بعد التسريب الذي كشف عن لقاء جمع وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش بوزير الخارجية في كيان الاحتلال الاسرائيلي ايلي كوهين منذ أسبوع تقريباً في العاصمة الايطالية روما، قال الشعب الليبي كلمته بوضوح: لا للتطبيع.
وفي التفاصيل، فبعد ليلة صاخبة وتظاهرات عاضبة شهدتها العاصمة الليبية طرابلس وعدد من المدن والمناطق غربي البلاد، تنديداً بلقاء المنقوش وكوهين، وما كشفه من نية مبيتة لمسار قد يفضي إلى تطبيع معلن مع الكيان الغاصب، سبقها إليه دول عربية أخرى كالبحرين والامارات والسودان والمغرب، واثر قيام المتظاهرين بصب جام غضبهم على حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، مضرمين النيران أمام مبنى رئاسة مجلس الوزراء، فيما اقتحم آخرون مقر وزارة الخارجية، وجد رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة نفسه ملزماً بامتصاص الغضب الشعبي، معلناً عن إقالة منقوش وإحالتها إلى التحقيق.
الدبيبة الذي قيل إن قراره جاء خلال زيارته لسفارة فلسطين في العاصمة طرابلس، أكد خلال لقائه السفير الفلسطيني محمد رحال “دعم طرابلس للقضية الفلسطينية”، مشيراً إلى أن “ما قامت به الوزيرة لا يمثل الحكومة والشعب الليبيين”.
يأتي ذلك في وقت رحبت فيه الخارجية الفلسطينية بزيارة الدبيبة لسفارتها، قائلة في بيان إن الدبيبة “أعلن من داخل السفارة رفض بلاده التطبيع مع “إسرائيل” وتجريم أي اتصال يجمع أي مسؤولين ليبيين مع ممثلي دولة الاحتلال”.
بدوره، أبدى المجلس الأعلى للدولة في ليبيا استغرابه من هذا اللقاء، داعيًا الجهات المختصة إلى محاسبة المعنيين، فيما طالبت كتلة التوافق في المجلس الأعلى للدولة باستقالة جماعية للحكومة والمجلس الرئاسي في حال وجد تنسيق مسبق بشأن اللقاء.
في غضون ذلك، طالب مجلس النواب الليبي النائبَ العام بالتحقيق مع حكومة الوحدة برئاسة الدبيبة فيما وصفه جريمة التواصل مع الكيان الصهيوني.
وعقب جلسة طارئة بمدينة بنغازي شرقي البلاد، دعا مجلس النواب إلى تشكيل لجنة من مجلسي النواب والأعلى للدولة للعمل على تشكيل حكومة مصغرة بالتعاون مع البعثة الأممية.
وأوصى بيان المجلس لجنة “6+6” المشتركة بمنع من ثبت تورطه بالتعامل مع “إسرائيل من الترشح”، وتضمين ذلك في شروط الانتخابات.
أما الخارجية الليبية فحاولت التخفيف من حدة الموقف، مشيرة الى أن “الوزيرة المنقوش رفضت عقد لقاءات مع أي طرف ممثل للكيان الإسرائيلي وفقا لنهج الحكومة، وأن ما حدث في روما هو لقاء عارض غير رسمي وغير معد مسبقاً، ولم يتضمن أي مباحثات أو اتفاقات”، وفق زعم الخارجية.
مزاعم الخارجية عن “اللقاء العرضي”، أتت في وقت نقلت فيه “وكالة رويترز” عن مسؤول في الكيان المحتل إن اللقاء استمر ساعتين، وتم الاتفاق عليه مسبقا “على أعلى المستويات في ليبيا”.
هذا ونقلت وكالة أنباء الأناضول التركية عن مصادر أمنية قولها إن الوزيرة الليبية غادرت ليبيا بالفعل إلى اسطنبول في أعقاب الضجة الدبلوماسية.
ويحظر القانون الليبي رقم 62 والصادر عام 1957 على كل شخص طبيعي أو اعتباري أن يعقد بالذات أو بالواسطة اتفاقاً من أي نوع مع هيئات أو أشخاص مقيمين في الكيان المحتل أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها أو مع من ينوب عنهم. ويعاقب كل من يخالف ذلك بالسجن مدة لا تقل عن 3 سنوات، ولا تزيد على 10 سنوات، ويجوز الحكم بغرامة مالية.
غضب في الولايات المتحدة
وبالرغم من تنصل خارجية العدو من مسؤوليتها أو مسؤولية الوزير شخصياً عن تسريب اللقاء، في وقت كانت قد أعلنت في بيان، وزعته على وسائل إعلام، عن اللقاء نفسه، أكدت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن الخارجية شطبت من على منصاتها في شبكات التواصل البيانات التي نشرتها عن اللقاء. وقالت إنه تم نشر الإعلان الرسمي عن لقاء كوهين المنقوش على الحسابين الرسميين لكوهين بالعربية والإنجليزية.
وأشارت الصحيفة إلى أن “الخارجية اضطرت بعد ساعة لحذف البيان العربي بعد طلب عاجل من الجانب الليبي”، موضحة أنه “تمت إزالة المنشور بعد فوات الأوان”.
التسريب الإسرائيلي قوبل بغضب أميركي، إذ كشف موقع “أكسيوس”، نقلاً عن مسؤولين أميركيين، أن “واشنطن بعثت إلى كوهين ومسؤولين آخرين بالخارجية الإسرائيلية رسالة احتجاج شديدة اللهجة في أعقاب الكشف عن اللقاء”.
وذكر الموقع الأميركي أن الكشف عن اللقاء من وجهة نظر الإدارة الأميركية “قد أضرّ بمساعيها للدفع بتطبيع العلاقات بين تل أبيب وطرابلس وعواصم عربية أخرى، كما تسبب بزعزعة الاستقرار في ليبيا والإضرار بالمصالح الأمنية الأميركية”.
وأضاف “أكسيوس” أن “الولايات المتحدة كانت تعمل خلال العامين الأخيرين من أجل ضم ليبيا إلى اتفاقيات التطبيع المعروفة باتفاقيات أبراهام”.
وبحسب خبراء في الشأن الليبي فإن المساعي الليبية، التي تقتصر على بعض القوى السياسية حتى الآن، من أجل نيل الدعم الأميركي أو الإسرائيلي، سياسياً وأمنياً، من أجل الاحتفاظ بالسلطة، وهنا نذكر أنه في العام الماضي نفى دبيبة ما قالته إذاعة جيش الاحتلال، أن الأخير التقى رئيس جهاز الموساد في الأردن، من أجل البحث في تطبيع العلاقات بين الطرفين. هذه المساعي وصفها الخبراء بـ “المخزية والخاسرة في النهاية”، لأنها لن تُفلح في إرغام الشعب الليبي “على قبول تطبيع مصطنع ووهمي”، وهو ما أكده الشارع في الأيام الأخيرة.
المصدر: موقع المنار