تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الجمعة 8-9-2023 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
البناء:
عودة الاشتباكات إلى مخيم عين الحلوة تثير المخاوف الأمنية… ودعوات لتسريع وقف النار مبادرة بري محور الاتصالات… وحردان مؤيداً: لتطبيق كل الدستور خصوصاً نظام المجلسين الحكومة قلقة من النزوح ولا تبادر نحو سورية… وموازنة 2024 تفتقد توازن النفقات والواردات
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة البناء اللبنانية “عادت الاشتباكات التي تفجّرت ليلاً في مخيم عين الحلوة إلى الواجهة، حاملة معها كل المخاوف من مخاطر تمدّد الفوضى الى أكثر من بقعة جغرافية في لبنان سواء حول المخيمات أو سواها، ومعها القلق من استمرار الاشتباكات وتصاعدها وتسببها بتهجير سكان المخيم وتعريض الجوار والجيش اللبناني لمزيد من المخاطر، وترافقت عودة الاشتباكات مع الحديث عن مساعٍ لتوقيف المطلوبين في الأحداث الأخيرة، بينما تصاعدت الدعوات لتنشيط مساعي وقف النار باعتبار ذلك أولوية الأولويات.
رئاسياً، بقيت مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري محور الاتصالات السياسية، وكان البارز موقف رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان، الذي زار بري وأعلن تأييد مبادرته ورفض كل خطاب الانقسام، داعياً إلى تطبيق كل المواد التي لم تطبق من الدستور وفي طليعتها نظام الانتخابات القائم على المجلسين، في المادة 22 من الدستور، مجلس نيابي خارج القيد الطائفي ومجلس للشيوخ.
حكومياً، ملفان بارزان، الأول الكلام الكثير الصادر عن الحكومة رئيساً ووزراء حول مخاطر الموجات الجديدة من النزوح السوري الى لبنان، وعن الأولوية لخطط تضمن عودة النازحين السوريين إلى بلادهم وإزالة العراقيل التي تُعيق هذه العودة، لكن عملياً لا مبادرات حكومية جدية تترجمها اتصالات على مستوى ينسجم مع أهمية القضية بين الحكومة اللبنانية والحكومة السورية. أما الموضوع الثاني فهو الموضوع المالي حيث تزامن الإعلان عن اعتماد منصة بلومبيرغ بديلاً لمنصة صيرفة قطعاً للطريق على الاستنساب والمضاربة، بالتوازي مع مناقشة موازنة العام 2024، في ظل الواقع مرة جديدة بفقدان التوازن بين الواردات والنفقات، رغم تراجع النفقات الى أقل من 20% مما كانت عليه عام 2018، بينما عادت فاتورة الاستيراد إلى ما كانت عليه عام 2018، ما يفتح الباب للنقاش الجدّي حول كيفية استيفاء عائدات للدولة من فاتورة الاستيراد يفترض أن تكون كافية لتغطية النفقات، دون اللجوء مجدداً إلى الاعتماد على مصرف لبنان، سواء لضخ أوراق نقدية إلى الأسواق تتسبب بالتضخم والمزيد من انهيار سعر الليرة، أو بشراء الدولارات لحساب الدولة ونفقاتها من السوق ما ينتج عنه الشيء ذاته، أي زيادة الضغط على سعر الصرف والقدرة الشرائية لليرة، بما سوف يتكفل بإعادة تعديل الرواتب والأجور وتكرار الحلقة المفرغة ذاتها.
يزور الإثنين المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان بيروت في محاولة جديدة لحلّ الأزمة السياسية المستمرّة منذ عشرة أشهر، فيما يبدأ اليوم الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر عبر اللجنة التي شكلها الطرفان من النائب علي فياض ورئيس المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق عبد الحليم فضل عن الحزب، والنائب ألان عون والمستشار السياسي للنائب جبران باسيل انطوان قسطنطين للبحث في اللامركزية الإدارية والمالية. هذا والتقيت منسقة الأمم المتحدة ايوانا فرونتسكا النائب جبران باسيل وبحثا في أهمية انتخاب رئيس جديد وسبل الخروج من الشلل السياسي الحالي.
