تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الثلاثاء 15-8-2023 سلسلة من الملفات المحلية والإقليمية والدولية.
البناء:
جعجع يتهم حزب الله بحادثة عين إبل ويدعو التيار لوقف الحوار… ووزير الداخلية يردّ عليه نافيا/ السيد نصرالله: نحن أيضاً سنعيد الكيان إلى العصر الحجري، هناك فريق يريد الحرب الأهلية والتقسيم، كلام عون وعبد الساتر أبويّ ومسؤول وحكيم، قناة خبيثة وراء الكحالة والحوار مع التيار جدّي
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة البناء اللبنانية “فيما كانت جماعات التحريض على الفتن تقدم المزيد من الأدلة والوقائع كان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يفتح الطريق لتهدئة النفوس والدعوة لوأد الفتنة، محذراً من وجود بعض الأطراف التي تسعى إلى التقسيم والحرب الأهلية. ودعوات التحريض ضد المقاومة وسلاحها تواصلت في مواقف مسؤولي حزب الكتائب والقوات اللبنانية، وبدا أن أحد الأهداف هو قطع الحوار بين التيار الوطني الحر وحزب الله، خوفاً من أن يفتح الباب لتحوّلات تؤدي إلى إنهاء الفراغ الرئاسي بغير ما تشتهي هذه القوى ومن خلفها قوى دولية تتربّص بلبنان والمقاومة.
جاء كلام وزير الداخلية بسام مولوي عن حادثة عين ابل نافياً أي خلفية حزبية تكذيباً واضحاً لكلام رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي اتهم حزب الله بالوقوف وراء الحادثة، بينما جاء كلام مسؤولي التيار الوطني الحر وحزب الله عن الحوار بين الفريقين وتقدّمه ايجاباً، وجاء تتويج ذلك بكلام السيد نصرالله عن جدية الحوار وإيجابياته، إعلان فشل دعوات قطع الحوار التي تضمنها كلام جعجع كاشفاً عن أحد أهداف الحملة على حزب الله وسلاح المقاومة، بخلق مناخ مسيحي يحاصر التيار والحوار بينه وبين حزب الله.
فيما توجّه السيد نصرالله بالتحية لما وصفه بالكلام الأبوي والمسؤول والحكيم للرئيس السابق ميشال عون والمطران بولس عبد الساتر، دعا القضاء الى التحقيق في مسؤولية القناة الإعلامية الخبيثة التي كانت تحرض على القتل، وربطه بين ما قامت ببثه وأحداث التبدل في مشهد الكحالة وصولاً لإطلاق النار، واعتبر السيد بحصيلة تقييم المشهد الى أن هناك فريقاً داخلياً يريد أخذ البلد الى الانفجار، معتبراً أن المشروع هو التقسيم أو الحرب الأهلية.
خصص السيد نصرالله الجزء الرئيسي من كلمته للحديث عن حرب تموز والنصر التاريخي الذي تحقق بنهايتها بفعل صمود المقاومة وتضحياتها، ووقفة الشعب والجيش والرئيس إميل لحود والرئيس نبيه بري، مخاطباً قادة الكيان ومستوطنيه رداً على تهديدات وزير الحرب في الكيان بإعادة لبنان الى العصر الحجري، برسم معادلة جديدة قوامها، “نحن أيضاً سنعيدكم إلى العصر الحجري”، وهي معادلة بدأ إعلام الكيان بالتعامل معها قبل نهاية كلام نصرالله، على قاعدة أن هذا خطر داهم وحقيقي وقابل للتحقق، لكن يمكن تجنب حدوثه إذا تمّ منع بعض الرؤوس الحامية في الكيان من ارتكاب حماقة قد تأخذ الكيان إلى حرب مع المقاومة.
وأكد السيد نصر الله أن محور المقاومة أمسك بزمام المبادرة بنسبة كبيرة و»إسرائيل» اليوم تختبئ خلف الجدران، والجيش «الإسرائيلي» اليوم في أسوأ حال نسبة لأي زمن مضى، وهو يعاني من ضعف الروح القتالية وانعدام الثقة بين العناصر والقادة ومع المستوى السياسي وضعف الإقبال على الوحدات القتالية وغياب الإنجازات البرية ومحاولة الاقتحام الفاشلة في غزة شاهدة على ذلك.
