد “أتقدم بالشكر لحكومتكم على الدعم الذي قدمته لسورية خلال الحرب بشكل عام، وخلال الزلزال الذي أصاب سورية في بداية هذا العام بشكل خاص، هذا الدعم سواء كان دعماً إنسانياً أو سياسياً بمواقف الصين المتقدمة على الساحة الدولية كان له أثر كبير في تخفيف آثار الحرب عن سورية”.
كما قال الرئيس الأسد إن “الصين اليوم تلعب دوراً كبيراً على الساحة الدولية، الصداقة أو العلاقة القديمة التي تكلمتم عنها والتي بنت عبر آلاف وعبر عشرات السنين مؤخراً ثقة كبيرة بين بلدينا، السبب أنها مبنية على تاريخ متشابه والأهم على مبادئ ثابتة، هذه المبادئ هي نفسها التي يمكن أن ننطلق منها باتجاه المستقبل”، لافتاً إلى أن الصين “تلعب حالياً دوراً هاماً في إعادة التوازن الدولي في هذا العالم، نحن نعتقد أن هذه العلاقة يمكن أن تنطلق من خلال المبادرات الصينية، مبادرة الحضارة العالمية، مبادرة الأمن العالمي، مبادرة التنمية العالمية، الجانب التطبيقي الآن لهذه المبادرات هو مبادرة (الحزام والطريق) والتي نستطيع أن ننطلق منها باتجاه تطوير العلاقة في المجال الاقتصادي، وفي المجال الثقافي، بالإضافة إلى العلاقات الثنائية”.
في الوقت نفسه، أشار الرئيس الأسد إلى أن تحقيق الأهداف المرسومة من الزيارة “يتطلب البحث في الكثير من التفاصيل لاحقاً على مستوى المسؤولين”.
من جهته، اعتبر رئيس الوزراء الصيني أن “الحقائق أثبتت أن سورية والصين صديقان، وأن العالم اليوم بعيد كل البعد عن الأمن والاستقرار، وفي هذه المرحلة الحاسمة نحتاج إلى المزيد من التنسيق والتعاون بما يصون المصلحة المشتركة للصين وسورية”، مشدداً على “الدعم المستمر لسورية بما يحقق التنمية المشتركة بين البلدين”.
وقال لي تشيانغ إن “التنمية في سورية تواجه العقوبات والحصار، ولذلك فإن الصين حريصة على انتهاز فرصة إعلان إقامة العلاقات الإستراتيجية خلال لقاء الرئيسين الأسد وشي جين بينغ لتقديم الدعم لسورية وتحويل المزايا الجغرافية السورية إلى فرص تنموية وتقديم الدعم في إعادة الإعمار وترسيخ الاستقرار، معلناً ترحيب الصين بسورية شريكاً في مبادرة الحزام والطريق.
وقال لي تشيانغ للرئيس الأسد “الصداقة شجرة جذورها الوفاء وأغصانها الوداد، وأنت فخامة الرئيس صديق عزيز وقديم لشعب الصين”.
نتطلع لدور الصين الحاضر والمستقبلي
من جهة ثانية التقى السيد الرئيس بشار الأسد اليوم رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني تشاو لي جي، في العاصمة الصينية بكين. وخلال اللقاء اعتبر الرئيس الأسد أن “الانتقال من العالم القديم الذي يعتمد على القوة إلى العالم الجديد الذي يعتمد على الأخلاق يجب أن ينطلق من دور الصين التي تنتهج سياسة أخلاقية وتنمية أخلاقية وتقدم مبادرات للعالم أجمع”، مشيراً إلى أن “المبادرات التي طرحها الرئيس شي جين بينغ تشكل أملاً وأبواباً مفتوحة لعالم جديد”.
وقال الرئيس الأسد “أنا سعيد والوفد المرافق أن نكون في الصين بعد حوالي عشرين عاماً، وقد تبوأت الصين مكانة عالمية كبيرة وقامت بقطع خطوات هامة في مجالات مختلفة، في المجال الاقتصادي، في المجال التقني، وطبعاً الدور السياسي الذي تلعبه اليوم، وأريد أن أبدأ بتوجيه الشكر لكم وللشعب الصيني ولمؤسسات الدولة الصينية التي وقفت مع سورية في حربها القاسية التي استمرت حتى اليوم، حوالي ثلاثة عشر عاماً فيها مزيج من الحصار الاقتصادي لتجويع الشعب السوري ودعم الإرهاب وما خلفه من تخريب وغير ذلك”.
وأضاف الرئيس الأسد “الصين وقفت معنا سياسياً انطلاقاً من السياسة الصينية المبنية على رفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام سياسة الدول، ونبذ الإرهاب، كذلك وقفت معنا في الجانب الاقتصادي والإنساني من خلال مساعدتها للشعب السوري على تخفيف آثار الحصار، لكل ذلك نتوجه لكم بالشكر الكبير على كل ما قامت به الصين”.
وتابع الرئيس الأسد” في نفس هذا الإطار، سورية والكثير من دول العالم تتطلع لدور الصين المحدد بشكل واضح عبر مبادرات ثلاث هي: مبادرة الحضارة العالمية، مبادرة الأمن العالمي الأمن للجميع، ومبادرة التنمية العالمية والتي تعني أن نتبادل الفائدة كشعوب بدلاً من أن نربح على حساب بعضنا البعض”.
وقال الرئيس الأسد “أتمنى أن تشكل هذه الزيارة قاعدة لمستقبل أكثر استقراراً لسورية، للشرق الأوسط، للعالم بشكل عام”. وقدّم الرئيس الأسد التهنئة للصين على نجاحها في إنجاز الاتفاق السعودي الإيراني، معتبراً أن “هذا النجاح هو دليل على أن الصين تشكل اليوم قوة دولية حضارية سياسية وأخلاقية”.
وسبق أن وصل الرئيس بشار الأسد والسيدة الأولى أسماء الأسد إلى مطار بكين، حيث كانت المحطة الأولى في مدينة خانجو جنوب البلاد.
وفي العاصمة بكين، كانت المحطة الأولى للرئيس الأسد لقاء جمعهما بعدد من أفراد الجالية السورية المقيمين في الصين، اللقاء كان مناسبةً للحديث عن الوطن ودور الجالية تجاهه في المرحلة المقبلة.
ووصف الرئيس الأسد الجاليات السورية بأنها “الجسر الإنساني والاجتماعي والفكري بين سورية وبقية دول العالم”.
وفي لقائهما مع أفراد الجالية استمع الرئيس الأسد والسيدة أسماء الأسد إلى أفكار وطروحات وآراء جديدة حول التعاون السوري الصيني في المجالات العلمية والبحثية والطبية والتكنولوجية، حملها أفراد الجالية الذين جاؤوا من مدن صينية مختلفة.
المصدر: موقع المنار+سانا