وأكدت كتلة الوفاء للمقاومة انفتاحها على ملاقاة أي جهد او مبادرة حوارية واقعية تسهم في توفير فرص التوصل الى حل الاستحقاق الرئاسي، كما كان تجاوبها مع دعوة الوزير لودريان ودعوة الرئيس نبيه بري.
وأعلن رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي اسعد حردان من عين التينة بعد لقائه الرئيس نبيه بري «اننا مع الحوار لانه مبني على المصلحة الوطنية العليا، الحوار هو الطريق لتعزيز الوحدة الوطنية والسلم الاهلي في لبنان وإنتاج الاستحقاق الدستوري في إطار وحدة الموقف والرؤية المشتركة بين اللبنانيين».
ورأى حردان ان الانقسام الحاصل لا يؤدي الى تعزيز الوحدة الوطنية ولا الى تعزيز السلم الأهلي. وان ما نسمعه من خطاب تصادمي يعبر عن الانقسام وما يحصل ليس لعبة ديمقراطية، هذا البلد يجب ان يطبق فيه الدستور كاملا من أول سطر فيه الى آخر سطر بما فيه الإصلاحات السياسية، كما نص عليها الدستور، من انتخابات خارج القيد الطائفي وصولاً الى مجلس شيوخ الى اللامركزية الإدارية وصولاً الى الإنماء المتوازن».
إلى ذلك وافق مجلس الوزراء على «اعتماد منصة بلومبيرغ عوضاً عن منصة صيرفة». وينتظر أن يُصدر مصرف لبنان بياناً يشرح فيه تفاصيل آلية عمل المنصّة وموعد انطلاقها، وسط تأكيد مصادر مالية أن اهمية المنصة تكمن في عودة السوق النقدي إلى القطاع المصرفي والتخفيف من اقتصاد الـ»كاش»، وزيادة معدل تداول الـ»فريش دولار». كما تم «إقرار البند المتعلق بتجديد العقد مع العراق للحصول على كميات من النفط الاسود على ان تخصص وزارة الاتصالات بـ٢٠ الف طن سنويًا، وبناء لاقتراح وزير الأشغال العامة والنقل، ستعقد جلسة خاصة الأسبوع المقبل لبحث الوضع في مطار بيروت وفتح مطار القليعات».
وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أعلن في جلسة لمجلس الوزراء ان ما يشغل بالنا هو الدفق الجديد من موجات النزوح السوري عبر ممرات غير شرعية. وما يبعث على القلق أن أكثرية النازحين الجدد من فئة الشباب. الجيش والقوى الامنية يجهدون مشكورين لمنع قوافل النزوح غير المبرر، والذي يهدد استقلاليتنا الكيانية ويفرض خللاً حاداً يضرب، بقصد او بغير قصد، تركيبة الواقع اللبناني. وسوف نستكمل هذا الملف في جلسة خاصة لمجلس الوزراء الاسبوع المقبل بمشاركة قائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية لان المسؤولية جماعية وتتطلب تعاون الجميع. هذا وأفيد ان وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار «أبدى استعداده للمشاركة بجلسة الحكومة المتعلقة بالنزوح».
وأعلنت قيادة الجيش – مديرية التوجيه ان «في إطار مكافحة تهريب الأشخاص والتسلل غير الشرعي عبر الحدود البريّة، أحبطت وحدات من الجيش، في تواريخ مختلفة خلال الأسبوع الحالي، محاولة تسلل نحو 1200 سوري عند الحدود اللبنانية السورية». ولاحقاً، أعلنت في بيان ثان ان «في إطار مكافحة تهريب الأشخاص والتسلل غير الشرعي، أوقفت وحدة من الجيش في منطقة البقيعة – وادي خالد المواطن (خ.ع.) لتورطه مع آخرين في تهريب أشخاص عبر الحدود البريّة، وضبطت في حوزته سلاحًا حربيًّا وكمية من الذخائر وهواتف خلوية. سلّمت المضبوطات وبوشر التحقيق مع الموقوف بإشراف القضاء المختص».