وفي كلمة له بمناسبة الذكرى السنوية السابعة عشرة للانتصار في حرب تموز 2006، تساءل السيد نصر الله، هل استطاعوا ترميم قوة الجيش الصهيوني بعد 17 سنة من الترميم والمناورات؟ بالتأكيد لا، فالكثير من جنرالات العدو المتقاعدين والفعليين ووزراء يتحدثون عن الحالة الصعبة التي وصل اليها الجيش «الإسرائيلي». وشدّد على أنه منذ عام 2006 بدأ التراجع والضعف والوهن يسري في الجيش الصهيوني، ومنذ العام 2006 يجري العدو مناورات للجبهة الداخلية للتحقق من جاهزيتها، وكل التقارير تقول إنها ليست كذلك.
كما أشار الى أن «الإسرائيلي» اضطر بعد حرب 2006 إلى التفتيش عن منظومات اعتراض الصواريخ وعمل جهدًا كبيرًا وأنفق بشكل هائل. ورأى أن العدو الإسرائيلي اليوم هو أضعف بكثير مما كان عليه، والمقاومة ومحورها اليوم أقوى بكثير مما كانا عليه، مشددًا على أنه إذا تطورت المعركة إلى معركة مع محور المقاومة فلن يبقى شيء اسمه «إسرائيل».
كما لفت السيد نصر الله الى أنه على قادة العدو أن يعرفوا أنه هنا في هذا الميدان وهذه الساحة أن يلعبوا لعبة وجود وفناء وليس لعبة نقاط، قائلاً: إذا ذهبتم الى الحرب مع لبنان أنتم ستعودون الى العصر الحجري.
وتطرّق السيد نصرالله الى الشأن الداخلي اللبناني، وكشف أن حادثة الكحالة كانت طبيعية الى أن قامت إحدى القنوات التلفزيونية المعروفة بتحريض الناس بأن الشاحنة تنقل السلاح لحزب الله، مبينًا أن الشاحنة انقلبت عند كوع الكحالة بسبب عطل تقني والحادثة هي حادثة طبيعية، فشاحنات تمرّ من هناك وتحصل حوادث. والشاحنة بقيت لأكثر من ثلاث ساعات نقل خلالها الشباب سائقها الى المستشفى واستدعوا رافعة لنقلها. وقال: إن هناك ناس قدّموا الموضوع أن حزب الله اعتدى على أهل الكحالة، فيما خلال 3 ساعات كان الشباب يعالجون انقلاب حادث الشاحنة ولم يحصل أي شيء إلا بعدما حرّضت هذه القناة التلفزيونية. ومنذ البداية عملنا على استيعاب الموضوع ولا نعتبر ان هناك مشكلة مع أهل الكحالة، مضيفًا أن عدد الذين كانوا في ميدان الحادث معروف وبعضهم جاء من خارج الكحالة وهم معروفون. فالمشكل معهم وليس مع أهل الكحالة.
وبيّن أن هناك مواقف مسؤولة صدرت وخصوصًا في الوسط المسيحي تدعو الى التهدئة ومنها موقف الرئيس ميشال عون، وهناك قوى سياسية أيضًا دافعت عن المقاومة والشكر لهم جميعًا لمن دافع ولمن دعا للهدوء والتعقل، ولكن هناك زعامات سياسية بمعزل عن خلفياتها من الواضح من سلوكها وبيانها ومعها وسائل إعلام معينة تدفع البلد نحو الانفجار والحرب الأهلية.
وطالب القضاء بأنه لولا التحريض الإعلامي الذي قامت به هذه القناة المعروفة الخبيثة لما حصل ما حصل عند كوع الكحالة. ونحن أبلغنا الجهات المعنية للتعاون الى آخر الخط وننتظر النتائج، وهذه الحادثة اليوم في عهدة القضاء. فكل الأشخاص الذين كانوا موجودين في الحادثة باتوا معروفين، فالذي يتحمل بالدرجة الأولى التداعيات المحتملة لما كان سيحصل في البلد ككل وسفك الدماء والتحريض على القتل هي هذه القناة الخبيثة.
ورأى السيد نصرالله أن «الكل خاسر في الحرب الأهلية حتى القوي لأنها تستنزف الجميع وهناك الكثير من الدول التي ستعمل على تسعير هذه الحرب من بينها «إسرائيل»، فهؤلاء يعملون على التعبئة والتحريض في أكثر من ساحة بعدها من يسيطر على الموقف؟ هل مصلحة المسيحيين بالدرجة الأولى الذهاب الى الحرب الأهلية؟ أدعو الى التفكر والدراسة فهل التقسيم هو خيار خصوصًا للمسيحيين وأنتم عشتم تجربة من هذا النوع، مضيفًا أن هناك احتمالاً آخر أن هؤلاء هدفهم أن يقنعوا الرأي العام اللبناني أن الحل في لبنان هو التقسيم، لكن هذا لن يحصل».
