تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الأربعاء 6-9-2023 سلسلة من الملفات المحلية والإقليمية والدولية.
البناء:
انطلاق المرحلة الثانية من الاتفاق السعودي الإيراني بوصول السفيرين إلى الرياض وطهران
فشل مساعي الحل السياسي الأميركي بين قسد والعشائر العربية ومحاولة كردية للحسم عسكرياً
مبادرة بري تتحول الى كرة ثلج نيابية والمؤيّدون نصاب وطني عابر للطوائف وكافٍ للانتخاب
كتبت صحيفة “البناء”: مع تواصل إيقاع المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية بفرض مشهد جديد على المنطقة عنوانها، فلسطين، وظهور هزال مشروع التطبيع وعجزه عن تشكيل مخرج للكيان من مأزقه الوجودي ومحدودية تأثير التطبيع على التوازنات الإقليمية، خصوصاً ما يتصل بتراجع قدرة الردع لدى جيش الاحتلال في مواجهة محور المقاومة، وعمق الانقسام داخل الكيان، يظهر الاتفاق السعودي الإيراني قاطرة بديلة لمسار التطبيع في رسم المشهد الإقليمي، حيث تبادل السفراء بين طهران والرياض يطغى على مشهد زيارة وزير خارجية الكيان إلى البحرين أو لقائه بوزيرة الخارجية الليبية الهاربة من بلدها بفعل رفض الشارع للتطبيع، وترى مصادر إقليمية متابعة أن مفردات الاتفاق السعودي الإيراني المتعددة في مقاربة ملفات المنطقة وأزماتها، سوف تشهد نقلة جديدة مع بدء المرحلة الثانية من الاتفاق المتمثلة ببدء عمل سفيرين معتمدين في كل من طهران والرياض.
في المنطقة أيضاً مشهد آخر يرسم صورة وإيقاع الإقليم، يتمثل بانفجار مكونات البيئة الاجتماعية التي بنى عليها الاحتلال الأميركي هيمنته في شرق سورية، حيث المواجهات بين الجماعات الكردية المسلحة والعشائر العربية تدخل الأسبوع الثاني، وتضع ما جرى تدبيره من مشهد في السويداء في الخلف، خصوصاً بعدما فشلت مساعي التهدئة التي قادها الأميركيون في محاولة لفرض حل سياسي، ظهر أنه غير قابل للتحقيق، ووفق مصادر تابعت التفاوض، فإن الحد الأدنى الذي يطلبه قادة العشائر يعني الحد من نفوذ وهيمنة الجماعات الكردية على المنطقة التي يشكل العرب أغلبية كاسحة فيها. وهو ما ردت عليه القيادة الكردية بالرفض والتمسك بالحسم العسكري، وتقول المصادر إنه كلما ضغط الأميركيون على الجماعات الكردية زادت الخشية من توجه هذه الجماعة نحو موسكو فدمشق للتفاوض، وكلما زاد الانحياز إلى الجانب الكردي أميركياً زادت الخشية من تحول العشائر العربية الى بيئة تنمو فيها قوى المقاومة بوجه الاحتلال الأميركي.
لبنانياً، لا زالت مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري في واجهة الأحداث اللبنانية، حيث تحوّلت المبادرة الى كرة ثلج نيابية، يزداد مؤيدوها كل يوم، بعدما زاد حجم المؤيدين عن المطلوب لتأمين النصاب اللازم لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية، ويوفرون حكماً أكثر من الأغلبية اللازمة لفوز مرشح رئاسي بحصيلة الحوار ثم جلسات الانتخاب المتتابعة، ولذلك يشعر المعارضون بالضيق والعجز عن تقديم بدائل، كما العجز عن التأقلم مع فرضية نجاح المبادرة بتجاوز معارضتهم، خصوصاً في ضوء مباركة بكركي للمبادرة ومشاركة التيار الوطني الحر في مندرجاتها، ما يقطع الطريق على محاولة تصوير جبهة المواجهة بصفتها فيتو مسيحياً على المبادرة، وكان سبق أن نجحت محاولات استخدامه بوجه مبادرة الرئيس بري الحوارية قبل شهور، عندما تلاقت القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر وبكركي على معادلة الأولوية للانتخاب، والحوار المقبول يجب أن يكون محدداً بموضوع الرئاسة بمهلة زمنية معينة، وتليه جلسات انتخاب متتابعة، وهو ما تضمنته مبادرة بري الأخيرة التي أحرجت الجميع ووضعتهم أمام الخيارات الصعبة.