وعاد وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب ليل أمس من القاهرة، بعد تمثيله لبنان في الدورة 160 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري. وكان ألقى كلمة مما جاء فيها: «تزايدت في الآونة الأخيرة أعداد النازحين السوريين إلى لبنان مشكلين ضغطاً إضافياً على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية كما على الموارد المحدودة أصلاً. إنّ هؤلاء النازحين يغادرون سورية لأسباب اقتصادية ومعيشية بفعل تفاقم الأزمة الاقتصاديّة في سورية». وتابع «بعيداً عن المناشدة واطلاق النداءات في صحراء الصمت والإهمال، على الجميع أن يعلم أن مساعدة سورية على تخطي أزمتها السياسيّة الاقتصادية والمعيشية الخانقة هو أمر ملحّ، لدول الجوار البرّي والبحري خصوصًا، ذلك أنّ التداعيات التي قد تنجم عن التأزيم الحاصل في موضوع النازحين قد تكون أخطر بكثير مما يتخيل البعض». وقال «يهمني، أن أعيد التأكيد على ضرورة تسهيل وتسريع عودة النازحين واللاجئين السوريين إلى بلدهم وبلداتهم وقراهم، حيث ينبغي التوقف عن تسييس هذه القضية التي باتت تهدّد أمن واستقرار لبنان والبلدان المضيفة. كما نُشدد على ضرورة تفعيل العمل بخطة التعافي المُبكر، ليس فقط من أجل سورية والسوريين، بل من أجل جميع الدول المضيفة»”.
الأخبار:
مرفأ بيروت لا يحتاج إلى البنك الدولي
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة الأخبار “خلال آب الماضي وصل إلى مرفأ بيروت نحو 89 ألف حاوية مقارنة مع نحو 40 ألفاً في آذار الماضي. وهو رقم قياسي لم يسبق أن حقّقه المرفأ منذ اندلاع الأزمة في صيف 2019. وتُرجم ذلك زيادة في إيرادات المرفأ التي وصلت إلى 14 مليون دولار شهرياً بعدما كان سقفها في السنوات الثلاث الأخيرة لا يتجاوز 10 ملايين دولار. هكذا، استعاد المرفأ عافيته بعد 3 أعوام على انفجار 4 آب 2020، وما لحقه من أعطال في محطة الحاويات وحركة السفن وتضرّر موقعه الاستراتيجي كمركز رئيسي لإعادة تصدير البضائع في المنطقة من البواخر الكبيرة التي لا يمكن للموانئ الصغيرة استقبالها، وصولاً إلى البواخر الأصغر. كل ذلك حصل من دون مساهمة دولية، وبلا كل البرامج التي طُرحت بعنوان «إعادة إعمار المرفأ». فقد تبيّن أن المرفأ ليس بحاجة إلى إعادة إعمار، بل إلى تطوير كان يُعمل عليه قبل الأزمة وقبل الانفجار.
في الواقع، حصل هذا النهوض في المرفأ رغم مساعي وضع اليد والعرقلة الأجنبية. فمن بعد العرض الألماني، ثم العروض الأخرى، تبيّن أن البنك الدولي أعدّ مخطّطاً بعنوان «إعمار مرفأ بيروت وتطويره» قدّمه للبنان على شكل هبة. الهدف الواضح من مشروع البنك الدولي، تعطيل هذا المرفق العام لمصلحة تحويله إلى منطقة سياحية تطغى عليها المطاعم والمتاجر، مقابل الإبقاء على مساحة صغيرة منه لتعمل كـ«ميني مرفأ». مشروع كهذا، سيُخرِج مرفأ بيروت من الخريطة التجارية العالمية وسيلغي موقعه المكتسب من خريطة المرافئ في المنطقة، وهو أمر لا يصبّ سوى في مصلحة العدو الإسرائيلي لإنعاش مرفأ حيفا، وهذه نوايا لم يُخفِها المجتمع الدولي سابقاً.