وأضاف السيد نصر الله أن هناك قوى سياسية لا تريد أي حوار بين اللبنانيين بل تريد تخندقًا واصطفافات وتعبئة. وهذا المسار يؤدي الى خراب البلد وعلى الجميع تحمل المسؤولية، وأشاد بالحوار مع التيار الوطني الحر الذي اعتبره أنه جدّي وإيجابي ويحتاج الى بعض الوقت لكونه يحتاج للتشاور مع بعض القوى السياسية.
وبدوره، شدد المكتب السياسي لحركة «أمل» في بيان لمناسبة انتصار حرب تموز 2006 على أن «ذروة التهديدات الإسرائيلية اليوم مبنية على الهروب من الاستحقاقات التي تلاحق قادة الكيان، وهي بعيدة عن الوقائع الميدانية التي أثبتت أن قوة حقنا تجعلنا في حالة الانتصارات الدائمة، وتضع العدو في حالة الارتباك الدائم، وتجارب إسقاط الأسطورة الصهيونية شاهدة في كل الحروب التي شنتها «إسرائيل» ضد وطننا، وإسقاط مشاريعها من خلال حروبها المتمادية على لبنان، حيث لم تستطع قوة الآلة العسكرية أن تستثمر في أي موقع سياسي. والآن يجب استحضار كل العناوين التي صنعت الانتصارات وأهمها الوحدة والاستقرار الداخلي على كل المستويات، وعدم البناء على أحداث ظرفية محصورة في المكان والزمان من أجل خلق مناخات من التوتير والتأزيم اللذين لا يخدمان إلا مصلحة العدو».
وأكد المكتب السياسي لـ»أمل» على أن «مصلحة كل اللبنانيين تجاوز ما حصل في بلدة الكحّالة وحماية لبنان من المستغلين لضرب الوحدة الوطنية والعيش الواحد وإضعاف قوة لبنان ودرء الفتنة التي تعمل على تحريكها بعض الأصوات المتعصبة». وأشار الى أن «اللبنانيين الحريصين على بلدهم يتطلعون إلى أن تكون هذه الحادثة درساً لأصحاب القرار السياسي لأن يعيدوا رسم أولوياتهم في تأكيد الالتزام بالميثاق والدستور، وبأولوية حماية البلد وسيادته وقدراته الرادعة، وباعتماد مسار الحوار للوصول إلى إعادة انتظام المؤسسات، ليبقى الخطوة الأبرز في مشروع قطع الطريق على العدو الذي يعمل على إشاعة مناخات الفرقة والاختلاف الداخلي».
الى ذلك تستمر التحقيقات الأمنية والقضائية في حادثة الكحالة، وتتمحور بحسب معلومات «البناء» حول تحليل السياق الزمني منذ انقلاب الشاحنة حتى اندلاع الاشتباكات، وسبب بدء إطلاق النار ومَن بدأ بإطلاق النار ومن حرّض الناس إعلامياً وسياسياً على الهجوم على الشاحنة لتحديد المسؤوليات. علماً أن العناصر المولجة بمرافقة الشاحنة أطلقوا النار دفاعاً عن النفس بعدما تعرّضوا لإطلاق نار كثيف استهدفهم بشكل مباشر.
وأشار وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي إلى أنّ «العناصر الأمنية تصرّفوا في الكحالة بطريقة حَمَت المواطنين والسلم الأهلي»، مؤكداً «الدور المحوري الذي تقوم به الأجهزة الأمنية والقضائية لتحقيق السلم الأهلي والاستقرار في البلد». ودعا مولوي السياسيين إلى «أن تصبّ تصريحاتهم في خدمة السلم الأهلي وتطبيق القانون». وشدّد على «عدم السماح بأن تكون المخيّمات وخصوصاً مخيّم عين الحلوة بوابة لتعكير صفو الأمن في أيّ منطقة لبنانيّة».
وأكد بعد اجتماع لمجلس الأمن المركزي «الجهوزيّة التامّة لمواكبة التطورات وحماية المواطنين وما حصل من أحداث مدار تحقيقات جارية وفقاً للأصول لدى السلطات الأمنية تحت إشراف السلطات القضائية في سبيل تأكيد الاستقرار».