ولا يزال المشهد الداخلي تحت تأثير مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الحوارية والتي من المتوقع أن تتضح تفاصيلها بعد زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الى بيروت والمتوقعة الأسبوع المقبل، حيث سينتظر الرئيس بري ما سيطرحه لودريان ليبني على الشيء مقتضاه، علماً أن أجواء عين التينة تشير لـ«البناء» الى أنه من المبكر الإفصاح عن موعد الحوار وتوجيه الدعوات ومستوى التمثيل. وهذه الأمور قد تحدد بعد منتصف الشهر الحالي. ونفت المصادر «أن تكون مبادرة رئيس المجلس بديلاً عن المبادرة الفرنسية أو إعلاناً لموتها، بل يتكاملان معاً، وإذ عدنا إلى الوراء يتبين أن مبادرة الرئيس بري عمرها سنة وليست بجديدة».
وأوضحت المصادر أن «المبادرة قائمة بانتظار تبلور مواقف الكتل والشخصيّات والقوى السياسية بشكلٍ نهائي ليبنى على الأمر مقتضاه ويتخذ عندها الرئيس بري القرار والخطوات التي تخدم المصلحة الوطنية نحو إنهاء حالة الشغور وانتخاب رئيس للجمهورية كخطوة البداية على طريق الإنقاذ».
ويواصل الرئيس بري اتصالاته في إطار التشاور مع الكتل النيابية، واستقبل أمس، تكتل الاعتدال الوطني في عين التينة، ولفت باسمه النائب وليد البعريني الذي أعلن أننا «نؤيد الحوار منذ اليوم الأول الذي افتتح فيه الكلام عن الحوار ليس لأن هذا الفريق يؤيد او ذاك الفريق يرفض الحوار».
ولفت الى أن «الحوار سيحصل تحت قبة البرلمان لن يكون بعيداً ولا في أي مكان آخر وسيكون بعده مباشرة افتتاح جلسات لانتخاب رئيس للجمهورية. وهذا الموضوع كان الرئيس بري حريصاً جداً عليه أنه لن يقفل المجلس النيابي حتى تصاعد الدخان الأبيض. لم يعد لدينا ترف الوقت ولم يعد لدينا مجال للتأخير. انحلال الدولة كل يوم عن يوم يزيد، كل يوم عن يوم هناك تدهور من خلال ما نلاحظه يومياً على الأرض».
وإذ من المتوقع أن يستقبل بري عدداً من الكتل النيابية للتشاور، علمت «البناء» أن مختلف الكتل تعقد اجتماعات مكثفة لدراسة مبادرة بري وإعلان الموقف منها، ومن المتوقع أن تعلن الكتل موقفها رسمياً الأسبوع المقبل. وتعلن كتلة اللقاء الديمقراطي بعد اجتماعها خلال أيام المشاركة في الحوار.
وعلى الرغم من تأييد البطريرك الماروني بشارة الراعي للحوار الذي دعا إليه الرئيس بري أشارت مصادر القوات اللبنانية لـ«البناء» الى أننا لن ننجرّ الى طروحات خارجة عن الدستور والديمقراطية، إضافة إلى أن الحوار لن يصل الى أي مكان، لأن تجربة طاولات الحوار غير مشجّعة، وهدفه جرّنا الى تأمين النصاب لمرشح فريق الممانعة، لذلك لن نشارك في الحوار».
وأعلن تكتل «الجمهورية القوية» في بيان غداة اجتماعه أن «الإصرار على الحوار فهو لتغطية معادلة مرشحي أو الشغور ومحاولة تجميلها، لأن هذه المعادلة في ظل عدم القدرة على ترجمتها وتبريرها تضعه في الموقع الذي يجاهر فيه بفرض رئيس بشروطه وإلا الفراغ، فقرّر استبدالها بالحوار من دون أن يتنازل عن معادلته، ظناً منه انه بهذه الطريقة يحشر خصومه ويبرر تعطيله».