رئيس مجلس إدارة المرفأ عمر عيتاني رفض عرض البنك الدولي. وقد سبق أن رُفض العرض الذي تقدّمت به ألمانيا بعد أشهر على الانفجار، إذ قضى يومها بتقسيم المرفأ إلى قسمين: قسم يشكّل محطة الحاويات ومرفقاتها، وقسم آخر يتمّ تطويره لبناء مدينة صغيرة نموذجية عبر ردم مساحات إضافية من البحر بما يشبه مشروع «سوليدير»، على أن تتولى شركات ألمانية الإدارة لمدة 20 عاماً. وتلا العرض الألماني، عرض شفهي فرنسي وآخر صيني إنما بقيا من دون أيّ مستندات رسمية.
واقع الحال، أن المجتمع الدولي يجول في البلد منذ ثلاثة أعوام باحثاً عن سبل لخصخصة المرفأ وتحجيم دوره، مقدّماً إغراءات على شكل عروض «إعادة إعمار» وهمية، إذ لا يحتاج المرفأ إلى أي إعمار وهو يعمل بشكل طبيعي وبكامل طاقته ويحقق إيرادات قياسية، إذ أُنجز «تلزيم إدارة وتشغيل وصيانة محطة الحاويات لشركة cma cgm الفرنسية منذ عام ونصف عام، وتمّ تشغيل الرافعات الـ16. وأيضاً بعد عودة محطة البضائع إلى العمل كالمعتاد وترميم مباني المنطقة الحرة وقيام الشركات الخاصة بصيانة المساحات المستأجرة من قبلها في المرفأ» بحسب عيتاني. وبالتالي جلّ ما يحتاج إليه المرفأ اليوم هو «صيانة يمكن تسديد كلفتها من خلال النفقات التشغيلية، وتعديل خطّة السير داخل المرفأ وتطوير وتحديث بعض البرامج والأنظمة بما يتناسب مع المعايير العالمية. وتلك اقتراحات موجودة في مشروع مُعَدّ من قبل الإدارة، ما يؤكد عدم الحاجة إلى أي مساعدة دولية مهما كانت». وقد بوشر العمل على إعداد دفتر شروط لترميم محطة الركاب في الرصيف الرقم 5، علماً أنها تعمل اليوم واستقبلت أخيراً باخرة ركاب كبيرة فأُدخلت وتأمّنت عودتها بسلاسة.
مزايدة خردة الانفجار
بعيداً من «كذبة» الحاجة إلى إعادة إعمار المرفأ والغايات التي تقف وراءها، ثمة مشاكل في المرفأ مثل انخفاض عدد الموظفين من 1200 إلى 170 وصعوبة التوظيف بسبب القوانين التي تمنع ذلك، بحسب عيتاني. وهذا الرقم مرجّح للانخفاض أكثر مع خروج عدد إضافي من الموظفين قريباً إلى التقاعد ممن يشغلون مواقع مهمة: «من شأن ذلك أن يؤثّر على الإنتاجية، لذا هناك ضرورة قصوى لإيجاد حلّ تفادياً لتعطّل عمل الإدارة» يقول عيتاني.
هناك معضلة أخرى عصية على التفسير تتمثّل بترك الخردة الناتجة عن مخلّفات الانفجار على أرض المرفأ لثلاث سنوات من دون رفعها، علماً أن الرفع لا يكبّد الدولة أي قرش بل بالعكس يحقّق لها إيرادات. فالخردة هي بمثابة «ثروة» من النحاس والحديد يتنافس المقاولون عادة على شرائها. إنما هذه المعضلة باتت قريبة من الحل، إذ إنه يوم الثلاثاء الماضي، أطلقت وزارة الأشغال وإدارة المرفأ وهيئة الشراء العام، مزايدة عموميّة لبيع الخردة التي قدّرها الجيش بأكثر من 18 ألف طن. وكما في مسألة إعادة إعمار المرفأ، حاولت سابقاً إحدى الشركات الفرنسية وتدعى «recigroup» الاستيلاء على الخردة، وغلّفت نواياها بمحاولة إظهار الرغبة بمساعدة لبنان على رفع الأنقاض عن أرض المرفأ، وطالبت بأجر قيمته 6 ملايين يورو لقاء ما أسمته «معالجة الخردة» واشترطت منحها حقّ الاستفادة منها وبيعها وقبض ثمنها!