وعن جريمة عين إبل، لفت مولوي إلى أنّ «التحقيقات مستمرّة»، مشدداً «على منع الفتنة بواسطة تطبيق القانون»، مضيفاً: «المعلومات تشير إلى عدم وجود أيّ خلفية حزبيّة».
ومن المتوقع أن يعقد مجلس الوزراء جلسة الخميس المقبل ستعرض للملفات الاقتصادية والأمنية الاخيرة. اما مجلس النواب فيجتمع الخميس في جلسة تشريعية، في حال تأمن نصابها وتستمر المشاورات مع تكتل لبنان القوي لإقناعه بالحضور. وبحسب مصادر «البناء» فإن التكتل يتجه لحضور الجلسة التشريعية بعد الاتفاق على جدول أعمال الجلسة لا سيما وأنه يتضمن بنوداً طالب بها التيار كالصندوق السيادي.
وفي سياق ذلك، وبتأخير يومين، تصل منصّة الحفر TransOcean Barents غداً الأربعاء إلى لبنان، بعدما رست في مالطا لتعبئة الفيول وهي تُبحِر بين كريت وقبرص وأن سبب تأخرها حال الطقس، وفق مصادر إعلامية.
في غضون ذلك، لا يزال تقرير التدقيق الجنائي يشغل الأوساط السياسية والمصرفية، ونقلت وسائل إعلامية عن مصدر رفيع في المجلس المركزي لمصرف لبنان بأن “كل ما سيطلب من مصرف لبنان سنقدّمه وسيكون التعاون بشكل مطلق مع القضاء”، ولفتت الى ان “الفاريز اند مارسال انتهى عملها ولم تطلب منا شيئاً مع العلم أن المركزي كان قد تعاون معها وسلمها كامل المستندات المطلوبة”.
وأوضحت المصادر أن “شركة لازارد كانت قد أتت على ذكر معلومات الفاريز اند مارسال، أما المعلومات عن شركة فوري فهي موجودة لدى القضاء اللبناني”.
ووجهت رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر كتاباً الى وزير المالية يوسف الخليل طلبت فيه تزويدها بأقصى سرعة بنسخة من التدقيق الجنائي الذي قامت به شركة التدقيق العالمية Alvarez & Marsal، بناءً لقرار مجلس الوزراء، في حسابات مصرف لبنان، وذلك لتمكينها من القيام بواجباتها في استرجاع الأموال العامة والدفاع عن حقوق الدولة اللبنانية، بعد انضمامها الى الدعوى العامة المقامة من النيابة العامة الاستئنافية في بيروت بموجب ورقة الطلب تاريخ 23/2/2023 في حق المدعى عليه حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة وشقيقه رجا سلامة ومساعدته ماريان الحويك ومَن يظهره التحقيق، وذلك أمام قاضي التحقيق الأول بالإنابة في بيروت شربل أبو سمرا.
على صعيد موازٍ وفي خطوة بارزة بعد العقوبات الأميركية على حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة وبعض أفراد عائلته ومعاونيه، أصدر النائب الأول لحاكم مصرف لبنان، القائم بأعمال الحاكمية، وسيم منصوري، قراراً جاء فيه أن “هيئة التحقيق الخاصة بعد الاطلاع على تقرير أمين عام الهيئة وبعد المذاكرة قررت بالإجماع تجميد جميع الحسابات العائدة بصورة مباشرة أو غير مباشرة لكل من رياض وندي ورجا سلامة وماريان الحويك وآنا كوزاكوفا، وذلك بصورة نهائية لدى جميع المصارف والمؤسسات المالية العاملة في لبنان، ورفع السرية المصرفية عنها تجاه المراجع القضائية المختصة، على أن لا يشمل هذا القرار حسابات توطين الراتب”.
وعلمت “البناء” أن مدراء بعض المصارف اتصلوا بسلامة وأبلغوه بأنه لم يعد يستطيع التصرف بكافة البطاقات المصرفية التي يملكها وبطاقات الذين وردت أسماؤهم في قرار العقوبات الأميركية في حساباته لدى هذه المصارف. ونقلت مصادر مطلعة لـ”البناء” أن سلامة صُدِم بقرار العقوبات الأميركيّة وأنه لم يكن يتوقعه”.