وبعد الحملة السياسية القواتية على البطريرك الراعي بسبب موقفه من الحوار ما تسبب بامتعاض الديمان، سارع رئيس حزب «القوّات اللبنانيّة» سمير جعجع الى احتواء الموقف، وأجرى اتصالاً هاتفياً بالراعي، حيث تداولا بآخر مستجدات الوضع العام في لبنان، وخصوصاً ملف انتخابات رئاسة الجمهوريّة.
ورد نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشّيخ نعيم قاسم، على جعجع من دون أن يسميه، وقال: «لفتني قول أحدهم إنّهم مستعدّون أن يتحملوا الفراغ لأشهر وسنوات، إلّا أنّهم غير مستعدين لتحملنا! بمعنى أنّهم حاضرون لأن يكون هناك خراب في البلد، ولكن لا إمكانية لأن يفتحوا كوَّة أو بابًا لعلاقة معينة أو تفاهمًا معيَّنًا لتسوية معيَّنة، من أجل إنجاز الاستحقاق الرئاسي».
ولفت الى أن «الشعب ليس مستعداً لتحمل الفراغ، بانتظار تحقيق مشروعكم الذي تحلمون به ولا أفق له. لا يمكنكم أن تنجزوا انتخاب رئيس للجمهورية على شاكلتكم بهذا القدر من التوتر والتحدي والمواجهة».
وقال قاسم: «إنّنا نفهم توترهم، وهو دليل عجز، وبهذه الطريقة لن يحصلوا على شيء. الأفضل لو تقدّموا بخطوات واقتراحات وطنية تُمهِّد لجلسات الانتخاب، كما تقدّم رئيس مجلس النواب نبيه بري بفكرة الحوار بتوقيت محدد، ثمَّ جلسات للانتخاب تُظهِر النتيجة كما كانت».
وأشار الى أننا «سلكنا طريق الحوار مع «التيار الوطني الحر»، وهو سبيل مناسب لانتخاب رئيس للجمهورية، وقريبًا ستبدأ جلسات نقاش اللامركزية الإدارية الموسَّعة بينَ وفدين من «حزب الله» و»التيّار»، مبيّنًا أنّ «الأمر طبعاً لن يقتصر على المناقشات الثنائية، فحركة «أمل» لها علاقة بهذا القانون، وحلفاؤنا لهم علاقة والنواب الآخرون لهم علاقة، لأنّه قانون لا بُدّ أن يكون في المجلس النيابي». وأوضح قاسم أنّ «خطوتنا إذًا هي خطوة أولى، ولا بُدَّ أن تُستتبع بخطوات أخرى متمّمة حتى يُنجز هذا الأمر، بمعنى آخر نحن نسير في ثلاثة اتجاهات إيجابية، اتجاه الحوار مع «التيار الوطني الحر»، اتجاه الموافقة على الحوار الذي أطلقه بري، واتجاه الحوار الذي دعا إليه الموفد الفرنسي جان إيف لودريان؛ ولو وُجدَ مسارٌ رابعٌ فيه إيجابية لكُنَّا مستعدين أن نسلكه فهذه وجهة نظرنا دوماً».
وعلمت «البناء» أن الحوار بين الحزب والتيار يتقدم بشكل حثيث وقد يحقق نتائج ملموسة وجدية في أي لحظة، حيث يجري البحث عن صيغة مقبولة للامركزية المالية، كما علمت «البناء» أن لقاءات مكثفة تعقد بين حركة أمل وحزب الله لدراسة موضوع اللامركزية والصندوق الإئتماني.