وزارة الأشغال من جهتها رفضت الطلب، لكن دخلت شركة أخرى من شباك ألماني، إذ حاولت شركة «كومبي ليفت» (combi lift) الألمانية التوسط لدى وزير الأشغال السابق ميشال نجار وأكّدت استعدادها لتأمين هبة لتسديد الـ 6 ملايين يورو التي يطلبها الفرنسيون، مقابل الموافقة على دراسة الفرنسيين وإعطائهم الإذن ببيع أنقاض المرفأ! علماً أن «كومبي ليفت» هي الشركة نفسها التي فرضت على الدولة عقداً بقيمة 3 ملايين دولار لنقل المستوعبات التي تحتوي على موادّ خطرة من المرفأ قبل أن يتبين لاحقاً أنها مجرد مستودعات تركها أصحابها وتحتوي على بضائع مثل أجهزة التلفاز والصابون ومستحضرات الشعر والاستحمام وغيرها.
مزايدة الخردة لن تشمل هياكل السيارات المحطّمة التي يبلغ عددها نحو 1200 سيارة، إذ يفترض أن يقوم الجمرك بعرضها في المزاد العلني. إنما ثمة مشكلة في تسكير قيودها. وهناك من يقول إن هذه المسألة تحتاج إلى قانون صادر عن مجلس النواب في ظل تعطّل التشريع، في حين أن إدارة المرفأ أعدّت دفتر شروط لبيع السيارات، وتبحث عن آلية تسمح لها بإطلاق مناقصة عبر قرار حكومي طالما أن عائدات تلك المناقصة ستُحوّل مباشرة إلى الخزينة العامة.
من يستفيد من الحجز على ملايين الدولارات؟
النزاع القضائي مستمر بين إدارة المرفأ والنائب ملحم خلف بصفته ممثلاً قانونياً لبعض أهالي الضحايا والمتضررين من الانفجار. بنتيجته احتُجزت ملايين الدولارات العائدة للمرفأ، بأمر من رئيسة دائرة التنفيذ في بيروت القاضية نجاح عيتاني بتاريخ 4 آذار 2021، يقضي بإلقاء الحجز الاحتياطي على الأموال العائدة لإدارة واستثمار مرفأ بيروت وعلى الأموال العائدة لمن سمّتهم «الأشخاص الثالثين»، أي الشركات المستوردة عبر المرفأ، بالإضافة إلى الأموال المحوّلة إلى مصلحة الصرفيات في وزارة المالية. وبحسب رئيس مجلس إدارة المرفأ عمر عيتاني «بلغت قيمة المبالغ المحتجزة نحو 50 مليون دولار منها ما هو فريش ومنها ما هو دولار محلّي، وأُودعت في المصارف». إذاً، الخزينة محرومة من 50 مليون دولار، وهو رقم مرشّح للزيادة باستمرار نتيجة تسديد الرسوم لدى المحكمة وعدم التعامل معها على أنها مال عام، اذ اعتبرت القاضية أنه لا يمكن اعتبار هذه الأموال عامة، إلا حين وصولها إلى الخزينة.