الأخبار:
أيّ مغامرة لـ”إسرائيل” تساوي وجودها… وسنعيدها إلى العصر الحجري: السيد نصرالله يحذّر من حرب أهلية
وتحت هذا العنوان كتبت الأخبار “تلقّت معادلة الردع الاستراتيجي التي فرضتها المقاومة في لبنان على العدو الإسرائيلي قوة دفع هائلة أمس مع تهديد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بإعادة الإسرائيليين إلى العصر الحجري. أهمية هذا التهديد ليست في عبارته التي جاءت رداً على عبارة مماثلة هدّد بها وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت لبنان، وإنما بمضامينه ورسائله الكثيرة، إذ إن نصرالله كشف ضمناً، عن حجم القدرات الدقيقة التي تمتلكها المقاومة بما يجعلها قادرة على استهداف كل منشآت العدو الاستراتيجية على كامل تراب فلسطين المحتلة، وعلى تجاوز كل منظوماته الاعتراضية. المؤكّد أن الثقة والحزم اللذين أظهرهما نصرالله ستكون لهما تداعياتهما المؤثّرة لدى كل جهات التقدير والقرار في كيان العدو، خصوصاً أن رسائل الأمس تُعدّ من أهم المتغيّرات الكفيلة بقلب طاولة القرار السياسي والأمني، بعدما ارتقت معادلة الردع إلى أن أيّ مغامرة عسكرية في مواجهة حزب الله تساوي وجود الكيان، ما يقوّض مداميكه الاستراتيجية ويقلّص حدود ردعه ويكبح خياراته العدوانية. وفي ما يتعلق بالداخل، حملت مواقف نصرالله تعليقاً على حادثة الكحالة رسائل عدة. وهو، وإن تعامل مع الأمر باستيعاب واحتواء لقطع الطريق على استغلاله من قبل جهات تبيّت للبنان والمقاومة شراً، واضعاً الحادثة في عهدة القضاء، حرص على تعرية هذه الجهات أمام اللبنانيين وخصوصاً المسيحيين محذّراً من أن ما يدفع إليه البعض هو حرب أهلية ستطاول أضرارها جميع اللبنانيين، وخصوصاً المسيحيين، وستؤدي كما قال الرئيس ميشال عون إلى سقوط الهيكل على الجميع. وشدّد على أن التقسيم الذي يدعو إليه البعض ويخطّط له لن يحصل
حذّر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من أن «هناك زعامات سياسية ومعها وسائل إعلام تدفع البلد نحو الحرب الأهلية، وتعمل على التحريض في أكثر من ساحة». وسأل: «هل مصلحة المسيحيين، بالدرجة الأولى، الذهاب إلى الحرب الأهلية؟»، مؤكّداً أن «الكل خاسر في الحرب الأهلية حتى القوي، لأنها تستنزف الجميع، وهناك كثير من الدول التي ستعمل على تسعير هذه الحرب من بينها إسرائيل». ولفت إلى أن «هؤلاء هدفهم إقناع الرأي العام اللبناني بأن الحل في لبنان هو التقسيم، لكن هذا لن يحصل لأنه يؤدي إلى خراب البلد»، داعياً «المسيحيين خصوصاً، وهم الذين عاشوا تجربة من هذا النوع، إلى التفكّر في ما إذا كان التقسيم خياراً».
وفي كلمة أمس في الذكرى السنوية الـ 17 للانتصار في حرب تموز، تطرّق نصرالله إلى حادثة الكحالة الأسبوع الماضي، وهي بدأت كـ«حادثة عادية، حيث تتعرّض شاحنات كثيرة لحوادث تؤدي إلى انقلابها»، مشيراً إلى أن الأمور «كانت طبيعية، وبقيت الشاحنة ثلاث ساعات من دون أي مشكلة إلى أن بدأت إحدى القنوات بالتحريض فجاء عدد من الشبان واعتدوا على الشاحنة والفريق المواكب لها». وأضاف: «لولا التحريض الإعلامي الذي قامت به هذه القناة الخبيثة لما حصل ما حصل، وهي تتحمّل بالدرجة الأولى التداعيات المحتملة لما كان سيحصل في البلد وسفك الدماء والتحريض على القتل». وتابع: «منذ البداية عملنا على استيعاب الموضوع ولا نعتبر أن هناك مشكلة مع أهل الكحالة، ومن كانوا في ميدان الحادث معروفون وبعضهم من خارج الكحالة». ولفت نصرالله إلى أنه «صدرت مواقف مسؤولة وخصوصاً في الوسط المسيحي تدعو إلى التهدئة ومنها موقف الرئيس ميشال عون، وهناك قوى سياسية دافعت عن المقاومة، وقوى أخرى غير حليفة تهيّبت الموقف ودعت إلى التهدئة، والشكر لهم جميعاً، والحادثة اليوم في عهدة القضاء». وأكّد أن «الشهيد أحمد قصاص استشهد دفاعاً عن المقاومة وجهوزيتها، والحادثة أكّدت مجدداً أن مؤسسة الجيش هي الضامنة للأمن والسلم والاستقرار، وإنْ كان البعض يريد الجيش كما يريده هو». وأشار نصرالله إلى أن «الحوار مع التيار الوطني الحر جدي وإيجابي ويحتاج إلى بعض الوقت كونه يحتاج إلى التشاور مع بعض القوى السياسية، وهناك قوى سياسية لا تريد أيّ حوار بين اللبنانيين بل تريد تخندقاً واصطفافات وتعبئة».