من جهته، كرر المجلس السياسي للتيار الوطني الحر «موقفه الثابت القائم على استعداده الإيجابي للمشاركة بأي حوار يتوصل سريعاً الى نتائج عملية تفضي الى انتخاب رئيس للجمهورية، على ان يحدّد شكل هذا الحوار فلا يكون تقليدياً بل عملي وفعال ويمكن ان يحمل اشكالاً متنوعة ثنائية أو متعدّدة الأطراف وان ينحصر جدول اعماله ببرنامج العهد (الأولويات الرئاسية) ومواصفات الرئيس واسمه».
وربط التيار في بيان بعد اجتماعه الدوري برئاسة رئيس التيار النائب جبران باسيل، «مشاركته بضمانات ان ينتهي هذا الحوار بجلسات مفتوحة للمجلس النيابي لانتخاب الرئيس لا تتوقّف حتى حصول هذا الانتخاب. وينتظر التيار من أصحاب الدعوات الى هذا الحوار الأجوبة اللازمة ليتحدّد الموقف النهائي للتيار على اساسها».
على صعيد آخر، وعطفاً على بعض الإدلاءات التي انبرت المندوبة السابقة لدى الامم المتحدة الى إطلاقها حول الملابسات المحيطة بقرار تمديد ولاية اليونيفيل العام الماضي، أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين في بيان أن «قواعد العمل بين قوات اليونيفيل والجيش اللبناني المعتمدة على نحو مستقرّ منذ العام ٢٠٠٦، ليست بحاجة أصلاً الى تعليمات تأكيدية ومكرّرة منها خصوصاً الى من مضى على تولّيه لمركزه الوظيفي ٦ سنوات وشهد على قرار التجديد السنوي على نحو متكرر، حيث لا تعفيه مغادرته الوشيكة لوظيفته وقتها بحكم إحالته على التقاعد من مسؤولية تأمين مصلحة لبنان حتى اللحظة الأخيرة».
وأعلن المندوب الروسي في مجلس الأمن فاسيلي نيبنزيا، أن «لبنان طلب زيادة التنسيق مع الحكومة في عمل القوات الدولية (اليونيفيل)، لكن طلبه تعرّض للتجاهل من قبل الدول الغربية»، معتبراً أن «مجلس الأمن بات خاضعاً للدول الغربية ولم يتم التجاوب مع ملاحظات كثير من الدول للتعاطي مع العقوبات بصورة بنّاءة».
الى ذلك، أعلنت رئاسة مجلس الوزراء عقد جلستين حكوميتين غداً الخميس الأولى مخصصة لمناقشة 27 بنداً، أما الثانية فمخصصة لمناقشة مشروع موازنة العام 2024.
وواصل حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري لقاءاته مع المسؤولين السعوديين والعرب على هامش زيارته للمملكة العربية السعودية، والتقى مجموعة كبيرة من الجالية اللبنانية في الرياض في قاعة الأرز في السفارة، بدعوة من السفير فوزي كباره، وحضور المدير العام لوزارة الاقتصاد والتجارة محمد أبو حيدر. وسيتخلل اللقاء نقاش وعرض للوضع المالي والمصرفي في لبنان.
على صعيد آخر، كشف رئيس قسم التحقيق في إدارة مكافحة الاتجار بالأشخاص في سورية كفاح النداف، عن إصدار نشرات حمراء عبر الإنتربول، للقبض على سوريين مقيمين في لبنان يقومون بالشراكة مع شبكات لبنانية تعمل في الدعارة، باستقطاب فتيات من داخل سورية لتشغيلهن بأعمال الدعارة، على التوازي مع القبض على سوريين يقومون بتسفير سوريات إلى دول عدة لتشغيلهن في الدعارة، بعد الزواج منهن.
وأوضح النداف، في حديث لوكالة «سبوتنيك»، إلى أنه «تم اكتشاف أسلوب إجرامي جديد تسلكه عصابات الاتجار بالأشخاص في الاستغلال الجنسي، وذلك من خلال إخضاع الضحية عبر الزواج منها، وإرسالها إلى شبكات الاتجار بالأشخاص خارج الحدود، لاستغلالها جنسياً مقابل مبلغ مالي يدفع للزوج شهرياً، وبناء عليه أصدر الإنتربول نشرة بنفسجية على الأشخاص المرتكبين لهذا الجرم المكتشف من قبل السلطات المختصة في سورية، وتعميمها على جميع الدول.