قرار المحكمة جاء استجابة لطلب حجز مقدّم من إحدى المتضرِّرات من انفجار مرفأ بيروت نتيجة وفاة زوجها، وبوكالة من النائب خلف و23 محامياً آخرين، وطالبت بتعويض بقيمة 2 مليون دولار بالإضافة إلى الرسوم والمصاريف القانونية المقدّرة بـ200 ألف دولار. وتضمّنت الدعوى، طلباً بإلقاء الحجز على أموال إدارة واستثمار مرفأ بيروت ممثّلة بشخص ممثلها القانوني، إضافة إلى كل من: حسن قريطم، محمد العوف، شفيق مرعي، هاني الحاج شحادة، موسى هزيمة، نعمة البراكس وعبد الحفيظ القيسي، وذلك من دون أن يعرف أحد سبب اختيار هذه المجموعة من المدّعى عليهم. سبقت تلك الدعوى، دعوى مماثلة بوكالة خلف أيضاً، يطالب فيها بتعويض بقيمة 2 مليون دولار نيابة عن إحدى المتضررات من انفجار المرفأ.
يومها انضمّت الدعوى إلى ادّعاء النيابة العامة لدى المجلس العدلي ليصدر حكم بالحجز الاحتياطي على أموال المرفأ وإجبار 84 وكالة بحرية وشركة بالدفع لصندوق المحكمة. وهو ما تكامل مع القرار الذي أصدره المحقّق العدلي السابق في جريمة المرفأ، فادي صوان، بادّعائه على إدارة واستثمار المرفأ بيروت بناءً على نص المادة 210 من قانون العقوبات، المتعلقة بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي، والتي من شأنها جعل إدارة واستثمار مرفأ بيروت – كشخص معنوي – مسؤولة جزائياً عن أعمال مديريها وأعضاء إدارتها وممثليها وعمالها، ومسؤولة أيضاً عن الإلزامات المدنية التي قد يُحكم بها لمصلحة المتضررين من شركات ملاحة بحرية وشركات تأمين وأصحاب سفن بحرية وأهالي ضحايا ومتضررين في المناطق المجاورة. ويُتوقع أن يفوق عدد المتضررين الـ700 شخص بما سيكبّد الخزينة عشرات ملايين الدولارات ويحوّل المرفأ إلى صندوق تعويضات ليس فقط لذوي ضحايا انفجار المرفأ، بل لأي شخص أو مؤسسة ترى نفسها في دائرة المتضررين.
يؤكد خلف لـ«الأخبار» أن موازنة إدارة المرفأ لا تدخل في موازنة الدولة العامة منذ عشرات السنين، وبالتالي ليست إدارة عامة كما تدّعي ولا تنطبق عليها موجبات المادة 3 من النظام العام للمؤسّسات العامة. فضلاً عن أن صرف الأموال في المرفأ لم يخضع يوماً للمحاسبة العمومية ولا للهيئات الرقابية بل كانت تودع هذه الأموال في حسابات ومصارف خاصة.
في المقابل، ترفض إدارة المرفأ كل ما سبق وتستند إلى قرارات سابقة تنقض اعتبارها كياناً مستقلاً، وأهمها قرار صادر عن شورى الدولة تحت الرقم 380/2015 يتضمن مراجعة مقدّمة بوجه كل من الدولة ولجنة إدارة واستثمار مرفأ بيروت. ونصَّ القرار على أنه في حال كانت هيئة القضايا هي التي تمثل مرفأ بيروت، فذلك يعني أنه لا يمكن اعتبار المرفأ كياناً يمثّل نفسه مثل مؤسّسة كهرباء لبنان (على سبيل المثال). وبما أنه لا يجوز إلقاء الحجز على أموال الدولة وسائر الأشخاص المعنويين ذوي الصفة العامة بموجب المادة 860 من أصول المحاكمات المدنية، اعتُبر القرار غير قابل للتنفيذ. لكن ليس هناك اليوم من يحكم في هذا النزاع نتيجة تعطيل كل عمل الهيئات والأجهزة القضائية، وتعليق التحقيقات في انفجار المرفأ التي من المفترض أن تحدد في قرارها الظني المسؤوليات والتعويضات. وإلى ذلك الحين، تتكدّس الملايين في صندوق المحكمة التنفيذية من دون أن يُعرف مصيرها ومن سيستفيد منها”.
المصدر: الصحف اللبنانية