وفي ما يتعلق بالصراع مع العدو، وتهديدات وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت بإعادة لبنان إلى العصر الحجري، شدّد نصرالله على أن «على الإسرائيليين أن يفهموا ما الذي يستطيع لبنان ومقاومته فعله بكيان العدو»، وأضاف: «أقول لقادة العدو، أنتم أيضاً ستعودون إلى العصر الحجري إذا ذهبتم إلى الحرب مع لبنان. وعلى العدو أن يحسب كم هو عدد الصواريخ الدقيقة التي تحتاج إليها المقاومة لضرب كل المطارات المدنية والعسكرية وقواعد سلاح الجو ومحطات توليد الكهرباء والمياه ومراكز الاتصالات الرئيسية والبنى التحتية ومصافي النفط ومفاعل ديمونا». وتابع: «هذا إذا بقيت المعركة فقط مع المقاومة في لبنان، فكيف إذا تطورت مع كل محور المقاومة؟ عندها لن يبقى شيء اسمه إسرائيل. وعلى قادة العدو أن يعرفوا أنهم في هذه الساحة لا يلعبون لعبة نقاط، بل لعبة وجود وفناء».
وشدّد على أن «المقاومة ستستعيد بقية النقاط الحدودية المحتلة، والمقاومة هي الذراع الحقيقية للبنان وشعبه، وكيان العدو اليوم أضعف مما كان عليه عام 2006 سياسياً وعسكرياً وشعبياً ومعنوياً، ومحور المقاومة أقوى بكثير مما كان عليه عام 2006. فالمقاومة خلال 17 عاماً كانت تراكم عناصر القوة ولم نتوقف عن ذلك في أي يوم منذ عام 2000 وبعد حرب تموز 2006».
وأشار السيد نصرالله إلى أن «كل الإنجازات خلال السنوات الماضية ما كانت لتتحقق لولا البناء على نتائج الانتصار في حرب تموز 2006»، لافتاً إلى أنه «خلال أيام ستصل سفينة التنقيب إلى البلوك 9 في المياه الإقليمية الجنوبية وأمل اللبنانيين مشدود إلى حقل قانا الغازي وغيره. والضمانة الحقيقية ليستمر لبنان في التنقيب عن نفطه وغازه هي احتفاظه بكل عناصر القوة وبالمعادلة الذهبية، في مقدّمها قوة المقاومة والخوف من ردّ فعلها إذا أراد أن ينتقص من حقوق لبنان. وما يمنع العدو من الانتقاص من حقوق لبنان في ثرواته الطبيعية هو قوة لبنان وإدراك العدو أن أي محاولة لمصادرة حق لبناني ستقابل برد فعل قوي».
وعزا نصرالله مسار التراجع الإسرائيلي إلى انتصار تموز «الذي شكّل مفصلاً في تاريخ جيش العدو، ومنذ ذلك اليوم بدأ الضعف والوهن يسريان في هذا الجيش. ومن يراقب الوضع الإسرائيلي منذ تلك الحرب يرى المسار الانحداري لهذا الكيان على أكثر من صعيد. فبعد 17 عاماً لم يستطع العدو معالجة آثار حرب تموز على كيانه وجيشه ومستواه السياسي والجبهة الداخلية. وفي المقابل، المقاومة تتصاعد في لبنان وفلسطين». واليوم، «العدو انتقل من الهجوم والمبادرة إلى وضعية الدفاع، ومحور المقاومة أمسك بزمام المبادرة بنسبة كبيرة».
إلى ذلك، نبّه الأمين العام لحزب الله إلى أنه يبدو أن هناك قراراً أميركياً بعودة «داعش» إلى العمل في مختلف الساحات”.
المصدر: الصحف اللبنانية