الاخبار:
شبكة اتصال للجيش بتمويل أميركي مشروط: استباحة جديدة لـ«السيادة» واختراق لـ«الداتا»
كتبت صحيفة “الأخبار”: المساعدة الأمنية الأميركية للقوات المسلّحة اللبنانية، بحسب ما تورد وزارة الخارجية الأميركية على موقعها الرسمي، هي جزء أساسي من سياسة الولايات المتحدة التي تهدف إلى «تعزيز سيادة لبنان، وتأمين حدوده، ومواجهة التهديدات الداخلية». وتشمل المجالات الرئيسية للتعاون «أمن الحدود، وأمن البحر، وبناء مؤسسات الدفاع، ونقل الأسلحة، ومكافحة الإرهاب».
لكن ما يبقى طي الكتمان من التقديمات الأميركية للجيش يتجاوز بشكله ومضمونه «المساعدات» الأميركية الأخرى، كـ«برنامج دعم سبل العيش» مثلاً، الذي تقدّم عبره واشنطن، منذ 23 حزيران الماضي، دعماً مالياً مؤقتاً لـ«المستحقين من الجيش اللبناني»، بواقع 100 دولار شهرياً لمدة ستة أشهر. وبحسب معلومات «الأخبار»، قدّمت واشنطن أخيراً هبة للمؤسسة العسكرية، عبارة عن تغطية أكلاف إنشاء شبكة اتصالات هوائية موازية للشبكة الحالية التي تشغّلها شركتا «ألفا» و«تاتش». وبخلاف هذه الشبكة العامة، ستكون شبكة الاتصالات الجديدة المنوي إنشاؤها «خاصة» وفق تقنية الجيل الرابع للاتصالات اللاسلكية الجوّالة العالمية الذي يمثل حلاً مبنياً على تقنية (Long Term Evolution) للاتصال الخاص بالمحطات الراديوية المتنقّلة (PMR)، ويشمل حلاً للاتصال عبر شبكة الجيل الرابع المتعددة الوسائط وحلاً للوصول عبر شبكة الجيل الرابع.
وكعادتها، لا تُبقي واشنطن هباتها من دون شروط، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالأمن. فقد حدّد الأميركيون بشكل مسبق مكان إقامة الشبكة على طول الساحل اللبناني، كما حدّدوا هوية الشركة الموكلة بإنشاء هذه الشبكة وهي شركة «نوكيا» الفنلندية التي تقول على موقعها الإلكتروني إن الشبكات القائمة على تقنية «LTE الخاصة» هي الوحيدة التي تلبي الاحتياجات، سواء اختارت النطاقات المرخّصة أو غير المرخّصة، أو تقاسم الطيف «CBRS»، وتمكِّن من الحصول على التغطية والقدرة وميزات التحكّم والموثوقية. وتشير الشركة إلى أنها تقدّم نقاط الوصول (الخلايا الصغيرة ومحطات الأساس) ونواة الحزمة المتطورة، التي يمكن أن تكون مركزية أو موزّعة. علماً أنه توجد شركات أخرى تقدّم الخدمة نفسها بتقنيات أكثر تطوراً وبأسعار أكثر تنافسية.
