يحل يوم 12 أيلول/سبتمبر ذكرى استشهاد هادي نصرالله النجل الاكبر للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، حيث ارتقى خلال مواجهة بطولية للمقاومة الاسلامية في جبل الرفيع بمنطقة إقليم التفاح جنوب لبنان عام 1997.
كما قضى خلال المواجهة عدة شهداء من المقاومة والجيش اللبناني بينهم الملازم أول جواد عازار، في تأكيد على وحدة الصف بين المقاومة والجيش، وفي تكريس عملي معمد بالدم لمعادلة “جيش وشعب ومقاومة”، التي أمّنت الحماية للبنان وتعتبر من أهم عناصر القوة فيه بمواجهة كل الأخطار المحدقة به وعلى رأسها الخطر الاسرائيلي.
وشكل استشهاد هادي تطبيقا عمليا لكيفية وجود القادة وأولادهم في مقدمة قافلة المضحين والمقاومين، فقائد المقاومة لا يدخر عائلته بعيدا عن الأخطار، إنما أولاده كغيرهم من شباب المقاومة يشاركون في العمليات ويُجرحون ويستشهدون لا فرق في ذلك بين ابن مجاهد أو ابن قائد، وهذا ما تكرر مرات عدة في صفوف المقاومة، حيث ارتقى قادة كبار كانوا وعائلاتهم في مقدمة قافلة الشهداء وعلى رأسهم الامين العام السابق لحزب الله السيد عباس الموسوي الذي استشهد برفقة زوجته وطفله حسين، وأيضا شيخ شهداء المقاومة الشيخ راغب حرب، ولاحقا ارتقاء القائد الجهادي الكبير الشهيد الحاج عماد مغنية (الحاج رضوان) ومن ثم استشهاد نجله جهاد، علما ان للقائد مغنية أخوين شهيدين هما جهاد وفؤاد، وعلى نفس الدرب سار الشهيد القائد السيد مصطفى بدر الدين (السيد ذوالفقار) وغيره من قادة المقاومة.
وبالعودة الى صاحب الذكرى الشهيد هادي نصرالله، فلا شك ان وصوله الى هذه المرتبة لنيل درجة الشهادة، لم يحصل عليها بسهولة ورخاء بل كان هناك مشوار طويل من تهذيب النفس (على صغر سنه حيث استشهد وهو في عمر الـ18 ربيعا) وسلوكه درب المجاهدين وطلاب العلم، فهو الى جانب متابعته لدراسته المدرسية كان يتابع الدراسة الحوزوية، كما التزم قبل سن التكليف وبعده بالمواظبة على الصلاة في المسجد، وكان لديه برنامج خاص من صلاة وصيام مستحب وزيارة الرسول محمد (ص) والأئمة من آل بيته (ع)، كما اهتم بزيارة عوائل الشهداء وتفقد أحوالهم وخدمتهم قدر الإمكان.
أما على صعيد العمل الجهادي، فقد خضع الشهيد هادي للعديد من الدورات العسكرية التي أهلته ليكون في “الوحدة الخاصة” في المقاومة، وقد شارك في عمليات نوعية عدة، حتى نال الوسام الأرفع في معركة الجبل الرفيع، ولم تتوقف سيرته الجهادية هنا بل نال بعد الاستشهاد وسام الأسر، حيث أسر العدو جثمانه مع بقية رفاقه حتى تمكنت المقاومة من تحريرهم بعملية تبادل في 26-6-1998.
شكل استشهاد الشهيد هادي حسن نصرالله نصرا إضافيا للمقاومة، حيث دماء الشهداء تشكل وقودا يزيدها قوة وحماسة واندفاعا، وكانت صفعة جديدة وجهت الى العدو الاسرائيلي بعد ان حاول الاستثمار فيها بالقول إنه قتل نجل الأمين العام للحزب، فكان النتيجة عكسية حيث رفعت من أسهم مصداقية المقاومة وقائدها سواء لدى أهلها وجمهورها او لدى جمهور العدو الذي بات يعترف كل يوم بأنه يثق ويصدق المقاومة وسيدها اكثر مما يثق بالقادة الصهاينة، فشهادة ابن القائد تؤكد المؤكد ان هذه المقاومة لا تعمل للدنيا والمناصب والمصالح والصفقات بل تعمل لله وللآخرة وتقدم فلذات الاكباد في سبيل الباري عز وجل.
وخير من عبّر عن ذلك هو السيد حسن نصرالله شخصيا في حفل تأبين ابنه هادي “أقول لهذا العدو عليه أن يفهم رسالة شهادة السيد هادي وإخوانه الشهداء على وجهها الحقيقي، إننا في حزب الله، في كل المواقع، رجالا ونساء وأطفالا، مصممون على مواصلة درب الجهاد مهما كانت التحديات والاخطار والتضحيات، هذا عهد وهذا قسم وهذه بيعة لا عودة عنها على الاطلاق..”. واضاف “إني أشكر الله على عظيم نعمه أن تطلع ونظر نظرة كريمة إلى عائلتي فاختار منها شهيدا وقبلني وعائلتي أعضاء في الجمع المبارك المقدس لعوائل الشهداء الذين كنت عندما أزورهم أخجل أمام أب الشهيد وأم الشهيد وزوجة الشهيد، وسأبقى أخجل أمام هؤلاء”.
وتابع السيد نصرالله “الحمد لله الذي قبل أن أكون مواسيا وأن تكون عائلتي مواسية لعوائل الشهداء، ليس فقط في الشهادة وإنما أيضا في احتجاز جسد الشهيد لأقول لعوائل الشهداء الذين ما زالت أجساد أبنائهم محتجزة لدى هذا العدو، لقد أصبح أيضاً بيننا وبينكم شراكة من هذا النوع”. وأكد “هذه من النعم الالهية العظيمة التي أثقلت ظهورنا ولا ندري كشف نشكر، أنشكره على عز النصر في أنصارية أم على شرف الشهادة في جبل الرفيع..”.
المصدر: موقع المنار