أسئلة كثيرة يمكن إثارتها حول المشروع، خصوصاً ما يتعلق بتخصيص الشريط الساحلي كنطاق محدّد لعمل شبكة الاتصالات، وعمّا إذا كان الهدف منها متعلقاً بمراقبة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عبر البحر حصراً، أم يتصل بملف ترسيم حدود لبنان كاملة براً وبحراً مع فلسطين المحتلة وسوريا، ما يعيد إلى الأذهان ملف الأبراج الحدودية مع سوريا الذي فُتح قبل نحو عامين. وثمّة الكثير من الأسئلة المشروعة عن أمن الشبكة وقدرة الطرف الأميركي على اختراقها والتحكّم بها والاستيلاء على «الداتا» التي تجمعها، وعمّا إذا كان هناك مَن هو قادر على إبقاء هذه الشبكة وعملها «ضمن السيادة اللبنانية» حصراً. والأصل، قبل كل هذه الأسئلة، ما إذا كانت هذه الشبكة ستحظى بالموافقات الرسمية المطلوبة، أم أن السفارة الأميركية ستؤمّن كل المستلزمات القانونية لتشريع الشبكة «على طريقتها» من خارج مجلس الوزراء ومؤسسات الدولة الأخرى. علماً أنه وفقاً للمادة 52 من قانون المحاسبة العمومية وتعديلاتها، لا يجوز قبول هبات إلا بمرسوم، فإذا كانت قيمة الهبة 250 مليون ليرة وما دون تحتاج إلى توقيع الوزير المختص ووزير المالية ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، أما إذا كانت فوق الـ250 مليون ليرة فتحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء. فيما يؤخذ على قائد الجيش العماد جوزف عون، منذ تولّيه منصبه، قبول هبات ومساعدات من دون العودة إلى مجلس الوزراء أو المرور بوزير الدفاع.
على أيّ حال، تعكف قيادة الجيش اللبناني الآن على درس المشروع، لكن لا يبدو أنها تضع في حساباتها أموراً كثيرة، أولها التفكير خارج صندوق الهبة المشروطة، لناحية عدم التسليم بشروط التمويل الأميركية كما هي، إنْ لناحية الشركة الأجنبية الموكلة بالتنفيذ، أو لناحية تحديد مكان الشبكة ونطاق عملها، إضافة إلى اعتبارات ضرورية كثيرة أخرى.
يأتي هذا بالتوازي مع «الجهود» التي يقوم بها مستشار الرئيس الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي، عاموس هوكشتين، لإعادة طرح ما يسمّيه «ترسيم حدود لبنان البرّية» مع فلسطين المحتلة، رغم أن لا وجود لمشكلة من هذا النوع. فالحدود البرّية معترف بها دولياً، فيما المشكلة تتعلّق بتحفّظات لبنانية على «الخط الأزرق» الذي رسّمته الأمم المتحدة عام 2000 بما لا يتطابق مع الحدود الدولية. إصرار هوكشتين على فتح ملف الحدود البرّية، يتجاوز الشق المتصل بفلسطين المحتلة من الحدود اللبنانية، ليصل إلى إعادة طرح مسألة ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا. وعلى قاعدة أن «كل قرار برغماتي تأخذه الحكومة له نتيجة جيّدة على لبنان»، يواصل الأميركيون سياسة «العصا والجزرة» بانتظار المزيد من «البراغماتية الرسمية» اللبنانية.
خدمات اتصالات عالية السرعة والصوت
يقول متخصّصون إن «شبكة LTE الخاصة» هي تكنولوجيا اتصال لاسلكية مصمّمة للشبكات الخاصة، تمتلكها وتشغّلها شركات خاصة أو منظّمات أو حكومات، وقد تم تصميمها لتوفير خدمات اتصالات البيانات العالية السرعة والصوت لمجموعة محدّدة من المستخدمين مثل الموظفين أو العملاء أو الضيوف. ويمكن تخصيص هذا النوع من الشبكات الخاصة لتلبية الاحتياجات المحدّدة مثل منطقة التغطية وسرعة البيانات والأمان. كما يمكن دمجها مع تكنولوجيات أخرى مثل (Wi-Fi وEthernet وBluetooth)، وهي قد تكون مرخّصة أو غير مرخّصة، اعتماداً على متطلبات المالك، خصوصاً أنه تم تصميمها لتكون أكثر مرونة وقابلية للتخصيص من «شبكة LTE العامة». ومن ميزاتها الرئيسية أنها تحقّق أقصى سرعات تصل إلى 100 ميغابت في الثانية، ويراوح التأخر فيها حوالي 50 مللي ثانية، وتستخدم النطاق التردّدي المتاح الذي يمتد من 600 ميغاهرتز إلى 2.5 جيغاهرتز، وعلى الرغم من أن تغطية 4G قد تكون محدودة في المناطق الريفية، إلا أنها لا تزال أكثر إمكانية مقارنةً بـ 5G.
المصدر: صحف